لم يكن واردا فى الأصل مسألة أن إخفاق الوزارة التركية الجديدة فى الحصول على الثقة، بفضل الأغلبية التى يتمتع بها حزب العدالة والتنمية، لكن اللافت فى مشهد الكراسى الموسيقية والذى وضع مفرداته تفصيلا رجب طيب اردوغان قبل أن يذهب إلى القصر الجمهورى ليتبوأ عرشه، ومحتفظا فى الوقت نفسه بهيمنته على السلطة التنفيذية برمتها، هو عزوف نواب من حزبه عن المشاركة ، وقد فسره مراقبون هذا بأنه إشارة لرفضهم مبدأ فرض الأمر الواقع، اى تصعيد داود اوغلو لرئاسة مجلس الوزراء .
غير أن آمورا ثلاثة ، بدت لأهل الحكم «فالا سيئا»، بيد أنهم أضاعوا عليهم بهجة التشكيل الحكومى والذى يراد منه تدشين تركيا الجديدة، والمفترض أن يقوم اردوغان نفسه ـ دون أدنى مبالغة ــ بقص شريط إكتمالها فى اكتوبر عام 2023 وهو تاريخ مرور مائة عام على ميلاد الجمهورية.
الأمر الأول : جاء إعلان قائمة الحقائب الوزارية بالتزامن مع ختام فعاليات المؤتمر الطارئ لحزب الشعب الجمهورى المعارض، والذى دعا إليه بعض أعضائه بعد إخفاق مرشح الحزب، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الاسلامى الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو فى الانتخابات الرئاسية ، التى جرت فى العاشر من أغسطس المنصرم. فعلى عكس ما كان يتمناه أصحاب المصلحة الذين سعوا جاهدين إلى خلق فوضى فى الكيان السياسى الأقدم بالاناضول ما بعد حقبة الامبراطورية العثمانية ، أختار الحزب مجددا وللمرة الثالثة على التوالى كمال كيلتش دار أوغلو زعيما له فى إقتراع حصل فيه كليتش على 740 صوتا من مجموع 1181 ، مقابل 415 لمنافسه محرم اينجه النائب عن مدينة يالوفا ، فى دلالة لا تتمثل فقط بفشل محاولات الوقيعة وإشاعة الفتنة فى اروقة اكبر أحزاب المعارضة، بل اكسبت قيادته مزيدا من التأييد وهو حتما سيعضد من قدرته على إحراز تقدم فى الاستحقاق البرلمانى الذى سيجرى بعد ثمانية أشهر.
ولم تمض ساعات بعد على أصابع اليد الواحدة ــ وهذا هو الأمر الثانى ــ إلا وتبث الميديا فى ساعة مبكرة من صباح السبت خبرا مفزعا عن مقتل عشرة اشخاص دفعة واحدة فى سقوط مصعد من الدور الثانى والثلاثين لبناية قيد الإنشاء بحى مجيدى كوى وسط اسطنبول ، ليزيد جراح المواطنين الذين نددوا بالحكومة والقائمين على البناية لإهمالهم وعدم اتخاذ اى تدابير أمنية لتلافى مثل هذه الاحداث المؤلمة والتى تتكرر بين الحين والآخر . وعلى الفور طفت على السطح مأساة إنفجار منجم سوما غرب البلاد بشهر مايو الماضى ، والذى راح ضحيته 310 عمال لم تجف دماؤهم بعد. وفى سياق اللامبالاة وإنعدام الرقابة ، كان الشطر الاوروبى من إسطنبول على موعد الاربعاء قبل الماضى مع حادث مؤلم تمثل فى إنهيار جسر مشاه بنى حديثا وافضى إلى مقتل مواطنين وجرح عشرة أخرين.
أما الأمر الثالث، أنه واثناء ما كان داود أوغلو يتحدث فيه أمام مناصرو العدالة والتنمية بمسقط راسه بمدينة كونيا وسط الاناضول بعد أن اصبح زعيمه ، عن الإنجازات وما ينتظر البلاد من مستقبل مبهر ، كانت تقارير تعبر عن تشاؤمها من الايام المقبلة فى ضوء حجم المديونية الهائلة التى سيتحملها الشعب التركى لدرجة جعلت البرلمانى البارز اوموت اوران أن يسخر من هذا الوضع المأساوى قائلا «إن الديون التى تركها 58 رئيس وزراء سابق على مدى ثمانية عقود وصلت لمبلغ 260.2 مليار ليرة ، ومع استلام الطيب منصب رئاسة الوزراء من عبد الله جول عام 2003 قفزت الى 636 مليار ليرة تركية اى ما يعادل 300 مليار دولار تقريبا وهو ما يعنى فى التحليل النهائى أن الديون ارتفعت خلال إحد عشر عاما ونصف العام إلى ما يزيد على الضعفين» ، ومعها اصبح اردوغان من اغنى الرؤساء فى العالم حيث يمتلك افراد عائلته اسطولا من السفن والشركات والمستشفيات والمؤسسات.
الأمر المثير أنه مع تصاعد حالة الاحتقان وعدم الرضا لدى شرائح عريضة من المجتمع ، تم اغلاق ملف التحقيقات مع 97 شخصا منهم بلال اردوغان نجل رئيس الجمهورية والذين سبق أن وجهت لهم إتهامات بالفساد فى الفضائح الشهيرة التى تم الكشف عنها فى 17 و25 ديسمبر الماضى وكان المدعى العام الجمهورى السابق معمر اككاش قد أقيل من منصبه عقابا له للتحقيق فى القضية.
فى المقابل، تواصلت حملات الاعتقالات التى طالت العشرات من رجال الأمن الذين كشفوا عمليات تخزين الاموال فى الأحذية والرشاوى ، والاتهامات كانت جاهزة ألا وهى القيام بانقلاب ضد حكومة العدالة والتنمية ، وهى نفسها التهم التى وجهت لعشرات الجنرالات والكتاب والصحفيين فيما سمى بالارجينكون وجميعها ثبت أنها ملفقة ولا أساس لها ، والدليل على ذلك ، أن ما اعلن من تبريرات لطى التحقيقات لم يجد صدى لا فى الشارع ولا فى أروقة القوى السياسية بمختلف أطيافها لإقتناعهم أن الفساد متجذر ، وأن الحكومة هى من قامت بالانقلاب على القانون. وقال يالتشين سميح، نائب رئيس حزب الحركة القومية، إن كلاً من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه داود أوغلو يحميان اللصوص فى تركيا الجديدة ، ويكفى ما قاله محمد فاتح يغيت ، نائب مدير الأمن الذى القى القبض عليه ضمن حملة الاعتقالات الأخيرة ،إن رئيس الوزراء السابق رئيس الجمهورية الحالى أردوغان هو من كان يحدد كيفية تقسيم نسب الأرباح التى يتم الحصول عليها من عطاءات الدولة التى قُدمت إلى رجال أعمال مقربين من الحزب الحاكم.
ولفت “ أيتون تشيراى “ نائب رئيس الشعب الجمهورى الانظار إلى أن ملف الفساد والرشوة أُغلق لأسباب سياسية وليست قانونية ووجه مصطفى كمالاك الرئيس العام لحزب سعادات،الذى أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، انتقادات لاذعة للحكومة واصفا قرار إغلاق التحقيقات بأنه أشبه بالانقلاب العسكرى فى 1980 لحماية الجنرالات الذين اطاحوا بالحياة المدنية ، وعلى أى حال فملف الفساد أغلق أو لم يغلق ، فسوف يلاحق أردوغان مدى حياته.
وفى إطار سعيها الذى لم يتوقف لفرض سطوتها على السلطة القضائية، اعلن وزير العدل بكير بوزداغ إن حكومته ستعرض على البرلمان بعد عودته من عطلته السنوية مستهل أكتوبر المقبل مشروع قرار لزيادة رواتب القضاة والمدعين العموم ، وهى خطوة وصفتها صحيفة زمان بأنها «رشوة حكومية» لحمل القضاة على اختيار أسماء مقربة وموالية لها، فى انتخابات المجلس الأعلى للقضاة، المقرر عقدها خلال الأيام المقبلة ، يأتى هذا وسط اجواء يسودها القلق وعدم الارتياح خشية أن يشهد القضاء موجة جديدة من التصفيات وممارسة مزيد من الضغوط عليه فى المرحلة المقبلة، فى حال فوز الأسماء الموالية للحكومة فى هذا المارثون الذى يستخدم فيه كل الوسائل حتى لا يأتى من يثير أمامها المتاعب بدعاوى إستقلال النظام القضائي.
[ATTACH=CONFIG]136598[/ATTACH]
غير أن آمورا ثلاثة ، بدت لأهل الحكم «فالا سيئا»، بيد أنهم أضاعوا عليهم بهجة التشكيل الحكومى والذى يراد منه تدشين تركيا الجديدة، والمفترض أن يقوم اردوغان نفسه ـ دون أدنى مبالغة ــ بقص شريط إكتمالها فى اكتوبر عام 2023 وهو تاريخ مرور مائة عام على ميلاد الجمهورية.
الأمر الأول : جاء إعلان قائمة الحقائب الوزارية بالتزامن مع ختام فعاليات المؤتمر الطارئ لحزب الشعب الجمهورى المعارض، والذى دعا إليه بعض أعضائه بعد إخفاق مرشح الحزب، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الاسلامى الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو فى الانتخابات الرئاسية ، التى جرت فى العاشر من أغسطس المنصرم. فعلى عكس ما كان يتمناه أصحاب المصلحة الذين سعوا جاهدين إلى خلق فوضى فى الكيان السياسى الأقدم بالاناضول ما بعد حقبة الامبراطورية العثمانية ، أختار الحزب مجددا وللمرة الثالثة على التوالى كمال كيلتش دار أوغلو زعيما له فى إقتراع حصل فيه كليتش على 740 صوتا من مجموع 1181 ، مقابل 415 لمنافسه محرم اينجه النائب عن مدينة يالوفا ، فى دلالة لا تتمثل فقط بفشل محاولات الوقيعة وإشاعة الفتنة فى اروقة اكبر أحزاب المعارضة، بل اكسبت قيادته مزيدا من التأييد وهو حتما سيعضد من قدرته على إحراز تقدم فى الاستحقاق البرلمانى الذى سيجرى بعد ثمانية أشهر.
ولم تمض ساعات بعد على أصابع اليد الواحدة ــ وهذا هو الأمر الثانى ــ إلا وتبث الميديا فى ساعة مبكرة من صباح السبت خبرا مفزعا عن مقتل عشرة اشخاص دفعة واحدة فى سقوط مصعد من الدور الثانى والثلاثين لبناية قيد الإنشاء بحى مجيدى كوى وسط اسطنبول ، ليزيد جراح المواطنين الذين نددوا بالحكومة والقائمين على البناية لإهمالهم وعدم اتخاذ اى تدابير أمنية لتلافى مثل هذه الاحداث المؤلمة والتى تتكرر بين الحين والآخر . وعلى الفور طفت على السطح مأساة إنفجار منجم سوما غرب البلاد بشهر مايو الماضى ، والذى راح ضحيته 310 عمال لم تجف دماؤهم بعد. وفى سياق اللامبالاة وإنعدام الرقابة ، كان الشطر الاوروبى من إسطنبول على موعد الاربعاء قبل الماضى مع حادث مؤلم تمثل فى إنهيار جسر مشاه بنى حديثا وافضى إلى مقتل مواطنين وجرح عشرة أخرين.
أما الأمر الثالث، أنه واثناء ما كان داود أوغلو يتحدث فيه أمام مناصرو العدالة والتنمية بمسقط راسه بمدينة كونيا وسط الاناضول بعد أن اصبح زعيمه ، عن الإنجازات وما ينتظر البلاد من مستقبل مبهر ، كانت تقارير تعبر عن تشاؤمها من الايام المقبلة فى ضوء حجم المديونية الهائلة التى سيتحملها الشعب التركى لدرجة جعلت البرلمانى البارز اوموت اوران أن يسخر من هذا الوضع المأساوى قائلا «إن الديون التى تركها 58 رئيس وزراء سابق على مدى ثمانية عقود وصلت لمبلغ 260.2 مليار ليرة ، ومع استلام الطيب منصب رئاسة الوزراء من عبد الله جول عام 2003 قفزت الى 636 مليار ليرة تركية اى ما يعادل 300 مليار دولار تقريبا وهو ما يعنى فى التحليل النهائى أن الديون ارتفعت خلال إحد عشر عاما ونصف العام إلى ما يزيد على الضعفين» ، ومعها اصبح اردوغان من اغنى الرؤساء فى العالم حيث يمتلك افراد عائلته اسطولا من السفن والشركات والمستشفيات والمؤسسات.
الأمر المثير أنه مع تصاعد حالة الاحتقان وعدم الرضا لدى شرائح عريضة من المجتمع ، تم اغلاق ملف التحقيقات مع 97 شخصا منهم بلال اردوغان نجل رئيس الجمهورية والذين سبق أن وجهت لهم إتهامات بالفساد فى الفضائح الشهيرة التى تم الكشف عنها فى 17 و25 ديسمبر الماضى وكان المدعى العام الجمهورى السابق معمر اككاش قد أقيل من منصبه عقابا له للتحقيق فى القضية.
فى المقابل، تواصلت حملات الاعتقالات التى طالت العشرات من رجال الأمن الذين كشفوا عمليات تخزين الاموال فى الأحذية والرشاوى ، والاتهامات كانت جاهزة ألا وهى القيام بانقلاب ضد حكومة العدالة والتنمية ، وهى نفسها التهم التى وجهت لعشرات الجنرالات والكتاب والصحفيين فيما سمى بالارجينكون وجميعها ثبت أنها ملفقة ولا أساس لها ، والدليل على ذلك ، أن ما اعلن من تبريرات لطى التحقيقات لم يجد صدى لا فى الشارع ولا فى أروقة القوى السياسية بمختلف أطيافها لإقتناعهم أن الفساد متجذر ، وأن الحكومة هى من قامت بالانقلاب على القانون. وقال يالتشين سميح، نائب رئيس حزب الحركة القومية، إن كلاً من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه داود أوغلو يحميان اللصوص فى تركيا الجديدة ، ويكفى ما قاله محمد فاتح يغيت ، نائب مدير الأمن الذى القى القبض عليه ضمن حملة الاعتقالات الأخيرة ،إن رئيس الوزراء السابق رئيس الجمهورية الحالى أردوغان هو من كان يحدد كيفية تقسيم نسب الأرباح التى يتم الحصول عليها من عطاءات الدولة التى قُدمت إلى رجال أعمال مقربين من الحزب الحاكم.
ولفت “ أيتون تشيراى “ نائب رئيس الشعب الجمهورى الانظار إلى أن ملف الفساد والرشوة أُغلق لأسباب سياسية وليست قانونية ووجه مصطفى كمالاك الرئيس العام لحزب سعادات،الذى أسسه رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان، انتقادات لاذعة للحكومة واصفا قرار إغلاق التحقيقات بأنه أشبه بالانقلاب العسكرى فى 1980 لحماية الجنرالات الذين اطاحوا بالحياة المدنية ، وعلى أى حال فملف الفساد أغلق أو لم يغلق ، فسوف يلاحق أردوغان مدى حياته.
وفى إطار سعيها الذى لم يتوقف لفرض سطوتها على السلطة القضائية، اعلن وزير العدل بكير بوزداغ إن حكومته ستعرض على البرلمان بعد عودته من عطلته السنوية مستهل أكتوبر المقبل مشروع قرار لزيادة رواتب القضاة والمدعين العموم ، وهى خطوة وصفتها صحيفة زمان بأنها «رشوة حكومية» لحمل القضاة على اختيار أسماء مقربة وموالية لها، فى انتخابات المجلس الأعلى للقضاة، المقرر عقدها خلال الأيام المقبلة ، يأتى هذا وسط اجواء يسودها القلق وعدم الارتياح خشية أن يشهد القضاء موجة جديدة من التصفيات وممارسة مزيد من الضغوط عليه فى المرحلة المقبلة، فى حال فوز الأسماء الموالية للحكومة فى هذا المارثون الذى يستخدم فيه كل الوسائل حتى لا يأتى من يثير أمامها المتاعب بدعاوى إستقلال النظام القضائي.
[ATTACH=CONFIG]136598[/ATTACH]
~!@q
تدور الايام بين رحايا العاشقين
غزل وهم وجراح مكروبين
فهل بشفتيكي اكون حزين
الدكتور شديد
أستمتعوا معنا في الاستوديو التحليلي بساحه الشعر المنقول
~!@q
شارك
shokry.ahlamontada.net