
يوسف النحوي.. واحد من الفنانين التشكيلين المجيدين بالسلطنة، وهو يسعى دائما إلى أن تكون له لمسة مختلفة، من خلال ما تخطه فرشاته من ألوان ولوحات، تشكل وجدانه وتجعل المشاهد للوحاته يشعر بجو مليء بالفرح والأمل، حيث إنها السمة الملازمة لأعماله.
وتشهد هذه الأيام ميلاد أول معرض شخصي للنحوي بعد تحضير استمر أكثر من ثلاث سنوات والذي بدأ أخيرا* وسينتهي في منتصف الشهر الجاري. (مرايا) زار النحوي في معرضه للتعرف على بداياته وأعماله في الفترة القادمة.
ـ كيف كانت بداياتك في هذا المجال؟
جاءت بداياتي في الرسم تحديدا منذ أن كنت تلميذا في الصف الأول، حيث كنت أحاول أرسم الأشكال الكرتونية التي تجذب أي طفل في ذلك العمر واستمرت الهواية معي طيلة سنوات الدراسة إلى أن بدأت أولى خطواتي الاحترافية، عندما انضممت لجمعية الفنون التشكيلية في العام 2005 ثم انضمامي بعد ذلك لجمعية الفنانين الأوروبيين بألمانيا والتي استفدت من مشاركتي فيهما حيث ازدادت خبراتي في هذا المجال، وتعرفت من خلالهما على فنانين مجيدين سواء من العمانيين أو الأوروبيين.
ـ هل معرض “وغدا كان جميلا” أول معرض شخصي لك؟
بشكل رسمي استطيع القول إنه أول معرض شخصي منفرد لي في السلطنة، ولكني قمت بعمل معارض مشتركة من قبل، وشاركت في معارض خارج السلطنة وأول معرض لي كان بالجامعة التي كنت أدرس بها في الهند.
ـ ولماذا تأخرت هذه الخطوة بالنسبة لك؟
الحقيقة أنني أسعى دائما إلى الإجادة وأسعى إلى تنفيذ أعمال أشعر من داخلي أنها ترضي الناس، وتدخل عليهم البهجة والسعادة لأن الفنان من وجهة نظري لا يطلق عليه هذا اللقب إلا إذا كانت أعماله تؤثر في الجمهور بشكل مباشر. كما أنني لم أقصد تأخير هذه الخطوة ولكنني كنت كلما نويت تنفيذها وركزت على فكرة وجدت فكرة جديدة تؤثر عليَّ، لذلك استغرقت عدة سنوات لتحضير هذا المعرض، ولتقديم أعمال تدخل البهجة والسعادة على قلوب الناس، وهذا هو هدفي الأساسي من خلال إقامتي لهذا المعرض وأرجو أن أكون وفقت فيه.
ــ ما هي أبرز لوحة لها قصة مميزة بالنسبة لك في هذا المعرض؟
كل الأعمال التي قدمتها خلال هذا المعرض لها قصة عشت بها، ولكن أستطيع القول أن هناك مجموعة لوحات صغيرة، قمت برسمها بطريقة رمزية تعبر عن هوية السلطنة المتمثلة في تجسيد معنى السلام والأمان، لذلك اخترت فيها اللون الوردي وبعض النقوشات التي تعبر عن الزخارف الإسلامية كما وضعت عملة العشر بيسات المعدنية والتي بها اسم مولانا السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــــ حفظه الله ورعاه ـــ لتكتمل اللوحة، وتمثل رمز السلام الذي صنعه جلالته في السلطنة.
ــــ كيف تتكون فكرة اللوحة التي تقوم برسمها فيما بعد؟
تأتيني الفكرة عن طريق الحلم بها حتى أنفذها أو أن أقوم بتصوير مجموعة مشاهد تجذبني، وأحضر الحدث الخاص بها، ثم أقوم بتجميع هذه المشاهد في لوحات، وأضيف إليها لمستي الخاصة، وهذا ما قمت به عند رسم مجموعة لوحات للجمال حيث أحببت أن أرسم هذا الحيوان الجميل المرتبط بشكل كبير بهويتنا كعرب وكعمانيين، لذا حضرت العروض والمسابقات الخاصة بها، وقمت بالتقاط عدة صور وفي الأخير نفذت مجموعة لوحات بألوان ولمسات مختلفة، وتم عرضها بالمعرض.
ــــ هل لك هوايات أخرى غير الفن التشكيلي؟
بالنسبة لي فإن معنى كلمة فنان تشكيلي هي الفنان الذي يستطيع تشكيل أي شيء أمامه والذي يجب أن يتمتع بعدة مواهب فنية وليست الرسم فقط لأن المواهب الفنية الأخرى ستحفز وجود الإبداع بشكل أكبر وسيظهر ذلك جليا في أعمال الفنان التشكيلي ذي المواهب المتعددة لذا تجدوني فنانا تشكيليا ولكني في نفس الوقت مصور وخطاط وأحب أن أستمع الى الموسيقى وأقرأ الشعر وأذهب الى المسرح حيث أعتقد أن فني لا يكتمل دون الشعور بكافة الفنون الأخرى، وكل هذه المواهب تجعل مني الفنان التشكيلي الموجود على الساحة الفنية الآن، لذلك أحاول أن أوظف كل ألوان الفن في لوحاتي، وسيرى من يتابعها أن لدي لوحات استخدم فيها الخط العربي بلمسة فنية مختلفة كما أن لدي لوحات تعبر عن قصائد معروفة من الشعر مثل لوحتي بالمعرض التي عبرت فيها عن قصيدة لا تكذبي للشاعر كامل الشناوي، وهناك لوحة قمت فيها بكتابة الخطاب الأول لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن* سعيد المعظم ـــ حفظه الله ورعاه ـــ وهذه اللوحات هي لوحات فنية استخدمت فيها هواية من الهوايات وهي الخط العربي.
ــــ ماذا تمثل لك الألوان؟
الألوان بالنسبة لي هي أحاسيسي التي تخرج على اللوحة، وأنا بطبعي شخص متفائل، وأحب البحث عن السعادة دائما، لذا يلاحظ في أعمالي البهجة والفرح، حيث أحاول أن أضفيهما على لوحاتي من خلال ألواني التي استخدمها. كما أني لا أخشى اللون مطلقا لذلك لن يفاجأ المشاهد لأعمالي أن يرى لوحة للجمال لونها أحمر أو وردي أو مجموعة ألوان ساخنة وباردة متداخلة سويا في لوحة واحدة، والحقيقة أنني عندما أقوم بتنفيذ هذه الألوان أنفذها بشكل لا يجهد أو يضايق عين المشاهد ولكني أحاول أن أصنع لوحة مختلفة، وبأحاسيس ومشاعر يسيطر عليها الفرح أكثر من أي شيء آخر.
إقبال جيد
ــــ وماذا عن أبرز الانطباعات التي رصدتها حول المعرض؟
كان هناك شبه تحدٍ بالنسبة لي عند بداية هذا المعرض حيث تصادف أول يوم له يوم إجازة المولد النبوي الشريف وتوقع كثيرون من حولي أن لا يكون هناك إقبال جيد ذلك اليوم. باعتبار أنه إجازة، وأن الناس لن يأتوا، ولكني كنت متفائلا وبالفعل حدث ما توقعت، ووجدت إقبالا كبيرا من الجمهور في ذلك اليوم حيث كان المكان ممتلئا بالجمهور والمتابعين، وتوالت الأيام بنفس نسبة الإقبال وأكثر، وما لفت نظرهم استخدامي للألوان كما أعجبتهم المواضيع خصوصا أنني حاولت أن أنوع في لوحاتي لتلامس كافة الأذواق وأعتقد أن لوحاتي لاقت الإعجاب الذي تمنيته وأكثر.
ـــــ في رأيك. إلى أي مدى تحسنت نظرة المجتمع للفنان التشكيلي؟
بالطبع اختلفت بشكل كبير للغاية عن ذي قبل وأصبح هناك متذوقون للفن التشكيلي بشكل أكبر كما أني أشعر أن قيمة الفنان التشكيلي اختلفت كثيرا حيث أصبح هناك تقدير واحترام لهذا النوع من الفنون وأصبح له جمهوره الذي يتابعه وأعتقد أن الأيام القادمة ستشهد انتشارا أكثر لهذا الفن وسيلقى رواجا بشكل أكبر.
ـــــ حدثنا عن تجربتك لدخول “موسوعة جينيس” العالمية؟
دخلت موسوعة جينيس في أكبر لوحة رخامية في العالم لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه. وكنا فريق عمل مكون من صاحب الفكرة وإدارة السبلة العمانية وأنا الفنان التشكيلي الوحيد الذي يشرف على العمل وبالفعل دخلنا الموسوعة وأهدينا هذه اللوحة لجلالة السلطان وشرفت بها أنا وفريق العمل كثيرا.
ـــــ وماذا عن تجربة الرسم على الطائرات العسكرية؟
هذه تجربة مميزة ومختلفة قمت بها مع 42 فنانا وفنانة من جمعية الفنون التشكيلة، حيث تم تقسيمنا على مجموعات للرسم على 5 طائرات بحيث يمثل كل مجموعة فريق يعمل لرسم الطائرة المسؤول عنها وهي كانت مبادرة تم طرحها على وزارة الدفاع، وأبدوا موافقتهم، وبدأنا العمل بالفعل وأنجزنا الطائرة الخاصة بنا، والتي حاولنا أن نرسم من خلالها لوحة تحمل معنى السلام الذي نعيش فيه وننعم به، وكانت تجربة مميزة خصوصا أنها لاقت إعجاب المسؤولين بالوزارة، وقرروا عدم مسح الرسم الذي قمنا به على مجموعة الطائرات التي رسمنا عليها، ومعنى ذلك أنها ستظل باستمرار يراها الجميع.
ــــ هل توافق على الرأي الذي يطلق العنان للفنان في رسم ما يريد دون خطوط حمراء؟
بالطبع الفنان يجب أن يشعر أنه حر فيما يقوم به ولكن الحرية من وجهة نظري يجب أن لا تتعارض مع قيم المجتمع وأخلاقه وصفاته وهويته، فأنا لا أرسم أي شيء يسيء لهذه القيم بحجة أني حر كفنان فمجتمعي وقيمي وديني تفرض عليَّ أن أمثل هذه القيم، وأنا لا أخل بها في أعمالي، وهذا المبدأ أحترمه وأقوم به سواء داخل بلدي أو خارجها لأن أي إساءة مني ستجعل الغير يسيء فهمه لقيمنا وهويتنا.
ــــ ما هي أبرز خططك وأمنياتك التي تود إنجازها خلال الفترة القادمة؟
أستعد هذا العام لعمل معرضي الثاني والذي سيحتوي على لوحات للجمال طولها 5 أمتار في مترين وكلاب الصيد العربية الأصيلة بنفس الحجم ومصارعة ثيران الباطنة واحتمال أني أضيف إليها عملا عن الخيل، وكل اللوحات ستكون بذلك الحجم الكبير حيث أحاول من خلال المعرض أن أقدم شيئا جديدا ومميزا خصوصا أن هذا الحجم قليل من فكر في إنجازه، وهو يمثل تحديا لي وأتمنى أن يلقى إعجاب الجمهور. أما عن أمنياتي فأتمنى أن تكون هناك كلية مختصة للفنون الجميلة حيث إنها غير موجودة حتى الآن، وهناك مطالبات كثيرة بإنشائها، لذا أتمنى من الجهات المختصة أن تتبنى إنشاء هذه الكلية التي ستساهم بشكل أكبر في وجود جيل جديد من الفنانين المبدعين وعلى قدر مميز من الاحترافية.