اثنتا عشرة عادة سيئة تعوق تقدم الطيبين – الجزء الأول - shabayek

    • اثنتا عشرة عادة سيئة تعوق تقدم الطيبين – الجزء الأول - shabayek

      تعج مدونة شبايك بالمقالات التي تزكي وتشرح كل عادة طيبة، لكن الحال يحتاج أيضا للحديث عن كل عادة سيئة تحبس صاحبها عن نيل نصيبه من النجاح في هذه الدنيا، الأمر الذي جعلني اختار تلخيص كتاب يحمل عنوان هذه التدوينة أو The 12 Bad Habits That Hold Good People Back وفيه حاول المؤلفان (جيمس والدرووب و تيموثي بتلر، من خريجي مدرسة هارفارد للأعمال) تقديم طريقة جديدة للتحفيز الذاتي وللتشجيع الداخلي ولمحاولة تيسير الحل الذاتي للمشاكل النفسية لكل منا. المؤلفان يمكن أن نطلق على كل منهما لقب طبيب نفسي للأعمال، ومدرب تنفيذي للنجاح، تخصص كل منهما في معالجة المشاكل التي تعوق نجاح الأشخاص العاديين، ومن واقع مشاهدتهما وخبراتهما، وضعا هذا الكتاب. لنبدأ:

      [h=4]العادة السيئة الأولى: الشعور بالنقص وأنك لا تستحق الأفضل[/h]أسوأ عدو يمكن أن تقابله يوما هو نفسك، حين يقول لك صوتك الداخلي أنك أقل شأنا ممن أمامك، وأنك أدنى من الآخرين، وأنهم يعرفون أكثر منك ولذا فهم أفضل منك لتنفيذ المطلوب. هذا الشعور الداخلي يصيبك بالشلل وبالعجز – العجز عن التفكير الإيجابي وعن الحركة للأمام. هذا الشعور يجعلك دفاعيا مندفعا دون هوادة أو تدبر.
      [h=4]2 – رؤية العالم من منظور الأبيض و الأسود[/h]في هذه الدنيا، لا وجود لشيء مطلق. لا يوجد ما هو كامل 100% أو ناقص 100% وهذه هي المعضلة التي يقضي الانسان حياته كلها ليدركها ويدرك أنها بلا حل، وأن على الانسان قبول حقيقة أن هناك درجات لا حصر لها ما بين الأبيض والأسود، هذه الدرجات هي حيث نعيش. لا يمكنك أن تمارس عملك من منظور أن كل شيء حولك إما أبيض أو أسود، ناجح أو فاشل، صحيح أو خطأ. كل شيء نسبي، وعليه فأفعالك ستكون ما بين الصحة والخطأ، وكذلك أفعال من هم في حياتك، وما يزيد المسألة صعوبة، هو أن قواعد الصحة والخطأ تتغير مع الوقت، وإذا كنت تظن أنك اليوم أقرب للصحة، ففي الغد قد تكتشف عكس ذلك.
      الآن حين ترفض كل ذلك وتصنف الناس هذا على صواب 100% وهذا على خطأ كل الوقت، فأنت تعارض الطبيعة والخِلقة، وبالتالي لن تهنأ لك حياة. اللون الرمادي هو السائد، والسؤال هو ما الدرجة اللونية لهذا الرمادي، وهل هي تزيد أم تقل. لا تتشدد فيتشدد عليك من حولك. كن مرنا، مستعدا لتغيير رأيك في الأشياء وفي الناس، وارتك لنفسك خط رجعة. ليس المقصود أن تكون مترددا، بل ألا تكون متزمتا عنيدا، متمسكا برأيك حتى الموت. هناك أشياء كثيرة تفاوض عليها، وهناك أشياء قلة لا مفاوضة عليها. كيف تعرف هذا من ذلك؟ هذه هي رسالتك في هذه الحياة، لكن كن مرنا متقبلا للرمادي بمختلف درجاته.
      [h=4]3 – الإفراط في الفعل[/h]هل تمر عليك أوقات تجد نفسك مندفعا في عمل شيء ما، دون أن تجد تعاطفا أو مشاركة من الآخرين؟ هل أنت مثل الشمعة تحترق، بينما من حولك غير مهتمين أو مكترثين ولا يمدون لك يد المساعدة؟ هل تشارك في آلاف المشاريع في وقت واحد، ما يجعلك تشعر دائما أنك مثل المطحون، مشغول بأكثر مما تسمح به ساعات اليوم، تئن تحت وطأة الالتزامات الكثيرة التي أقحمت نفسك فيها؟ هل تشعر وكأنك لا تستطيع إنجاز شيء ما على الوجه الذي يرضيك تماما؟ هل تشعر أنك قادر على فعل ما هو أحسن وأفضل مما عملته وفعلته لكنك لا تستطيع بلوغ مرحلة الرضا عما تفعله؟
      هذه علامات داء البطل السوبر، من يأخذ من وقته لتعطي الآخرين، وأغلب الظن أن هذا الشخص كذلك يزيد التوتر النفسي للآخرين بسبب ما يفعله. هذه أفعال انسان لحوح بدرجة مرضية، مما يجعله شخصية غير محبوبة وبغيضة في بيئة العمل، لا يلقى تعاونا أو تساهلا من أقرانه، وهو لا يفوض من سلطاته ولا يثق في غيره. في نهاية الأمر، مثل هذا الانسان يلاقي مقاومة من داخله – من نفسه التي لا ترضى، ومن بيئته الخارجية، ذلك أن البشر بطبيعتها لا تحب مثل هذه الشخصية المتسلطة.
      إذا وجدت هذه الصفات فيك، فاكسر هذا الطوق واخرج من هذه الحلقة، تعلم أن تثق في الناس وتدرب على تفويض سلطاتك والسماح لأعضاء فريقك باتخاذ قرارات من اختصاصك. اعلم أن البشر أبناء النقص، فاقبل نقصهم وضعفهم، وشجع الاجتهاد والمحاولات، وتقبل الأخطاء على أنها طبيعة بشرية فلسنا ملائكة ولا أبطال سوبر.
      [h=4]4 – تجنب الصراعات بأي ثمن[/h]على الجهة الأخرى، يميل البعض – ربما بشكل غير شعوري – لتجنب أي صراع – فكري أو بدني – مع أي شخص آخر. لا يقف الأمر عند هذا الحد، فهذا الشخص قد يتدخل أيضا وربما بدون حاجة لذلك لمنع أي شخص من مواجهة شخص آخر. الصراع لا يجب أن يكون عراكا بالأيدي والأرجل، لكن الصراع المقصود هنا هو النقاش وتوضيح الأخطاء وتبادل الآراء المتعارضة، في سياق حضاري لا همجي. الله عز وجل خلق البشر مختلفين، وسيظلون مختلفين، بل إن الانسان نفسه، يبدأ شبابه معتنقا لبعض الأفكار، ثم يكفر بها عند كبر سنه، بعدما عركته الحياة وأكسبته الخبرة.
      بعض المواقف في الحياة تجبرك على أن تختلف في الرأي وتقف معارضا من حولك وتدافع عن آرائك ومعتقداتك. محاولة كسب ود كل من حولك معركة أنت أول وأكبر خاسر فيها. مهما اجتهدت ستختلف مع من تحب ولو كانوا والديك. الخلاف ليس شيئا سيئا، فهو شيء ولدنا به ولا يمكننا الفرار منه. في بيئة العمل، سيختلف أعضاء الفريق الواحد، وسيختلف الرئيس والمرؤوس، والذكي من يدير الخلاف بشكل منتج، دون تجاوزات شخصية أو تطاولات. إذا كنت ممن يرتعبون من أي خلاف، ويؤثرون السلامة ولو على حساب أنفسهم، فأنت تسير على طريق نهايته فيها خسارتك لنفسك ولشخصيتك، وتحولك من إيجابي لسلبي ومن حر لعبد، ومن صاحب رأي إلى تابع. لا تفعل ذلك بنفسك!
      [h=4]5 – التصرف بهمجية مع المعارضين[/h]هل أنت ممن يخفضون جناحهم فقط لمن يوافقون على كل ما تقوله وينفذون كل ما تأمر به، ومن يخالف أمرك تنقلب عليه وتعارضه بشكل جنوني وتجعل العقل والحكمة يخرجان من معادلة التفكير؟ هل تهاجم وتخاصم كل من عارضك ولو في أمر صغير، وتنسى له أي جميل، وتنكر عليه الرأي والخبرة؟ هل إذا كنت في فريق وكنت على خلاف فكري مع عضو فيه، تعمدت أن يخسر الفريق وأن يتراجع أداؤه نكاية في المختلف معك وحبا في تدميره؟ لا تفعل! هذه العقلية والطريقة الصبيانية في التفكير ذات أثر سلبي على بيئة العمل، إذ تنتشر مثل العدوى وفجأة تجد روح الخصام والغضب تنتشر ويبدأ الكل في الرغبة في تدمير الآخرين!
      علاج هذه المشكلة يبدأ بأن تعتذر لمن مارست هذه الأفعال معه، وأن تجبر نفسك على مناقشته في سبب الخلاف وتعرض وجهة نظرك، وأن تتقبل رأيه وتحترم إصراره على الخلاف مع رأيك، وإذا وجدت نفسك على وشك الانفجار في موجة غضب مماثلة مع أحدهم، توقف فورا وهدئ من هذا الغضب. اشرح وجهة نظرك بشكل هادئ وحضاري وتقبل حقيقة أن البشر تختلف وتتفق طوال الوقت.
      [h=4]6 – ثائر يبحث عن سبب لثورته[/h]الثورة الفكرية أمر مرغوب ومحبوب، مثل أن تثور على التقليدي وتأتي بأمر جديد غير مسبوق، مثل منتج أو فكرة إعلان أو خدمة لم يفكر أحد في تقديمها رغم وجود حاجة لها. أما ما يجب الحذر منه هنا فهو من تجده يأتي للعمل مرتديا ثيابا ترفضها قواعد العمل في المؤسسة لسبب وجيه، أو من يتعمد التأخر في الوصول للعمل أو التغيب أو ما شابه. من يتحدى كل شيء، لا لشيء. الثورة على الأمر الواقع تكون أحيانا ذات نتائج إيجابية، طالما كان لها سبب وجيه يبررها.
      أما من يثور لأنه يحب أن يثور وحسب، لكنه لا يجد سببا وجيها ليثور بسببه، فيثور أولا ثم يفكر في سبب لهذه الثورة بعدها، فهذا انسان يريد تدمير نفسه، وكما هي العادة، من يجتهد في أمر سيحققه. الغضب للغضب في حد ذاته أمر مرفوض. قد تجد نفسك ثائرا لأن في حياتك من هو ثائر بلا سبب فتقلده دون أن تشعر، أو تنتقل لك عدوى عدم الرضا فتنفجر في موجة غضب غير مبرر أو تغضب دون أن تعرف السبب الفعلي لغضبك. الغضب والثورة فقط لكي تكون محط الأنظار وبؤرة الاهتمام ذات نهاية درامية، فمن يفعل ذلك هو انسان مخادع كاذب، سرعان ما ينحسر عنه الضوء وتبقى له حقيقته. إذا كنت تشعر بغضب ورغبة في الثورة، توقف وناقش نفسك حتى تعرف منها الأسباب الحقيقية لهذا الشعور، ثم حاول معالجة هذه الأسباب.
      أتوقف هنا لالتقاط بعض الأنفاس، على وعد بأن أكمل في أقرب وقت، ولا تنسوني من صالح دعائكم.