أنقذوا أنفسكم من هذا العالم ..! - lailal2222

    • أنقذوا أنفسكم من هذا العالم ..! - lailal2222


      أنقذوا أنفسكم من هذا العالم *..!


      " شيشرون " – خطيب روما - المميز ، فضح في زمن ما الإنسانية المدّعاة في نظرته الخطيرة و رتبهم على وفق مقاماتهم في الحياة ومدى استغلال الآخرين لهم* : " 1-* الفقير : يعمل ، 2- الغني : يستغل الرقم 1 ، 3- الجندي يدافع عن الاثنين ، 4- المواطن : يدفع للثلاثة ، 5- الكسول : يعتمد على الأربعة ، 6 _ السكير يشرب من أجل الخمسة ، 7- مدير البنك : يسرق الستة ، 8- المحامي : يغش السبعة ، 9- الطبيب : يقتل الثمانية ، 10 – حفار القبور : يدفن التسعة ، 11- رجل السياسة : يعيش من العشرة.. "!
      ولعل المعادلة تلتقي بشكل ما مع مقطع من فيلم المصري " الكيف " 1985م ، حيث دار فيه حوار يستدعي الكثير من التأمل والإنصات ، الحوار الذي دار بين الممثل " جميل راتب " و الممثل " يحيى الفخراني " باللهجة المحكية ، خاطب فيه الممثل " جميل راتب " الذي كان تاجر مخدرات ثريّا شخصية " الفخراني " في الفيلم : " زمان كنت بخش الشاي بنشارة الخشب و أبيعه في بواكي شكلها حلو ، مكتوب عليها شاي " أبو الأصول " ، كسبت والماركة بقالها اسم وسمعة ، وفجأة النشارة غليت و النجارين اتملعنوا ، عبينا الشاي من غير نشارة ، تعرف حصل إليه ..؟ اتخرب بيتي وفلست ، الزباين طفشت وقالوا عليا غشيت الشاي ، مش باقولك مغفلين ..!
      رد عليه " يحيى الفخراني " : *هم مش مغفلين اللي زيك أفسدوا ذوقهم ، عودتوهم على الوحش لغاية ما نسيوا طعم الحلو " ..!
      أجل ، أصبح الإنسان في ظل هذه السياسات السائدة في وقتنا الحاضر مجرد رقم ، رقم مرهون بمزاجيات السياسيين _ أصحاب السيادات – في هذا العالم التي أسقطت في معادلاتها الإنسان ، السياسات التي تنتصر لهوى مصالحها العظمى و أطماعها الشخصية على حساب كائنات أخضعوهم وفق هواهم ، ترهلت دوافعهم في حياة طموح بعد أن تكالبت عليهم الحياة نفسها بمصاعبها ، غدوا مكافحين لترميم جراحات حياتهم اليومية من جوع و فقر و مرض و تشريد ، و علل اجتماعية واقتصادية عويصة ، شاغلهم لقمة العيش و إطعام أطفالهم ، حتى تناسوا متعة الحياة ولذائذها ، أما المطالبة بحقوقهم أصبحت غاية مستعصية في ظل قوانين تثقل كاهلهم ، قوانين ليست في مصلحة أحد سوى أصحاب القوة ، قوانين وضعت معظمها لتكميم الأفواه وترهيب الأفراد ، في ظل هذه القوانين التي لا تطبق سوى على الإنسان البسيط ، مهيض الجناحين ، مسحوق الحقوق تماما ، أما الثري فيجد ثغرة يفرّ منها أبدا ، والمشكلة ليست في اكتشاف الفساد و الاعتراف به ، فهذا مفروغ منه ، بل المشكلة أن هذا الفساد نفسه يتفشى بجبروت دون أن يجسر أحد على إيقافه ؛ لأن كل من رفع صوت ضميره أمام هذا الفساد المهول طُعن برمّح الغدر ، ولوحق بالمؤامرة ، والأجندة ، من جهلة الوطن ، الذين يعتقدون بأن وحدهم من لهم الحق فيه ، المخدوعين الذين يظنون بأن نقد مساوئ الفساد هو طعن في الوطن ، السُّذج الذين قدّسوا السلطات وأسقطوا مصلحة الأوطان ؛ و بسبب هؤلاء يمضي الفساد شاقا دروبه في كل الأصقاع بلا مواربة بل بكل وقاحة وجبروت ، بينما تحبس العقول التي عصت ، و تُعذّب الأجساد التي قاومت بشرف وجسارة من أجل مصلحة الوطن ..!
      هناك من يعيش حتما على أعناق هؤلاء المرعوبين ، الجوعى ، المساكين ، الذين لا صوت لهم ، الذين وجدوا في السكوت ضمانا لئلا يسحقهم جلادو السلطة ، أولئك الذين يعيثون فسادا في الأرض ، يعيشون على حساب الجثث التي تتراكم كل لحظة أضعافا مضاعفة ، تتراكم هذه الجثث و بالقدر نفسه يتراكم الوجع في قلوب أمهاتهم الثكلى ، وجع مرّ ، كبركان يكوي الأفئدة ، أوجاع لم تجد عزاءها أبدا ..
      تتراكم الجثث كما تتراكم مصائب الحزانى ، بينما أولئك الجشعون ، أصحاب السياسات ، يراكمون المليارات ، وعلى جيف تلك الجثث التي ينهشونها تتضاعف ثرواتهم يوما بعد يوم حد التجشُّؤ ..!
      نعم ، نعم ، في السياسة الإنسان خاسر أبدا ؛ لأنه ضريبة السياسيين الأغبياء ، الأنانيين ، المستبدين ، المتعجرفين ، الحمقى – بلا شك – عديمي الضمير والوجدان ..!


      ليلى البلوشي