صَـــمّتْ الرحيّــــل
***
صمّتُ الرحيل سأكتُبها والألم بدأ يُضعف قلبي يُضعف جسدي ، أكتُبها بعد ما يئستُ من الأحلام التي
أرهقتني ، حكاية كاتب وجد نفسه في متاهة الكلمات ، وبعثرت الحروف ،وسراب الأحلام ، ووجع الأيام ،
وجرح الزمان ، حكاية كاتب صنعتهُ الظّروف القاسية ، والأحلام المشوشة ، حكاية كاتب وجد
نفسهُ يكتُب كلمات الحُب ، كلمات الحزن ، كلمات تنبض مع نبضات قلبهُ ، كلمات
رغم الحزن الذي يشوبها إلاّ أن الأمل دائماً يُخالطها ، حكاية كاتب أدمن
الكتابة وعشق الصمت ! وترك قلمهُ يُعبّر عن
صمته ، وما يحتويه قلبه ..
عشّقتُ الصمّتَ مُنذُّ صغري ، لأني أيقنتُ بأن الكلام حين يخرج من اللسان يذوب في الهواء ، وخيرٌ الكلام ما ينطقهُ
القلب ويترجمه القلم ، حكاية كاتب بدأ يشعر بأن النهاية بدأت تطرق باب قلبه ، وبأن الليل سيطول ،
والأحلام ستتوالى ، والنوم سيكون عميقاً هذه المرة ! ..
ليس مهما أن تكون كلماتي ركيكه ، ليس مهما أن أكون كاتبا يشار إليه بالبنان ، المهم
أن تصل كلماتي لمن أكتب لها ، المهم أن تفهم لغة خواطري كتاباتي ،
فليس كل من قرأ الشعر فهمه ، وليس كل من قرأ كتابا فهمه! ،
وللقلوب لغة لا يفهمها إلاّ أصحابها ..
سأرحل ذات يوم ، وهذا اليوم آتي شئتي أم أبيتي ،وسأتُرك لكِ بعض من كتاباتي تُناجيكِ ، تتحدث معكِ ،
تُسلّيكِ ، تُذّكرك بي ، كلمات مِدادُها دُموعك ، منبعُها قلبُكِ ، احساسُها روحك ،
صدقُها مشاعرك ، ميلادُها أنتُ ، عنوانُها اسمُك ، أصلُها أنتِ ..
احفظيّها ، اقرأيها كُلَّ ما تذكّرتيني ، ستُبصرين طيفي بين الكلمات يُناظُرك ، سأتحدثُ معكِ مثلُما كُنتُ أفعل
حين كُنتُ معكِ ، ابتسمي ! إملائي الدُّنيا بإبتسامتُكِ كي تصلني ابتسامتُك حيثُ أكون راقداً في عالمي
الثاني ، ابتسمي كُلّما رأيتِ روحي تزورك في أحلامك ، ابتسمي من أجل أن ينير
لي ثغرُكِ المُشرق ظُلمات عالمي المظلم ..
تحدثي مع كلماتي ، ودعي كلماتي تتحدث معكِ ، مثلُما كُنّا نتحدث سويةٍ حين كُنتُ
معكِ ، فـ حديثُك مع كلماتي سيصلني لـِ يُطمّني عنّكِ ..
احبسي دُموعك ! فـ عيّنيّكِ تستحقُ السعادة ، تستحقُ الحُب ، احبسي دُموعك حتى لا تحرقني حرارة شوقهما ! فـ تُعذّبني
مثلما كانت تُعذّبني حين كُنتُ معكِ ، تركتُ لكِ بعضً من كتاباتي من أجل أن تعيش معكِ
ترافقكِ ، تُضحّككِ تارةً وتُبكيكِ تارةً أخرى ، من أجل أن
تشّعري بأني معكِ لم أُفارقكِ ..
منذُّ أن أبصرتُك تغيرت حياتي ، بتُّ أنظر إليّكِ ! وأختلس النّظرات بين الفينة والأخرى من أجل أن يأتيني الإلهام وأكتُب لكِ
كلمات تعجز لساني عن نطقها أمامك ، فأنا أُفضّل الصّمت من أجل أن أحفظ لكِ كلمات الحُب في قلبي ! ، أُفضّل
الصّمت ، لأني أؤمن بأن التعبير بالقلم أجمل وأبلغ من اللسان !، فـ الكلمات تذوب في قلبي
حين أراكِ ، والحروف تتبعثر في لساني ، ولا ينطلق لساني فـَـ أظلُّ عاجزاً عن
الكلام ، لهذا أختلسُ النظرات واللحظات من أجل أن أكتُب لكِ
أجمل الكلمات ، فـَـ اقبـلي كلماتي المتواضعة ،
واقرأيها كُلّما تذكرتيني ..
لا تُهملينها ! حتى لا ينقطع طيفي عن زيارتك ، فمنذُّ أن عرفتُكِ وأنا أختزن كلماتك في قلبي ، لـِ أخرُجها لكِ على
الورق ، هي كلماتُك أصلُها أنتِ ، وقد طوّعتُ قلبي أن يحفظها وينقلها لكِ ..