يظن أمه "عنصرا في المخابرات" جائت لقتله!!

    • يظن أمه "عنصرا في المخابرات" جائت لقتله!!


      يظن أمه "عنصرا في المخابرات" جائت لقتله!!

      ضحايا التعذيب في المغرب.. قصص عن "كل ما لا يخطر على البال"

      وجد بعض الروائيين العرب منذ الستينات من القرن الماضي وما تلاها في السجون العربية مادة خصبة لرصد حالات إنسانية تم تشويهها وقمعها بشكل شنيع وهو الأدب الذي أطلق عليه لاحقا "أدب السجون".
      لكن الروايات تبقى في معظمهما مطعمة ببعض الخيال على الرغم من رصدها لوقائع حقيقية في أحيان كثيرة. أما ما حدث في المغرب طيلة عقود مضت وشجعت الحكومة المغربية على نشره أخيرا فهو يمثل حالات حقيقية عارية بحيث تصبح كل حالة بذاتها رواية لأشد أنواع الرعب.
      وكثيرون من هؤلاء سيتسنى لهم الإدلاء بشهاداتهم من خلال أجهزة الإعلام المغربية ابتداء من اليوم الثلاثاء 21-12-2004 بحسب مصادر صحفية، لكن شريحة واسعة من السجناء المغاربة السابقين لن يتمكنوا من الوقوف أمام الأجهزة الإعلامية نظرا لأن عددا منهم تعرض لأنواع من التعذيب بتوا بعها غير قادرين على ارتداء ملابسهم أو حتى تناول الطعام من دون مساعدة بعد أن تعرض نخاعاتهم الشوكية للتدمير.
      وآخرون لا زالت تجتاحهم الهواجس إلى درجة أن واحد منهم لا زال يتخيل أمه عنصرا من المخابرات جاءت بغرض وضع حد لحياته، وآخر لا يغادر غرفته المظلمة أبدا ويتوهم أنها مليئة بمتفجرات قد تنفجر إذا ما أشعل الضوء، وثالث لا يستطيع أن يعيش دون أن تتصل كليتاه بجهاز للتصفية. هؤلاء يمثلون نماذج لعشرات المعتقلين السياسيين السابقين في سجون "أكدز" و"الكوربيس" و"درب مولاي الشريف" ذاقوا طعم التعذيب بالكهرباء، كما تشير صحيفة "الأحداث" المغربية في سياق تحقيق لها نشر أخيرا، وتم تعليقهم إلى مراوح السقف وشبعوا تماما من الضرب بالسياط.


      أمراض عضوية ونفسية
      وحين صافحت عيون هؤلاء السجناء السابقين الشمس، لم يكن بامكانهم التمتع بالضوء، بعد أن عاشوا سنينا في الظلمة، نخرت الأمراض العضوية والنفسية والعصبية أجسادهم وأدمغتهم وأرواحهم وباتوا في حاجة حقيقية لمساعدات حثيثة من أجل إدماجهم واستيعابهم ثانية في المجتمع، علاوة على توفير علاج لحالاتهم المستعصية.
      (ع. م) على سبيل المثال انتزع من عزلته في إحدى الغرف المظلمة بمدينة المحمدية ليتم إحضاره إلى مركز استقبال وتوجيه ضحايا التعذيب، منذ أن أطلق سراحه بعد أن اعتقل آخر مرة في نهاية الثمانينات وهو يعيش حالة فصام نفسي مزمن تطور مع الوقت إلى مرض عقلي. اعتقالاته المتكررة وحجم التعذيب الذي تعرض له جعلته يرى اليوم في والدته التي تعيش وحيدة برفقته عنصرا من المخابرات كلف باغتياله، تتناول أكلها في طبق ويتناول أكله الخاص بعيدا عنها.
      ومنذ سنوات لم يقبل أبدا أن تشاركه نفس الطعام ولا يقبل أن تشتعل الإنارة في غرفته، حين يحاول أحد الذين يأتون لزيارته ذلك، يطلق عقيرته بالصراخ "أطفؤوا الضو.. أطفؤوا الضو.. العقارب والحناش معاي في البيت .. المخابرات هنا.. إذا أشعلتم الضوء غادي ينفجر المكان".. تراه والدته منهمكا في هذيانه.. تحاول جاهدة أن تقنعه أنه في بيته وأنها أمه ولا أحد سيعتقله.. ينتفض بعيدا عنها ولا يدعها تلمسه أو تقترب منه، تجهش بالبكاء وحالها يتقطع لمنظره البئيس، وأحيانا تتمنى الموت على أن تظل تراه ما يزال على هذا الحال، أسير هذيان يصور له أنه متابع في كل لحظة وحين، وأن المخابرات تتربص به لاغتياله.
      وتمضي الصحيفة المغربية في رصد حال هذه الأسرة التي حاولت نقله لمستشفى الأمراض العقلية للعلاج، لكن لا أحد استطاع أن ينجح في إخراجه من غرفته المظلمة، تحاول والدته أن تغير له ملابسه لكنه يصر على عدم لمسه.. تقدم له الأدوية المهدئة فيلقي بها بعيدا.. بعد أزيد من عشر سنوات مازال إلى حدود اليوم يرفض التصديق بأنه حر، وأن التعذيب توقف عن رسم أخاديد في جسده، ومع كل محاولة لحمله على العلاج، يصر على أنه سوي لا يعاني من شيء.
      وتظهر صورتان لهذا المعتقل السياسي السابق حجم التحول المأساوي الذي قلب حياته رأسا على عقب، في صورة فوتوغرافية أخذت له في عقد السبعينيات حين كان ما يزال طالبا يدرس الطب في الجزائر يبدو محفوفا بالوسامة وعيناه تشتعلان ذكاء، أما في صورته الواقعية اليوم فهو يبدو في آخر مراحل عمره، وجه تخترقه التجاعيد ذهابا وإيابا، أسنانه تساقطت واحدة تلو الأخرى، جسد ظل ينحف حتى صار في حجم الريشة، نظرات تائهة في عالم جنونه الخاص.


      رحلة من العذاب
      ولد (ع. م) في 1946، اعتقل أول مرة في إطار نشاطه في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في1967، ثم اعتقل مرة ثانية في1971، ثم ثالثة في 1975. وبعد خروجه من هذا الاعتقال الأخير، حيث ذاق كل ما أبدعته الآلة الجهنمية للاستنطاق، انتابه الإحباط وهو يتأمل أوراق هوية تقول إنه طبيب، ووضعية إدارية تشير إلى أنه معتقل من أجل السياسة غير مرغوب فيه في الوظيفة، تفرغ لحياة الهامش إلى أن اعتقل في إطار حملة لتحقيق الهوية نهاية الثمانييات ستكون بابه الواسع نحو جحيم الجنون.
      في تلك الفترة كان يقف في "رأس الدرب"، طلب منه رجال الأمن بطاقة تعريفه فوجدوا أنه ينتمي لإحدى أكبر العائلات التي تشبعت بالاعتقال من أجل السياسة، تفحصوا هندامه الرث والبئيس وعادوا إلى بطاقة تعريفه فوجدوا من جديد أنه طبيب، ارتسمت في أذهانهم علامات الحيرة والغموض، وحين خاطبوه ووجدوا في كلامه هذيانا، اعتقدوا أنه يدعي الحمق ليفلت منهم، تحول في أذهانهم إلى لغز ينبغي حل طلاسيمه.
      تجمعت 3 أجهزة أمنية في محاولة لإخراجه من الحمق الذي يدعيه، بعد تعذيب وحشي، تيقنوا من أنه فعلا مهزوز العقل فلم يجدوا بدا من أن يلقوا به إلى الشارع، دون أن يعرفوا أنهم يلقون به إلى "معتقل" الجنون.
      وحالة (ع.م) لا تختلف عن نظيراتها، فمن لم يذهب عقله أثناء الاستجواب، فقد صحته. من بين هؤلاء معتقل توفي مؤخرا بفعل مضاعفات مرض فيروسي في الكبد، اعتقل في 1981 بسبب نشاطه في المنظمة الطلابية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وبعد أن قضى 4 سنوات في معتقلات سرية ومنها معتقل "درب مولاي الشريف"، خرج مصابا بالهذيان بعد أن فقد ذاكرته.
      تمكن الأطباء لاحقا من تحسين حالته النفسية لكنه توفي نتيجة مرض أصيب به في المعتقل كواحد من الذين حول التعذيب أجسادهم إلى "شواهد". مثل هذه الحالة هي ما جرى لمعتقل آخر تم اختطافه في 1970 وخلال مدة الاعتقال تعرض لاعتداء وحشي استعملت فيه تقنية تعذيب أدت إلى تدمير نخاعه الشوكي. كان معذبوه يلقونه على ظهره ثم يطلون ظهره بالزيت ويسلطون عليه أشعة مصباح كهربائي مرتفع الضغط. ومع مرور الوقت وبعد خروجه من السجن، وجد نفسه يعاني من شلل مزمن، أطرافه العليا عاجزة عن الحركة، وعجز عن ارتداء ملابسه والأكل دون مساعدة .
      وكانت يومية "لوكورييه إنترناسيونال" الفرنسية أشارت إلى التحضيرات الجارية في المغرب لفتح ملفات التعذيب، موضحة أن العاهل المغربي بات أكثر قناعة بأن إظهار الحقائق وتعويض الضحايا وعائلاتهم وإعادة الاعتبار لهم، خطوة في مسيرة الألف ميل الهادفة إلى بناء المغرب الجديد، الأمر الذي اعتبرته منظمات حقوق الإنسان تحولاً مفصليا في السياسة المغربية الداخلية والخارجية، لا سيما وأن صدور قرار العفو عن السجناء السياسيين والسماح بعودة المنفيين يساهم في وضع نهاية للاحتقان الذي يخيم على الجو السياسي في البلاد على حد ما جاء في صحيفة "اليوم" المغربية التي تصدر باللغة الفرنسية.
    • لاحول ولاقوة الا بالله
      مواقف تقطع القلب من جراء التعذيب الذي حصل لهم في السجون
      ومثل ما يحدث في سجون عونتنامو الذي فيه كم من الابرياء هناك ويتعذبون ابشع انواع العذاب.......وهم ضحايا صمتنا

      اللهم فك اسرى المسلمين في كل مكان
      تشكر اخي على المشاركة