الأب الرجل الحنون...
الأب قائد البيوت...
الأب الكادح لصلاح بيته...
الأب الغيور على محارمه...
الأب قدوة الأبناء...
الأب سند فلذات كبده..
الأب يضحي لسعادة أولاده...
الأب دوما يسلينا...
الأب للدنيا يودينا...
الأب يمرضنا إذا طحنا...
رفقا بالأباء المخلصين..
استوصوا بهم خيرا...
ادعوا لهم بالمغفرة والرحمة...
إنهم يستحقون بركم...
يكفيهم سعادتكم وابتسامتكم..
لا ينتظرون منكم جزاء ولا شكورا
فاليتيم هو يتيم الأب...
مسكين ذلك الأب...
قلما تجد أحد يشيد به في محاضرته...
ولا حتى لم يخصص له يوم على غرار عيد الأم...
ترى الابن يجفو أباه ويبر أصدقائه...
يعامل مسؤوله معاملة أرقى من معاملته لأبيه...
يخالف ظنون والده فيه...
حتى صار لسان حاله:
غَذَوْتُكَ مولوداً وَعْلتُكَ يافعاً * تُعَلُّ بما أُدْنِي إليك وتَنْهَلُ
إذا ليلةٌ نابَتْكَ بالشَّكْوِ لم أَبِتْ * لشَكْواكَ إِلا ساهراً أَتَمَلْمَلُ
كأني أنا المطروقُ دوَنكَ بالذي * طُرِقْتَ به دوني وعينيَ تَهْملُ
تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عليكَ وإِنها * لتَعلمُ أن الموتَ حتمٌ مؤجّلُ
فلما بَلَغْتَ السِّنَّ والغايةَ التي * إليها مَدَى ما كُنْت فيكَ أُؤَمِّلُ
جَعَلْتَ جزائي منكَ جَبْهاً وغِلْظةً * كأنكَ أنتَ المنعِمُ المتفضِّلُ
فليتكَ إذ لم تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتي * فَعَلْتَ كما الجارُ المجاوِرُ يفعلُ
وسَمَّيْتَني باسْمِ المُفَنَّدِ رأيُهُ * وفي رَأْيِكَ التفنيدُ لو كُنْتَ تعقلُ
تَراهُ مُعِداً للخِلاَفِ كأنهُ * بِرَدٍّ علَى أَهْلِ الصَّوَابِ مُوَكَّلُ
وأبدع الشاعر أحمد شوقي في رثاء أبيه وقيله:
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْأَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكم!أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟يا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌكلُّ نفس للمنايا فرضُ عَيْنْهلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَىونَعى الناعون خيرَ الثقلينغاية ُ المرءِ وإن طالَ المدىآخذٌ يأخذه بالأصغرينوطبيبٌ يتولى عاجزاًنافضاً من طبَّه خفيْ حنينإنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْأَوشكَتْ تصْدعُ شملَ الفَرْقَدَيْنْتنفذ الجوَّ على عقبانهوتلاقي الليثَ بين الجبلينوتحطُّ الفرخَ من أَيْكَتهوتنال الببَّغا في المئتينأنا منْ مات، ومنْ مات أنالقي الموتَ كلانا مرتيننحن كنا مهجة ً في بدنٍثم صِرْنا مُهجة ً في بَدَنَيْنثم عدنا مهجة في بدنٍثم نُلقى جُثَّة ً في كَفَنَيْنثم نَحيا في عليٍّ بعدَناوبه نُبْعَثُ أُولى البَعْثتينانظر الكونَ وقلْ في وصفهقل: هما الرحمة ُ في مَرْحَمتينفقدا الجنة َ في إيجادناونَعمْنا منهما في جَنّتينوهما العذرُ إذا ما أُغضِبَاوهما الصّفحُ لنا مُسْتَرْضَيَيْنليتَ شعري أيُّ حيٍّ لم يدنبالذي دَانا به مُبتدِئَيْن؟ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُهوأَماتَ الرُّسْلَ إلاَّ الوالدينطالما قمنا إلى مائدة ٍكانت الكسرة ُ فيها كسرتينوشربنا من إناءٍ واحدٍوغسلنا بعدَ ذا فيه اليدينوتمشَّيْنا يَدي في يدِهمن رآنا قال عنّا: أخويننظرَ الدهرُ إلينا نظرة ًسَوَّت الشرَّ فكانت نظرتينيا أبي والموتُ كأسٌ مرة ٌلا تذوقُ النفسُ منها مرتينكيف كانت ساعة ٌ قضيتهاكلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعة ًأَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكاًجمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عينأنت قد علمتني تركَ الأسىكلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْنليت شعري: هل لنا أن نتلقيمَرّة ً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟وإذا متُّ وأُودعتُ الثرىأَنلقَى حُفرة ً أَم حُفْرتين؟
((وجعلنا من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ))