ملحمة شاب ....قصة مؤثرة

    • ملحمة شاب ....قصة مؤثرة

      ملحمة شاب الكاتب كالفين لويس فدج من كتاب شوربة الدجاج لحياة الاباء2
      كتبت :"أبي العزيز أود العودة إلى المنزل".بعد وقت طويل من التفكير وانا جالس بجانب طريق سريع مزدحم،مزقت الورقت نصفين و حولتها الى كرة صغيرة.لقد بدأت كتابة هذه القصة عدة مرات و لكنني لم أنهها ابدا.أريد العودة الى بيتي ،إلى والدي وأخواتي و لكن....
      لقد هربت من البيت بعد انتهائي من المدرسة الثانوية،فلقد أصر والدي على أن ألتحق بالجامعة، و لكني مللت التعليم،لقد كرهته،فقد عقدت العزم على عدم الذهاب،والى جانب ذلك،كان أبي متشددا جدا معي،فكان لابد أن أقوم بأعمال كثيرة في المزرعة،وقد كنت أكره هذا العمل!
      ذات يوم وقع شجار بيني و بين والدي،فجمعت بعض الاشياء في حقيبة و تركت المكان غاضبا و كان ابي ساعتها يصيح قائلا :"اذا رحلت،فلا تعد مرة اخرى" وكانت أمي تبكي بصوت عال و لقد رايت تلك الدموع في مئات الليالي التي لم أذق فيها طعما للنوم.
      فكان لابد من كتابة هذه الرسالة:
      أبي العزيز:
      لقد مضى أكثر من عام حتى الان،و لقد سافرت شرقا و غربا،و عمات في العديد من الاعمال و الوظائف. و لكني لم احصل منها على الكثير فكان دائما ما يطرح علي نفس السؤال:"ما مقدار التعليم الذي حصلت عليه؟"يبدو انهم يريدون دائما جامعيين للوظائف الجيدة.
      ابي، لقد كنت انت و امي على حق في كل شئ،وانني أعرف الان أن العمل في المزرعة لم يكن مؤلما لي، وانا مقتنع الان بانني أحتاج الى الجامعة،كما ااني مقتنع ايضا بانكم تحبونني.لم تكن تلك تلك الرساله سهلة في كتابتها، فلم يكن باستطاعتي كتابتها على مدار عام مضى.لقد قابلت أناس دمثي الخلق منذ أن كنت بعيدا عن المنزل،و قابلت ايضا اناس ذوي طباع سيئة و يتصفون بالعنف،و لقد ظننت ان باستطاعتي التعامل مع كل انواع البشر، و لكن لم يكن الامر سهلا احيانا،و خاصة ان لم يكن لي منزل جميل لالجأ الية مساء حيث اجد الحب و الامان.لم أكن بالفعل واعيا و لا مدركا لما يعنية البيت و الاسرة حتى اصبحت بعيدا لعدة شهور.
      أبي ، لقد تعلمت الدرس و اريد العودة الى المنزل أعرف انك قلت لي انني اذا غادرت فلا يمكنني العودة و لكني اتوسل اليك ان تغير رايك،انني اعرف انني اغضبتك ذلك اليوم و سببت لك الالم.
      لن الومك اذا رفضتني و لكن يجب ان اطلب هذا منك.اعرف انه كان يجب ان اكتب اليك قبل ذلك و لكنني كنت خائفا من انك لا تريد ان تسمع مني شيئا.
      اريد العودة الى بيتنا و ان اكون جزءا من الاسرة مرة اخرى و اود الذهاب الى الجامعة و ان اتعلم كيف اكون مزارعا ناجحا ، و حينئذ اذا سمحت لي يمكنني ان اعمل بالزراعة معك.
      انني في الطريق الان و على هذا لن يمكنك ان ترد علي برسالة و لكن خلال الايام القليلة(لا اعرف أي يوم لاني سوف اسافر متطفلا)،سوف امر على المزرعة.فاذا سمحت لي يا أبي بالعودة الى المنزل فرجائي ان تترك انوار الشرفة مضاءة حيث انني سوف امر ليلا و اذا لم اجد ضوءا ساستمر في طريقي و لن اشعر باي ضيق اذا لم اجد الشرفة مضاءة و سوف افهم ما هو المطلوب.
      مع حبي و اشواقي لامي و لاخواتي.
      المخلص ابنك
      عندما طويت الرسالة و وضعتها في مظروف شعرت براحة تدب في جسدي و كأن حملا ثقيلا قد تم ازاحته عن اكتافي.وضعت الرسالة في جيب قميصي و حزمت حقيبتي على اكتافي و وقفت بجانب الطريق و اشرت بابهامي لاول سيارة تمر بي ،كان لابد ان امشي طريقا طويلا قبل ان اعرف الرد.
      حل المساء و لم اكن قد انهيت سوى خمسن الى ستين ميلا منذ الظهيرة و ضعت الرسالة في مكتب بريد صغير ذي شان و عندما اسقطت الرسالة في فتحة صندوق البريد كنت عصبيا الى حد ما،ربما كان يجب الا ارسلها بالبريد و لكن الامر انتهى و لابد ان اسير في طريقي.
      كنت احيانا اركب لمسافة طويلة و احيانا قصير لم انم في الليلة السابقة فقد كنت مرهقا و متعبا،عبرت الطريق متجها الى شجرة بلوط عملاقة على حافة احد الحقول و استلقيت على الاعشاب و حاولت ان انام و لكن النوم لم ياتت بسهولة فقد كان هناك صوت محراث الي يصدر من حقل قريب و كان هناك كلبان يلاحقان ارنبا على مسافة عدة ياردات من موضعيو من المنزل الريفي الموجود في وسط مجموعة من الاشجار على احد التلالو كنت اسمع صوت اطفال يلعبون و مجموعة من الدجاج تحدث جلبة و تصورت انني اشم رائحة فطيرة التفاح طازجة.و امكنني ان ارى بيتي و انا مغمض العينين،المنزل الذي تركته بطريقة متهورة في لحظة غضب. و سألت نفسي ماذا كانت اخواتييفغلن.يمكن ان يكن مزعجات ولكنهن اعتقدن دائما انني لا يمكن ان ارتكب خطا.ترى أي نوع من الطعام تطهيه امي الان لقد كانت دائما تقول عندما نجلس الى المائدة: " لقد اعددت هذا لك فقط يا بني" لم استطع تحمل هذه الافكار اكثر من ذلك، فنهضت على قدمي و رائحة الاعشاب المنعشة التي حصدت حديثا في انفي،و بدات السير في الطريق المنعزل الطويل الى المنزل و لكن هل لا زال منزلي؟لقد كان ابي ذا عقل راجح و لكن عنيد.
      ركبت احدى السيارات و كان شيئا رائعا ان اجد شخصا اتحدث معه لقد كان السائق دمث الخلق فقد سالني بطبيعة سمحة:"الى انت ذاهب يا بني؟"ساد صمت طويل قبل ان اجيب:"الى المنزل" و سألني :"اين كنت؟"عرفت انه ليس متطفلا و لا فضوليا فقد كان هناك شئ في وجهه يوحي الي بانه مهتم فأجبته:"في كل مكان"
      و سألني :"هلا غبت عن المزل طويلا؟" ابتسمت له وانا و اعي بذاتي قليلا:"عاما و شهرا و يومين"لم ينظر الي و لكنه ابتسم و ادركت انه قد فهم ؟،تحدث لي عن اسرته لقد كان لديه و لدين في سني و الاخر اكبرمني.
      و عندما اقترب الظلام ،بحث عن مكان لتناول الطعام و أصر على أن اصحبه،كانت ملابسي قذرة و قلت له انني سوف اجلب له العارو لكنه لم يجبني.لقد كان سيمضي الليل في هذا المكان و بعد ان تناولنا الطعام ،حدثني في ان اقضي الليلة هنا ايضا و برر ذلك بانه يمكنني ان استريخ و اغتسل قبل استئناف الرحلة.لقد ذكرني هذا لرجل الى حد ما بأبي فأخبرته بأني أمتلك اليسير من المال و بعد ان اشترى لي العشاء لم استطع ان اعطية الفرصة لينفق المزيد من المال علي.
      وعلى اية حال فقد مكثت معه و في صباح اليوم التالي و بعد تناول الافطار حاولت ان اشكره و لكن قال:"إنك ولد رقيق هل تعلم ان ابني الاكبر فر هاربا من المنزل منذ عاميين ،عاميين و خمسة عشر يوما"و نظر بعيد ثم قال:"اتمنى أن يكون ابني قد قابل شخصا لطيف".لم اعرف ماذا اقول عندما صافحني و ابتسم بكل دفء.قلت له متلعثما:"شكرا لك يا سيدي عل كل شئ واتمنى...."فقاطعني و قال :"شكرا لك و اتمنى لك حظا سعيدا"
      بعد يومين ،كنت قد اصبحت على مسافة خمسن ميلا من المنزل.لم اعثر على اية سيارة تقلني لمدة ساعات و جاء الظلام ببطء و مشيت و لم انتظر سيارة لكي تقف ،فقد كانت هناك قوة داخلية تدفعني الى المنزل و لكن كلما اسرعت كلما زادت شكوكي.لنفرض ان الشرفة كانت مظلمة؟ماذا يمكنني ان افعل؟اين ساذهب؟أثناء ذلك ابطات احد الشاحنات و توقفت فعدوت نحوها و ركبت.
      سالني السائق الاسود الضخم:"كم يبعد المكان الذي تريده؟"اجبته:"حوالي اربعين او خمسين ميلا من هنا هل انت ذاهب هذه المسافة؟" قال:"ابعد من ذلك"
      كان الحديث بيننا قليلا فلم يكن من السهل التحدث معه لذا تظاهرت بانني نائم،اضطجعت الى الخلف و اغمضت عيني،وبدأ تساقط المطر بعد نصف ساعة، كان بطيئا اول الامر،و لكنه بدا يهطل بغزارة بعد ذلك و كان النوم يغالبني من حين لاخر.
      كنا نقترب من مزرعة أبي و المطر يهطل بغزارة و كنت يقظا تماما. هل سيكون هنا ضوء في الشرفة؟ كنت احدق بعيني خلال الظلام و المطر.فجأة و صلنا الى هناك، لم استطع النظر و لم اكن استطيع تحمل عدم رؤية الضوء فأغلقت عيني بأحكام و زادت ضربات قلبي.
      ضحك السائق و تحدث بدهشة قائلا:"أنظر الى ذلك لو سمحت! الى هذا المنزل الذي مررنا عليه لتونا.لابد ان به بعض المجانين!فهناك ثلاثة او اربع كراسي موضوعة في الشرفة ،و مصابيح مضاءة على كل واحد منها،و رجل كبير السن يقف بالخارج و معه كشاف مصوب نحو الطريق و نور المدخل الامامي للمنزل مضاء أيضا!"