ارتكاس الإنسانية والأزمات الأخلاقية
***********************************************************************************************************
.....................................................................................................................
ارتكاس الإنسانية
لن يستوى الظل والعود أعوج كما لايستوى المذهب وصاحب المقالة أهوج .
ستبقى الأزمات الأخلاقية تعانى منها البشرية وسيظل ارتكاس الإنسانية مسيطراً عليها لن يتأتّى لها ارتقاء أو إصلاح
إلا باتباع صراط الله المستقيم ودينه القويم لأن تعاليم وأحكام الإسلام هى قوام الحق والعدل بين كل العالمين .
البشرية كلها عبيدٌ لله مسلمين كانوا أوغير مسلمين وسبحانه وتعالى هو الإله وهو الأعلم بنا وبما يصلحنا ويصلح أحوالنا
فإن لم نطع أوامره وننتهى بزواجره فسوف ينتشر الخلل فى العقول ويتفشى الزلل والخبول .
غير المسلمين قد انحرفوا بفطرتهم عن مجراها والتبست عليهم معالم الحق والْتوت بهم سبل النجاة .
والمسلمون غرقوا فى أحضان المادية وابتعدوا عن تعاليم وأحكام الشريعة الإسلامية فاستجرأ الأعداء واللئام ووطئوا ديار الإسلام
وخرقوا ومزقوا عن ذوات الخدور حجب الرشاد وهتكوها بالتبذل والتبرج .
والدين قد أسلمه أهله وقل أنصاره واشتغل عنه أعوانه وأصبح العلم إلى عفاء وعلى خفاء وصار عرضة لمن شاء
مما أدى إلى خوض الملحدين فى أصول الدين وتشكيك أهل الضعف فى كل يقين .

*****
قال أبو الحسين محمد بن جبير :

عجبت للمرء فى دنياه تطمعه .. فى العيش والأجل المحتوم يقطعه
يمسى ويصبح فى عشواء يخبطها .. أعمى البصيرة والآمال تخدعه
يغتر بالدهر مسروراً بصحبته
وقد تيقن أن الدهر يصرعه
ويجمع المال حرصا لا يفارقه .. وقد درى أنه للغير يجمعه
تراه يشفق من تضييع درهمه .. وليس يشفق من دين يضيعه
وأسوأ الناس تدبيراً لعاقبة
من أنفق العمر فيما ليس ينفعه

*****
الحجب

العالم الإنسانى مملوء بالبلايا والرزايا ومشحون بالطوارق والجهالات ومتموج بفاسد الإعتقادات .
فمن الناس من حجبتهم ظلمة الشهوة والهوى : غاية الدنيا عندهم هو قضاء الأوطار وإدراك الملذات ونيل الشهوات .
تعثروا فى المعاطب والمضايق وهبطوا من الأوج الأعلى إلى الحضيض الأدنى .
ومنهم من هم ذو صفات سبعية : لايستقبحون الشر ولايكفون عن الأذى مثلهم كمثل السبع الضارى فى سوارح الغنم
والنار المتأججة فى يابس الحطب يشتهون الإعتداء والإنتقام .
ومنهم من حجب بظلمة المال : وهم عبدة الدرهم والدينار يقعون فى المفاسد والمهالك وينجرفون إلى التنافس والخصام يقتحمون فى سبيله
ومن أجل تحصيله ذنوباً وخطوباً عِظام . تراهم يعظمون صاحب المال ويرونه أحق الناس بالمحبة والإخلاص حتى وإن لم يحصلوا منه على طائل .
ومنهم من حجب بظلمة المنصب والجاه : أعظم السعادة عندهم أن ينتشر ذكرهم ويذيع صيتهم وينفذ أمرهم وتكثر أتباعهم
ويتسع سلطانهم . يجهلون قدر أنفسهم وعظمة ربهم .

*****
الحكام والرعية

أوجب الله طاعة أولى الأمر وهم من يتولوا أمور وشئون المسلمين ( الحكام والفقهاء وأولياء الأمور )
والطاعة التى فرضها الله لهم ليست طاعة مطلقة بل هى طاعة مقيدة بطاعتهم لله ورسوله .
فإن لم يطيعوا الله ورسوله فلا طاعة لهم لأنه لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق .
والحكام مع الرعية على أحوال :
إن صَلحُت سيرته واستقامت رعيّته : فالسعادة عامة وشاملة .
وإن فسدت سيرته واستقامت رعيته : تطاولت عليه الرعية بقوة الإستقامة وهنا :
إما أن يقوموا بإصلاحه حتى يستقيم أمره فتزول هيبته وتبطل حشمته ويصير مأموراً بعد أن كان آمراً .
وإما أن يعدلوا إلى غيره ويكونوا له أعواناً وأنصاراً فيصير بفساد سيرته مزيلاً لملكه .
وإن صلحت سيرته وفسدت رعيته : أضاعت الرعية بفسادها صلاح ملكها وخرجوا من سكون الدّعة إلى زواجر السياسة واحتاج الأمر منه
إلى عدم الركون أو اللين لهم فيتم تقويمهم بالشدة والسطوة لكى يقلعوا عن الفساد إلى السداد ويعودوا إلى الرشد والصواب فالزجر تأديب والرهبة تهذيب .
وإن فسدت سيرته وفسدت رعيته : فقد اجتمع الفساد فى السايس والمسُوس ويظهر العدوان من الرئيس والمرؤوس
وتخرج الأمور عن سبيل السلامة وتزول عن قوانين الاستقامة .

*****
النفس

النفس متى ردعتها ارتدعت . ومتى حملتها حملت . وإن أهملتها فسدت .
والنفوس تتغير وتتنوع : قد تكون النفس لوامة . وقد تكون مطمئنة . وقد تكون أمارةً بالسوء .
النفس اللوامة : نفسٌ تقية متيقظة خائفةٌ ومتوجسة من المعاصى وقلة الأعمال الصالحة .
والنفس المطمئنة : نفس راضية بماقسمه الله لها فى المنع أوالعطاء تنبذ كل ماحرم الله وتأنس بقرب الله وتسكن بطاعته .
والنفس الأمارة بالسوء : نفس شريرة قرينها ووليّها الشيطان يسول لها اتباع الهوى ويحثها على الآثام ويزين لها اقتراف السيئات والموبقات .

*****
مناداة ومناجاة

يا أماه : لقد غذانى ربى فى ظلمة أحشائك وأخرجنى من أضيق المسالك .
يا أماه : ليس هناك حياة بالموت لم تنختم أو عمر مهما طال لم ينصرم .
يا أماه : أنا عبدٌ ذليل سأكون بين يَدَىْ رب جليل ولا أدرى أيؤمر بى إلى ظل ظليل أو إلى شر مقيل .
يا أماه : لقد أثقلتنى المعاصى والذنوب وأريد أن أغسلها بالتوبة وأرجع عن خطاياى قبل فوْت الأوبة .
يا أماه : سيظل الهرج فى الآفاق حتى يأتى يوم المساق . وسيبقى الناس فى كل وادٍ يهيمون يتواكلون على عفو الله ورحمته
ويتناسون غضب الله وجبروته وسطوته .
يا أماه : لقد فاضت الألسنة وضجت الأقلام والناس فى غفلة ومنام .
يا أماه : لن ينجو أحد من زلّته إلا من تغمّده الله برحمته . فادع الله لى بطيب المناجاة لكى أصل إلى طريق النجاة .
( ساد الصمت ونامت العيون وخيّم السكون إلا من نشوة العابدين وأذيال المتهجدين وحنين المشتاقين وولَه ووجد ا
لمحبين العاشقين ودموع التائبين ودعاء المستغفرين ) .
يا أماه : لقد أنبت واستغفرت وتبت إلى الله . وإنى لأتنسم النفحات والعطايا والهبات .

*****
غفلة و طول أمل

يامن امتطى بجهله كل المطايا وقد ملأ الوعظ كل المسامع ياأسيرالمعاصى وصاحب الخطايا طال المدى فأين المدامع .
إنما الدنيا كأحلام نائم .. وما خير فى عيش لايكون بدائم
يا مضيّع الزمان متى تنتبه من رقادك تغتر بالدنيا ناسياً هجوم الأجل وتماطل بالطمع فى بلوغ الأمل .
يا غافلاً لايفيق كم من يوم قطعته بالتسويف وكم لسبب أضعت فيه التكليف . تطلب من الدنيا مالا تدركه وإن أدركته لن تملكه وإن ملكته سوف تتركه .
بادر بالتوبة قبل الميعاد وحلول يوم تقوم فيه الأشهاد .
حاسب نفسك فى خلوتك وتذكر أن كل قول وفعل يُمْلى فى صحيفتك . شتّان مابين عمل تذهب مؤنته ويبقى أجره وثوابه وبين عمل تذهب لذته وتبقى تبِعته .

لاتقل من أين أبدأ فطاعة الله هى البداية .. لاتقل أين طريقى فشرع الله هو الهداية
لاتقل أين نعيمى فجنة الله كفاية .. لاتقل غداً سأبدأ فربما تأتى النهاية

.............................................................................................................
****************************************************************************************************************
سعيد شويل