مقال حكيم بليغ ذا عمق في الفكر لدكتور صالح الفهدي‏

    • مقال حكيم بليغ ذا عمق في الفكر لدكتور صالح الفهدي‏

      ليقتدي كتابنا بأمثال هؤلاء
      رؤى وسطية الكلام




      الفضيلة ـ كما يقال ـ تقع بين رذيلتين، والفضيلة خلق إن فقد الإنسان الطريق إليها ضل، وإن وجدها اهتدى. لهذا فإن التوازن في طرح الفكرة، وفي إبداء الرأي هو عين عقل الحكمة، ومعقل تقدير شخصية المرء، وأساس ثبات العلاقة بين الناس واستمراريتها، وهو في ختام الأمر من أسس الفضيلة. التوازن هو حظوة العاقل، ومفتقد الجاهل..! ومعيار الحكم على الناس ـ في عمومهم ـ يقع في هذه الدوائر الثلاث: اليسار أو اليمين أو الوسط. ولا شك بأن الأزمات في حياة الدول والشعوب تتكشف عن أقنعة، وتتفصح عن نوايا..! فمن تحلى بالحكمة، واحتكم إلى العقل فهو الحكيم الذي لم تدفعه النوازع، ولم تجره الأهواء، وهو الرزين في وجه الملمات، القادر على أداء المهمات. ومن تهور قولاً أو فعلاً فهو المنجر دون أن يحسب عواقب الأمور، ولا يتصور بواطن الشرور فليس منه مأمن..!



      لقد تكشفت أخلاق مستبطنة لم يكن المرء ليتصور لها شكلاً في وجوه يقسم الإنسان الأريب على سماحتها، وقسمات لا تزدهي إلا ببشاشتها..! تكشفت عن خلل في الضمير، وعيب في التقدير فلم ترع حق القائل، ولم تصن فضل المتكلم، ولم تحفظ قدر الزائر..! فإذا هي تنفلت من أوشاج الحكمة، لتطلق الكلمة من رسنها دون أن تضع لها اعتباراً..!


      إن الحكيم هو من تبرهن الأزمات عن حكمته، والحصيف هو من تدلل المواقف على حصافته. إنني لأقرأ ما يكتبه البعض فأشعر ببعض الامتعاظ لأنهم حادوا عن وسطية الرأي، وتوازن الطرح..! فصار كل واحد يغلظ في قوله، ويشطح في اتهامه، ويباشر في كلامه، حتى أصبح البعض منهم أوصياء على القائمين بالمسؤوليات..! يصدرون لهم الأوامر والنواهي كل صباح ومساء..! قرأت عن كاتب يوجه رسالةً إلى الوزير فيها وصية يرى أن الأسلاف قد أخفقوا في تطبيقها وعليه التصحيح! وآخر يفرض قائمة أعمال، فقلت أعان الله صاحب كل منصب فهم بين المطرقة والسندان..! فبأي عقل يفكرون..؟! وبأي مبتدأ يبدؤون!



      يحسب البعض أن الكلمات المطلقة عن عقالها، كالسهام المقذوفة من القوس إنما هي وحدها من يصلح غير أنها قد تصيب الصدر في مقتل..! الكلمات الطنانة الحارقة لا تحرق الهشيم فحسب بل وتحرق الأخضر أيضاً..! أي أنها تعطل القوى الإيجابية في النفس البشرية..! ذات مرة لم يعجب أحدهم أنني كتبت أشكر لجهة ما حيث أرادني كحامل قوس أينما يمم وجهه أطلق نباله ..! ومرة أخرى حسب آخر أن القوة هي فيما يكتبه هو من شديد اللفظ، وغليظ الكلام، وصريح العبارة فقلت له كاتباً: القوة نسبية فما تراه أنت قوة يراه غيرك ضعفاً، وما تراه ضعفا يراه غيرك قوة..! قوة الكلمة ليست في أن تكون جارحة..! فعظمة الجواهر ليست في قوتها حين تخدش أسطح الحديد، وإنما في بهاء ألوانها، وتلألؤ بريقها..! وقوة الإنسان ليست في عضله وإنما في خلقه (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يمسك نفسه عند الغضب) حديث شريف. وقوة العبارة ليست في الأمر بل في رقي العبارة، ولطيف اللفظ، وصفاء النية..! فالنوايا تظهر في الكلمات، أليس المرء ـ كما يقال ـ مخبوء تحت لسانه..؟! إذن فكلما تكلم أظهر نواياه..!



      لقد أصبح البعض لا يتردد في الكتابة متهماً هذا أو ذاك بدون برهان..! استساغوا الخوض في روايات فلان عن فلان فانبروا كشجعان يقتحمون ساحات الردى دون أن يعلموا مبررات اقتحامهم..! أولئك ممن سهل إغواءهم، وإغراءهم فأرادوا لأنفسهم سبقاً، وما كان في الحقيقة إلا حمقا..! أحدهم كتب دونما تمعن فيما يكتب فأوغر اتهاماً، وأوغل تجريماً فلما اتضح أمره، وجد أنه ممن كان يفترض بهم أن ترجح ألبابهم قبل أن تنزلق أقلامهم..! وآخر سفه من شاء، ودس صواع الملك في حمل من أراد، فاتهمه جزافاً فلما قاده قلمه لما اقترفت يمينه قال: ما لمست شيئاً مما قلت وما لدي دليل إلا إيعاز من البعض..! والأدهى أنه من أرباب مهنة يعول على صاحبها مصداقية الكلمة، والأمانة والإنصاف..!



      إني لأتعجب ممن لا يقيم وزناً للكلمة، ولا يريدها أن ترفع عماداً، بل أن تهد تاريخاً، وإنجازاً..! يريدها أن تحطم روحاً، وتفتل همماً..!لا أن تبنى إنساناً، وتدفع وطناً.. تلك الكلمة التي قال الحق سبحانه وتعالى عنها "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمةً طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار"24ـ26 التوبة. وإذا كانت الكلمة عند الخالق عز وجل بهذه الصورة فكيف يستهجن بها البعض ويلقيها على عواهنها دون حجة ودراية لأبعادها وعواقبها..؟! هل يمكن أن يدعي مثل هذا الحق أو الإصلاح وهو لا يكترث لآثار الكلمة على من تمسهم من البشر..؟! منذ أيام كنت في أحد المجالس، وكان جل الحضور يناقشون مقالة كاتبة رأوا أنها أهانتهم في مقالتها، وأنها لم تلق بالاً فيما كتبت ولم تتحل بالمسؤولية عندما خطت كلماتها..! فوددت لو أن تلك الكاتبة قد رأت مدى الألم الذي يعتصر أنفسهم من جراء كلمات خطتها في صحيفة وأدبرت عنها..!



      إن القضية ليست قضية نشر مقالة جدلية، كي يعرف صاحبها ويشهر..! فهذه ينبري لها الكثير من المدعين بالكتابة..! إنما القضية هي أن يحسب الكاتب لكل كلمة يكتبها، فيتصور المدى الذي تمضي إليه، والأثر الذي تتركه..! أما نية الإصلاح فلا تستقيم مع التجريح، كما لا يصلح الضرب المبرح ابناً مخطئاً..! القضية ليست في فتح منبر إعلامي يثير الفتنة أكثر مما يدرأها ..! إنما القضية هي توازن الطرح، والنظر في أبعاد مثل هذا المنبر..! القضية هي يجب أن تحدد الأهداف على كفتي ميزان: كفة فيها مصلحة شخص، وأخرى فيها وطن..! فمن يحق له الرجحان؟! نوايا خافية تظهر عكس ما تبطن باسم الحرية والتعبير عن الرأي وما هي والله إلا حرقة في نفس واحدة على حساب وطن كبير..! وطن يتألم لأن سهاماً تنطلق من هنا وهناك بلغة لم يعهدها في سابقه..! لغة كان سيقسم صادقاً ـ لو لم ير ناطقها ـ أنها لم تأت من فيه من أفواه بنيه..! القضية ليست في كيل الاتهامات للبشر وتبني لغة جديدة الطرح لا تنتمي لهذا المجتمع تسوقها أخلاقيات لا تليق بتاريخ الوطن ولا بشموخه، إنما القضية هي إنصاف الحق، ولا يمكن لمنصف حق إلا أن يكون ذا منطق يتحرى العدالة في كل ما يقول وما يفعل..! يقول ابن القيم "المتكلم بالباطل شيطان ناطق". القضية ليست في استيراد صور، أو أفكار من مجتمعات تختلف ظروفها ونظم عيشها بل القضية المحافظة على رصانة الهوية.. الهوية التي يصونها الإنسان بالانفتاح والرفض. يقول المهاتما غاندي Mahatma Gandhi عام 1958" لا أحب أن تسد الجدران المنيعة بيتي في كل جهة، وتغلق نوافذي ،إنما بدلاً من ذلك ، أحب أن تهب ثقافات الأرض المختلفة في بيتي قدر المستطاع، لكنني أرفض أن تقذفني أياً من هذه الثقافات خارج بيتي"



      إننا إن لم نتحل بالأمانة والموضوعية فقد انفرطنا من عقد العقلانية، وضعنا في سهوب لا تحدها حدود ،وهذه ستكون معضلة تاريخية..! إن لم نكن على مستوى المسؤولية في كل ما نقول ونفعل فليس لنا أن نزعم النوايا الصادقة..! والوطن لا يبنى إلا بالنوايا الصادقة تلك التي تظهر جليةً في الأفعال. إن الكلمة لأمانة يسأل عنها الإنسان عند خالقه..؟! ولأجل هذا فقد وضع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قاعدةً منطقية للكلام في حديثه الشريف"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" رواه أبوهريرة..! أما أن يخوض هذا في حديث واهم، ويتبنى الآخر شعارات أكبر منه، فلا يفهم مقاصدها، ويسترسل غيرهم في نقد غير مسؤول..فهنا تقع الإشكالية..!
      لقد تكشفت أقنعة، وبرزت حقائق لا بد من مواجهتها أهمها أن من الأهمية بمكان مراجعة الكثير من المسلمات فيما يخص البنى التربوية والتعليمية والثقافية عامة..! مراجعة ترمي إلى تفعيل الرابطة بين الوشائج التاريخية ماضياً وحاضراً، كما يفعل القيم التي تعطلت بفعل أسباب كثيرة ليس هذا مجال طرحها.



      إن الإنسان المتوازن الفكر هو الذي يستطيع أن يوصل صوته للآخرين كي يفهم منه ما يريد القول، وكي تتاح له فرصة المشاركة، أما "طنطنة" الكلمات فلا تفيد قائلها ناهيك عن سامعها..! وهي وإن تطاولت فالدخان أيضاً يتطاول لكن لا أصل له، فسرعان ما يتلاشى مع الرياح .. فالله الله على الكلمة ..! يقول مثل إنجليزي"ضع دماغك على الترس قبل أن تحرك فمك"..! فالكلمة تملك القوة لبناء الآخرين أو لهدمهم..!






      مقال منقول للفائدة و ليس لنقاش.....
      ♥♥
      قال أحد الحكماء ذات مرة:
      إن كثيراً من الناس وصلوا إلى أبعد مما ظنوا أنفسهم
      قادرين عليه لأن شخصا آخر ظن أنهم قادرون على
      ذلك...
      وليعلم الجميع أننا أفضل مما نحن عليه الآن @ اذا اعتاد الفتى خوض المنايا @
      @ فأهون ما يمر به الوحول @
    • خير الكلام ماقل ودل
      في ناس تقدر تلخص هالكلام لربعه بدون ان تفقده معناه اعتقد همه الحكماء الصحيح
      لو كل الحكماء كيه عز الله كان حكمهم كلام فاضي
      والسموحه
      لكل من اخطيت ف حقه سامحوني :) قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور
    • عيون هند كتب:



      وفقك الله أخي..

      لي عودة بعد إكمال القراءة للنقاش..


      شاكرة لك هذا النقل.


      تحياتي



      شكراً على مرورك الطيب أخت هند...
      الله يوفقك ويوفق الجميع...
      لك مودتي....
      ♥♥
      قال أحد الحكماء ذات مرة:
      إن كثيراً من الناس وصلوا إلى أبعد مما ظنوا أنفسهم
      قادرين عليه لأن شخصا آخر ظن أنهم قادرون على
      ذلك...
      وليعلم الجميع أننا أفضل مما نحن عليه الآن @ اذا اعتاد الفتى خوض المنايا @
      @ فأهون ما يمر به الوحول @
    • صرقوعة كتب:

      خير الكلام ماقل ودل
      في ناس تقدر تلخص هالكلام لربعه بدون ان تفقده معناه اعتقد همه الحكماء الصحيح
      لو كل الحكماء كيه عز الله كان حكمهم كلام فاضي
      والسموحه



      شكراً لك المرور الجميل وتعليقك .....
      أهم شي انك قرأتي الموضوع كامل وعرفتي الخلاصة من المقال...
      واذا كنتي تقدري تلخصي لنا المقال في فقرة واحدة سنكون لك شاكرين....
      ....
      أحترم رأيك وأنا عرضت المقال للفائدة وليش لنقاش...
      جزاءك الله خيراً..
      ♥♥
      قال أحد الحكماء ذات مرة:
      إن كثيراً من الناس وصلوا إلى أبعد مما ظنوا أنفسهم
      قادرين عليه لأن شخصا آخر ظن أنهم قادرون على
      ذلك...
      وليعلم الجميع أننا أفضل مما نحن عليه الآن @ اذا اعتاد الفتى خوض المنايا @
      @ فأهون ما يمر به الوحول @
    • فخر السلطنة كتب:

      نقل ممتاااز اخي الكريم ،، بارك الله فيك


      بارك الله فيك أخي...

      تسلم على مرورك الطيب..
      لك مودتي..
      ♥♥
      قال أحد الحكماء ذات مرة:
      إن كثيراً من الناس وصلوا إلى أبعد مما ظنوا أنفسهم
      قادرين عليه لأن شخصا آخر ظن أنهم قادرون على
      ذلك...
      وليعلم الجميع أننا أفضل مما نحن عليه الآن @ اذا اعتاد الفتى خوض المنايا @
      @ فأهون ما يمر به الوحول @
    • إن الإنسان المتوازن الفكر هو الذي يستطيع أن يوصل صوته للآخرين كي يفهم منه ما يريد القول، وكي تتاح له فرصة المشاركة، أما "طنطنة" الكلمات فلا تفيد قائلها ناهيك عن سامعها..! وهي وإن تطاولت فالدخان أيضاً يتطاول لكن لا أصل له، فسرعان ما يتلاشى مع الرياح .. فالله الله على الكلمة ..! يقول مثل إنجليزي"ضع دماغك على الترس قبل أن تحرك فمك"..! فالكلمة تملك القوة لبناء الآخرين أو لهدمهم..!


      أقوى مهارة أعتبرها وهي معرفة الإنسان مايود قولة لك التحية أخي على النقل الرائع ..