طفل ينقذ جده بذكائه

    • طفل ينقذ جده بذكائه


      السلامـــــــــ عليكمــــــــــــــــ


      حمد صبي في العاشرة من عمره ، يعيش مع أمه و أبيه و جده في منزل كبير حياة سعيدة هنيئة ، كان صبيا مجتهدا في دراسته ، محبا لأسرته ، مطيعا للكبار ، حريصا على الصلاة في أوقاتها ، و كان يحب جده العجوز كثيرا و يقضي معه معظم وقته ، يتجاذبان أطراف الحديث و يتسامران و يتضاحكان .

      في أحد الأيام بعد أن انتهى حمد من واجباته المنزلية ، و أنهى جميع ما عليه من دروس ، ذهب كعادته إلى غرفة جده و سلم عليه و جلس معه يحدثه عما تعلمه في المدرسة من أمور ..

      دخل والد حمد على والده و ابنه الدار و ألقى التحية عليهما ثم جلس نائيا و التزم الصمت لبرهة قصيرة و كأن أمرا ما يشغل باله ، سأله أبوه برفق :
      - ما بك يا ولدي تبدو منشغل البال .. هل هناك ما تود أن تخبرني به ؟

      رد أبو حمد : الحقيقة يا أبي أنني أراك وحيدا طوال الوقت .. و أخشى أن تسبب لك هذه العزلة الحزن و الاكتئاب ، فلماذا لا تحاول أن تكون بعض الصداقات مع غيرك ؟
      استغرب كلا من الجد و حمد من هذا السؤال ، فهذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها هذا الموضوع .
      قال الجد : ماذا تحاول أن تقول يا بني ؟
      رد أبو حمد : لقد أخبرني أصحابي عن دار يجتمع فيها الكثير من الشيوخ و الرجال للسمر و تكوين الصداقات و الترويح عن النفس بالأحاديث اللطيفة .. فما رأيك لو ذهبنا غدا إلى هناك ؟
      بدا الأمر لحمد غريبا مثيرا للشك ، فهو لم يسمع بهذه الدار من قبل ، إلا أن جده أبدى حماسة شديدة لهذا الأمر الذي بدا له مشوقا و مثيرا ..

      قال الجد و الحماسة تلمع في عينيه : خذني إليها غدا يا ولدي إن استطعت .
      ابتسم أبو حمد ابتسامة غريبة و قال : حسنا .. ليكن !
      و لكن حمد .. ما زال مرتابا بخصوص هذه الدار .. فماذا يكون سرها يا ترى ؟
      قال حمد لأبيه : هل تأذن لي بمرافقتكم يا أبي ؟
      تجهم وجه الأب و قال : لا يمكنك أن تأتي معنا ، الأفضل أن تباشر دروسك ..
      تدخل الجد بمرح كعادته قائلا : يمكنك أن تأتي معنا يا صغيري حمد إذا أنهيت دروسك باكرا .
      يامقلعين تونا باقي الجزء الثاني

      الجزء الثاني
      و هكذا كان .. حرص حمد على أن ينهي واجباته و دروسه بسرعة ، و عندما حان موعد الانطلاق كان أكثرهم استعدادا و فضولا لكشف سر " الدار " التي تحدث عنها والده .
      و ركب ثلاثتهم السيارة و انطلقوا في طريقهم ، كان الجد منتشيا مسرورا ، و كان حمد متوجسا متشككا يكاد الفضول يقتله ، في حين كان الأب – و يا للعجب – متوترا عصبيا منزعجا .. ترى ما السبب ؟
      كانت الطريق التي سلكتها السيارة طويلة جدا ، و لكنهم وصلوا أخيرا ..

      و فعلا ، رأى حمد الدار التي تحدث عنها والده ، و كان فيها الكثير من الشيوخ و العجائز الذين سرعان ما وجد الجد مكانا بينهم ، و كانت هناك لائحة كبيرة معلقة على باب الدار كتب عليها بخط أسود عريض (( دار العجزة و المسنين )) !!
      دهش حمد مما رآه ، هل كان والده يقصد التخلص من الجد العجوز بنقله إلى دار العجزة ؟ هل يعقل ذلك ؟ لماذا يتخلى الابن عن أبيه الذي لم يتخل عنه قط ؟
      تساؤلات حائرة ثارت في عقل حمد الذي تملكه القلق الشديد و الخوف على جده المسكين ، أما بالنسبة للأب فما إن رأى أن الجد قد استقر في مكانه و انغمس في الحديث مع غيره حتى شد حمد من يده و غادر الدار .. !

      أدرك حمد أن والده يريد التخلص من الجد العجوز ، و سرعان ما فكر بطريقة ذكية لإنقاذ جده .. و لكن الوقت لا يسعفه ، فسرعان ما انطلقت السيارة به و بوالده تشق طريقها قافلة إلى المنزل .

      كان الأب متوترا و كأنه يتحاشى خوض حديث مع ابنه الذي بادر و سأله :
      - أبي .. أين جدي ؟
      - تركناه في الدار .
      - لماذا ؟
      - لأنها مكان الكبار .
      لزم حمد الصمت لبرهة ثم قال : أبي .. ما اسم هذا الشارع ؟
      رد الأب بضجر : شارع (السعادة) .
      - و ما اسم هذه المنطقة ؟
      - منطقة ( الشهيد )
      - و ما اسم ..

      قاطعه الأب بحدة و ضجر و صرخ فيه : أما من نهاية لهذه الأسئلة المزعجة ! لماذا تسأل عن هذه الأمور ؟!
      رد حمد بهدوء و دهاء : أريد أن أسأل عن ا***وان حتى أحضرك إلى هنا عندما تكبر كما أحضرت جدي ، أولم تقل بأن هذا مكان الكبار ؟
      أصيب الأب بذهول مفرط حتى أنه عجز عن قيادة السيارة و أوقفها جانب الطريق و راح يحدق في ابنه بدهشة و بلسان معقود لا يدري ماذا يقول ..
      و فوجئ حمد بأبيه يغطي وجهه بكفيه و يبكي ندما و هو يردد " سامحني يا أبي ! "

      جزع حمد من بكاء أبيه و لكنه أدرك أنه ندم على تخليه عن أبيه في كبره و إلقائه في دار العجزة ، وضع حمد يده على كتف أبيه و قال : أبي .. أرجوك .. لنعد إلى جدي و نأخذه معنا إلى البيت .
      و لم يملك الأب أمام براءة حمد و نقاء قلبه و بره بجده إلا أن ينفذ ما طلبه ، عاد الأب و قبل يد والده ندما – و إن كان الجد لا يعرف سببا لذلك !
      المهم فقط ، أن أبا حمد قد تعلم شيئا من ابنه الذكي ذو العشرة أعوام ، و هو وجوب البر و الوفاء للآباء ..

      {قال تعالى { و قل رب ارحمهما كما ربيان صغير )