لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، جعل النفاق أشد مخلوقاته ضراوة وفتكا وأشد مناعة وتحصينا ضد أعظم علاج ودواء وجد! النفاق صنو الفيروس من المخلوقات الحسية، يغير تركيبته باستمرار ويأخذ فورميولا جديدة كل لحظة، ولا يجدي معه أي عقار!
ليس أعظم من الإسلام منهاجا ونبراسا ودينا وعلاجا لمشاكل البشر في كل العصور، وليس أعظم من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم معلما وهاديا ورسولا!
قضى الإسلام على الشرك وعبادة الأوثان بجزيرة العرب وإستأصلها ببضع سنين، ودخل الناس في دين الله أفواجا!
هذا الإسلام العظيم الشامل الكامل والدواء الفاعل، لم يجد شيئا مع النفاق، ولم يخدش حتى قشرته الظاهرية، بل تلقى من المنافقين والمنافقات ضربات أحدثت صدوعا بصرحه العظيم، تولى رأبها أبناء الإسلام المخلصون على العصور؟
كل ما مر بالإسلام من محن مرده أهل النفاق لا الكفار، هم من دسوا الأحاديث ومن إبتدع النحل الفاسدة، ومن أعان على المسلمين بكل مواقف الصراع مع الأعداء، وهم أيضا من رموا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالإفك، حتى برأها الله سبحانه من فوق سبع سماوات!
هل النفاق إذن أقوى وأعظم من الإسلام؟ حاشا لله! للإجابة على هذة المسألة يحسن بنا أن نرجع لرأي أهل الطب عن الدواء الناجع، سيؤكد لك كل طبيب خبير، أن أعظم العقاقير نفعا لا يؤدي أثره المرجو إن لم يعتقد المريض بنجاعته، هذا سر إلهي لا يسطيع أحد له تفسيرا، ولذلك تجد كثيرا أن بعض الأحجبة والتعاويذ التي يكتبها المشعوذون أنجع في علاج حالات عجز أساطين الطب عنها، فقط لإيمان المريض بجدواها!
المنافق إذن مريض قلب، ليس فقط لا يعتقد بأن الإسلام دواء ناجع، بل لم يتناول هذا الدواء الرباني من أساسة، فكيف يرجى علاجه؟
هو مريض عن إختيار ومحض إرادة وسبق إصرار!
الكافر أعلى درجة وأنقى سريرة وأشد تناغما في واقعه بين ظاهرة وباطنه من المنافق، وكل كيد الكفار كان في تضليل، ومحقهم الإسلام بأولى الجولات، ولكن كل كلوم وجراحات الأمة أتت من أهل النفاق!
المنافق يعيش صراعا حقيقيا داخله، وعليه إمتلاك ما لانهاية له من الأقنعة، وأن يكون خبيرا بكل أنغام وإيقاعات الآلات الموسيقية ومزامير الحواة، وأن يكون خصره مياسا يتوافق مع كل نغم وإيقاع أو حركة مزمار، لينال إعجاب الحاضرين، وإلا فضح أمره وبهرج وألقي به طعاما للجراء! وهذه صفات لاتتوفر في إنسان واحد!
كل منافق جبان، وليس كل جبان منافق، وإيما أحسست النفاق ففتش عن الجبن تجده معه! ولا أعرف مصدرا لكل النقائص عداه، هو أبوها كلها!
وأحمق المنافقين قاطبة من كان تملقة وأقنعته وهزه خصره على مزمار الحاوي مجانا، بينما ينال غيره المكافأة، مجزية أو محدودة، ويقبل طوعا بالسخرة بدل الأجر، ومع ذلك ينال الأحرار بلسانه!
نعم أنهم داء المجتمعات 0