عندما تشرع أمة هذا الوطن الغالي في هذا العصر بذات في بناء البيوت الفخمة ، والتي تكلفتها المالية للبناء تتعدى عشرات الآلاف الريالات للوحدة والتي نراها في مختلف الولايات العمانية ، فإن هنالك أمة أخرى عظيمة كانت حاضرة خلال الحقبة الزمنية الماضية ، لكنها رحلت إلى مثواها الأخير ، وبعضها ما زال عايشا على قيد الحياة ممن رزقهم الله تعالى طيلة العمر ، رحلت بعد أن وضعت بصمة أيديها التي نراها شامخة شموخ الجبال ، في بناء تلك الحارات القديمة المترامية المداخل وتعدد

طوابقها العلوية ، فكان لجولة كاميرا هاتفي حاضرة ، وأنا أتجول في رحاب قرى وادي بني رواحة التابعة لولاية سمائل ، هنالك كانت لعدسة كاميرا هاتفي أيضا حكاية ، التي ستحكيها الصور التي قمت بتصويرها لبعض الآثار التي وقفت طول السنين الطويلة الماضية شامخة رغم ما تعرضت إليه من عوامل طبيعة قاسية ، فعصفت بمبانيها رياح عاتية ، وأمطار غزيرة ودرجة حرارة تتعدى في فصل الصيف 50 درجة مئوية ، صمدت مثلما صمدت الأيدي العمانية التي انغرست أصابع أيديها في الطين ، لتشيد تلك الحارات المترامية المداخل والطرقات ، فشد نظري أن بعضها تتكون من طابقين وأكثر ـ ورد في عقلي عدة أسئلة وأنا أتجول هناك ، كيف صبر الإنسان العماني في تلك الحقب الزمنية القديمة ، رغم توفر فقط وسائل البناء البدائية ، فلا معدات حفر ولا رافعات شحن هيدروليكية ، وكيف امتزجت أيديهم في الطين فشيدت تلك الحارات الكبيرة طوبة تتبعها طوبه ، في

صفوف مستقيمة وبهندسة فريدة ، فهذا هو الإنسان العماني عشق الزراعة وأستغل عقله الذي ميزه الله به عن سائر المخلوقات في أمور وغايات تفيده ، فاستغل مخالفات عمته النخلة في أي شيء يفيده في مأكله ، وفي مسكنه ـ فقطع جريدها ( الساق ) وصنع منه ( الجذوع ) ـ وأستخدم ( الزور ) لتكون سقفا للمساكن رتبها بشكل هندسي فريد صفها صفوفا

متساوية ، وأستغل الليف ولم يحرقه فصنع منه الحبال التي ربط بها صفوف الزور ، لتتماسك وتكون فراشا مثل الحصير يوضع قبل أن تصب أسطح تلك الحارات لعدم توفر الألواح الخشبية ، وأستغل الأخشاب التي كان البعض اليسير منها يستورد من الهند وزنجبار وبعضها من ساق شجر السدر والسمر التي يكثر نموها في الوديان والسهول الجبلية ، فصنع منها الأبواب والنوافذ الخشبية ، وأستغل الحديد وعالجه الحرفي ( الحداد ) بالنار ، فصنع منه للأبواب والنوافذ رززا ومراجيم حديدية ، لكون

الألمونيوم والزجاج لم يكن موجدا في ذلك الوقت ، مثلما هو متوفرا الآن في حياتنا العصرية ، نعم هكذا كان أجدادنا وهكذا صنعوا ذلك الإرث الخالد الذي ظل شامخا ليحكي للأجيال المتعاقبة قصة أمة عظيمة ، عاشت في مختلف ربوع هذا الوطن الغالي عماننا الأبية ، أمة لم تعرف في حياتها الكلل واليأس ، ولا الكسل والضجر ، ولا التذمر رغم شظف العيش الذي كانت تعيش فيه طيلة تلك الحقبة الماضية ، فتساقطت قطرات عرق أجسادها في كل رشفة من فنجان قهوة عمانية ، عندما عشقت الأرض فزرعت ، وأكرمت مزروعاتها وخاصة النخلة فجات الأخيرة بثماره طيبة ، فهي تظل دائما زاد الأمة في كل عصر ـ مهما وجدت الكثير من المواد الغذائية المستوردة ، وتفننت أيديها في استغلال ما يمكن أن يفيدها من مخلفات النخلة ولم ترمي به ، فصنعت حبال (السرد من خوصها ) ـ ( وحبال الليف من أليافها ) ، ودعون لمساكن تأوي العباد من حرارة الصيف الحارقة ، وبرودة الشتاء القارص ، وبعض الأواني المنزلية ، منها ما يمسى ( الزبيل ، والمخرافه ، والمبدع ، والقفير ) وهذه كلها أواني تستخدم أثناء جني محاصيل التمور العمانية ، وأبدعت أيضا في صناعة ( السمة ) التي تستخدم كفراش ، ولترويح التمر ليتعرض لحرارة الشمس قبل كنازه ، وهيئت له الجرب والخصفة لتخزينها فيها ، وعملت له مخزن تنضد فيه مختلف أنواع التمور ، ليستفيدوا من العسل المتساقط من نضد جرب التمر ( دبس النخيل ) لاستخدامه في أعداد مختلف الوجبات الغذائية ، وهنالك الكثير من المشغولات اليدوية التي تستخدم فيها مخلفات النخلة ، فلو فكر الإنسان في ما تعطيه وما صنع منها مشغولات يدوية ، لأكرمها من سقي وغذاها بمختلف أنواع الأسمدة العضوية ـ وعشقت أيدي تلك الأمة الأرض مرة أخرى فانغرست في الطين فشيدت تلك الحارات الكبيرة الواسعة بطابقين وبعضها تعدى ذلك ، بالطين ومن مخالفات النخيل وبعض المواد الخشبية ـ لكون أن الإسمنت المسلح لم يكن متوفرا ، ولا المعدات الحديثة التي تساعد الإنسان على رفع الأثقال إلى أماكن عالية .

طوابقها العلوية ، فكان لجولة كاميرا هاتفي حاضرة ، وأنا أتجول في رحاب قرى وادي بني رواحة التابعة لولاية سمائل ، هنالك كانت لعدسة كاميرا هاتفي أيضا حكاية ، التي ستحكيها الصور التي قمت بتصويرها لبعض الآثار التي وقفت طول السنين الطويلة الماضية شامخة رغم ما تعرضت إليه من عوامل طبيعة قاسية ، فعصفت بمبانيها رياح عاتية ، وأمطار غزيرة ودرجة حرارة تتعدى في فصل الصيف 50 درجة مئوية ، صمدت مثلما صمدت الأيدي العمانية التي انغرست أصابع أيديها في الطين ، لتشيد تلك الحارات المترامية المداخل والطرقات ، فشد نظري أن بعضها تتكون من طابقين وأكثر ـ ورد في عقلي عدة أسئلة وأنا أتجول هناك ، كيف صبر الإنسان العماني في تلك الحقب الزمنية القديمة ، رغم توفر فقط وسائل البناء البدائية ، فلا معدات حفر ولا رافعات شحن هيدروليكية ، وكيف امتزجت أيديهم في الطين فشيدت تلك الحارات الكبيرة طوبة تتبعها طوبه ، في

صفوف مستقيمة وبهندسة فريدة ، فهذا هو الإنسان العماني عشق الزراعة وأستغل عقله الذي ميزه الله به عن سائر المخلوقات في أمور وغايات تفيده ، فاستغل مخالفات عمته النخلة في أي شيء يفيده في مأكله ، وفي مسكنه ـ فقطع جريدها ( الساق ) وصنع منه ( الجذوع ) ـ وأستخدم ( الزور ) لتكون سقفا للمساكن رتبها بشكل هندسي فريد صفها صفوفا

متساوية ، وأستغل الليف ولم يحرقه فصنع منه الحبال التي ربط بها صفوف الزور ، لتتماسك وتكون فراشا مثل الحصير يوضع قبل أن تصب أسطح تلك الحارات لعدم توفر الألواح الخشبية ، وأستغل الأخشاب التي كان البعض اليسير منها يستورد من الهند وزنجبار وبعضها من ساق شجر السدر والسمر التي يكثر نموها في الوديان والسهول الجبلية ، فصنع منها الأبواب والنوافذ الخشبية ، وأستغل الحديد وعالجه الحرفي ( الحداد ) بالنار ، فصنع منه للأبواب والنوافذ رززا ومراجيم حديدية ، لكون

الألمونيوم والزجاج لم يكن موجدا في ذلك الوقت ، مثلما هو متوفرا الآن في حياتنا العصرية ، نعم هكذا كان أجدادنا وهكذا صنعوا ذلك الإرث الخالد الذي ظل شامخا ليحكي للأجيال المتعاقبة قصة أمة عظيمة ، عاشت في مختلف ربوع هذا الوطن الغالي عماننا الأبية ، أمة لم تعرف في حياتها الكلل واليأس ، ولا الكسل والضجر ، ولا التذمر رغم شظف العيش الذي كانت تعيش فيه طيلة تلك الحقبة الماضية ، فتساقطت قطرات عرق أجسادها في كل رشفة من فنجان قهوة عمانية ، عندما عشقت الأرض فزرعت ، وأكرمت مزروعاتها وخاصة النخلة فجات الأخيرة بثماره طيبة ، فهي تظل دائما زاد الأمة في كل عصر ـ مهما وجدت الكثير من المواد الغذائية المستوردة ، وتفننت أيديها في استغلال ما يمكن أن يفيدها من مخلفات النخلة ولم ترمي به ، فصنعت حبال (السرد من خوصها ) ـ ( وحبال الليف من أليافها ) ، ودعون لمساكن تأوي العباد من حرارة الصيف الحارقة ، وبرودة الشتاء القارص ، وبعض الأواني المنزلية ، منها ما يمسى ( الزبيل ، والمخرافه ، والمبدع ، والقفير ) وهذه كلها أواني تستخدم أثناء جني محاصيل التمور العمانية ، وأبدعت أيضا في صناعة ( السمة ) التي تستخدم كفراش ، ولترويح التمر ليتعرض لحرارة الشمس قبل كنازه ، وهيئت له الجرب والخصفة لتخزينها فيها ، وعملت له مخزن تنضد فيه مختلف أنواع التمور ، ليستفيدوا من العسل المتساقط من نضد جرب التمر ( دبس النخيل ) لاستخدامه في أعداد مختلف الوجبات الغذائية ، وهنالك الكثير من المشغولات اليدوية التي تستخدم فيها مخلفات النخلة ، فلو فكر الإنسان في ما تعطيه وما صنع منها مشغولات يدوية ، لأكرمها من سقي وغذاها بمختلف أنواع الأسمدة العضوية ـ وعشقت أيدي تلك الأمة الأرض مرة أخرى فانغرست في الطين فشيدت تلك الحارات الكبيرة الواسعة بطابقين وبعضها تعدى ذلك ، بالطين ومن مخالفات النخيل وبعض المواد الخشبية ـ لكون أن الإسمنت المسلح لم يكن متوفرا ، ولا المعدات الحديثة التي تساعد الإنسان على رفع الأثقال إلى أماكن عالية .
هكذا عندما أتمعن بالنظر في مختلف تلك الحارات ، وفي مختلف الأبراج والقلاع والحصون التي شيدت في مختلف الولايات

العمانية ، في تعدد غرفها وأبرحتها وتعدد طوابقها العلوية ، وهندسة بنائها وما كتب على جذوع النخيل من آيات قرآنية ، وكذلك في النقوش الفريدة الجميلة التي نحتها نجار ماهر تعلم فنون النجارة فقط بالممارسة اليومية ، فإننا بلا شك نثمن صبر تلك الأمة وتحملها لمواجهة الصعاب ، فكان جسد الإنسان العماني الصبور هو الأداة في تلك الحقبة الزمنية ـ وعقله الذي رزقه الله إياه دائما منشغلا بالتفكير إذا واجهته في حياته أي عقبات مصيريه ، التي قد تقف عائقا لتقدمه في أي هدف يسعى لتحقيقه في هذه الحياة الفانية ، رغم قلة ما باليد وكدر شظف العيش وتوفر بعض معدات البناء التقليدية .

العمانية ، في تعدد غرفها وأبرحتها وتعدد طوابقها العلوية ، وهندسة بنائها وما كتب على جذوع النخيل من آيات قرآنية ، وكذلك في النقوش الفريدة الجميلة التي نحتها نجار ماهر تعلم فنون النجارة فقط بالممارسة اليومية ، فإننا بلا شك نثمن صبر تلك الأمة وتحملها لمواجهة الصعاب ، فكان جسد الإنسان العماني الصبور هو الأداة في تلك الحقبة الزمنية ـ وعقله الذي رزقه الله إياه دائما منشغلا بالتفكير إذا واجهته في حياته أي عقبات مصيريه ، التي قد تقف عائقا لتقدمه في أي هدف يسعى لتحقيقه في هذه الحياة الفانية ، رغم قلة ما باليد وكدر شظف العيش وتوفر بعض معدات البناء التقليدية .