حلقات خاصه عن ░ تــاريخ عُمـــان ░ (29) حلقه





    • الحـــلقه الثامنه
      ( العمانيون ربابنة البحار )





      لقد كان الموقع الجغرافي العام الذي تشغله عمان أعظم الأثر فيما أحرزه الملاحون ‏العمانيون منذ أقدم العصور التاريخية من شهرة بحرية , ذلك أن هذا الموقع ما بين ‏مخرج الخليج العربي ومدخل بحر الهند الأعظم على الطريق التجاري الرئيسي المؤدي ‏غرباً إلى السواحل الشرقية لأفريقيا وشرقاً إلى الهند وماليزيا والصين ونظراً لصعوبة ‏الإتصال بالبر بالمناطق المجاورة كالبحرين وحضرموت لذا فقد تطلع العمانيون نحو ‏البحر .‏

      وقد سعى العمانيون للحصول على الرزق لذا فقد إرتادوا البحار سعيا وراء التبادل ‏التجاري مع الشعوب المجاورة ويعتبر البحارة العمانيون في طليعة رواد البحار ‏والمحيطات منذ العصور التاريخية القديمة وكانوا من أوائل الشعوب القديمة التي ‏إستخدمت الصاري والشراع لذا فلا غرابة أن تصف المصادر السومرية القديمة أهل ‏عمان برواد الملاحة البحرية , وكان السومريون يطلقون على بلاد عمان قبل أربعة ‏الآف سنة إسم مجان كما ورد ذكرهم كبنائين للسفن في عهد شلجى حوالي 2050 قبل ‏الميلاد .‏

      وتشير المصادر التاريخية القديمة إلى أن العمانيين مع نهاية القرن الثالث قبل الميلاد قد ‏تملكوا أعظم أسطول بعد قرطبة وكان وسيلة فاعلة في نقل حضارة ميناء بابل وسومة ‏إلى الهند وفارس وعن تلك الحضارات أخذ الهنود علوم الفلك والفلسفة والرياضيات ‏والتنجيم وكل معالم الحضارة والتقدم , وكان ذلك قبل العصور اليلينستية بعدة قرون .‏


      لعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا أن قوة عمان تاريخياً من قوة بحريتها والعكس وقد ‏ورد في كتابات بطليموس عن عمان أن مجدها وشهرتها التي كانت مصدر فخرها إنما ‏جاءت عن طريق ما كانت تقوم به من نشاط بحري وملاحي وليس عن طريق النشاط ‏البري .‏

      لقد سعى الفرس لمنافسة العمانيين في عهد دارا الكبير 521-485 قبل الميلاد , إلا أن ‏العمانيين بما إتصفوا به من عزيمة وتصميم قد تصدوا لهذه المحاولات وأفشلوا خطط ‏الفرس كما لم يؤثر على نشاطهم البحري إكتشاف ملك مصر اليليني للطريق البحري ‏المباشر بين مصر والهند إعتماداً على الرياح الموسمية .‏

      وعندما ظهر الرومان كقوة عالمية ما بين عام 50 إلى 200م لم يؤثر ذلك كثيراً على ‏نشاط البحرية العمانية وبظهور الدولة الساسانية في فارس عام 225م دخلت في منافسة ‏مع البحرية العمانية فأسسوا إسطولاً قوياً إحتلوا به أجزاء من شرق وجنوب الجزيرة ‏العربية ومنها عمان إلا أن العمانيين تصدوا لهم بعد أن أستعادوا قوتهم ثم تعقبوهم على ‏الشواطئ الفارسية وإحتلوا السواحل والمناطق الجنوبية عنها .‏

      ومع نهاية القرن السادس الميلادي ظهرت قوة بحرية مؤلفة من الفرس والأحباش ‏واليونان والصومال بهدف تنحية العمانيين عن السيادة البحرية مما دفع بالعمانيين ‏للتصدي لهذه القوة وخاصة الأحباش الذين كانوا يحتلون اليمن وتمكن العمانيون من ‏إنزال هزائم متكررة بهذه القوى نجم عنها عودة السيادة العمانية على البحار الشرقية .‏

      كذلك يرجع إلى العمانيين الفضل في إنشاء أول قوة بحرية إسلامية في الأندلس تعمل ‏لحسابها الخاص بالجهاد البحري أو بالتجارة ما بين المغرب والأندلس في وقت لم يكن ‏الأمويون في الأندلس قد إصطنعوا سياسة بحرية فقد كان معظم طوائف البحريين الذين ‏يرابطون على السواحل الشرقية للأندلس ما بين طرطوشة في الشمال والمرية في ‏الجنوب ويغزون في البحر التيراني ينتسبون إلى الأزد ومنهم بني الأسود .‏

      وتشير المصادر التاريخية إلى أن ربابنة البحار من العمانيين كانت لديهم معرفة وافية ‏بالبحار والمحيطات سواء في البحار الشرقية التي خاض العمانيون بسفنهم مياهها على ‏الرغم من خطورة أمواجها ومضايقها الجبلية أو المياه الغربية , فقد كان الخليج العربي ‏يتصل بماأسماه العمانيون بالبحر البربري أو بحر الزنج الذي ينتهي جنوباً بجزيرة قنبلو ‏وبلاد سفالة والواق واق من أقاصي أرض الزنج وقد وصل العمانيون بسفنهم التجارية ‏إلى الساحل الشرقي لإفريقيا وإعتادوا الإبحار في البحر البربري وفي ذلك يقول ‏المسعودي ((أهل المراكب من العمانيين يقطعون هذا الخليج إلى جزيرة قنبلو من بحر ‏الزنج وفي هذه المدينة مسلمون بين الكفار من الزنج والعمانيون الذين ذكرنا من أرباب ‏المراكب يزعمون أن هذا الخليج المعروف بالبربري وهم يعرفونه ببحر بربري وبلاد ‏جفوني )). وفي موضع أخر من مروج الذهب يقول المسعودي ((هؤلاء القوم الذي ‏يركبون هذا البحر أي بحر الزنج من أهل عمان من الأزد )).‏

      ويؤكد المسعودي في أكثر من موضع في كتابه على مهارة نواخذى عمان ومقدار ‏سيادتهم على بحر الصين والهند والسند والزنج واليمن والقلزم والحبشة , لقد كان يربط ‏بين قنبلو وصحار مباشرة طريق ملاحي هو نفس الطريق الذي سلكه المسعودي في ‏رحلته وكانت الرياح تدفع السفن أحياناً بعيداً عن قنبلو فتتجه رأساً إلى الساحل الإفريقي ‏‏.‏


      نراكم في الحلقه القادمه ان شاء الله بعنوان
      (العمانيون دعاة الإسلام في آسيا وإفريقيا )
      ورد الغرام
      $$e $$e







    • الحـــلقه التاسعه
      (العمانيون دعاة الإسلام في آسيا وإفريقيا )





      يقال أن أول بعثة إسلامية وفدت على الصين كانت في عهد الرسول صلى الله عليه ‏وسلم وكانت تتألف من ثالثة أشخاص توفي منهم إثنان أما الثالث فقد أرسى أول مسجد ‏في الصين عرف بمسجد الذكرى كما أقيم في خانقو أول مسجد سنة 6هـ 627م كان ‏يسمى مسجد المنارة المنورة وبذلك يكون قد إنشئ بعد مسجد قباء بالمدينة المنورة ‏بخمس سنوات .‏

      ويذكر الصينيون أنفسهم بأن بداية إنتشار الإسلام بينهم كان في عهد الملك الصيني تاتي ‏نسونغ 6-30هـ فقد دخل الصين في عهده رجل من ال البيت كان أبناء لحمزة عم ‏الرسول صلى الله عليه وسلم يصحب معه ثلاثة الآف مهاجر .‏

      ويقال أن الخليفة عثمان بن عفان قد وصلت إلى الصين في عهد الرسول عليه السلام أو ‏في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه إلا أن من الثابت أن التجار العمانيين قد لعبوا ‏دوراً هاماً في نشر الإسلام بين الصينيين حيث إرتبط الإسلام بالتجارة وإرتبطت ‏التجارة بالدين وكان التاجر العماني يخرج في سفينته ويغيب سنوات عديدة إلى أن يعود ‏إلى بلاده ثانية .‏

      وقد وصلتنا أسماء بعض التجار العمانيين الذين إرتحلوا إلى هؤلاء أبو عبيدة عبدالله بن ‏القاسم الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة وقد عاش في الصين ‏سنوات طويلة إلى أن عاد إلى عمان وبعده بقليل وصل إلى الصين سرجل عماني آخر ‏هو النضر بن ميمون كان يعيش قبل ذلك في البصرة وهؤلاء وأمثالهم قد أقاموا في ‏الصين فترات طويلة بسبب نشاطهم التجاري مما إضطرهم في أحيان كثيرة إلى التزوج ‏من صينيات مما ساعد كثيراً في نشر الإسلام .‏

      أما الهند فقط ساهم العمانيون في فتحها بحراً منذ منتصف العقد الثاني للهجرة حيث ‏قادهم عثمان بن أبي العاص الثقفي والي عمان والبحرين وأغار على سواحل الهند عند ‏تانه كما وجه أخاه المغيرة إلى خور الديبل عند مصب السند عام 15هـ كذلك قام ‏العمانيون بالتصدي للقراصنة الهنود على السواحل الإسلامية وفي جنوب شرق آسيا ‏كان التجار العمانيون يقيمون في المدن الكبرى ويؤسسون المراكز التجارية الهامة مما ‏أتاح لهم فرصة الإحتكاك المباشر بأهل البلاد ولم ينشر التجار العمانيون الإسلام في ‏أرخبيل الملايو فحسب وإنما وصلوا بتجارتهم وإسلامهم إلى جزر الهند الشرقية وتذكر ‏المصادر إن شيخاً عمانياً عاش في بلاد الزنج (سومطرة) وتمكن بحكمته وبعد نظره من ‏أن يجبر ملكها على أن يعامل المسلمين معاملة خاصة .‏

      وقد عثر في شبه جزيرة الملايو على مابر قديمة للمسلمين تحمل نقوشاً عربية ‏وخصوصاَ في جاوه يرجع تاريخ هذه النقوش إلى عام 475هـ أما المليبار فقد عرفت ‏الإسلام عن طريق جماعة من التجار المسلمين في عام 200هـ , يقال أنهم من عمان ‏وحضرموت وقد أسلم ملكها وتوفي أثناء عودته لبلاده من رحلة إلى الحجاز ودفن ‏بظفار ويذكر أبن بطوطة إنه شاهد أثناء زيارته لمدينة فندرينا بالمليبار سنة 742هـ ‏ثلاثة مساجد مقامة بها وكان قاضيها وصاحب الصلاة فيها رجل من أهل عمان , وكما ‏إنتشر الإسلام في هذه البلدان على يد تجار كان أغلبهم من التجار العمانيين فإنه إنتشر ‏أيضاً في شرق إفريقيا بنفس الإسلوب .‏

      لقد إرتبطت عمان بشرق إفريقيا تجارياً منذ عصر ما قبل الإسلام وأقام العمانيون العديد ‏من المراكز التجارية ويؤكد مؤلف الدليل الملاحي للبحر الإريتري كثرة السفن العربية ‏القادمة من شبة الجزيرة العربية وخصوصاً من عمان على الساحل الشرقي لإفريقيا كما ‏يتحدث عن إختلاط العرب وتزاوجهم من القبائل الإفريقية لم يتوغل العمانيون كثيراً قبل ‏الإسلام داخل اليابس الإفريقي فقد إكتفوا بالإستقرار على سواحلها الشرقية وإقامة ‏المراكز التجارية وعملوا على مقايضة الأفارقة فكانوا يحملون إليهم منتجات الهند ‏والصين في مقابل العاج والذهب وبقيام الدولة الإسلامية تغير الوضع فقد مر أهل عمان ‏في العصرين الأموي والعباسي بظروف سياسية قاسية دفعتهم إلى الهجرة إلى شرق ‏إفريقيا والإستقرار هناك وبناء إمارات عمانية إسلامية .‏

      ويسجل مطلع القرن السابع الهجري هجرات عمانية جماعية إلى شرق إفريقيا قاد هذه ‏الهجرات التي تعد من أكبر الهجرات العمانية سليمان بن سليمان من مظفر النبهاني ‏وأستقبله العرب في بات إستقبالا رائعاً وتزوج سليمان بن أميرة سواحيلية هي إبنة الملك ‏إسحاق من سلالة الشيرازيين من مملكة كلوه , وتنازل إسحاق عن الحكم لسليمان الذي ‏أصبح أول حكام أسرة بني نبهان في الساحل الشرقي لإفريقيا وضمت مملكته قسمايو ‏وبراوه ومقديشيو وظلت هذه الأسرة تتعاقب الحكم حتى عام 1157هـ/1745م .‏

      ويسجل التاريخ للعمانيين الفضل الأعظم في صهر الأجناس المتعددة التي كان يتكون ‏منها المجتمع في ساحل شرق إفريقيا في بوتقة الحضارة الإسلامية فبتزاوج العمانيين ‏المهاجرين بأهل البلاد من الإفريقيات إمتزجت الدماء والنظم والأذواق إمتزاجاً ظهرت ‏آثاره في أجيال يتسم أفرادها بسمات عقلية وجسمانية قريبة الشبه بالملامح العمانية ‏وعرف هذا العنصر الجديد بالعنصر السواحيلي الذي كان يتكلم باللغة السواحيلية ويدين ‏بالإسلام عقيدة وإسلوب حياة .‏

      وإذا كان العمانيون لم يتوغلوا كثيراً داخل القارة الإفريقية في عصر ما قبل الإسلام كما ‏سبق القول إلا إنه من الملاحظ إنه منذ العصر الإسلامي والعمانيون يمتدون في عمق ‏القارة الإفريقية ونتيجة لذلك إنتشر الإسلام بين قبال الجلا الذين إستوطنوا الحبشة ولم ‏يتوقف المد الإسلامي الذي راح ينتشر حتى منطقة البحيرات الإستوائية من خلال توافد ‏العمانيون والحضارمة حتى شاع المثل السواحيلي القائل (إذا دقت الطبول في زنجبار ‏تراقص الناس طرباً في البحيرات الإستوائية ) .‏

      ويسجل البرتغاليون تلك المظاهر الحضارية الرائعة التي وجدوها على ساحل إفريقيا ‏أثناء مقدمهم مع بداية القرن السادس عشر حيث يعترف الرحالة البرتغالي دوراراث ‏باربوسا قائلاً : ما إن وصلت سفن فاسكودي جاما إلى سفالة حتى فوجئت بما لم أكن ‏أتوقعه فقد وجدنا موانئ تطن كخلايا النحل ومدناً ساحلية عامرة بالناس وعالما تجارياً ‏أوسع من عالمنا كما وجدنا من البحارة العرب رجالاً عبروا المحيط الهندي ويعرفون ‏دقائق مرافئه وسجلوا هذه الدقائق في خرائط متقنه لا تقل فائدة عما كانت تعلمه أوروبا ‏‏.‏

      وإذا كان إنتشار الإسلام هو أهم النتاج التي حققها الوجود العماني في شرق إفريقيا إلا ‏أن نتائج رائعة تحققت في المجالين الإقتصادي والإجتماعي وشاعت الطرز الفنية ‏الإسلامية في المنشآت المعمارية والزخارف والنقوش .‏

      ومن الملاحظ أن حركة إنتشار الإسلام في المناطق الداخلية إزدادت قوة مع نهاية ‏العصور الوسطى عندما بدأ الغزو البرتغالي للمنطقة فقد ترك المسلمون السواحل أمام ‏العمليات الوحشية التي مارسها البرتغاليون ولجأوا إلى الداخل مما ضاعف من نشر ‏الإسلام بين القبائل الإفريقية .‏

      ومع منتصف القرن الثامن عشر وخصوصاً في عصر الدولة البوسعيدية راح الإسلام ‏ينتشر لأول مرة في مناطق جديدة في أوغندا وأعالي نهر الكونغوا ورواندا وبوروندي ‏فضلاً عن المناطق الداخلية في تنجانيقا وخصوصا منذ أن أصبحت زنجبار مركز ‏إشعاع إسلامي وحضاري منذ أن إتخذها السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي حاضرة ‏الحكم العماني في شرق إفريقيا عام 1238هـ/1832م .‏

      وعن هذه النقلة الحضارية الهائلة في شرق إفريقيا يحدثنا أحد العاملين في حقل الدعوة ‏الإسلامية عن إنطباعاته حينما زار شرق إفريقيا في عام 1392هـ/1973م فيقول : ما ‏يزال الإسلام هو الدين السائد في زنجبار كلها التي تتميز عن سائر مقاطعات شرق ‏إفريقيا بظاهرتين أولها بروز المظاهر الإسلامية في شتى أنحاء الجزيرة وثانيهما الطابع ‏العربي في مظاهر المدينة الخارجية كالمباني والطرقات ويعود ذلك إلى أصالة الإسلام ‏في سكانها بصورة تكاد تشمل جميع السكان على إختلاف أجناسهم ومما يعني عن ‏الإسهاب أن زنجبار وشقيقتها بيمبا تضمان على صغرهما 375 مسجداً أي أن لكل مائة ‏شخص مسجد واحداً بإستثناء النساء وقد كانت زنجبار وفي زمن ليس ببعيد منتدى ‏إفريقيا الشرقية فقد كانت تلقى الدروس في أورقة المساجد على يد نخبة من الرجال ‏الافذاذ الذين بلغوا أعلى المستويات العلمية .‏

      لقد إنتشر الإسلام في عهد البوسعيدين عن طريق قوافل التجار العمانيين القادمين من ‏زنجبار والمدن الساحلية الأخرى ومن أهم الدعاة العمانيين الذين أوصلوا الإسلام إلى ‏أوغندا الشيخ أحمد بن إبراهيم العامري الذي وصل من زنجبار إلى بلاط الملك سنا في ‏مملكة بوغندا ويعتبر وصول هذا الداعية العماني بداية لدخول الإسلام إلى أوغندا .‏

      وتشير المصادر المحلية والأجنبية إلى موقف الشيخ أحمد العامري من الممارسات ‏الهمجية والوحشية التي كانت تتمثل في قتل وسفك دماء الأبرياء من رعايا ملك بوغندا ‏تمشيا مع الطقوس الوثنية الأفريقية التي كان يعتنقها أهل بوغندا وعلى رأسهم الكباكا ‏وهو الملك . وتصادف أثناء وجود الشيخ أحمد العامري أن أصدر الملك أوامره بالقيام ‏بهذه المذبحة فما كان من الشيخ أحمد إلا أن وقف متحدياً وسط دهشة الحضور مخاطباً ‏الملك قائلاً (إن هؤلاء الرعايا الذين تسفك دماءهم كل يوم بغير حق إنما هم مخلوقات ‏الله سبحانه وتعالى الذي خلقك وأنعم عليك بهذه المملكة ).‏

      وكانت دهشة الحاضرين أقوى عندما تميز الملك بضبط النفس وأجاب الشيخ أحمد بأن ‏آلهته هي التي منحته هذه المملكة ودار حوار طويل قلب تفكير الملك لدرجة إنه طلب ‏من الشيخ أحمد أن يعلمه شيئاً من الإسلام وتشير المصادر بأن الشيخ أحمد إستطاع أن ‏يعلمه أربعة أجزاء من القرآن الكريم بعد أن أعلن الرجل إسلامه وهكذا إنفتح الباب ‏على مصراعيه ليمهد الطريق أمام إنتشار الإسلام في أوغندا والمناطق المجاورة .‏


      وشكرا لكم

      نراكم في الحلقه القادمه ان شاء الله

      $$e ورد الغرام$$e
      :) :) :)



    • الحـــلقه العاشره
      (الإسطول العماني خلال العصور الإسلامية‏ )




      لقد كان العمانيون من أوائل الذين إعتنقوا الإسلام في الجزيرة العربية وأخلصوا له كل ‏الإخلاص لذلك فإنهم لم يبلخوا بجهودهم في سبيل نصرته والعمل على توسيع نطاق ‏دولته ومن اجل ذلك فقد وضعوا أسطولهم البحري تحت تصرف المسلمين من أجل ‏الفتوحات الإسلامية ونشر راية الإسلام .‏

      ومع بداية العصر الأموي حدثت تحولات خطيرة في سياسة الأمويين الأمر الذي دفع ‏بأهل عمان لكي يكونوا في مقدمة القوى التي رفضت تجاوزات البيت الأموي لذا فقد ‏كلفهم هذا الموقف الشئ الكثير من الرجال مما إضطر عدد كبير منهم إلى الهجرة سواء ‏إلى شرق إفريقيا أو إلى أماكن متفرقة من آسيا .‏


      وفي عهد عبدالملك بن مروان أراد الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق أن يخضع ‏عمان وجرت معركة بحرية في وادي الحطاط وما لبث العمانيون أن إستعادوا زمام ‏الموقف وقتلوا قائد الجيش الأموي ولاذ من بقي حيا بالفرار عن طريق الخليج وحاول ‏الأمويون عزو عمان مرات عديدة إلى أن تمكنوا من هزيمة سعيد بن عباد الجلندي ‏الذي لجأ إلى الجبل الأخضر وإستطاع أن يحسم الصراع في البحر حيث إستطاع ‏العمانيون تدمير الأسطول الأموي في مياه عمان .‏


      وعندما نقل العباسيون عاصمة الخلافة الإسلامية آثر ذلك على البحرية العمانية التي ‏كانت قد وصلت إلى ذروة قوتها في عهد هارون الرشيد وإمتنع العمانيون من دفع ‏الضريبة مما دفع بهارون الرشيد إلى أن يبعث بإسطول بحري ضخم لإخضاع عمان ‏عام 187هـ/802م إلا أن البحرية العمانية إستطاعت التغلب على الإسطول العباسي ‏وتقتل قائده فاستشاط هارون الرشيد غضباً وراح يعد العدة لجولة أخرى إلا أن المنية قد ‏عاجلته وإستشرى الخلاف بين ولديه الأمين والمأمون مما شغل العباسيين عن شؤون ‏عمان ونهض الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي بشؤون عمان وخصوصاً الأسطول الذي ‏أخذ يتصدى للقراصنة الهنود الذين نشطوا ضد سفن عمان وغيرها من السفن التجارية , ‏ولما كان العمانيون أقدر من الهنود في الشؤون الملاحية , لذا فقد نجحوا وتعقبوا ‏القراصنة إلى الشواطئ الهندية والفارسية .‏


      وفي عهد الإمام المهنا بن جيفر اليحمدي الخروصي 225هـ/821م إجتمعت لعمان ‏القوتان البحرية والبرية وإزدهرت التجارة لدرجة إن الإسطول العماني في عهد هذا ‏الإمام قد وصل إلى ثلاثمائة مركب للعمليات الحربية وفي عهد الإمام الصلت بن مالك ‏الخروصي 237هـ/857م هاجم الأحباش جزيرة سقطرى التي كانت تابعة لعمان ‏وقتلوا الوالي العماني عليها فجهز الإمام الصلت إسطولاً بلغ تعداده أكثر من مائة سفينة ‏ونازل الأحباش وتعقبهم في المياه الآسيوية ويقال أن الإسطول العماني في عهد الإمام ‏الصلت قد بلغ ألف وثلاثمائة باخرة حربية إضافة إلى القوات البرية التي كانت ترابط ‏في الثغور العمانية .‏

      وعندما سيطر القرامطة على أجزاء من الخليج وكادت الحركة التجارية أن تتعطل في ‏مياهه تصدى لهم العمانيون عام 331هـ/942م ودمروا إسطولهم تدميراً كاملاً .‏


      وعندما حاول البويهيون إحتلال عمان عام 355هـ/965م نجحت البحرية العمانية في ‏طرد البويهيين وتعقبهم وإنزال الهزائم بهم .‏

      وفي عام 650هـ/1252م حيث كان الإسطول العماني يمر بفترة من الضعف إستغلها ‏أمير هرمز محمود بن أحمد الكوستي فوصل بإسطوله إلى قلهات وطلب من العمانيين ‏دفع الخراج وعندما رفض العمانيون غضب أمير هرمز وهاجم ظفار ونهب أموال ‏أهلها إلا إنه لم يستطع القضاء على الإسطول العماني الذي ظل يسعى في المياه العربية ‏والدولية ولم يواجه منافسة ذات شأن إلى أن ظهر البرتغاليون في بداية القرن السادس ‏عشر الميلادي .‏

      لقد حاول المماليك والعثمانيون وغيرهم من القوى التي أضيرت من الوجود البرتغالي ‏التصدي لهذه القوة الأوروبية إلا أن الإسطول البرتغالي تغلب عليهم جميعاً مما أدى إلى ‏تغير مسار حركة التجارة الدولية من الخليج العربي والبحر الأحمر إلى طريق رأس ‏الرجاء الصالح ولم يكتف البرتغاليون بذلك بل قاموا بضرب السفن والموانئ العمانية ‏وإحراق المدن الساحلية وفي قلهات وقريات وحدهما أباد البرتغاليون 83 سفينة كل ذلك ‏أضعف العمانيين وأنهك أسطولهم وإقتصادهم وأصبح العمانيون بين خيارين إما مجابهة ‏المعتدي أو الإستسلام الذي يعني الموت بالنسبة إليهم .‏


      لقد حسم العمانيون الأمر وقرروا التصدي للمعتدي وحمل راية القيادة الإمام ناصر بن ‏مرشد اليعربي 1034هـ/1624م الذي أدرك أهمية الإسطول كوسيلة فاعلة لمواجهة ‏العدوان البرتغالي الغاشم , هكذا أدرك اليعاربة أن قوة عمان ومنعتها تكمن في قوة ‏بحريتها وتماسك جبهتها الداخلية , وقد أتيح للإمام سيف بن سلطان أن يطور من ‏أسطوله ومنذ 1060هـ/1650م وبعد أن حررت مسقط من البرتغاليين إستطاعت ‏عمان أن تبرز كقوة بحرية عالمية وإمتد نفوذ عمان السياسي والإقتصادي إلى ما وراء ‏البحار وإنتقل الصراع مع البرتغاليين إلى المحيط الهندي .‏

      وإبتداء من القرن الثامن عشر وصل الإسطول العماني إلى درجة من القوة من حيث ‏عدد السفن وكفاءتها والمدافع المتطورة التي حصل عليها العمانيون مما دفع مؤرخي ‏تلك الفترة إلى أن يصفوا الإسطول العماني بأنه أقوى الأساطيل في البحار الآسيوية .‏


      ولعل عهد السيد سلطان بن أحمد 1792م يمثل نقله جديدة في الإسطول العماني , وقد ‏وصف الإسطول التجاري في عهده بأنه كان يضم خمس عشرة سفينة كبيرة تتراوح ‏حمولة الواحدة منها ما بين أربعمائة وسبعمائة طن إلى جانب المئات من السفن ‏الصغيرة , أما الإسطول الحربي فكان على جانب كبير من القوة والكفاءة لدرجة أن ‏سفينة القيادة وهو المسماة (جنجابا) كانت ذات حمولة 1000 طن وكانت تحمل إثنين ‏وثلاثين مدفعاً كما كان الإسطول يضم أيضاً سفن أصغر نسبيا من جنجانا تحمل الواحدة ‏منها عشرين مدفعاً وكل هذه السفن بنيت على الطريقة الأوروبية إضافة إلى مئات ‏السفن الصغيرة المسلحة تسليحاً جيداً .‏

      وفي عهد السيد سعيد بن سلطان 1804-1856م كان الإسطول العماني يأتي في ‏المرتبة الثانية بعد الإسطول البريطاني وكانت له قواعد رئيسية على الساحل الشرقي ‏للخليج العربي في موانئ بندر عباس وحاسك وشامل ولنجه وقشم ولاراك إضافة إلى ‏موانئ على الساحل العماني , أما الساحل الإفريقي فكان لعمان قواعد بحرية في ممباسا ‏ولاسو وكلوه ومقديشو وزنجبار .‏

      يذكر أحد التجار الإمريكيين الذين زاروا زنجبار في بداية الثلاثينات من القرن التاسع ‏عشر أن السيد سعيد بن سلطان وصل إلى زنجبار على رأس قوة تتألف من سفينة كبيرة ‏جداً مزودة بأربعة وستين مدفعاً وثلاث فرقاطات مزود كل منها بستة وثلاثين مدفعاً ‏إضافة إلى سفينتين مزودة كل منهما بأربعة وعشرين مدفعاً وحوالي مائة مركب نقل ‏عليها ستة الآف مقاتل , ويتعجب التاجر الإمريكي متسائلاً كيف إستطاع العمانيون أن ‏يحرسوا هذه الممتلكات الشاسعة الممتدة من بندر عباس وحتى زنجبار ؟ .‏

      لقد توفي السيد سعيد بن سلطان في المحيط الهندي على ظهر السفينة فيكتوريا أثناء ‏عودته من مسقط عام 1856م وهي دلالة تحمل معاني كثيرة يصعب تجاهلها كقيمة ‏حضارية في التاريخ العماني .‏



      نراكم في لحلقه القادمه ان شاء الله
      بعنوان
      ( عُمان والدولة الأموية)

      ورد الغرام
      $$e $$e
    • ،،،

      جهد تشكر عليه أخي ورد الغرام

      وهل هناك أجمل من التاريخ ومعرفة تاريخ بلادنا ؟:)

      بارك الله فيك على هذه الحلقات المفيدة والرائعة ،،،

      جزاك الله خيراً ،،،

      دمت بحفظ الله ،،،

      تقبل تحيتي

      Ranamoon

      ،،،
    • موضوع رائع عن تاريخ هذا البلد

      بمكنوناتة وتاريخة وعظمتة

      لك الشكر والتحية

      متابعين لك

      تحيتي ومودتي

      يثبت
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • تسلم
      دائما اطالع كتاب عمان في التاريخ
      اصدار وزارة الاعلام كتاب مفيد
      للجميع

      جهدك راائع الله يوفقك
      ثمن عمري
      الحياة أمل يبقى
      *
      لويفارقني وجودك ما يفارقني غلاك
      يكفي اني حيل أحبك لو ماني معاك
      *
      وأمل الحياة لقاء
      البداية والنهاية
    • RaNaMoOn كتب:

      ،،،



      جهد تشكر عليه أخي ورد الغرام


      وهل هناك أجمل من التاريخ ومعرفة تاريخ بلادنا ؟:)


      بارك الله فيك على هذه الحلقات المفيدة والرائعة ،،،


      جزاك الله خيراً ،،،


      دمت بحفظ الله ،،،


      تقبل تحيتي


      Ranamoon



      ،،،


      لا طبعا من لا يعلم او لم يتعلم تاريخ بلده كانه لم يعش في بلده...

      فعلى الجميع قرائه كتب التاريخ لبلده ....

      شكرا لكي علي هذه المشاركه الطيبه.. وجزاك الله كل الخير....

      ورد الغرام
      :)

    • إبن الوقبـــة كتب:

      موضوع رائع عن تاريخ هذا البلد



      بمكنوناتة وتاريخة وعظمتة


      لك الشكر والتحية


      متابعين لك


      تحيتي ومودتي



      يثبت



      ان مرورك والمشاركه في هذا الموضوع..... اكبر فخر لي وشرف لي ايضا....

      شكرا لك علي التثبيت وشكرا لك... علي المشاركه...

      اخيك

      ورد الغرام
      :)

    • م. الجهوري كتب:

      تسلم
      دائما اطالع كتاب عمان في التاريخ
      اصدار وزارة الاعلام كتاب مفيد
      للجميع

      جهدك راائع الله يوفقك


      العفوا يالغالي.. وهلا بك في موضوعي المتواضع هذا..

      ورد الغرام
      :)



    • الحـــلقه الحاديه عشر
      (عُمان والدولة الأموية )





      حين أطلت الفتنة بين المسلمين في زمن عثمان وحين قبل على بن أبي طالب التحكيم ‏بينه وبين معاوية بن أبي سفيان , بدأت عمان تكون رأياً سياسياً مخالفاً لما قامت عليه ‏خلافة بني أمية ثم إستقلت تماماً على الدولة الأموية وذلك منذ سنة 37هـ/657م بعد ‏إجتماع الحكمين – عمرو بن العاص وعبدالله بن قيس أبي موسى الأشعري – وخلعهما ‏عليا بن أبي طالب من خلافة المسلمين .‏

      وتجمع المصادر التاريخية على إنه عقب وقوع الفتنة وإفتراق الأمة وبعد أن صار ‏الملك والسلطان لمعاوية بن أبي سفيان لم يكن للأمويين شئ من الشأن والسلطان في ‏عمان . ‏

      لقد إنتقل مركز السلطة المركزية للدولة العربية الإسلامية من الكوفة إلى دمشق بعد ‏تنازل الحسن بن علي عن الخلافة سنة 41هـ لصالح معاوية وكانت إهتمامات الخليفة ‏الأموي بالدرجة الأساسية إستتباب الأمن وإستقرار أقاليم الدولة العربية الإسلامية ‏الرئيسية ومن جملتها العراق حيث عهد بإدارة الكوفة للمغيرة بن شعبة الثقفي وجعل ‏لولاية البصرة عبدالله بن عامر ثم عين زياد بن أبيه الثقفي عام 45هـ بدلاً منه .‏


      ورغم هذه التطورات السياسية التي طرأت على سلطة الدولة العربية الإسلامية إلا أن ‏إدارة عمان ظلت تحت نفوذ آل الجلندي , حيث بقوا محافظين على إستقلالهم الإداري ‏وخاصة في بداية العصر الأموي ولعل إنتقال مقر الحكم الأموي إلى دمشق قد جعل ‏عمان أكثر إستقلالاً نظراً لبعدها الجغرافي وخصوصاَ وأن أبناء الجلندي لم يعلنوا ‏صراحة عن نزعة إنفصالية في خلافة معاوية بن أبي سفيان الذي حكم من عام 41هـ ‏إلى 60هـ .‏

      وقد بقيت عمان مستقله إستقلالاً شبه كامل في بداية العصر الأموي ولا تحدثنا المصادر ‏عن أي تدخل من قبل الأمويين في شؤون عمان طيلة الفترة السفيانية وحتى عهد ‏عبدالملك بن مروان .‏

      لقد بدأ الوضع السياسي يضطرب في الأقاليم خلال حكم يزيد بن معاوية 60-64هـ ‏ونشطت المعارضةة في الحجاز والعراق وتعرضت عمان في هذه الفترة لخطر نجده بن ‏عامر الحنفي زعيم الخوارج النجدات الذي تمكن من السيطرة على البحرين وتطلع إلى ‏مد نفوذه إلى عمان التي أرسل إليها حملة عسكرية بقيادة عطية بن الأسود الحنفي عام ‏‏67هـ وكانت عمان وقتئذ تحت حكم عباد بن عبد الجلندي يعاونه أبناه سليمان وسعيد ‏في تدبير أمور عمان وتمكن عطية الحنفي من مفاجئة آل الجلندي بقواته حيث تمكن من ‏هزيمة آل الجلندي وأستولى على عمان بالقوة .‏

      كما أزعجت هذه الإنتصارات عبدالله بن الزبير الذي كان يسيطر على الحجاز وقسم ‏كبير من العراق فأرسل جيشاً إلى الخوارج النجدات ولكن نجده وأتباعه هزموه ‏وأضطروا للفرار .‏

      لقد راح العمانيون يتحينون الفرصة للتخلص من سلطة نجده بن عامر وقد حانت تلك ‏الفرصة عندما قتل القائد الخارجي عطية الحنفي أثناء عودته إلى البحرين تاركاً واءه ‏كنائب عنه أبا القاسم في إدارة شؤون عمان وأنقض العمانيون بقيادة آل الجلندي على ‏أبي القائم وقتلوه وشتتوا أتباعه وعادت عمان مستقلة مره أخرى .‏


      لقد كان تعيين الحجاج بن يوسف الثقفي على العراق والمشرق الإسلامي سنة 75هـ ‏من قبل الخليفة عبدالملك بن مروان نقطة تحول هامة في تاريخ العلاقات بين سلطنة ‏الدولة المركزية وعمان لذا فقد وضع الحجاج عمان ضمن أولويات خططه بهدف ‏إعادتها إلى الدولة الأموية .‏

      وقد حاول الحجاج أن يخضع عمان للسيطرة الأموية مستعملاً القوة والعنف وتشير ‏المصادر التاريخية إلى أن أول حملة عسكرية بعث بها الحجاج إلى عمان كانت بقيادة ‏القاسم بن شعوة المزني وقد رست الحملة في ساحل حطاط إلا أن العمانيين قاوموا ‏مقاومة باسلة مما أدى إلى إندحار الحملة وقتل قائدها لذا فقد أخذ الحجاج يعد العدة ‏لإرسال حملة كبيرة تحت قيادة مجاعة بن شعوة المزني وهو شقيق القائد الذي لقي ‏حتفه في الحملة الأولى وبلغ عدد المقاتلين أربعين ألفاً وقسمت القوات إلى قسمين قوة ‏سلكت طريق البر وأخرى أخذت طريق البحر وأختار الحجاج بن يوسف كل المقاتلين ‏من النزاريين الذين لا يمتون للأزد بصلة .‏

      وقد وصلت القوات البرية قبل القوات البحرية وكان سليمان بن عباد الجلندي على علم ‏بخروج الحملة ووقعت المجابهة بالقرب من وادي بوشر ونزلت الهزيمة بجيش الحجاج ‏في القوت الذي كانت فيه القوات البحرية قد وصلت إلى جلفار (رأس الخيمة) ولجأ ‏العمانيون إلى إستخدام أساليبهم البحرية من بينها إحراق أكثر من خمسين سفينة من ‏أسطول الحجاج مما دفع بقية السفن إلى الفرار نحو البحر .‏

      وكتب القائد الأموي مجاعة المزني إلى الحجاج ينبئه بظروفه العسكرية الصعبة فأمده ‏الحجاج بقوات بلغت خمسين ألف مقاتل كان معظمهم من أهل الشام الذين لجأوا إلى ‏السيطرة على المناطق الساحلية من عمان وتؤكد الروايات التاريخية أن سعيد وسليمان ‏ولدي الجلندي قد حوصرا في الجبل الأخضر وبذلك ضعفت روح المقاومة لدى ‏العمانيين وزاد الموقف سوءاً حروب سعيد وسليمان إلى شرق إفريقيا وهكذا أصبحت ‏قوات الحجاج تسيطر على عمان .‏

      وظلت عمان تابعة للأمويين إلى أن توفي عبدالملك بن مروان وولى الخلافة إبنه الوليد ‏بن عبدالملك 86-96هـ وبوفاة الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 95هـ تولى أمر العراق ‏بدلاً منه سيف بن الهاني الهمداني .‏

      وفي عهد سليمان بن عبدالملك 96-99هـ بدأت قبضة الأمويين تخف عن عمان وأخذ ‏العمانيون يستعيدون إستقلالهم تدريجياً وخصوصاً بعد أن عين يزيد بن المهلب الأزدي ‏والياً على العراق وخراسان حيث ولى يزيد أخاه زيادا على عمان حيث أحسن إلى أهلها ‏‏.‏

      وفي عهد عمر بن عبدالعزيز 99-101هـ كتب العمانيون إلى الخليفة العادل يشكون ‏من ظلم عماله فأختار الخليفة بنفسه عمر بن عبدالله الأنصاري الذي أحسن السيرة فيهم ‏ولم يزل والياً على عمان مكرماً بين أهلها يستوفي الصدقات بن أغنيائهم ويردها إلى ‏فقرائهم حتى وفاة عمر بن عبدالعزيز , حيث خرج من عمان قاصداً زياد بن المهلب ‏قائلاً له: هذه بلاد قومك فشأنك بها .‏

      وفعلاً قام زياد بن المهلب بشؤون عمان حتى ظهر أبو العباس السفاح وصار ملك بني ‏أميه إليه وقامت على يديه الخلافة العباسية في الوقت الذي قامت فيه في عمان أول ‏إمامة أباضية على يد الجلندي بن مسعود وتحقق إستقلال عمان عن الدولة العباسية ‏الوليدة .‏


      ===========================

      يتبع

      نراكم في الحلقه القادمه بعنوان

      (عُمان والدولة العباسية )


      ورد الغرام

      :) :)

    • تسلم ولدي ورد
      متباعه موضوعك باستمرار وبنتظار باقي الحلقات
      في اشياء لما اقراءها اكون اعرفها بس في تفاصيل صغيره وكذلك
      لها اثرها الكبير ما كنت اعرفها
      شي رائع وجميل نعرف تاريخ عماننا الحبيب
      خلال الفترات الزمنيه المختلفة
      عساك على القوة ولدي
      :)
    • ...بنت العز... كتب:

      تسلم ولدي ورد

      متباعه موضوعك باستمرار وبنتظار باقي الحلقات
      في اشياء لما اقراءها اكون اعرفها بس في تفاصيل صغيره وكذلك
      لها اثرها الكبير ما كنت اعرفها
      شي رائع وجميل نعرف تاريخ عماننا الحبيب
      خلال الفترات الزمنيه المختلفة
      عساك على القوة ولدي

      :)



      :) شرف كبير لي .. بان تتابعين موضوعي... بستمرار شكرا لكي.. علي هذا الاهتمام

      :) ورد الغرام
      :)




    • الحـــلقه الثانيه عشر
      (عُمان والدولة العباسية )






      بقيام الدولة العباسية فوض الخليفة أبو العباس السفاح أخاه أبا جعفر المنصور على أقاليم ‏عمان واليمامة والبحرين وقد إختار أبو جعفر جناح بن عبادة بن قيس الهنائي عاملاً ‏على عمان فظل في منصبه مدة قصيرة حتى حل محله إبه محمد بن جناح الذي حسنت ‏سيرته في أهل عمان فأحبوه وقد تأثر كثيراً بالأفكار الأباضية مما دعاه إلى الإعتراف ‏بنفوذهم فبادر أهل عمان وعقدوا الإمامة للجلندي بن مسعود الذي يعتبر المؤسس ‏الحقيقي للإمامة الأباضية وبذلك خرجت عمان من يد العباسيين زمن أبي العباس السفاح ‏‏.‏

      على أن الخلافة العباسية كان لا يمكن أن يطول سكوتها عما كان يحدث في عمان مما ‏يشكل سابقة خطيرة تؤدي إلى تمزق الدولة العباسية وإنفصال أطرافها لذا فقد أرسل ‏الخليفة أبو العباس السفاح سنة 134هـ حملة بحرية بقيادة خازم بن خزيمة لاخماد ‏الثورة التي تأججت في جزيرة أبن كاوان القريبة من عمان وأخضاع عمان لنفوذ ‏الخلافة العباسية , وفي الحروب التي دارت بين الجيش العباسي وبين الجلندي بن ‏مسعود قتل الأخير وبضع آلاف من رجاله في موقعة جلفار ومع ذلك فإن أوضاع عمان ‏لم تستقر طويلاً ولم يستطع الولاة العباسيون أن يسيطروا على البلاد بسبب معارضة ‏العمانيين لهم .‏

      لقد تركت وفاة الجلندي فراغاً سياسياً كبيراً وصدمة بين أتباعة وعلى الرغم من ذلك فلم ‏يستطع العباسيون إخضاع عمان , فالعمانيون لم يستكينوا للوالي العباسي وظلوا يناوئون ‏العباسيين ويعارضون حكمهم .‏

      لم يلبث العمانيون أن ثاروا سنة 177هـ وخلعوا الطاعة للخلافة العباسية وإختاروا ‏محمد بن عبدالله بن عفان اليحمدي إماماً إلا أنه كان شديداًَ تنقصه المرونة فأجمع ‏العلماء على عزله وإختاروا الوارث بن كعب الخروصي وفي عهده إستقرت الأمور ‏وساد النظام والأمن بفضل حزمه وعزمه .‏


      لم يرض هارون الرشيد عن الوضع فأرسل حملة كبيرة بقيادة عيسى بن جعفر بن ‏سليمان لإخضاع عمان سنة 189هـ ولكن هذه الحملة باءت بالفشل الأمر الذي أغضب ‏الخليفة هارون الرشيد الذي لم يلبث أن توفي قبل أن يثأر من عمان وأهلها .‏


      إجتمعت كلمة أهل عمان على مبايعة غسان بن عبدالله اليحمدي بالإمامة بعد وفاة ‏الوارث بن كعب سنة 192هـ وقد بقي إماماً خمس عشرة سنة وسبعة أشهر وفي عهده ‏إمتد نفوذ عمن إلى أقاليم أخرى من شبه الجزيرة العربية مثل اليمامة وحضرموت ‏فضلاً عن بعض الجزر القريبة مثل سقطرى .‏

      وبوفاة الإمام غسان بن عبدالله اليحمدي إنتقلت الإمامة إلى عبدالملك بن حمير بن ماء ‏السماء الأزدي وخلال إمامته حدثت العديد من المشكلات والفتن الداخلية إلى أن أختير ‏الإمام مهنا بن جيفر اليحمدي الذي بويع عام 226هـ وقد تنبه إلى المخاطر التي ‏كانت تتعرض لها عمان وكان أكثرها يأتي من ناحية البحر لذا فقد أخذ في تقوية ‏الأسطول الذي وصل في عهده إلى ثلاثمائة سفينة كاملة التسليح , مهيأة لخوض غمار ‏الحرب أما جيشه البري فقد وصل إلى درجة أن حامية نزوى وحدها كانت تضم عشرة ‏آلاف مقاتل وسبعمائة ناقة وستمائة فرس .‏

      ثمة إمام آخر عظيم الهمة هو الصلت بن مالك بن بلعرب الخروصي , الذي بويع ‏بالإمامة في نفس اليوم الذي مات فيه الإمام مهنا في السادس والعشرين من ربيع الآخر ‏سنة 237هـ وقد بويع الصلت على ما بويع عليه آئمة العدل من قبله , أصلاح في ‏الداخل وجهاد في الخارج وكانت أرض عمان في عهده مترامية الأطراف إذ كانت ‏سقطرى والمكلا وحضرموت والمهرة كلها تحت الحكم العماني وفي عهده أعتدى ‏النصارى الأحباش بإسطولهم على سقطرى واطلقوا الأجراس وجعلوها نصرانية ‏وإستغاثت به إمرأه من أهل سقطرى وكانت بمثابة (وامعتصاه) التي إطلقتها إمراة ‏مسلمة في عمورية , وإذا كان المعتصم في قاد جيشاً من الفرسان حتى ظفر وإنتصر ‏فإن الإمام الصلت بعض إسطولاً من مائة سفينة حربية تحمل جنوداً أشاوس وفرساناً ‏يحتسبون أرواحهم في سبيل الله وتمكنوا من إستعادة الجزيرة من مغتصبيها وقد أمضى ‏الإمام الصلت في الحكم خمساً وثلاثين سنة من 237- إلى 272هـ الموافق 851 إلى ‏‏885م .‏

      وفي عهد الإمام الصلت إستقلت عمان عن الدولة العباسية إستقلالاً كاملاً وقد عاصر ‏هذا الإمام العادل ستة من خلفاء بني العباس هم المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز ‏والمهتدي والمعتمد .‏

      وفي أواخر القرن الثالث الهجري دخلت إمامة عمان مرحلة من مراحل الضعف حيث ‏إشتدت الصراعات بين القبائل ولجأ بعضهم إلى الإستعانة بالوالي العباسي في البحرين ‏ضد خصومه ومنافسيه مما أغرى محمد بن نور الوالي العباسي في البحرين بغزو ‏عمان سنة 281هـ/893م فأستولى على سواحل عمان وأقام الخطبة للخليفة العباسي ‏المعتضد وفرض على العمانيين خراجاً سنوياً ومع ذلك فقد ظل العمانيون يختارون ‏آئمتهم بعيداً عن سطوة العباسيين .‏

      لقد بقيت عمان متماسكة قوية في ظل آئمتها العظام من أمثال الصلت بن مالك إلى أن ‏تولى أمر عمان عدد من الأئمة لم يكن الواحد منهم يبقى في منصبه إلا بقدر ما يكيد له ‏الأخرون وفي عهد الإمام عزان بن تميم وقعت حرب أهلية طال أمدها وأتسع مداها إلى ‏أن أكلت الأخضر واليابس .‏

      وفي أوائل القرن الرابع الهجري أي العاشر الميلادي تعرضت عمان لهجمات القرامطة ‏الذين إتخذوا البحرين مقراً لهم , ولم تحل سنة 317هـ/929م إلا وكان القرامطة قد ‏سيطروا على بعض أجزاء عمان في الوقت الذي أخذت فيه الخلافة العباسية طريقها ‏نحو الإنحلال والضعف وإزداد نفوذ بني بويه في الدولة وإنعكس ذلك بشكل واضح ‏على عمان التي تغلب عليها يوسف بن وجيه وهو رجل مغامر سبق له أن حاول إحتلال ‏البصرة مرتين إلا إنه فشل في محاولاته سنة 331هـ وسنة 341هـ , فقد تمكن ‏يوسف من الإستقلال بعمان بعيداً عن الخلافة العباسية .‏

      وتشير المصادر التاريخية إلى أن العمانيين لم يرضخوا لسلطة يوسف بن وجيه ‏وإختاروا سعيد بن عبدالله بن محمد الرحيل إماماً عليهم سنة 320هـ/930م .‏

      وإستطاع هذا الإمام إنتزاع عمان الداخل من قبضة يوسف بن وجيه الذي بقى محصوراً ‏في المناطق الساحلية وبعد إستشهاد الإمام سعيد بن عبدالله بالقرب من الرستاق سنة ‏‏320هـ/939م إختار العمانيون راشد بن الوليد إماماً لهم وواصل الحرب ضد ‏مغتصبي بلاده وحقق إنتصارات متوالية على يوسف بن وجيه الذي إعتاله مولاه نافع ‏سنة 342هـ وتولى الأمر مكانه وأعلن ولاءه للعباسسن ووجدها الخليفة معز الدولة ‏فرصة لغزو عمان إلا أن محاولاته جميعها باءت بالفشل , وبلغ من سوء الأحوال عندئذ ‏أن بعض المتنافسين على السلطة في عمان إستعانوا بالقرامطة في البحرين سنة ‏‏355هـ مما عرض عمان لخطر القرامطة من جديد .‏


      لقد أفزع هذا الوضع المخلصين من العمانيين فنظموا صفوفهم وتمكنوا من طرد ‏القرامطة نهائياً من عمان سنة 375م وإتبعوا ذلك بالعمل على إستئصال نفوذ الخلافة ‏العباسية من عمان .‏

      لقد ظلت عمان خاضعة للولاة مدة خمسة وستين عاماً منذ وفاة الإمام راشد بن الوليد ‏سنة 342هـ حتى إختير الخليل بن شاذان إماماً في العقد الأول من القرن الخامس ‏الهجري .‏

      وقد إنتعشت الإمامة الأباضية بسبب هذه الإنتصارات المتلاحقة وأحسن بنو مكرم وهم ‏من أعيان اهل عمان بمنافسة الإئمة لهم فأشتد الصراع بين الطرفين ووقعت ‏الإضطرابات والحروب الأهلية مرة ثانية ولم يجد العمانيون مخرجاً من هذا الوضع ‏المتردي إلا بالإتفاق حول الإمامة الأباضية .‏

      وكان إن سقطت الخلافة العباسية في بغداد على أيدي التتار في أواسط القرن السابع ‏الهجري ولم يكن التتار قوة بحرية ليفرضوا سيطرتهم على الخليج لذا فقد بقيت عمان ‏بمنأى عن سيطرتهم ومضت في طريقها بعيداً عن نفوذ التتار ولم تلبث إن دخلت ‏منتصف القرن السادس للهجرة في عصر بني نبهان .‏



      انتهت الحلقه.


      الحلقه القادمه بعنوان

      النباهنة حكاماً على عمان

      ورد الغرام
      :)





    • الحـــلقه الثالثه عشر
      (النباهنة حكاماً على عمان )







      يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان , إستمر خمسة قرون تقريباً 1154-1624م ‏عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل والتي إنتهت بحكم سليمان بن ‏سليمنا بن مظفر النبهاني .‏

      وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرين والتي إمتدت من عام 1500 إلى 1624م ‏حيث إنتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد سنة 1624م .‏

      والنباهنة من أصول عربية حيث سنتسبون إلى قبيلة العتيك الأزدية العمانية العريقة وقد ‏وصفهم إبن زريق بأنهم ملوك عظام وكان من أشهر ملوكهم جوداً وكرماً الفلاح بن ‏المحسن .‏

      لقد أشاد إبن بطوطة آثناء زيارته لعمان بتواضع الحكام النباهنة حيث إتيح له أن يلتقي ‏بالملك النبهاني أبي محمد الذي قال عنه : (ومن عاداته أن يجلس خارج باب داره ولا ‏حاجب له ولا وزير ولا يمنع أحداً من الدخول إليه من غريب أو غيره ويكرم الضيف ‏على عادة العرب ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره وله أخلاق حسنة).‏

      يعتبر عصر النباهنة بأنه من أكثر فترات التاريخ العماني غموضاً بسبب قلة المصادر ‏التي تناولت هذه الفترة لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي إنطباعاً بأن عصرهم ‏كان عصر تنافس وصراعات داخلية ويصعب تتبع أحداث هذه الصراعات لكن من ‏الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة إحتلال عمان وأن هجوماً ‏قام به الفرس في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان لكن العمانيين تصدوا لهذا ‏الهجوم وقضوا عليه إلا أن هجوماً آخر قد وقع سنة 660هـ/1261م في عهد الملك ‏أبي المعالي كهلان بن نبهان بقيادة ملك هرمز محمود بن أحمد الكوستي الذي تمكن من ‏الإستيلاء على قلهات مستغلاً الصراعات القبلية ثم مضى نحو ظفار حيث قامت قواته ‏بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسبي رقيقهم وبلغ عدد السبي إثنى عشر ألفاً وحملت ‏الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق إلى قلهات ثم إتجه معظم الجيش متوغلاً في داخل ‏عمان عن طريق البر يقوده ملك هرمز بنفسه ولما وصل جيشه إلى منطقة القرى حيث ‏جبال ظفار الشاهقة تم الإستعانة بعشرة رجال من أهل ظفار كأدلاء للطريق فلما وصلوا ‏بهم إلى داخل عمان هربوا عنهم ليلاً وعلى حد تعبير أبن رزيق ‏‎:‎‏ (أصبحوا حائرين ‏يترددون في رمال عالية وفيافي خالية) فتاهو في تلك الصحاري الواسعة ونفذ ما معهم ‏من ماء وطعام ونفقت دوابهم من الجوع والعطش وهام ملك هرمز على وجهه في ‏الصحراء فهلك ومعظم جيشه ومن بقي منهم قتل على يد عرب البادية إلا نفر قليل ‏واصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جلفار ومنها أبحروا إلى هرمز .‏


      أما بقية الجيش في قلهات فقد أغار عليهم رجال قبيلة بني جابر وقضوا عليهم ودفنوهم ‏في مقابر جماعية تعرف إلى اليوم بقبور الترك .‏

      وفي عام 647هـ/1276م وخلال حكم عمر بن نبهان أغار الفرس على عمان بقيادة ‏فخر الدين بن الداية وأخيه شهاب الدين نجلي حاكم شيراز وعندما نزل الجيش الفارسي ‏مدينة صحار التقى بهم عمر بن نبهان في حي عاصم بمنطقة الباطنة وظل يقاتل حتى ‏إستشهد وثلاثمائة من جيشه وزحف الغزاة إلى نزوى التي إستولى عليها الغزاة ونهبوا ‏منازلها وسوقها واحرقوا المكتبات وأخرجوا أهل عقر نزوى من منازلهم وحلوا محلهم ‏ثم توجهوا إلى بهلا العاصمة الثانية للنباهنة وحاصروها إلا إنها إستعصت عليهم وخلال ‏فترة الحصار قتل فخر الدين أحمد بن الداية وكان لقتله أكبر الأثر على معنويات جنده ‏الذين قرروا الإنسحاب من عمان نهائياً بعد أم مكثوا فيها أربعة أشهر عاشوا خلالها ‏فساداً وقتلاً .‏

      وفي عام 866هـ/1462م أغار الفرس على عمان وإتخذوا من بهلا مقر لهم بعد أن ‏طروا الملك النبهاني سليمان بن مظفر الذي فر إلى الأحساء التي إتخذها مكانا لإعادة ‏ترتيب جنده ثم عاود هجومه على الفرس وتكن من تحرير عمان وإعادة ملكه لكن يبدوا ‏أن إنقساماً قد وقع بين النباهنة أنفسهم لذا فقد رحل سليمان بن مظفر إلى شرق إفريقيا ‏حيث أسس مملكة بته (بات) بعد أن ترك ولداه سليمان وسحام في عمان وإشتد بينهما ‏الصراع على السلطة وإنتهى الأمر بإنتصار سليمان على أخيه لكن الصراع بينه وبين ‏زعماء القبائل لم يتوقف إلى أن إختارت القبائل محمد بن إسماعيل إماماً .‏

      ثم تجددت الصراعات مره أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من ‏إستعادة ملك أجداده وإنتزاع مدينة نزوى عام 924هـ/1556م إلا إنه لم يتمكن من ‏السيطرة على داخلية عمان .‏

      وقد بقيت البلاد تتنازعها الإنقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر ‏بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان وإتخذ من مدينة بهلاً مقراً لحكمه ونجح ‏العمانيون في صد هجوم قارس على مدينة صحار لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها ‏من جديد ولما كانت مدينة بهلا مقراً لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ‏ينفرد بحكمها لذا فقد إنقسمت البلاد بين أشخاص نصبوا من أنفسهم ملوكاً على مدن ‏وقطاعات إتسمت أوضاعها بالضعف وإمتد الصراع إلى منطقة الظاهرة التي كان ‏مسيطراً عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن .‏

      لقد تناولت المصادر العمانية الفترة الأخيرة من حكم النباهنة حيث سادت الفوضى ‏وإنقسمت عمن إلى ممالك صغيرة وتدهور الحياة الإقتصادية والسياسية إلى أن قيض الله ‏لعمان رجلاً من بين رجالاتها تميز بكفاءة عالية ألا وهو ناصر بن مشرد اليعربي الذي ‏إختاره أهل الحل والعقد في عمان وعقدوا له الإمامة سنة 1034هـ/1624م وبذلك ‏بدأت عمان مرحلة جديدة من التلاحم حيث إستوعب الإمام الجديد كل تجارب وطنه ‏وعزم النية على أن يبدأ بتوحيد البلاد على إعتبار أن ذلك هو صمام الأمان لمواجهة ‏الخطر الخارجي المتمثل في الإحتلال البرتغالي وإستهلت عمان عصراً جديداً تميز ‏بالشموخ والقوة .‏


      [B]يتبع....


      الحلقه القادمه

      قيام دولة اليعاربة 1624م‏

      ورد الغرام
      :)[/B]



    • الحـــلقه الرابعة عشر
      (قيام دولة اليعاربة 1624م‏)




      لعل من أهم التجارب الناجمة عن حركة التاريخ أن التآلف والتجانس بن عناصر ‏المجتمع تعد المقوم الأول لبناء قوته وبقدر ما يتحقق هذا التآلف فإنه ينعكس على قوة ‏المجتمع , كان ذلك قديماً وقبل أن تتكون الدول القومية بمعناها الحديث وظل ذلك باقياً ‏في كل عصر وفي كل مجتمع .‏

      والمتتبع تاريخ عمان يلاحظ هذه الحقيقة بشكل أكثر وضوحاً وخصوصاً مع إقتراب ‏القرن الخامس عشر الميلادي من نهايته حيث عانت عمان من الفوضى السياسية مع ‏إقتراب نهاية عصر النباهنة وبدات عوامل الضعف تنال من كيان هذه الدولة كنتائج ‏طبيعية لإنقسامها إلى دويلات وممالك صغيرة مما عجل بنهايتها .‏

      والحقيقة أن تاريخ النباهنة لم يكن كله ضعفاً وإنما كانت هناك فترات قوة حيث حكم ‏عمان عدد من الحكام العظام لعل أشهرهم فلاح بن محسن وفي فترات قوة الدولة ‏وهيبتها تبدو الوحدة الوطنية أكثر وضوحاً وفي ظل حكام يتميز بقدر كبير من الحسم ‏والإقدام تتبدد الأنانية ويقوى الوطن في ظل أهداف كبيرة ويبدو أن دولة النباهنة أخذت ‏تنهار حينما بدأت تنهار هيبة حكامها حينما أسندت مناصب ولاة الأقاليم إلى من إشتد ‏فسادهم حيث أهدرت حقوق الناس وراحوا يتطلعون إلى نماذج من الأئمة العظام .‏


      وإذا كانت الحروب الأهلية مع نهاية عصر النباهنة قد صرفت الناس عن الأهتمام ‏بأمور معيشتهم مما أسفتر عن تدهور ملحوظ في الحياة الإقتصادية والإجتماعية إلا ان ‏الغزو البرتغالي قد أجهز على البقية ولما كانت السواحل العمانية في مقدمة المناطق ‏وقوعاً تحت السيطرة البرتغالية لذا فقد عمد البوكيرك إلى حرق المدن وتدمير السفن ‏الراسية في الموانئ العمانية .‏

      وهكذا توافق غزو البرتغال مع أشد الفترات ضعفاً في تاريخ عمان مما سهل على ‏الغزاة مهمتهم وعلى الرغمن من كل ذلك فقد سجل التاريخ صوراً من المقاومة العمانية ‏الباسلة .‏


      واللافت للنظر أن كل القوى العربية والإسلامية كانت مستهدفة وعلى الرقم من ذلك فلم ‏يحدث أي قدر من التنسيق بل إتسمت العلاقات بين كل القوى العربية والإسلامية بقدر ‏كبير من التصارع فها هم العثمانيون يستبيحون عاصمة الفرس بينما المماليك ينسقون ‏مع البنادقة بهدف التصدي للبرتغاليين أما بقية القوى العربية في الخليج كالنباهنة الجبور ‏وهرمز فقد إتسمت علاقاتهم بصراع مرير مما بدد من قوتهم جميعاً .‏


      وبينما البرتغاليون يجهزون على كل القوى كانت عمان تشهد ميلاد عهد جديد أرسى ‏دعائمه الإمام ناصر بن مرشد اليعربي المؤسس الحقيقي لدولة اليعاربة من 1624 إلى ‏‏1744م لقد إستوعب ناصر بن مرشد التجربة التاريخية بذكاء شديد فأية محاولة لتحرير ‏عمان من البرتغاليين مشكوك في نتائجها بينما الوطن ممزق إلى دويلات صغيرة لذا فقد ‏كان لزاما عليه أن يحارب في جبهتين الحرب من اجل الوحدة والحرب من أجل ‏التحرير.‏

      ولا شك أن أجماع العلماء على إختيار ناصر بن مرشد إماماً عام 1624م يعد بداية ‏عهد جديد في تاريخ عمان حيث وضع أسس دولة اليعاربة التي حكمت ما يقرب من ‏مائة وعشرين عاماً تميز عهدها بملامح رئيسية لعل من أهمها تحقيق الأمن والإستقرار ‏والرخاء كما تميز عهدها بتطور هائل في البحرية العمانية حيث أدرك الإمام ناصر أن ‏الحرب بينه وبين البرتغاليين حرم بحرية في المقام الأول لذا أخذ على عاتقه بناء ‏أسطول عربي يعتبر أول إسطول منظم أصبح في نهاية القرن السابع عشر القوة ‏البحرية الأولى في مياه الخليج العربي والمحيط الهندي .‏

      وينتمى الإمام ناصر بن مرشد إلى قبيلة يعرب التي تعتبر بطناً من بطون بني نبهان ‏وكانوا يتمتعون بإستقلال في إدارة شؤونهم الذاتية حيث إتخذوا من الرستاق مقراً ‏لإقامتهم ونظراً لما إشتهر به الإمام ناصر بن مرشد من الإستقامة والنزاهة والإقدام ‏والتدين لذا فقد أجمع أهل الرستاق على مبايعته إماماً , وتؤكد المصادر العمانية أنه بعد ‏وصول الإمام ناصر إلى الحكم راحت تتهاوى حصون أنصار التجزئة الذين قاوموا ‏بشراسة فكرة جمع شتات الوطن الكبير في دولة واحدة .‏

      وبما أن منطقة الرستاق في التي شهدت ميلاد إمامة ناصر بن مرشد لذا فقد كان عليه ‏أن يبدأ بها , لهذا مضى ومعه جمع من أنصاره نحو قلعة الرستاق وكان المالك للرستاق ‏مالك بن أبي العرب اليعربي وبعد حصار لم يدم طويلاً فتحها الإمام ناصر متخذاً منها ‏نقطة إنطلاق لتوحيد الوطن كله .‏

      لقد إجمعت مصادر التاريخ العمانية على اهمية الدور الذي لعبة الشيخ خميس بن سعيد ‏الشقصي الذي كان موضع ثقة اهل الرستاق حيث ساند الإمام ناصر في كل خطواته ‏بدءاً من إختياره إماماً وإنتهاء بالجيوش التي قادها في سبيل تحقيق الوحدة ومن الصعب ‏إغفال زعامات قبلية ودينية بذلت جهداً كبيراً من أجل الوحدة .‏


      نراكم في الحلقه القادمه ان شاء الله

      ورد الغرام
      :) :)
    • تسلم اخوي وما زلت متابعة باهتمام
      وبانتظار الحلقة الخامسة عشر
      واتمنى ان الموضوع يلاقي اكبر اقبال من قبل الاعضاء
      لانه فعلا يستحق وفي معلومات قيمة ورائعة
      نتعرف عليها من خلال الحلقات المتجددة الي ينزلها الاخ ورد الغرام
      :)