أصل إبليس وتحوله في روايت شتى:
يقول الغزالي: «روي أن إبليس كان اسمه في السماء الدنيا العابد وفي الثانية الزاهد وفي الثالثة العارف وفي الرابعة الولي وفي الخامسة التقي وفي السادسة الخازن وفي السابعة عزازيل وفي اللوح المحفوظ إبليس، وهو غافل عن عاقبة أمره، فأمره الله أن يسجد لأدم، فقال أتفضله عليَّ وأنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فقال تعالى: أنا أفعل ما أشاء، فرأى لنفسه شرفا، فولى آدم ظهره أنفة وكبرا وانتصب قائما إلى أن سجدت الملائكة المدة المارة، فلما رفعوا رؤوسهم ورأوه لم يسجد وهم قد وقفوا للسجود سجدوا ثانية شكرا وهو قائم يرى مُعرضا عنهم غير عازم على الاتباع ولا نادم على الامتناع، فمسخه الله من الصورة البهية، فنكسه كالخنزير وجعل رأسه كالبعير، وصدره كسنام الجمل الكبير ووجهه كوجه القردة وعينيه مشقوقتين في طول وجهه ومنخريه مفتوحتين ككوز الحجام وشفتيه كشفتي الثور وأنيابه كأنياب الخنزير وفي لحيته سبع شعرات وطرده من الجنة، بل من السماء بل من الأرض إلى الجزائر فلا يدخل الأرض إلا خفية ولعنه إلى يوم الدين...»،
منقول عن منقول عن المراجع التالية: الإمام الغـزالي، مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب، خرج آياته وراجعه وصححه ذ. بهيج غزاوي، بيروت، دار إحياء العلوم، ط. Iii / 1987، ص. 61-62.
وعن ابن الجوزي، أخبار الحمقـى والمغفليـن، نقحه واعتنى بنشره د. وعن : محمد أمين فرشـوخ، بيروت، دار الفكر العربي، ط. I / 1990، ص. 57.
يروى أن إبليس «لما نزَل إلى الأرض قال: يا رب أنزلتني وجعلتني شيطانا رجيما فاجعل لي بيتا، قال: الحمَّام، قال: فاجعل لي مجلسا، قال: الأسواق ومجامع الطرق، قال: فاجعل لي طعاما، قال: ما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فاجعل لي شرابا، قال: كل مسكر، قال: فاجعل لي مؤذنا، قال: المزامير، قال: فاجعل لي قرآنا، قال: الشعر، قال: فاجعل لي حديثا، قال: الكذب، قال: فاجعل لي مصايد، قال: النساء».
منقول عن منقول عن: أحمد الثعلبـي، قصص الأنبيـاء المسمَّى بالعرائـس، بيروت، دار الرشاد الحديثة، د. ت.، ص. 25، والإمام أبو حامد الغزالي، مكاشفة القلوب...، م. س.، ص. 62-63، وزكريا القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، تحقيق فاروق سعد، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1973، ص. 388...
قال تعالى:
[ واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ]
السجــود هـنا رمز الخضوع كما كانت الملائكة موكلة بالقوى الطبيعية في الحياة . و امر الطبيعة ان تسخر للانسان فاستجابت كلها ، ولكن بعضها لم يستجب فما هو ذلك البعض يقول الله سبحانه :
[ فسجدوا الا ابليس ابى و استكبر وكان من الكافرين ]
فمن هو ابليس إذن؟؟ ، ولماذا لم يسجد ، ولماذا استكبر ؟
في الايات التالية اجابة لهذه الاسئلة ولكننا نستبق السياق لنقول : ان لكل جانب من قوى الطبيعة ملكا موكلا به ، و الملائكة كلهم سجدوا لادم ، ومن خلالهم سخرت قوى الطبيعة كلها للانسان ( بالعلم ) ، ولكن هنالك ما وكل بقوة طبيعية لم يسجد للانسان ، وعلى الانسان ان يخضعه و ليضمن سجوده فمن هو ؟ وماذا يمثل من الطبيعة ؟
انه ابليس ، الموكل بطبيعة الانسان ذاته ( النفس الامارة بالسوء ) .
فاذا اخضع الانسان طبيعته التي وكل بها ابليس ، وجعلها تسجد له انئذ استطاع ان يسخر الحياة كلها .
بيد ان اكثر الناس يغفلون عن هذه الحقيقة فتصرعهم طبيعتهم ، ومنهم بالطبع ابونا آدم في قصة الخطيئة الاولى فلننظر كيف صرعته طبيعته ، و خدعه ابليسه ؟
(( وقلنا يا ادم اسكن انت و زوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) فازلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ]ان ابليس ازل أبانا آدم و زوجه ، ولكن بماذا ، بتلك الطبيعة الموجودة عندهما ، فأخرجا من الجنة و ابعدا عن الطبيعة المسخرة لهما . وهكذا سوف يزل ابليس ابناء آدم ، و يبعدهم عن الجنة في الاخرة ، وعما سخر الله للانسان في الحياة من النعم . اذا اطاعوه .
ما هي هذه الشجرة التي نهى الله آدم عن الاقتراب اليها ، هل كانت شجرة التفاح ، ام العنب ، ام كانت الحنطة ، ام ماذا ؟ ليس المهم ان نفهم ذلك بل المهم ان نعرف العبرة من وراء القصة ، وهي : ان في الطبيعة اشياء تضر الانسان وقد نهى الله عنها ، وعلى الانسانان يبتعد عنها حتى يتمكن من الاستمرار في تسخير الحياة . ولكن ابليس يثير النفــس الامــارة بالسوء ، ولا يدع الانسان حتى يدفعه الى تلك الاشياء المنهي عنها الضارة . وهنا يطرح هذا السؤال :
كيف يخرج الانسان من جنة النعم حين يرتكب الخطيئة و يتبع الشيطان و النفس الامارة بالسوء ؟
الجواب هناك طرق شتى : ولكن ابرزها هبوط الانسان الى مستنقع الخلافات البشرية حيث يبدأ الناس بظلم بعضهم البعض .
(( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )) وفي مواجهة الصراع بين البشر بعضه مع البعض ، وفي مواجهة الطبيعة الشريرة المدعومة بأبليس في داخل النفس البشرية ، يصاب الانسان بالضعف و الجهل . وهنا تسعفه رسالات الله بالهدى ، فمن تمسك بهذا الهدى نجى ، ومن لم يتمسك ضل ضلالا مبينا .
اما ابونا آدم - عليه السلام - فقد تمسك به جيدا مما يثير بان المطاف سينتهي بانتصار الانسان على طبيعته الشريرة بفضل هدى الرب سبحانه .
((فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم )) ماذا كانت تلك الكلمات لعلها كانت رسالة الله الى آدم حسب حاجاته و حاجات مجتمعه الناشيء ، وفي النصوص المأثورة : انها كانت اسماء النبي محمد (ص) وآله حيث دعا بهم آدم ربه فاستجاب له دعاءه .
و اصبحت تلك سنة الله تعالى انه يبعث رسالته الى الناس لينقذهم من طبيعتهم الشريرة ومن صراعهم مع بعضهم ..
[ قلنا اهبطوا منها جميعا فأما يأتينكم مني هدى ]
فعلى الجميع اتباع ذلك الهدى .
[ فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ]
والله أعــــــــــلم، بصحة كل ما ورد أعلاه.
يقول الغزالي: «روي أن إبليس كان اسمه في السماء الدنيا العابد وفي الثانية الزاهد وفي الثالثة العارف وفي الرابعة الولي وفي الخامسة التقي وفي السادسة الخازن وفي السابعة عزازيل وفي اللوح المحفوظ إبليس، وهو غافل عن عاقبة أمره، فأمره الله أن يسجد لأدم، فقال أتفضله عليَّ وأنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فقال تعالى: أنا أفعل ما أشاء، فرأى لنفسه شرفا، فولى آدم ظهره أنفة وكبرا وانتصب قائما إلى أن سجدت الملائكة المدة المارة، فلما رفعوا رؤوسهم ورأوه لم يسجد وهم قد وقفوا للسجود سجدوا ثانية شكرا وهو قائم يرى مُعرضا عنهم غير عازم على الاتباع ولا نادم على الامتناع، فمسخه الله من الصورة البهية، فنكسه كالخنزير وجعل رأسه كالبعير، وصدره كسنام الجمل الكبير ووجهه كوجه القردة وعينيه مشقوقتين في طول وجهه ومنخريه مفتوحتين ككوز الحجام وشفتيه كشفتي الثور وأنيابه كأنياب الخنزير وفي لحيته سبع شعرات وطرده من الجنة، بل من السماء بل من الأرض إلى الجزائر فلا يدخل الأرض إلا خفية ولعنه إلى يوم الدين...»،
منقول عن منقول عن المراجع التالية: الإمام الغـزالي، مكاشفة القلوب المقرب إلى حضرة علام الغيوب، خرج آياته وراجعه وصححه ذ. بهيج غزاوي، بيروت، دار إحياء العلوم، ط. Iii / 1987، ص. 61-62.
وعن ابن الجوزي، أخبار الحمقـى والمغفليـن، نقحه واعتنى بنشره د. وعن : محمد أمين فرشـوخ، بيروت، دار الفكر العربي، ط. I / 1990، ص. 57.
يروى أن إبليس «لما نزَل إلى الأرض قال: يا رب أنزلتني وجعلتني شيطانا رجيما فاجعل لي بيتا، قال: الحمَّام، قال: فاجعل لي مجلسا، قال: الأسواق ومجامع الطرق، قال: فاجعل لي طعاما، قال: ما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فاجعل لي شرابا، قال: كل مسكر، قال: فاجعل لي مؤذنا، قال: المزامير، قال: فاجعل لي قرآنا، قال: الشعر، قال: فاجعل لي حديثا، قال: الكذب، قال: فاجعل لي مصايد، قال: النساء».
منقول عن منقول عن: أحمد الثعلبـي، قصص الأنبيـاء المسمَّى بالعرائـس، بيروت، دار الرشاد الحديثة، د. ت.، ص. 25، والإمام أبو حامد الغزالي، مكاشفة القلوب...، م. س.، ص. 62-63، وزكريا القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، تحقيق فاروق سعد، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1973، ص. 388...
قال تعالى:
[ واذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ]
السجــود هـنا رمز الخضوع كما كانت الملائكة موكلة بالقوى الطبيعية في الحياة . و امر الطبيعة ان تسخر للانسان فاستجابت كلها ، ولكن بعضها لم يستجب فما هو ذلك البعض يقول الله سبحانه :
[ فسجدوا الا ابليس ابى و استكبر وكان من الكافرين ]
فمن هو ابليس إذن؟؟ ، ولماذا لم يسجد ، ولماذا استكبر ؟
في الايات التالية اجابة لهذه الاسئلة ولكننا نستبق السياق لنقول : ان لكل جانب من قوى الطبيعة ملكا موكلا به ، و الملائكة كلهم سجدوا لادم ، ومن خلالهم سخرت قوى الطبيعة كلها للانسان ( بالعلم ) ، ولكن هنالك ما وكل بقوة طبيعية لم يسجد للانسان ، وعلى الانسان ان يخضعه و ليضمن سجوده فمن هو ؟ وماذا يمثل من الطبيعة ؟
انه ابليس ، الموكل بطبيعة الانسان ذاته ( النفس الامارة بالسوء ) .
فاذا اخضع الانسان طبيعته التي وكل بها ابليس ، وجعلها تسجد له انئذ استطاع ان يسخر الحياة كلها .
بيد ان اكثر الناس يغفلون عن هذه الحقيقة فتصرعهم طبيعتهم ، ومنهم بالطبع ابونا آدم في قصة الخطيئة الاولى فلننظر كيف صرعته طبيعته ، و خدعه ابليسه ؟
(( وقلنا يا ادم اسكن انت و زوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) فازلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ]ان ابليس ازل أبانا آدم و زوجه ، ولكن بماذا ، بتلك الطبيعة الموجودة عندهما ، فأخرجا من الجنة و ابعدا عن الطبيعة المسخرة لهما . وهكذا سوف يزل ابليس ابناء آدم ، و يبعدهم عن الجنة في الاخرة ، وعما سخر الله للانسان في الحياة من النعم . اذا اطاعوه .
ما هي هذه الشجرة التي نهى الله آدم عن الاقتراب اليها ، هل كانت شجرة التفاح ، ام العنب ، ام كانت الحنطة ، ام ماذا ؟ ليس المهم ان نفهم ذلك بل المهم ان نعرف العبرة من وراء القصة ، وهي : ان في الطبيعة اشياء تضر الانسان وقد نهى الله عنها ، وعلى الانسانان يبتعد عنها حتى يتمكن من الاستمرار في تسخير الحياة . ولكن ابليس يثير النفــس الامــارة بالسوء ، ولا يدع الانسان حتى يدفعه الى تلك الاشياء المنهي عنها الضارة . وهنا يطرح هذا السؤال :
كيف يخرج الانسان من جنة النعم حين يرتكب الخطيئة و يتبع الشيطان و النفس الامارة بالسوء ؟
الجواب هناك طرق شتى : ولكن ابرزها هبوط الانسان الى مستنقع الخلافات البشرية حيث يبدأ الناس بظلم بعضهم البعض .
(( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع الى حين )) وفي مواجهة الصراع بين البشر بعضه مع البعض ، وفي مواجهة الطبيعة الشريرة المدعومة بأبليس في داخل النفس البشرية ، يصاب الانسان بالضعف و الجهل . وهنا تسعفه رسالات الله بالهدى ، فمن تمسك بهذا الهدى نجى ، ومن لم يتمسك ضل ضلالا مبينا .
اما ابونا آدم - عليه السلام - فقد تمسك به جيدا مما يثير بان المطاف سينتهي بانتصار الانسان على طبيعته الشريرة بفضل هدى الرب سبحانه .
((فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه انه هو التواب الرحيم )) ماذا كانت تلك الكلمات لعلها كانت رسالة الله الى آدم حسب حاجاته و حاجات مجتمعه الناشيء ، وفي النصوص المأثورة : انها كانت اسماء النبي محمد (ص) وآله حيث دعا بهم آدم ربه فاستجاب له دعاءه .
و اصبحت تلك سنة الله تعالى انه يبعث رسالته الى الناس لينقذهم من طبيعتهم الشريرة ومن صراعهم مع بعضهم ..
[ قلنا اهبطوا منها جميعا فأما يأتينكم مني هدى ]
فعلى الجميع اتباع ذلك الهدى .
[ فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ]
والله أعــــــــــلم، بصحة كل ما ورد أعلاه.