احذركم ذنوب الخلوات فإنها ... المهلكات !

    • احذركم ذنوب الخلوات فإنها ... المهلكات !


      جميل أن ترى ذلك الشاب وقد بدت عليه أمارات الخير والصلاح ،
      والعز والفلاح ، أطلق لحيته ، ورفع ثوبه فوق كعبه ،
      وتمسك بسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم فيما يرى الناس ،
      فعُرف بينهم بجميل أدبه ، وحُسن سمتِه ...
      اختار من الجلساء أحسنَهم ، وغشى مجالس أفضلِهم ...إلخ ،

      ولكن الأجمل من هذا كله أن يكون باطنه أجمل من ظاهره ،
      وخلواته أصدق مع الله تعالى من علانيته ....
      أقول هذا لأن هناك من الشباب من هاتفني
      والعَبَرات منه تسابق العبارات ،
      قد تكدر خاطره ، وضاق صدره ، يشكو ذنوباً اقترفها ،
      ومعاص قد ألفها إذا غابت عنه أعين البشر ،
      قنواتٌ فضائية سلبت منهم الألباب ،
      ومواقعُ إباحيّة كانت عن طاعة الله أعظم حجاب ،
      ومشافهاتٌ إلكترونية اختبأوا معها خلف أسماء مستعارة ،
      فاجترأوا على المحرمات ، وتعدوا على الخصوصيات ،
      ولربما اعتدوا على محارم الآخرين وأعراضهم.

      أخي الشاب :
      إياك إياك أن يكون الله تعالى أهون الناظرين إليك ،
      تخالف أوامره ، وتستجيب للشيطان وداعيه ،
      يقول سحنون رحمه الله: "
      إياك أن تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقا له في السر"...
      إن هذه الذنوب التي تكون في الخلوات من أعظم المهلكات ،
      ومحرقةٌ للحسنات ، جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
      "لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة
      بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً، "
      قال ثوبان : يا رسول الله صِفهم لنا ،
      جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ،
      قال :" أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم
      ويأخذون من الليل كما تأخذون ،
      ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها !! ".

      أترضى لنفسك يا رعاك الله أن تكون واحداً من هؤلاء المحرومين
      الذين كان حظهم من أعمالهم التعب والمشقة ،
      والآخرون في فضائل الله يتقلبون، ومن عظيم ما أعده ينهلون ؟!.

      لقد مدح الله تعالى عباده الذين يعظمونه
      ويخشونه خصوصا إذا غابوا عن أعين الناس:
      {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ،
      وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور}
      (إذا أغلقت دونك الباب وأسدلت على نافذتك الستار
      وغابت عنك أعين البشر ،
      فتذكر مَنْ لا تخفى عليه خافية ،
      تذكر من يرى ويسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء
      على الصخرة الصماء ،
      جل شأنه وتقدس سلطانه ،
      أخشى بارك الله فيك أن تَزِلَّ بك القدم بعد ثوبتها ،
      وأن تنحرف عن الطريق بعد أن ذقت حلاوته ،
      واشرأب قلبك بلذته ، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

      "أجمع العارفون بالله أن ذنوبالخلوات هي أصل الانتكاسات،
      وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات"،
      فهل يفرط موفق بصيد اقتنصه ، وكنز نادر حَصَّله ؟
      احذر سلمك الله ،
      فقد تكون تلك الهفوات المخفية سبباً لتعلق القلب بها
      حتى لا يقوى على مفارقتها فيختم له بها فيندم
      ولات ساعة مندم يقول ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله :
      "خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس" .
      فالله الله بإصلاح الخلوات ،
      والصدق مع رب البريات ، لنجد بذلك اللذة في المناجاة ،
      والإجابة للدعوات
      (وتذكروا أن الله تعالى
      { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} ،
      وكونوا كهؤلاء الصالحين الذين تذكروا اطلاع الله عليهم
      فامتنعوا من المعاصي،
      هذه امرأة يراودها رجل
      ويقول لها إننا في مكان لا يرانا فيه أحد
      فتقول:

      فأين الله؟ { ألم يعلم بأن الله يرى }