إقرأواستمتع : خطاب النصر الذي ألقاه السلطان قابوس عام 1976 م

    • إقرأواستمتع : خطاب النصر الذي ألقاه السلطان قابوس عام 1976 م



      خطاب صاحب الجلالة بمناسبة النصر


      بسم الله الرحمن الرحيم

      أحمد الله حمد من وطر الإيمان بقلبه فاستوثق بوعد ربه في قوله عز وجل: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين). حمد مستيقن بأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وصلاة وسلاماً على رسول الله نبينا محمد الذي دعا إلى الإسلام وثبت دعائم السلام بذباب الحسام فانتشرت الدعوة الإسلامية ارشاداً بتبيان اللسان ودعماً وتثبيتاً بلسان السنان.

      أيها المواطنون
      إنني أحيي تجمعكم الحماسي هذا وأهنئكم تهنئة العزة والكرامة، على اندحار أذناب الشيوعية من تراب وطننا العزيز، وشاء الله أن يكون هذا الانتصار مسك ختام احتفالاتنا بالعيد الوطني الذي افتتحنا فيه بحمد الله مشاريع عمرانية عديدة. كما شاءت إرادة الله الحكيمة أن يكون انتصارنا هذا فاتحة سعيدة نحتفل فيها بعيدين مباركين.. عيد النصر وعيد الأضحى المجيد، فلذلك أهديكم التهنئة المزدوجة بالعيدين معا.

      أيها المواطنون
      تهنئة طيبة مباركة تبشر بالأمن والاطمئنان بعيد الأضحى المجيد مقرونة بتهنئة متوجة بالكرامة والاعتزاز بعيد النصر المبين.

      أيها المواطنون
      عيد الأضحى هو ذكرى أبينا ابراهيم عليه السلام. حيث صمم على التضحية بولده إسماعيل امتثالاً لأمر ربه وفداه الله بذبح عظيم. وعيد النصر هو ثمرة تضحية أبنائنا الجنود والفرق الوطنية وكل من ساهم وساعد من الأصدقاء، إنها تضحية بذلوا فيها النفوس وقدموها كقرابين مقدسة لينقذوا أوطانهم ويفدوا إسلامهم ويفدوا السلام والأمان من عبث الشيوعية داعية الرعب والفساد في الأرض، والحمد لله حيث تقبل عز وجل الفداء وأنزل نصراً وتثبيتاً من عنده وطرد المعتدين الباغين.

      يا أبناء عُمان البواسل
      إني إذ أحيي احتفالكم اليوم وأبارك انتصاركم على عصابة البغي في جزء من الوطن العزيز، فإني أبارك هذا الانتصار لا لأنكم طردتم المعتدين من البلاد فحسب بل ودحرتم مخططات الشيوعية العالمية ونكستم رؤوس الإلحاد التي ظنت أنها لن تغلب، لذلك فانتصارنا هذا بحمد الله هو أول انتصار على الشيوعية العالمية تقوم بها دولة عربية في ميدان القتال. في حرب دامت سنين طويلة وثاني انتصار تقوم به دولة عالمية. وانه لخير عميم أيها الأبناء أن تطهر البلاد من الفساد الشيوعي، انه لخير لنا ولعله خير لجيراننا أيضاً، إذ عرفناهم الحق وانتشلناهم من أوهامهم في تأييد ومؤازرة أناس مفسدين يقومون بالرعب والقتل والدمار في جزء من بلاد آمنة مطمئنة، يقتلون أخوة لهم ويسلبون أموالهم ويخربون بيوتهم لا لشيء إلا للرعب والنهب والخراب، فأرجو أن يعلم جيراننا أننا صادقون فيما قلناه أولاً وصادقون فيما نقوله أبداً. إنه من الخير لجيراننا ونحن نحتفل بعيد الأضحى من الخير أن يضحوا بأهوائهم الباطلة ومعتقداتهم الفاسدة وأفكارهم المشوشة ومبادئهم المستوردة عسى الله أن يتقبل منهم ويعوضهم أمناً في ديارهم وبركة في ثمارهم وعافية في أجسامهم ليستريح شعبهم من التشرد والجوع والمرض والجهل.

      أيها المواطنون..
      إن انتهاء فلول الشيوعية من جبال ظفار ليس معناه انتصاراً على شراذم قليلة قاموا بالبغي والفساد فحسب، ولكنه كشف واضح لحقيقة ثابتة وهي أن عماننا العزيزة أرض طاهرة لا تقبل بذور الحركة الشيوعية مهما حشدوا لها من طاقات، وانتصارنا هذا يؤكد فشل الحركة العالمية الشيوعية في عُمان وذلك من فضل الله ولله المنة.

      يا أبناء عُمان..
      نحن وان كنا حققنا نصراً عظيماً له قيمته الكبرى وله وقعه الثقيل في الأوساط السياسية، فليس معنى هذا أن نرتاح ونلقي السلاح، لا.. فعلينا الآن أن نكون أشد حذراً، لأن الشيوعية الدولية التي صدمت في كبريائها وخفف من غلوائها، سوف تعتبر عُمان الفأس التي حطمت صخرة الشيوعية والرمح الذي طعنها في الصميم، لذلك فسوف تكن عداء حاقداً، وتبتكر أساليب جديدة وتنسج حبائل مبتكرة وسوف تستعمل ضعاف العقول ومريضي القلوب، أناساً إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة.

      أولئك ــ أيها المواطنون ــ سرطان الأمم، نعوذ الله منها، فاحذروهم أيها الموطنون. وبصفتي أتحمل المسؤولية الكبرى فإني أهيب بأبناء عُمان فرداً فرداً سواء كان جندياً أو مواطناً في الحقل كان أو في المصنع أو معلماً، أهيب بكم جميعاً وأخص بالتحذير المسؤولين في الجهاز الحكومي كتاباً ومدراء ومستشارين ووزراء، فعلى كل هؤلاء مسؤولية عليه أن يتحملها، وقسط من عبء عليه أن يقوم به، يا أبناء عُمان، إني وان كنت واثقاً بنصر الله وتأييده راجياً من الله جلّت قدرته أن يحرس عمان برعايته ويكلأها بعنايته، غير إننا لا نترك أوامر الله عز وجل، حيث أمر بالحزم والأخذ بالعزم، وأحمد الله اني واثق باخلاصكم، متأكد من انتباهكم، فخوراً بيقظتكم. فسيروا على بركة الله مجدين مجتهدين عاملين على رقي هذا البلد الأمين ورفعة شأنه.. وتحية من الأعماق لجنودنا البواسل، وسلاماً وإعجاباً لفرقنا الوطنية، وشكراً وتقديراً لأصدقائنا الكرام، وثناء لكل من ساهم في إحراز هذا النصر الكبير.. والله أسأل، وهو خير مسؤول، أن يمدنا بعونه ويؤيدنا بروح من عنده، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. وكل عام والجميع بخير تام.

      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته




      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ