[ التـوافق الفكـري بين الزوجيـن ]
في حقيقة الأمر ومن خلال حديثي مع بعض الشباب المتزوجين وشكواهم من عدم التوافق الفكري مع زوجاتهم واختلاف المستوى الثقافي بينهم ، واختلاف رؤاهم ورغباتهم اتضح لي بأن التوافق الفكري والثقافي بين الزوج والزوجة من أهم مقومات السعادة الزوجية وسرّ نجاحها واستمرارها ، وينصح بعض العلماء المختصين في شؤون العلاقات الأُسرية " بعدم البحث عن إمرأة تحبها ، بل ابحث عن إمرأة تتوافق معها فكرياً " لأن التوافق الفكري حسب تصوري سيجلب مع الوقت توافق عاطفي ، وينتج عن ذلك حياةناجحة مليئة بالحب والاستقرار ذات امد طويل بمعنى لأبد من التوفق الفكري حتى يحدث التوافق العاطفي ، وفي حالة انعدام التوافق الفكري بين الزوجين فمن المستحيل ايجاد توافق عاطفي بينهما ، فإذا انعدم التوافق الفكري حتى وإن كان التوافق العاطفي موجود حسب رأيي وقد يشاطرني الكثير قد يؤدي ذلك إلى حياة فاشلة خالية من الحكمةوالاستقرار ..
وهذه بعض الأمثلة التي أسوقها لكم من أرض الواقع على سبيل المثال لا الحصر أخبرني أحد المتزوجين بأن زوجته لا تُحبّذ الخروج من البيت إلاَّ في الليل وبالمقابل هو لا يرغب الخروج في الليل بداعي إنه لا يُريد أن يفوّت عليه مباريات كرة القدم ، وأخر يقول بأن زوجته لا تنتظره حين يعود إلى البيت ويجدها نائمة لم تُعِدّ له العشاء حيث إنه اعتاد على الخروج كُلّ ليلة مع أصدقائه ويرجع إلى بيته في حدود الثانية عشرة ليلاً ويترك زوجته وحيدةً في البيت ، فكيف يُريد لهذه الزوجة المسكينة أن تنتظر عودته وهو لم يُبالي بها ؟! وثالث يشكو ويقول بأنه يجلس في البيت وزوجته لا تتكلم معه! وطوال الوقت ماسكةً بيدها الريموت كنترول وتتنقل من قناة إلى أخرى متجاهلةً وجوده معها ، ورابع يقول بأنه يحب متابعة الأخبار وما يدور في العالم من أحداث وتطورات في حين أن زوجته لا تُريد متابعة الاخبار بل تريد متابعة القنوات التي تعرض الأزياء أو الأفلام ، ويبدأ بينهم الخلاف وتُخلق مشكلة بينهما من لا شيء ..
نعم أتفق على إنّ الرجال قوّامون على النساء ، ولكن المرأة مما لا شك فيه ويتفق معي الكثير من أبناء جنسي بأنها عامود الرجل ، وملاك أمره ، وسّر حياته ، وكلنا نتفق بالإجماع وهذا لا جدال فيه بأن الرجل لا يستطيع أن يكون رجلاً حتى يجد بجانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشجاعة والهمّة والطمأنينة والسكينة والمودة والرحمة ..
وللأسف الشديد يعتقد الكثير من المتزوجين بأن الزوجة ما هي إلاّ مربية لأطفاله وخادمة تطبخ له وتكنس له وتغسل له ، والبعض للأسف ينظر إليها إلى انها أداة لهوه ولعبة يتسلى بها حينما يكون رائق المزاج في بيته ولا يأوي إليها إلاَّ في الفِراش ، ونسى بأن هذه الزوجة هي انسانه مثله وإنها شريكة حياته وصديقته وحبيبته ، ونسى بأن المرأة فيّض من الكيان العاطفي بحاجه لمن يشبعه بالاهتمام والاحترام والحب والحنان ، هل تناسينا نحن الرجال ما تقدمه لنا الزوجة ؟! فوالله .. لا نستطيع أن نقوم بربع ما تقوم به من خدمات جليلة وصبر لا يعلوه صبراً في خدمتك أيُّها الزوج وفي خدمة وتربية ابنائك والسهر عليهم منذُ إن كان جنيناً ينمو في أحشائها إلى أن يصبح قادراً على الاعتماد على نفسه ، منْ يعُدّ لكَ الطعام ؟ ومن يغسل لكَ ولأبنائك ؟ ومن يكنس لكَ بيتك ؟ ومن يُداري ويُراعي أبنائك ويسهر عليهم وأنت تغُط في سُبات عميق ؟! من يتألم ومن يتوجع ومن يتحمّل ما تتحمّله هذه الزوجة المسكينة ؟! فماذا ينقص منك أيُّها الزوج لو تنازلت قليلاً لها لمثل هذه الأمور التي لا يوازيها شيئاً من ما تقدمه لكَ من خدمات لا تُحصى ولا تُعد ؟!! ولو قدّمنا ما قدّمناه سنظّل مدينون للزوجة ..
فليّتَ شعري هل قدّمنا شُكرنا لتلك الزوجة تلك النعمة التي أسدتها إلينا وجازيناها بها خيراً ؟؟ لا .. بالتأكيد ، لأننا إن منحناها شيئا من عواطف قلوبنا وخوالج نفوسنا فإننا لا نمنحها أكثر من عواطف الود والحب وهي حسب وجهة نظري ليست بحاجة إلى الحب والغرام بقدر حاجتها إلى الإجلال والإعظام والاحترام وشعورها بإنسانتها في محيط بيتها ومشاركتها الرأي والفكر في كل ما يخص حياتهما ..
وجملة حديثي أيّها القارئ العزيز : إنّ هذه الحياة جعلت المرأة مكملة للرجل وخُلقتْ منهُ لكي تُكمّل نصفه المنقوص بصرف النظر عن اختلاف الثقافة والفكر والمستوى بينهما ، وينصح الكثير أن يبحث الرجل عن إمرأة توافقه الفكر والثقافة وكذلك المرأة تبحث عن رجل يوافقها فكرها وثقافتها حتى يتمكّنا من تدارك أية خلافات من شأنها اعاقة حياتهما الزوجية ، فأمّا إن تكون المرأة مساوية للرجل في عقله وإدراكه أو أقله منه ، فأن كانت أقل منه فكراً وثقافه فليكن شأنه شأن المعلم مع تلميذه والوالد مع ولده اي انه يعلمها ويدربها ويأخذ بيدها حتى يرفعها إلى مستواه الذي هو فيه لا أن يُهمّشها أو يستعبدها ويفرض رأية وسيطرته عليها وكأنها أسيرة في بيته ، والعكس صحيح إذا تزوجت المرأة من رجل يقُلّ منها فكراً وثقافة فلتأخذ بيده وتساعده وتُعلّمه وتُنوّر بصيرته حتى يساويها في فكرها وثقافتها .. فـيا أيُّها الزوج : ماذا يُضيرك لو تنازلت قليلاً ولبّيت رغبة زوجتك ؟! وأنتِ أيّتُها الزوجة : حبذا لو راعيتي الأوقات المناسبة التي تتناسب مع الأوقات التي يكون زوجك فيها بدون أية ارتباطات ..
الكاتب / عاشق الامل..