سليمان المعمري -
الأحد 9 يونيو 2013 : الرقص في امبيني -
نحن اليوم مدعوون لحفل غداء في بيت الدكتور حامد كارهيلا، السفير والدبلوماسي السابق في جزر القمر، وقبل هذا الباحث المتمكن الذي أخرج للمكتبة العربية كتابين مهمين عن العلاقات القمرية بحكام دولة البوسعيد، وعن السلطانة جومبيه فاطمة.. تبعد “امبيني” عن موروني العاصمة سبعين كيلومترا فقط، ولكن لا يظنن ظان أن الطريق إليها قصير.. في الطريق توقفنا في مدينة باغوي ( أو بانجوكوني حسب النطق الفرنسي).. إنها مدينة أسسها قبل مئات السنين رجل عماني من صور اسمه سالم.. كان أهلها فرحين بنا واستقبلونا بالأهازيج، وعلمتُ من مرافقنا في الرحلة أن الرقصة الصورية التي شاهدناها في حفل افتتاح الأيام الثقافية العمانية القمرية قبل يومين كانت من رقص هؤلاء.. وقفنا في صفين متقابلين في مجلس القرية حديثِ البناء.. كانوا يرحبون بنا بـ”السلام عليكم” و”كيف الحال” وبعض الكلمات العربية السهلة،.. كانوا يشبهوننا تماما، بتعبير أدق يشبهون أهلنا في صور حد التطابق وان لم يكونوا يجيدون العربية.. كلا، لم تكن مجرد دعابة أن يقول صديقنا المصور عامر فليت انه يشعر أنه في “العيجة”.. ولم تكن مبالغة أو محض دبلوماسية من محمد المحروقي عندما خاطبهم بالقول :”كأننا أسرة واحدة تفرق أعضاؤها ثم تلاقَوا بعد أمد طويل”، وليست شطحة أكاديمي أن يقول رئيس الفرع الهنزواني لجامعة جزر القمر بعد ذلك بثلاثة أيام أنه ” لو التقطنا بعض القمريين من الخارج وأرسلناهم لعُمان فلن يستطيع الناس هناك التفريق بينهم وبين العمانيين”.
تركنا باغوي وغذذنا السير.. في الطريق توقفنا للتصوير أمام بحيرة لاكساليه، لون مياهها كالح كلون البحر، ومع هذا يقولون إن مياهها عذبة.. تقول الأسطورة القمرية إن أحد العباد الزهاد بلغ منه العطش مبلغا عند هذه البقعة التي كانت صحراء قاحلة، وما إن رأى امرأة عجوزاً حتى توسل إليها أن تسقيه، ولكنها رفضت رغم وجود الماء وتركته يواجه ظمأه، فكان أن أجرى الله تحته هذه البحيرة.. قلتُ لأحد سائقي الرحلة أن يصورني أمام البحيرة بحيث تكون في الخلفية، ولكني اكتشفتُ بعد أن غادرنا أنني نسيت تضبيط الهاتف النقال فكان أن صور السائق وجهه !.
وصلنا امبيني في الساعة الواحدة والنصف ظهرا ووجدنا بانتظارنا في مجلس الدكتور كارهيلا مائدة عامرة بأطايب الطعام.. وبعد أن تلا الشيخ خميس العدوي دعاء الانتهاء من الأكل، وتبادلنا الخطب المرحبة والشاكرة توجهنا إلى ميدان الاحتفال في امبيني.. حشد كبير من أبناء المدينة كانوا بانتظارنا، والنسوة يسيجن ساحة الحفل بزغاريدهن.. أنشد أحد أبناء امبيني بلغة عربية فصيحة : ” في الأراضي القمرية، جزر القوم النقية، كم بدت شمس زهية، في البروج العلوية”.. ثم بدأ الرقص.. رقص المضيفون أولاً.. ثم قام الدكتور كارهيلا حاملا عصاه وهو يتبختر كأسد نشوان، تبعه المحروقي بعصا مماثلة، ووراءهما سيف الحارثي، الذي ما لبث أن سلمني عصاه فرقصتُ وتراقصتُ كسنجاب نشوان وأنا أنظر للنسوة المبتسمات في الشرفات..
لقد كانت امبيني مدينة يشعر فيها المرء بالسعادة.
الأحد 9 يونيو 2013** :
البحث عن حامد برهان
يحدث أن يتأخر المرء عن حامد برهان.. يحدث أن يكون منهمكا في الصلاة فيفضل إكمالها في الغرفة 125 من فندق رتاج على الرد على المكالمة التي ترن بشدة… ويحدث ألا يكون حامد برهان بحاجة إلى برهان لإثبات أنه رئيس برلمان.. البارحة كان يعاتبنا أننا نحن العمانيين نسينا القمريين في زحمة انشغالنا بالتنمية ولقمة العيش.. ولكني كنت أصلي، و
الأحد 9 يونيو 2013 : الرقص في امبيني -
نحن اليوم مدعوون لحفل غداء في بيت الدكتور حامد كارهيلا، السفير والدبلوماسي السابق في جزر القمر، وقبل هذا الباحث المتمكن الذي أخرج للمكتبة العربية كتابين مهمين عن العلاقات القمرية بحكام دولة البوسعيد، وعن السلطانة جومبيه فاطمة.. تبعد “امبيني” عن موروني العاصمة سبعين كيلومترا فقط، ولكن لا يظنن ظان أن الطريق إليها قصير.. في الطريق توقفنا في مدينة باغوي ( أو بانجوكوني حسب النطق الفرنسي).. إنها مدينة أسسها قبل مئات السنين رجل عماني من صور اسمه سالم.. كان أهلها فرحين بنا واستقبلونا بالأهازيج، وعلمتُ من مرافقنا في الرحلة أن الرقصة الصورية التي شاهدناها في حفل افتتاح الأيام الثقافية العمانية القمرية قبل يومين كانت من رقص هؤلاء.. وقفنا في صفين متقابلين في مجلس القرية حديثِ البناء.. كانوا يرحبون بنا بـ”السلام عليكم” و”كيف الحال” وبعض الكلمات العربية السهلة،.. كانوا يشبهوننا تماما، بتعبير أدق يشبهون أهلنا في صور حد التطابق وان لم يكونوا يجيدون العربية.. كلا، لم تكن مجرد دعابة أن يقول صديقنا المصور عامر فليت انه يشعر أنه في “العيجة”.. ولم تكن مبالغة أو محض دبلوماسية من محمد المحروقي عندما خاطبهم بالقول :”كأننا أسرة واحدة تفرق أعضاؤها ثم تلاقَوا بعد أمد طويل”، وليست شطحة أكاديمي أن يقول رئيس الفرع الهنزواني لجامعة جزر القمر بعد ذلك بثلاثة أيام أنه ” لو التقطنا بعض القمريين من الخارج وأرسلناهم لعُمان فلن يستطيع الناس هناك التفريق بينهم وبين العمانيين”.
تركنا باغوي وغذذنا السير.. في الطريق توقفنا للتصوير أمام بحيرة لاكساليه، لون مياهها كالح كلون البحر، ومع هذا يقولون إن مياهها عذبة.. تقول الأسطورة القمرية إن أحد العباد الزهاد بلغ منه العطش مبلغا عند هذه البقعة التي كانت صحراء قاحلة، وما إن رأى امرأة عجوزاً حتى توسل إليها أن تسقيه، ولكنها رفضت رغم وجود الماء وتركته يواجه ظمأه، فكان أن أجرى الله تحته هذه البحيرة.. قلتُ لأحد سائقي الرحلة أن يصورني أمام البحيرة بحيث تكون في الخلفية، ولكني اكتشفتُ بعد أن غادرنا أنني نسيت تضبيط الهاتف النقال فكان أن صور السائق وجهه !.
وصلنا امبيني في الساعة الواحدة والنصف ظهرا ووجدنا بانتظارنا في مجلس الدكتور كارهيلا مائدة عامرة بأطايب الطعام.. وبعد أن تلا الشيخ خميس العدوي دعاء الانتهاء من الأكل، وتبادلنا الخطب المرحبة والشاكرة توجهنا إلى ميدان الاحتفال في امبيني.. حشد كبير من أبناء المدينة كانوا بانتظارنا، والنسوة يسيجن ساحة الحفل بزغاريدهن.. أنشد أحد أبناء امبيني بلغة عربية فصيحة : ” في الأراضي القمرية، جزر القوم النقية، كم بدت شمس زهية، في البروج العلوية”.. ثم بدأ الرقص.. رقص المضيفون أولاً.. ثم قام الدكتور كارهيلا حاملا عصاه وهو يتبختر كأسد نشوان، تبعه المحروقي بعصا مماثلة، ووراءهما سيف الحارثي، الذي ما لبث أن سلمني عصاه فرقصتُ وتراقصتُ كسنجاب نشوان وأنا أنظر للنسوة المبتسمات في الشرفات..
لقد كانت امبيني مدينة يشعر فيها المرء بالسعادة.
الأحد 9 يونيو 2013** :
البحث عن حامد برهان
يحدث أن يتأخر المرء عن حامد برهان.. يحدث أن يكون منهمكا في الصلاة فيفضل إكمالها في الغرفة 125 من فندق رتاج على الرد على المكالمة التي ترن بشدة… ويحدث ألا يكون حامد برهان بحاجة إلى برهان لإثبات أنه رئيس برلمان.. البارحة كان يعاتبنا أننا نحن العمانيين نسينا القمريين في زحمة انشغالنا بالتنمية ولقمة العيش.. ولكني كنت أصلي، و