هناك خلف أفق سحابة ماطرة على الشارع الترابي .. يذرع (خالد) هذا الامتداد الطويل بعيون استدار فيها القمر ولاحت في أفلاكها نجوم الوعد .. وقد لوحت شمس القرية وجهه الطفولي بسمرة محببة .. اليوم (خالد) يحمل ثلاث عشر سنة .. ثلاث عشرة نجمة .. قمر .. تراب ذرات هواء .. ويحمل في روحه الطاهرة ألف فكرة تطلع في سماء أحلامه ..
ويأخذه انتهاء الطريق إلى منزلـه الطيني هناك .. مضت ثلاثة عشرة .. هناك رسم أبعاد الأماني .. اصطاد من بحر الطفولة انتماء لهذه المساكن الطينية لهذه البقعة المباركة من وطنه العريض .. حدوده هنا تبدأ منن القلب..
يستند (خالد) على الباب الخشبي يضع كتبه على عتبات المنزل .. يفكر كثيراً تدق الأجراس في تكوينه ويلتصق بجسده ثوبه .. هناك في مدرستي علم .. خط عليه (لا أله إلا الله محمد رسول الله) هناك في منزل (هيثم) وكذا (سعد) وأيضاً (عبدالله) .. يرفع رأسه في مدرستي علم وفي منزلي الطيني لا يوجد علم ..
يدخل يجتاز خريطة بيته يتعالى صوته العذب .. تتطاير عبارات توسل لأمه بأن تخيط لـه علماً يتكلم مع الأشجار .. الممتدة جذورها في بيته .. يصرخ لجذورها الضاربة اليوم سأرفع العلم ..
تستجيب الأم الكفيفة .. تخيط علماً .. تصفق لـه النخيل يتمايل مع السعف .. يمطره التمر ترقص لـه الجذوع ..يراقبها وهي تخيط العلم هنا أمي .. أحكمي ذا يا أمي .. ثبتي الخيط هنا أمي .. وكأنها تشد كل موضع بقلبه الصغير .. تنتهي وتبدأ ضحكاته الجميلة على مسمع الوطن .. هنا الطين .. هذا الماء .. وهذا العصا وذا رمز بلادي .. ذا الضوء .. (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
يصعد للسطح .. يثبته .. يبحث عن اتجاه الريح ..
يرى أن كل هبة تبعث ملامسة جميلة حنونة بين أطراف العلم وأطراف ثوبه وتسري في جسده تتضاءل أمامه عتبات السطح يأخذها اثنين اثنين .. ينادي آيا أمي .. يجب أن تفتحي عيونك التي لم ترني .. لترى بها العلم ..
خرج يتعثر بكتبه التي تركها على عتبة منزلـه .. ينادي .. ينطلق في الشوارع الطينية (هيثم) .. آيا (سعد) .. و(أحمد) .. أقبلوا .. انظروا علمي .. تجمع القرية الصغيرة على صرخاته العميقة ويقبل الصغار يتمتمون ثبته جيداً أيا خالد .. إنه يميل قليلاً إلى الخلف, يصعد .. يصر على أن يكون شامخاً خفاقاً لا يميل قليلاً أبداً .. يتسلق الجدار .. تزل قدمه .. يتماسك كالعلم .. يمسكه بيده .. تنكسر العصا .. يهوى من فوق ..فوق .. تساقط تماسك الحارة الشعبية بجموعها أمام منزل (خالد) في القرية بلون واحد لون يقف إعظاماً لحب وولاء الصغير .. لعلم .. تدوي صرخة من عروقه ودموعه وضحكاته .. وحتى دمه المنثور .. ويموت .. ويظل جزء مكسور من العلم على السطح .. يهتز سكون القرية .. دموع كثيرة .. من الأم الكفيفة ويظل كل شيء .. بقايا علم.
ضــــــــــــوء..
يا "خالد" الصغير .. روحك الطاهرة ماتت على الشارع الترابي موتاً في خارطة الوطن الكبير .. وأنت بذرة جميلة أرادت العلو .. الشموخ .. فهبطت إلى الموت .. إرادة الله ولا اعتراض .. رحمك الله .. يا نبتة جميلة حديقة الوطن .. رحمك الله
ويأخذه انتهاء الطريق إلى منزلـه الطيني هناك .. مضت ثلاثة عشرة .. هناك رسم أبعاد الأماني .. اصطاد من بحر الطفولة انتماء لهذه المساكن الطينية لهذه البقعة المباركة من وطنه العريض .. حدوده هنا تبدأ منن القلب..
يستند (خالد) على الباب الخشبي يضع كتبه على عتبات المنزل .. يفكر كثيراً تدق الأجراس في تكوينه ويلتصق بجسده ثوبه .. هناك في مدرستي علم .. خط عليه (لا أله إلا الله محمد رسول الله) هناك في منزل (هيثم) وكذا (سعد) وأيضاً (عبدالله) .. يرفع رأسه في مدرستي علم وفي منزلي الطيني لا يوجد علم ..
يدخل يجتاز خريطة بيته يتعالى صوته العذب .. تتطاير عبارات توسل لأمه بأن تخيط لـه علماً يتكلم مع الأشجار .. الممتدة جذورها في بيته .. يصرخ لجذورها الضاربة اليوم سأرفع العلم ..
تستجيب الأم الكفيفة .. تخيط علماً .. تصفق لـه النخيل يتمايل مع السعف .. يمطره التمر ترقص لـه الجذوع ..يراقبها وهي تخيط العلم هنا أمي .. أحكمي ذا يا أمي .. ثبتي الخيط هنا أمي .. وكأنها تشد كل موضع بقلبه الصغير .. تنتهي وتبدأ ضحكاته الجميلة على مسمع الوطن .. هنا الطين .. هذا الماء .. وهذا العصا وذا رمز بلادي .. ذا الضوء .. (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
يصعد للسطح .. يثبته .. يبحث عن اتجاه الريح ..
يرى أن كل هبة تبعث ملامسة جميلة حنونة بين أطراف العلم وأطراف ثوبه وتسري في جسده تتضاءل أمامه عتبات السطح يأخذها اثنين اثنين .. ينادي آيا أمي .. يجب أن تفتحي عيونك التي لم ترني .. لترى بها العلم ..
خرج يتعثر بكتبه التي تركها على عتبة منزلـه .. ينادي .. ينطلق في الشوارع الطينية (هيثم) .. آيا (سعد) .. و(أحمد) .. أقبلوا .. انظروا علمي .. تجمع القرية الصغيرة على صرخاته العميقة ويقبل الصغار يتمتمون ثبته جيداً أيا خالد .. إنه يميل قليلاً إلى الخلف, يصعد .. يصر على أن يكون شامخاً خفاقاً لا يميل قليلاً أبداً .. يتسلق الجدار .. تزل قدمه .. يتماسك كالعلم .. يمسكه بيده .. تنكسر العصا .. يهوى من فوق ..فوق .. تساقط تماسك الحارة الشعبية بجموعها أمام منزل (خالد) في القرية بلون واحد لون يقف إعظاماً لحب وولاء الصغير .. لعلم .. تدوي صرخة من عروقه ودموعه وضحكاته .. وحتى دمه المنثور .. ويموت .. ويظل جزء مكسور من العلم على السطح .. يهتز سكون القرية .. دموع كثيرة .. من الأم الكفيفة ويظل كل شيء .. بقايا علم.
ضــــــــــــوء..
يا "خالد" الصغير .. روحك الطاهرة ماتت على الشارع الترابي موتاً في خارطة الوطن الكبير .. وأنت بذرة جميلة أرادت العلو .. الشموخ .. فهبطت إلى الموت .. إرادة الله ولا اعتراض .. رحمك الله .. يا نبتة جميلة حديقة الوطن .. رحمك الله