أخوات شقيقات عشن في كنف أسرة جمعتهم في الطفولة براءتها ، وفي الصبا شقاوتها ، وفي الكبر المستقبل فرق بينهما ، فرحلت كل واحدة مع من رزقها الله إياه بأن يكون شريك حياتها ، سنين من الألفة والمحبة جمعت قلبهما ، يتزاوران بين الحين والأخر عندما تحن قلوبهم للحظة القاء ، ويتقاسمان الحلوة والمرة فيما بينهما ـ ويتشاركان في التباحث عندما يلتقيان بمشاكل الدنيا الفانية وزخرفتها ، ومشاكسة أبنائهما ورغباتهم رغم قلة ما في أيديهما ، إلا أنهما قدرتا أن يكيفا وضعهما مع متطلبات الحياة وتقلب أوضعها ، سنين طويلة مرات وكبر بعض الأولاد والبعض ما زال في مراحل الدراسة ، وفي سنة من السنين الماضية حدث ما لا يصدقه عاقل ، بأن تشرع الأخت الكبرى بإقامة علاقة مع زوج أختها الصغرى ، فتمر الأيام على تلك العلاقة وتتطور الأحداث ، ويسحب البساط من تحت أقلام تلك المسكينة الأخت الصغيرة شيئا فشيئا ، فتدس الدسائس الشيطانية عليها ، ويخطط لها أن تعطن من ممن هي أولى أن تحميها وتساندها في أمور حياتها ، فكان التخطيط أن تستولي على قلب زوجها ـ وتوسوس في عقله أن يطلق أختها ومن ثم يتزوجها ، وفعلا تم الطلاق وتم الزواج بين الأخت الكبرى بزوج الأخت الصغرى ، ورميت الذمم والقيم والأخلاق خلف الظهور ، طالما أن الرأفة والمحبة من تلك القلوب القاسية قد انعدمت ، فلا ذرة أيمان موجودة في تلك القلوب ، حتى تغير حالها وما تخفيه الصدور ، ولا تقدير ولا تأنيب ضمير تجاه ما فعلته بأختها ، ولا ضميرا حيا لذلك الزوج بأن يشرع في طلاق زوجته بكل سهولة ، فيرمي خلف ظهره بسنين العشرة الزوجية وبأبنائه كما ترمى الكلاب إذا جاز التشبيه .
هذه القصة واقعية حدثت منذ سنوات قليله في بلدي ، وربما قد تحدث وتتكرر مآسي قصص مشابهة أخرى في مختلف البلدان ، فتلقي بضلالها على قلوب نسوة ذنبهن أن الطيبة زرعت فيها ، فتكون قوة تأثيرها في قلوبهن مثل طعنة الخنجر المسموم ، فلا طبيبا ماهرا يقدر أن يخيط مكان طعنتها ليقف نزيف دمها ويدرك عدم تأثير سمها في جسدها، ولا ماء باردا أو كلاما طيبا يطفئ لهيب حرقتها ، ولا لمسة يدا قادرة أن تمسح دموع الحزن المتفجرة من أعينها ، فحرق القلب وأشتعل الرأس شيبا من هول ما حصل لهن ، وخاصة إذا طعن الإنسان من أقرب الناس إليه ـ اليد الذي كان يتمناها أن تدافع عنه وتبرد على قلبه برقة لمستها .
أترك لكم تحليل هذه الواقعة المؤلمة ، فجديرة أقلامكم أن تناقش هذه القضية من مختلف ابعادها .
قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور