متضامنُون!

    • خبر
    • متضامنُون!

      AyshaAlseefi كتب:

      يقضِي النّاس وقتهم مؤخراً في المناظرَات بشأنِ وطنيّة مظاهِر التاجرِ من عدمِها وأجندتهِ الخارجيّة أو الشخصيّة وعليهِ فإنّ من الحكمَة التساؤلَ عنِ الظرُوف التي هيأت لظهُور مظاهِر ورواجِ صيتهِ وما الذي جعلَ النّاسَ من اليأسِ والإحباطِ والتشكيك للجوءِ إلى مظاهِر والنظرِ إليهِ كبطلٍ يلوذونَ إليهِ ويستمعُون له؟
      لقد قلتُها سابقاً وأعيدُ بأنّ ... الصحافَة المشاغبَة وغير المحايدَة هيَ مظهَر صحيّ في عالمِ الصحافَة راقنا أم لم يرقنَا .. والنظُم الشفافَة غير القلقة من ثغرَاتها تتعاملُ معها بالردّ المهني القائم على الأدلّة والتفنيد ، تحريك الدعاوَى ، أو حتّى التجاهل حتماً لا على الاعتقال .. إنّ الأمر يزيدُ الصُورة قتامةً أكثر مما هي عليهِ ويوصلُ رسالةً للعامّةِ بأنّ هنالكَ "إنّ" في الأمر حتّى لو كانَ الأمرُ مجرّد فقاعةٍ في الهواء ويتركُ المساحَة مفتوحةً للمتصيدينِ في الماءِ العكرِ من القفزِ مجدداً في المشهَد (مظاهِر التاجر نموذجاً) ..
      قبلَ أيّامٍ أغلقتِ الحكُومة جريدَة الزّمن بل وَمنعت تداولها الالكترونيّ حتى بينَ المواطنين وبعدهَا اخترقَ أحدهُم حسابَ مظاهر التاجر في تويتر الذي ساهمَ في تشويشِ مساراتِ القضيّة وإفقادها جديّتها. كلّ ذلك لا يؤدِي سوَى إلى طرحِ مزيدٍ من التساؤلات وزعزعةِ ثقَة المواطِن وزيادَة بهتانِ الوضعِ وتشويشهِ ..
      الذي نتفقُ عليهِ جميعاً هو أنّه ما لم تعمَل الحكُومة على ترسيخِ مبدأ العدلِ والمواساةِ وزرعهِ زرعاً داخلِ إيمان الفردِ ووعيهِ فسيظهرُ ألف حسابٍ يتاجرُ بهمُوم الشعبِ وألفُ منبرٍ .. ولن يُجدِي منعُ هذه الصحيفَة وتلك ما لم تقتلعِ الأسبابُ الرئيسَة من جذورها.
      لقد أكِلنَا يومَ أكِلَ الثّور الأبيضُ عندمَا لاكتِ الألسنِ وحامَت النمائمُ على أسماءٍ بعينها على رأسِ أكثرِ المؤسساتِ حساسيّة في البلاد ولكنّها استمرّت تمارسُ مهامَها وحذّرنا قبلها أنّ استمرارها يهزّ هيبةَ هذه المؤسساتِ أمام المواطِن ويكسرُ ميثاق الثقة الذي لا نملكُ إلاّها في مواجَهةِ ريَاح الفتنِ الذي تحيطُ بنا من كلّ صوب .. هذهِ المؤسساتُ التي يرى فيها المواطنُ العُماني كينونتهُ ووجودهُ على هذه الأرض .. المؤسسات التي يرَاها جداراً لهُ وحصناً حصيناً ينبغي أن تُحمى بإزالةِ كلّ اسمٍ تلوكه الألسن سواءً كانَ متورطاً أو بريئاً بل وفي دُوَل المؤسساتِ تعمدُ هذه الأسماء إلى تقديمِ استقالَتها مقدمّة مصلحَة المؤسسة واستمراريّة هيبتها على مصالحها الشخصيّة وباعثةً برسالةٍ مهمّة هيَ أنّ المؤسسة أكبَر من الاسم .. المؤسسة تبقَى والأسماءُ تزول ... وما ينبغي الحفاظُ عليهِ ليسَ اسماً على كرسيٍ ولكن ما ينبغي أن يضحَى بالغالي والثّمين من أجلهِ هوَ احترام المواطن وثقتهُ العمياء التي لا تشوبُها شائبة بأنّ هذهِ المؤسسة هي مستقبلهُ وحاميهِ وملاذهُ ووجُوده وعضُده وكلّ ما تمثّله معاني الوطنيّة له .. لكنْ هل رأى المواطنَ العُماني هذا يحدث على الوَاقع؟
      هُنالكَ ممن لا يزَالُ يملكُ قليلاً من الإيمان في حالةِ الحَيرةِ هذهِ بأنّ قراراتٍ لابدّ أن تتخذَ بإزالةِ الأطرافِ الأقوى في القضيّة وأنها تحظَى بمتابعةٍ عن كثب ولكنّ ذلك لن يحدثَ فوراً حتّى لا تُبعثَ رسالة ٌ بأنّ الصحيفَة كانت على حقٍ بطريقةِ إثارتها للموضوعِ وتقديمها له وذلكَ يقودُ لسؤالينِ مهمّين: أوّلهما هوَ ما المشكلَة في أن تشعِر السّلطةُ شعبَها أنّ له يداً في التغيير وإعادة ترتيبِ القوَى؟ ما المشكلَة أن يشعرَ الشّعب أنهُ ذراعٌ يمينٌ للسلطَة إذا نزلَ بكاملِ ثقلهِ في هذهِ القضيّة التي لم تعُد قضيّة الزّمن ومؤسسةِ القضاءِ والإدعاءِ العامّ ولكنّها أصبحت قضيّة رأي عام؟ ما المشكلَة في أن يرَى الشّعب تغييراً صارماً يراهُ رأي العَين في أشدّ حالاتِ الحيرَة التي عشنَاها اليَوم منذ سنوَات؟
      ثانِيها: أنّ الأمرَ أبعدُ من تغيير اسمَين أو ثلاثة أو عشرَة فنحنُ اليَوم نعيشُ أزمَة الدّولة العَميقة التي تحتاجُ إلى هزّة حقيقيّة من الحكُومة ترمِي إلى تغييراتٍ جذريّة جوهريّة داخلَ جسَد المؤسسة وإعمَال حقيقيّ للقوانينِ وأهدَاف ورؤيَة دولَة المؤسساتِ التي طمحَ لها المؤسسونَ على رأسِهم صاحِب الجلالَة؟ فهل يا ترَى استوعبُ أصحابُ القرارِ الحَاجَة الملحّة لحدوثِ ذلكَ بعدَ هذهِ القضيّة؟
      في اليَوم الذي أغلقت فيهِ جريدَة الزّمن - وهوَ يومٌ حزينٌ في تاريخِ أيّ دولَة ذلكَ الذي تغلقٌ فيهِ صحيفةٌ بسببِ تغطيَة صحفيّة - بكَت صاحِبتي وهي تندُب المشقّة والسّنواتِ التي قضَاها صاحبُ الجلالة ووطنيّون آخرُون في بناءِ هذه الدّولة التي تنسفهَا اليَوم سنوَاتٌ أخيرةٌ تخلخلَ فيها جسدُ مؤسساتهَا وترهّل –بشهَادةِ أهلهَا- بشكلٍ مخيفٍ وسَريع حتّى لم يعُد الأمرُ اليَوم منوطاً بتغيير اسمٍ هنا أو هناكَ ما دامت الممارسَاتُ هي ذاتُها والقوانين غير فاعلَة التطبيق.
      يشعرُ المرء أنّه لكثرَة ما نالَ جسدَ هذا الشّعبِ من طعنَات فإنّه لم يعُد يكترثُ للمزيدِ منهَا .. عندمَا تغلقُ قضيّة رأيٍ عامٍ أثارتهَا صحيفة ٌ بتغطيةٍ صحفيّة –اختلفنَا معهَا أو اتفقنا- بإغلاقِ الصحيفَة نفسها واعتقالِ صحفييهَا ثمّ تقديمهم للمحاكمَة في أقلّ من أسبُوع دونَ أن يلمحَ المواطِن أيّة ردّة فعلٍ ولو تطمينيّة حيال أطرافِ القضيّة (الأقويَاء منهم وذوي النفُوذ) فإنّ هذا الأمر ليسَ إلا طعنَة في وجُود وكيَان المواطِن ..
      وحسبُنا وسطَ ما حدَث من خذلانٍ هيَ ردّة الفعلِ الواعيَة التي قوبلَ بها بيانُ "المصدر المسؤولِ" من قبلِ شرائحِ المجتمعِ على اختلافهَا وردُود الأفعَال المستنكِرة التي لم تعدِ الخطَاباتُ الرنّانةُ تنطلي على وعيِها.
      وكالذي يقطعُ أوصالهُ وريداً وريداً .. تبدُو السلطة الأمنيّة وهي تستدعِي اخوَةً لنا و"لهم" لا يقلّون عن أجهزةِ الأمنِ قلقاً على أمنِ البلادِ واستقرارهِ وإن اختلفتِ الأدوَات ..
      الاعتقالاتُ لا تأتي إلا بمزيدٍ من الخَوف والحنقِ والإحبَاط .. شعبٌ محبطٌٌ لا يعوّلُ عليه .. شعبٌ يشعرُ بالخذلانِ وغيابِ القدوَات الحسنَة والشّخصيات المؤثرة على رأسِ حكُومتهِ لا يمكِن أن يكونَ شعباً منتجاً وخلاّقاً .. شعباً يذهب إلى آخر الدّنيا مدافعاً عن وطنهِ أمام العالم .. الممارساتُ التي تحدثُ اليَوم .. لن تصنعَ من هذا الشّعب ، شعباً متفجراً بالإيمانِ بوعيِ حكومتهِ وقلقهَا عليه، على أمنهِ وعلى مستقبلِ أطفالهِ .. لن تجعَلَ منهُ العَين والأذن واليَد التي تبطِش بالفسادِ ، تكرههُ تنبذهُ .. تحتقرُ فاعليه بل ترسّخ منطقَ: "حلالٌ على كبرائِنا ، إذن حلالٌ علينا"
      اليَوم ، يمثلُ صحفيّو الزّمن الثلاثَة أمام المحكمَة .. وهي لعمرِي أسرَع محَاكمة نشهَدها .. وأمامَ ذلكَ لا نملكُ اليَوم إلا أن نستجِيرُ بما تبقّى من الإيمانِ في قلوبنَا بأن يحدثَ تغييرٌ آخر في المشهدِ غيرَ المحاكمَات وسلسلةِ الاحتجازَات .. نستجِير بوعيِ المسؤولينِ وحكمَتهِم وإيمَانهِم بأنّ على قدرِ ما يزرعُون اليَوم ، يحصُدونَ غداً .. وأنّ هنالكَ الكثير من الأخطاء التي حدَثت وأنّ "الجانبَ المملوء من الكأسِ" في هذه القضيّة أن ندركَ أنّ تصحيحَ هذهِ الأخطَاءِ تصحيحاً يطالُ الجَميع وإن متأخراً خيرٌ من تركهَا.. وأنّ في هذهِ البلادِ الخير ولابدّ من استثمارِه .. وأنّها عُمان التي نريدُها لأطفالنا ولغدنَا ولمستقبلنَا ..
      إلى مجلِسِ الدّولة والشّورى: باسمِ ميثاقِ الشّرفِ الذي تمثّلون بهِ شرائَح هذا الشّعبِ وكلّ صوتٍ حملكُم إلى كراسيّكم ، هذهِ القضيّة هي قضيّتكم وعليهِ فأنتُم مطالبُون بأن تكُونوا طرفاً أميناً وناصحاً فيها وأن تكُونوا محركاً لإعدادِ استراتيجيّة عمَل وطنيّ تضمن تفعيلِ تطبيق القوانينِ والأنظمَة ومبادئ  النّزاهة وتعارض المصلحَة داخل مؤسساتِ الدّولة..
      إلى كلّ مسؤولٍ حكوميٍ " قلقُنـَا هوَ قلقهُ" :
      ولابدّ من شكوَى إلى ذي مروءةٍ
      يواسِيكَ أو يُسلِيكَ أو يتوجّعُ
      إلى هذَا الشّعب العُمانيّ:
      يا ربّنا ..
      احفَظ لنَا جلالَة السّلطَان ..
      والشَّعب .....
      والشَّعب ..........
      والشّعب ...............

      Source: ayshaalsaifi.blogspot.com/2016/08/blog-post.html