فساد إداري من نوع آخر مغيب عن المحاسبة يمارسه الموظفون

    • فساد إداري من نوع آخر مغيب عن المحاسبة يمارسه الموظفون

      في الوقت الذي يتفق فيه الجميع حكومة ومواطنين على إدانة التجاوزات المالية والرشاوى التي حدثت في
      القضايا الأخيرة، فإن هناك قضايا فساد أكبر تحدث بشكل يومي في المؤسسات الرسمية والخاصة، وفي
      وضح النهار، ويدفع ثمنها الحكومة والمواطن معا، ولا نجد أحدا يلتفت إليها أو يكتب عنها، ربما لإن أبطالها
      بعيدون عن المواقع التنفيذية العليا وبالتالي لا يتخذون أهمية لدى الصحف أو مواقع التواصل الإجتماعي.

      من أشكال هذا الفساد الإداري عدم إهتمام كثير من الموظفين الإلتزام بالموعد الرسمي للعمل، الأمر الذي
      يتسبب في عرقلة معاملات المواطنين، التي تتأخر كلما تأخر الموظف عن الوصول إلى مقر مكتبه، وربما
      تتعرقل لأيام أخرى عندما يقرر هذا الموظف وبدون أية مراعاة للأنظمة والقوانين الإدارية التغيب عن الدوام
      دون أي سابق إنذار، ويكون الضحية هو المواطن الذي ربما يأتي من مسافة بعيدة تستغرق عدة ساعات من أجل
      إنهاء معاملة ما فيتفاجأ بغياب الموظف، الذي لم يتغيب لوحده فقط وإنما غيب معه معاملات المواطنين أيضا
      . وقد حدث معي ذات مرة أن ذهبت إلى دائرة حكومية لأجل إنهاء معاملة إدارية فقيل لي أن الموظف في
      إجازة وعليك الإنتظار حتى يرجع الموظف لمباشرة عمله بعد أسبوع، وعندنا رجعت بعد أسبوع قيل لي بأن
      الموظف قام بتمديد إجازته لعدة أيام أخرى، وتساءلت في تلك اللحظة عن مصير معاملتي إذا قرر هذا الموظف
      الإستقالة أو إنتقل إلى جهة عمل أخرى.

      وهناك من الموظفين من يجعلك تنتظر فترة ليست بالقصيرة حتى ينتهي من مكالمة خاصة لا علاقة لها بالعمل
      من قريب أو بعيد، مما يجعل كثير من المراجعين للمؤسسات الخدمية يتساءلون عن ضوابط إستخدام الهاتف
      في الدوائر الحكومية، وهل هي من أجل الإستخدام الرسمي أم يشمل ذلك المكالمات الخاصة أيضا؟ ومن
      المضحك والمبكي في الوقت نفسه أن كثيرا من هؤلاء الموظفين يقومون بإستغلال توفير الشبكة العنكبوتية في
      كثير وربما جميع الدوائر الحكومية والخاصة من أجل قضاء الساعات الطوال بين مواقع التواصل الإجتماعي مثل
      الفيس بوك وتويتر والكتابة عن الفساد والمفسدين، وضرورة تطهير المؤسسات الحكومية من هذه الآفة الخطيرة
      التي تهدد الأمن الإقتصادي للبلد، دون أن يسألوا أنفسهم عن تلك الساعات التي يقضونها في هذه المواقع،
      وكانت أحق أن تقضى في أداء واجباتهم الوظيفية في خدمة المواطنين، وليس للدردشة في مواقع التواصل
      الإجتماعي وغيرها، مما يجعل من هذا الفعل هو الفساد بعينه وكان الأولى وفقا لذلك أن يحاربوا أنفسهم أولا قبل
      أن يعلنوا الحرب على الآخرين.

      ومن أمثلة الفساد الإداري الذي بدأ يأخذ شكل ظاهرة خطيرة في مواقع التواصل الإجتماعي وتطبيقات الهواتف
      الذكية مثل الواتس آب وغيره، إستغلال هذه الفضاءات المفتوحة من أجل التشهير بالآخرين والقدح فيهم بكلمات
      بذيئة ومقذعة بحجة محاربة الفساد، وتطورت هذه التجاوزات في الآونة الأخيرة لتأخذ شكل نشر الصور بغير
      إذن أصحابها والتشهير بها على سبيل السخرية والإستهزاء، وللأسف الشديد فقد تطور الأمر عند البعض الآخر
      بإستغلال هذه المساحة من حرية النشر في الهجوم على المؤسسات الرسمية التي يعملون بها ونشر الوثائق
      الرسمية التي يحظر القانون نشرها كما أشار إلى ذلك الكاتب والإعلامي زاهر المحروقي في مقال سابق له نشر
      في الرؤية تحت عنوان “قضية إفشاء الأسرار” وحذر من خطورته وضرورة التصدي له.

      بقي أن نقول أن هناك طرقا متعددة لمحاربة أشكال الفساد الإداري ربما أهمها الإلتزام بالأخلاق الإدارية
      وتفعيل قانون المحاسبة بشكل جدي.


      صالح البلوشي
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ

      تم تحرير الموضوع 1 مرة, آخر مرة بواسطة هادئ ().

    • المصدر :
      albaladoman.com/?p=16649

      التعليق :

      في الحقيقة أن قضاء بعض الأوقات إثناء الدوام الرسمي بين جنبات المنتديات الحوارية
      والمناقشة الإيجابية لقضايا الشأن الداخلي والخارجي يجب أن لا يكون على حساب إنجاز
      فروض العمل ومعاملات المواطنيين ومراجعاتهم وخصوصا في الدوائر الخدمية النشطه .
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ
    • السلام عليكم والرحمة
      ::
      مقال رائع بما يحمله من معاني ومبادئ قيمة
      ابتدأ بالانضباط في مواعيد الدوام الرسمي ومن ثم عملية التأجيل لظرف الموارد البشرية
      تابعا لها قضية استخدام موارد المؤسسة سواء كانت الملموسة او الغير ملموس كالوقت المستخدم
      في الامور والمهاتفات الشخصية...

      نقطةالانضباط.. والالتزام .. ثقافة المرء ذاته
      تم تفعيل نظام البصمة ليلتزم الموظف بالوقت المحدد له في بدايات الدوام الرسمي
      الا ان بالرغم من ذلك قد تظهر دواعي اخرى يُغطى عليها وتفعل بالشكل المغلوط
      مهمهاوضعت القوانين والانظمة.. الغير منضبط ذاتيا سيبقى كذلك...
      لكن المشكلة ان تتوسع الدائرة لتشمل تهديد في مصالح الاخرين كتأخيرها وغيرها
      اعلى الهرم لابد ان تكون السلطة قوية جدا ذات ابعاد كبيرة وواسعة حتى تكونالمسارات واضحة دون التلاعب فيها..

      اما الانشغال عن العمل بذروته والتأثير في عملية الانجاز سواء السرعة او الجودة
      فهن لابد من خلق رقابيات مختلفة ويتم اتخاذ اللازم وفق الموقف ....
      ::
      مودتي



    • هادئ كتب:

      المصدر :
      albaladoman.com/?p=16649

      التعليق :

      في الحقيقة أن قضاء بعض الأوقات إثناء الدوام الرسمي بين جنبات المنتديات الحوارية
      والمناقشة الإيجابية لقضايا الشأن الداخلي والخارجي يجب أن لا يكون على حساب إنجاز
      فروض العمل ومعاملات المواطنيين ومراجعاتهم وخصوصا في الدوائر الخدمية النشطه .


      اتفق معك تماما ...
      لابد من وجود اولويات والعمل في الطليعة
      توجد فترات مختلفة لتغير الوضع او فترة ركود نوعا ما..
      ف المشاركة بقضايا المجتمع اعتبرها فائدة تعود للشخص نفسه
      لاسيما وان الشبكة العنكبوتية مخزون وكم هائل من المسارات ذات الفائدة القصوى
      هنا يختلف الاستخدام والهدف لكن اتبعها مثلما اسلفت تماما عليه ان لا يكون على حساب العمل ...
      ::
      مودتي
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
      مخالفات العمل إن الصح القول هنا فهي كثيرة وعديدة بات البعض منا يذهب للعمل ولايمارس سوى قراءة الجرائد شرب الشاي بعدها يذهب للإفطار ثلاث ساعات ويرجع ليكمل القاءة والسخرية من خلال المنتديات والمواقع الهزلية وعند نهاية الدوام يتذمر لم انجز العمل او لاوقت لدي الآن سأكمله بالغد ...
      دخول المنتديات والإنشغال بالهاتف أثناء العمل قضية كان ضحيتها المواطن فهو من يقف في صف الإنتظار وقد تكبد عناء الطريق عن طريق التاكسي او بغيره وهو من ترك عمله كي ينجز العمل الاخر وهو من اخذ اجازة اضطرارية كي يتابع معاملاته وفي نهاية كل هذا يأتي الموظف المعني بعبارته الشهيرة (( الجهاز معطل - تأخر الوقت - الاوراق غير مكتملة )) وغيرها من الحجج الواهية
      وكل من اجل ان يوفر عناء تخليص معاملة كي يتفرغ للهاتف او الحاسب الألي..
      حتى نظام البصمة بات لعبة مكشوفة
      يأتي الموضوع قبل الوقت المحدد ويضع بصمته بعدها يخرج كيف يشاء ويأتي قبل انتهاء الدوام ويكرر فعلته..
      نحن بحاجة لقانون رادع كي يكون عبرة للجميع
      تفشي الاسرار الخاصة بالعمل والفساد الذي يأتي من الموظف بات بصمة عار واضحه
      والمضحك ان هناك كما يقول المقال من ينادي بالتطهير وهو منغمس بالفساد ....
      رحيل أمي أنفاس متقطعة
    • جبران خليل جبران كتب:

      طرح جميل بارك الله فيك


      أحسنت سيدي /

      الشكر لصالح البلوشي على مقاله الرائع :)
      علمتني الحياة أن لا أضع المعروف فيمن أخشى أن لو مددت له يدي يوما أن يقطعها
      هادئ
    • فعلا مقال رائع وفي محله

      وهذا ما يحدث في اغلب الدوائر ان افتقرت الاداره الى الانضباط والزام القوانين للموظفين لاحترام المراجع وتخليص معاملاته

      اي لا تلوموا فقط الموظف ان كانت الاداره لا تعي ضبطهم .. وايضا غياب الضمير والوازع الاخلاقي والديني




      .....

      ســــــــــــــــــــــبحان الله ،،والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر