أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمعات العربية.

    • أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمعات العربية.

      أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمعات العربية.
      تشير أحدث الاحصائيات الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر، أن ظاهرة الطلاق أصبحت تمثل أكثر من 40% من اجمالي المتزوجين حديثا، خاصة من أبناء الطبقة المرفهة.
      ويقول خالد طلعت، المحامي بالأحوال الشخصية بالقاهرة: «لقد أظهرت آخر احصائية رصدتها محاكم القاهرة للأحوال الشخصية ان حالات الطلاق للزيجات الحديثة والمرفوع بموجبها قضايا الأحوال الشخصية وصلت إلى 8182 حالة، من بينها 4717 قضية خلع، يمثل 80% منها حالات طلاق للمتزوجين حديثا».
      وقد زادت قضايا الطلاق على سبيل المثال من 2115 قضية عام 2000 إلى أكثر من 8 آلاف في عام 2003.
      ولكن مما لا شك فيه ان قانون الأحوال الشخصية الذي تم تعديله عام 2000 ساهم بقدر كبير في رفع قضايا الخلع من قبل الزوجات ضد أزواجهن، خاصة أن القانون الجديد يتوفر فيه قصر فترة نظر القضية وعدم إعطاء الزوج حق الاستئناف والنقض.
      وتختلف أسباب تفشي ظاهرة الطلاق المبكر ما بين عدم قدرة أحد الطرفين أو كليهما على تحمل مسؤوليات الزواج، أو اختلاف الطباع الجوهري، أو التدخل السافر للأهل، أو الجهل بأسس العلاقة الزوجية الصحيحة، وغيرها من الأسباب.
      تروي شيماء، 29 عاما، التي لم يستمر زواجها سوى عامين قائلة: «حصلت على حريتي بالخلع بعد أن رفض طلاقي بالمعروف. لقد تزوجنا بعد قصة حب عاصفة، وانتظرته بعد التخرج أكثر من 5 سنوات، إلى أن استطاع تدبير القليل من مصروفات الزواج، حيث كان من أسرة فقيرة الحال. لم أهتم بالمال والمركز الاجتماعي وتحديت والدي اللذين لم يوافقا عليه بسبب عدم التكافؤ الاجتماعي والمادي، إلى حد أن هددتهما بالانتحار إن لم يوافقا على زواجي منه.. لكنه أذاقني كل أصناف العذاب، من ضرب وإهانة واستيلاء على راتبي. حاولت مرارا أن أحصل منه على الطلاق، خاصة بعد أن أصبح يمارس أسلوب الهجر لإذلالي واهانتي، والمطالبة بأمور تخدش الحياء، وبمرور الوقت أصبحت أخاف على نفسي منه ورفعت قضية خلع ضده، وقلت في المحكمة إنني أريد أن أحصن نفسي وهو لا يقوم بواجباته الزوجية تجاهي وأخاف الفتنة. وبالفعل حكمت المحكمة لي بالخلع. واليوم أحمل لقب مطلقة بعد مرور عامين فقط على زواجي».
      هديل. ج، 32 عاما، أيضا مطلقة تعترف أن تسرعها في اتمام الزواج كان أهم الأسباب التي أدت إلى انهياره، وتقول: «أحببته من أول نظرة، ولم أصدق نفسي حينما طلب يدي للزواج فلقد تعديت الثلاثين من عمري، وأصبح شبح العنوسة يطاردني، أما هو فقد كان من عائلة ثرية ووسيما ويشغل منصبا مرموقا في الشركة التي أعمل بها، وعلى الرغم من ان له سابقة زواج أسفرت عن طفل صغير لم يتجاوز 4 سنوات، الا أن تسرعي للحاق بقطار الزواج جعلني لا ألتفت إلا إلى الأشياء الظاهرية لأصاب بحالة من العمى المؤقت عن جميع عيوبه الجوهرية وحتى عن الأسباب الحقيقية وراء انفصاله عن زوجته الأولى. وتم الزفاف بعد فترة تعارف لم تتجاوز الثلاثة أشهر لأكتشف الوجه القبيح لزوجي، فهو إنسان أناني، لا يقدر على تحمل المسؤولية أيا كان نوعها، نرجسي يريد كل من حوله تحت طوعه. وعندما وصل الأمر به إلى ضربي طلبت الطلاق ولم يتردد في تلبية طلبي. واليوم أنا أحمل لقب مطلقة بعد عام ونصف من الزواج ومعي طفلة لم يتجاوز عمرها الثلاثة أشهر». ويعلق الدكتور فكري عبد العزيز، استشاري الطب النفسي وعضو الاتحاد العالمي للطب النفسي، على هذه الظاهرة قائلا: «يجب أن نعترف أن جهل أحد الزوجين، وربما كليهما، بمسؤوليات الزواج وتبعاته من أهم الأسباب التي تؤدي للطلاق المبكر. ويأتي الجهل بحقائق الأمور الخاصة بالعلاقة الزوجية السليمة والصحيحة علميا ونفسيا ودينيا بين الزوجين على رأس قائمة مسببات الطلاق، حتى وان لم يعلنا ذلك صراحة أمام المجتمع، فاختلاف الزوجين ونفور أحدهما من الآخر هو المحرك الأساسي لكل الميول العدوانية تجاه الطرف الآخر.
      كما ان المعلومات الخاطئة في كثير من الأحيان والتي يستمدها الرجل من المجلات الفاضحة ومن تجارب سابقة خارج اطار الزوجية تعد من أكثر المقومات الأساسية لمخزون الذاكرة عن العلاقة الزوجية، وان كان يقل الأمر مع المرأة فنجد أن صديقاتها يكن المصدر الأساسي لمعظم المعلومات، وذلك راجع لطبيعة مجتمعاتنا الشرقية، مما يجعل معلوماتهم عن الحياة الزوجية قاصرة، لأن الزواج من مفهومه الاجتماعي والديني هو السكن والمودة والرحمة قبل أن يكون في الأساس علاقة جنسية، ومن هنا يحدث الاصطدام، حيث أن كلا من الزوجين عاش في خياله الكثير من التفاصيل المشوشة والخاطئة وغير المتوفرة في الشريك الآخر على أقل تقدير، لذلك فإن المشاكل الجنسية أحد أهم عوامل الطلاق المبكر في مجتمعاتنا وهذا الرقم قد يخص مصر، لكنه لا يقل بأي حال من الأحوال في المجتمعات العربية الأخرى».
      أما الدكتور أحمد المجدوب، في مركز البحوث الاجتماعية والجنائية فيرى: «ان الظاهرة ترتبط بصفة عامة، بأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية. والشخصيات المدللة في تربيتها غالبا ما تواجه مصاعب عديدة في بداية حياتها الزوجية، ويكون الحل هنا هو التحجج بأي سبب لإنهاء عقد الزواج! فالأجيال الجديدة، للأسف الشديد، لا تعرف معنى تحمل المسؤولية. فالأب والأم يفعلان كل شيء بالنيابة عن الابن والابنة حتى تخرجهما من الجامعة، بل ويتدخلان في كل خصوصياتهما وقراراتهما، الأمر الذي يخلق شخصيات هشة لا تستطيع الاعتماد على نفسها أو اعتماد الغير عليها».


      نقلا عن جريدة الشرق الأوسط