
سواءً كنتتقف أمام الجمهور للمرة الأولى أو كنت متحدثا أو خطيباً متمرساً, و سواءً كنتمستعداً أو غير مستعدٍ لذلك, فإن مهارة الخطابة و التحدث أمام الجمهور تظل منالمهام الشاقة التي يتجنبها أو يتثاقل عن القيام بها الكثير منا. و ينتابنا ذلكالشعور بالرعب و فقدان الثقة بالنفس. و لن نتخلص من تلك العوائق إلا إذا خضنا غمارالتجربة و اتبعنا بعض أساليب الاستعداد الجيد للموقف الخطابي و التي سأسردهاتباعاً كالآتي:*
*
أولاً: مرحلةالتحضير المسبق ..
اعرفجمهورك فمعرفتك بهم تقودك إلى الاستعداد الجيد. و في هذه المرحلة يلزمك الإطلاععلى مستوياتهم المعرفية و أعمارهم و عددهم و على المهارات و المعارف التي يمكن أنيكتسبوها من خلال متابعتك و الاستماع إليك.
من المهمعند التحضير لموضوع محدد الحرص على* أنيكون طرحك موافقاً لخلفيات جمهورك المعرفية. أي لا تخاطب المبتدئين بأسلوب يفوققدراتهم الاستيعابية و في المقابل لا تحدث الخبراء بما هم به على دراية.
تذكر أننبرة حديثك و نوعية الألفاظ تختلف بحسب حجم المجموعة المتحدث أمامها. فمن الملاحظأن الخطابات أمام المجاميع الكبيرة تكون أكثر رصانة و تميل ألفاظها أكثر إلىالرسمية و يكون الجمهور مجرد متلقين منصتين لطرحك. و هنا يلزمك أن تشد انتباههمبتنويع نبراتك و حركات يديك كوسيلة للإيضاح و الإقناع. و أما عند التحدث أمامالمجموعات الصغيرة فمن المهم الحرص على إشراكهم في الموقف الخطابي كالطرح المتبادلللأسئلة و الأفكار و النقاشات.
احرص علىأن تكون مستعداً لأن تتكيف مع ما قد يطرأ قبيل أو أثناء الموقف الخطابي. فعلى سبيلالمثال, ربما يختلف الحاضرون عن المتوقع من حيث الزيادة أو النقصان أو الفئةالمستهدفة أو التوجهات الفكرية أو الحالة المزاجية. و لكي تكسر الجليد و تتضح لكالصورة, ابدأ بطرح الأسئلة لتعرف من هم جمهورك.
اجمعالمعلومات الكافية عن الموضوع المقدم, فالاستعداد الجيد يقودك لتقديم الخطابالجيد. و من المهم أن تدون ملاحظاتك في دفتر أو قصاصات ورقية. و لا تشعر بالحرجعند استخدامك لتك القصاصات و تذكر أنها مفاتيح انتقالك بين جزئيات الموضوع المقدم.
تأكد منأن معلوماتك تخلو من أي ثغرات أو نواقص و كن ملماً بأكبر قدر من المعلومات حولالموضوع المقدم. و توقع غير المتوقع من جمهورك إذا أتيحت لهم الفرصة للنقاش و طرحالأسئلة. و افترض مسبقاً الأسئلة التي ربما ستنهال عليك لتتأكد من قدرتك على مواجهتهاو عدم التعرض للإحراج و الضغط الذهني.
عندمايطرح عليك سؤال لا تعرف إجابته, لا تتهرب عن قول "أنا لا أعرف" أو"للأسف لم أبحث عن هذه المعلومة" أو "هذا سؤال مهم للغاية لمأتوقعه" .. فمن الأفضل أن تبرر عدم معرفتك على أن تخترع إجابة تُسجل نقيصة عليك.
التزمبالوقت المحدد فلا تستعجل إنهاء حديثة فتظلم موضوعك و لا تتمادى كثيراً فيالاسترسال فيمل مستمعوك. و بدلاً من متابعتك يبدؤون في التثاؤب و التفكير في الـ *Tea-Time
بافتراضأن الـ 2000 كلمة تستغرق حوالي الـ 10 دقائق لقراءتها, فإن التحضير لعرضٍ ربمايستغرق حوالي النصف ساعة أو أكثر سيبدو مرهقاً للغاية ... و لكن مع ذلك ستضمنإلمامك بالقدر الكافي من المعلومات. و بمرور الوقت و أثناء اكتسابك للخبرةالخطابية سيصبح الأمر طبيعياً للغاية و لن تقلقك تلك الإجراءات التحضيرية التيستكون فيما بعد من أولوياتك كمتحدث جيد و ستشعر بالرضا عن أدائك مثلما سيشعر بذلكالمنظمون و المتلقون.
تدرب علىإلقاء خطابك أو تقديم عرضك في المنزل و راقب أداءك و توقيتك. و تذكر أن تتحدث ببطءليكون كلامك مسموعاً و مفهوماً من قِبل المتلقين.
ثانيا: قبيلتقديم العرض /* إلقاءالخطاب
بعدالانتهاء من مرحلة التحضير ننتقل للمرحلة الأصعب و هي التقديم. و لكن تحضيرك الجيدسيسهل عليك المهمة. و في بداية الأمر استفد من مشاهدتك لمن سبقوك في هذا المجال وراقب أسلوبهم و نبراتهم و حركاتهم و سكناتهم و حدث نفسك بأنك ستكون أحد هؤلاءالمتميزين.
عنداعتلاء المنصة تذكر أن تكون على طبيعتك و لا تنضوي تحت عباءة الآخرين و لا تقلد ولا تتصنع النكات أو الدعابات إذا لم يكن ذلك جزءً من شخصيتك أو سلوكك الطبيعي, فمنالسيئ أن تظهر بصورة المتحذلق المتملق المتسلق. و تذكر بأنه يمكنك أن تجمع بينالاحتراف و خفة الظل إذا أحسست أنه مناسبٌ لشخصيتك و الموقف الخطابي الذي تخوضغماره. وتذكر بأنه لكل مقام مقال.
استعن بمادونته من ملاحظات لتقدم خطابك أو عرضك بكل بساطة و وضوح. و أيقن بأنها المفاتيحالتي ستوقد للانتقال بكل سلاسة من جزئية إلى تاليتها.
جربمجموعة متنوعة من أساليب تدوين الملاحظات و اختر المناسب لك و تذكر أنها صمامالأمام لنجاحك و لضمان عدم الوقوع في فخ النسيان أو تشتت الأفكار.
اقرأملاحظاتك جيداً قبيل البدء في مهمتك لتكون على دراية بما ستقدم و تذكر أنك الوحيدالذي يعرف ما تنوي التحدث عنه. و توكل على الله و باشر مهمتك.
ثالثا: تخلص من الخوف و التوتر:
الثقة بالنفس هدف ننشده جميعاًلتحقيق أهدافنا و الارتقاء بمواهبنا و مهاراتنا. و لا تنبع الثقة إلا من داخلنا ولن تتحقق مقاصدنا إلا إذا آمنا بقدراتنا التي و هبنا إياها ربنا عز و جل.
أيقن بأن تقديمك لعرضٍ ما أو تلاوتكلخطاب معين هو سعي منك إلى تطوير ذاتك بالتحدث عن نفسك و التعبير عن آرائك و تبادلٌللأفكار و التعليقات و ردود الأفعال مع أشخاص تألفهم نفسك و أن جمهورك هم أصدقاؤكأو أُناسٌ تأمل في تكوين صداقات جديدة معهم.
أحب نفسك و أحب ما تقدم و أحب كلماتكو كن على يقين بأنك تقدم شيئاً مميزاً
تجاهل تحديق الآخرين إليك بل آمن بأنهممشغولون فقط بالإنصات لكلماتك المميزة و متلهفون لاكتساب الجديد و المفيد منك. و ثقبأنك أنت سيد الموقف.
خذ نفَساً عميقا و ابتسم و ازرع فينفسك فكرة بأنك مُقدم على مهمة أنت اخترتها و أحببتها و لست مجبرا على القيام بهاو أنك تريد أن ترسم صورة ايجابية عنك في عيون الآخرين.
ختاماً تذكر قول الله عز و جل"وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ و إليه أنيب"
Tweet |
إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركةالمشاركة في Twitterالمشاركة في Facebook