(إليك أنت فقط تشدني لحظات الحياة)
(1)
كثيرة هي اللحظات التي تمر بمرافئ الحياة فنقف عليها وتقف هي علينا لوهلة ثم تذهب وتغادر بزمنها لا بأثرها فأثرها باق بعمق حيزها من هامشيته في أرواحنا لتجد بعضا منها قد حفر وبعمق على جدار الروح ولحاء شجرة الوجدان والبعض الاخر لا يكاد يكون حتى يتلاشى فكأنه ما كان في جزء من الثانية من عمر الزمن المتسارع بلهفة المشتاق نحو بوابة التلاشي والعدم ...
***************************************
نعم هذه هي الحياة في صورة مختزلة بين أحرف متشابكه جمعهتا الأقدار لتنسج لنا معنى اللحظة في عمر الانسان بعمقها وهامشيتها .. بحلاوتها ومرارتها.. ببهجتها وتعاستها.. بابتسامتها النابعة من أعمق عمق في أعماق الروح إلى دمعة حارقة أتون هتون تشق طريقها بجبروت وكبرياء على خد قد اهتز كيان مملكته الوجهية بتعابير الأسى الفاجع والدهشة الصامته المغلفة بإطار التساؤل المجنون و المتغابي: كيف ومتى و أين.....؟!!!
***************************************
تتزاحم اللحظات وتتدافع بضراوة الوحوش الجائعة التي أضناها موسم القحط والشح في موارد الحياة حتى غدت أشباح موتى تتنقل بين أروقة المقابر في رابعة النهار .. تتزاحم هذه اللحظات لنجدها في قالب عام تجبل حياة الانسان على طابع الكدر لا الصفاء والحزن لا السعادة والهناء ... نجدها بصبغتها القاتمة تسور قلوبنا بأسورة من قرميد صلد لا تخترقه رياح الصبا سوى لحيظات نتنسم فيها عبق الذكرى .. ذكرى الأحبة .. .. وما أعبقها من ذكريات تلكم التي لملمت شعثنا وألفت كياننا في مرافئ كان لكل واحد منهم في الحياة سفينته الماخرة وجدت نفسها راسية على تلكم العتبات فخفت الريح من نفخ أشرعتها بأفواه الرحيل المتهافت فتوقفت لوهيلات معدودة ومحدودة بأنفاس عاطرة هي عمر هذه الذكرى وتلك وما أقصره من عمر...عمرها وعمرنا نحن أيضا ...
يتبع ...