كان الحجاج بن يوسف ذات يوم[B] [/B][B]في الصيد فرأى تسعة كلاب إلى جانب صبي صغير السن عمره نحو عشر سنوات وله[/B][B] [/B][B]ذوائب[/B][B]
[/B][B]فقال له الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟[/B][B]
[/B][B]فرفع الصبي طرفه[/B][B] [/B][B]إليه وقال له : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار[/B][B] [/B][B]وكلامك كلام جبار وعقلك عقل حمار[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج له : أما عرفتني ؟[/B][B]
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج [/B][B]׃[/B][B] [/B][B]ويلك أنا الحجاج بن يوسف[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما[/B][B] [/B][B]أكثر كلامك وأقل إكرامك[/B][B] .
[/B][B]فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب[/B][B] [/B][B]وكل واحد يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج: احفظوا هذا[/B][B] [/B][B]الغلام فقد أوجعني بالكلام ... فأخذوا الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه[/B][B] [/B][B]والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ثم طلب إحضار الغلام[/B][B] ... [/B][B]فلما مثل بين يديه ... ورأى الوزراء و أهل الدولة لم يخشى منهم[/B][B]
[/B][B]بل قال[/B][B] : [/B][B]السلام عليكم ... فلم يرد الحجاج السلام ... فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء[/B][B] [/B][B]القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم[/B][B] [/B][B]جبارين )الآية فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً[/B][B]
[/B][B]فقالوا للغلام : يا قليل[/B][B] [/B][B]الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ... ولماذا لم تتأدب في حضرته[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : يا براغيث الحمير ... منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع[/B][B] [/B][B]الدرج ... أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ، ( يعني السلام على علىّ بن أبى[/B][B] [/B][B]طالب وأصحابه[/B][B] [/B][B])[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه[/B][B] [/B][B]أملك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : والله يا حجاج أن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك[/B][B] [/B][B]لا قليل ولا كثير[/B][B].
[/B][B]فقال بعض الغلمان : لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب[/B][B] [/B][B]أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك يا قليل الآداب ... انظر من تخاطب وأجبه بأدب[/B][B] [/B][B]واحترام فهو أمير العراق والشام[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أما سمعتم قوله تعالى ( كل[/B][B] [/B][B]نفس تجادل عن نفسها)[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : عنيت به على بن أبى طالب وأصحابه وأنت يا حجاج على من تسلم[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : على عبدالملك بن مروان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : عبدالملك[/B][B] [/B][B]الفاجر عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ولم ذلك يا[/B][B] [/B][B]غلام ؟[/B][B]
[/B][B]فقال : لأنه أخطأ خطيئة عظيمة مات بسببها خلق كثير ... فقال بعض[/B][B] [/B][B]الجلساء اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك بن[/B][B] [/B][B]مروان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون ... فأشار الحجاج[/B][B] [/B][B]لجلسائه بالصمت[/B][B].
[/B][B]ثم سأله الحجاج : هل تعرف أخي ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أخوك[/B][B] [/B][B]فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]اضربوا عنقه[/B][B].
[/B][B]فقال له الرقاشي : هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله[/B][B] [/B][B]شأنك[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : هو لك لا بارك الله فيه[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لا شكر[/B][B] [/B][B]للواهب ولا للمستوهب[/B][B].
[/B][B]فقال الرقاشي :أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا[/B][B] [/B][B]الكلام ... ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له: افعل ما تريد يا أمير[/B][B] [/B][B]المؤمنين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟[/B][B]
[/B][B]فقال للغلام: من[/B][B] [/B][B]مصر[/B][B].
[/B][B]فقال له الحجاج : من مدينة الفاسقين[/B][B] .
[/B][B]فقال الغلام : ولماذا[/B][B] [/B][B]أسميتها مدينة الفاسقين ؟[/B][B]
[/B][B]قال الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب[/B][B] [/B][B]ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : من أي بلد إذن ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا من أهل خرسان[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : ولم ذلك يا حجاج[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم[/B][B] [/B][B]بخيل[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : من أين أنت[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : أنا من مدينة الشام[/B][B].
[/B][B]قال الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب[/B][B] [/B][B]مكان وأغلظ أبدان[/B][B] .
[/B][B]قال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]قال الحجاج : فمن أين[/B][B] [/B][B]إذن؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : من اليمن[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أنت من بلد غير[/B][B] [/B][B]مشكور[/B][B].
[/B][B]قال الغلام: ولم ذلك؟[/B][B]
[/B][B]قال الحجاج : لأن صوتهم مليح و عاقلهم[/B][B] [/B][B]يستعمل الزمر و جاهلهم يشرب الخمر[/B][B].
[/B][B]قال الغلام : أنا لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]قال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فمن أين إذن؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا من أهل مكة[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]أنت إذن من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : ولم ذلك[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم[/B][B] [/B][B]أحبوه وأكرموه[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أنا لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : لقد كثرت[/B][B] [/B][B]جواباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت[/B][B] [/B][B]سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه[/B][B] [/B][B]وسلم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : نعمت المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة[/B][B] [/B][B]أنت ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب عليه السلام[/B][B] [/B][B]وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا و نسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامة فاغتاظ الحجاج[/B][B] [/B][B]غيظاً شديداً وأمر بقتله[/B][B].
[/B][B]فقال له كل من حضر من الوزراء : ولكنه لا يستحق[/B][B] [/B][B]القتل وهو دون سن البلوغ أيها الأمير[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : لا بد من قتله ولو يناد[/B][B] [/B][B]منادى من السماء[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام: ما أنت بنبي حتى يناديك مناد من[/B][B] [/B][B]السماء[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : يحول[/B][B] [/B][B]بينك وبين قتلي ما يحول بين المرء وقلبه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : وهو الذي يعينني على[/B][B] [/B][B]قتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك و أعوذ بالله منك[/B][B] [/B][B]ومنه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من[/B][B] [/B][B]ربه؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج: أنا[/B][B] [/B][B]أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : من[/B][B] [/B][B]غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أجلي بيدك فقد[/B][B] [/B][B]حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك[/B][B].
[/B][B]فأجابه الحجاج : أتقول أنك من أولاد[/B][B] [/B][B]الرسول وتكره الموت؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : قال الله تعالى " ولا تلقوا بأيدكم إلى[/B][B] [/B][B]التهلكة[/B][B]"
[/B][B]قال الحجاج : ابن من أنت ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا ابن أبي و[/B][B] [/B][B]أمي[/B][B].
[/B][B]فسأله الحجاج : من أين جئت ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : على رحب[/B][B] [/B][B]الأرض[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني من أكرم العرب؟[/B][B]
[/B][B]فأجاب الغلام : بنو طي[/B][B] .
[/B][B]فسأله الحجاج : ولم ذلك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام: لأن حاتم الأصم[/B][B] [/B][B]منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أشرف العرب ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : بنو[/B][B] [/B][B]مضر[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ولم ذلك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : لأن محمد صلى الله عليه[/B][B] [/B][B]وسلم منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أشجع العرب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : بنو هاشم[/B][B] [/B][B]لأن علي بن أبي طالب منهم[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج: فمن أنجس العرب و أبخلهم وأقلها[/B][B] [/B][B]خيراً ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من[/B][B] [/B][B]بنو ثقيف نمرود وكذاب فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر[/B][B] [/B][B]بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً ؛؛[/B][B]ֵ[/B][B]
[/B][B]وقال الحجاج : أين[/B][B] [/B][B]تركت الإبل ذات القرون ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : تركتها ترعى أوراق[/B][B] [/B][B]الصوان[/B][B].
[/B][B]فصاح الحجاج به قائلاً : يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان[/B][B] [/B][B]ورق؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : وهل للإبل قرون ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : هل حفظت القرآن[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هل القرآن هارب منى حتى أحفظه[/B][B].
[/B][B]فسأله الحجاج : هل[/B][B] [/B][B]جمعت القرآن ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟[/B][B]
[/B][B]فقال له[/B][B] [/B][B]الحجاج : أما فهمت سؤالي[/B][B] .
[/B][B]فأجابه الغلام : ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن[/B][B] [/B][B]وفهمت ما فيه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم؟ وآية أحكم؟[/B][B]
[/B][B]وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات؟ وآية كذب فيها[/B][B] [/B][B]أولاد الأنبياء؟ وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه؟[/B][B] [/B][B]وآية فيها قول الملائكة؟ و آية فيها قول أهل الجنة؟ وآية فيها قول أهل النار؟ وآية[/B][B] [/B][B]فيها قول إبليس ؟؟؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أما أعظم آية فهي آية الكرسي[/B][B]
[/B][B]وأحكم آية[/B][B] [/B][B]إن الله يأمر بالعدل والإحسان[/B][B]
[/B][B]وأعدل آية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن[/B][B] [/B][B]يعمل مثقال ذرة شراً يره[/B][B]
[/B][B]وأخوف آية أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة[/B][B] [/B][B]نعيم[/B][B]
[/B][B]وأرجى آية قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن[/B][B] [/B][B]الله يغفر الذنوب جميعا[/B][B]
[/B][B]وآية فيها عشر آيات بينات هي إن في خلق السماوات[/B][B] [/B][B]والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب[/B][B]
[/B][B]
[/B][B]وأما الآية التي كذب فيها[/B][B] [/B][B]أولاد الأنبياء فهي وجاءوا على قميصه بدم كذب وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا[/B][B] [/B][B]الجنة[/B][B]
[/B][B]وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي وقالت اليهود ليست[/B][B] [/B][B]النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء فصدقوا ودخلوا[/B][B] [/B][B]النار[/B][B]
[/B][B]والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي وما خلقت الجن والإنس إلا[/B][B] [/B][B]ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة[/B][B] [/B][B]المتين[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول الأنبياء وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله[/B][B] [/B][B]وعلى الله فليتوكل المؤمنون[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا[/B][B] [/B][B]ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم[/B][B]
[/B][B]و أية فيها قول أهل الجنة الحمد لله الذي[/B][B] [/B][B]أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول أهل النار ربنا أخرجنا[/B][B] [/B][B]منها فإن عدنا فإنا ظالمون[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار[/B][B] [/B][B]وخلقته من طين[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني عمن خُلق من الهواء ؟ ومن حُفظ بالهواء[/B][B] [/B][B]؟ ومن هلك بالهواء ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خلق من الهواء سيدنا عيسى عليه[/B][B] [/B][B]السلام ؛ والذي حفظ بالهواء سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام ؛ وأما الذي هلك[/B][B] [/B][B]بالهواء فهم قوم هود[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الخشب ؟ والذي حُفظ[/B][B] [/B][B]بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خلق من الخشب هي الحية خلقت[/B][B] [/B][B]من عصا موسى عليه السلام ؛ والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام؛؛ والذي هلك بالخشب[/B][B] [/B][B]زكريا عليه السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج: فأخبرني عمن خُلق من الماء ؟ ومن نجا من[/B][B] [/B][B]الماء ؟ ومن هلك بالماء ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام: الذي خلق من الماء فهو أبونا آدم[/B][B] [/B][B]عليه السلام؛؛ والذي نجا من الماء موسى عليه السلام ؛ والذي هلك بالماء[/B][B] [/B][B]فرعون[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من النار ؟ ومن حُفظ من النار[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خُلق من النار إبليس ؛ والذي نجا من النار إبراهيم[/B][B] [/B][B]عليه السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن أنهار الجنة وعددها ؟[/B][B]
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : أنهار الجنة كثيرة لا يعلم عددها إلا الله تعالى كما قال في كتابه العزيز[/B][B] [/B][B]فيها انهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين[/B][B] [/B][B]وأنهار من عسل مصفى... وكلها تجري في محل واحد لا يختلط بعضها ببعض ويوجد نظيره في[/B][B] [/B][B]الدنيا وهو في رأس بنى آدم طعم عينه مالح وطعم أذنه مر وطعم فمه عذب[/B][B] .
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل يوجد مثلهم في الدنيا[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يتغوط[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فما أول قطرة من دم؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هي حيض حواء[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فأخبرني عن العقل ؟ والإيمان ؟ والحياء ؟ والسخاء ؟ والشجاعة ؟ والكرم؟[/B][B] [/B][B]والشهوة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : إن الله قسم العقل عشرة أقسام جعل تسعة في الرجال[/B][B] [/B][B]وواحداً في النساء ؛؛والإيمان عشرة تسعة في اليمن وواحداً في بقية الدنيا؛؛ والحياء[/B][B] [/B][B]عشرة تسعة في النساء وواحداً في الرجال؛؛ والسخاء عشرة تسعة في الرجال وواحداً في[/B][B] [/B][B]النساء؛؛ والشجاعة والكرم عشرة تسعة في العرب وواحداً في بقية العالم؛؛ والشهوة[/B][B] [/B][B]عشرة أقسام تسعة في النساء وواحداً في الرجال[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني ما يجب[/B][B] [/B][B]على المسلم في السنة مرة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : صيام رمضان[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]وما يجب في العمر مرة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع[/B][B] [/B][B]إليه سبيلا[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن أقرب شيء إليك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام[/B][B] : [/B][B]الآخرة[/B][B] .
[/B][B]ثم قال الحجاج: سبحان الله يأتي الحكمة من يشاء من عباده ما رأيت[/B][B] [/B][B]صبياً أتاه الله العلم والعقل والذكاء مثل هذا الغلام[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أنا[/B][B] [/B][B]أهل لذلك[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أحق الناس بالخلافة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام[/B][B] : [/B][B]الذي يعفو ويصفح ويعدل بين الناس[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن النساء[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أتسألني عن النساء وأنا صغير لم أطـّلع بعد على أحوالهن و[/B][B] [/B][B]رغائبهن ومعاشرتهن ولكني سأذكر لك المشهور من أمورهن؛؛ فبنت العشر سنين من الحور[/B][B] [/B][B]العين؛؛ وبنت العشرين نزهة للناظرين؛؛ وبنت الثلاثين جنة نعيم ؛؛وبنت الأربعين شحم[/B][B] [/B][B]ولين؛؛ وبنت الخمسين بنات وبنين؛؛ وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين؛؛ وبنت[/B][B] [/B][B]السبعين عجوز في الغابرين؛؛ وبنت التسعين شيطان رجيم؛؛ وبنت المائة من أصحاب[/B][B] [/B][B]الجحيم[/B][B].
[/B][B]فضحك الحجاج وقال:أي النساء أحسن؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : ذات الدلال[/B][B] [/B][B]الكامل والجمال الوافر والنطق الفصيح التي يهتز نهدها ويرتاح ردفها[/B][B].
[/B][B]فقال له[/B][B] [/B][B]الحجاج : أخبرني عن أول من نطق في الشعر ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : آدم عليه السلام[/B][B] [/B][B]وذلك لما قتل قابيل أخاه هابيل[/B][B].
[/B][B]أنشد آدم يقول[/B][B] :
[/B][B]بكــت عــينـي وحـق لـها[/B][B] [/B][B]بكاهـــا *** ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح[/B][B]
[/B][B]فـــمـا لـي لا أجــود بسـكـب دمع[/B][B] *** [/B][B]و هـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح[/B][B]
[/B][B]رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه[/B][B] *** [/B][B]وألحد في الثرى الوجه الـصبيح[/B][B]
[/B][B]تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها[/B][B] *** [/B][B]فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح[/B][B]
[/B][B]تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون[/B][B] *** [/B][B]لـــفـقـدك يا صــبــيـح يا ملــــيح[/B][B]
[/B][B]أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي[/B][B] *** [/B][B]عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح[/B][B]
[/B][B]فأنت حياة من في الأرض جميعاً *** وقــــد[/B][B] [/B][B]فــقـدوك يا روح وريـــح[/B][B]
[/B][B]وأنـــت رجــيــح قــدر يـا فصيح *** سلـــيم بـل[/B][B] [/B][B]ســـميح بــل صبيـــح[/B][B]
[/B][B]ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي *** و قــابــيــل[/B][B] [/B][B]الشــقي هو الطريـح[/B][B]
[/B][B]علـــــيه السخــط من رب البرايا *** و أنت عـــليـــك تسليم[/B][B] [/B][B]صريـــح[/B][B]
[/B][B]فأجابه إبليس يقول[/B][B] :
[/B][B]تـنوح على البلاد ومن عليها *** وفي الفردوس قد[/B][B] [/B][B]ضاق بك الفسيح[/B][B]
[/B][B]وكـــنت بها وزوجك في نعيم *** مــن الــمــولـى وقـلـبك[/B][B] [/B][B]مسـتريـــح[/B][B]
[/B][B]خـدعتك في دهائي ثم مكري *** إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش[/B][B] [/B][B]الرشيح[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني يا غلام عن أجود بيت قالته العرب في الكرم[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هو بيت حاتم طي[/B][B].
[/B][B]حيث يقول:ــ[/B][B]
[/B][B]وأكرم الضيف حتما حين[/B][B] [/B][B]يطرقني *** قبل العيال على عسر و إيسار[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أحسنت يا غلام وأجملت[/B][B] [/B][B]وقد غمرتنا ببحر علمك فوجب علينا إكرامك ... ثم أمر له بألف دينار وكسوة حسنة[/B][B]
[/B][B]و[/B][B] [/B][B]جارية وسيف وفرس[/B][B].
[/B][B]وقال الحجاج في نفسه : إن أخذ الفرس نجا وإن أخذ غيرها[/B][B] [/B][B]قتلته فلما قدمها له[/B][B].
[/B][B]ثم قال الحجاج : خذ ما تريد يا غلام ... فغمزته[/B][B] [/B][B]الجارية وقالت[/B][B] :
[/B][B]خذني أنا خير من الجميع فضحك الغلام وقال ليس لي بك حاجة وأنشد[/B][B] [/B][B]يقول :ــ[/B][B]
[/B][B]و قــرقعــت اللجان بـــرأس حــمراً *** أحــــب إلىّ مــما[/B][B] [/B][B]تــغــمـزني[/B][B]
[/B][B]أخـاف إذا وقعــت عــــلى فراشــي *** وطالت علتي لا[/B][B] [/B][B]تصحبينـــي[/B][B]
[/B][B]أخـــاف إذا وقــعــنا فــي مضـــيـق *** وجار الدهر بي لا[/B][B] [/B][B]تنصريني[/B][B]
[/B][B]أخـــاف إذا فـقــدت المــال عــندي *** تــمــيلي للخصام[/B][B] [/B][B]وتهجريني[/B][B]
[/B][B]فأجابته الجارية تقول :ـ[/B][B]
[/B][B]معاذ الله أفـــعــــل مـــا تــــقــول[/B][B] *** [/B][B]ولو قطعت شمالي مع يميني[/B][B]
[/B][B]وأكتم سر زوجــي فــي ضميري *** وأقـــنع باليسير[/B][B] [/B][B]وما يــجيني[/B][B]
[/B][B]إذا عاشـــرتني وعرفت طـــبعي *** ستــعــلم أنـــني خــير[/B][B] [/B][B]القرين[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : ويلك ألا تستحين ... تغمزينه وتجاوبينه[/B][B] [/B][B]بالشعر[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : إن كنت تخيرني فإنني أختار الفرس ... أما[/B][B] [/B][B]إن كنت ابن[/B][B] [/B][B]حلال فتعطيني الجميع[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : خذهم لا بارك الله لك فيهم[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : قبلتهم لا أخلف الله عليك غيرهم ولا جمعني بك مرة أخرى[/B][B].
[/B][B]ثم قال[/B][B] [/B][B]الغلام : من أين أخرج يا حجاج ؟[/B][B]
[/B][B]فأجابه الحجاج : أخرج من ذاك الباب فهو باب[/B][B] [/B][B]السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الجلساء للحجاج : هذا جلف من أجلاف العرب أتى إليك وسبك وأخذ[/B][B] [/B][B]مالك فتدله على باب السلام ولم تدله على باب النقمة والعذاب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]إنه استشارني والمستشار مؤتمن[/B][B] ...
[/B][B]وخرج الغلام من بين يدي الحجاج سالماً[/B][B] [/B][B]غانماً بفضل ذكائه وفهمه ومعرفته وحسن إطلاعه[/B][B].[/B]
[/B][B]فقال له الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟[/B][B]
[/B][B]فرفع الصبي طرفه[/B][B] [/B][B]إليه وقال له : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار[/B][B] [/B][B]وكلامك كلام جبار وعقلك عقل حمار[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج له : أما عرفتني ؟[/B][B]
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج [/B][B]׃[/B][B] [/B][B]ويلك أنا الحجاج بن يوسف[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما[/B][B] [/B][B]أكثر كلامك وأقل إكرامك[/B][B] .
[/B][B]فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب[/B][B] [/B][B]وكل واحد يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج: احفظوا هذا[/B][B] [/B][B]الغلام فقد أوجعني بالكلام ... فأخذوا الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه[/B][B] [/B][B]والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ثم طلب إحضار الغلام[/B][B] ... [/B][B]فلما مثل بين يديه ... ورأى الوزراء و أهل الدولة لم يخشى منهم[/B][B]
[/B][B]بل قال[/B][B] : [/B][B]السلام عليكم ... فلم يرد الحجاج السلام ... فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء[/B][B] [/B][B]القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم[/B][B] [/B][B]جبارين )الآية فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً[/B][B]
[/B][B]فقالوا للغلام : يا قليل[/B][B] [/B][B]الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ... ولماذا لم تتأدب في حضرته[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : يا براغيث الحمير ... منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع[/B][B] [/B][B]الدرج ... أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ، ( يعني السلام على علىّ بن أبى[/B][B] [/B][B]طالب وأصحابه[/B][B] [/B][B])[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه[/B][B] [/B][B]أملك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : والله يا حجاج أن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك[/B][B] [/B][B]لا قليل ولا كثير[/B][B].
[/B][B]فقال بعض الغلمان : لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب[/B][B] [/B][B]أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك يا قليل الآداب ... انظر من تخاطب وأجبه بأدب[/B][B] [/B][B]واحترام فهو أمير العراق والشام[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أما سمعتم قوله تعالى ( كل[/B][B] [/B][B]نفس تجادل عن نفسها)[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : عنيت به على بن أبى طالب وأصحابه وأنت يا حجاج على من تسلم[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : على عبدالملك بن مروان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : عبدالملك[/B][B] [/B][B]الفاجر عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ولم ذلك يا[/B][B] [/B][B]غلام ؟[/B][B]
[/B][B]فقال : لأنه أخطأ خطيئة عظيمة مات بسببها خلق كثير ... فقال بعض[/B][B] [/B][B]الجلساء اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك بن[/B][B] [/B][B]مروان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون ... فأشار الحجاج[/B][B] [/B][B]لجلسائه بالصمت[/B][B].
[/B][B]ثم سأله الحجاج : هل تعرف أخي ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أخوك[/B][B] [/B][B]فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]اضربوا عنقه[/B][B].
[/B][B]فقال له الرقاشي : هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله[/B][B] [/B][B]شأنك[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : هو لك لا بارك الله فيه[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لا شكر[/B][B] [/B][B]للواهب ولا للمستوهب[/B][B].
[/B][B]فقال الرقاشي :أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا[/B][B] [/B][B]الكلام ... ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له: افعل ما تريد يا أمير[/B][B] [/B][B]المؤمنين[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟[/B][B]
[/B][B]فقال للغلام: من[/B][B] [/B][B]مصر[/B][B].
[/B][B]فقال له الحجاج : من مدينة الفاسقين[/B][B] .
[/B][B]فقال الغلام : ولماذا[/B][B] [/B][B]أسميتها مدينة الفاسقين ؟[/B][B]
[/B][B]قال الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب[/B][B] [/B][B]ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : من أي بلد إذن ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا من أهل خرسان[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : ولم ذلك يا حجاج[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم[/B][B] [/B][B]بخيل[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : من أين أنت[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : أنا من مدينة الشام[/B][B].
[/B][B]قال الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب[/B][B] [/B][B]مكان وأغلظ أبدان[/B][B] .
[/B][B]قال الغلام : لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]قال الحجاج : فمن أين[/B][B] [/B][B]إذن؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : من اليمن[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أنت من بلد غير[/B][B] [/B][B]مشكور[/B][B].
[/B][B]قال الغلام: ولم ذلك؟[/B][B]
[/B][B]قال الحجاج : لأن صوتهم مليح و عاقلهم[/B][B] [/B][B]يستعمل الزمر و جاهلهم يشرب الخمر[/B][B].
[/B][B]قال الغلام : أنا لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]قال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فمن أين إذن؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا من أهل مكة[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]أنت إذن من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : ولم ذلك[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]قال : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم[/B][B] [/B][B]أحبوه وأكرموه[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أنا لستُ منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : لقد كثرت[/B][B] [/B][B]جواباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت[/B][B] [/B][B]سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه[/B][B] [/B][B]وسلم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : نعمت المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة[/B][B] [/B][B]أنت ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب عليه السلام[/B][B] [/B][B]وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا و نسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامة فاغتاظ الحجاج[/B][B] [/B][B]غيظاً شديداً وأمر بقتله[/B][B].
[/B][B]فقال له كل من حضر من الوزراء : ولكنه لا يستحق[/B][B] [/B][B]القتل وهو دون سن البلوغ أيها الأمير[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : لا بد من قتله ولو يناد[/B][B] [/B][B]منادى من السماء[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام: ما أنت بنبي حتى يناديك مناد من[/B][B] [/B][B]السماء[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : يحول[/B][B] [/B][B]بينك وبين قتلي ما يحول بين المرء وقلبه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : وهو الذي يعينني على[/B][B] [/B][B]قتلك[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك و أعوذ بالله منك[/B][B] [/B][B]ومنه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من[/B][B] [/B][B]ربه؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج: أنا[/B][B] [/B][B]أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : من[/B][B] [/B][B]غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أجلي بيدك فقد[/B][B] [/B][B]حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك[/B][B].
[/B][B]فأجابه الحجاج : أتقول أنك من أولاد[/B][B] [/B][B]الرسول وتكره الموت؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : قال الله تعالى " ولا تلقوا بأيدكم إلى[/B][B] [/B][B]التهلكة[/B][B]"
[/B][B]قال الحجاج : ابن من أنت ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : أنا ابن أبي و[/B][B] [/B][B]أمي[/B][B].
[/B][B]فسأله الحجاج : من أين جئت ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : على رحب[/B][B] [/B][B]الأرض[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني من أكرم العرب؟[/B][B]
[/B][B]فأجاب الغلام : بنو طي[/B][B] .
[/B][B]فسأله الحجاج : ولم ذلك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام: لأن حاتم الأصم[/B][B] [/B][B]منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أشرف العرب ؟[/B][B]
[/B][B]قال الغلام : بنو[/B][B] [/B][B]مضر[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : ولم ذلك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : لأن محمد صلى الله عليه[/B][B] [/B][B]وسلم منهم[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أشجع العرب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : بنو هاشم[/B][B] [/B][B]لأن علي بن أبي طالب منهم[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج: فمن أنجس العرب و أبخلهم وأقلها[/B][B] [/B][B]خيراً ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من[/B][B] [/B][B]بنو ثقيف نمرود وكذاب فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر[/B][B] [/B][B]بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً ؛؛[/B][B]ֵ[/B][B]
[/B][B]وقال الحجاج : أين[/B][B] [/B][B]تركت الإبل ذات القرون ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : تركتها ترعى أوراق[/B][B] [/B][B]الصوان[/B][B].
[/B][B]فصاح الحجاج به قائلاً : يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان[/B][B] [/B][B]ورق؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : وهل للإبل قرون ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : هل حفظت القرآن[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هل القرآن هارب منى حتى أحفظه[/B][B].
[/B][B]فسأله الحجاج : هل[/B][B] [/B][B]جمعت القرآن ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟[/B][B]
[/B][B]فقال له[/B][B] [/B][B]الحجاج : أما فهمت سؤالي[/B][B] .
[/B][B]فأجابه الغلام : ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن[/B][B] [/B][B]وفهمت ما فيه[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم؟ وآية أحكم؟[/B][B]
[/B][B]وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات؟ وآية كذب فيها[/B][B] [/B][B]أولاد الأنبياء؟ وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه؟[/B][B] [/B][B]وآية فيها قول الملائكة؟ و آية فيها قول أهل الجنة؟ وآية فيها قول أهل النار؟ وآية[/B][B] [/B][B]فيها قول إبليس ؟؟؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أما أعظم آية فهي آية الكرسي[/B][B]
[/B][B]وأحكم آية[/B][B] [/B][B]إن الله يأمر بالعدل والإحسان[/B][B]
[/B][B]وأعدل آية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن[/B][B] [/B][B]يعمل مثقال ذرة شراً يره[/B][B]
[/B][B]وأخوف آية أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة[/B][B] [/B][B]نعيم[/B][B]
[/B][B]وأرجى آية قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن[/B][B] [/B][B]الله يغفر الذنوب جميعا[/B][B]
[/B][B]وآية فيها عشر آيات بينات هي إن في خلق السماوات[/B][B] [/B][B]والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب[/B][B]
[/B][B]
[/B][B]وأما الآية التي كذب فيها[/B][B] [/B][B]أولاد الأنبياء فهي وجاءوا على قميصه بدم كذب وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا[/B][B] [/B][B]الجنة[/B][B]
[/B][B]وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي وقالت اليهود ليست[/B][B] [/B][B]النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء فصدقوا ودخلوا[/B][B] [/B][B]النار[/B][B]
[/B][B]والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي وما خلقت الجن والإنس إلا[/B][B] [/B][B]ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة[/B][B] [/B][B]المتين[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول الأنبياء وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله[/B][B] [/B][B]وعلى الله فليتوكل المؤمنون[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا[/B][B] [/B][B]ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم[/B][B]
[/B][B]و أية فيها قول أهل الجنة الحمد لله الذي[/B][B] [/B][B]أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول أهل النار ربنا أخرجنا[/B][B] [/B][B]منها فإن عدنا فإنا ظالمون[/B][B]
[/B][B]وآية فيها قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار[/B][B] [/B][B]وخلقته من طين[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني عمن خُلق من الهواء ؟ ومن حُفظ بالهواء[/B][B] [/B][B]؟ ومن هلك بالهواء ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خلق من الهواء سيدنا عيسى عليه[/B][B] [/B][B]السلام ؛ والذي حفظ بالهواء سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام ؛ وأما الذي هلك[/B][B] [/B][B]بالهواء فهم قوم هود[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الخشب ؟ والذي حُفظ[/B][B] [/B][B]بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خلق من الخشب هي الحية خلقت[/B][B] [/B][B]من عصا موسى عليه السلام ؛ والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام؛؛ والذي هلك بالخشب[/B][B] [/B][B]زكريا عليه السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج: فأخبرني عمن خُلق من الماء ؟ ومن نجا من[/B][B] [/B][B]الماء ؟ ومن هلك بالماء ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام: الذي خلق من الماء فهو أبونا آدم[/B][B] [/B][B]عليه السلام؛؛ والذي نجا من الماء موسى عليه السلام ؛ والذي هلك بالماء[/B][B] [/B][B]فرعون[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من النار ؟ ومن حُفظ من النار[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الذي خُلق من النار إبليس ؛ والذي نجا من النار إبراهيم[/B][B] [/B][B]عليه السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن أنهار الجنة وعددها ؟[/B][B]
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : أنهار الجنة كثيرة لا يعلم عددها إلا الله تعالى كما قال في كتابه العزيز[/B][B] [/B][B]فيها انهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين[/B][B] [/B][B]وأنهار من عسل مصفى... وكلها تجري في محل واحد لا يختلط بعضها ببعض ويوجد نظيره في[/B][B] [/B][B]الدنيا وهو في رأس بنى آدم طعم عينه مالح وطعم أذنه مر وطعم فمه عذب[/B][B] .
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل يوجد مثلهم في الدنيا[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يتغوط[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فما أول قطرة من دم؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هي حيض حواء[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الحجاج : فأخبرني عن العقل ؟ والإيمان ؟ والحياء ؟ والسخاء ؟ والشجاعة ؟ والكرم؟[/B][B] [/B][B]والشهوة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : إن الله قسم العقل عشرة أقسام جعل تسعة في الرجال[/B][B] [/B][B]وواحداً في النساء ؛؛والإيمان عشرة تسعة في اليمن وواحداً في بقية الدنيا؛؛ والحياء[/B][B] [/B][B]عشرة تسعة في النساء وواحداً في الرجال؛؛ والسخاء عشرة تسعة في الرجال وواحداً في[/B][B] [/B][B]النساء؛؛ والشجاعة والكرم عشرة تسعة في العرب وواحداً في بقية العالم؛؛ والشهوة[/B][B] [/B][B]عشرة أقسام تسعة في النساء وواحداً في الرجال[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني ما يجب[/B][B] [/B][B]على المسلم في السنة مرة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : صيام رمضان[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]وما يجب في العمر مرة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع[/B][B] [/B][B]إليه سبيلا[/B][B] .
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن أقرب شيء إليك ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام[/B][B] : [/B][B]الآخرة[/B][B] .
[/B][B]ثم قال الحجاج: سبحان الله يأتي الحكمة من يشاء من عباده ما رأيت[/B][B] [/B][B]صبياً أتاه الله العلم والعقل والذكاء مثل هذا الغلام[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : أنا[/B][B] [/B][B]أهل لذلك[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فمن أحق الناس بالخلافة ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام[/B][B] : [/B][B]الذي يعفو ويصفح ويعدل بين الناس[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : فأخبرني عن النساء[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : أتسألني عن النساء وأنا صغير لم أطـّلع بعد على أحوالهن و[/B][B] [/B][B]رغائبهن ومعاشرتهن ولكني سأذكر لك المشهور من أمورهن؛؛ فبنت العشر سنين من الحور[/B][B] [/B][B]العين؛؛ وبنت العشرين نزهة للناظرين؛؛ وبنت الثلاثين جنة نعيم ؛؛وبنت الأربعين شحم[/B][B] [/B][B]ولين؛؛ وبنت الخمسين بنات وبنين؛؛ وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين؛؛ وبنت[/B][B] [/B][B]السبعين عجوز في الغابرين؛؛ وبنت التسعين شيطان رجيم؛؛ وبنت المائة من أصحاب[/B][B] [/B][B]الجحيم[/B][B].
[/B][B]فضحك الحجاج وقال:أي النساء أحسن؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : ذات الدلال[/B][B] [/B][B]الكامل والجمال الوافر والنطق الفصيح التي يهتز نهدها ويرتاح ردفها[/B][B].
[/B][B]فقال له[/B][B] [/B][B]الحجاج : أخبرني عن أول من نطق في الشعر ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : آدم عليه السلام[/B][B] [/B][B]وذلك لما قتل قابيل أخاه هابيل[/B][B].
[/B][B]أنشد آدم يقول[/B][B] :
[/B][B]بكــت عــينـي وحـق لـها[/B][B] [/B][B]بكاهـــا *** ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح[/B][B]
[/B][B]فـــمـا لـي لا أجــود بسـكـب دمع[/B][B] *** [/B][B]و هـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح[/B][B]
[/B][B]رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه[/B][B] *** [/B][B]وألحد في الثرى الوجه الـصبيح[/B][B]
[/B][B]تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها[/B][B] *** [/B][B]فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح[/B][B]
[/B][B]تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون[/B][B] *** [/B][B]لـــفـقـدك يا صــبــيـح يا ملــــيح[/B][B]
[/B][B]أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي[/B][B] *** [/B][B]عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح[/B][B]
[/B][B]فأنت حياة من في الأرض جميعاً *** وقــــد[/B][B] [/B][B]فــقـدوك يا روح وريـــح[/B][B]
[/B][B]وأنـــت رجــيــح قــدر يـا فصيح *** سلـــيم بـل[/B][B] [/B][B]ســـميح بــل صبيـــح[/B][B]
[/B][B]ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي *** و قــابــيــل[/B][B] [/B][B]الشــقي هو الطريـح[/B][B]
[/B][B]علـــــيه السخــط من رب البرايا *** و أنت عـــليـــك تسليم[/B][B] [/B][B]صريـــح[/B][B]
[/B][B]فأجابه إبليس يقول[/B][B] :
[/B][B]تـنوح على البلاد ومن عليها *** وفي الفردوس قد[/B][B] [/B][B]ضاق بك الفسيح[/B][B]
[/B][B]وكـــنت بها وزوجك في نعيم *** مــن الــمــولـى وقـلـبك[/B][B] [/B][B]مسـتريـــح[/B][B]
[/B][B]خـدعتك في دهائي ثم مكري *** إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش[/B][B] [/B][B]الرشيح[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أخبرني يا غلام عن أجود بيت قالته العرب في الكرم[/B][B] [/B][B]؟[/B][B]
[/B][B]فقال الغلام : هو بيت حاتم طي[/B][B].
[/B][B]حيث يقول:ــ[/B][B]
[/B][B]وأكرم الضيف حتما حين[/B][B] [/B][B]يطرقني *** قبل العيال على عسر و إيسار[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : أحسنت يا غلام وأجملت[/B][B] [/B][B]وقد غمرتنا ببحر علمك فوجب علينا إكرامك ... ثم أمر له بألف دينار وكسوة حسنة[/B][B]
[/B][B]و[/B][B] [/B][B]جارية وسيف وفرس[/B][B].
[/B][B]وقال الحجاج في نفسه : إن أخذ الفرس نجا وإن أخذ غيرها[/B][B] [/B][B]قتلته فلما قدمها له[/B][B].
[/B][B]ثم قال الحجاج : خذ ما تريد يا غلام ... فغمزته[/B][B] [/B][B]الجارية وقالت[/B][B] :
[/B][B]خذني أنا خير من الجميع فضحك الغلام وقال ليس لي بك حاجة وأنشد[/B][B] [/B][B]يقول :ــ[/B][B]
[/B][B]و قــرقعــت اللجان بـــرأس حــمراً *** أحــــب إلىّ مــما[/B][B] [/B][B]تــغــمـزني[/B][B]
[/B][B]أخـاف إذا وقعــت عــــلى فراشــي *** وطالت علتي لا[/B][B] [/B][B]تصحبينـــي[/B][B]
[/B][B]أخـــاف إذا وقــعــنا فــي مضـــيـق *** وجار الدهر بي لا[/B][B] [/B][B]تنصريني[/B][B]
[/B][B]أخـــاف إذا فـقــدت المــال عــندي *** تــمــيلي للخصام[/B][B] [/B][B]وتهجريني[/B][B]
[/B][B]فأجابته الجارية تقول :ـ[/B][B]
[/B][B]معاذ الله أفـــعــــل مـــا تــــقــول[/B][B] *** [/B][B]ولو قطعت شمالي مع يميني[/B][B]
[/B][B]وأكتم سر زوجــي فــي ضميري *** وأقـــنع باليسير[/B][B] [/B][B]وما يــجيني[/B][B]
[/B][B]إذا عاشـــرتني وعرفت طـــبعي *** ستــعــلم أنـــني خــير[/B][B] [/B][B]القرين[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج : ويلك ألا تستحين ... تغمزينه وتجاوبينه[/B][B] [/B][B]بالشعر[/B][B].
[/B][B]فقال الغلام : إن كنت تخيرني فإنني أختار الفرس ... أما[/B][B] [/B][B]إن كنت ابن[/B][B] [/B][B]حلال فتعطيني الجميع[/B][B].
[/B][B]فقال الحجاج : خذهم لا بارك الله لك فيهم[/B][B].
[/B][B]فقال[/B][B] [/B][B]الغلام : قبلتهم لا أخلف الله عليك غيرهم ولا جمعني بك مرة أخرى[/B][B].
[/B][B]ثم قال[/B][B] [/B][B]الغلام : من أين أخرج يا حجاج ؟[/B][B]
[/B][B]فأجابه الحجاج : أخرج من ذاك الباب فهو باب[/B][B] [/B][B]السلام[/B][B].
[/B][B]فقال الجلساء للحجاج : هذا جلف من أجلاف العرب أتى إليك وسبك وأخذ[/B][B] [/B][B]مالك فتدله على باب السلام ولم تدله على باب النقمة والعذاب ؟[/B][B]
[/B][B]فقال الحجاج[/B][B] : [/B][B]إنه استشارني والمستشار مؤتمن[/B][B] ...
[/B][B]وخرج الغلام من بين يدي الحجاج سالماً[/B][B] [/B][B]غانماً بفضل ذكائه وفهمه ومعرفته وحسن إطلاعه[/B][B].[/B]
اعوذو بالله منكم
: 
: 
: