من الذي حرك قطعة الجبن .

    • من الذي حرك قطعة الجبن .

      كل شئ يتغير في هذه الحياه وكل شئ سيركب قطاره ويمضي الحب ، الصداقه ، الذكريات ، وكلما كانت نفوسنا مهيئه وقابله لمواجهة هذا التغيير والتبديل في الظروف والمواقف والعواطف والمشاعر والصحه والمرض كلما كانت الصدمه اخف وطأه وكلما كانت الخيبه هينه ولينه ومقبوله .
      ومن الكتب الجميله التي صدرت حديثا كتاب " من الذي حرك قطعة الجبنه " من تأليف الكاتب :" سبنسر جونسون " وهو كتاب جميل يهدف الى محاوله فهم الذات والاحداث والتغيرات التي تحدث في الحياه وكيفيه مواجهه التغيير بحكمه وصبر وبعد نظر .. وساق المؤلف قصه خياليه بطريقه
      رمزية عناصرها أولا : الشخصيات المكونه من فأران هما " سنيف و سكوري والقزمان هما: هيم و هاو . وثانيا : الجبن الذي هو إستعارة مجازية عن هدف الإنسان في الحياة والذي يكد ويسعى للحصول عليه ليحقق سعادته وهو الضالةالمنشودة للشخصيات الأربعة في القصة . وقد يكون هذا الجبن هو الزواج أو المال أو الوظيفه أو الحرية أو البيت أو الصحة أو لعبة رياضية أو أي هدف يخطر على البال . وثالثا : المتاهة . وهي عنصر المكان في القصة الذي تجري عليه أو حوله الأحداث والصراع إذ قد تكون المتاهة هي مكان العمل او مجتمع أو ....
      . يسير الإربعه كل يوم في متاهة بحثا عن الجبن الذي يحقق لهم السعادة .
      كان الفأران يستخدمان الغريزة الحيوانية وطريقة المحاولة والخطأ في البحث عن الجبن ، إلا أنهما كثيراً ما كانا يجدا الطريق مسدودا أمامهما . أما القزمان فقد استخدما عقليهما في البحث ليس فقط عن الجبن اليومي بل عن نوع آخر من الجبن لإعتقادهما أن البحث عن وجود جبن جديد سيحقق لهما السعادة والنجاح .
      أما العامل المشترك بين الفأرين والقزمين ، انه في كل صباح يستيقظون معا ويلبسوا الاحذية الرياضية وبدلات الجري والبدء في البحث عن الجبن داخل المتاهه.
      أما شكل المتاهة فهي عبارة عن ممرات البعض منها مظلم والبعض الآخر يحتوي على الجبن وهناك ممرات مسدودة . وكل من يحصل على الجبن بعد أن يجد طريقه داخل المتاهة يستمتع بالراحة والحياة الفضلى .
      كان القزمان لتمتعهما بالعامل الانساني لديهما يعتمدان في البحث على قدراتهما على التفكير والتعلم من الخبرات السابقة ، إلا أن الإرتباك كان يعتريهما بسبب معتقداتهما السابقة وعواطفها في البحث .
      اكتشف الاربعة مصدرا للجبن وأخذ الروتين طريقه في آلية بحثهم للاهتداء الى موقع الجبن الجديد ، ولم يكونوا يدركون من يضع الجبن .
      اختلف سلوك الفأرين عند اكتشاف هذا المخزن من الجبن . فقد كانا يشمان الجبن ويدوران حوله للتأكد من المتغيرات التي تحدث على الجبن . أما القزمين فتحول سلوكهما إلى تكبر وغطرسه إلى درجة الوثوق أن هذا المصدر من الجبن لن ينضب .
      ذات يوم اعترى القزمان الدهشة عندما جاءا ولم يجدا الجبن لأنهما لم يعتقدا أن هذا المصدر من الجبن سينضب فوقعا في حالة من الذهول وصاحا " ماذا! ألا يوجد جبن ؟" وكأن الصياح سيعيد لهما الجبن . إن مثل هذا التصرف لم يكن لائقا أو منتجا لكنه كان مفهوما كردة فعل غير واعية . أما الفارين فقد كانا مستعدين غريزيا لهذا المصير الحتمي ، فلم يغاليا في تفسير ما حدث فأعادا لبس الاحذية وإرتداء بدلة الرياضة وبدءا في البحث من جديد ، وذلك لعلمهما أن التغيير على مصدر الجبن كان يحدث بطيئا، لذا إتخذا قرارهما بالتغير حالما حدث التغير على مصدر الجبن . ووجدا ما كان يبحثان عنه .
      عاد القزمان محبطين إلى بيتهما وكتبا على جدار المتاهة " كلما كانت قطعة الجبن هامة بالنسبة لك ، فأنت في حاجة إلى الاحتفاظ بها رغم ما تواجهه من صعاب".
      عاد القزمان في اليوم التالي الى مصدر الجبن مؤملان أن يجدا قطعة الجبن . وبما انه لم يعد هناك وجود للجبن فقد استحثا عقليهما في تفسير ما حدث ووصلا الى قرار الدخول في المتاهة من جديد والبحث عن مصدر للجبن . أصيبا بخيبة الامل من عدم الوصول الى محطة الجبن من جديد . لكن أدركا أنه يتوجب عليهما الاستمرار في البحث في المتاهة فكتبا " إذا لم تتغير ، فمن الممكن ان تفنى" . ران على قلبيهما الشعور بالخوف من عدم الوصول أو الحصول على مخزن الجبن . وكانت هواجسهما المضطربة تزيد الطين بله . إلا انهما تغلبا على الشعور بالخوف فكتبا " عندما تتحرك متجاوزا شعورك بالخوف ، ستشعر بالحرية" . فدخل عنصر الخيال في الحصول على مصدر الجبن ليزيد من إيقاع التغلب على حاجز الخوف لان سيطرة الخوف على العقل أخطر من الوضع القائم . تخلف هيم عن الاستمرار بالبحث لاعتقاده انه لن يستمتع بالجبن الجديد لانه غير معتاد عليه وانه لن يتغير ، وذلك أنه أخضع نفسه طوعا لافكار قديمه وقد سيطرت معتقداته الباليه عليه بينما أحس هاو التغيير الذي طرأ على معتقداته فكتب " إن المعتقدات البالية لا ترشدك الى جبن جديد" . إستمر هاو في البحث فكتب " من الاسلم أن تبحث في المتاهه من أن تبقى دون جبن " . وبما انه كان مفعم بحماسة البحث عن المجهول كتب فترة أن أخذ قسط من الراحة " عندما ترى أنك تستطيع العثور على جبن جديد وتستمتع به فستغير طريقك " . فقد شعر انه لو ادرك التغير السابق بسرعة لشعر بالقوة ولما وقع فريسة المفاجأة فكتب " التغييرات البسيطة تجعلك تتأقلم مع التغييرات الجذرية التي قد تصادفك مستقبلا " .
      وأخيرا وصل هاو إلى مخزن الجبن الجديد الذي سبقهما الية الفأران فرحبا به ثم انقض على الجبن الجديد وأخذ قطعة من الجبن وصاح " مرحبا بالتغيير !"
      ان الكتاب اشبه بما يكون برساله انسانيه جميله للتغيير وعدم الركون للفشل والسقوط بل للبحث عن النجاح والسعاده فالحياه جميله وتستحق ان ننظر لها من زوايا متعدده وان لانتوقف عند الخطوه الاولى من الفشل او عند تلك التجارب المليئه بالخيبه والانكسار والحزن ان الحياه جميله متى ما استطعنا ان نفهم سر جمالها وسحرها وعذوبتها .
      إن إدراك قانون التغيير يتماشى مع نواميس الكون والطبيعة والتغيير يقع يوميا وباستمرار سواء توقعناه ام لا ، وعلى الإنسان أن يتعلم كيف يتعامل مع التغييرعندما يقع بأن يأخذ الامور ببساطه ولا يبالغ بتعقيدها بل عليه أن يراقب التغيير قبل أن يقع بان يلاحظ حتى التغييرات البسيطة لكي لا يفاجأ بها وأن يكون مرنا وسريع التصرف وأن يكون قادرا على التكيف مع التغيير ومستعدا للتغيير بسرعة لكي يستمتع به فالتغيرات تحدث حول كل انسان ولكن قد لا يدري عنها أو يتوقعها لأن المطلوب منا هو النظر إلى ما يجري حولنا حتى لا نفاجأ بالتغيير وألا نكون غير فاعلين في إحداثه أو تغيير مجراه بل وإدراك الحاجة إلى التغير في حياتنا لتكون مفعمة بالحيوية وحتى نسير في درب الحياة في أمان مدركين أن إغتنام الفرص والتغلب على المخاطر بالتعلم والإستكشاف الجديد والتمتع بهما هو النجاح لتجنب الإنتكاسات الجسمية والنفسية .
      ~!@@ah

      محبتي