السلام عليكم
بين الفتاة والهاتف
وقعت فتاة في معصية المحادثة الآثمة مع أجنبي عبر الهاتف ، وكادت تسير في دروب الحرام ، ثم هداها الله فعدلت عن ذلك الطريق ..
وهاهي توجه رسالة لوم وتقريع للهاتف الذي يرد عليها برسالة :
الفتاة :
لن أعود لشَرّك
أيها الهاتف :
يا مصيدة الفسَّاق ، أَمَا لأسيرك انعتاق؟
صوتك الرنان ، من حبائل الشيطان ، أفسدت حياتي ، وأضعت أوقاتي ، وهدمتَ لذاتي ، أسمعتني صوت ذلك الشاب فعشت في محنة وعذاب ، وأغريتني بمعسول الكلام ، فمشيت في درب الحرام ..
وكدت بسببك أزلّ ، وعن طـريق العفاف أضلّ ، يا وسـيلة العبث ، ويا بريد الرفث ، يا مزعج الوسنان ، ومشغل اليقظان ..
وما أفسد الأحوال ، كهاتف وجوال .. وأعظم الشر والبلاء .. أنّنا لا نطيق الاستغناء عنك ..
يا مسهل الفتنة ، ويا عظيم المحنة ، أغريت بالخزي الفتيات ، وسكبت منهن العبرات ، نشرت العيوب ، وجلبت الخطوب ، وأفرغت الجيوب ، يا طريق الإفلاس ، ويا عديم الإحساس ، تسعى بالنميمة بين النَّاس ، كفعل الوسواس الخناس ، يا قليل الأدب ، ويا سبيل العطب .. ليتني لم أتعرف عليك ، ولا امتدت يدي إليك ، فلم أكن لأعرف الشرَّ لولاك ، فقد أسمعتني صوت أفَّاك ، عبر تلك الأسلاك ، آه ما أقساك ، وما أقلَّ حياك! تصرع من غير عراك ، فما أكثر قتلاك وأسراك ، ولولا أن كفاني الله بلواك ، لكنت من ضحاياك .. عاهدت ربِّي ألا أعود لشرِّك ، وألا أعبث بزرك ، فقد ذقت المرارة من مرك ..
وما أنصفك إلا قوم قطعوا حبالك ، ولم يرحموا حالك ، فاذهب لا أبالك ، أراني الله عن قريب زوالك ..
- الفتاة -
الهاتف :
نفسك أحقُّ بالعتاب ..
عزيزتي الفتاة :
رميتني بكل سباب ، ونبزتني بأمج الألقاب ، وهجوتني ومثلي لا يعاب ، فلست من أغراك بالشرِّ يا كُعاب ، بل نفسك أحق بالعتاب ، وشدة العقاب ، فلولا أنك خضعت بالقول ، لما كان لشاب عليك طول ، ولما استطاع إليك الوصول ، أو أن يصول بعد ذلك ويجول ، ولكننا قوم نرمي أخطاءنا على الغير ، ولا نصف أنفسنا إلا بكل خير ..
وما حيلتي في قوم لا يعرفون إلا السوء ، قد سخّروني لكل ما يسوء ، وإنما كل امرئ بإثمه يبوء ، ربما بصق أحدهم عليَّ ، وآخر قبَّل وجنتيَّ ، وأحياناً أذوب حياءً مما أسمع ، وأتمنى أني لم أُُصنع ، ويح رأسي الأقرع ، فما لا أطيق قوله أفظع!
وإنَّما يعرف قدري القدماء ، الذين عاشوا الفقر والشقاء ، وذاقوا لذة الاتصال ، بعد أن حسبوه من المحالْ ، حتى دعا لمن اخترعني بعض العجائز ، ولم يعلمن أنَّ ذلك غير جائز ؛ لأنَّه كافر عنيد ، مستحق للوعيد ، وما ربُّك بظلام للعبيد ، وقد جُزي على عمله في الحياة ، بأن خلد النَّاس ذكراه ..
أمَّا أولاد هذا الزمان ، فولدوا مع صوتي الرنان ، جعلوني لعبة في الصغر ، وتسلية في الكبر ، فهان عليهم قدري ، ولم يعرفوا دوري ، فأبدعوا في الشرِّ والبلاء ، وأنا من صنيعهم براء ..
لماذا تثورين علي وتتعدين ، وإنَّما أنا سلاح ذو حدين ، خيري على شري ظاهر ، لا يخفى على كل ناظر، أنس الوحدة ، وسبيل النجدة ، يسرتُ على النَّاس الوصول للعلماء ، وسماع صوت البعداء ، قضيت الحاجات ، وفرَّجت الكربات ، أحكي بلا لسان ، وأسمع بلا آذان ، لكني قد التزمت الأدب ، فلا أجيب إلاَّ من طلب ..
هلا كان لومك لطبق الشر ، وقد فتن الناس في بحر وبر ، ولم يبق لهم من الحياء مثاقيل الذر ، اقتحم رؤوس الدور ، وهتك المستور ، فالجيل بالشهوات مسعور..
أم كان لومك لشريط الغناء ، وبريد الزنا ، ومصدر الخنا ، ألم تجدي إلاَّ أنا؟
وأين موقع ذلك الشاب ـ يا عزيزتي ـ من الإعراب ؟ أليس أحق مني بالسباب؟ فما هو إلاَّ نموذج لشباب قذر ، يصطاد في الماء العكر ، لا من العقاب حذر ، ولا بكتاب الله منزجر ، شباب لا تنهض بهم الأمَّة ، ولا تنكشف بهم الغُمَّة ، نموذج حقير ، معدوم الضمير ، لا يخشى يوم السعير ..
أمَّا أنت يا فتاة : فالحمد لله الذي هداك ، وأخزى من بالمعصية أغراك ..
وإياك والنكوص إياك
- الهاتف المسكين -

بين الفتاة والهاتف
وقعت فتاة في معصية المحادثة الآثمة مع أجنبي عبر الهاتف ، وكادت تسير في دروب الحرام ، ثم هداها الله فعدلت عن ذلك الطريق ..
وهاهي توجه رسالة لوم وتقريع للهاتف الذي يرد عليها برسالة :
الفتاة :
لن أعود لشَرّك
أيها الهاتف :
يا مصيدة الفسَّاق ، أَمَا لأسيرك انعتاق؟
صوتك الرنان ، من حبائل الشيطان ، أفسدت حياتي ، وأضعت أوقاتي ، وهدمتَ لذاتي ، أسمعتني صوت ذلك الشاب فعشت في محنة وعذاب ، وأغريتني بمعسول الكلام ، فمشيت في درب الحرام ..
وكدت بسببك أزلّ ، وعن طـريق العفاف أضلّ ، يا وسـيلة العبث ، ويا بريد الرفث ، يا مزعج الوسنان ، ومشغل اليقظان ..
وما أفسد الأحوال ، كهاتف وجوال .. وأعظم الشر والبلاء .. أنّنا لا نطيق الاستغناء عنك ..
يا مسهل الفتنة ، ويا عظيم المحنة ، أغريت بالخزي الفتيات ، وسكبت منهن العبرات ، نشرت العيوب ، وجلبت الخطوب ، وأفرغت الجيوب ، يا طريق الإفلاس ، ويا عديم الإحساس ، تسعى بالنميمة بين النَّاس ، كفعل الوسواس الخناس ، يا قليل الأدب ، ويا سبيل العطب .. ليتني لم أتعرف عليك ، ولا امتدت يدي إليك ، فلم أكن لأعرف الشرَّ لولاك ، فقد أسمعتني صوت أفَّاك ، عبر تلك الأسلاك ، آه ما أقساك ، وما أقلَّ حياك! تصرع من غير عراك ، فما أكثر قتلاك وأسراك ، ولولا أن كفاني الله بلواك ، لكنت من ضحاياك .. عاهدت ربِّي ألا أعود لشرِّك ، وألا أعبث بزرك ، فقد ذقت المرارة من مرك ..
وما أنصفك إلا قوم قطعوا حبالك ، ولم يرحموا حالك ، فاذهب لا أبالك ، أراني الله عن قريب زوالك ..
- الفتاة -
الهاتف :
نفسك أحقُّ بالعتاب ..
عزيزتي الفتاة :
رميتني بكل سباب ، ونبزتني بأمج الألقاب ، وهجوتني ومثلي لا يعاب ، فلست من أغراك بالشرِّ يا كُعاب ، بل نفسك أحق بالعتاب ، وشدة العقاب ، فلولا أنك خضعت بالقول ، لما كان لشاب عليك طول ، ولما استطاع إليك الوصول ، أو أن يصول بعد ذلك ويجول ، ولكننا قوم نرمي أخطاءنا على الغير ، ولا نصف أنفسنا إلا بكل خير ..
وما حيلتي في قوم لا يعرفون إلا السوء ، قد سخّروني لكل ما يسوء ، وإنما كل امرئ بإثمه يبوء ، ربما بصق أحدهم عليَّ ، وآخر قبَّل وجنتيَّ ، وأحياناً أذوب حياءً مما أسمع ، وأتمنى أني لم أُُصنع ، ويح رأسي الأقرع ، فما لا أطيق قوله أفظع!
وإنَّما يعرف قدري القدماء ، الذين عاشوا الفقر والشقاء ، وذاقوا لذة الاتصال ، بعد أن حسبوه من المحالْ ، حتى دعا لمن اخترعني بعض العجائز ، ولم يعلمن أنَّ ذلك غير جائز ؛ لأنَّه كافر عنيد ، مستحق للوعيد ، وما ربُّك بظلام للعبيد ، وقد جُزي على عمله في الحياة ، بأن خلد النَّاس ذكراه ..
أمَّا أولاد هذا الزمان ، فولدوا مع صوتي الرنان ، جعلوني لعبة في الصغر ، وتسلية في الكبر ، فهان عليهم قدري ، ولم يعرفوا دوري ، فأبدعوا في الشرِّ والبلاء ، وأنا من صنيعهم براء ..
لماذا تثورين علي وتتعدين ، وإنَّما أنا سلاح ذو حدين ، خيري على شري ظاهر ، لا يخفى على كل ناظر، أنس الوحدة ، وسبيل النجدة ، يسرتُ على النَّاس الوصول للعلماء ، وسماع صوت البعداء ، قضيت الحاجات ، وفرَّجت الكربات ، أحكي بلا لسان ، وأسمع بلا آذان ، لكني قد التزمت الأدب ، فلا أجيب إلاَّ من طلب ..
هلا كان لومك لطبق الشر ، وقد فتن الناس في بحر وبر ، ولم يبق لهم من الحياء مثاقيل الذر ، اقتحم رؤوس الدور ، وهتك المستور ، فالجيل بالشهوات مسعور..
أم كان لومك لشريط الغناء ، وبريد الزنا ، ومصدر الخنا ، ألم تجدي إلاَّ أنا؟
وأين موقع ذلك الشاب ـ يا عزيزتي ـ من الإعراب ؟ أليس أحق مني بالسباب؟ فما هو إلاَّ نموذج لشباب قذر ، يصطاد في الماء العكر ، لا من العقاب حذر ، ولا بكتاب الله منزجر ، شباب لا تنهض بهم الأمَّة ، ولا تنكشف بهم الغُمَّة ، نموذج حقير ، معدوم الضمير ، لا يخشى يوم السعير ..
أمَّا أنت يا فتاة : فالحمد لله الذي هداك ، وأخزى من بالمعصية أغراك ..
وإياك والنكوص إياك
- الهاتف المسكين -
