
حسين بن علي بن سعيد حاردان طالب بالصف العاشر في مدرسة القنطرة للتعليم الأساسي للبنين بتعليمية ظفار، مواليد 1998، لم يتعد عمره خمسة عشر عاما، ولكن صغر سنه لم يقف في طريقه للإبداع والتميز، شارك بابتكاره (جهاز التحكم بمستويات المياه)، ووضع لنفسه بصمة على منصات تتويج مختلفة في العديد من المحافل والمسابقات المحلية وحتى الدولية، وكان معه هذا الحوار لنتعرف عليه أكثر.
ما هي المراكز التي حصلت عليها من مشاركاتك في المسابقات المختلفة؟
“شاركت في العديد من المسابقات المختلفة، وحصلت على عدة مراكز، فقد حصلت على المركز الأول على مستوى محافظة ظفار في كل من مسابقة التنمية المعرفية والنادي العلمي، ومخترعي العام من الشباب، أما على مستوى الوزارة فقد حصلت على المركز الثاني في مسابقة النادي العلمي، والمركز العاشر في مسابقة التنمية المعرفية، والمركز الخامس في مسابقة مخترعي العام من الشباب، إضافة الى مشاركتي في مسابقة أنتل للعلوم التابعة لمنظمة اليونيسكو في المملكة الأردنية الهاشمية، تحت رعاية الملكة رانيا العبدالله، كما شاركت في مسابقة المجلس العربي للموهوبين والمبدعين العرب في دورتها الأولى 2013 في الأردن، وحصلت فيها على المركز الثالث على مستوى الوطن العربي، وذلك تقديرا منهم لي على ابتكاري لجهاز تحكم في مستويات المياه، وقد تم اختيار ابتكاري من ضمن أفضل عشرة ابتكارات علمية تطبيقية في السلطنة بمعرض الابتكارات العمانية، كما أنني حاليا رئيس مجلس الطلاب في مسابقة النظافة ولي بعض الإسهامات في بعض المؤسسات التي لها مبادرات خيرية.
وايضا قمت بتقديم العديد من أوراق العمل في ملتقيات متنوعة، ولدي موهبة كتابة القصص القصيرة، وأنا مشارك بقصة قصيرة بعنوان “حلم ليلى” في مسابقة جمعية القدس على مستوى الوطن العربي.
كما أن لدي موهبة التقديم ، حيث قمت بالتقديم في برامج ومحافل متعددة منها استوديو العدسة السينمائية، اضافة إلى بعض برامج الأطفال في مهرجان صلالة، كما قدمت جلسة حوارية بعنوان “قضية التوحد” مع سعادة الشيخ “سالم بيت سعيد” عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صلالة، والشيخ المهندس “سالم بن عوض اليافعي” عضو المجلس البلدي ممثل ولاية صلالة.
براءة اختراع
حدثنا عن بدايات الابتكار الذي قدمته ؟
البداية كانت من المنطقة التي أسكن بها، حيث لا يوجد بها توصيل حكومي للمياه، ولا تصلنا المياه إلا بواسطة الشاحنات، وتكمن المشكلة حينما تفرّغ الشاحنة مياهها في الخزان، فحينما يمتلئ الخزان يتم فقدان كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي ازعجني، إضافة إلى تأخر الشاحنة عن توصيل المياه إلى المنازل الأخرى، فانطلاقا من المشاكل التي يعاني منها المواطنون والمزارعون، ومن منطلق ” الحاجة أم الاختراع” قمت بعمل جهاز يتحكم في مستويات المياه في خزانات المباني، حيث من خلاله نستطيع التحكم في مستويات ارتفاع الماء، و فكرته عبارة عن مفتاح كهربائي يفتح ويغلق اتوماتيكيا بضغط الهواء، ويساهم الجهاز في حل مشكلة توصيل المياه إلى الطوابق العلوية والاقتصاد بمنسوب المياه.
هل لديك براءة اختراع أو ملكية فكرية؟
لا،ولكن أتمنى أن يكون لدي براءة اختراع وملكية فكرية لابتكاري، لأتمكن من تطبيقه وبيعه، وللاستفادة منه بالشكل المطلوب. ومشروعي حاليا مطبق في المدرسة فقط، وقد أراد العديدون الاستفادة من الابتكار، ولكنني غير مستعد أن يتم سرقة فكرتي، لذلك لا أسرف كثيرا في الشرح حول تفاصيل فكرة ابتكاري لأني لا أمتلك براءة اختراع، كما أتمنى من مركز البحث العلمي إضافة إلى ما يقدمه من جهود أن يبحث عن الكوادر المبدعة والموهوبة.
حدثنا عن الدعم الذي تجده أيا كان نوعه؟
بالنسبة للدعم والتشجيع فهو يبدأ من عائلتي التي وفرت لي الدعم بشقيه المادي والمعنوي وهذا ما يدفعني إلى الأمام، ولا أنسى دور مدرستي و الأستاذ طارق منصور الذي كان مشرفاً على المشروع، كذلك دور الهيئة التدريسية والإدارية بمدرسة القنطرة التي شجعتني ودعمتني معنويا وماديا وساعدتني في مواجهة كل الصعوبات التي تعيق الوصول لهذه المكانة. وأنا أحتاج إلى الكثير من الدعم أيضا لأبدع أكثر و أكثر، وأتمنى من الجهات المعنية الاهتمام بابتكارات الطلاب ومشاريعهم، حيث يجب أن يكون هناك إيمان بأن هذه الابتكارات قد تصبح يوما ما صناعة رائجة في أسواق بلادنا أو في العالم.
تحديات وعقبات
هل وصولك للمرحلة الثانوية يمكن أن يعيقك أو يوقفك عن استمرار ماتفعله؟ وما هي العوائق والتحديات التي مررت بها ؟
لا هو لن يعيقني ولن يقف في طريقي، ولكن لابد أن أتوقف بشكل مؤقت من أجل أن أحصل على النسبة العالية التي ستساعدني في إكمال مشوار نجاحي.
أما بالنسبة للصعوبات التي اعترضت طريقي فقد تمثلت في صعوبة التوفيق بين الدراسة والإعداد للمشروع، حيث كنت أتأخر عن بعض الحصص بسبب انشغالي بالعمل في النادي العلمي الذي يحتا ج إلى الكثير من الوقت لتحضير الأجهزة، وكذلك المشاركة في المسابقات العلمية سواء على مستوى المحافظة أو على مستوى السلطنة، ولكن لله الحمد لم يؤثر هذا على مستواي الدراسي حيث أحصل على المركز الأول دائما، إلا في الصف العاشر حصلت على المركز الثالث بسبب ما اسلفت ذكره، كما أن هناك صعوبة في الحصول على المواد الفنية التي تتطلبها عملية تكوين الأجهزة الالكترونية.
ولكني استمد القوة والثقة دائما عندما أرى الابتسامة على وجوه أفراد عائلتي و أصحابي، حينها أحس بأني فعلا أنجزت كما أن هذا الشعور يدفعني للاستمرار والإبداع، بالإضافة إلى تشجيعهم ودعمهم المتواصل، كما أن حب الناس لي وافتخارهم بما أفعله كفيل بدفعي لأحافظ على الصورة الإيجابية التي وضعوني فيها.
وبالحديث عن التحديات أحب أن أسلط الضوء على التحديات التي تعيق الإبداع في السلطنة وهي عدم الاهتمام بالمشاركة في الأنشطة التربوية بشكل كاف وذلك لما لها من دور كبير في استكشاف مواهب الطلبة، إضافة إلى عدم إدراك الشباب لمفهوم الإبداع، وكذلك إلى وجود من أسميهم “بمحاربي الابداع” وهم من يحبطك ويهدم قدارتك .
هل ترى البيئة في السلطنة محفزة للإبداع؟
نعم، من خلال تجربتي أرى أن البيئة في السلطنة محفزة جدا للابداع، كما أن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله – يولي اهتماما كبيرا بالشباب لأنهم بناة مستقبل عمان، وهذا يظهر فيما يقدمه الجانب الحكومي من اهتمام ودعم من خلال العديد من الوزارات التي برزت في تنمية المهارات والقدرات لدى الشباب العماني كوزارة التربية والتعليم و وزارة التعليم العالي التي تنظم وتقيم العديد من المسابقات المختلفة التي تستهدف جميع الطلاب في مختلف ربوع السلطنة لاكتشاف مواهبهم، وحول هذا الأمر لي رسالة أوجهها للجهات الخاصة وهي مناشدتهم لخدمة الشباب المبدع والمساهمة في تطويره، لتكتمل مسيرة الإبداع في السلطنة.
طموحات و أحلام
إلى ماذا تطمح ؟
أطمح إلى أن أعمل في إحدى سفارات السلطنة لأكون سفيرا للأخلاق والإسلام والتسامح، كما أطمح إلى أن أدرس في أفضل جامعة في العالم بإذن الله مهما بعد مكانها، وعلى وجه الخصوص أتمنى دراسة تخصص العلوم السياسية والعلاقات الدولية، لأعود إلى عمان قادرا وجاهزا على الإبداع على أرضها وليعود ذلك علي وعليها بالنفع.
وفي الحقيقة إني أرى نفسي إلى الآن في أول خطواتي، ولا يزال الطريق طويلا وشاقا بالرغم كل ما أنجزته، وأرى أن أعمالي السابقة ليست كافية و أقر أنني أطمح إلى المزيد لأصل لأعلى المراتب، وسأتخطى كل العقبات وسأسعى دوما لأرى الجانب المشرق من حياتي، وشعاري “كل الشباب العماني مبدع، وبإمكانهم النجاح، كل إنسان لديه هدف ورسالة في حياته”.
ماهي الرسالة التي ترغب بتوجيهها إلى الجميع ؟ وهل ترى العمر عائقا في طريق النجاح؟
لدي رسالة لجميع الشباب العماني، وهي ضرورة أن يكون لكل واحد منا في هذه الحياة هدف يرغب بتحقيقه، كما يجب علينا السعي للوصول إليه بالبحث عن السبل والطرق التي تؤدي إليه، وتخطي العثرات التي تقف في وجه نجاحه، كما لابد وأن تكون لكل منا رسالة يرغب بإيصالها إلى العالم، ولن نتمكن من ذلك إلا بالعزيمة والإرادة،حيث إنك ان تملكتهما فستبلغ هدفك وستصل رسالتك، وإن كنت لاتمتلكهما فتدارك الوقت واجعلهما واجهتك”.
كما أفضل أن يكون لكل شخص قدوة أو مثل أعلى ليكون كسائق له إلى النجاح، ومن الجدير بالذكر أنه في كل يوم نرى شخصية جديدة تبرز نفسها في عالم الإبداع لنحذو حذوها، وفي حياتي أقتدي بالعديدين ولكن تعجبني قصة الشيخ سهيل بهوان، حيث أراها قصة ناجحة جدا لنقتدي بها. واضاف موضحا: “إن العمر ليس بعائق أبدا في طريق النجاح والإبداع، يمكننا أن نكون شخصيات مؤثرة في العالم يقتدي بها الآخرون عن طريق أفعالنا لا بأعمارنا، فالعمر ليس مقياسا أبدا على النجاح، وإنما على مدى النجاح الذي أنجزه الصغير أو الكبير يقاس الإبداع”.