أسس روائية لم تأت من عبثية -
ضحى عبدالرؤوف المل -
“فالمال لا يبدل المرض، وانما يبدل من اعراضه”. والعالم الروائي لا يقدم الحلول الاجتماعية على بساط من ذهب.* انما يجعلنا نرى العالم من خلال عينين جديدتين او فلسفة يطرحها الروائي من خلال فن لا يخلو من فراغات يملؤها القارىء بتفكر منطقي،* تبعا لتحليلات يستنتجها من خلال استراتيجية مميزة يضعها الروائي الفذ، ليمسك بالأفكار بوعي فني تكنيكي تضميني. يطرح مشكلة الرضى المفقود من النفوس اللاهثة خلف المال والشهرة” كنت أشعر بشيء كاللهثة في انفاسي شبيها بالخوف المسرحي الذي يصيب ممثلا يقف مستعدا بانتظار دوره في ليلته الاولى.” حبكة بنائية ذات أسس متينة شد وثاقها “ جون شتاينبك”* في روايته “ حين فقدنا الرضا “ التي تشكل بموضوعيتها الواقعية نوعا من الرضا الأدبي،* المبني على أسس روائية لم تأت من عبثية أو من تصويرات تخيلية فارغة من المعنى، بل استطاع إيجاد افكار تتطور، وتنمو كجنين في رحم الام حيث ان الزمن الروائي ما بين البداية والنهاية يجعلك تشعر انك تكبر، وانه يصعب الرجوع الى الماضي الا ضمن الذاكرة، وانت تقرأ الصفحات المليئة بالواقعية التي جعلنا نعيش فيها ضمن عالمه الروائي،* وتلميحاته لسلوكيات الانسان المختلفة، والتي تتغير مع التغيرات الزمنية، فإما يتطور للأحسن وإما للاسوا، وبمختلف الحالات التي قدمها “جون شتياينبك”* الا أن الرضا والقناعة هي أساس كل شيء في الحياة،* وخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة تحتاج لجرأة،* ولكن مدروسة بعناية،* فهو مدرك قيمة كل جملة روائية محسوبة بتقنية استطاع من خلالها جذب القارىء الى الداخل،* وكأنه يرى ما يقرأه مرئيا مبتعدا بذلك عن الروتين الروائي او كلاسيكية البداية والنهاية. إلا انه عكس ذلك بالاهداء الى أخته بث “ التي يتألق نورها* صافيا” وفي نهاية جعلتنا نطفىء الانوار،* لنتفكر بكل المراحل الروائية وجمالية الحبكة الهادئة التي تعصف بالوجدان بحكمة وتؤدة وعقلانية، تستفز القارىء حتى الجملة الاخيرة “والا فإن نوراً آخر كان حريا بأن ينطفىء.”
يوازن “ جون شتاينبك”* على الاتساق الروائي مع المحافظة على الغموض الموزون من حيث قوة الاثارة الانفعالية،* وانخفاضها بحيث يجعل* القارىء* في حركة كالمQد والجزر،* بل وكأن الشخص الذي يحاورنا هو كائن هلامي رأيناه،* ونراه بطبيعة عفوية في الحياة.* لكن التعابير كانت تكشف عن عمق منطقي مستمد من الحياة “ فإذا رافقت المبذرين الجدد فإنك تكون قد وضعت يدك على اللصوص.”فالرضى والقناعة تتناقض مع الخمول والكسل.* لان الرضى في بساطة العيش او الرضى بالمحافظة على العيش بسلام، ووفق مبادئ اخلاقية تحتاج لتفكير سليم لا يحتاج المرء فيه ارتكاب جريمة قد تؤدي به إلى التهلكة.* لأن الرضى* بالعيش بسلام وطمأنينة هو قناعة ايضا بالقضاء والقدر.* الا ان الانسان يتعلق بقشة يسند عليها اوهامه مخاوفه وهواجسه “ فطريقة الحصول على المال لا تؤذي المال نفسه بل تؤذي من يحصله.”
اضطرابات نفسية يعاني منها داني صديق العمر، كما تعاني منها صديقة زوجته التي تبحث عن سند تستطيع من خلاله تأمين معيشتها بعد وفاة طليقها الذي يرسل لها ما يكفيها كل شهر. الا انها تخاف من الزمن او بالأحرى من المستقبل، لهذا هي تسعى خلف ايثان، لأنه سيشكل لها* نوعا من ضمان عيش كريم.* مما يشكل انعكاسا لشخصية* داني المستسلم لضعفه، ولمشروباته كما استسلمت زوجته لنبوءة عرافة مؤداها ان زوجها سيصبح رجلا ثريا. الا أن سلوكيات اجتماعية متفرقة بدأت من ايتان وصولا إلى الن الابن المراهق الذي يسعى الى الوصول للفوز بجائزة المقال بأي ثمن حتى لو اضطره الامر إلى حيلة كتابية،* كما لجأ ايتان الى تخطيط سرقة بنك او في صنع الجريمة الكاملة في مخططات رسمها في مخيلته، كما رسم جون شتاينبك روايته الا ان المفاجآت القدرية حررته من ارتكاب الحماقات في حين ان البعض رسم ما اراد رسمه،* واستطاع ان يحققه في سعي دؤوب نحو المال “ ان القواعد العادية في السلوك والمعاملة تبطل جميعا عندما تتعلق المسألة بالمال.”
تلميحات وايحاءات اخفاها باسلوب ذكي كي لا تبدو كنقد وطني او اجتماعي جارح.* بدا ذلك في مقال ابنه “ احب اميركا”، وفي رؤية اسمه مكتوبا بالذهب، كشهيد حي شارك في حروب لم يحبها، ولكن لم يعتبر نفسه من الشجعان.* لانه بقي على قيد الحياة.” فليس الشجعان وحدهم هم الذين يقتلون.* الا ان احتمال مقتل الشجعان يكون اكبر”،* وهنا يؤكد على شجاعة جده الكابتن هاولي العجوز الذي خسر كل امواله من اجل المراهنة على حروب انتهت بافلاسه، وبغرق سفينة في قاع البحر هي بمثابة حلم جعلته يتخبط مع الامواج بمجازية تحمل معانيها كنور الشعلة التي يريد لها ان لا تنطفىء.”* واصطحبت موجة كبيرة فرقعتني إلى آخر المكان وازدادت سرعة أمواج البحر وبدأت في صراع مع الماء لكي أنقذ إلى الخارج”. فهل الصراع من اجل المال هو الصراع من اجل البقاء؟..ام ان النفس حين تفقد نورها الفطري تتخبط في نزاع مرير؟.تساؤلات ترك “ جون شتاينبك”* الاجوبة عليها مفتوحة نحو كل الاحتمالات. لأن بذور الشر تنمو كالجينات الوراثية التي تنتقل من الجد للابن للحفيد، وهكذا دواليك ان لم نستطع منع انفسنا من ارتكاب الاخطاء من اجل الحصول على المال “ والمال ليس ودودا، ولعلك يا فتى ودود في معاملتك اكثر من اللازم. والمال ليس طيبا لا أصدقاء للمال سوى المزيد من المال.”
خطوات فلسفية* ووصفية كحّل بها الرواية من حيث الاخراج الديناميكي المتخيل،* والبلاغة الوظيفية في سرد يتناسب مع كل حدث خفف من حدة انفعالاته ليحمل من الواقعية ما هو منطقي “فإن انت نظرت إلى العالم من خلال عينين جديدتين أو حتى عدستين جديدتين، فإنك تجد عالما جديدا.” وكذلك ايضا لو نظرت على عالم رواية “ جون شتاينبك”* لوجدت الشك يفوح من كل كلمة ينطق بها ايتان* رغم الاحساس بطيبة قلبه وصدق مشاعره.** لأن المعاني التي تفوه بها تترك الف سؤال عند القارئ، ولأن “على الفكر أن يعمل بسرعة الضوء تقريبا”،* وهذا ما فعله ايتان في تحقيق غايته حين وجد مارولو أن الأمانه هي غاية ايتان المجردة بينما لم تكن كذلك في حقيقة الامر.* لأنه كان متخوفا من فقدان الحانوت الذي يمثل له القدرة على البقاء محترما امام الناس مقتنعا بأن “ الفشل* حالة ذهنية، انه مثل فخ في الرمال الرخوة التي تخندق فيها الحشرات آكلة النمل…إلا أن قفزة واحدة قوية تخلصك منها يا ايثان وعندما تخرج فستجد أن النجاح هو ايضا حالة ذهنية.” فهل يحاول “ جون شتاينبك”* منح القارىء حالة ذهنية يكتشف من خلالها انسانية الانسان المنزوع منه الرضى؟.
وعي وزعه بتساو على شخصيات عالمه الروائي من حيث القدرة على الاقناع، بواقعية اسندها للسرد الحسي او التصويري،* وللمجاز المعنوي المقوى بمشاهد تكشف عن اناس حقيقيين.* تجعلنا نشعر بصدقية وجودهم من حيث العلاقات الاجتماعية المتشابكة في بلدة واحدة ما من غريب فيها سوى مارولو، والاشارات التي تتوافق مع التحليلات الذهنية التي تتسلسل في تتابع معه بحيث جعل من القارىء والروائي وحدة لا تنفصل عن بعضها،* وهذا ما يزيد من التفاعل العاطفي مع التشويق، واثارة التساؤلات نحو النوايا الطيبة التي اظهرها ايتان في كل تفاصيل الرواية حتى تجاه زوجته،* وكأنه يمتلك انسانية العالم، ورغم هذا اوقع القارىء في فخ الشك به “لأن المال لا قلب له ولا شرف ولا ذاكرة”.
في رواية “ حين تفقد الرضا”* لا تشعر بأنك تقرأ،* انما تستمع الى ايتان بصوت دافىء يبعث على التفكر وبدون أحلام فهناك “ دائما أنواع من الاحلام المتوانية،* والتي هي في حقيقتها لا تعدو ان تكون كسلا لا يريد ان يتكلف اي مجهود”،* ولكن هنا تتساءل هل فقد ايتان الرضى؟. ام أن ما فعله هو السعي خلف المال برغم ان “ طريقة الحصول على المال لا تؤذي المال نفسه بل تؤذي من يحصله” فهل تأذى داني من تحصيله للمال ؟.أم أن* حقا “ صانع الخير هو اخطر شيء في العالم” ؟.ام أن الابيض والاسود لا يتقاتلان فيما بينهما اذا وجدا شيئا آخر يقاتلانه؟.
ضحى عبدالرؤوف المل -
“فالمال لا يبدل المرض، وانما يبدل من اعراضه”. والعالم الروائي لا يقدم الحلول الاجتماعية على بساط من ذهب.* انما يجعلنا نرى العالم من خلال عينين جديدتين او فلسفة يطرحها الروائي من خلال فن لا يخلو من فراغات يملؤها القارىء بتفكر منطقي،* تبعا لتحليلات يستنتجها من خلال استراتيجية مميزة يضعها الروائي الفذ، ليمسك بالأفكار بوعي فني تكنيكي تضميني. يطرح مشكلة الرضى المفقود من النفوس اللاهثة خلف المال والشهرة” كنت أشعر بشيء كاللهثة في انفاسي شبيها بالخوف المسرحي الذي يصيب ممثلا يقف مستعدا بانتظار دوره في ليلته الاولى.” حبكة بنائية ذات أسس متينة شد وثاقها “ جون شتاينبك”* في روايته “ حين فقدنا الرضا “ التي تشكل بموضوعيتها الواقعية نوعا من الرضا الأدبي،* المبني على أسس روائية لم تأت من عبثية أو من تصويرات تخيلية فارغة من المعنى، بل استطاع إيجاد افكار تتطور، وتنمو كجنين في رحم الام حيث ان الزمن الروائي ما بين البداية والنهاية يجعلك تشعر انك تكبر، وانه يصعب الرجوع الى الماضي الا ضمن الذاكرة، وانت تقرأ الصفحات المليئة بالواقعية التي جعلنا نعيش فيها ضمن عالمه الروائي،* وتلميحاته لسلوكيات الانسان المختلفة، والتي تتغير مع التغيرات الزمنية، فإما يتطور للأحسن وإما للاسوا، وبمختلف الحالات التي قدمها “جون شتياينبك”* الا أن الرضا والقناعة هي أساس كل شيء في الحياة،* وخطوة الألف ميل تبدأ بخطوة تحتاج لجرأة،* ولكن مدروسة بعناية،* فهو مدرك قيمة كل جملة روائية محسوبة بتقنية استطاع من خلالها جذب القارىء الى الداخل،* وكأنه يرى ما يقرأه مرئيا مبتعدا بذلك عن الروتين الروائي او كلاسيكية البداية والنهاية. إلا انه عكس ذلك بالاهداء الى أخته بث “ التي يتألق نورها* صافيا” وفي نهاية جعلتنا نطفىء الانوار،* لنتفكر بكل المراحل الروائية وجمالية الحبكة الهادئة التي تعصف بالوجدان بحكمة وتؤدة وعقلانية، تستفز القارىء حتى الجملة الاخيرة “والا فإن نوراً آخر كان حريا بأن ينطفىء.”
يوازن “ جون شتاينبك”* على الاتساق الروائي مع المحافظة على الغموض الموزون من حيث قوة الاثارة الانفعالية،* وانخفاضها بحيث يجعل* القارىء* في حركة كالمQد والجزر،* بل وكأن الشخص الذي يحاورنا هو كائن هلامي رأيناه،* ونراه بطبيعة عفوية في الحياة.* لكن التعابير كانت تكشف عن عمق منطقي مستمد من الحياة “ فإذا رافقت المبذرين الجدد فإنك تكون قد وضعت يدك على اللصوص.”فالرضى والقناعة تتناقض مع الخمول والكسل.* لان الرضى في بساطة العيش او الرضى بالمحافظة على العيش بسلام، ووفق مبادئ اخلاقية تحتاج لتفكير سليم لا يحتاج المرء فيه ارتكاب جريمة قد تؤدي به إلى التهلكة.* لأن الرضى* بالعيش بسلام وطمأنينة هو قناعة ايضا بالقضاء والقدر.* الا ان الانسان يتعلق بقشة يسند عليها اوهامه مخاوفه وهواجسه “ فطريقة الحصول على المال لا تؤذي المال نفسه بل تؤذي من يحصله.”
اضطرابات نفسية يعاني منها داني صديق العمر، كما تعاني منها صديقة زوجته التي تبحث عن سند تستطيع من خلاله تأمين معيشتها بعد وفاة طليقها الذي يرسل لها ما يكفيها كل شهر. الا انها تخاف من الزمن او بالأحرى من المستقبل، لهذا هي تسعى خلف ايثان، لأنه سيشكل لها* نوعا من ضمان عيش كريم.* مما يشكل انعكاسا لشخصية* داني المستسلم لضعفه، ولمشروباته كما استسلمت زوجته لنبوءة عرافة مؤداها ان زوجها سيصبح رجلا ثريا. الا أن سلوكيات اجتماعية متفرقة بدأت من ايتان وصولا إلى الن الابن المراهق الذي يسعى الى الوصول للفوز بجائزة المقال بأي ثمن حتى لو اضطره الامر إلى حيلة كتابية،* كما لجأ ايتان الى تخطيط سرقة بنك او في صنع الجريمة الكاملة في مخططات رسمها في مخيلته، كما رسم جون شتاينبك روايته الا ان المفاجآت القدرية حررته من ارتكاب الحماقات في حين ان البعض رسم ما اراد رسمه،* واستطاع ان يحققه في سعي دؤوب نحو المال “ ان القواعد العادية في السلوك والمعاملة تبطل جميعا عندما تتعلق المسألة بالمال.”
تلميحات وايحاءات اخفاها باسلوب ذكي كي لا تبدو كنقد وطني او اجتماعي جارح.* بدا ذلك في مقال ابنه “ احب اميركا”، وفي رؤية اسمه مكتوبا بالذهب، كشهيد حي شارك في حروب لم يحبها، ولكن لم يعتبر نفسه من الشجعان.* لانه بقي على قيد الحياة.” فليس الشجعان وحدهم هم الذين يقتلون.* الا ان احتمال مقتل الشجعان يكون اكبر”،* وهنا يؤكد على شجاعة جده الكابتن هاولي العجوز الذي خسر كل امواله من اجل المراهنة على حروب انتهت بافلاسه، وبغرق سفينة في قاع البحر هي بمثابة حلم جعلته يتخبط مع الامواج بمجازية تحمل معانيها كنور الشعلة التي يريد لها ان لا تنطفىء.”* واصطحبت موجة كبيرة فرقعتني إلى آخر المكان وازدادت سرعة أمواج البحر وبدأت في صراع مع الماء لكي أنقذ إلى الخارج”. فهل الصراع من اجل المال هو الصراع من اجل البقاء؟..ام ان النفس حين تفقد نورها الفطري تتخبط في نزاع مرير؟.تساؤلات ترك “ جون شتاينبك”* الاجوبة عليها مفتوحة نحو كل الاحتمالات. لأن بذور الشر تنمو كالجينات الوراثية التي تنتقل من الجد للابن للحفيد، وهكذا دواليك ان لم نستطع منع انفسنا من ارتكاب الاخطاء من اجل الحصول على المال “ والمال ليس ودودا، ولعلك يا فتى ودود في معاملتك اكثر من اللازم. والمال ليس طيبا لا أصدقاء للمال سوى المزيد من المال.”
خطوات فلسفية* ووصفية كحّل بها الرواية من حيث الاخراج الديناميكي المتخيل،* والبلاغة الوظيفية في سرد يتناسب مع كل حدث خفف من حدة انفعالاته ليحمل من الواقعية ما هو منطقي “فإن انت نظرت إلى العالم من خلال عينين جديدتين أو حتى عدستين جديدتين، فإنك تجد عالما جديدا.” وكذلك ايضا لو نظرت على عالم رواية “ جون شتاينبك”* لوجدت الشك يفوح من كل كلمة ينطق بها ايتان* رغم الاحساس بطيبة قلبه وصدق مشاعره.** لأن المعاني التي تفوه بها تترك الف سؤال عند القارئ، ولأن “على الفكر أن يعمل بسرعة الضوء تقريبا”،* وهذا ما فعله ايتان في تحقيق غايته حين وجد مارولو أن الأمانه هي غاية ايتان المجردة بينما لم تكن كذلك في حقيقة الامر.* لأنه كان متخوفا من فقدان الحانوت الذي يمثل له القدرة على البقاء محترما امام الناس مقتنعا بأن “ الفشل* حالة ذهنية، انه مثل فخ في الرمال الرخوة التي تخندق فيها الحشرات آكلة النمل…إلا أن قفزة واحدة قوية تخلصك منها يا ايثان وعندما تخرج فستجد أن النجاح هو ايضا حالة ذهنية.” فهل يحاول “ جون شتاينبك”* منح القارىء حالة ذهنية يكتشف من خلالها انسانية الانسان المنزوع منه الرضى؟.
وعي وزعه بتساو على شخصيات عالمه الروائي من حيث القدرة على الاقناع، بواقعية اسندها للسرد الحسي او التصويري،* وللمجاز المعنوي المقوى بمشاهد تكشف عن اناس حقيقيين.* تجعلنا نشعر بصدقية وجودهم من حيث العلاقات الاجتماعية المتشابكة في بلدة واحدة ما من غريب فيها سوى مارولو، والاشارات التي تتوافق مع التحليلات الذهنية التي تتسلسل في تتابع معه بحيث جعل من القارىء والروائي وحدة لا تنفصل عن بعضها،* وهذا ما يزيد من التفاعل العاطفي مع التشويق، واثارة التساؤلات نحو النوايا الطيبة التي اظهرها ايتان في كل تفاصيل الرواية حتى تجاه زوجته،* وكأنه يمتلك انسانية العالم، ورغم هذا اوقع القارىء في فخ الشك به “لأن المال لا قلب له ولا شرف ولا ذاكرة”.
في رواية “ حين تفقد الرضا”* لا تشعر بأنك تقرأ،* انما تستمع الى ايتان بصوت دافىء يبعث على التفكر وبدون أحلام فهناك “ دائما أنواع من الاحلام المتوانية،* والتي هي في حقيقتها لا تعدو ان تكون كسلا لا يريد ان يتكلف اي مجهود”،* ولكن هنا تتساءل هل فقد ايتان الرضى؟. ام أن ما فعله هو السعي خلف المال برغم ان “ طريقة الحصول على المال لا تؤذي المال نفسه بل تؤذي من يحصله” فهل تأذى داني من تحصيله للمال ؟.أم أن* حقا “ صانع الخير هو اخطر شيء في العالم” ؟.ام أن الابيض والاسود لا يتقاتلان فيما بينهما اذا وجدا شيئا آخر يقاتلانه؟.