Source: atheer.om/archives/89786/%d8%a…d9%83%d9%86-%d8%ae%d9%8a/Atheer News كتب:
أثير- المكرم د. إسماعيل الأغبري
منذ اندلاع لسان ما يسمى بالربيع العربي الذي أسفر في أكثر الدول التي أصابها تدهور أمني كبير تمثل في التفجيرات والاغتيالات وتزايد أعداد القتلى والجرحى وفي تدهور اقتصادي تمثل في فراغ خزينة الدول من مقومات الاقتصاد وتلاشي العملات الصعبة والوصول إلى الحضيض من المستوى المعيشي
وفي تدهور اجتماعي تمثل في انقسام البلد الواحد إلى أحزاب وإثنيات وصراعات قبلية وجهوية وفكرية ومذهبية مما عجل بتقطيع النسيج الاجتماعي
وتسبب في تدهور السلطة القادرة على إثبات وجود الدولة إذ حل محل قوتها جماعات وفرق وأحزاب تلي أمر القرى والمناطق مما ادخل البلدان في صراعات لا تنتهي حتى تعاود الاشتعال
وأسفر ما يسمى بالربيع في أكثر البلدان التي شهدته تشكل جماعات دينية ذات أيدلوجيات حارقة للأمة والمجتمع والدول بسبب غلوها في التكفير تمهيدا للتفجير ومهاجمة الأماكن العامة من حافلات وقت الذروة وأسواق ومقاهٍ ومساجد ومراكز حكومية ومنتديات ومزارات سياحية
أسفر ما يسمى بالربيع عن احتقان مذهبي طائفي يأكل الأخضر واليابس يستدعي أصحابه حروبا ماضية ومواقف تاريخية متضاربة
ولكن الذي أسفرت عنه هذه السنوات العجاف وكشفت عنه هذه الأحداث هو تباين المواقف بين الدول العربية من تلك الأحداث إذ تلاشت البراقع وما كان تحت الطاولة بدا فوقها
دول عربية تبين أنها منغمسة في تلك الفتن مشعلة نارها موقدة أوارها عازمة على تغذيتها إما بما تدفعه من أموال طائلة في سبيل دعم وإطالة أزمات تلك الدول أو دفع آ
أموال طائلة موجهة لقسم أو مجموعة من المجموعات المتصارعة في البلد الواحد
دول تدخلت في شؤون أخرى نكاية بحاكم تلك الدولة بسبب خلاف سياسي في أروقة الجامعة العربية بسبب سباق على رئاسة أو منافسة على زعامة أو رغبة في احتضان مقر من مقرات تلك المؤسسة
الأمر الأكثر خطرا والأشد فتكا أنه تبين من أحداث ما يسمى بالربيع العربي أن دولا تعمدت استحضار مفردات دينية ومذهبية وهو أمر خطير جدا لأنه يعني حربا فكرية وتجييشا للجماهير ومن المعروف أن أشرس الحروب وأكثرها بطشا وأبعدها عن العقل والمنطق ما قام على أسس مذهبية ودينية فهي حرب الفناء إذ كل من صار إليها استدعى النصوص الدينية والكم من الروايات الغثة المزعومة المنسوبة إلى نبي الرحمة وداعية السلام كالقول بأنه بعث بالذبح والفتك والسيف
للأسف الشديد سخرت دول مقدراتها وفي سبيل تصفية رأس الحكم الذي تختلف معه سياسيا المفردات الدينية واستعانت بالمنبر والخطبة والندوة والمحاضرة في سبيل حمل الجماهير وإقناعها على كفر نظام حكم معين وأنه زنديق ملحد كافر مرتد إلى آخر تلك المصطلحات بينما كانت من قبل تقيم معه أفضل العلاقات السياسية والعسكرية والتجارية وكان منها ومعها أيام حرب الخليج الثانية
انطلق المتعصبة وقد جاءهم الضوء الأخضر من حكوماتهم فصاروا بهيجون الناس على دولة من الدول من قبل الإسلام والكفر والمذهب مما ألهب المشاعر وأجج الحقد
إن هذا يذكرنا بذات الحدث مع صدام حسين فقد اعتبرته بعض الزعامات العربية في حرب الخليج الأولى بأنه حامي حمى العروبة والإسلام وأنه خليفة زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر وخاطبه بعض رجال الدين وكأنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وحامي حمى الملة والدين
ثم في حرب الخليج الثانية تم عقد المؤتمرات وتم اعتباره مرتدا كافرا بعثيا عدوا للإسلام ومن المؤسف أن ذات رجال الدين اعتبروه في حرب الخليج الأولى مسلما مؤمنا بطلا اعتبروه في حرب الخليج الثانية كافرا بعثيا وكأن صفة البعثية طرأت عليه واستجدت بشأنه وكأنهم لا يعلمون أنه رأس حزب البعث الحاكم في العراق من قبل ومن بعد
في سوريا تم تمويل الجماعات الدينية وغير الدينية بالسلاح والمال والرجال عبر فتح الحدود وفتح معسكرات تدريب وعبر السماح لخطباء الفتن وتجار الدين بحث الناس لما يسمى بالجهاد في سبيل الله ,, ,ونصرة الدين وحفظ الملة واستقامة الشريعة وتحكيم شرع الله والجماهير المسكينة تبارك وتهلل وتصغق وتلتحق بالصفوف
وهذا هو الشأن في دول أخرى
كشفت الأحداث أيضا عن دول قلائل وقيادات يضرب بها المثل في الحكمة والتعقل وهي قليلة جدا ومنها السلطنة وقيادتها ودبلوماسيتها
السلطنة ليست إمعة ولا مقلدة لأحد وإن كان الأحد كثرة لأن منهجها بث السلام واحترام الإنسان أي كان لونه أو عرقه أو وطنه أو قوميته أو دينه أو فكره
لن يستطيع أحد أن يزعم أن السلطنة جزء من مشكلة ولكن من اليقين أنها الترياق والحل وهو ما يمكن أن نستشفه من خلال الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة من فترة للسلطنة وقدم طلبا من الأمم المتحدة للسلطنة لمواصلة دعم السلام والتدخل لإطفاء الفتن ثم تأكد هذا الدور السلمي السامي العماني بما صرح به هذه الأيام مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا والذي يزور السلطنة إذ أكد أن السلطنة تقف على مسافة واحدة من المختلفين وأنها مؤهلة لحلحلة الصراعات وأنها موثوق بها
رئيس مجلس النواب الليبي يؤكد أيما تأكيد أنه أتى السلطنة طالبا منها التدخل لحلحلة ما يجري في ليبيا
لو كانت السلطنة تجري مع إرادة الكثرة أو القلة لدعمت المشاكل في ليبيا ولو كانت مقلدة لغيرها لساهمت في إطالة أزمة سوريا وما خلفته من قتل وتفجير وحرق وتدمير لسوريا الدولة والإنسان والطبيعة
لن ترضى السلطنة استحضار المفردات الدينية والفكرية لتصفية الخلافات السياسية فذلك مسلك لن تمارسه القيادة السياسية مطلقا
لن يستطيع أحد الزعم بأن السلطنة مشكلة في مصر أو اليمن أو سوريا أو ليبيا أو فلسطين أو لبنان أو الصومال او أفغانستان وهذا إجماع إلا من كان حاقدا على السلطنة غير راغب في صفاء وجه السلطنة في العالم
لن يستطيع مواطن من تلك الدول الزعم بأن السلطنة تضخ مليارات لإسقاط نظام أو لتثبيت نظام
نعم توجد المواقع الالكترونية المدفوعة الثمن والأفواه المطعومة والتي هي أشبه ما يكون بالتلفون العمومي الذي كلما زدته نقودا أمكن منه الكلام وإذا انقطعت عنه انقطع
نعم توجد التغريدات المأجورة التي قد تزعم ولكن ثقة العالم بقيادة السلطنة وتعاقب مسؤولي ومبعوثي الهيئات الدولية وثناء قادة العالم على القيادة العمانية يلجم تلك الأفواه المطعومة مسبقا
عمان ليست إمعة ولن تقلد أحدا وهي مع كل تجمع يسعى إلى خير أمم الأرض لكنها لن تكون في تجمع يسعى إلى قرع طبول الحرب أو لتحديد أنواع الحكم في أي دولة عربية أو لاستعمال الضوء الأحمر في وجه نظام حكم لأن ذلك يتنافى مع مبدأ دولي وهو عدم جواز التدخل في شؤون الدول
إن القيادة في السلطنة ترى أنه ينبغي تسخير التجمعات والاتحادات لعز الشعوب والأمم وليس تسييرها لخدمة أغراض القيادات السياسية التي تريد إرواء نزعاتها أو تصفية حساباتها
تلك عمان وتلك قيادتها رأي مستقل احترام لسيادة الدول ومراعاة للحقوق وتغليب للجانب الإنساني وعدم تسخير الدين في سبيل تصفية الحسابات السياسية.
على العماني أن يدرك فضل هذه القيادة فإنها رفضت أن تزج ببنيه في أي فتنة ورفضت أن ترسل جنديا من جنودها في قضية خاسرة ليس للسلطنة فيها ناقة وجمل
إن القائد الحق هو الذي يحفظ شعبه وجنده من تعريضهم للمهالك إلا إن كان ذودا عن عمان ودفاعا عن عمان الحضارة والتاريخ والنظام السياسي والحدود الجغرافية فإنه يلزم أن يصير جنودها نارا تلظى وحمما تحرق من يريد بها شرا
شارك هذا الموضوع:
الحلقة الثانية : عُمان ليست إمعة ولكن خيارها إطفاء الفتن
- خبر
-
مشاركة