عبد اللطيف الدعيج
هذه الايام بالذات يتردد الحديث عن المادة الثانية من الدستور، وعن تطبيق احكام الشريعة الاسلامية وفقا لها. وبالطبع فعندما تتصدى قوى الردة والتخلف لتفسير الدستور فان التفسير يخضع بالضرورة لتعاليم الدين ويتطابق عنوة معها. المادة الثانية التي يتغنى بها في كل مناسبة ومناسبة المتزمتون والحالمون بالردة الدينية لتطبيق ما يطلقون عليه الشريعة الاسلامية، تتعلق بـ «التشريع» وليس لها علاقة البتة بتطبيق احكام الدين الاسلامي او فرض التدين بالقوة على خلق الله كما ينادي بذلك متخلفو الجماعات الدينية.
في المذكرة التفسيرية نص صريح على ان المقصود هو الاخذ بالتشريع الاسلامي ما امكن، وتطبيق الحدود الدينية اذا ما توفر ذلك. ليس هناك تصريح او حتى تلميح بفرض السلوك الديني او تطبيق القيم والمثل الدينية، او فرضها بالقوة على خلق الله كما يستميت متخلفو مجلس الامة . حسب المذكرة التفسيرية فان هناك «توجيها للمشرع وجهة اسلامية اساسية دون منعه من استحداث احكام من مصادر اخرى في امور لم يضع الفقه الاسلامي حكما لها، او يكون من المستحسن تطوير الاحكام في شأنها تمشيا مع ضرورات التطور الطبيعي على مر الزمن، بل ان في النص ما يسمح مثلا بالاخذ بالقوانين الجـزئية الحـديثة مع وجـود الحـدود في الشــريعة الاســلامية». الحديث والنص الصريح هنا هما على احكام وحدود وتشريعات، وموافقة صريحة - وليست ضمنية على تجاوز - حتى هذه الحدود والتشريعات للاخذ بالقوانين الحديثة. وليس هناك نص على تطبيق اخلاق وقيم وعادات وسلوك دينية او اسلامية مما يحاول ان يوحي به وبالتالي يفرضه المتزمتون.
الكويت دولة ديموقراطية دين الدولة فيها الاسلام، هذا هو النص الصريح والواضح لمجمل منطوق المادتين الثانية والسادسة. الكويت دولة عربية وفقا للمادة الاولى، وديموقراطية وفقا للمادة السادسة، ولم يأت ذكر للاسلام الى جانب الدولة في اي من مواد الدستور.
تطبيق الشريعة اي الحدود الدينية، وليس تطبيق احكام الدين الاسلامي، او فرص التدين على الناس، هو ما اقره المؤسسون وتضمنه الدستور، وفرق كبير بين الالتزام بالحدود الدينية وبين الالتزام بالفروض وما شابه التطرف والغلو من السنن والاتباع مما يصر البعض على فرضه على الغير بالقوة بوصفه «احكاما شرعية» ملزمة للكل بحكم المادة الثانية.
* نقلا عن جريدة "القبس" الكويتية
: 
: 
: