البحر المتلاطم
كنت الدني مليئة بالمشركين ...هذا يدعو صنما ...وذاك يرجو قبرا ... والثالث يعبد بشرا ... والرابع يعظم الشجر ... نظر غليهم ربهم فمقتهم عربهم وعجمهم ... إلا بقايا من موحدي أهل الكتاب
وكان من بين هؤلاء السادرين ...
سيد من السادات ... هو عمرو بن الجموح ..
كان له صنما اسمه مناف ... يتقرب اليه ... ويسجد بين يديه ... مناف ... هو مفزعه عند الكربات ... وملاذه عند الحاجات ... صنم صنعه من خشب ... لكنه أحب إليه من أهله...
وكان شديد الاسراف في تقديسه ... وتزيينه وتطييبه وتلبييسه .. وكان هذا دأبه مذ عرف الدنيا .. حتى تجاوز عمره الستين سنة ...
فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة .. وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه .. داعية ومعلما لأهل المدينة .. أسلم ثلاثة أولاد لعمرو بن الجموح مع أمهم دون أن يعلم ..
فعمدوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر هذا الداعي المعلم وقرؤوا عليه القرآن ...
وقالوا: يا أبانا قد اتبعه الناس فما ترى في اتباعه؟
فقال : لست أفعل حتى أشاور مناف فأنظر ما يقول !!
ثم قام عمرو إلى مناف .. وكانوا إذا أرادوا أن يكلموا أصنامهم جعلوا خلف الصنم عجوزا تجيبهم بما يلهمها الصنم في زعيمهم أقبل عمرة يمشي بعرجته إلى مناف .. وكنت إحدى رجليه أقصر من الأخرى ..فوقف بين يدي الصنم ... معتمدا على رجله الصحيحة ... تعظيما واحتراما ...ثم حمد الصنم وأثنى عليه ثم قال : يا مناف .. لا ريب أنك قد علمت بخبر هذا القادم .. ولا يريد أحدا بسوء سواك ... وإنما ينهانا عن عبادتك .. فأشر علي يا مناف ..فلم يرد الصنم شيئا ..فأعاد عليه فلم يجب ..
فقال عمرو : لعلك غضبت ... وإني ساكت عنك أياما حتى يزول غضبك .. ثم تركه وخرج .. فلما أظلم الليل .. أقبل أبناؤه إلى مناف .. فحملوه ,القوه في حفرة فيها قذار وجيف .. فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده .. فصاح بأعلى صوته : ويلكم!! من عدا على إلهنا الليلة .. فسكت أهله .. ففزع .. واضطرب .. وخرج يبحث عنه .. فوجده منكسا على رأسه في الحفرة ..فأخرجة وطيبه وأعاده لمكانه...
وقل له : أما والله ي مناف لو علمت من فعل هذا لأخزيته .. فلما كانت الليلة الثانية أقبل بناؤه إلى الصنم .. فحملوه وألقوه في تلك الحفرة المنتنة..
فلما أصبح الشيخ التمس صنمه .. فلم يجده في مكانه .. ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعا راع إليه قبل منامه
ثم علق في رأس الصنم سيفا وقال : ادفع عدوك عن نفسك ..فلما جن الليل حمل الفتية الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه في بئر يجتمع فيه لنتن .. فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذه لحل في البئر قال :
ورب يبول الثعلبان برأسه لقد خاب من بالت عليه الثعالب
ثم دخل في دين
الله .. وما زال يسابق الصالحين في ميادين الدين ..وانظر إليه .. لما أراد المسلمون الخروج إلى المعركة بدر .. فاستعانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبقاء في المدينة .. فبقى فيها ..
فلما كانت غزوة أحد .. أراد عمرو الخروج للجهاد.. فمنعه أبناؤه .. فلما أكثروا عليه .. ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. يدافع عن عبرته ويقول (يا رسول الله إن بني يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن قد عذرك ..
فقال ..يا رسول الله إن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ..
فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج ..فأخذ سلاحه وقال : اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي .. فلما وصلوا إلى ساحة القتال .. والتقى الجمعان .. وصاحت الأبطال ورميت النبال ..
انطلق عمرو يضرب بسيفه جيش الظلام .. ويقاتل عباد الأصنام .. حتى توجه إليه كافر.. بضربة سيق كتبت له بها الشهادة .. فدفن رضي الله عنه .. ومضى مه الذين أنعم الله عليهم ... وبعد ست وأربعين سنه في عهد معاوية رضي الله عنه ... نزل بمقبرة شهداء أحد .. سيل شديد ... غطى أرض القبور فسارع المسلمين إلى نقل رفات الشهداء .. فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح .. فإذا هوه كأنه نائم .. لين جسده .. تتثنى أطرافه.. لم تأكل الأرض من جسده شيئا
فتأمل كيف ختم الله بالخير لما رجع إلى الحق لما تبين له .. بل انظر كيف أظهر الله كرامته في الدنيا قبل الأخرة .. لما حقق لا إله إلا الله ..
هذه الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات .. وهي سبب دخول الجنة .. ولأجلها خلقت الجنة والنار .. وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار .. وأبرار وفجار ..
فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين ,,
خطته اناملي
منقول لدكتور محمد العريفي
كنت الدني مليئة بالمشركين ...هذا يدعو صنما ...وذاك يرجو قبرا ... والثالث يعبد بشرا ... والرابع يعظم الشجر ... نظر غليهم ربهم فمقتهم عربهم وعجمهم ... إلا بقايا من موحدي أهل الكتاب
وكان من بين هؤلاء السادرين ...
سيد من السادات ... هو عمرو بن الجموح ..
كان له صنما اسمه مناف ... يتقرب اليه ... ويسجد بين يديه ... مناف ... هو مفزعه عند الكربات ... وملاذه عند الحاجات ... صنم صنعه من خشب ... لكنه أحب إليه من أهله...
وكان شديد الاسراف في تقديسه ... وتزيينه وتطييبه وتلبييسه .. وكان هذا دأبه مذ عرف الدنيا .. حتى تجاوز عمره الستين سنة ...
فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة .. وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه .. داعية ومعلما لأهل المدينة .. أسلم ثلاثة أولاد لعمرو بن الجموح مع أمهم دون أن يعلم ..
فعمدوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر هذا الداعي المعلم وقرؤوا عليه القرآن ...
وقالوا: يا أبانا قد اتبعه الناس فما ترى في اتباعه؟
فقال : لست أفعل حتى أشاور مناف فأنظر ما يقول !!
ثم قام عمرو إلى مناف .. وكانوا إذا أرادوا أن يكلموا أصنامهم جعلوا خلف الصنم عجوزا تجيبهم بما يلهمها الصنم في زعيمهم أقبل عمرة يمشي بعرجته إلى مناف .. وكنت إحدى رجليه أقصر من الأخرى ..فوقف بين يدي الصنم ... معتمدا على رجله الصحيحة ... تعظيما واحتراما ...ثم حمد الصنم وأثنى عليه ثم قال : يا مناف .. لا ريب أنك قد علمت بخبر هذا القادم .. ولا يريد أحدا بسوء سواك ... وإنما ينهانا عن عبادتك .. فأشر علي يا مناف ..فلم يرد الصنم شيئا ..فأعاد عليه فلم يجب ..
فقال عمرو : لعلك غضبت ... وإني ساكت عنك أياما حتى يزول غضبك .. ثم تركه وخرج .. فلما أظلم الليل .. أقبل أبناؤه إلى مناف .. فحملوه ,القوه في حفرة فيها قذار وجيف .. فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده .. فصاح بأعلى صوته : ويلكم!! من عدا على إلهنا الليلة .. فسكت أهله .. ففزع .. واضطرب .. وخرج يبحث عنه .. فوجده منكسا على رأسه في الحفرة ..فأخرجة وطيبه وأعاده لمكانه...
وقل له : أما والله ي مناف لو علمت من فعل هذا لأخزيته .. فلما كانت الليلة الثانية أقبل بناؤه إلى الصنم .. فحملوه وألقوه في تلك الحفرة المنتنة..
فلما أصبح الشيخ التمس صنمه .. فلم يجده في مكانه .. ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعا راع إليه قبل منامه
ثم علق في رأس الصنم سيفا وقال : ادفع عدوك عن نفسك ..فلما جن الليل حمل الفتية الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه في بئر يجتمع فيه لنتن .. فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذه لحل في البئر قال :
ورب يبول الثعلبان برأسه لقد خاب من بالت عليه الثعالب
ثم دخل في دين

فلما كانت غزوة أحد .. أراد عمرو الخروج للجهاد.. فمنعه أبناؤه .. فلما أكثروا عليه .. ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. يدافع عن عبرته ويقول (يا رسول الله إن بني يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد..
قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن قد عذرك ..
فقال ..يا رسول الله إن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ..
فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج ..فأخذ سلاحه وقال : اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي .. فلما وصلوا إلى ساحة القتال .. والتقى الجمعان .. وصاحت الأبطال ورميت النبال ..
انطلق عمرو يضرب بسيفه جيش الظلام .. ويقاتل عباد الأصنام .. حتى توجه إليه كافر.. بضربة سيق كتبت له بها الشهادة .. فدفن رضي الله عنه .. ومضى مه الذين أنعم الله عليهم ... وبعد ست وأربعين سنه في عهد معاوية رضي الله عنه ... نزل بمقبرة شهداء أحد .. سيل شديد ... غطى أرض القبور فسارع المسلمين إلى نقل رفات الشهداء .. فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح .. فإذا هوه كأنه نائم .. لين جسده .. تتثنى أطرافه.. لم تأكل الأرض من جسده شيئا
فتأمل كيف ختم الله بالخير لما رجع إلى الحق لما تبين له .. بل انظر كيف أظهر الله كرامته في الدنيا قبل الأخرة .. لما حقق لا إله إلا الله ..
هذه الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات .. وهي سبب دخول الجنة .. ولأجلها خلقت الجنة والنار .. وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار .. وأبرار وفجار ..
فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين ,,
خطته اناملي
منقول لدكتور محمد العريفي