
وجدت نفسي في احدى لياليَ البائسة اليائسة تائها، ممزق الأشواق ، مبعثر
الأوراق ، لا حيلة لي ولا قوة ، أتمنى " هادم اللذات " ولكنني أرجع عن ذلك
لقول سيد الأنام " اللهم أحيني ما دامت الحياة خيرا لي وتوفني ان كانت
الحياة شرا لي " ، وفي تلك الظلمةالحالكة ، والنفس البائسة ، أرى دموع
قلبي تنهال من عينيَّ تحرق جفوني المصفرة ، وأسمع صراخا يٍُِدوُّي هدوء
نفسي الضعيفة ، وكل هذا وذاك سببه أنّي أحببت بصدق ، أنّي جربت الهوى
ولم أكن أحلم يوما أن أتذوقه ، وأن أشتم رائحته ، ماذا عساني أن أقول ، انّي
أحببت حبّين ، الأول ضيّعه الزمن وغدر السنين ، والثاني أتجرعه علقما
وأتصبره كدما ، يجفوني بانتظام ، بل ويقتل قلبي في اليوم مئات المرات ،
أحبه لدرجة أنّي اذا لم تقع نور عيني عليه أحس بظلمة قلبي عليّ ، أحبه
لدرجة أنّي أفكر فيه أكثر مما أفكر في نفسي ، أحبه لدرجة أنّي أتمنى أن
أدخله في صدري حتى أحس بدفئه ونبض قلبه ، أحبه لما ينام ، أحبه لما
يستيقظ ، أحبه وهو يأكل ، أحبه وهو يشرب ، أحبه قائما ، أحبه جالسا ،
أحبه في الليل والنهار ، احبه في العشي وعند الابكار ، أحبه كل الحب ، ومع
ذلك فحبي هذا لم أحسه من ناحيته ، وهذا ما يؤجّج نارا تشتعل في أحشائي ،
أُسهر قلبي وفكري له ، أُتعب جسمي وعقلي له ، ولكن لا مجيب ولا حبيب ، يا
دنيا قسيت علينا ، فلا حياة بعد اليوم ، ولا فرح بعدها ، ولكن ستبقى ذكراه
محفورةً في قلبي لا يمحوها شيء ، حتى يُرمى علي التراب ، ويبكي عليَّ
الأحباب ، ولا يبقى مني الا السراب .
مع تحيات/
"دمع الزمن"