Source: alwatan.com/details/158022Alwatan كتب:
المؤتمر يختتم جلساته اليوم بـ ثماني أوراق عمل وقراءة التوصيات
موروني (جزر القمر) ـ من خلفان الزيدي: تصوير : خميس الجرادي:
كان العمانيون أوّل أمة عبرت مياه المحيط الهندي، كان ذلك قبل الفينيقيين والمصريّين والفرس والهنود والصينيين واليونانيين والرومانيين بزمن بعيد، وكان للسفن العمانية السبق في اكتشاف الكثير من دول وجزر المحيط الهندي.
وكانت جزر القمر واحدة من الدول الواقعة في المحيط الهندي ، وقد مرت السفن العمانية بها في رحلاتها الإمبراطورية عبر المحيط الهندي ونسجت بأرضها وشِعبها وناسها ، فكانت العلاقات بين عمان وهذه الدول علاقات فريدة من حيث البناء ونادرة من حيث الحياة ، فريدة لأنها لم تستجمع قواها عن طريق الاستعمار أو الحماية المجحفة ونادرة لأنها لم تشهد انقطاعا ولا تراجعا أو مرونة ، بقدر ما بنيت على أصول انسانية عميقة وتزاوجت لمبادئ وأخلاق دينية راسخة على أوتاد رصينة ثابتة .
وعلى ذكرى هذه السفن وأمجاد الحضارة العمانية، وملامح الثقافة الحاضرة في كل موطئ قدم في دول الشرق الإفريقي، كانت جلسات المؤتمر الدولي الخامس “علاقات عمان بدول القرن الإفريقي” الذي تستضيفه العاصمة القمرية موروني، تتواصل من خلال خمسة محاور رئيسة أولها المحور الجغرافي والسكاني، والمحور التاريخي والسياسي، والمحور الأدبي واللغوي والثقافي، والمحور الاقتصادي والاجتماعي، والمحور الوثائق والمخطوطات والآثار.جلسات اليوم الثاني
ركزت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر على ثلاثة محاور الأولى تتمثل في 13 ورقة عمل مقسمة على جلستي عمل، تناولت الجلسة الأولى سبع أوراق عمل ترأسها الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي، استهلت بورقة “حدود مدينة برافا الناطقة بالسواحلية في جنوب الصومال: التفاوض بين الصومال وعوالم المحيط الهندي السواحلي” للدكتور عبدين شندي أستاذ مشارك بالدراسات الإفريقية والإسلامية، بجامعة أديلفي، الولايات المتحدة الأميركية، وجاءت الورقة الثانية للباحث شمس الدين سيد علي، باحث دكتوراة بمعهد البحوث والدراسات العربية، بجامعة الدول العربية بالقاهرة، بعنوان “جسور العلاقات التاريخية بين عمان وجزر القمر” وفي الورقة الثالثة فكانت” الأثر الفرنسي في علاقة عمان بدول القرن الإفريقي خلال القرن التاسع عشر الميلادي جزيرة موريشيوس أنموذجاً” للباحث عبد العزيز بن حميد المحذوري باحث تاريخ بهيئة تناول فيها دور جزيرة موريشيوس في عملية التواصل بين الدولة العمانية ودول القرن الإفريقي خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وبالأخص أثناء فترة حكم السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي (1806-1856م) من خلال ثلاثة محاور.
أما الورقة الرابعة للدكتور عبد القادر هاشم محامي في المحكمة العليا الكينية بعنوان” هلال القرن: مساهمة سلطان خليفة بن حارب تجاه تطور تقاليد الفكر الإسلامي في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي (1911-1960)” تناول فيها سيرة السلطان خليفة بن حارب أطول سلاطين البوسعيديين حكماً في سلطنة زنجبار.الأصالة التاريخية والمؤثرات العمانية
وعرجت الورقة الخامسة ” للأصالة التاريخية بين جزر القمر وسلطنة عُمان” للبحث الشيخ محمد عثمان باحث ومسؤول بقسم الحضارة العربية والإسلامية بالمركز الوطني للتوثيق والبحوث العلمية بموروني، تعد الدراسة عن الأصالة التاريخية بين البلدين ذات أهمية كبرى نظراً لعمق هذا التاريخ وقدمه، وهجرات العُمانيين المتواصلة إلى جزر القمر، فقد كان لهجرتهم دوافع عديدة منها دوافع اجتماعية وسياسية وتجارية أو لغرض المصاهرة، مما أدى إلى إحداث اندماج فريد مع المجتمع القمري، وقد تجلى ذلك في حياتهم الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتجارية التي تطرق عليها الباحث، ولأن التاجر العماني حمل إسلامه مع سلعته، فكان تاجراً وداعية في آن واحد، وهذه الملامح العمانية مازالت مآثرها شاهدة للعيان، وهذا ما تناوله الباحث.
وقدم الدكتور نور الدين محمد باشا، أستاذ مشارك بكلية الإمام الشافعي بجامعة جزر القمر، في الورقة السادسة “جزر القمر: المؤثرات العمانية في التأسيس والتنوير”سلط الضوء فيها على أهمية وعمق المؤثرات العمانية في تأسيس وتنوير جزر القمر.ناقشت الورقة السابعة “دور السلاطين وعلماء عمانيين في تنشيط الحركات العلمية في دول شرق إفريقيا والقرن الإفريقي” للدكتور أبو ياسر مبورالي كامي محاضر بجامعة موئي ألدوريت بكينيا، حيث ناقش الدكتور علاقة عمان بدول شرق إفريقيا والقرن الأفريقي علاقة قديمة جدا، حيث كان لسلاطين عمان على امتداد التاريخ دور بارز في تنشيط الحركات العلمية وغيرها من الميادين خاصة الاقتصادية منها وصول العمانيين إلى ساحل شرق إفريقيا، الذي ساهم كثيراً في تطوير العلاقة العمانية مع دول القرن الإفريقي.ويهدف الدكتور من خلال بحثه إلى إلقاء الضوء على الدور الذي لعبه سلاطين عمان وعلمائها في تنشيط الحركات العلمية في شرق إفريقيا، حيث يقوم الباحث بدراسة دور المؤسسات التعليمية التي أقامتها سلاطين عمان ودور علمائها في نمو حركات التعليم سواء كان في المساجد أو في المؤسسات وغيرها، كما قام الباحث أيضا بذكر بعض العلماء البارزين الذين لديهم أصول من عمان وسيرتهم العطرة وإنتاجهم العلمي على مستوى شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.
سبع أوراق في الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها معالي الدكتور حامد كرهيلا، والتي ناقشت سبع أوراق عمل انطلقت بورقة الدكتورة بدرية بنت علي الشعيبي، مشرفة تربوية بوزارة التربية والتعليم، “المؤثرات الثقافية على المرأة القمرية ودورها الثقافي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين “هدفت فيها دراسة التأثير العربي عامة والعماني خاصة على وضع المرأة ومكانتها الاجتماعية والثقافية في جزر القمر، وتحليل العوامل المؤثرة على ثقافة المرأة ودورها الحضاري في جزر القمر، الى جانب تقديم نماذج نسائية ساهمت في الحركة الثقافية، إضافة الى دراسة أهمية إشراك المرأة في الدور الثقافي في جزر القمر.وعنونت الورقة الثانية “بالتأثيرات الاجتماعية العمانية على المرأة بدول القرن الإفريقي (الصومال ومدغشقر وجزر القمر أنموذجا)”، للباحثة سعاد بنت سعيد السيابية، محاضرة بقسم إدارة الوثائق والمحفوظات بكلية الشرق الأوسط، وفيه تؤكد الباحثة بأن العلاقات العمانية بدول القرن الإفريقي لعبت دوراً مهماً في إرساء دعائم التاريخ العماني المختلفة في تلك المناطق، وقد كانت العلاقات بين الطرفين في الفترة الممتدة من (1214هـ/1800م ـ 1383هـ/1964م) غنية بالأحداث التاريخية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، حيث رصدت الجوانب الاجتماعية للوجود العماني في هذه المناطق، الى جانب التأثيرات الناتجة من عملية الامتزاج الحضاري والتواصل العماني مع هذه المناطق.
وقال الأستاذ الدكتور محمد ذاكر حسـن سـقاف أستاذ للتاريخ والحضارة، بكلية الإمام الشافعي بجامعة جزر القمر في الورقة الثالثة “العمانيون في جزر القمر وأبعاد الأثر والتأثير” تناول فيها المراحل التاريخية المتعاقبة لاستقرار عرب عمان في جزر القمر بشكل خاص وعرب جنوب الجزيرة العربية بشكل عام وتسميتها بجزر القمر على لسان العرب، وتحدد الدراسة الإطار العام لبناء الآليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتواصل المستقبلي بهدف تعزيز التواصل بين هذين البلدين الشقيقين وتوريث هذه المكونات الاجتماعية والثقافية المشتركة للأجيال القادمة، بما تحمله من معاني يتطلب العمل على حمايتها في ذاكرة الشعبين بالتفاعل في شتى مناحي الحياة لضمان بقائها.
وجاءت الورقة الرابعة بعنوان “الاستخدام التقليدي للتوابل تحت التأثير العماني حالة تركيبة الكاري” للدكتور سيد حساني محمد، محاضر بكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة جزر القمر، حيث عبر العمانيون منذ العصور الوسطى مناطق عدة بما في ذلك البحار من أجل مقايضة وتبادل السلع المختلفة منها التوابل، وضمن هذا النشاط المزدهر تدخل منطقة جزر القمر كإحدى مناطق العبور الرئيسية حيث تمكن العمانيون من توريث عاداتهم خاصة في الطبخ وفي ثقافة استعمال التوابل بصورة عامة. إن الكاري عبارة عن تركيبة من التوابل منها حبوب الكمون والكزبرة وتوابل أخرى كما أن تحضيره تقليدي ودقيق له رائحة وذوق خاص، وبالتالي استعمال هذا الخليط في الطبخ القمري أظهر الخصوصيات الكيماوية والبيولوجية الخاصة بكل نوع من أنواع التوابل المستعملة في التركيبة، وفي النهاية فإن هذا الخليط هو موروث ثقافي عماني.
الهجرات العمانية بين الاندماج والذوبان
“دور التجار العمانيين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى نهاية القرن التاسع عشر (جزر القمر، مقديشو، مدغشقر)” للباحث طالب بن سيف الخضوري، مدير دائرة الاطلاع على الوثائق بهيئة الوثائق حيث لعب العمانيون ومنذ وقت مبكر دوراً في تشكيل تاريخ الشرق الأفريقي، ذلك لأن علاقة العمانيين بشرق أفريقيا لم تكن بدايتها في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، إنما من المؤكد أنها تعود لفترة مبكرة، فالهجرة العمانية لتلك المنطقة كانت تتويجاً لمراحل متعددة من الهجرات، الأمر الذي أوجد اندماجاً بين العمانيين مع غيرهم من سكان تلك المناطق. ولقد كان الوجود العماني في شرق أفريقيا أكبر كثافة وأكثر عمقاً من تركزهم في مناطق جنوب شرق آسيا، وأسهم العمانيون إسهاماً كبيرا في تحسن الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، إذ عملوا على نشر التعليم الديني في المدارس والكتاتيب التي أقبل عليها أهالي تلك المناطق لنيل العلمِ، علاوة على اشتغالهم بالتجارة واستقرارهم نهائيا في تلك المناطق.
وقدم الدكتور محمد بن جمعة الخروصي مساعد العميد للشؤون الأكاديمية والبحث العلمي بكلية العلوم التطبيقية بالرستاق ورقة بعنوان “التجار العمانيين بين الاندماج والذوبان في القرن الإفريقي جزر القمر أنموذجا” وفيها يؤكد الدكتور ارتباط عمان بالقرن الإفريقي ليس بالجديد، بل تضرب جذوره في أعماق التاريخ. وتظهر الدراسات أن التجار العرب وفي مقدمتهم العمانيون أسهموا وبشكل واضح في تسهيل وتعميق التواصل الحضاري والثقافي بين الجانب العماني والإفريقي. وركز الباحث الدكتور على الدور الذي لعبه التجار العمانيون في نشر مظاهر الثقافة العمانية في جزر القمر، كما يبين مدى تأثر الوجود العماني بالثقافة الإفريقية.واختتمت الجلسة بورقة الشيخ الدكتور عامر بن محمد الحجري، باحث وأكاديمي، بعنوان ” دراسة أهمية المدن التي أسسها المهاجرون العمانيون بشرق إفريقيا ودول القرن الإفريقي” وفيها تطرق على أهمية المدن التي أسسها المهاجرون العمانيون بشرق إفريقيا ودول القرن الإفريقي خلال الفترة من عام 80هـ/699م إلى عام 1856م. ففي فترة حكم عبد الملك بن مروان (65 -86هـ) قام كل من الملك سليمان وأخيه سعيد بن عباد بن الجلندى بثورة ضده ولكنه تمكن فيما بعد من التغلب عليهما، مما أدى بهما إلى الهجرة عام 80هـ/699م، حيث استقرا في مدينة باتى ومنها تم الانتشار إلى معظم المناطق الإفريقية الشرقية. وكذلك كان الحال في العهد العباسي الذي تمكنت فيه الثورة العمانية من إعلان أول إمامة مستقلة حيث تم انتخاب الجلندى بن مسعود إماماً لها، ولكنه استشهد عام 134هـ/752م، مما أدى إلى اضطهاد العمانيين وفرارهم إلى شرق إفريقيا أيضاً، حيث تمكنوا من إقامة إمارات عمانية امتدت على طول الخط الساحلي من مدينة مقديشو شمالاً إلى موزمبيق جنوباً، وقد استمرت تلك الممالك والمدن في تعلم ونشر الدين الإسلامي هناك. وفي عهد السيد سعيد بن سلطان 1804-1856م كانت الهجرات أكثر بتشجيع منهُ حيث تمكن العديد من العلماء والقضاة والولاة وغيرهم من الحضور إلى زنجبار مما أدى إلى قيام حضارة علمية وثقافية واقتصادية في معظم تلك المدن المذكورة.
هذا وسيختتم المؤتمر أعماله اليوم، بعرض ثمان أوراق عمل وقراءة التوصيات التي ستتمخض عنها جلسات المؤتمر.
موروني تستذكر أمجاد الحضارة العمانية وملامح الثقافة الحاضرة في القرن الإفريقي
- خبر
-
مشاركة