فاضل ثامر : قراءة في تجربة الشاعر عارف الساعدي

    • خبر
    • فاضل ثامر : قراءة في تجربة الشاعر عارف الساعدي

      Atheer News كتب:

      إنبثاق اللحظة العرفانية في الشعر

       قلَما أميل إلى قراءة الشعر العمودي ،وأجد نفسي ، ربما بسبب انحيازي إلى مشاريع الحداثة الشعرية ، أنظر بريبة إلى طاقة القصيدة العمودية الشعرية بسبب انطوائها على الكثير من القيم والمكونات والأصول التقليدية، فضلا عن بنيتها السيمترية واتكائها على القافية والموسيقى الخارجية والتطريب . لكن قصيدة الشاعر “عارف الساعدي”تستغفلني ، وتجعلني أنسى حقيقة أني في مواجهة قصيدة عمودية ، وأشعر خلافا لذلك ، بأني في مواجهة حسٍ حداثيٍمتكامل تتلاشى فيه أو تبهت  كل عيوب العمود الشعري المعروفة .

        قد يقال هذه هي سمة المنحى الشعري التسعيني المعروف باسم “قصيدة الشعر “التي أطلق بيانها “ستة شعراء هم : بسام صالح مهدي ، الذي أصدر كتابا نقديا ووثائقيا للكشف عن هذا المشروع ، ومحمد البغدادي ، الذي يعد أحد عرابي الاتجاه ورشيد حميد الدليمي – الذي لم تتح لي الفرصة  ،للاسف ،للاطلاع على كتاباته ، ومضر الالوسي ،ونجاح العرسان ، وأخيراً عارف الساعدي ، الذي أسس فضلا عن ذلك “رابطة الرصافة للشعراء الشباب “في منتصف تسعينيات القرن الماضي ، والذي تحاول هذه الورقة أنْ تتوقف قليلاً عند تجربته .

       شخصياً أتحفظ على أنْ أعدَ هذه السمة المتفردة في شعر عارف الساعدي ، سمة عامة لقصيدة الشعر ، وأظنها سمة فردية حصرية بالشاعر تحديداً ،  لأني من خلال استقرائي لمعظم ما كتب شعراء “قصيدة الشعر “لم أجد حقا منحى متميزاً يستحق هذه التسمية الا في محاولات محدودة، مع تقديري للجهود المبذولة والنوايا الصادقة لمعظم الشعراء ، لأنَ جلَ ما قرأناه مجرد محاولات لتجديد القصيدة العمودية التسعينية وتحريرها من بعض القيود الصارمة للعمود الشعري وهي تختلف في جذريتها وعمقها من شاعر إلى آخر ، وهي تجربة  ربما سبق وأنْ بدأ بها شعراء آخرون أمثال لؤي حقي ورعد بندر ، تأثراً بتجربة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وبتجربة آخر عمالقة الشعراء العموديين الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ، وإنْ كنتُ شخصياً أحسب لأغلب شعراء “قصيدة الشعر “رغبتهم الخفية للخروج من العباءة الشعرية والسياسية للشعراء العموديين الذين سبقوهم والذين كرسوا ،وللأسف، معظم كتاباتهم الشعرية لتملق الدكتاتور وحروبه المجنونة،  وبالتالي محاولة شعراء “قصيدة الشعر “البحث عن هوية مغايرة فيها عودة إلى الذات  وإلى الهموم الإنسانية التي سحقتها قصيدة الحرب التعبوية آنذاك .

      ولا يمكنني الزعم الآن وأنا اقرأ مجموعات الشاعر عارف الساعدي الثلاثة المتوفرة لي : عمره الماء “(1) الصادرة عام 2009 و “جرّة أسئلة ” (2) الصادرة عام 2013 ، و”مدونات ” (3) الصادرة عام 2015 .

      و الشاعر عارف الساعدي، محور هذه الورقة، كان بعيداً ، في أغلب ما كتب ، من السقوط في عيوب القصيدة العمودية التقليدية. ففي الوقت الذي كانت تثير فيه إعجابي قصيدة الشاعر “ما لم يقله الرسام “(4) التي يستهل بها ديوانه “عمره الماء “، لكني ،من الجهة الاخرى،وجدت قصائد أخرى في الديوان ذاته تدمرها القافية والتقليد والرتابة والبلاغة الميتة .

      وكما أشرت كنتُ منبهراً بهذه الانسيابية التي تتدفق بها قصيدة عارف الساعدي “ما لم يقله الرسام “والتي كانت تجعلني أشعر بأني أمام قصيدة حداثية مبنىً ومعنى ً، ولم أشعر فيها بثقل القافية ولا بسيمترية البيت الشعري ، فضلاًعما تنطوي عليه من توظيف للصورة الشعرية المركبة والنامية التي تتحرك على امتداد القصيدة ، يقيم فيها الشاعر تناظرا بين الصورة في اللوحة التشكيلية والصورة في القصيدة بطريقة تثير الإعجاب :

      “رسمت غيماً ولم أرسمْ له مطراً

      لكنه كسر اللوحات وانهمرا

      وفزز الماء طيناً كان مختبئاً

      في لوحتي ناطراً في صمته المطرا

      وكان في الطين حلم لو منحت له

      وقتاً ندياً لكانت لوحتي شجرا

      لكنه اختلطت ألواننا فإذا

      هذا الرمادي ليلاً يصبغ الفقرا . “(5)

      في هذه القصيدة يتقمص الشاعر قناع الرسام وهو يرسم لوحته التي تتمرد فيها الألوان عليه ، فنجد تكاملا بين الصورة التشكيلية والصورة الشعرية . ويوظف الشاعر في النصف الأول من القصيدة ضمير المتكلم “أنا “يتحدث فيه من خلال قناع الرسام ذاته ، لكنه ينعطف فجأة في النصف الثاني من القصيدة إلى توظيف ضمير الغائب” هو” في لون من “العدول “– بالمعنى اللغوي والبلاغي  ، ربما لينقل هم الرسام من حالته الفردية الخاصة إلى حالته الشمولية والإنسانية الكبرى . ونجد ان بداية الانشقاق في الأصوات الشعرية من المتكلم إلى الغيبة ، تبدأ بهذا البيت الذي ينطوي على الضميرين معا ، يقدم فيه “الأنا “– الهو ، في كلمتي “حزني “و “أكمل “على التوالي :

      “حزني اذا أكمل الرسام لوحته

      أعاف بيتاً له أمْ ظلَ منكسرا .”(6)

      ويسترسل الشاعر عبر ضمير الغيبة هذا لينفتح أمام الوظيفة الإنسانية الشاملة للفنان التشكيلي ، وروح التسامح التي يتصف بها :

      “وكان يرسم أبواباً مفتّحة

      للناس يدخلها من تاب ، من كفرا ” (7)

      لكن الشاعر لم يهمل جوهر إشكالية التجربة التشكيلية الشعرية الفردية المتموضعة في ذات المبدع الذي يظل لوحده خارج اللوحة التي صنعها منتظراً على الأبواب ،

      “الكل يدخل من أبواب لوحته

      إلّاه ظل على الأبواب منتظرا “(8)

      ونجد قصائد مماثلة للشاعر في هذا الديوان منها “قيل منفىً” :

      “قيل منفىً

      فقلنا احجزوه لنا

      ربما سنغادر ثانيةً لبلاد ستحفظ أسماءنا “(9)

      وفيها حالة انكسار آنية يحاول الشاعر تجاوزها بجلد وهو يصنع وطناً بديلاً :

      “إذاً سأغادر هذي البلاد

      فلا تزعلوا أيها الأصدقاء

      لنصنع منا بلاداً بلا رافدين

      بلا نفط ، لا أولياء ، ولا أضرحة

      ونحرق تاريخ كل البلاد

      فتاريخها مولغ بالدماء مع الأسئلة ” (10)

      بمثل هذه السيولة تتدفق صور القصيدة الحداثية دون أنْ تشعر لحظة أنك تقرأ قصيدة مكتوبة على طريقة الشعر العمودي أو التفعيلة . وتشبهها قصائد عديدة منها “الشمس في بغداد تعني حضن امي ” (11)

      وقصيدة “عندما ينفذ الكلام “(12) التي سيعود إلى أجوائها في ديوانه “مدونات “وتحديدا في قصيدته الأولى “مدونة الرمل “.(13) ويقترب من هذه التجربة أيضا في قصيدة “أول أيام الخلق ” (14) في ديوانه “جرّة أسئلة “.

      لكننا نجد ، في مقابل ذلك ، بعض القصائد الثقيلة التي تبدو فيها القافية مثل عظم ناتئ ، فهي قاسية ورتيبة وثقيلة ومنها قصائد :

      “هذا هو الأرض “0(15) و “قلق ” (16) و “طيبة ” (17) ، كما وجدنا رتابة وتلفيقا ولعبا لفظيا تقليديا في تقفية مطلع قصيدة “اذكريني ” :

      “اذكريني فان فجري طفل

      والأغاني على شفاهي رمل

      والتفاصيل فوق ظلي ظلُ

      كيف امشي وفوق ظلي ظل ” (18)

      ونجد محاولة جريئة للخروج من رتابة القافية الموحدة في قصيدته مقطوعات ” (19) التي حاول أنْ يوظف في كل مقطع من مقاطعها الستة قافية مغايرة .

      ويمكن القول إنَ ديوان الشاعر “عمره الماء ” كان اللحظة الحقيقية التي راحت فيها تجربة الشاعر بالتفجر والنضج بعد مرحلة ظل يغازل فيها الذات والطفولة والحب والمرأة بشئ كبير من الرومانسية ، لكنه بدأ بالنضج الفكري والعاطفي والرؤيوي تدريجيا في هذا الديوان وراح ينتقل نحو لحظة “الوعي البرهاني” الذي سوف يتضح لاحقا بشكل أوضح في ديوانيه اللاحقين “جرة أسئلة “و “مدونات “، مفارقاً بحدة وإلى الأبد الموقف العرفاني المغموس بحس صوفي إشراقي .

      لكن لحظة النضج الأكبر في رؤيا الشاعر الشعرية تتضح ،كما أشرنا، في ديوانيه “جرة أسئلة ” 2013 و”مدونات ” 2015 حيث تتضح شخصية الشاعر الشعرية ورؤيته ولغته وادواته التعبيرية .

      ومما يسجل للشاعر ، ربما منذ بداياته التسعينية أنه قد فارق اللغة البلاغية والاستعارية والمعجمية والتراثية الفخمة واعتمد لغة شعرية بسيطة ، ربما تضارع لغة الحياة اليومية التي  سبق وان بشّر بها الشاعر ت .س . اليوت ، واعتمدها معظم شعراء الحداثة الشعرية العربية ،ربما عدا  استثناءات محدودة .

      أقول هذا لأننا ما زلنا نجد لدى الكثير من شعراء “قصيدة الشعر “تلك اللغة المجلجلة ، والمعجمية ، وتلك التراكيب البلاغية واللسانية التي عفا عليها الزمن ، زمن الشعر على الأقل.

      وبمثل هذه اللغة “اليومية “يصنع عارف الساعدي لغته الشعرية ، التي تعبر عن حس حداثي حقيقي يرفض التنميق والزخرفة .

      وبهذه الطريقة أيضاً، يحاول الشاعر ان يستنطق الحياة اليومية بكل تفاصيلها ومفرداتها ، لا من  خلال حس بارد ووصفي ، بل من خلال موقف فكري وفلسفي وانطولوجي عميق يكشف عن انشغال الشاعر بأسئلة الوجود الكبرى وإشكاليات الحياة والموت والطفولة فضلا عن وجع الوطن وجراحاته وهمومه .

      وإذا ما أشّر ديوان “عمره الماء “لحظة النضج المبكرة نحو معانقة الهموم الوجودية والانطولوجية  في تجربة الشاعر عارف الساعدي ، فإنَ ديواني “جرة أسئلة”2013 و “مدونات ”  2015 يمثلان انبثاق “اللحظة البرهانية” في وعي الشاعر الذي يحاول ان يخرج كليا من قماط العرفاني نحو حرية أكبر في الوعي والتأمل والتعامل مع مفردات الحياة والوجود والتاريخ ، ومن خلال محاولة نقض كل ما جاءت به  الأساطير والمرويات الكبرى وإعادة صياغتها شعرياً ، وبرهانياً ، ومنها مرويات سفر التكوين ، ووضع كل المسلمات والبديهيات المتوارثة موضع المساءلة .

      اذ يكشف الشاعر في قصيدته – المفتاح “جرة أسئلة “التي كانت أيضا العتبة النصية للديوان بوصفها عنواناً ، عن بداية هذا الصراع الداخلي بين لحظتين : العرفانية والبرهانية ، ومن خلال إطلاق سيلٍ من الأسئلة الإشكالية التي أرقت وعي الشاعر ومزقته لفترة طويلة :

      “سأعترف الآن

      إني كسرت على بابكم

      جرة الأسئلة

      ياه

      أشك وأؤمن

      ياه

      أشك وأؤمن ” (20)

      وتبلغ حيرة الشاعر ذروتها في خاتمة القصيدة بتساؤل وجودي إشكالي :

      “فلماذا إذاً

      يا الهي

      أنا حائرٌ حائرٌ

      ….

      إنها حيرة الحرِّ بين العبيد . “(21)

      ويكشف الشاعر عن وجه آخر للحظة الموقف البرهاني المتسائل في  قصائد أخرى مثل”آدم “و “كان لله بيت قريب على قريتي “،وهي قصائد حداثية مبنىً ورؤياً وتشكيلاً :

      ففي”آدم “يسائل الشاعر آدم عن أيامه الأولى :

      “أبتي ، يا أبتي آدم

      ماذا أحسست

      وأنت تفتح عينيك لأول يوم

      كي تكتشف العالم ” (22)

      يثير الشاعر أسئلة تبدو إشكالية ووجودية ، لا يكتفي فيها الشاعر بالتساؤل فقط ، بل هو يبارك لآدم هبوطه الأرضي بعد أن أكل التفاحة :

      “ولهذا أنت صنعت جميلاً

      حين أكلت التفاحة ياابتي . ” (23)

      وفي قصيدة “ملل “– التي تحمل عنواناً فرعياً هو “مقطع عرضي من الجنة “نجد وصفا تخيلياً وافتراضياً للحياة في الجنة :

      “هكذا قيل

      خمرة ونساء

      وفاكهة دانية “(24)

      لكن دورة الحياة هذه تثير ملل الشاعر كما جاء في عنوان القصيدة بوصفها عتبة نصية ، فيعلن عن رغبته في العودة إلى حياته البسيطة بديلا :

      “من يعيد لنا بيتنا وشوارعنا المتربة

      وإنْ شاء أبدلها

      بالقصور وبالجنة المخصبة . ” (25)

      وهذه القصيدة تقيم تناصات عديدة مع قصائد ونصوص وتجارب لشعراء آخرين منها “رسالة الغفران “لأبي العلاء المعري و “الكوميديا الإلهية “لدانتي  و”ثورة في الجحيم “للزهاوي التي كتبها عام 1931، واخيرا قصيدة فاضل العزاوي الموسومة “قلق حول مصيري في الجنة “. اذ يعلن الشاعر فاضل العزاوي عن رغبته في مغادرة الجنة والذهاب إلى الجحيم لكي يكون أكثر حرية

      “ماذا افعل في الجنة ؟

      خذني ياصاح إلى سقر وسعير !

      لأعيش حياة كريمة وسعيدة

      فهناك هناك ، فقط

      يمكن أن اكتب ما لم اكتب من أشعاري . “(26)

      وفي قصيدة “كان لله بيت قريب على قريتي “يحتج الشاعر على قيام عدد من “الحرس النتنيين “بوضع حاجز بين بيوت الله والصبية الفقراء :

      “وفي لحظة هرع الجند من نومهم فزعين

      ويصيحون

      ما الذي جيء بالفقراء لبيت كهذا

      فنصيح لماذا

      ألم يك للرب عائلة نحن أبناؤها

      فمن خول الحرس النتنيين

      بان يطردوا صبية الله من بيتهم . “(27)

      وإذا ما كانت هذه القصائد الأربع مبنًى ومعنىً وتكويناً وإيقاعاً مفعمة بنزوع حداثي واضح، فإنَ قصيدة “أول ايام الخلق “التي تنتمي إلى مرحلة “قصيدة الشعر “التسعينية الحديثة تلامس هذه الرؤيا أيضاً ، حيث يعيد الشاعر ، بطريقته الخاصة ، قصة الخلق والتكوين :

      “كنا عجولين لم نصبر على الطين

      ولم نُفخَرْ طويلا في الكوانين

      كنا عجولين حتى حين علمنا

      أسماءنا كنستها ريح تشرين

      كلٌ له إسمه ، كلٌ ديانته

      والخلق بعدُ اقتراحٌ دون تكوين ” (28)

      ويختتم الشاعر القصيدة بلمسة ميتا – شعرية ، فيها كشف عن قصدية الكتابة الشعرية :

      “لم أكتمل بعد لكني تركت لكم

      نصف القصيدة أشكوها فتبكيني ، ” (29)

      في قصيدة “الطوفان “، وهي أيضا قصيدة عمود حديثة يعيد فيها الشاعرصياغة حكاية الطوفان في تناص واضح مع الموروثات الدينية والتاريخية – حيث يناجي الإبن أباه ( نوحاً ) ويرجوه أنْ يعود لنجدته ، وهو يذكره بكل صور الحنان والحب التي عرفها منه ، حيث يرتدي الشاعر قناع ابن نوح الذي يوجه خطاب عتاب إلى أبيه:

      “فاصنع سفينتك الأخرى وخذ بيدي

      فأنني الآن بالطوفان مقتنع ” (30)

      وإنْ كنت أفضل أنْ يظلَ العتاب والرجاء هما الأساس ، أما إعلان الابن بأنه مقتنع بالطوفان ، وإنه يقبل بأنْ ينتظر سفينة أخرى ، فهو يكسر أفق توقع القارئ ونزعة التمرد والرفض والمشاكسة في القصيدة .

      ويتضح في بعض قصائد الديوان محور مهم – سيجد له حضوراً أكبر في ديوان “مدونات “اللاحق ، يتمثل في الانشغال بالهموم الإنسانية والأسرية والاجتماعية اليومية الصغيرة والعابرة من خلال استقراء تفاصيل قصيدة الحياة اليومية ، بكل طاقتها الداخلية المختزنة . ونجد في هذا المحور عودة إلى براءة الطفولة ، والى الحارات المتربة ، والى القبلات البكر ، والأصدقاء الصغار والكبار ، والأحياء والذين مضوا دونما وداع .

      وتمثل هذا المحور في ديوان “جرة أسئلة “قصائد عديدة منها “اعتذار “و “الصديق الوحيد “و “مرثية لصديق حي ” و “هامش “و “مدن ضيقة “و “منسيون “وغيرها .

      ففي “اعتذار “يرجوالشاعرإلى ان يأخذ  “استراحة محارب “ويعتذر من الآخرين عن كل الإساءات التي سببها لهم هو وأطفاله :

      “يحق لنا بعد هذي السنين

      ان نستريح قليلا

      نتفقد أبناءنا

      ونحصي انكساراتنا .”(31)

      وفي  “الصديق الوحيد “نجد معادلاً موضوعياً وإنسانياً لحالة الإنسان والأب والشاعر الذي يرقب الزمن وهو يدفعه تدريجيا نحو العزلة والوحدة بعد ان راح اقرب الناس اليه وصديقه الوحيد ،ولده الصغير، يتخلى عنه بعد ان رافق رفقة آخرين من جيله :

      “لم يتبق من أصدقائي القدامى أحد

      كل مساء

      ولدي الصغير

      يصعد معي سيارتي

      يجلس في المقعد المجاور لي

      هو وحده من تبقى من أصدقائي . “(32)

      لكن الشاعر يدرك بأنَ الزمان سيدور وسيكون مجرد عجوز يأخذه صديقه القديم إلى المستشفى،

      :

      “وسيدور الزمان

      وأصعد في المقعد المجاور له ،

      حين يأخذ صديقه العجوز إلى المستشفى . ” (33)

      وفي “مرثية لصديق حي “يكشف عن معاناته من الوحشة  التي يحس بها وهو يخسر واحداً من أعز أصدقائه الإحياء ، لان شريط الذكريات يخبو بينهما . فبعد أنْ كان وصديقه يتقاسمان الشوارع والأحلام البريئة :

      “كنا نجوب الشوارع في كل يوم

      حفطنا الأزقة والطرقات . “(34)

      يحسان فجأة بالجليد يقيم جداراً عازلاً بينهما :

      “كيف مرَ الزمان

      وضاق بأحلامنا الشاسعات المكان

      نلتقي صدفة

      عندما نشتري الخبز

      التحيات باردة

      والحكايات ثلج .” (35)

      وفي “مدن ضيقة “يعبر الشاعر عن إحساسه بضيق المدن التي لا تحتمل أحلامه وأحلام الفقراء، فلذا يروح يفتش عن مدنٍ حلم بها الفقراء ، بعيداً عن أصوات الدبابات وأحذية العسكر :

      “ومدائنهم وشوارعها

      لا تعشق الا أحذية الجند

      ولا تغفو إلا حين يهدهدها

      هذيان الدبابات . “(36)

      ولذا يقرر الشاعر في نهاية القصيدة أنْ يواجه الحرب وكل الدبابات بسلاح الشعر ، ولو بنصف قصيدة  ، في لمسة ميتا شعرية واضحة :

      “ولهذا يحلم هذي الليلة

      أن يخرج كل الدبابات بنصف قصيدة . “(37)

      وفي “منسيون “ثمة استقطاب للمعاناة الإنسانية وللتفاوت الاجتماعي والطبقي بين “الميسورين “و “أبناء أشباه المدن “من الفقراء المنسيين والمسحوقين اجتماعياً،من أبناء مدن الصفيح:

      “المنسيون ،

      أبناء أشباه المدن ،

      أبناء المدن الصفيح ،

      أبناء الكلب ،

      مائدة الحروب والشتائم

      متى يحلمون بشوارع عريضة . ” (38)

      وفي “حلم “يزداد هذا التباين بين الذين يعيشون حياتهم بسعادة والذين يكتفون بالحلم :

      “وعشقت كثيراً

      وسافرت في داخل الحلم أكثر

      ولكنه حلماً كان

      واسعاً رغم ضيق المكان . ” (39)

      وبمثل هذه الأدوات البسيطة ، من خلال المشهد الشعري والمفارقة والذاكرة يكرس الشاعر ببراءة وعفوية مقومات شعرية جديدة ، خالقاً مفهوماً جديداً للغة الشعرية لا يتقصد فيها اصطياد الاستعارة والصورة المجازية البليغة، والمفردة المجلجلة ، لذا تراه يحاذي المفهوم الحداثي لبنية القصيدة المهموسة والقصيدة – الصورة ، والقصيدة المشهد ، والقصيدة – الحوار . ويبدو ان الشاعر لم يكن بعيداً عن هذا الوعي الجديد لبنية القصيدة الحديثة ولمفهوم اللغة الشعرية ، وهذا ما عبر عنه بوضوح في قصيدته” لماذا ؟ “التي تكاد أنْ تكون – ما نيفستو – صغير للغة الشعرية التي ينشدها :

      “لماذا نشدُ الكلام طويلاً ؟

      ونغسل أحرفه المفزعة ؟

      لماذا الكنايات في بابنا

      ولماذا البلاغة في الأمتعة ؟

      ولماذا ندور على حزننا ؟

      نلمُ استعاراته المفجعة ” (40)

      وهذه الرؤيا تلتقي إلى حد كبير مع ما سبق للشاعر وان بشر فيه ،وهو يبين تصوره لمفهوم “قصيدة الشعر “التسعينية وتطوراتها اللاحقة في واحدة من الشهادات الصادقة لاحد ممثلي ذلك الجيل. ( 41)

      ويستكمل عارف الساعدي مشروعه الشعري الجديد هذا في ديوانه “مدونات ” 2015 ، حيث نجد تطويراً لهذا المحور الذاتي والاتوبيوغرافي إلى حد ما ، والذي يستجلي ،  إلى حد كبير ، مقومات القصيدة اليومية في بعض تفاصيل هذا المتن الشعري ، وبشكل خاص في قصيدة “مدونة الحياة –مشغول “والتي تكشف عن حس حميمي بالحياة اليومية ومشاغلها الصغيرة ، حيث تشغل مفردة “مشغول “مساحة واسعة من القصيدة ، من خلال التكرار اللفظي والمعنوي ، أو من خلال البدائل الدلالية واللسانية والبلاغية المختلفة :

      “مشغول

      مشغول

      مشغول

      دائما ارددها

      فانا مشغول جدا

      مشغول بإيصال أطفالي إلى المدرسة

      ومشغول بعودتهم إلى البيت . (42)

      لكن هذا الانشغال اللذيذ سرعان ما يغيب ، عندما يشيخ الشاعر ، ولم يعد هناك من يكترث به من أفراد أسرته وأصدقائه ، وهي ثيمة إنسانية ظلت تطل في الكثير من تجارب الشاعر السابقة :

      “كيف لهذا المشغول جداً

      أنْ يستيقظ في يومٍ من الأيام

      وهو بلا شغل

      المشغول جداً

      لم يعد يحتاجه أولاده لشراء الحلوى ،

      ولم يعودوا يبكون على صدره .” (43)

      بل وتزداد وحشة الشاعر في شيخوخته حد الاستيحاش كما يقول الناقد اوكونوز، وهو يحدد أهم سمة من سمات بطل القصة القصيرة الذي يحس بالوحدة حد الاستيحاش، عندما يكتشف ان أصدقاءه هم أيضاً مشغولون عنه:

      “لم يعد يردد كلمة مشغول

      لأنَ هاتفه النقال

      بدأ يخلو شيئاً فشيئاً

      من الأصدقاء

      هو يحتفظ بأرقام أصدقائه الموتى فقط

      يتصل عليهم كلَ وحشةٍ

      فيردون عليه

      بأنهم مشغولون ” (44)

      ويختم الشاعر،في عبارة “لا ينام”، بكسر لنسق أفق التوقع – بمفهوم الناقد الألماني آيزر – لا يخلو من سخرية مريرة حد الرثاء ، وهو يجد ان الفيس بوك قد انقرض من حياته تقريبا ولا يجد سوى ثلاثة “لايكات” وتعليقين :

      “يضحك طويلاً

      ويغلق صفحته

      ولا ينام . “(45)

      نجد في هذه القصيدة ، وفي الكثير من قصائد “جرة أسئلة “وبعض قصائد “عمره الماء “هذا الخوف من الزمن والشيخوخة والصمت والعزلة . فالشاعر، أو قناعه، يخشى أن يهجره أصدقاؤه وأبناؤه ، فيجسد لحظة العزلة الافتراضية وهو يتأرجح بين العزلة والاندماج. فهو تارة مشغول بكل مفردات الحياة اليومية ، وتارة أخرى تراه وحيداً ومعزولاً بعد أنْ هجره الجميع، وفقد حرارة التواصل الانساني مع الآخر : وخلال ذلك يرتدي الشاعر قناع الطفل ببراءته والشيخ الفاني بعزلته وتأملاته الوجودية ، فشعرنا إننا أمام كائن حي وميت في الوقت ذاته ، ينتمي إلى الماضي ، مثلما ينتمي إلى الحاضر ، في استحضار حي لكل مفردات الذاكرة الشعرية التي تسهم في تأثيث عالم القصيدة لدى الشاعر .

      لكن لحظة تبلور ما أسميته بـ “الوعي البرهاني” المتسائل والمشاكس تتجلى بسطوع في جميع قصائد الشاعر الخمس في ديوانه “مدونات “وبشكل خاص في “مدونة أعرابي “و “مدونة الرمل “و”مدونة العاشق “. ويخيل لي ان الشاعر قد اختار عنوان “مدونات “لديوانه هذا ربما للإيحاء بوجود بعد تاريخي للتجارب الشعرية ، يمتد في الزمن ويتكثف في المكان ، وإنها بهذا ليست مجرد تجارب شعرية سريعة أو عابرة ، بل إنَها تحولت إلى مدونات تاريخية وشعرية لها بعدها السيميائي والتدويني والكتابي . وربما ما يجمع هذه المدونات الخمس انها قصائد طويلة نسبيا وتمتلك بنيات شعرية واسعة قادرة على التقاط الكثير من المرئيات والرموز والأقنعة والمفارقات داخل فضاء شعري متحرك في الزمان والمكان ، ولا يخلو من جذر سردي يضفي على التجارب الشعرية في هذا الديوان صفة المدونات .

      ومن الجهة الثانية يمتلك مصطلح “مدونات “– ومفردها “مدونة “دلالات جديدة تقترن بالثورة المعلوماتية والانترنيت . فالمدونة هي تطبيق من تطبيقات شبكة الانترنيت ، وهو عبارة عن صفحة ويب على شبكة الانترنيت تظهر عليها تدويناتومدخلات وبيانات مؤرخة ومرتبة ترتيبا خاصا ، وقد ركزت أكثر المدونات في العالم العربي،وخاصةً تلك التي يكتبها الشبان، على طرح مفاهيم أو أفكار سياسية جريئة أو معارضة لأنظمة الحكم ، بصيغة منشورات تحريضية وناقدة، مما عرض الكثير من المدونين إلى الملاحقات القانونية والسجن .

      ويقابل مصطلح مدونة في اللغة الانكليزية مصطلح blog ، كما إنَ المدون هو bloger : وأعتقد إنَ الشاعر عارف الساعدي لم يكن بعيدا عن قصدية إضفاء هذا البعد على قصائد الديوان التي تمتلك هذه النزعة التحريضية الفكرية المشاكسة التي تتصف بها المدونات السياسية الشبابية . ومعنى هذا ان قصائد الديوان تطمح إلى أنْ تحقق التأثير ذاته الذي تحققه المدونات الرقمية ، وأنْ تجد لها أيضا استجابات وردود أفعال من القراء والمتابعين ، وربما “لايكات” أيضاً، خاصة وإنها تنطوي على أفكار ورموز وشعارات تحريضية تشاكس الأعراف والمسلمات والتابوات العرفية والأيديولوجية والاجتماعية الشائعة. ففي قصيدة “مدونة أعرابي “تنبثق لحظة التحريض البرهاني منذ البداية ، من خلال المقارنة ، والعودة إلى لحظة تاريخية غابرة – مما يقرن القصيدة بمفهوم المدونة التاريخية أيضاً – إذ يرتدي الشاعر قناع أعرابي – يدعي أنَه لم يمت بعد ، وأنَه ولد قبل عشرين عاما من البعثة النبوية :

      “ولدت بخاصرة في كهوف اليمن

      قبل عشرين عاما من البعثة النبوية

      اذكر إني ولدت

      وما زالت اذكر

      كيف نصلي

      ونعبد آلهة من حجر. ” (46)

      ويتحول هذا الفتى الأعرابي إلى شاهد متسائل ، فهو مرتاب دائما مع أنه تحول إلى الدين الجديد

      “لم أكن بعد أسلمت إلا قليلا

      فما زال ربي الذي كنت أعبده

      في ضلوعي ،

      أشكله مثلما أشتهي

      وأدس بأسراره خمرتي ودموعي . “(47)

      ويشير هذا الإعرابي إلى حقيقة انغرست في لا وعيه

      “ثلاثون رباً ينامون في غرفة واحدة

      ثلاثون رباً على الأمم البائدة

      ثلاثون رباً ، ولكننا أمةٌ واحدة . “(48)

      بمثل هذه الحرية يساجل الشاعر – أو قناعه الشعري –حقائق التاريخ والفكر والعقل ، لكنه يتساءل أيضا في نهاية القصيدة  بدهشة ، كيف استطاع هذا الدين أنْ يوحد هذه القبائل والشعوب :

      “كنتُ أسأل

      كيف استطاع الإله الوحيد

      أنْ يروض هذه القبائل بالكلمات . “(49)

      وتشغل موضوعة الموت والحياة بوصفها ثنائية أونطولوجية كبرى مكانة خاصة في هذا الديوان ، حيث تتقاسم قصيدتا “مدونة الرمل “و “مدونة الموت “عملية استحضار لحظة الموت بطريقة لا تخلو من حس غرائبي وفنطازي .

      وتكاد أنْ تتحول “مدونة الرمل “إلى دراما شعرية حوارية ترتبط بطريقة سرية بخيط سردي ، وتتنوع فيها الضمائر الشعرية والحوارات بطريقة لافتة للنظر . إذ تستهل القصيدة بطريقة سردية ، بعد مقدمة نثرية تمهيدية تربط بين التجربة والموروثات الشعبية والدينية المتوارثة : ونجد إن السرد يتحقق من خلال توظيف ضمير الغيبة :

      “وكأن الفتى نائمٌ فوق ريش النعام

      أنزلَوه ببطءٍ

      لكي لا يفزَ من النوم

      وشوشوا للرمال السخية

      ألَا تعضَ ملامحه . ” (50)

      لكن سرعان ما يحدث انعطاف أو “عدول “بالمعنى اللغوي في توظيف الضمائر من الغيبة إلى المتكلم ، حيث يبدأ الميت – أوقناع الشاعر – بتوظيف ضمير المتكلم” أنا” في مونولوغ داخلي ، لا يخلو من فنطازية وغرائبية في الموقف:

      “ها أنا الآن وحدي

      أصدقائي القريبون مني

      اختفوا ” (51)

      ويقدم لنا الشاعر في هذا المونولوغ الداخلي صورة حية للحياة التي اعتاد عليها الشاعر وهي نقيض لحالة الموت التي وجد نفسه فيها:

      “تُرى أين أذهب يارب

      وأنا اعتدتُ أنْ أسهر الليل

      أتنقل بين المقاهي

      وأضحك في صخبٍ حافي القلب ” (52)

      ويتحول المشهد إلى فعل درامي متكامل عندما يفاجئه ملاكان في آخر الليل ويقتادانه إلى مكان مجهول ، وكان الحرس يخرسون صرخته ودموعه بقوة ، حتى يأتي  بعد فترة،أحد الواقفين على القبر ويطلب منه أْنْ يغادر هذا المكان محذراً إيِاه أنْ يوقظ الناس من موتهم :

      “قم

      قالها أحد الواقفين على القبر

      ولملم حقيبة موتك ثانية

      لتغادر هذا المكان ” 053)

      وهكذا يغدو الشاعر / القناع مطروداً حتى من مقبرته بين الموتى ، ربما ليغدو تائهاً ومنفياً في الموت مثلما في الحياة .

      وفي مونولوغ داخلي طويل يسائل الشاعر إشكالية الحياة والموت في “مدونة الموت “وهو يعاتب الرب عن معنى الحياة والموت بالنسبة لحياة الفقراء من الناس .

      “نعاتب من يارب، الوقت ضيِقٌ

      وهذي ضحايانا بحقلك تنبتُ

      فهل كان هذا الموت وشماً نقشته

      أم الناس سهواً من يديك تشتتوا ” (54)

      ونكتشف إن الشاعر هنا ما زال يرتدي قناع الشاعر / الطفل الذي يقف مدهوشاً ، فاغر الفم أمام المرئيات والأشياء ولعبة الحياة والموت :

      “فبي شاعرٌ طفلٌ، مضى الوقت وانتهى

      وألعابه تجثو عليه وتكبر . “(55)

      والشاعر عارف الساعدي ، يظل في أغلب ما كتب ، ذلك الشاعر /الطفل الذي يتلقف الأشياء والأسئلة كأنَه يراها أو يتعرف عليها للوهلة الأولى، ليحقق بكارة التجربة وبرائتها . والشاعر ، في ديوانه “مدونات ” وكذلك في ديوانه الأسبق “جرة أسئلة “، يقف ، كما بينا، على مشارف تحول مهم في الرؤيا الشعرية والإنسانية ،المقترنة بانبثاق “اللحظة البرهانية” التي راحت تتبلور تدريجياً لدى  شعراء ما بعد التغيير والتي تحاول الإمساك بالأسئلة الإشكالية المعقدة للكون والحياة والحرية والعدالة والحب ومساءلتها وتشريحها أحياناً بقسوة , وصولاً ، في النهاية ، الى رؤيابديلة لكل المرويات والحكايات والمسلمات والأساطير التي قيدت الوعي الإنساني والفعل المضاد،  وإرادة التغيير والرفض لكل ما هو قبيح ومزيف وميتافيزيقي . وهذه الرؤيا البديلة ، ذات الأفق البرهاني ليست هي مجرد موقف فكري أو انطولوجي مغاير ، بل هي جزء من نسيج  الوعي الشعري واللغة الشعرية التي ينسج بخيوطها  الشاعرنسيج رؤيته الشعرية الخاصة .

      وفضلا عن ذلك يظل عارف الساعدي ، بالنسبة لي ، على الاقل ، الشاعر الذي يمتلك القدرة دائما ، في أغلب ما كتب من شعر ومن ألوان شعرية ، على أنْ يستغفلني ويتسلل خلسة إلى وعيي النقدي برفق وهدوء .

      الهوامش :

      1. الساعدي ، عارف ، “عمره الماء،دار نخيل عراقي، بغداد 2009 .
      2. الساعدي عارف ، “جرّة أسئلة “مكتبة عدنان ، بغداد والدار العربية للعلوم ناشرون ، بيروت ، 2013.
      3. الساعدي ، عارف ، “مدوّنات “مكتبة عدنان بغداد ، ومنشورات ضفاف ،بيروت 2015.
      4. الساعدي ، عارف “عُمرُهُ الماء “، ص 7.
      5. المصدر السابق ، ص 7.
      6. المصدر السابق ، ص 8.
      7. المصدر السابق ،ص 10.
      8. المصدر السابق ، ص 10.
      9. المصدر السابق ، ص 16
      10. المصدر السابق ،ص 17 .
      11. المصدر السابق ،ص 47.
      12. المصدر السابق ، ص 51.
      13. الساعدي عارف ،”مدونات “ص 7.
      14. الساعدي عارف ، “جرة أسئلة “، ص 26.
      15. الساعدي ،عارف “عمرهالماء “، ص 22.
      16. المصدر السابق ، ص 38.
      17. المصدر السابق ، ص 30
      18. المصدر السابق ، ص 19.
      19. المصدر السابق، ص 111
      20. الساعدي ،عارف “جرة أسئلة “، ص 22 .
      21. المصدر السابق ، ص 54.
      22. المصدر السابق ، ص 8.
      23. المصدر السابق ، ص 9.
      24. المصدر السابق ، ص 12.
      25. المصدر السابق ، ص 15.
      26. العزاوي ، فاضل “قلق حول مصيري في الجنة “موقع “كتاب العراق “في 25/1/2015 نقلا عن موقع كيكا .
      27. الساعدي ، عارف “جرة أسئلة “ص 19 .
      28. المصدر السابق ، ص 26.
      29. المصدر السابق ، ص 29.
      30. المصدر السابق ، ص 40.
      31. المصدر السابق ، ص 42.
      32. المصدر السابق ، ص 47.
      33. المصدر السابق ، ص 48.
      34. المصدر السابق ، ص 52.
      35. المصدر السابق ، ص 56.
      36. المصدر السابق ، ص 110.
      37. المصدر السابق ، ص 110.
      38. المصدر السابق ، ص 118.
      39. المصدر السابق ، ص 70.
      40. المصدر السابق ، ص 66.
      41. الساعدي ،عارف “عين على الجيل التسعيني :قصيدة الشعر ، مراجعة من الداخل “مجلة “الأديب العراقي “بغداد العدد (7) خريف 2012 ، ص 81 .
      42. الساعدي عارف “مدونات “ص 55.
      43. المصدر السابق ، ص 58.
      44. المصدر السابق ، ص 60.
      45. المصدر السابق ص 61.
      46. المصدر السابق ، ص 27.
      47. المصدر السابق ، ص 31 .
      48. المصدر السابق ، ص 28.
      49. المصدر السابق ، ص 33 .
      50. المصدر السابق ,ص 11-12 .
      51. المصدر السابق ، ص 13.
      52. المصدر السابق ، ص 13- 14.
      53. المصدر السابق ، ص 22
      54. المصدر السابق ، 46.
      55. المصدر السابق ، ص 48.
      Source: atheer.om/archives/234911/%d9%…d8%a7%d8%b1%d9%81-%d8%a7/