الخبز ام الكعك !

    • الخبز ام الكعك !

      السيّد نائب رَئيسِ مجلسِ الوزراء ... الخُبز أم الكَعك؟

      السيّد نائبُ رئيس الوزراء ... الخُبز أم الكعك؟


      نسخَة من الرّسالة إلى وزيرَي التجارَة والصنّاعة والمَكتبِ السّلطاني.



      صاحب السموّ السيّد فهد بن محمُود نائبَ رئيسِ الوزراء.. تحيّة طيبة وبعد:


      دعني قبلَ أن أبدَأ رسالتيْ أن أحكي لكَ قصّة ماري انطوانيت .. آخر ملوك فرنسَا .. ففيمَا كانت الثورَة الفرنسية تشتعلُ والجماهيرُ الفرنسيّة الغاضبَة تحيط بقصر فرسَاي لتخترقه كانَت الجماهيرُ تصرخُ: نريدُ الخبز ، نريدُ الخبز! شاهدَت ماري انطوَانيت الجماهير يصرخُون من شرفَة قصرهَا وسألتْ كبيرَ خدمها: لماذا يريدُ الناسُ خبزاً؟ فأجابها: لأنهم لا يستطيعُون شراءه أيها الملكة! فردّت عليه بقمّة اللامبالاة والجهل: "إذا لم يجدوا خبزاً لماذا لا يشترونَ الكعك"! .. لقد كانتْ ماري انطوانيت تجهَلُ أنّ الكَعك أغلى من الخُبز فإن كانُوا عدمُوا الخبز فقد عدمُوا الكعكَ قبلهُ..

      ظلّت هذه القصّة لأكثر من ثلاث قرونٍ من الزّمان حتّى اليوم مدارَ ضرب الأمثال في انفصَال المسؤُول عن واقعِ النّاس ومعيشتهم.. لأنّها كانت تتكررُ في أزمنة وأمكنة مختلفة.

      أتساءَل فقط سيّدي الكريم إن كنتَ تعرفُ كيفَ يعيشُ المواطن العمانيّ؟ كيفَ يشتري راشنه؟ متى كانتْ آخر مرّة ذهبتَ فيها إلى محلّ بقالة واشتريتَ راشناً؟


      سيّدي الكريم..

      إحدَى أكبر مشاكلنا في عُمان .. أننا نناقشُ قضايانا الجوهريّة في المجالسِ المغلقة.. النّاس لا تصارحُ مسؤوليهَا.. والعتبُ يقعُ في ذلك على ثقافة الخَوف والهاجِس الأمنيّ الذي يرتاعُ منهُ النّاس وعلى الإعلام .. إعلامِ صحفنا المشغُول بغليِ الكمّة عندمَا يكُون النّاس في الهمّة!


      سيّدي .. ولأنني أؤمنُ دائماً أن المشاكل لا تحل داخلَ الجدران المغلقة وأنّ الحل دائماً في الصّدق والشفافيّة مع المسؤول فسأتحدّثُ إليك بصراحة وشفافيّة ..


      النّاس تقُول أنّك تقفُ مع الطبقَة البرجوَازيّة في البلد .. بل إنّ من الأسئلة الشائعة جداً بينَ الناس حينَ تذكرُ: هل شوهدَ فهد بن محمُود من قبل وهوَ يزور ولايةً من ولايات السلطنَة خارجَ مقرّ معيشته في مسقط؟ وهوَ سؤالٌ صحيٌ ومشرُوع كما أعتقد .. فأنتَ نائبُ رئيس الوزراء؟ وعينُ السّلطان؟ ورسُوله الأمين إلى النّاس!


      سيّدي الكريم..

      هل سبقَ أن شاهدتَ آلاف العمانيين على الحدُود مع الإمارات في الطريق إلى دبي أو الشارقة أو الفجيرة ليشترُوا سيّاراتهم من هناك؟ هل سبقَ أن شاهدتَ طوابير السيّارات التي تشحنُ كلّ يوم من الإماراتِ إلى عُمان؟ هل شاهدتَ أفواجَ العمانيينَ الذي يعبرُون الحدُود ليشترُوا قطع غيار سياراتهم؟ تخيّل أن تعبر آلاف الكيلومترات لتشتريْ ماكينة لسيارتك؟ لماذا؟

      ما الذي يجعلُ العمانيّ برأيك يترك بلَدَه ويذهب إلى دولة أخرى ليشتري سيارته؟ هل تعرفُ السبب؟

      لتعرفَ الإجابة؟ اسأل سعَادة سعيد الكعبي ، رئيسَ هيئةِ حماية المستهلك..


      سؤالٌ آخر لو سمحت: هل تذهبُ لسوق التنين الصيني في دبي؟

      يسمّونه السوق العُماني.. في حالِ أنك لم تذهب إلى هناكَ قط فأنا أدعوكَ لتزورهُ (وبالمناسبة ،قد تصادف أحياناً وزراء عمانيين يتسوقونَ فيه مع عائلاتهم) .. وستصدمُ حينَ تدخلهُ بشعوركَ أنّك في عمان وليسَ في دبي لأنّ العمانيين "منتشحين" هناك بطوله وعرضهِ .. فمواد البناء والأثاث والموادّ الصحيّة هناك وفي أسوَاق رأس الخيمة والشارقة تباع بنصف القيمة.. ما الذي يجعلُ عمانياً برأيك يعيشُ في نزوَى ويقطع أكثر من ألف كيلومتر ليشتري مواد بناءِ منزله من دولة أخرى؟

      الإجابة سيّدي الكريم أيضاً لدى هيئة حمَاية المستهلك.


      سيّدي الكريم ،

      هل ذهبتَ يوماً إلى السيتي سنتر؟

      أدعوكَ للذهاب إليهِ .. ومتابعَة السلع المعرُوضة في إحدى محلاتهِ حيثُ يدرج المحلّ السعر بالعملات المختلفة/ الدينار الكويتي ، الدرهم الاماراتي ، الريال السعوديّ والريال العمانيّ .. تجوّل لساعة هناك وقارن بينَ أسعار العملات المدرجة بعد إزالة فرق العملة. ما الذي ستلاحظهُ؟


      سيّدي الكريم،

      إحدَى الملاحظات العامّة للوافدين في عُمان هو أنّ الرواتب قليلة والأسعار غاليَة. قبلَ أيّام التقيتُ بصديقَة لبنانيّة تعيّنت مؤخراً في عُمان. قالتْ لي: أنهُ قيلَ لها قبل أن تأتي، صحيح أنّ الرواتب في عُمان منخفضة ولكن السلع أرخص ممن حولهَا من الدول والعيشة "بريكة". تقولُ لي أنّها صدمت حينَ جاءت من غلاء الأسعار فالسلع في عُمان ليستْ أرخصَ من السعوديّة أو الامارات كما يُشاع ومعَ ذلك فالرواتب لا تكفي..


      سيّدي الكريم،

      هلِ اطّلعت قبلَ عامين على الوثيقة التي رفعتهَا السّفارة الأمريكيّة في عُمان إلى حكومتها وتسرّبت عبر ويكيلكس وفيهَا تعرض الوثيقة كيفَ أنّ الاقتصاد في عُمان محتكَر من قبل "عائلاتٍ معيّنة"؟ وأنّها هي من تديرُ غالبيّة القطاعات الاقتصاديّة في البلد؟ حسناً ..

      أدعوكَ لتقرأ الوثيقة في الرابطِ التالي: alfalq.com/?p=3739


      حسناً أنتم الآن أبطلتُم قرار حظر رفع سعرِ السلع حفاظاً على "اقتصادٍ حرّ" أسألكَ بعدَ قراءةِ هذا الرابطِ، هل اقتصادُنا فعلاً اقتصادٌ حرّ؟ إذا كانتْ إجابتكَ لا .. فاسمَح لي أن أسألكَ مجدداً : ما الذي فعلهُ المجلس لإنهاء واقع الاحتكار المسيطر على اقتصادِنا لعقُود؟


      سيّدي الكريم،

      في الكُويت توجَد جمعيّات تعاونيّة ، في الامارَات جمعيّات تعاونيّة .. في السعوديّة جمعيّات تعاونيّة .. أزعُم أنّ هذهِ اقتصادَات حرّة .. حسناً! لماذا لا توجدُ لدينا في عُمان جمعيّات تعاونيّة؟


      سيّدي الكريم،

      هلْ تعرفُ ما أكثر ما أوجَع النّاس في قراركُم هذا؟ 23 سلعَة ، وَغيرهَا يحددهُ العرضُ والطلب! ياهْ! موجعٌ جداً أن يشعرَ النّاسُ أنّ حكُومتهم تركتهُم للعرض والطّلب .. الشّعور بالتخلي ورفع اليدين يخزُ القلبَ فعلاً!


      سيّدي الكريم،

      النّاس غاضبَة ، سعَوا لتحريك قضيّة ضد قراركم فقيل لهُم لا توجَد محكمة دستُوريّة اختصاصهَا النظر في قراراتٍ كهذهِ ، وهناكَ من يسعَى للتصرِيح بوقفَة احتجاجيّة وآخرُون جمعُوا حتى اليوم أكثرَ من ثلاثَة آلاف توقيع لإصدار بيانٍ شعبيٍ يرفضُ القرار.. وهناكَ من قرّر أن يعبّر عن خيبَة أمله في القرَار بالنكتَة ويهربَ من همُومه بالابتسامَة والضّحك

      أنتُم يدُ السُلطان وعينهُ على النّاس .. إمّا أن تضربُوهم بها أو تحتووهم.. فانتقُوا بأيّ يدٍ تُعامِلُون النّاس!


      سيّدي الكريم،

      ( وهُناكَ أمرٌ هامٌ يجبُ على جميعِ المسؤولينَ في حُكومتنَا أن يجعَلوه نصبَ أعيُنهم ، ألا وهوَ أنّهم جميعاً خدمٌ لشعبِ هذا الوطنِ العزيزِ ، وعَليهم أن يُؤدّوا هذهِ الخدمَة بكلّ إخلاصٍ ، وأنْ يتجرّدوا منْ جميعِ الأنانيّات وأن تكونَ مصلحَة الأمّة قبلَ أيّ مصلحَةٍ شخصيّة ، إذ أنّنا لن نقبَلَ العُذر ممنْ يتهَاوَن في أدَاءِ وَاجبه المطلوبِ منه في خدمَة هَذا الوَطن ومُواطنيهِ ، بلْ سيَنالُ جَزاء تهاوُنه بِالطريقَة التي نَراهَا مُناسِبة )
      ⁦❤️⁩