لا تكتب سيرتك الذاتية على طريقة ليوناردو دافنشي

    • خبر
    • لا تكتب سيرتك الذاتية على طريقة ليوناردو دافنشي

      BBC كتب:

      بمرور يوم 15 إبريل/نيسان هذا العام، يكون قد مضى 564 عاما على ميلاد ليوناردو دافنشي. ولا تزال لوحتاه الأكثر شهرة، الموناليزا والعشاء الأخير، تجذبان الحشود المخلصة والمهتمة بفنه حتى يومنا هذا. لكن ماذا عن سيرته الذاتية التي كتبها بيده؟

      هل كان يمكن لفنان عصر النهضة المتخصص في الرياضيات، والمهندس، والمخترع دافنشي أن يحصل على وظيفة في عصرنا الحالي؟

      لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال، طلبت "بي بي سي كابيتال" من خبيرين الاطلاع على السيرة الذاتية لدافنشي، مع الأخذ في عين الاعتبار الأمور التي يخطئ معظمنا فيها لدى إعداد تلك الوثيقة التي تظهر خبراتنا عند البحث عن عمل.

      فكانت الإجابة: "رغم أن دافنشي كان عبقريا، إلا أنه كان سيجد صعوبة في إقناع مدير توظيف بالتعاقد معه، بناء على سيرته الذاتية السلبية، والمضللة، والضعيفة جدا". فلنلقي نظرة على ذلك عن قرب.

      نقحت لورا سميث - برولك، كاتبة السير الذاتية التنفيذية ومسؤولة التوظيف سابقا، والمقيمة في دنفر، آلاف السير الذاتية على مدى مسيرتها المهنية. وترى سميث - برولك نفس المشاكل تتكرر دوما في السير الذاتية، وهي مشاكل على ما يبدو تعود إلى القرن الخامس عشر، استنادا إلى مراجعتها للسيرة الذاتية لدافنشي.

      تجرؤ سميث - برولك على القول إنه لو كان حيا اليوم ويبحث عن وظيفة جديدة، فإن سيرته الذاتية ستخفق في بعض النقاط الرئيسية، وهي: "الإسهاب في السلبيات، والشرود بعيدا جدا عن المهارات التي تهم أرباب العمل". وأضافت: "سيكون لديه نفس المشاكل التي يقع فيها العديد من الباحثين عن عمل".

      أبرز الإيجابيات

      فلماذا يحدث ذلك؟ إنها الطبيعة الإنسانية. تقول سميث-برولك: "لسوء الحظ، يفكر العديد من الناس في المشاريع الضخمة والمرهقة من منطلقات سلبية"، وعلى سبيل المثال: ذكر أن دافنشي وعندما كان يرسم لوحته الشهيرة العشاء الأخير ، ظل غير مقتنع بأن نتاجه النهائي كان دقيقا (رغم الشهرة التي اكتسبتها اللوحة منذ ذلك الحين كواحدة من أكثر الأعمال الفنية تقديرا على مدى العصور)".

      تنم سيرته الذاتية العائدة إلى حقبة القرن الخامس عشر عن افتقاره للثقة؛ إذ قال عن لوحة العشاء الأخير:" مشروع مكتمل جزئيا سلم في موعد نهائي مستحيل يكتسب الشهرة لكد العرق على التفاصيل وإغفال الصورة الكبيرة." (المعنى المزدوج مقصود).

      وقالت سميث - برولك إنه كان يمكن أن يحظى بفرص أفضل لو استخدم حيلة من العصر الحديث من خلال تحويل كده إلى مزيج ساحر من المؤكد أن يحقق له النجاح مع أي صاحب عمل محتمل.

      كأن يقول مثلا: "إنجازات عالية الجودة أنتجت في إطار زمني ضيق، واستغرق إكمالها ساعات إضافية مع إبقاء الإدارة على إطلاع بتطورات الوضع".

      استغل قيمة النفوذ

      هذا تعديل واحد فقط. ولكن عليك تقدير قيمة النظر إليك كشخص مؤثر على مستوى عالمي في هذه الأيام.

      ونصحت سميث - برولك بالقول: "في حالة دافنشي، سيتطلب هذا القول: "أثار الدهشة في أوساط المدنيين والملوك والكتاب"، وربما كتابة ملاحظة عن العيش كإحدى الشخصيات في سلسلة لعبة الفيديو "عقيدة القاتل" التي أنتجت بعد فترة طويلة من وفاته".

      وأضافت قائلة:" جديا، هذا أفضل من محاولة إقناع أرباب العمل بأنشطة أكثر تعقيدا (ومشكوك فيها)، مثل افتتانه بالعلوم الطبية ودراسة علم وظائف الأعضاء البشرية:، إذ من الأفضل أن تترك هذه المواضيع للمناقشة في المقابلة، وليس في السيرة الذاتية.

      لا تشتت الرئيس الجديد

      وبينما نشعر جميعا بالفخر الكبير لمساهماتنا في العالم خارج وظائفنا، إلا أن أرباب العمل بصراحة لا يهمهم ذلك، ومثل هذه التفاصيل ليست إلا مجرد تشتيت لهم.

      وفي حالة دافنشي، فإن ذلك يعني التركيز "على نجاحه أكثر من مشاريعه المتعلقة بموضوعات غير ذات صلة" كما أشارت سميث-برولك.

      وقالت: "إن رب العمل الذي يحتاج إلى مهندس على سبيل المثال سيجد رسوم دافنشي الهندسية وتصاميمه للجسور والطيران والمضخات الهيدروليكية ومدافع البخار رائعة، إلا أن ميله للتحقيق في "تصاميم للمشي على الماء، أو الإشارة إلى أنه درس الوجوه والمشاعر وصور الأطفال في الرحم وكتب نصوصا حقيقية عنها، فلن يكون لها الوقع ذاته".

      وحسب سميث-برولك فإن بيت القصيد هو: كي يكون لدافنشي فرصة لجذب اهتمام صاحب العمل اليوم، كان سيتعين عليه أن يشذب سيرته الذاتية لتلتزم "بالتفاصيل ذات الصلة، ومقاومة الرغبة في التأثير على- أو إرهاب- أرباب العمل بحكايات الأعمال البطولية التي لا صلة لها بالعمل، والامتناع عن تقديم حقائق ليست ذات علاقة بالعمل".

      الشكل مهم

      في الوقت ذاته، قال آدم لويد، رئيس شركة ويبر كير للبحث التنفيذي العالمي ومقرها تامبا في فلوريدا: "بالنظر إلى عصر سرعة الضوء هذه الأيام، نحتاج إلى سيرة ذاتية يمكن مراجعتها بسرعة مع التحقق من المصداقية المناسبة، إلا أن سيرة دافنشي الذاتية، كما هي، لا تحقق ذلك".

      استهداف ذكي

      قال لويد إن هذا لا يعني أن الفنان البارز لم يضع بعض الأمور في نصابها الصحيح. فهو يستحق الثناء بسبب "الهدف الواضح والمحدد بدقة المكتوب خصيصا لصاحب العمل المستهدف: الدوق".

      ويضيف لويد: "أحسنت، فقد خصصت ذلك بشكل جيد". بيد أن دافنشي فشل في تقديم شيء مهم للباحثين عن العمل في العصر الحديث، ألا وهو أنه لم يطور "علامة تجارية ثابتة، ناهيك عن أي علامة تجارية لعمله الشخصي قيد التسويق".

      وماذا عن الحضور الاجتماعي، ووجود عنوان موقع إليكتروني لرؤية مجموعة أعماله الكبيرة؟ هذه الأمور ضرورية.

      وأثنى لويد على عرض دافنشي لسيرة ذاتية لم يملأها بمجموعة خطوط فظة أو ألوان أو صور.

      وأضاف: "إلا أنني أعتقد أنها مبسطة. فالمزيد من المساحة البيضاء يسهل قراءتها مع القليل من التغيير في الخط والعناوين والتصنيفات"، حسب نصيحة لويد، الذي أضاف بالقول: "إن الوثيقة يجب أن تكون قابلة للتصفح والتلقي في بضع ثوان بدلا من قراءة فقرات في دقائق".

      ليست سيرة ذاتية وحسب

      وقال لويد إنه بينما كان دافنشي واضحا فيما يريد إنجازه للدوق (حسب تحليل الاحتياجات)، وما الذي يقدر على إنجازه، "إلا أن سيرته الذاتية تفتقر إلى وضع أمثلة محددة عن الأعمال المنجزة ذات العلاقة بالعمل" الذي يريد القيام به لصاحب العمل المستقبلي. ولتصحيح هذا، كان دافنشي سيحتاج إلى وضع الخطوط العريضة التي تحدد إنجازاته المهنية وخبراته واستنتاجاته، وربط كل ذلك بما يقول لبناء الثقة في نظر الدوق".

      وخلص لويد إلى القول:"مع إدخال بعض التعديلات، أنا واثق أنه سيتم التعاقد مع السيد دافنشي. فقد تقدم بتوصية ولديه سمعة جيدة مكتملة بالدعم. فالسيرة الذاتية التقليدية هي مجرد عامل من العوامل التي تثبت قدرة المتقدم للوظيفة على القيام بالعمل. لكنها ليست مجرد قائمة نهاية بالإسهامات الكاملة".

      يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Capital.

      Source: bbc.com/arabic/business/2016/0…cis_cv_was_not_impressive