*الرد على شبهة وجود خطأ نحوي في قوله تعالى: {إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه : 63]*
قال الشارح عبدالفتاح القاضي: "قرأ حفص وابن كثير (قالوا إنْ هذان) بتخفيف نون (إْن) وتسكينها، وقرأ غيرهما بتشديدها مفتوحة.
```وقرأ أبو عمرو (هذينِ) بالياء الساكنة في مكان الألف في قراءة غيره.
وقرأ ابن كثير بتشديد نون (هذانِّ)، وقرأ غيره بتخفيفها".```
وقال ابن عاشور: "واعلم أن جميع القراء المعتبَرين قرؤوا بإثبات الألف في اسم الإشارة من قوله (هذان)، ما عدا أبا عمرو من العشرة، وما عدا الحسن البصري من الأربعة عشر، وذلك يوجب اليقين بأن إثبات الألف في لفظ هذان أكثر تواترًا، بقطع النظر عن كيفية النطق بكلمة (إن) مشددة أو مخففة، وأن أكثر مشهور القراءات المتواترة قرؤوا بتشديد نون (إنَّ)، ما عدا ابنَ كثير وحفصًا عن عاصم، فهما قرأا (إنْ) بسكون النون على أنها مخففة من الثقيلة".
```فاسم الإشارة قد جاء بالياء في قراءة أبي عمرو بن العلاء، وإعراب الآية على هذه القراءة يكون كالتالي:
(إنَّ هذينِ لساحران): (إن) ناسخة، و(هذين) اسمها منصوب بالياء، واللام المزحلقة، و(ساحران) خبر إن مرفوع بالألف.```
أما القراءات الأخرى التي جاء اسم الإشارة فيها بالألف، فلها تخريجات ووجوه إعرابية عدة، نذكر منها ما يلي:
الوجه الأول: (إنْ) مخففة من الثقيلة ومهملة، فلا عمل لها؛ أي: إنها لا تنصب المبتدأ، و(هذان) اسم إشارة مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الألف، واللام الفارقة، و(ساحران) خبر مرفوع بالألف.
```وهذا قول جملة من النحويين منهم علي بن عيسى.```
قال ابن عقيل في شرحه للألفية: "إذا خففت "إنْ" فالأكثر في لسان العرب إهمالها؛ فتقول: إن زيدٌ لقائم".
```وقال ابن مالك في ألفيته:
وَخُفِّفَتْ إِنَّ فَقَلَّ العَمَلُ
وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ```
فإن قيل: إنها جاءت مثقلة في قراءة صحيحة، فالرد كما قال الآلوسي: "(إن) ملغاة وإنْ كانت مشددة؛ حملاً لها على المخففة، كما أعملت المخففة حملاً لها عليها في قوله: {وَإِنْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} [هود: 111]، فهي مخففة في قراءة نافع وابن كثير وشعبة".
الوجه الثاني: "إن" هنا ليست الناسخة؛ بل هي إن بمعنى "نعم"، ويكون المعنى: نعم هذان ساحران، وهو قول جماعة من النحويين، منهم المبرد والأخفش الصغير، وذكره أبو إسحاق الزجاج في تفسيره، وذكر أنه عرض هذا القول على المبرد وإسماعيل القاضي فقبِلاه.
فهل تأتي "إن" بمعنى "نعم" في اللغة العربية؟
الإجابة: نعم، ودليل ذلك قول الشاعر - وهو عبدالله بن قيس الرقيات -:
```بَكَرَ العَوَاذِلُ فِي الصَّبُوحِ يَلُمْنَنِي وَأَلُومُهُنَّـهْ
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلاَكَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ: إِنَّهْ```
أي: فقلت: نعم.
ومما يستدل به على ذلك أيضًا: أن رجلاً قال لابن الزبير: لعن الله ناقةً حملتْني إليك، فأجابه ابن الزبير: إنْ وراكبها، (أي: نعم، وراكبها أيضًا).
وعلى هذا الوجه يكون: (هذان ساحران) مبتدأ وخبرًا مرفوعين كالوجه السابق.
الوجه الثالث: "إن" هنا نافية، واللام الداخلة على (ساحران) بمعنى: إلا، فيكون المعنى: ما هذان إلا ساحران، وهذا قول الكوفيين من النحاة، وعلى هذا القول تكون (هذان) مبتدأ مرفوعًا.
الوجه الرابع: "إن" ناسخة وناصبة، و(هذان) اسمها، ومجيء اسم الإشارة بالألف مع أنه في محل نصب جَارٍ على لغة بعض العرب من إجراء المثنى وما يلحق به بالألف دائمًا، وهو قول أبي حيان وابن مالك والأخفش وأبي علي الفارسي.
فهل يمكن ذلك في اللغة العربية؟ هل يمكن أن يكون المثنى منصوبًا ورغم ذلك يكون بالألف؟
الإجابة: نعم، وهذه لغة كنانة وبلحارث بن كعب، وبني العنبر وبني هجيم، وبطون من ربيعة وخثعم وهمدان وعذرة.
ومما يشهد لذلك قولُ الشاعر أبي النجم العجلي:
وَاهًا لِرَيَّا ثُمَّ وَاهًا وَاهَا
يَا لَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا
وَمَوْضِعَ الخَلْخَالِ مِنْ رِجْلاَهَا
بِثَمَنٍ نُرْضِي بِهِ أَبَاهَا
فكلمة (عيناها) في البيت الأول اسم "ليت" منصوب وهو مثنى، ورغم ذلك كتبت بالألف (عيناها)، وليس بالياء (عينيها).
وكذلك كلمة (رجلاها) في البيت الثاني مجرورة بمن وهي مثنى، ورغم ذلك كتبت بالألف (رجلاها)، ولم تكتب بالياء (رجليها).
ومنه قول الشاعر:
تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ طَعْنَةً
دَعَتْهُ إِلَى هَابِي التُّرَابِ عَقِيمِ
فكلمة (أذناه) في موضع جر بالإضافة إلى الظرف بين، ورغم ذلك فهي بالألف (أذناه)، وليس بالياء (أذنيه)، والأمثلة على ذلك في لسان العرب كثيرة.
قال ابن عقيل في شرح الألفية: "ومن العرب من يجعل المثنى والملحق به بالألف مطلقًا: رفعًا ونصبًا وجرًّا، فيقول: جاء الزيدان كلاهما، ورأيت الزيدان كلاهما، ومررت بالزيدان كلاهما".
وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "وهذه لغة لبعض العرب، جاءت هذه القراءة على إعرابها".
```الوجه الخامس: "إن" ناسخة ناصبة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و(هذان ساحران) مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر إن.```
والمعنى إنه (أي: إن الحال والشأن) هذان لساحران، وإلى ذلك ذهب قدماء النحاة.
قال الشارح عبدالفتاح القاضي: "قرأ حفص وابن كثير (قالوا إنْ هذان) بتخفيف نون (إْن) وتسكينها، وقرأ غيرهما بتشديدها مفتوحة.
```وقرأ أبو عمرو (هذينِ) بالياء الساكنة في مكان الألف في قراءة غيره.
وقرأ ابن كثير بتشديد نون (هذانِّ)، وقرأ غيره بتخفيفها".```
وقال ابن عاشور: "واعلم أن جميع القراء المعتبَرين قرؤوا بإثبات الألف في اسم الإشارة من قوله (هذان)، ما عدا أبا عمرو من العشرة، وما عدا الحسن البصري من الأربعة عشر، وذلك يوجب اليقين بأن إثبات الألف في لفظ هذان أكثر تواترًا، بقطع النظر عن كيفية النطق بكلمة (إن) مشددة أو مخففة، وأن أكثر مشهور القراءات المتواترة قرؤوا بتشديد نون (إنَّ)، ما عدا ابنَ كثير وحفصًا عن عاصم، فهما قرأا (إنْ) بسكون النون على أنها مخففة من الثقيلة".
```فاسم الإشارة قد جاء بالياء في قراءة أبي عمرو بن العلاء، وإعراب الآية على هذه القراءة يكون كالتالي:
(إنَّ هذينِ لساحران): (إن) ناسخة، و(هذين) اسمها منصوب بالياء، واللام المزحلقة، و(ساحران) خبر إن مرفوع بالألف.```
أما القراءات الأخرى التي جاء اسم الإشارة فيها بالألف، فلها تخريجات ووجوه إعرابية عدة، نذكر منها ما يلي:
الوجه الأول: (إنْ) مخففة من الثقيلة ومهملة، فلا عمل لها؛ أي: إنها لا تنصب المبتدأ، و(هذان) اسم إشارة مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الألف، واللام الفارقة، و(ساحران) خبر مرفوع بالألف.
```وهذا قول جملة من النحويين منهم علي بن عيسى.```
قال ابن عقيل في شرحه للألفية: "إذا خففت "إنْ" فالأكثر في لسان العرب إهمالها؛ فتقول: إن زيدٌ لقائم".
```وقال ابن مالك في ألفيته:
وَخُفِّفَتْ إِنَّ فَقَلَّ العَمَلُ
وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ```
فإن قيل: إنها جاءت مثقلة في قراءة صحيحة، فالرد كما قال الآلوسي: "(إن) ملغاة وإنْ كانت مشددة؛ حملاً لها على المخففة، كما أعملت المخففة حملاً لها عليها في قوله: {وَإِنْ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} [هود: 111]، فهي مخففة في قراءة نافع وابن كثير وشعبة".
الوجه الثاني: "إن" هنا ليست الناسخة؛ بل هي إن بمعنى "نعم"، ويكون المعنى: نعم هذان ساحران، وهو قول جماعة من النحويين، منهم المبرد والأخفش الصغير، وذكره أبو إسحاق الزجاج في تفسيره، وذكر أنه عرض هذا القول على المبرد وإسماعيل القاضي فقبِلاه.
فهل تأتي "إن" بمعنى "نعم" في اللغة العربية؟
الإجابة: نعم، ودليل ذلك قول الشاعر - وهو عبدالله بن قيس الرقيات -:
```بَكَرَ العَوَاذِلُ فِي الصَّبُوحِ يَلُمْنَنِي وَأَلُومُهُنَّـهْ
وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلاَكَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ: إِنَّهْ```
أي: فقلت: نعم.
ومما يستدل به على ذلك أيضًا: أن رجلاً قال لابن الزبير: لعن الله ناقةً حملتْني إليك، فأجابه ابن الزبير: إنْ وراكبها، (أي: نعم، وراكبها أيضًا).
وعلى هذا الوجه يكون: (هذان ساحران) مبتدأ وخبرًا مرفوعين كالوجه السابق.
الوجه الثالث: "إن" هنا نافية، واللام الداخلة على (ساحران) بمعنى: إلا، فيكون المعنى: ما هذان إلا ساحران، وهذا قول الكوفيين من النحاة، وعلى هذا القول تكون (هذان) مبتدأ مرفوعًا.
الوجه الرابع: "إن" ناسخة وناصبة، و(هذان) اسمها، ومجيء اسم الإشارة بالألف مع أنه في محل نصب جَارٍ على لغة بعض العرب من إجراء المثنى وما يلحق به بالألف دائمًا، وهو قول أبي حيان وابن مالك والأخفش وأبي علي الفارسي.
فهل يمكن ذلك في اللغة العربية؟ هل يمكن أن يكون المثنى منصوبًا ورغم ذلك يكون بالألف؟
الإجابة: نعم، وهذه لغة كنانة وبلحارث بن كعب، وبني العنبر وبني هجيم، وبطون من ربيعة وخثعم وهمدان وعذرة.
ومما يشهد لذلك قولُ الشاعر أبي النجم العجلي:
وَاهًا لِرَيَّا ثُمَّ وَاهًا وَاهَا
يَا لَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا
وَمَوْضِعَ الخَلْخَالِ مِنْ رِجْلاَهَا
بِثَمَنٍ نُرْضِي بِهِ أَبَاهَا
فكلمة (عيناها) في البيت الأول اسم "ليت" منصوب وهو مثنى، ورغم ذلك كتبت بالألف (عيناها)، وليس بالياء (عينيها).
وكذلك كلمة (رجلاها) في البيت الثاني مجرورة بمن وهي مثنى، ورغم ذلك كتبت بالألف (رجلاها)، ولم تكتب بالياء (رجليها).
ومنه قول الشاعر:
تَزَوَّدَ مِنَّا بَيْنَ أُذْنَاهُ طَعْنَةً
دَعَتْهُ إِلَى هَابِي التُّرَابِ عَقِيمِ
فكلمة (أذناه) في موضع جر بالإضافة إلى الظرف بين، ورغم ذلك فهي بالألف (أذناه)، وليس بالياء (أذنيه)، والأمثلة على ذلك في لسان العرب كثيرة.
قال ابن عقيل في شرح الألفية: "ومن العرب من يجعل المثنى والملحق به بالألف مطلقًا: رفعًا ونصبًا وجرًّا، فيقول: جاء الزيدان كلاهما، ورأيت الزيدان كلاهما، ومررت بالزيدان كلاهما".
وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "وهذه لغة لبعض العرب، جاءت هذه القراءة على إعرابها".
```الوجه الخامس: "إن" ناسخة ناصبة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و(هذان ساحران) مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر إن.```
والمعنى إنه (أي: إن الحال والشأن) هذان لساحران، وإلى ذلك ذهب قدماء النحاة.