د, الأهدل: التكفير والنفاق ومذاهب الفرق فيهما (2)

    • د, الأهدل: التكفير والنفاق ومذاهب الفرق فيهما (2)

      التكفير والنفاق ومذاهب الفِرق فيهما ( 2 )

      المذهب الثاني: مذهب المرجئة..

      المراد بالمرجئة الفرق التي تنفي دخول الأعمال في معنى الإيمان، وسموا بذلك لإرجائهم الأعمال أي تأخيرها عن الإيمان..

      قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
      "والمرجئة بضم الميم وكسر الجيم بعدها ياء مهموزة، ويجوز تشديدها بلا همز..
      نسبوا إلى الإرجاء وهو التأخير، لأنهم أخروا الأعمال عن الإيمان..
      فقالوا الإيمان هو التصديق بالقلب فقط، ولم يشترط جمهورهم النطق..
      وجعلوا للعصاة اسم الإيمان على الكمال..
      وقالوا لا يضر مع الإيمان ذنب أصلاً ومقالاتهم مشهورة في كتب الأصول"..
      [فتح الباري (1/110)]..

      وقيل: "سميت المرجئة لنفيهم الإرجاء، وأنه لا أحد مرجأٌ لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم"..
      [شرح العقيدة الطحاوية (1/592) وشرح المقاصد للتفتازاني (2/238)]..

      يعني أن جميع المرتكبين لكبائر الذنوب هم من أهل الجنة قطعاً..
      ولا يقال: فيهم: نرجئ أمرهم إلى الله تعالى، إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم..
      وهم متفاوتون في الإرجاء، أشدهم غلوا فيه الجهمية، ومن تبعهم، سيأتي ذكر ما اعتمدوا عليه في مذهبهم..
      وأساس النزاع بين أهل السنة وغيرهم من الفرق، اختلافهم في معنى "الإيمان"..
      [راجع مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/510)، (10/748-751)، (14/498)]..

      ومذهب المرجئة مبني على ثلاثة أسس:

      الأساس الأول: تعريف الإيمان وما يترتب عليه عندهم من أحكام في الدنيا والآخرة:

      للمرجئة في تعريف الإيمان اختلاف طويل.. وبسبب ذلك تعددت فرقهم التي بلغت اثنتي عشر فرقة..
      كما بين ذلك أبو الحسن الأشعري رحمه الله، فقال:
      "فالفرقة الأولى منهم، يزعمون: أن الإيمان بالله هو المعرفة بالله وبرسله وبجميع ما جاء من عند الله فقط.. وأن ما سوى المعرفة، من الإقرار باللسان والخضوع بالقلب، والمحبة لله ولرسوله والتعظيم لهما، والخوف منهما [ينبغي تقييد الخوف من الله وحده] والعمل بالجوارح، فليس بإيمان..!!!

      وزعموا أن الكفر بالله هو الجهل به، وهذا قول يحكى عن جهم بن صفوان..
      وزعمت الجهمية أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة، ثم جحد بلسانه، أنه لا يكفر بجحده..
      وأن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل، أهله فيه..
      وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلا في القلب، دون غيره من الجوارح"..
      [مقالات الإسلاميين (1/132)]..

      هذا مع العلم أن بعضهم يضمون التصديق بالرب إلى المعرفة المذكورة، فإذا جحد التصديق بالله تعالى، فهو كافر عندهم..
      وبعضهم لا يجزمون بأن أحدا من عصاة المؤمنين يدخل النار، إهمالا لما ورد في القرآن من وعيد الله تعالى لمن عصاه، وما فصل في السنة الصحيحة من دخول بعض أهل المعاصي النار وإخراجهم منها، كما سبق ذكر كثير منها في الرد على الخوارج، ومنها أحاديث الشفاعة..

      ولنكتف بمذهب هذه الفرقة من فرق المرجئة، التي تخص الإيمان بمعرفة الله ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء من عنده..
      وصاحب هذه المعرفة مؤمن كامل الإيمان عندهم، ولو أنكر قلبه وجحد لسانه الإيمان بالله وبرسله وكل ما جاء من عنده..
      لأن الإيمان هو المعرفة ليس إلا، وبناء على ذلك يكون إبليس مؤمنا، والمشركون واليهود والنصارى والمرتدون عن الإسلام مؤمنين، ما داموا يعرفون تلك المعرفة..
      وكل من عرف تلك المعرفة عندهم فهو من أهل الجنة مطلقاً، ولا يستحق العقاب ودخول النار، مهما أتى من الأعمال، كالقتل والسرقة والزنا وشرب الخمر وغير ذلك..
      أي إنهم على الضد من مذهب الخوارج والمعتزلة..

      الأساس الثاني: التمسك بنصوص الوعد..

      ومما احتج به المرجئة على مذهبهم الآيات والأحاديث التي وعد الله فيها عباده الموحدين بدخول الجنة والنجاة من النار، مثل قوله تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) [سورة الروم (53)]..

      ويدخل في ذلك كل النصوص التي وردت في القرآن أو السنة، مما وعد الله تعالى فيها عباده بالمغفرة والرحمة والعفو
      ..

      ومنها حديث أبي ذر رضي الله عنه، قالَ:
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عز وجل:
      (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد..
      ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر..
      ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا..
      ومن تقرب منى ذراعا تقربت منه باعا..
      ومن أتاني يمشي أتيته هرولة..
      ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة
      .. ))..
      [صحيح مسلم ( 4/2068) رقم (2687) والحاكم في المستدرك من وجه آخر (4/269) وقال: 'هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه' ويراجع مسند الإمام أحمد (5/148) وروى نحوه الترمذي من حديث أنس، (5/548)]..

      الأساس الثالث: تأويل نصوص الوعيد..

      ومن غرائب تأويلهم ما سبق من أن كُلُّ مَنْ كَفَّرَهُ الشَّارِعُ، فَإِنَّمَا كَفَّرَهُ لعدم معرفته بالله، أو لانْتِفَاءِ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ بِالرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى..

      ومن ذلك تأويلهم نصوص الوعيد التي وردت في القرآن والسنة أو غيرهما من الكتب السماوية السابقة،إنما قصد به تخويف الناس لينزجروا عما نهوا عنه، وليس له حقيقة في الواقع..

      قال ابن تيمية:
      "وَقَدْ يَقُولُ حُذَّاقُ هَؤُلاءِ مِنْ الإسماعيلية وَالْقَرَامِطَةِ وَقَوْمٍ يَتَصَوَّفُونَ أَوْ يَتَكَلَّمُونَ وَهُمْ غَالِيَةُ الْمُرْجِئَةِ : إنَّ
      الْوَعِيدَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْكُتُبُ الإلَهِيَّةُ، إنَّمَا هُوَ تَخْوِيفٌ لِلنَّاسِ لِتَنْزَجِرَ عَمَّا نُهِيَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقِيقَةٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا يُخَوِّفُ الْعُقَلاءُ الصِّبْيَانَ وَالْبُلْهَ بِمَا لا حَقِيقَةَ لَهُ لِتَأْدِيبِهِمْ، وَبِمَنْزِلَةِ مُخَادَعَةِ الْمُحَارِبِ لِعَدُوِّهِ إذَا أَوْهَمَهُ أَمْرًا يَخَافُهُ لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ أَوْ لِيَتَمَكَّنَ هُوَ مِنْ عَدُوِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
      "..
      [مجموع الفتاوى (19/150)]..

      وتأولوا قوله تعالى: (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))..
      فقالوا: "لمن يشاء معناه لمن يشاء أن يؤمن"..
      يعني أن من شاء الله تعالى إيمانه على مذهبهم، لا بد أن يغفر له، ولا يستحق العقاب.. [يراجع كتاب التسهيل لعلوم التنزيل (1/145) للمفسر الأندلسي الكلبي]..

      وبهذا يعلم أنه لا يوجد عند غلاة المرجئة كافر على وجه الأرض، ممن عرف ربه بقلبه، فلا يعتبر كافرا ولا مرتدا من عرف ربه وجحد وحيه ورسالة رسله، أو أنكر شيئا معلوما من الدين بالضرورة، كأركان الإسلام..!!!

      وهو عكس مذهب الخوارج الذين يعتبر كل من عصا الله كافرا خارجا من ملة الإسلام.. وهو مخلد عندهم وعند المعتزلة في النار، لا يخرج منها ولا يدخل الجنة مطلقا..

      وبهذا يظهر كذلك ما بين الطائفتين: الخوارج والمعتزلة وغلاة المرجئة من التناقض الشديد، وضرب بعض النصوص ببعض..

      ونواصل في الحلقة القادمة إن شاء الله..


      موقع الروضة الإسلامي..
      al-rawdah.net/r.php?sub0=start
    • بعد التحية العسكرية/
      هل يكتب الدك أحيانا عن قضايا معاصرة تمس حياة الأمة، وما تعايشه من أحداث ذات إيقاع سريع جدا؟
      المعتزلة والخوارج والمرجئة والسبئية وغيرها كلها جماعات تأثرت بفلسفات قوم غابرين، أردوا أن يزاوجوا بينها وبين الاسلام الحنيف الكامل المتكامل الشامل،فكانت نكستهم وإنقضاء أمرهم، لتناقض دعواهم مع روح الفطرة المميزة للاسلام!

      لعل الخوارج وحدهم بين تلك الفرق من لم يتأثروا بفلسفات اليونان والهند وفارس، وكانوا أسراء الفهم الحرفي للكلمات، بدون الخوض عن معانيها، وخلافا للمفهوم الشائع عنهم، لم يكن مشكلتهم قلة الايمان أو الكيد للاسلام عن عمد وخبث طوية وإصرار، بل مشكلتهم عقلية وخلل في التفكير والوصول لنتائج لا تتفق مع المنطق أبدا! كان الخوارج أشد الناس حرصا على إقامة الصلاة، وتلاوة القرآن، ومع ذلك كانت تلاوتهم له لاتتجاوز حناجرهم، وأخبر الناس بهم عالم الأمة الفريد الامام علي بن أبي طالب كرم الله وحهه، حينما سئل عنهم:"أكفار هم يا أمير المؤمنين؟"، فقال:"فقال بلى، هم من الكفر ولوا!". ولكن لأين؟ للأسف لتكفير الأمة قاطبة، وإستحلال دمائها وأعراضها، والمحاورة بالتي هي أحسن مع غير المسلمين؟

      لدينا اليوم جماعات تتخذ واجهة إسلامية لاتعد ولا تحصى، بعضها هدفه فعلا خدمة الاسلام، والبعض الأخر وهو السواد الأعظم مخترق ومسير شاء أم أبى من السيه أي إيه، وينفذ إما عن عمد أو جهل مخططتهم لانتاج إسلام جديد حديث يوافق تطلعات الادارة الامريكية!
      أنا لم أدرس علوم الشريعية دراسة أكاديمية، ولا أملك حق الفتوى، وأفهم جيدا بالاستراتيجيات العسكرية، وتحديد مكامن الخطر، ودرجاتها، وأعطي أولوية كبرى لضبط البيت من الداخل، وتطهيره من كل فساد، قبل أن أتحرك لمقارعة الخارج. وعندنا أرباب البيوت هم ضاربو الدف وآلات المجون، لمن يفهم الاشارة.
      حكامنا كلهم هم أعدى أعداء الاسلام، وأقول جميعا لاحفنة قليلة منهم، فهل للدك أهدل أن يدلي برأيه؟
    • لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
      أتمنى منكم يا أخوان أن لا تفتحوا هذا الموضوع ، والذي في الحقيقه يثير الفتن والحقد بين المسلمين

      ونحن اليوم نحتاج إلى ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا ،،،


      وفقكم الله
    • أقل مانحتاجه اليوم حتى يرث الله الغبراء بمن وما عليها هو الفرقة وإثارة الضغائن والنعرات المذهبية بين بني أمة يفترض أنها تؤمن بكتاب واحد ورسول واحد وباسلام واحد!

      من التجني والغواية البينة وأشد العدوان، رمي أهل مذهب معين بصفة ما، ولتكن مثلا العمالة للمحتل الأمريكي، طالما أن فيهم فريق يؤمن بالمقاومة بأنواعها سبيلا للخلاص من نير الاحتلال. ويطبق على أرض الواقع مايصدق إيمانه.

      القادة وزعماء الطوائف الدينية وخاصة المنحرفون عن جادة الاسلام منهم، وهم كثر وبكل مذهب، يجب مقاصصتهم وتطهير العالم من رجسهم بمجرد سنوح الفرصة. أما البسطاء من الأتباع فيأخذون بالموعظة الحسنة أولا والنصح، ويتركون ليتوبوا عن الضلال!

      لا مشكلة أساسا ذات بال لا بين الشعوب ولا بين طوائف شعب واحد، لو لم يؤجج نارها إما الزعماء أو المنحرفون الضالون المضلون من زعامات مذهب ديني معين. أبناء الشعوب الاسلامية لولا هؤلاء إخوة متحابون بينهم، أشدة على من يمكر للدين.

      كل الأمم المنتمية للاسلام بغض النظر عن لسانها ينطبق عليها تلك القاعدة السالف ذكرها، إلا الأكراد، الذين خبرنا عدواتهم للاسلام والعرب إلا أقل من القليل منهم.
      لتتحد الأمة إذن، وتمشط وتنقي صفوفها من الأعداء وبعدها يكن لكل حادث حديث.
    • أيها الإخوة الكرام ليست المشكلات الموجودة بين المسلمين، بجميع طوائفهم إلا نتاج لهجوم بعضهم على بعض وبخاصة علماءهم، والتكفير موجود الآن من فرق تدعي أنها تحارب الطائفية على قنواتها، وعلى رأس من يكفرون صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم الذين هم عندهم أصل ضلال الأمة الإسلامية كلها ابتداء من بيعة أبي بكر الصديق إلى هذه اللحظة، ولا يعترفون بإسلام أحد منهم إلا القلة القليلة منهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبعض ذريته.

      وموجود كذلك لدى بعض من ينتسبون إلى السنة، وبناء على اعتقادهم يسعون إلى تقتيل المسلمين فعلا، كما حصل في الجزائر ويحصل في بعض البلدان الإسلامية، وهو من نهج الخوارج الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه وجنده في النهروان.

      والإرجاء موجود كذلك حيث نسمع بعض المسلمين الذين لا يؤدون كثيرا من واجبات الإسلام كالصلاة يقول إذا نصح: الله غفور رحيم ويصر على فعله، وهي فكرة المرجئة.

      ونحن كما نحتاج إلى بيان المزالق السياسية والعسكرية والاقتصادية المعاصرة وغيرها نحتاج إلى بيان العقيدة الوسط حتن لأنها منطلق للانحراف الفكري والعملي معا

      أما تساؤل الأخ المارد العفريت عن كوني أكتب أحيانا عن القضايا المعاصرة، فأرجو أن يتصفح الرابط الآتي.

      al-rawdah.net/r.php?sub0=start
      وأما عن العنترية الإنشائية من بعض الإخواة، فمن عادتي عدم الرد على أمثالها.
    • ولدي العزيز المناصر/
      عندما أخاطب المدنيين عادة، أترفق جدا بهم، لعلمي المسبق بكونهم لم يألفوا الانضباط، والعادات المتبعة بطلب الاذن بالكلام، ولا أطالبهم أبدا بأداء التحية! هذه مقدمة لا بد منها، ليعلم من يظن بكلاماتي نوع من الحدة، أنني أتخير أرفق القول هنا لدي وألينه، ولو كنت بين الجند لأختلف المقال!.
      لاتحسب أني أقلل من مقامك أو مقام د. أهدل بتسائلي ولدي العزيز، هو تساؤل مباشر، أجبتني علية.
      ما أردت قوله أن ما حدث بين الامام علي كرم الله وجهه ومعاوية بن هند، يقضي فيه ويحكم مسير الكون ومالكه، سبحانه له الملكوت السميع البصير. أنا سني شافعي، ولا أفكر أصحاب طائفة يشهدون بألا اله إلا الله وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله، ما أتبعوا الاسلام كله، ولم يظاهروا أعداءه على المؤمنين!

      فأين خرج عن هذا الطريق، سنيا كان أو دون ذلك، أعتبره خرج عن زمرة المسلمين وفسق عنها، ولو صلى وصام الدهر. ليس من المسلمين من يتآمر ضدهم.
      لن أسألك إذن عمن يحكمون جزيرة العرب، منعا للاحراج، وأخشى أن تكون ممن يقولون بآل قرود خيرا، بعد كل آذيتهم وخيانتهم، فتخرجني عن طوري، فأقول ما أود أن أعف عن قوله.
      ولك وافر التحية ولدي!