زوجتى من الجن

    • من دموعها وقهرها ,فكيف اصدقك؟ وانت بيدك انقاذها ولا تقدم عليه، مع ان الشخص المطلوب لا يمت لك بصلة ؟
      ان كنت تحبها فتمنى لها ان تموت وتنتهي حتى لا تظل في العذاب والالم، فربما اصدق كلامك حينئذ عن حبها لم تستطع دموعي الانحسار في عيني لمّا رايت دموع مرح تذرف كالسيل وصرخت:



      زوجتى من الجن



      الحلقة الحادية عشر

      [B]- فداك انا وكل البشر يا غادتي ,صدقت يا مرح فلا احد يستحق دمعة واحدة من عين غادة، اقتربت مني مرح وامسكت بيدي وقالت: ـ هيا يا حسن علينا ان ننقذ غادة سريعا، سنحضر ذلك الشخص فورا. قلت لها : ـ الان المهمة اصبحت صعبة يا مرح، لانني تسرعت وذهبت اليه واخبرته بكل القصة وهو الان حذر وسيصبح من الصعب علينا ان نحضره . نظرت مرح الي وقالت : ـ "عدني يا حسن ان لا يتكرر هذا الخطأ ,اقسم لي بحياة غادة" وهنا اقسمت لها بحياة غادة ان لا اجعل احداً اهم منها . ـ "انا الان على ثقة فيك يا حسن، وعلى ثقة باننا سننجح وسننقذ غادة، والصفقة التي عقدتها مع "الكاتو" تنص بأن يطلق سراح غادة فورا بمجرد القاء القبض على الشخص من قبل الكاتو، وان فشلنا فلا انا ولا انت ولا غادة سيكون لنا وجود ...هذه فرصتك وفرصتنا يا حسن ,ومن اجل هذا لم يقم الكاتو بايذائك حتى الان، وانت جزء من الصفقة التي لا خيار لنا غيرها .". وتابعت قائلة : [/B]
      [B]ـ سنذهب الان الى الشخص، وسأرسم لك كيف تعود وتتعرف عليه دون أي يشك بشيء ". [/B]
      [B]ـ ولكنه عرفني وعرف كل شيء . ضحكت مرح وضحكت معها وقالت : ـ "انا اعلم انك غبي، لهذا لم اثق بك في البداية، وهل تظنني مجنونة مثلك حتى ابعثك للشخص الحقيقي في البداية؟ [/B]
      [B]فلو حدث لكنت الان في خبر كان .". ـ ماذا تقولين يا مرح ؟ ـ "نعم، ضحكت عليك واوهمتك بان الشخص الذي قابلته في المطعم هو المقصود، وكل ما عملته بعدها من غباء كان سيورطنا لو كان فعلا هو الشخص المقصود، وما ذلك الشخص الا بشر عادي، لذلك عاملك عندما ذهبت اليه على انك مجنون ومهووس .انا كنت موجودة هناك عند لقائكما حتى زوجته سمعت الحديث وحدث خلاف بينها وبينه لانها ظنته من عالم اخر .". [/B]
      [B]ضحكت على المقلب واخذت تحذرني مجددا من الشخص المقصود الذي كنت قابلته فعلا للحظات قراتها من شريط عيوني .[/B]
      [B]ـ هذا الشخص خطير يا حسن، ولن يتوانى عن قتلك ان شعر انك تشكل خطرا عليه، وهو قادر على قراءة افكارك بسهولة، وبالنسبة له ما انت الا مخلوق بشري فقط .". [/B]
      [B]ـ اذن يا مرح سيكتشفني فورا . [/B]
      [B]ـ "هذا صحيح يا حسن ولكني سأعلمك كيف تخدعه .". [/B]



      [B]وضحكت انا والجنية مرح على المقلب الذي فعلته بي... ووعدتها ان نبذل معا كل جهد من اجل احضار ذلك الشخص الجني البشري الى المكان الذي تريده ليتسنى لها السيطرة عليه ؛[/B]
      [B]وطلبت من مرح ان تحدثني من جديد عن ذلك الشخص بدون خداع ؛[/B]
      [B]فقالت مرح : ـ لم اكذب عليك في شيء بخصوص هذا الشخص، انه فعلا من علمائنا ، تمرد على سلطة "الكاتو"منذ اربعين عاما وفق سنينكم ، وهرب ليندمج مع البشر ،وقد نجح فعلا في هذه التجربة بعد ان اجتاز كل مراحل الخطورة، خاصة وان الجسد البشري سار بنمو طبيعي دون اية مشاكل،وهذا ما ثبت للمطلعين في عالمنا من خلال متابعتهم لهذه القضية بطرقهم الخاصة..وطوال السنوات الماضية كانوا على علم بكل شيء، ولكنهم كانوا يجهلون الجسد الذي اندمج معه، حتى جاءت بالصدفة قصتك مع اختي غادة ، وزواجك منها وما حدث بينكما من تحد لقوانين الحياة ولقوانين عالمين مختلفين ،هذه الصدفة وما حدث لاختي غادة من القبض عليها وسجنها في سجن "قبة النور " لتقضي فيه بقية حياتها.[/B]
      [B]وفي كل التطورات السريعة التي حدثت اجد نفسي انا مرح قد فقدت اغلى ما لدي وهي اختي غادة ،وعليه عقدت صفقة مع "الكاتو " سلطة عالمي على ان اقوم باحضار "المتمرد" والقبض عليه، مقابل الحرية الكاملة لاختي غادة،وقد غامرت بهذا بمكانتي التي بنيتها منذ سنين طويلة، وفي حالة فشلي في ذلك خلال المدة الزمنية المحددة ، فأنك لا تستطيع ان تتصور ماذا يمكن ان يحدث لك ولاختي غادة...والفشل في عالمي لا وجود له ...". [/B]
      [B]قلت لمرح : ـ لن نفشل وسنحضره مهما كان الثمن ،ولكن ماذا يتوجب علي ان افعل الان ؟ [/B]
      [B]ـ اولا يجب ان نتعرف على الشخص بشكل عادي، وبعدها نبدأ في بناء علاقة معه بشكل حذر، ثم نتحرك خطوة خطوة بناء على تقييمنا للوضع، خاصة واننا نتعامل مع شخص فريد من نوعه، قدراته تفوق قدرتنا، اضف الى ذلك الخطورة التي يستطيع ان يلحقها بنا ان اكتشف ما نخطط له ، فدعنا اولا نقوم بالخطوة الاولى وبعدها استطيع ان اعرف مدى القوة التي وصل اليها، وبناء عليه سنخطط معا كيف نستطيع ايصاله الى "راس المثلث". [/B]
      [B]قلت باستغراب: ـ وأين يقع رأس المثلث هذا ؟[/B]
      [B]ـ انه يا حسن في قمة احد الجبال الموجودة في هذه الرقعة من بلادك، وهو احد المواقع الثلاثة عشر الموجودة في العالم، وقلت لك سابقا ان العالم ينقسم الى ثلاثة عشر مثلثا ، وحيث يكون راس المثلث - في البحر اوالبر- تكون هناك خاصية للموقع، وفي بلادك يقع راس احد المثلثات في قمة احد الجبال، الذي لا يبعد عنك الا عشرات الكيلو مترات .".[/B]
      [B]ـ ما هي خاصية ذاك الجبل الذي تتحدثين عنه ؟.[/B]
      [B]شرحت لي مرح مطولا عن عجائب هذا الجبل . لكني لم استوعب كل ماقالته مرح عن ذلك الجبل الموجود في فلسطين ، شككت بأن مرح تكذب دائماً في كل شيء، ولا يمكن ان تكون صادقة ...فلو قالت لي ان هذا الجبل موجود في عالمنا لكنت اقول صادقة ، ولكن هنا وفي هذه الرقعة الصغيرة من هذا العالم الكبير ؟!!...كيف؟؟. "لكزتني" مرح بيدها وقالت لي وهي تبتسم : [/B]
      [B]ـ "مش مصدق يا حسن ؟". [/B]
      [B]قلت لها وانا اضحك : ـ بصراحة "مش داخل مخي".. في مكان مثل هذا في هذه البلاد؟ ولو كان موجوداً لسجلناه في عجائب الدنيا ... [/B]
      [B]قالت : ـ" اسمع يا حسن، احنا اتفقنا على هدف واحد، وما بدي تشك في كل كلمة بحكيها إلك،وبعدين انت بالذات مش لازم تشك في هيك كلام، لانك شفت اشياء اعجب من هذا، ولاّ نسيت رحلتك مع غادة والبلاوي اللي انت شفتها ...". كان كلام مرح مقنعا فعلا ، فقد رأيت بأم عيني اشياء تفوق الخيال والتصور في عالم الجن ، فلماذا لا استطيع ان اقتنع بوجود مثل هذا المكان . نظرت الي مرح وابتسمت ابتسامة ماكرة وناعمة وقالت : ـ "طيب يا حسن ، بتحب تروح على الجبل اللي بحكيلك عنه..." [/B]
      [B]قلت بفرح وبفضول كبير : ـ نعم خذيني الى هناك الان ... ضحكت الجنية مرح وقالت : ـ "برضو مش مصدقني ،حاضر رح اخذك الى هناك ...". واخذت تضحك وكأني قلت على مسامعها نكتة، واقتربت مني وطوقت بذراعيها عنقي، ووضعت جبينها على جبيني واخذت تضحك بصوت عال فأعلى فأعلى ،وقالت : ـ هل انت مستعد ..؟". [/B]
      [B]قلت لها : ـ نعم انا مستعد. هيا انقليني الى هناك . ـ " طيب يا حسن، راح احكي لك وين العنوان..و قبل منتصف الليل ..." [/B]
      [B]..قاطعتها : ـ ولكن لماذا لا نذهب الان ...؟ ـ صعب الوقت متأخر ،وحتى نصل الى هناك تكون الشمس قد اشرقت .". ـ ولكن لماذا لا تنقليني انت الى هناك ؟ ـ كيف بدك انقلك ! احملك واطير فيك لهناك ؟...انت مجنون ولا بتحلم؟". فاستغربت وقلت لها : ـ ولكن الجنية غادة حينما تزوجتني ، نقلتني الى عالمها خلال دقائق، ولم يكن في هذا أية مشقة عليها ... فنظرت الجنية اليّ وملامح الغضب قد بدت على وجهها ،وقالت : ـ "اسمع يا حسن انا لست غادة ...انا مرح ،فان كانت غادة قد نقلتك معها، فمرح لا تفعل هذا من اجل ارضاء غرورك ،وان كان الفضول يشدك لمشاهدة ذلك المكان فهذه مشكلتك انت وليست مشكلتي، واضف الى معلوماتك، ان غادة حينما نقلتك الى عالمنا لم يكن ذلك بسهولة كما تظن،بل ان غادة تكبدت مشقة كبيرة لتقوم بهذا ...مشقة يصعب عليّ وصفها او شرحها ،ولكنها لم تشعرك بهذا حتى لا تجعلك تنزعج فيما لو عرفت حجم المشقة والتعب والثمن من جراء نقلك. كما ان نقل البشر الى عالمنا لا يتم في أي وقت او في أية لحظة، وانما يجب الاستعداد له مسبقا،كل هذا في حالة ان يتم نقل شخص من عالمك الى عالمي، ولكن ولمعلوماتك ... ". قطعت مرح حديثها واخذت تضحك وتضحك بصوت عال واضافت :[/B]


      [B]يتبع.., [/B]
    • زوجتى من الجن




      الحلقة الثانيه عشر


      ـ" لا يمكن يا حسن ان اقوم بنقلك الى ذلك المكان لان هذا مستحيل، وهذا شيء مختلف عن نقلك الى عالمي، لانك الان موجود في عالمك، والمكان الذي يجب ان نذهب اليه موجود في عالمك ايضاً ،اذن لا يستطيع احد ان ينقل جسدا ماديا من عالم مادي الى عالم مادي بالطريقة المضحكة التي تفكر بها، صحيح اني استطيع ان انقلك الى هناك لتشاهد كل شيء، ولكني لا استطيع ان انقل جسدك المادي،وانا اريد جسدك ايضا ان يكون هناك مرة اخرى، حتى تستطيع ان تذهب إلى هناك بمفردك افهمت ...".
      ـ طيب يا مرح لقد فهمت ان هناك فرقا بين ان تقومي بنقلي الى عالمك، وبين ان تقومي بنقلي من عالمي الى أي جزء من عالمي، ولكني لم افهم السبب، وبصراحة اكثر لا اريد ان افهم السبب ,اعطني العنوان وسالقاك غدا هناك. وقامت الجنية مرح بوصف المكان وكيفية الوصول اليه بدقة، وابتسمت وقالت :
      ـ "الى اللقاء يا حسن..".
      واختفت كالطيف ,رحلت الجنية مرح وتركتني غارقا في التفكير بها اكثر من ذلك المكان الذي ستأخذني اليه في الغد ,فرغم جمال الجنية مرح الباهر الا انها تتميز باسلوب جذاب في الابتسامة، في الغضب، في الهدوء، في الثورة، وحتى في ظهورها واختفائها فإنها تترك انطباعا غريباً، القوة، الجمال، كل شيء في هذه المخلوقة غريب غريب ... انتظرت حتى صباح الغد، وكلي شوق بانقضاء هذا اليوم للذهاب الى ذلك المكان الغريب، تحركت من البيت في ساعات الظهر بعد ان اخذت قسطا من النوم، وتوجهت الى ذلك المكان الذي وصفته لي والذي يبعد من حيث كنت اسكن مدة ساعتين على الاكثر ، ولم يكن الجبل يبعد عن الشارع العام كثيراً، لذا لم يتطلب مني الا ان اسير على الاقدام مسافة عشر دقائق او ربع ساعة، انتظرتها حيث طلبت مني ان انتظر. كان الجو شديد البرودة عاصفا بالغبار ,والجبال التي تحيط به كانت قاحلة من أي شيء، او ربما هذا ما كنت اراه في الظلام ...

      وما هي الا دقائق، حتى ظهر على الجبل المقابل حيث كنت اقف، شبح ابيض يشير الي بيده ,لم اخف منه بل سرت نحوه لعلمي المسبق بانه لن يتواجد في ذلك المكان الا الجنية مرح، وحينما وصلت الى قمة ذلك المرتفع وجدتها في انتظاري..تدير ظهرها وتنظر الى الاتجاه الاخر. اقتربت منها وقلت:
      ـ مرح.. لم تجبني ,اقتربت اكثر فاكثر، ولم تجبني ،مددت يدي وامسكت بكتفها وسألتها :
      ـ الى ماذا تنظرين يا مرح ؟ قالت : ـ" آه ..يا حسن ,ها انت الان في المكان الذي طال شوقك لرؤيته.".
      نظرت حولي، فلم اجد شيئا غريبا او عجيبا ليجعل هذا المكان مميزاً. فقالت لي : ـ "شو يا حسن مش عاجبك المكان ؟"
      ـ اني لا ارى فيه شيئا غريبا او عجيبا، فهو مكان مثله مثل بقية الجبال التي تحيط به .
      ـ "ما هو العجيب في نظرك؟ ـ طيب احكي مع هذا الحجر وسيرد عليك.". ـ اكلم الحجر... هل تعتقدين بأني مجنون ؟ ـ "لا امزح ...جرب .". نظرت الى الحجر وقلت له : ـ مرحبا يا حجر ! فاخذت مرح تضحك وتقول: ـ " لا اظنك مجنونا!!.. بل انت مجنون حقا ,في حد بحكي مع حجر؟" قلت : ـ مرح الا تكفين عن المزاح ؟ ـ" اسمع يا حسن هذا المكان هو احد اطراف المثلثات الثلاث عشرة في العالم ، وفي هذا المكان الذي هو واحد من ثلاثة عشر يمكن لاي كان من عالمنا ان يلتقي مع أي كائن من بني البشر، ولهذا المكان ميزات كثيرة جدا، لن يكون هناك متسع من الوقت لذكرها ,وما نستطيع ان تلمسه الان هو انك لو نظرت الى القمر لرأيته بوضوح تام ولرأيته انه يتغير في كل لحظة ,المناخ الخاص بهذه الرقعة ,انعدام ثقل الجسد وعدم شعورك بالاعباء الجسدية والفكرية و...". بدأت اتفحص المكان. ورحت اشعر بكل ما قالته ,فانا لا اشعر بأني متعب او اني بحاجة لان اتحرك ,حتى تفكيري كله يتركز في هذا المكان. لا يوجد لي شعور بالحاجة الى أي شيء ,لا ادري كيف يتم وصف مثل هذا الشعور ,ولما نظرت الى القمر رايته قريباً ورايته بوضوح تام وكان في تغير مستمر . "لكزتني" مرح بيدها وقالت :لا تمعن النظر كثيرا في القمر من هذا المكان حتى تستطيع العودة الى بيتك ، والا فلربما لن تستطيع ذلك، اسمع يا حسن سر بهذا الاتجاه عدة خطوات . فسرت حيث اشارت وما هي الا خطوات حتى شعرت بالبرد وبجو يختلف فأحسست كما لو انني انتقلت من عالم الى اخر، ونظرت الى اعلى بفضول فرأيت وكأن القمر ابتعد الاف الكيلو مترات ,اعدت النظر حيث تقف مرح وهي تبتسم فرأيت هالة من نور تحيط بالمكان مع ان المكان الذي وقفت فيه كان يلفه الظلام ,سرت نحوها عدة خطوات فقط وشعرت وكاني تركت جسدي خارجا. يا الله كم هو عجيب هذا المكان . نظرت اليّ الجنية مرح وابتسمت فقلت لها : ـ مرح اليست هذه خدعة اخرى من خدعك الكثيرة؟ ضحكت مرح وقالت : ـ "كلا يا حسن انت تستطيع ان تميز فانت بكامل وعيك، واذا لم يشعر الانسان بوجود هذا المكان في صحوته ، فإنه سيجده مثل بقية الاماكن ". ثم اردفت : ـ في هذا المكان تستطيع ان تفكر في أي شيء وان تحصل على أي شيء، وان تصل الى أي شيء، وان ترى أي شيء ,هذا المكان يخلو من المستحيل .". فقلت : ـ اذا انا فكرت في الحصول على شيء ما، هل احصل عليه فعلا؟ ضحكت وقالت : ـ "انتم البشر غريبو الاطوار، تريدون كل شيء بلا مقابل ,نعم يا حسن انت تستطيع في هذا المكان ان تفكر بالحصول على أي شيء وستجد الطريق الى ذلك الشيء بسهولة مهما كان ,ولكن يبقى عليك فور خروجك من هنا ان تقوم بالخطوات للوصول الى الشيء الذي اردته ". قلت : ـ اذن انا لا احصل على أي شيء في هذا المكان سوى الاحلام، وان اردت سأجدها خارج هذا المكان.. قالت مرح : ـ اسمع يا حسن من اجل الوصول الى أي شيء، تحتاج الطريق للوصول اليه ,وفي حال عرفت الطريق الى الشيءالذي تريده، فأن تحقيقه يصبح سهلا، وهنا نجد الطريق الى أي شيء وفي الخارج نقوم بتحقيقه..". اثناء حديث مرح، بدأت بالفعل افكر في شيء واحد، اني حقاً قد وجدت الطريقة الى تحقيقه ,ولم احدث الجنية مرح كما فكرت فيه، ولم ادعها تقرا او تشعر باني افكر بشيء . قلت للجنية مرح : ـ هل استطيع العودة الى هنا في أي وقت اريده؟ ـ نعم تستطيع، ولكني لا انصحك بان تفعل ذلك لعدة اسباب لا استطيع ان اشرحها لك ...دعنا من كل هذا وتعال الى الواقع". وخرجنا من ذلك المكان واخذنا نسير معا لأن الجو قد اصبح اكثر دفئا، والقمر قد اطل ومرح تحدثني عن الحياة ,وشعرها الطويل بين الحين والاخر يلامس وجهي، وسرنا حتى توقفت في مكان مقفرٍ فيه بقية من اشجار واعشاب صفراء كانها ماتت منذ سنين ,اضفت على المكان جوا من الوحشة تفوح منه رائحة الموت والخوف من المجهول ,حتى نور القمر الذي اضاء المكان كان يضفي عليه وحشة مجهولة ، وبين حين واخر كانت نسمات الهواء تحرك اوراق الشجر اليابسة محدثة خرخشة وكانها انفاس وحش كاسر . كل ذلك يطغى على المكان، فيقشعر بدن الجالس فيه وكان امامه "اوركسترا " تعزف لحنا جنائزيا تخر امامه اشجع النفوس ,اما الاحجار المبعثرة هنا وهناك، فكانت تبدو بظلالها وكانها قبور اصطفت لتثير القشعريرة في جسدي . جلست مرح بثوبها الابيض الشفاف الناعم الذي بالكاد يخفي مفاتن جسدها، وحينما انسدل شعرها الاسود الطويل امتزج لونه باشعة القمر ولون الحجر الرمادي الذي تجلس عليه وكأنه مصطبة قبر بدون شاهد ,مزيج من الالوان تداخلت لارى الثوب الابيض قد تحول الى اللون الزهري، فزاد ذلك الجسد انوثة واثارة ,وتحت ضوء القمر، تنحني مرح بخفة وتمد يدها نحو الارض لتلتقط حفنة من الاوراق اليابسة الرمادية الصفراء ,واثناء وعودتها لوضعها الطبيعي وقبل ان تعتدل بجلستها، كان شعرها الاسود يلامس الارض، وحدة البصر كانت تقع مني على صدرها الذي تنبعث منه رائحة شهوانية شرهة، كانت تصطدم برغباتي البشرية، وسط روائح الموت الذي يفوح من كل جزء في هذا المكان. تفرك الجنية مرح بكفيها الاوراق، وتلقيها على شعرها وجسدها ووجهها وصدرها، حتى الاوراق الجافة الميتة، تلتصق بها وكأنها تشتهيها ,وهاهي مرح تداعب شعرها وطيات ثوبها، ومع كل حركة تقوم بها كانت تفجر في داخلي رغبة شهوانية اعنف من الاخرى، وبحركة خفيفة رشيقة تستلقي على مصطبة القبر الرمادي، واضعة احدى يديها تحت راسها،واليد الاخرى تسير بها على جسدها، ابتداء من العنق وانتهاء باخمص القدم في حركات شهوانية وكأنها تضاجع اشعة القمر ,تتقلب بجسدها على مصطبة القبر ومع كل حركة تقوم بها يتطاير شعرها، ليظهر ويكشف جسدها الشيطاني الساحر، رمقتني بنظرة ناعمة تتقد شبقا وشهوة، ونادتني حيث اقتربت منها بخطوات مثقلة . مدت يدها وجذبتني بقوة لاسقط بجانب ذلك الجسد الساحر الفاتن، واخذت تداعب باناملها شعري ووجهي وشفتاي، وتحيط بذراعيها عنقي، وتهمس بصوت ناعم هادىء عبارات تنسل مثل الموسيقى ,لا افهم ولا اعي لها معنىً، واخذت يداي وشفاهي تعبث بجسدها بجنون لتسقط عن مصطبة القبر الرمادي الى الارض ,وعندها امتزج جسدها بالاوراق اليابسة التي كانت تغطي المكان، وجنون الامتزاج يخيم على الموقف . حبات تراب علقت ببعض قطرات العرق التي تصببت من لقاء الاجساد ، ومن إستعار التقاء الشفاه بالشفاه، قبلات طغت حرارتها على رطوبة الارض ورائحة الموت وجنون الشهوات، تحت اشعة القمر الناعمة، ساعات شهوانية حيوانية شيطانية، دون سيطرة او ادراك او ارادة . ومرح تارة تكون ناعمة هادئة، وتارة اخرى تكون متوحشة مفترسة، تغرس اظافرها في جسدي، وتشعر بالنشوه لايلامي .مرت ساعات كنت ادري خلالها..او لعلني لم اكن ادري...لكني ادري انها استطاعت ان تفجر بداخلي الشهوات الحيوانية المكبوتة . لم افق الا على رائحة الموت المنبعثة في هذا المكان من كل شيء، وكأني في معبد الشيطان , وصحوت على صوت ضحكات مرح الجنونية تملا المكان، تضحك بجنون، وانا منهك القوى، ليعود الي رشدي على صوت مرح : ـ حسن والان قل لي ، اكنت تريدني ام تريد غادة ....". جعلتني كلمات الجنية مرح اشعر كم يكون الانسان تافها وضعيفا امام لحظة شهوة ...لقد جعلتني كلماتها اعود الى نفسي بعد الساعات الشهوانية الحيوانية التي قضيتها معها، والتي استطاعت خلالها ان تنسيني كل شيء تماماً ,وتسيطر على كل جزء في جسدي وعقلي . فقد جئت الى هذا المكان مع اخت غادة من اجل غادة نفسها، وفي أحضان الاخت نسيت غادة !!! نعم انا خجل من نفسي على ما حدث، واشعر بندم كبير . اذ كيف يختفي ويذوب الحب الكبير الذي احمله بقلبي للجنية غادة، يذوب في لحظات شهوانية في احضان اختها ؟ ما زال سؤال الجنية مرح " حسن "اتريدني ام تريد غادة ؟" يدور في راسي... ما الذي تقصده ؟؟ وما الذي تسعى للوصول اليه هذه الجنية الملعونة ؟ولماذا ارادت ان اخون اختها غادة...لماذا ؟كيف تقول بانها تحب اختها وان اختها كل شيء في حياتها وتجعلني في نفس الوقت اخونها ؟انها فعلا شيطانه حقيرة جداً ...لا يهمها الا المتعة ,ولا يهمها الا ان تتسلى بأي شيء وبكل شيء... لقد جعلتني اخون حبيبتي، واخون نفسي، واخون كل شيء امام لحظات الشهوة والمتعة ...خلال صمتي وتفكيري بهذه التساؤلات، كانت الجنية مرح تقف تنظر الي بهدوء، تبتسم وكأنها تقرا افكاري.. نظرت اليها وقلت :
      ـ لماذا يا مرح ؟
      ـ "لماذا ماذا يا حسن ؟"
      ـ لماذا جعلتني اخون غادة ؟ ـ "وما دخلي انا بما فعلت انت ؟" ـ انت اردت ان يحدث هذا يا مرح ! ـ " هذا صحيح انا اردت وعندما تريد مرح شيئا فانها تحصل عليه، ولكن ما دخلي انا فيما اردته انت وفكرت فيه انت وفعلته انت "؟؟ ـ ولكنك سيطرت علي وعلى افكاري ! ـ "كلا يا حسن انا لم اسيطر عليك، ولم اكن بحاجة لان اسيطر عليك، مادمت انت لا تستطيع ان تسيطر على نفسك ". ـ الا تشعرين بانك قد خنت اختك غادة بما قمت به مع زوجها؟ ضحكت مرح وقالت بتعجب : ـ وما دخلي انا فيما حدث ,ولماذا يجب ان اشعر باني قد خنت اختي ؟ان ما حدث بالنسبة لي امر عادي جدا، فإن اردت شيئا احصل عليه، وبدلا من ان تسألني، اسأل نفسك ايها العاشق.. يا زوج اختي العزيز: ما شعورك وماذا تريد ؟". اشحت بعيوني عنها وانا اشعر بالخجل والندم على ما حصل ، وقلت لها : ـ صحيح انك مخلوقة غريبة الاطوار يا مرح ,فكل شيء له عندك تفسير، حتى الخيانة عندك لها تفسير !
      فقالت : ـ حسن ,انا لا اجد لهذا الحديث اية قيمة او معنى، لقد حدث ما حدث وانتهى، فاذا اردت انت ان تعطي للذي حدث قيمة اكبر مما يستحق ، فلا داعي لان تلقي باللوم على غيرك، انتم البشر غريبو الاطوار فعلا ,ولسنا نحن الغرباء ، انتم جبناء حتى بتفكيركم ,ونحن ان فعلنا شيئا، أي شيء، فلا نهرب مما نفعل ولا نخاف منه ,اما انتم بنو البشر، فان فعل احد منكم شيئا وكان جيدا، تسابقتم جميعا ليدعي كل منكم انه هو الذي قام به ,وان حدث شيء وشعرتم بانه خطأ، بدأتم جميعا بالتنصل من المسؤولية عنه ورحتم تلقون اللوم على الاخرين، او على الظروف وكأنه لا دخل لاحد منكم بما حدث...تتحدث عن الخيانة والخيانة هي من طبع البشر منذ وجدوا، الخيانة فيكم منذ الازل، تنمو وتكبر معكم كل يوم ,ففي احلامكم خيانة، وفي افكاركم ويقظتكم وحبكم وكرهكم خيانة... مُثُلكم خيانة ,انتم هكذا، وستبقون كذلك، وان لم تجدوا شيئا تخونوه فستخونوا انفسكم ,فلا تنس ايها العاشق الولهان الذي تحيا على ذكرى غادة، ولا شيء لديك له قيمة بدون غادة، بانك في احضان واحدة اخرى، نسيتها ، او تناسيتها !!!. واضافت قائلة : ـ تعال يا حسن لنتذكر غادة بدلا من اضاعة الوقت في كلام لا يجدي نفعا. تعال نبدأ بالعمل من اجلها لانقاذها من الاسر ".
      قلت لها : ـ صحيح اني لن استطيع ان اهزمك حتى بكلامي يا مرح ، فأخبريني ما الذي عليّ فعله الآن ؟
      ـ الان يا حسن، ساعطيك عنوان ذلك الشخص، وكل المعلومات التي تحتاجها عنه لتبدأ غداً الاتصال به، حتى نستطيع احضاره الى المكان الذي نريد، ويتم القبض عليه، وتحصل غادة على حريتها، وسأشرح لك كيف يجب ان تتصرف مع هذا الشخص .". وتابعت : "اولا :لا تنظر في عيون هذا الشخص كثيرا، ولا تفكر بأي موضوع اخر خارج الموضوع الذي يدور فيه الحديث ، وحذار ان يتشتت ذهنك اثناء الحديث معه، كما اطلب اليك ان لا تبالغ بالتركيز فيما يقول، فالانسان العادي لا بد له ان يشرد بذهنه ولو قليلا، فاعمل على ان تشغل ذهنك بأمور وصور عادية، مثل الاهل والاقارب والبيت ...الخ !اما ان حصل وتحدث معك حول موضوع يثير انتباهك ويشدك فأبدا فورا بالتفكير بموضوع عادي ...واحذر يا حسن ! فهو يستطيع ان يقرا الافكار التي تدور في مخيلتك ... حتى الصور التي تراها، يستطيع هو ان يراها بدقة ,واعلم جيدا بأن الخطوة الاولى التي سيقوم بها هي الاطلاع على الذاكرة الخاصة بك وما تحويه ، ويقوم بذلك من خلال جعلك تفكر بالماضي بطريقة غير مباشرة، فاحرص على ان لا تفكر الا بالامور العادية فقط لا اكثر ". واستمرت الجنية مرح في حديثها وهي تعلمني كيف يمكن للانسان ان يتحكم بالافكار وردات الفعل الطبيعية ,وحتى بالاحاسيس والعواطف، لأقتنع انه لو نفذ الانسان ما تقوله هذه المجنونة، لتحول الى جهاز >يحب "ان صدرت له الاوامر، و>يكره " ان صدرت له الاوامر. وانهت مرح حديثها قائلة : ـ" والان يا حسن، اثق بأنك ستنجح في الوصول الى هذا الشخص، وكل ما يتوجب عليك فعله، هو تكثيف علاقتك معه قدر المستطاع، وبعدها سنقرر ما الذي سنفعله ...والآن يا حسن سأغادر من هنا، وكلي ثقة بأنك ستنجح ,ولا تنس ان نجاحك يساوي حرية غادة، ولقاءك بها تذكر ذلك جيدا يا حسن.. واختفت مرح بسرعة تفوق سرعة الضوء من امامي ...تركتني وحدي مع طيف غادة وذكراها ,وكأنها تعمدت ذلك لتزرع في داخلي التصميم على النجاح في هذه المهمة".. قمت بزيارة ذلك الشخص عدة مرات، حتى اعتاد علي، وتوطدت علاقتي به طيلة عشرة ايام، وانا اقوم بزيارته اتحدث معه، واتناول الغداء "والعشاء احيانا "معه ...واعود الى البيت لانتظر الجنية مرح، ولكنها لم تظهر حتى شعرت انها اختفت الى الابد من حياتي ,لماذا لم تظهر خلال هذه الفترة ؟وما هو السبب، لا ادري !!لكن الجنية التي ما تكاد تختفي حتى تظهر من جديد، والتي اشعرتني بانه لا شغل لها الا انا، لم تكتف بالظهور في يقظتي، بل غزت حتى احلامي ونومي ...". تواصلت علاقتي بهذا الشخص "الجني البشري" كما وصفته الجنية مرح، حيث لم اجد فيه خلال هذه المدة شيئا مميزا عن البشر،فهو انسان عادي جدا بشكله وشخصيته، ولا يوجد في تصرفاته أي شيء يميزه عن البشر، وعلى عكس ما قالت الجنية مرح بشان خطورته ..وجدته طيب القلب، حتى احببته من كل قلبي، واعتدت على رؤيته والتحدث اليه . استمرت علاقتي بهذا الانسان، او ما تسميه الجنية مرح "الجني البشري "، عدة اسابيع، ولم تظهر خلالها مرح ولو للحظة ,مع اني كنت انتظرها كل يوم دون جدوى ,فأين اختفت ولماذا؟وهل ستعود، او ربما انها لن تعود ؟ اسئلة كثيرة كهذه تزاحمت في رأسي. لم اعد افكر في شيء الا ان اراها، فكلما سمعت صوتها او رأيت ضوءاً فقفزت من مكاني ظنا مني بأنها هي، ولكن عبثا، فهي لم تظهر، وبعد ثلاثة اشهر من الانتظار، تيقنت انها لن تعود، او انها اصبحت جزءا من الماضي، وتحولت علاقتي بذلك الشخص العادي جدا الى علاقة بين صديقين، حتى اني نسيت فعلا ما زرعته الجنية مرح براسي حول كونه "جنياً بشرياً ". وفي احد الايام دعوته الى بيتي لتناول طعام الغداء مع اسرتي ,فحضر وتناولنا طعام الغداء معا،شربنا القهوة وتحدثنا في مواضيع كثيرة استطيع القول بأنها مصيرية منها انه تآمر مع والدتي على ان يزوجاني، واثناء خروجه من البيت توقف قليلا امام مجموعة من التحف البسيطة كانت موضوعة على "فترينة" الصالون قرب باب الخروج، وكان بين هذه المجموعة عدة حجارة عادية امسك باحدها وسالني :

      يتبع ..,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة الثالثة عشر


      من اين جلبت هذه الحجارة؟". فقلت له :لا اعرف وسألت والدتي عنها ,فقالت :"احضرتها اختك على ما اظن" , سألت اختي وقالت انها احضرتها معها اثناء قيامها بنزهة قبل عام او اكثر .
      قال : ـ فعلا انها حجارة جميلة ومميزة!! وطلب ان يحتفظ بواحد منها فلم نمانع ,فهي مجرد حجارة، وودعته حيث ركب سيارته وعاد ادراجه . وفي اليوم التالي حضر الينا وشرب القهوة وقال : ـ "لقد جئت لأسال اختك عن مكان هذه الحجارة ، لأني وجدت انها تصلح لعمل تحف تذكارية...". وجاءت اختي وجلست معنا وحكت له بانها لا تتذكر بالضبط من اين احضرتها . قال لها وهو يضحك : ـ" مش مهم..". ثم فتح كفه ونظر اليها وقال : ـ انظري الى الحجر، اليس جميلا ؟ وما ان نظرت اختي الى الحجر حتى قالت : ـ نعم تذكرت . وبدات تحكي له بدقة متناهية عن كل ما حدث معها في ذلك اليوم ولكنها لم تستطع ان تتذكر من اين احضرت الحجارة ,حتى ان الدقة التي بدأت تصف فيها ذلك اليوم أثارت ارتيابي بأن وصفها المفاجىء بعد النسيان لم يكن مجرد صدفة وأن هذا الشخص قد فعل شيئا حتى اعاد الى اختي الذاكرة بهذه السرعة .
      وهنا انتابني احساس بان ما قالته مرح عن هذا الشخص ، انه "جني بشري " صحيح ,وعلى الفور تصرفت بشكل عادي وطلبت من اختي ان تحضر لي كأس ماء حتى اصرفها من امامه خوفا من ان يبدا بقراءة افكارها ، خاصة وانها تعرف عن علاقتي بالجنية غادة ...واخذنا نتحدث معا لعدة دقائق، ثم غادر البيت بعد ان ودعته وانا اتساءل عن سر اهتمامه بهذه الحجارة ، اذ لا بد ان في الامر سرا معينا ,وذهبت الى اختي وسالتها عن الحجارة، واخذت تضحك وتقول :
      ـ شو حكايتك انت وصاحبك ؟شو عمركم ما شفتم حجار؟ شو القصة ؟شوية حجار اعجبني منظرها واحضرتها معاي...".
      فضحكت انا ايضا وقلت يبدو لي اني بالغت في ظنوني فلا شيء يستحق الاهتمام.
      ثم خلدت الى النوم قرابة منتصف الليل حتى افقت بعد ساعة او ساعتين من نومي بشكل طبيعي جدا، ففتحت عيوني لارى الجنيةمرح تجلس على الكرسي الموجود في اخر الغرفة، مرتدية ثوبا ابيض ملائكيا واضعة ساقها اليسرى على اليمنى، ومتكئة بخدها على يدها تنظر الي بهدوء وهي شاردة الذهن تتأمل؟؟؟فركت عيني لأتاكد ان كنت احلم ام انا في يقظة، قفز قلبي من الفرح لرؤيتها ,فقمت من فوري وجلست انظر اليها...خاطبتني بصوت هادىء وملائكي :
      ـ" صحت النومة يا حسن !"
      قلت :
      ـ مرح.. اين انت يا مرح ؟
      اجابت مبتسمة :
      ـ" انا هنا يا حسن، كنت انتظرك حتى تفيق !"
      ـ لماذا اختفيت وتركتني ؟
      فابتسمت بخبث وسالت :
      ـ اشتقت لي يا حسن ؟
      فارتبكت ولم ادر ما اقول !
      فابتسمت واعادت السؤال :
      ـ "بتحبني يا حسن ؟"
      ولاادري لماذا اصابني الارتباك ولم استطع الاجابة .
      اضافت بخبث :
      ـ "انا اعلم انك تحبني، وانا أيضاً بدأت احبك يا حسن ..."
      حاولت ان اغير الموضوع وكأني اهرب من شيء لا اعرفه، وبدات احكي لها عن علاقتي مع ذلك الشخص...وسألتها :
      ـ اما حان الوقت لنوصله الى ذلك المكان؟ وما هي الطريقة لذلك...؟
      ابتسمت وقالت :
      ـ "نعم حان الوقت، لهذا حضرت ,غدا ستقوم بذلك ..."
      قلت:
      ـ كيف ساقنعه وماذا ساقول له ؟
      ضحكت مرح وقالت :
      ـ "هو الذي يجب ان يقنعك، سيحضر غدا وسيبذل كل جهده في خلق قصة لاقناعك ان تذهب معه انت واختك لترشداه الى المكان الذي احضرت منه اختك الحجارة .
      قلت لها وانا مندهش:
      ـ لا افهم ماذا تقصدين ما هو دخل اختي في هذا الموضوع وما حكاية الحجارة؟؟؟
      قالت :
      ـ" لاتسال اسئلة كثيرة فهذا شيء لن تفهمه .المهم ان الامور سارت على ما يرام، وسينتهي كل شيء غدا او بعد غد .".
      غضب كبير انتابني وحيرة اكبر ساورتني مما قالته لي ,وما دخل اختي؟ وما هي حكاية هذه الحجارة التي احضرتها اختي قبل عام، أي قبل ان اعرف ما الذي تريده مرح ؟
      قلت ولم اتمالك الاستفزازات والغضب الذي اصابني :
      ـ اسمعي ِ يا مرح، لقد اتفقنا على ان افهم قبل ان اقوم باي شيء...انا لن افعل أي شيء ولن اتحرك خطوة واحدة قبل ان افهم ماذا يحدث ... لقد تركت لك المجال ان تلعبي بحياتي كما تشائين اما أختي و عائلتي واهلي، فلن اسمح لك تحت بأي ثمن ان تعبثي معهم ...لا انت ولا كل الجن الذي معك .
      هزت مرح راسها بهدوء وقالت :
      ـ "طيب، لما اطلب منك تسمحلي تسمحليش، ولما انا اسألك شو لازم اعمل، تقوليش ,واذا بطلع في أيدك اشي تعملو علشان تمنعني سويه، ما تخاف ,ومدام لهلأ ما بطلع في يدك إشيء وما بتقدر تعمل إشي خليك ساكت واسمع الكلام علشان انا اظل احبك ,وكلامك الفاضي بزعلني شوي، وانت بتعرف أنو مرح مش مليح تزعل، فخليني مبسوطة علشان اظل احبك واحب اهلك معك , فهمت يا حسونة؟".
      فعلا لقد استطاعت مرح بهدوئها واسلوبها الساخر ان تهزني من الاعماق ,وما اصعب ان يشعر الانسان انه ضعيف لا يستطيع عمل شيء سوى الكلام والصراخ والبكاء التي هي اسلحة الضعفاء، لكن ماذا عساني استطيع ان افعل مع هذه الجنية الخبيثة سوى ان اكظم غيظي وانتظر ...
      قطعت الجنية مرح صمتي وتفكيري قائلة :
      ـ "العواطف شيء جميل يا حسن، ولكن فيما نحن فيه لا قيمة لها، انا لا اقصد بكلامي الاساءة اليك، ولكني اريدك فعلا ان تفكر بدماغك، وان تتصرف بناء على الواقع الذي انت فيه .فلا الغضب ولا الحب ولا الكره سيفيدنا بشيء ,وما دمنا لا نستطيع تغيير الواقع، فلنتصرف بناء على ما يمليه علينا الواقع ,وانا لم افكر حتى هذه اللحظة بالمس باهلك باي سوء، ولن افعل، ولا تنسى أن هدفنا واحد يا حسن وهو انقاذ غادة، ولكن الفرق بيني وبينك هو ان عواطفك تتغلب على عقلك، ونحن يا حسن لا نفكر اليوم بما سيحدث اليوم، وانما نقوم بحسابات دقيقة لما سيحدث بعد عدة سنوات.".
      واضافت بحزم :
      ـ انا خططت منذ مدة طويلة لهذه الفرصة لحظة بلحظة؛ ان يدخل هذا الشخص الى بيتكم؛ ويرى الحجارة بالصدفة، ويبدا بالبحث عن مصدرها ومن احضرها... ليجد ان الحجارة موجودة منذ مدة في بيتكم، وان من احضر الحجارة قد احضرها بالصدفة، وان كل شيء طبيعي وبمحض الصدفة. وذلك لأن هذا الشخص من النظرة الاولى الى الحجارة يستطيع معرفة متى احضرت الى بيتكم بدقة، ومن حديثه معكم ,يستطيع ان يعرف ان كانت الحجارة موجودة في بيتكم بالصدفة، أم ان هناك سراً ما وراء وجودها، ولو أن الحجارة كانت موجودة في بيتكم منذ شهر أو اثنين ،سيشك في الموضوع . وكل ما قمت به انا هو ترتيب الظروف وتهيئتها لان تقوم اختك برحلة مع صديقتها، وتجد الحجارة بالصدفة وتقوم بنقلها الى بيتكم دون ان تشعر بأي شيء غير طبيعي، وان تسير الامور وكأنها صدفة في صدفة. وانت يا حسن تتعرف على ذلك الشخص وتقوم ببناء علاقة وطيدة معه وحتما كان سيحضر الى بيتكم في يوم ما بالصدفة ودون ترتيب، ويرى الحجارة بالصدفة، ولم يكن معروفا متى سيحضر وكنا على استعداد ان ننتظرهذه اللحظة حتى ولو بعد سنوات على شرط ان تكون بدون ترتيب، ولو انك عرفت الخطة او عرفت بأمر هذه الحجارة لاستطاع هو ان يعرف الحقيقة خلال اقل من لحظة ,وقد سارت الامور على ما يرام وكما خططت لها من قبل، حتى قبل لقائي بك يا حسن! ومتأكدة انك تريد ان تعرف سر هذه الحجارة ...هذه الحجارة يا حسن ماخوذة من ذلك المكان الذي قمت انت بزيارته، وهو المدخل الى عالمنا، ونقطة الالتقاء بين عالمنا وعالمكم، وهذه الحجارة عادية جدا ولا يميزها أي شيء، الا ان الشخص الخبير في شؤون عالمنا يستطيع ان يعرف ان هذه الحجارة تكون موجودة فقط في ذلك المكان، وصديقك الشخص المقصود عرف ذلك بنظرة واحدة ، وبما انه يبحث عن ذلك المكان ليعيد اليه ذاكرته كاملة، ويعطيه القوة المميزة، فمعرفة مكان هذه الحجارة هو معرفة اين يقع ذلك الموقع ,فإن الحجارة كانت الطعم الذي سيدفعه للتوجه الى الموقع الذي اعددناه للقبض عليه ولن يستطيع الوصول للموقع الا بمساعدة اختك، وخاصة انه عرف من خلال اطلاعه على ذاكرة اختك انها لا يمكن ان تتذكر الموقع بدقة الا اذا كانت هي موجودة بالقرب منه، وهكذا وبما انه يعرف انه لا يستطيع ان يطلب من اختك ان تذهب معه، فسيطلب منك انت ان تحضرها وتذهب معه الى ذلك المكان طبعا سيخلق لك اسبابا مقنعة لذلك، افهمت يا حسن ؟".
      فضحكت ولم استطع اخفاء اعجابي من ذكاء مرح الخارق، وقلت لها:
      ـ فعلا الان تاكدت باني لم اكن الا" طرطور" لك ولمخططاتك يا مرح .....


      قالت مرح :


      ـ "حسن ,فور القبض على هذا الشخص سوف تستعيد غادة حريتها وتستطيع ان تلقاها ,ام انك لا تريد ذلك؟؟؟".
      واختفت الجنية مرح كعادتها بعد ان شرحت لي خطتها الجهنمية في استدراج الجني البشري الى ذلك الجبل الذي تم ترتيب الكمين فيه ليتم القبض عليه هناك .وقد دهشت لذكاء مرح، وتعجبت كيف استطاعت ترتيب الامور بهذه الطريقة!!.
      ولكن، هل ستسير الخطة كما خططت لها ؟وهل سيحضر ذلك الشخص الى بيتنا ليحاول اقناعي بأن نذهب انا واختي معه ليعرف مكان "الحجارة" ومن أي جبل اخذت ؟
      وبعد مرور يوم واحد، حضر "صديقي "( الجني البشري) الى بيتنا ,وما ان تناول القهوة، حتى بدأ يختلق القصص لأقناعي بالذهاب معه انا واختي الى المكان الذي احضرت منه الحجارة وقدم لي اسبابا مقنعة ,لم ارفضها بل على العكس، وافقت عليها، وفورا وتوجهت معه انا واختي حتى وصلنا الى ذلك المكان الذي كانت فيه وصديقتها اثناء رحلة قامتا بها مؤخرا .
      اخذت اختي تنظر حولها كي تتذكر من اين احضرت الحجارة، وكان الشخص ينظر اليها، وكانت الفرحة والسعادة تقفز من عيونه او انه مقبل على لقاء عشيقته او حبيبته التي طال فراقها، ويسأل اختي حاثا اياها على التذكر :
      ـ "من اين احضرتِها ...من اين احضرتِها "؟؟
      بينما كانت اختي تنظر حولها وفي عيونها استغراب مما يحدث ,فتصرفات "صديقي" اللاشعورية كانت تدل على ان قدومنا الى هذا المكان، ليس لمجرد معرفة مكان الحجارة او من اجل جمع بعض الحجارة...
      وقفت اختي محتارة وقالت :
      ـ" انا لا اذكر شيئا ...انا لا اذكر شيئا !"
      واقترب الصديق من اختي واخذ يحثها على ان تحاول التذكر دون جدوى، ويبدو انه عجز عن معرفة المكان، كما يئس من المحاولة، حيث بدأنا طريق العودة الى البيت، والحزن يخيم على "صديقي"
      وفجاة ودون سابق انذار، توقفت اختي واستدارت الى الخلف واشارت باصبعها نحو احد الجبال القريبة وقالت:
      ـ "نعم ,هناك وجدت الحجارة ...من هناك جلبتها !"
      وقفز صديقي من الفرح، واخذ يسير باتجاه ذلك الجبل مسرعا، وكأن الجبل سيهرب اذا لم يصله، كنت انظر اليه ومشاعر الاسى تنتابني وانا اراه يسير باتجاه ذلك الجبل الملعون وما ينتظره فيه، اغمضت عيوني حتى لا اراه يصل الى ذلك المكان وقلبي يتمزق حزنا عليه وضميري يؤنبني بانني السبب لما سيحدث له .فانا الذي استدرجته الى هذا المكان، وانا هو الذي خدعه !ما ذنبه هو؟ وماذا فعل بي لافعل به هذا؟
      لماذا ساعدت الجنية مرح في استدراجه ؟شعور بالاسى والحزن وتأنيب الضمير يكبر في داخلي كلما سار خطوة اخرى نحو ذلك الجبل، وبدون أي شعور صرخت باعلى صوتي عليه "ارجوك لا تقترب من ذلك الجبل "حتى شعرت ان الوادي كله قد اهتز من صرختي .
      توقف في مكانه والتفت الي واخذ يسير نحوي ثم اقترب مني والشرر يتطاير من عينيه وملامح الغضب بادية على وجهه . ادركت بأني بتحذيره قد ارتكبت خطا، وتذكرت كلام مرح عنه وعن خطورته .
      لم ادر كيف اتصرف ...لقد دب الرعب في قلبي وايقنت بانه سيقتلني اذا عرف انني غررت به وجررته الى كمين ,فاستجمعت قواي وحاولت السيطرة على نفسي حتى لا يقرا افكاري ويعرف ما دبرت له.
      اقترب مني اكثر فاكثر ونظر الي وهمس قائلا :
      ـ دعنا نرجع الى البيت .
      وطوال الطريق لم يتفوه بكلمة واحدة، ولم يهمس بحرف واحد، بل بقي شارد الذهن ,وكان بين الفينة والاخرى يرمقني بنظرة تدب الرعب في قلبي وانا اتساءل بيني وبين نفسي :
      ـ هل عرف ؟؟هل استطاع ان يقرا افكاري ,لا بد انه عرف والا لم هذا الغضب ؟ولماذا لا يتكلم او حتى يبتسم ؟لا بد انه سيفعل بي شيئا...ربما سيقتلي !!اذا لماذا لم يقتلني فورا ؟ماذا حدث ,لا ادري هل عرف الحقيقة ام لم يعرف ؟لا ادري ..اني لا ادري


      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة الرابعة عشر

      وصلنا الى البيت وهو مازال صامتا ,حيث نزلت اختي من السيارة ونزلت انا ودعوته ليتناول معنا فنجانا من القهوة ,فرمقني بنظرة خبيثة، ونزل من السيارة ودخل معي البيت دون ان يتفوه بكلمة .
      طلبت من اختي ان تعمل ابريقا من القهوة ,وطلب مني هو ان نصعد ونجلس فوق السطح .لم امانع ابدا ...صعدنا وجلسنا وهناك قال لي :تفضل يا حسن احكي !
      قلت له :
      ـ شو احكي ؟
      قال غاضبا :
      ـ احكي القصة من اولها الى اخرها !
      ـ لا افهم عمّ تتحدث !وما هي القصة التي تريد ان تسمعها مني؟
      ابتسم وقال :
      ـ اسمع يا حسن ...لم اكلمك طيلة الطريق الى هنا واردت ان تكون في بيتك حتى يطمئن قلبك.والان اتمنى ان تكون صادقا معي !
      قلت له متلعثماً :
      ـ انا لا افهم ماذا تقصد ؟
      رمقني بنظرة حادة وقال :
      ـ اسمع يا حسن، لقد استطعت خداعي منذ البداية، وقد وفقت بذلك حتى اللحظة الاخيرة، وصدقني انا لم اكتشف خداعك لي طيلة هذه الفترة، وبما انك لم تستطع الاستمرار في خداعك حتى اللحظة الاخيرة، فلا داعي لان تستمر في ذلك الآن. احكي لي ما هي حكايتك ؟وماذا تعرف عني ؟لماذا اردت ان تستدرجني الى ذلك المكان ؟".
      فقلت له :
      ـ وان عرفت الحقيقة ماذا ستفعل بي ؟
      ضحك وقال :
      ـ لقد عرفت الحقيقة منذ اللحظة التي طلبت مني ان ابتعد عن ذلك الجبل، ولم افعل لك شيئا حتى الان.
      ـ ما دمت قد عرفت ,فلماذا تسألني اذن ؟
      ـ ما استطعت معرفته هو ما يخصك انت ,وما استطعت ان اقرأ افكارك الا في تلك اللحظة التي لم تتمالك نفسك فيها، وطلبت مني العودة.
      ولا انكر بأنك قد اكتسبت خبرة جيدة في اخفاء الجزء الاكبر من الافكار حتى لا يستطيع احد ان يقرأها.والان اريد ان اسمع منك بصوتك وبلغتك القصة لا من خلال قراءتي لافكارك .
      ـ انا على استعداد ان احكي لك كل ما تريد ان تعرفه .ولكن قل لي انت من تكون ؟هل انت فعلا "جني بشري"، وانك تمردت على" سلطة الجن" وهربت منهم واندمجت مع احد البشر ؟؟؟
      ـ "اسمع يا بني ...انت تتحدث كالاطفال الصغار، واخجل من نفسي كيف تمكن غبي مثلك ان يخدعني كل هذا الوقت !!انظر الي ايها الغبي ...الا تراني بشرا مثلك ؟كل تلك الفترة الماضية التي كنت فيها معي، هل لمست عكس ذلك ؟".
      قلت له :
      ـ اذن ...لماذا توجهت الى ذلك الجبل؟ وكيف استطعت ان تقرا افكاري في اقل من لحظة واحدة؟ وماذا يريد الجن منك ؟
      فقال لي بلهجة المشفق على حالي :
      فكرت فيما قاله هذا الشخص وسالت نفسي :"هل احكي له ام لا؟ ولكن ماذا ساخسر ان حكيت له؟ لا اعتقد بان هناك شيئا ساخسره، فالجن لن يرحموني ان حكيت او لا، فقد افشلت خطتهم بالقبض عليه " .
      بدأت اروي له حكايتي منذ معرفتي بغادة وزواجي منها والقبض عليها وظهور اختها مرح وما فعلته معي، وكيف خططت للقبض عليه.
      رويت له القصة من البداية حتى اللحظة الاخيرة وهو يصغي الي ولا يقاطعني، ويبدي اهتماما كبيرا بما اقول، لكن اكثر ما شده هو حديثي عن مرح واخذ يسألني ,فطلب مني ان أحاول أن استرجع صورتها في مخيلتي، ولكن الغريب في الامر اني اشعر بها، ولكني لا استطيع استرجاع صورتها من مخيلتي وكانها مجرد سراب ...
      اشعر بجمالها وبكلامها اشعر بها وكاني اراها، ولكني لا استطيع ان ارسم لها صورة في مخيلتي حتى ولو للحظة واحدة !
      صمت قليلا واستغرق يفكر، فقاطعته وسالته :
      ـ هل تعرف الجنية مرح ؟
      ابتسم وقال :
      ـ "ومن لا يعرفها يا حسن ؟انها اشهر من ان تعرف بغض النظر عن الاسم الذي تحمله .ففي كل يوم لها اسم جديد وقصة جديدة !فعلا انت مسكين يا حسن، كان يجب ان أعرف منذ البداية ان هذا التخطيط الدقيق لا يمكن ان يقف خلفه الا تلك الداهية الكبيرة".
      سالته بشغف :
      ـ وهل تعرف اختها غادة ؟
      قال لي :
      ـ بصراحة انا لا اعرف من تكون هذه فربما كانت من الجيل الجديد، واشك ان تكون لتلك الداهية المسماه "مرح "اخت بهذه المواصفات.ولكن ربما يكون لها اخت صغيرة لم يسبق لي ان عرفتها ,والشيء الذي اشك فيه هو ان غادة هذه لو كانت فعلا هي اخت "مرح" لما تجرأ احد على ان يضعها في السجن "قبة النور"بالذات.صحيح ما قالته عن قوانين عالمها وعن عقاب من يتصل بالبشر هو السجن ولكن لو كانت اخت مرح قد ارتكبت هذه المخالفة، لما استطاع احد ان يعاقبها لانها اخت "مرح "ولا اذكر ان في عالم مرح من تجرأ على مواجهة "مرح "ولكن ربما هي ارادت لها ان تسجن!! وان كانت غادة مسجونة في "قبة النور" فانا استطيع التاكد من ذلك بطريقتي ."
      قلت له:
      ـ ارى انك جيد الالمام بعالم الجن ,فهلا ساعدتني على انقاذ غادة والخلاص من الجنية مرح ومن مصائبها ؟؟
      قال لي :
      ـ "ساكون صريحا معك يا حسن، ولا اريد ان اكذب عليك، فان كانت غادة فعلا موجودة في سجن "قبة النور" فلا امل لها بالخروج من هناك لانه لم يسبق لاحد ان دخل سجن "قبة النور"وخرج منه منذ تم بناؤه وحتى هذه اللحظة .".
      اما الخلاص من"مرح "فهي مشكلة حقيقية وكبيرة، وانت بالذات يا حسن، لا تعي حجم الورطة التي انت فيها، فحظك التعس لم يعرفك بمرح فقط ,بل ان مرح سمحت لك بالعبث معها ,ومن تختاره تلك الداهية ليعبث معها لا ينجو من شباكها بسهولة .".
      قلت له:
      ـ انت تتحدث معي عن مرح وكانك تتحدث عن معجزة تستحيل هزيمتها، او الخلاص منها ,او مواجهتها اعتقد بانك بالغت في ذلك، وما لا افهمه: حينما كانت مرح تحدثني عنك كانت تصورك لي على انك شخص خارق، يمتلك قوة تفوق قوة الانس والجن، وان سلطة الجن "الكاتو "تخشاك، ولهذا يريدون السيطرة عليك باي ثمن .
      انا لا افهم من منكم الصادق :انت ام هي ؟ولماذا يخشى احدكما الاخر لهذه الدرجة ؟ام انكما تعملان معا وتوهماني بعكس ذلك من اجل ان تصلا الى هدف معين ؟؟
      نظر الي مبتسما وربت بيده على كتفي وقال :
      ـ" يا حسن، انت فعلا مسكين، ولن تفهم ما يحدث بسهولة .فمرح شيء وانا شيء اخر ...ولا يمكن لاي ظروف ان تجمعنا معا، وحديثك حول امكانية ان نكون نعمل معا لخداعك أمر غير وارد، فأنا اسف لان اقول لك انك "لا شيء ". فلو اردت ان اسيطر عليك من اجل هدف ما، لما وجدت صعوبة في ذلك، اما مرح فقد فعلت ذلك وسيطرت عليك وجعلتك تقوم بكل ما تريده هي، واكثر من ذلك ايضا ... جعلتك دمية تحركها كيفما تشاء ...هذه هي الحقيقة يا حسن، وانا الم اقل لك ان مرح معجزة او انها شيء محال هزيمته، بل انت الذي تظن ذلك .قلت لك ان الخلاص من مرح مشكلة كبيرة، وليس من السهولة ان تخرج من شباك مرح، ولو انك تريد ذلك فربما ساعدتك على الخروج من شباكها" !
      قلت له مستغربا :
      ـ "كيف تسألني ان كنت تريد الخلاص منها وانقاذ غادة... فعلا ؟انا اريد ذلك" !
      نظر الي وضحك وقال :
      ـ "لا اعتقد انك تريد ذلك يا حسن ...لا اعتقد، وهذه هي المشكلة الكبرى ".
      قلت له :
      ـ "ولماذا تظن اني لا اريد" ؟
      قال :
      ـ "لانك وقعت في حب مرح يا حسن ...انت تحبها يا حسن وتحاول ان تقنع نفسك بعكس ذلك...لقد عشقت واحببت مرح ".
      ـ" يا حسن ...يا حسن ...هذه امور لن تفهمها ولا داعي لان تفهمها، فيكفيك ما انت فيه، وما ورطت نفسك فيه من متاعب .ربما ان بعض ما قلته لي صحيح ,ولكن ليس بالطريقة التي وصفتها، انا لا اختلف عنك جسديا يا حسن، وهنا ك امور ان سنحت الفرصة فربما ستفهمها، والان احكي لي قصتك بالتفصيل، فهذا افضل لك "!!
      ضحكت بصوت عال وقلت : ـ "ما هذا الهراء ،انا احب الجنية مرح وهل في قلبي متسع لغير غادة؟
      ...انا احب المغرورة مرح؟!!"... سألت نفسي: لماذا يظن اني احب الجنية مرح؟! ولكني احب واعشق غادة حتى الثمالة، مرح شيء اخر، انا لا احبها، انا احب غادة، فما مرح الا الوسيلة الوحيدة التي كانت امامي للوصول الى الجنية غادة وانقاذها. صحيح ربما أكون قد تعودت على رؤية مرح واشتاق احيانا لرؤيتها،لانها تذكرني بغادة، نعم غادة حبيبتي، إلا أنه لا يمكن ان اكون قد احببتها ...أأحب هذه الجنية الشريرة مرح... مستحيل"!!. وبعد دوامة التفكير، نظرت الى ذلك الشخص البشري ام الجني.الله اعلم ما يكون، وقلت له :
      ـ" انت مخطىء، انا لا احب مرح، ولا يمكن ان احبها. صحيح اني عبثت معها، ولا انكر انها استطاعت اغرائي بجسدها الفاتن، ولكن هذا لا يعني اني احببتها. فانا من البشر والبشر خطاؤون".
      ـ "انا ايضا من البشر، واقول لك يا ابن البشر انك قد وقعت في حبها، فلا تكابر" .
      ـ "لا اعتقد انك من البشر، انت من الجن، واحساسي يقول لي انك لست من البشر ولو كنت من البشر لفهمت اني لا يمكن ان اكون قد احببت الجنية مرح اخت غادة ,انت لا تعرف كم احب غادة، فكيف احب اختها مرح؟ ولو كنت تعرف ما هو الحب لما قلت ما قلت" .
      ورمقني بنظرة وقد احمرت وجنتاه من الغضب وخيل لي انه سيصفعني على وجهي وقال : ـ يا حسن يا حبيب قلبي يا "حمار"، انا شفت بحياتي حمير كثير، بس هذه اول مرة بشوف حمار مكابر مثلك ,انا قلت لك انت بتحب مرح وبتعشق مرح، انت مش مصدق عمرك لا تصدق، وانا شو مغلبني في هيك كلام فاضي، تحب مرح ولا تحب غادة ولا تحب القرد حتى، كل اللي بدي اقولك اياه قبل ما اروح:
      إني فعلا يا حسن بشفق على حالك، فانت بمشكلة كبيرة، فقد تورطت مع مرح، ومرح لا ترحم احداً، ولن تتركك بحالك بسهولة، لا اقول ما اقول كي اخيفك، ولكن ولأسفي هذه هي الحقيقة ,مرح حارسة ابواب الشر، وحظك التعيس قد عرفك بها ,كل ما استطيع ان اقدمه لك هو ان أعرفك وأعلمك كيف تستطيع ان تنجو من مرح ,ان كنت تريد ذلك ولا اعدك بان ذلك سيكون سهلا. قلت له :
      ـ "لماذا تصور لي الجنية مرح على انها شيء مخيف، ولماذا تخاف منها انت "؟ قال باستهزاء :
      ـ "انا لا اخاف من مرح ولا اخاف من غيرها، وانا على استعداد للقائها ان وافقت هي على ذلك، ولا اظنها ستوافق على ذلك".
      قلت له : ـ انت تريد ان تعلمني، وانا مثل "الطرطور" بينك وبينها، ولا ادري ماذا يريد احدكما من الاخر، تحدثني الجنية مرح عنك وكانك وحش كاسر، وانت تحدثني عنها وكانها اسطورة، وانا لا ادري من اصدق: انت ام هي، قل لي ارجوك: هل انت من الجن ام من البشر" ؟ نظر الي وقال: ـ "اسمع يا حسن انا من البشر، وسأعلمك شيئا لا اعرف ان كنت تعلمه من قبل... "اشخاص العالم الاخر"لا يستطيعون الظهور في كل مكان وكل زمان، ولا يستطيعون الظهور امام اكثر من شخص من البشر، وان حدث هذا فلا يكون لاكثرمن دقيقة، وانت كما تراني اجلس في بيتكم وبين اهلك، لهذا فأني من البشر فلا تكن سخيفاً. واردت ان اساله سؤالاً اخر، ولكنه اصر على الذهاب بعد ان قال لي:
      ـ " ان اردتني ستعرف اين تجدني ".
      اقتنعت وصدقت ما قاله، فعلا هو من البشر، وتصرفاته لا تشبه تصرفات الجن، رغم احساسي بانه غريب جدا في امور كثيرة تثير الرعب في داخلي . مرت ساعات وانا افكر بشخصه واحلل كل ما قاله، وما لم افطن اليه من كلامه، وابحث عن طرف خيط يقودني لحل هذا اللغز العجيب، من هو؟ بشر ,جن ,عفريت ,ماهي حكايته؟ بشر، هو نعم بشر، ياكل ويشرب، ويقود سيارة، له عنوان من السهل الوصول اليه ولكنه يتحدث عن عالم الجن بثقة ومعرفة بالخفايا وكانه احدهم. اتذكر حينما سألته عن الجنية غادة كيف اجاب: "انه لا يعرفها وربما تكون من الجيل الجديد"...يتحدث وكانه منهم بنفس اسلوبهم في الحديث، اعود واسال نفسي ما حكايته مع الجنية الثانية والتي وصفها بالداهية؟ وماذا كان يقصد بان مرح حارسة ابواب الشر، يا الله نسيت ان اساله ماذا يقصد بهذا ...اتذكر مرح واضحك وشر البلية ما يضحك، ماذا ستفعل بي بعد ان افشلت مخططها في القبض على هذا الانسان الغريب، لا بد انها ستنتقم مني شر انتقام. ولكن ما هي الطريقة التي ستنتقم مني بها؟ الله اعلم، والاعمار بيد الله، والانسان يموت مرة واحدة، الا الجبان، فأنه يموت الف مرة في اليوم. وأنا لست جباناً، ها انا انتظر، ومرت الساعات وانا انتظر الجنية مرح، ومرت ايام وانا انتظرها في كل لحظة، في نومي ويقظتي، حتى ان حياتي كلها توقفت على انتظار ، وما اصعب الانتظار!!، واصعب انتظار هو انتظار عقاب من المجهول، ومرت ثلاثة اسابيع وانا انتظر حتى نفذ صبري، وقررت ان اذهب الى ذلك الانسان الغريب لاساله عن اختفاء الجنية مرح,ذهبت الى حيث يتواجد ولم اجده، سالت عنه ولم اجد احدا يعرف اين هو، أومتى يذهب أومتى يعود، وانهم نادرا ما يرونه. قررت ان لا اتحرك من مكاني حتى يعود، والله اعلم ان كان هو الاخر يعود اولن يعود. انتصف الليل وانا في انتظار عودته، حتى لمحته ياتي من بعيد، وحينما اقترب رحب بي، وسالني عما اريد، فقلت له : ـ "ان الجنية مرح ومنذ لقائي الاخير بك لم تظهر وانا لم اعد احتمل الترقب والانتظار . ضحك وقال لي : ـ "مستعجل على قدرك ولا مش قادر على فراقها" .
      قلت له : ـ "لا هذا ولا ذاك، ولكني أريد أن أعرف ماذا سيحدث في الغد، هل ستعود مرح ام انها لن تعود؟ هل ستقلب حياتي ام انها ستتركني وحالي؟ فكل شيء في حياتي اصبح يتوقف على ماذا ستفعل بي"...
      قال لي : ـ "افهم شعورك جيدا، فما اصعب ان يعشق الانسان شيئاً من المجهول، او ينتظره او يكرهه او يخشاه، وانت يا حسن اقتحمت عالماً لا بداية له ولا نهاية، عالم يشبه عالمك في كل شيء ولا يشبه عالمك بشيء لقد اقتحمت عالماً لن تجد طريق الدخول اليه بسهولة، ولن تجد طريق الخروج منه بسهولة، وستبقى تحيا بين عالمين، جسدك في عالم وعقلك في عالم اخر ,فإن استطعت العودة الى عالمك، ستبدأ من جديد بالبحث عن العالم الاخر، وان وصلت العالم الاخر، ستفكر في كل لحظة انه سيختفي، وان اختفى ستعود للبحث من جديد، وهكذا ستسير الايام وتنتهي لتجد انك لم تحصل على شيء، لا في عالمك ولا في العالم اخر، فأنت ابن البشر، وحياتك بين البشر، فلا تنتظر شيئاً من المجهول، عد الى حياتك، الى واقعك، وانس كل شيء يربطك بالعالم الاخر، فان استطعت فقد نجوت".
      قلت له : ـ "لا اعتقد... لااعتقد اني بعد كل هذا العذاب الذي ذقته أستطيع ان انسى، وحتى لو استطعت، فانا لا اريد ذلك، فلا قيمة لحياتي بدونها، فانا اعشقها واحبها اكثر من روحي، فهي روحي وان لم تعد لي فلا حياة لي بدونها،أفهل يحيا جسد بلا روح "؟ صرخ بي وقال :
      ـ "حسن، عمن تتكلم عن مرح ام عن غادة؟ لا اريد منك جواباً.. فقط اجب نفسك بصدق يا حسن، وواجه الحقيقة ". وقع كلامه علي كالصاعقة، ولم استطع الاجابة، لم استطع ان احدد، لم استطع ان اقرر، لم افهم ما الذي يجري؟ فانااحب غادة حباً لا يوصف، وأحب في مرح اشياء كثيرة، ولكني لا ادري، ولا استطيع التركيز في شيء، يا الله ما هو الحب ...لم اجد اجابة واضحة، ولكني اجبته: ـ " انا احب غادة، ولا انكر اني اميل الى مرح قليلا، ولكن ربما كان ذلك بسبب انها تشبه غادة "... ابتسم باستهزاء وقال:
      ـ "لقد اخترت طريقك يا حسن، طريق اللا نهاية، ولن استطيع اقناعك بالعدول عن هذا القرار، ولكني لو كنت مكانك لاخترت الابتعاد نهائيا والعودة لحياتي الطبيعية ...لا مانع لدي ان اساعدك قدر المستطاع ان كنت تريد انت ان تساعد نفسك، وان تقرر ما تريد، اما ان اردت ان تبحث عن الحب والغرام، فلا وقت لدي لاساعدك، فهذه سخافات، وستجد هذه الامور



      يتبع
    • زوجتى من الجن


      بين البشر اكثر مما ستجدها في هذا العالم .
      قلت له مستغربا : ـ "ما الذي يمكن ان ابحث عنه في عالم الجن؟ كل ما اريده هو استعادة الجنية غادة، التي تزوجتها واصبحت زوجتي، لاعيش معها، لا اريد اكثر من هذا، لااريد ذهبا ولاكنوزا، اريد فقط حبيبتي غادة ".


      قال : ـ "يا بني، حديثي لا يدور عن ذهب ولا كنوز، فالذهب والكنوز صنعها البشر، وعبدها البشر، فلا قيمة لها الا في عالم البشر، اما غادة هذه التي تتحدث عنها، فانسها واطوها في دفتر النسيان واعتبرها حلماً جميلاً مر في حياتك، وابحث بين البشر عن غادة بنت البشر، وحتما ستجد الف غادة".. ثم اخذ يضحك ويقول:
      ـ "ولكن يا حسن انت تريد ايضا مرح، وانا وانت نعرف ذلك جيدا، ومن المستحيل ان تحصل عليها، وان اردت ان تبحث عنها بين البشر، فستجد ايضا الف الف شبيهة بمرح ولكن لن تحصل على واحدة، لان مرح تاخذ ولا تعطي، حتى وان اردتها فأنك لن تحصل عليها، اما ان هي ارادتك فسوف تحصل عليك بسهولة، لتكون دمية لها، ومرح لا تكتفي بدمية واحدة، ولا اظن انك يا حسن تريد ان تصبح دمية لمرح، ولا لمن يشبهها من البشر" .
      حيرني كلام هذا الشخص وقلت له : ـ "هل كل الجنيات مثل الجنية مرح "؟ ـ "لماذا؟ تريد واحدة اخرى غير غادة ومرح" ؟ ـ" لا، لم اقصد ذلك، ولكنه مجرد سؤال ".
      ـ "كلا يا حسن في العالم الآخر قليلات هن اللواتي من امثال مرح، ولا اعتقد ان مرح تريد ان تكون كذلك. ولكن الظروف هي التي صنعت مرح لتختر طريقها، وتصبح حارسة ابواب الشر".. وهنا تذكرت ان اسأله:
      ـ "صحيح... ماذا تقصد بحارسة ابواب الشر"؟؟ اخذ يضحك وهو يقول :
      ـ " انا إن اخبرتك عن ابواب الشر،فمعنى هذا انه يجب ان اقتلك في يوم ما، لاني ان لم اقتلك فسوف تقتلني انت، وعندها ستصبح مشكلتك اثنتان، واحدة مع مرح وسلطة "الكاتو "واخرى معي. الفرق بيننا ان مرح لا تستطيع ان تستخدم المادة ،ولا تستطيع ان تقتلك مباشرة، اما انا فاستطيع ان افعل هذا متى شئت وبسهولة، فهل تريد ان تعرف عن ابواب الشر" . قلت مستغربا :
      ـ "هل بعد ان تحكي لي عنها ستقتلني "؟
      ـ طبعا لا، ولكن فور وصولك الى احد هذه الابواب ساكون مضطرا لان اقتلك، حتى لا تملكه، ولكن قبل ذلك ساساعدك للوصول الى احد هذه الابواب لان من صالحي ان تصل اليها، هل بعد ان عرفت تريد ان احكي لك عنها "؟
      ـ "احك لي عنها، وانا لا اريد الوصول اليها، فقط اريد ان اعرف من باب الفضول" .
      ـ "ساحكي لك القليل، وان اردت ان اكمل حديثي، تكون قد قررت الذهاب اليها ...يا حسن. وتنهد وقال:


      يتبع .,,
    • زوجتى من الجن


      الحلقة الخامسة عشر


      وتنهد وقال:
      ـ " ابواب الشر هي ابواب اللانهاية، من خلالها تستطيع الحصول على أي شيء وكل شيء، لا يستطيع أحد الوصول اليها الا باذن البشر ،يحرسها افراد من ابناء العالم الاخر، لمنع وصول البشر اليها، لانه ان وصلها احد من البشر، تمكن البشر من السيطرة على جزء من قوة العالم الاخر".
      ـ "وان وصلتها هل استطيع ان اسيطر على الجن واعيد غادة"؟
      ـ "تستطيع ان تفعل أي شيء، فهل تريد يا حسن الذهاب اليها معي"؟ قلت له دون تردد :
      ـ أنا موافق ،وحتى لو كانت نهايتي، ولكن قبل ذلك، اليس لي الحق بان اعرف من تكون، وما هو اسمك، وهل انت من البشر ام من الجن؟
      ـ "من اكون. لقد قلت لك في السابق اني من البشر، وقد اثبت لك ذلك، ولا داعي للعودة لاسئلتك السخيفة، وان كانت هناك امور اخرى ساخبرك بها لاحقا، اما ما هو اسمي، فالاسماء لا قيمة لها يستطيع الانسان استبدالها متى شاء، فلا فرق ان كان اسمي فلان ام علان، ولكنك تستطيع ان تسميني "نور" يا حسن". قلت لنور،او الذي سمى نفسه "نور" :
      ـ "لا مانع لدي ان اترك كل شيء حتى يحين وقته، وساكون شاكرا ان شرحت لي عن "ابواب الشر"، ولماذا سميت بهذا الاسم ؟وما هي حكايتها بالكامل ؟وما هو دخل الجنية مرح بهذه الابواب "؟
      قال نور : ـ "ابواب الشر عدة ابواب منتشرة في انحاء الارض، من يابسة وبحار، وهي المدخل لمكان في اعماق الارض اسمه في العالم الاخر "مركز الشر"، وهذا المكان هو جزء من الكرة الارضية، ولكنه يظهر ككوكب صغير مستقل في كل شيء، بانهاره وبحاره وسهوله وجباله، والكائنات الحية التي عليه، إنه يشبه الارض من حيث الامور الطبيعية، ولكن لا مجال للمقارنة بين الحياة عليه وبين الحياة على الارض،فهناك كل شيء يبهر البصر وياخذ العقول، فيه يتوفر كل شيء واي شيء قد يخطر على بال البشر، او هم يحتاجونه، ففي هذا المكان لا توجد اية امراض، ومع هذا تجد فيه علاجاً لكل الامراض التي عرفها البشر، ومهما حكيت لك عنه فمن المحال ان أعدد صفات ذلك المكان او ما يتوفر فيه. ولكن فيه كل ما قد يخطر على بال أي انسان، المهم سمي بمركز الشر، لانه توجد فيه كل الفنون وعلوم السحر والشر، ومن حصل عليها استطاع ان يسيطر على اشياء كثيرة في عالم البشر وغير البشر، وحتى لا يصل احد من البشر الى هذا المكان "مركز الشر "قامت سلطة العالم الاخر "الجن "بوضع حراسة دائمة عليه، واختارت لهذه المهمة مجموعة من الافراد الذين تم انتقاءهم من بين الملايين من افراد العالم الاخر "الجن "،وعلى كل بوابة تم وضع واحدة ممن وصلن الى مكانه مرموقة في سلطة "الكاتو" "الجن"،واطلق عليها اسم حارسة ابواب الشر، واعطيت كافة الصلاحيات لتفعل ما تريد الا شيئاً واحدا فقط، حيث تمنع من الزواج، وعمل حارسة ابواب الشر ليس بالعمل السهل او البسيط، لانه بمجرد ان يتم اختيارها لهذا العمل، عليها ان تتخلى عن جزء كبير من حياتها العادية، ولهذا نادرا مايتم ايجاد واحدة للعمل في "حراسة ابواب الشر " ،وحين تصل الى هذا المكان تصبح الواحدة منهن ذات نفوذ وقوة، حتى انها تصبح فوق القانون، الكل يخشاها ويخاف منها، والويل لمن يتورط معها.خاصة وان كان من عالم غير عالمها، مثلك انت طبعا يا حسن" !
      سالت نور الغريب : ـ "لماذا يخشى الجن ان يصل البشرالى ذلك المكان" ؟ ـ "لقد قلت لك، لأن من يصل الى هناك ويحصل على القوة من ذلك المكان، يستطيع ان يسيطر على اشياء كثيرة".
      ـ "اذا، لو اني وصلت الى هناك وحصلت على "قوة الشر "الموجودة هناك، أكنت أستطيع ان اسيطر على كل الجن والبشر" ؟ ضحك وقال :
      ـ ليس بهذه الدرجة المبالغ فيها، ولكنك تستطيع ان تفعل اشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى ، ومن اهمها انك تستطيع ان تسيطر وتملك واحدة من حارسات ابواب الشر. ضحكت من اعماق قلبي وقلت له:
      ـ "كل هذه المغامرة والمخاطرة والجهد الذي يجب ان ابذله، والله اعلم اين يمكن ان تكون النهاية؟
      وايضا تقول ان وصل احدنا، شعر بانه يجب ان يقتل الاخر من اجل ماذا ؟من اجل ان يملك واحدة من حارسات ابواب الشر؟!! يا اخي خذها انت و"خليني" مرتاح من كل وجع هالراس ".
      ـ "اسمع يا حسن، من ملك واحدة من حارسات ابواب الشر، ملك قوتها ونفوذها وعلمها، وكل من يقوم على خدمتها ,فماذا تريد ان تمتلك اكثر من ذلك؟وانت تكون قد ملكت واحدة من مراكز القوة التي لا يزيد عددها عن العشرين في العالم الاخر "الجن "". ـ طيب وعلى ماذا استطيع ان اسيطر ؟ هل اسيطر على "اميركا" ؟ نظر الي نور بغضب وقال :
      ـ "كفاك مزاحا" فاقسمت له اني لا امزح وانما اتحدث بجدية . ضحك وقال:
      ـ "بمفهومك الطفولي هذا مستحيل، فصحيح انك تستطيع ان تفعل الكثير ولكن ولكن ليس الى هذه الدرجة الخيالية، فلا تستطيع ان تسيطر لا على "أميركا" ولا على "السودان"، ولكن تستطيع ان تفعل مالا يستطيع ان يفعله انسان" . ـ قل لي على سبيل المثال، ماذا استطيع ان افعل بعالم البشر ؟
      ـ "ساعطيك واحدة من مئات الامثلة،.. بمساعدة حارسة ابواب الشر، تستطيع ان تحضر علاج لكل الامراض الموجودة في عالم البشر، وتستطيع وتستطيع ..."
      ـ لقد فهمت .. وبقصد المزاح قلت له : ـ هل نستطيع ان نحضر مثلا اثنين او ثلاثة من حارسات ابواب الشر بدلا من واحدة؟
      ضحك وقال لي : ـ "تتحدث يا حسن وكانك ذاهب لاحضار "كيلو بندورة او بطاطا"، ام انك تظن انهن في انتظارك ليقلن لك: نرجوك يا حسن تعال تملكنا، على كل حال، لا يمكن ان تجتمع حارستين لابواب الشر في مكان واحد، ولكل واحدة المكان المخصص لها، والموجود فيه باب الشر الذي تحرسه، ولا تجرؤ ان تتخطى حدود واحدة اخرى من حارسات ابواب الشر وان حدث، تكون نهايتها". قلت له :
      ـ هل فعلا استطاع بشرالوصول الى ذلك المكان، حيث القوة والسحر والجمال . ـ "نعم، عبر الاف السنوات التي مرت، استطاع عدة اشخاص من البشر الدخول عبر "ابواب الشر "الى ذلك المكان، ولكن معظمهم بقي في ذلك المكان ليحيا فيه، ورفضوا الخروج منه مقابل أي شيء حتى مقابل القوة والسحر، وفضلوا ان يحيوا حياة عادية في اجمل مكان في الدنيا، وفضلوا عدم الخروج منها ولو نصبوا ملوكا على العالم ...إن هؤلاء الاشخاص الذين فضلوا البقاء هم العقلاء...وعدة اشخاص فقط ممن وصلوا الى ذلك المكان، لم يسحرهم او يؤثر عليهم جمال ذلك المكان وفضلوا الخروج بعد ان حصلوا على علوم وفنون السحر وقوة الشر،واستطاعوا ان يملكوا واحدة من حارسات ابواب الشر ".
      سألته: ـ ولكن اين هم الان ؟
      اجابني : ـ "احدثك عن شيء حدث عبر الاف السنين فهؤلاء الاشخاص ماتوا منذ مدة طويلة يا حسن". وسألته باستغراب : ـ رغم كل القوة التي حصلوا عليها فقد ماتوا، وماذا حدث بعد موتهم للقوة التي ملكوها؟ هل ماتت هي الاخرى، ام انها تنتهي مع موت كل واحد منهم؟.
      ـ "الشخص مات لان لكل شيء نهاية، اما القوة فهي لا تنتهي، فهي تبقى ما دام "نسله "لم ينته، وتنتقل هذه القوة لابنائه واحفاده ابناء ابنائه ... الى ان تصل إلى زمننا هذا ".
      ـ اذا لا بد انه يوجد في وقتنا هذا اشخاص قد ورثوا هذه "القوة"، ولكننا لم نسمع باي منهم، ولو كان هذا صحيحاً لسمعنا عنهم .
      ـ "لا اعتقد انك ستسمع عنهم، ولماذا تسمع عنهم وكيف ؟هل تريد ان نسمع عنهم في نشرات الاخبار، عبر التلفزيون والراديو ليقولوا لك نحن هنا يا حسن، هذا طبعا لن يحدث، وربما حتى هؤلاء الاشخاص الذين هم امتداد لنسل من دخل "بوابات الشر "عبر العالم، لا يعرفون بالقوة التي ورثوها عن اجدادهم، فتبقى القوة كما هي ,وربما حتى الاف السنين، حتى يكتشفها احد ابنائهم، او لا يكتشفها الى الابد "!
      سالته: ـ انت تحدثني عن اشياء حدثت منذ الاف السنين، ولكن هل يوجد في عصرنا هذا اشخاص استطاعوا الوصول الى ذلك المكان حيث توجد قوة الشر؟ . ـ "نعم، حتى في عصرنا هذا، فقد نجح اشخاص بالدخول الى ذلك المكان، فما دامت بوابات الشر موجودة، فلا بد ان يحاول من عرف عنها من البشر الدخول ولا بد ان ينجح بعضهم ".
      ـ اذن لا يعد الدخول الى هناك مستحيلاً ؟ ـ "انا قلت ان الدخول عبر "بوابات الشر" صعب وليس مستحيلاً يا حسن". ـ ولكنك في البداية قلت ان احدنا سيقتل الاخر ان وصلنا الى هناك، فهل كل من وصل الى هناك قتل من كان معه، ولماذا يفعل ذلك ؟
      ـ "ما قلته لك صحيح يا حسن ولم اكذب عليك، وهذا حدث فعلا، وقد يحدث معي ومعك ايضا لانه لو دخل اكثر من شخص عبر "بوابة واحدة "في فترة زمنية واحدة، فسيجدون انفسهم امام خيار واحد اما ان يحيوا في ذلك المكان الى الابد، وهذا الذي يختاره الجميع، واما ان يخرج احدهم وهو يملك القوة ومعها حارسة ابواب الشر، ويبقى الاخر او الاخرون هناك ليحيوا في ذلك المكان الى الابد وهنا تكون المشكلة من الذي سيملك "حارسة ابواب الشر "وخاصة انه لا يستطيع ان يملكها اكثر من شخص واحد، فكيف سيتم الاتفاق؟....
      .........وكيف سيثق الواحد بالاخر والهدف هو الحصول على "قوة الشر "،اذن سيفكر كل واحد بالقضاء على الشك الذي سيدور بداخله تجاه الاخر، وخاصة انه يجب ان يبقى الواحد قبل الخروج من ذلك المكان مدة عام كامل حتى يستطيع الحصول على "قوة الشر "،وخلال هذه المدة كيف سيصدق الواحد الاخر؟ فلنفترض مثلا: انني انا وانت استطعنا الدخول معا الى هناك، ولنفترض ان ذاك المكان قد سحرك جماله الذي لا يوجد اجمل منه في العالم، وقررت فعلا البقاء هناك، كيف سأصدق انك لا تقوم بهذا لتخدعني وتتخلص مني ؟وكيف ستقتنع اني اصدق انك ستبقى واني لا اريد الخلاص منك ؟اذن لا يكون هناك مجال للقضاء على الشك الا بنهاية واحد منا فلو قررنا الاثنان البقاء لما صدق احدنا الاخر، ولو قرر احدنا البقاء لما صدق ان الاخر يصدقه، ولما صدق الاخر انه صادق، فبرغم كل القرارات: البقاء او الخروج، سيبقى الشك موجوداً وسيفكر كل منا بالخلاص من هذا الشك بالخلاص من الاخر، وهكذا تتحول الجنة الى جحيم لمدة عام كامل، حتى يستطيع احدنا القضاء على الشك ومن اجل الحصول على "قوة الشر"،لا توجد قواعد ولا قوانين ولا ثقة ولا صدق ولا امانة، لذا سمي ذلك المكان "مركز الشر "، وسميت المداخل التي توصل اليه ببوابات الشر". انهى هذا الشخص الغريب المسمى "نور" كلامه وقد ادخلني في حيرة كبيرة. فهو لا يبدو لي حتى الان انه يكذب، لأنه يقول بصراحة أنه سيقتلني، ولو كان كاذبا لما صارحني بهذا، ولكن ما الهدف من انه يسعى بان يدفعني الى الذهاب الى ذلك المكان وهو يعرف ان احدنا سيقتل الاخر؟ ولو كنت مكانه لفضلت ان اذهب وحدي، ولوفرت على نفسي الشك والخوف، ولكن لماذا ؟ سالته :
      ـ قل لي يا نور بصدق، لماذا تخبرني عن ذلك المكان وتسعى جاهدا لكي اذهب معك اليه، وانت تعرف النتيجة؟ ولماذا لا تذهب لوحدك الى هناك ؟وتفوز بالقوة والسحر ؟
      ـ "الحقيقة يا حسن انه ربما انا وانت استطعنا الوصول الى هناك بسهولة، فيما لو كنت انا وحدي، او انت وحدك ،وذهابنا معا يعني ان احدنا سينجح في الدخول عبر "بوابة الشر "التي تحرسها مرح، بالتأكيد سيدخل احدنا او كلانا معا، وهذا هو السبب الذي جعلني اخبرك عنه" .
      ـ اذن تريد ان تستخدمني جسرا للدخول الى هناك، ثم تتخلص مني؟؟ قال بوقاحة غريبة :
      ـ" فعلا هذا ما اريد ان افعله، ولكن لديك الفرصة لتفعل نفس الشيء، وبعد ان فهمت انت يا حسن الحقيقة، تعال لنخطو الخطوة الاولى معا، وساحكي لك اين تقع بوابة الشر التي تحرسها مرح، والتي ستدخلنا الى ذلك المكان ".. ضحكت لوقاحة هذا الرجل وصراحته وقلت :
      ـ اسمع انت يا "نور"، انا لم ار اوقح منك في حياتي الا الجنية مرح، وسبحان الله كلاكما اوقح من الاخر، ولكن الا ترى ان كلامك هذا يدخل الشك الى نفسي، ويجعلني اخاف دخول هذه المغامرة اللعينة، او لم يكن من الافضل لك ان تطمأنني بدلا من ان تقول لي انك تريد ان تستغلني لدخول "بوابة الشر"، وبعد ذلك ستقوم بالتخلص مني. فعلا ان طريقتك في الحديث تثير القلق في نفسي، وتجعلني افكر بالتراجع عن هذا الطريق المجنون. ابتسم نور وقال :
      ـ" ربما تسمي طريقتي في الحديث وقاحة، ولكنها في الحقيقة صراحة، لانني لا ارى أي سبب يجعلني اكذب عليك، فانا لا احبك ولا يمكن لي ان احبك، وهدفي واضح من البداية: ان نتعاون لدخول "بوابة الشر"، وبعد ذلك اتخلص منك، وقوانين هذه اللعبة واضحة: لا يفوز بها الا واحد، اما انت او انا يا حسن، وأنت بحاجة لي لدخول ذلك المكان، فاعمل على ان تفوز انت بهذه اللعبة ان استطعت، مع ان فرصتك بالفوز امامي ضئيلة جدا، ولكن هناك امل لفوزك ، فتعال نتفق حتى ندخل بوابة الشر معا، فلا داعي لان تخاف مني او تخشى غدري، لاني لن افعل ذلك ما دمنا خارج بوابة الشر" . كلام "نور" يضحكني فعلا، ويشدني الى التحدي القاتل، ويذكرني غروره بالجنية مرح، فلماذا لا اجرب؟ فهذه اللعبة فعلا مضحكة ومسلية في نفس الوقت. قلت لنور :
      ـ هيا يا نور نلعب هذه اللعبة السخيفة. اخبرني الان، اين تقع بوابة الشر التي تحرسها الجنية مرح؟ قال لي نور :
      ـ "هي قريبة من هنا.." ـ ولكن اين بالضبط ؟ ـ "ستعرف قريبا .." قلت له: ـ اشرح لي عن طريقة الدخول عبرها، وما هي الصعاب التي ستواجهنا عند دخولها؟ قال نور :
      ـ "حتى وصولنا الى موقع بوابة الشر ، لن تواجهنا صعاب كثيرة . فكل الصعاب التي ستواجهنا يمكن التغلب عليها، الا مشكلة واحدة، ربما تكون صعبة، وهي الشك والخوف من بعضنا البعض، فهذه المشكلة ستواجهك انت بالذات، ولكني آمل بان ارادتك ستكون اقوى من هذه المشكلة، اما الصعاب الحقيقية التي ستواجهنا فهي تبدا مع الخطوة الاولى عبر الممر المسمى "بوابة الشر"، وتستمر حتى الخطوة الاخيرة في اجتيازها، ومعظم هذه الصعاب لدي الخبرة والقدرة على تخطيها،واستطيع ذلك بسهولة، الا مشكلة واحدة تستطيع انت حلها ومواجهتها، ولا استطيع انا ذلك".. استغربت وقلت لنور:
      ـ ما هي المشكلة التي استطيع انا حلها، ولا تستطيع انت ان تواجهها بالرغم من كل قوتك الهائلة التي تتمتع بها؟ .
      قال نور: ـ "عبر النفق الطويل المسمى ببوابة الشر، والذي يجب تجاوزه، هناك صعاب لوحدثتك عنها لدب الذعر في قلبك، ولو مررت بها وحدك لمت من الخوف، ولكن تجاوزها بالنسبة لي سهل، يوجد عبر النفق هناك مجموعة من الحراس، وهم عبارة عن قطط لونها اسود، وهي قادرة على تقطيعك الى إرب صغيرة، إلا انه توجد طريقة تستطيع ان تقوم بها انت لتجعل هذه القطط تفر من امامك ولاتقترب منك ولا مني، وساعلمك هذه الطريقة في الوقت المناسب ". سالته : ـ ولماذا لا تستطيع ان تفعل انت ما تريدني ان افعله . قال نور :
      ـ "بصراحة انا لا استطيع ان اواجه القطط السوداء ولا بأية طريقة". ثار الفضول بداخلي لكلام نور، فهو يقول انه يستطيع ان يواجه كل الصعاب التي ستمر علينا، والتي تدب الرعب في القلوب، ولكنه لا يستطيع ان يواجه مجموعة من القطط السوداء ,وهنا تذكرت رحلتي مع زوجتي الجنية غادة في عالم الجن، وكيف دب الرعب في قلبها حينما رات القطط السوداء، وكيف هربت كالمجنونة خوفا منها ,واذكر انها قالت لي عنها انها عيون "الكاتو" على الارض . واتساءل والذكريات في خيالي، لماذا لا اشعر انا بالخوف من القطط السوداء؟ فهي مجرد قطط عادية مثل كل القطط، ولماذا يخاف الجن من القطط، ولماذا يخاف نور من القطط السوداء، ان هذا السؤال اعادني في الحقيقة الى التفكير في شخص هذا الانسان وفي تصرفاته، ويدور في ذهني من جديد انه لا بد ان يكون من الجن، ولكن بجسد بشر، ورمقني نور بنظرة من عيونه وكأنه قرأ ما دار في راسي ..قال لي: ـ "حسن، هدفنا واحد،




      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن



      ويجب ان نصل الى الهدف انت وانا، معا نستطيع الوصول، فلا داعي للتفكير في امور ثانوية لاقيمة لها، اذهب الان يا حسن، ولنلتق بعد عدة ايام لنعد العدة الى الطريق نحو القوة، التي سيحصل عليها احدنا".. وانتهى اللقاء، وعدت الى البيت ومرت الساعات،رتيبة رتيبة، واشرقت الشمس، ثم مرت ساعات ذلك النهار، وغابت الشمس وانتصف الليل، وعصفت بي ذكريات الماضي، وخاصة ما مر علي مع زوجتي الجنية غادة.. تلك المخلوقة الرقيقة.. المتدفقة بالحب والحنان.. ما هو مصيرها الان؟ في مخيلتي ترتسم صورة اختها الجنية مرح وتصرفاتها الغريبة، لأبتسم وانا لا اخفي شوقي للقائها، ترتسم صورتها في مخيلتي ثانية، واتمنى ظهورها امامي ولو للحظة واحدة. فجأة بدأ دخان كثيف يتصاعد من كل ارجاء الغرفة ليحجب عني الرؤية، وبدأ قلبي يدق بقوة وانا ابحث وسط الدخان عنها وما هي الا لحظات حتى اختفى الدخان وتلاشى دون ان تظهر، الا ان احساسي يؤكد انها قريبة مني، مرت دقائق وانا انتظر ظهورها امامي لكن ذلك لم يحدث، واخذت اتحدث بصوت عال واناديها... ارجوك ان تظهري ... ارجوك اظهري ولكن لا حياة لمن تنادي، فالجنية مرح غريبة في كل شيء، وهي تحب ان تفعل عكس كل شيء فقدت الامل في ظهورها حتى فاجأتني بضحكتها المجنونة التي اشتقت اليها منذ مدة طويلة ولم اخف فرحتي بسماع صوتها".
      قالت لي : ـ " اتريد ان اظهر يا حسن وان تراني" ؟
      ـ نعم اريد بالتاكيد ...! لان اشتياقي بلغ اشده ... ـ "لم اشتياقك "؟ ـ لابتسامتك الساحرة ..! ـ "وماذا ايضا" !؟ ـ لثغرك الندي وعيونك التي تشع دفئا وحبا . ـ "فقط ..."!!؟ ـ لكل شيء فيك من شعرك حتى اخمص قدميك . ـ "تكلم ... لدي الوقت الكافي لاسمعك" ـ "لن تكفي الكلمات لاصف حجم اشتياقي لك "...

      ....ـ هل تريدني ان اظهر فعلا ..! ـ " نعم اريد" ... ـ وهل تحبني فعلا ؟ ـ "حبا لا يوصف" ضحكت بصوت عال وبطريقة استفزت حتى الجدران وقالت: ـ "وهل انت ايها العاشق تدرك ما تقول ... ان كنت تدرك فاسأل نفسك مع من تتكلم الان وصوت من الذي تسمعه ..صوت مرح..ام صوت غادة .. ومرح اخت غادة .. وغادة اخت مرح، وانت زوج غادة، ومرح اخت زوجتك، وانت تحب مرح، ومرح تحب غادة، وانت تحب غادة وغادة تحب مرح، والان يا حسن من اثنتينا تريد ان تظهر امامك مرح ام غادة؟ فان ظهرت مرح لا تظهر غادة ،وان ظهرت غادة لا تظهر مرح، ومرح لا تحب من يحب اختها، وغادة لا تحب من يحب اختها ..فقرر الان يا حسن من منا التي تريدها ان تظهر، وصوت من الذي تسمعه أصوت غادة ام صوت اختها مرح..." ضحكت بصوت عال تسخر مني وانا يعتريني الصمت في حيرة من امري ، صوت من الذي اسمعه يا رب ..! الجنية مرح ام الجنية غادة ...من التي احب؟؟ أي مأزق انا فيه !! ومن التي تحدثني مرح ام غادة ؟ ان كانت غادة فكيف سأجرؤ على النظر في عيونها بعد ان كنت السبب في كل ما حدث لها وبعد كل ما فعلت من اجلي وانا اجازيها بان انساها واخونها واركض لاهثا كحيوان كاسر خلف من ؟!! خلف اختها... كيف ستنظر هي لي ؟؟بدون شك ستكون نظرات الكره والاحتقار، ولكني فعلا احبها ... فعلا اعشقها وفي نفس الوقت احب مرح اختها .. كيف ذلك اني لا ادري، فهل من المعقول هذا الذي يجري؟! وهل فعلا احب الجنية غادة واحب الجنية مرح في نفس الوقت؟؟!! ومرت لحظات كأنها الدهر بطوله، وبينما كنت في دوامة التفكير تمنيت ان تنشق الارض وتبتلعني لاخرج من هذا الموقف الذي لا احسد عليه .. الصوت يتردد في مسمعي، لقد فقدت القدرة على التمييز ان كان صوت مرح ام صوت غادة، الصوت يقول لي :
      ـ "آه يا حسن الم تقرر بعد ام انك غير قادر على اتخاذ القرار ام تريد مني ان اساعدك لاجتياز هذا الامتحان الصعب .. هيا يا حسن قرر من التي ستختار غادة ام مرح ... صوت من الذي تسمعه"... فقلت دون تفكير وبسرعة :
      ـ صوتك الذي اسمعه يا مرح !! فظهرت امامي في ومضة برق ، تصفق بيديها وتضحك ساخرة وتقول: ـ"شاطر .. شاطر .. يا حسن اخبرني كيف استطعت ان تميز بين صوتينا، مع انه لا فرق بينهما". فقلت لها :
      ـ هذا صحيح يا مرح ، ولكن لو كانت التي تحدثني غادة لما كانت تتحدث بهذه الطريقة ولا بهذا الغرور وما كانت لتقول ما قلته أنتِ... فغادة ملاك الحب والرقة والحنان وواحدة كغادة لا يمكنها ان تفعل ما تفعلين . فضحكت مرح ساخرة تحاول ان تخفي غضبها مما قلت : ـ"صدقت يا حسن فأختي غادة ضعيفة وغبية مثلكم انتم بنو البشر ولو لم تكن كذلك لما كان مصيرها السجن في "قبة النور "ولما احبت البشر وخاصة انت يا حسن .. فعلا انه لشيء مضحك كيف يمكن لها او لغيرها من عالمي ان تحب واحدا مثلك ؟! واي شخص انت ؟ إنك على استعداد ان تركع وتذرف الدموع وتتوسل لتراني او تلمس يدي او تقبلني ... وانا اخت ذلك الملاك الرقيق الحنون المحب الذي تتحدث عنه .. ام نسيت يا حسن، آه لو عرفت اختي غادة ما فعلت وما تفعل معي فانها كانت و بلا شك ستحتقر نفسها لانها احبت البشر وخاصة أمثالك يا حسن..هل تريد ان تواجه الحقيقة ؟ ..ان تواجه نفسك !!! ان تكف عن الكذب والمكابرة ... ساساعدك.. الحقيقة يا حسن انك تحب نفسك ، تحب حسن. هكذا انتم يا بنو البشر وخاصة انت يا حسن، احببت غادة. اية غادة؟ .. غادة الجسد الممشوق ، غادة الشعر الطويل ، غادة العيون الواسعة ، غادة الجميلة ، غادة التي تظهر وتختفي ، غادة التي تمتلك القوة لتمنحها لك وتشعر بالتميز عن بقية البشر وترضي غرورك البشري بهذا التميز .. وان واجهت نفسك بصدق فانك ستجد انك قد تخليت عن غادة التي احبتك، والتي ضحت بنفسها من اجلك، وارتضت لنفسها ان تنزل لمستوى البشر لتتزوج احدهم وهو انت، وحكمت على نفسها بأقسى انواع العقاب ولم تهتم الا بك انت.. انت كل شيء لها انت العالم .. انت الحياة.. انت الحب هكذا كانت هي تظن، وانت يا حسن تخليت عنها ... لماذا"؟




      يتبع ...,
    • قصة رووووعة وأكثر من روعة (-:
      تسلم خوي على المجهود اللي يستحق التقدير

      تقبل مروري وتحياتي لك
      Oo دمعتي المجروحة oO
      ** كُل آضوآء هذه المديِنةُ لآ تَجعلني آبصرُّ ! ..
    • زوجتى من الجن



      الحلقة السادسة عشر


      "لانك شعرت بانه قد يلحق بك الاذى من وراء غادة، وعندها قررت ان تذهب غادة للجحيم، وتنجو انت بجلدك لانك من بني البشر ولانك تحب نفسك اكثر من أي شيء اخر .. نعم يا حسن الحب الحقيقي عندكم انتم بني البشر هو حبكم لانفسكم اولا وثانيا وثالثا ... هل نسيت يا حسن ام انك تناسيت ... هل نسيت حينما بدأت تفكر بالخطر الذي سيلحق بك من جراء زواجك من غادة، والخوف الشديد الذي لحق بك عندما عرفت ان سلطة "الكاتو" بدأت في مطاردتك حينها خشيت على حسن ... وحسن هو الشيء المهم في حياتك، وفي اول فرصة سنحت لك لتختار بين حبك لغادة ، وما سيجلب لك من المتاعب، او تختار حياة عادية.. فانك اخترت حسن، وضحيت بغادة، وبعدها بدأت تهرب من الحقيقة وتخشى التفكير فيها، حتى انك تخشى ان تواجهها، وبدأت تقنع نفسك ان ما حدث هو مجرد سوء فهم، والحقيقة انك فعلت هذا متعمدا لكي تنجو بنفسك، وحينما بدأت بالتفكير شعرت بأن هناك شيئا يخصك، شيء يجعلك مميز عن بقية البشر .. شيء يمنحك القوة، فبدون غادة تصبح كالبقية من بني جلدتك، وبدأت البحث عن غادة ... بدأت البحث عن الشيء الذي يميز حسن عن البشر، فحسن لا يرضى لنفسه ان يكون مثل بقية البشر، وبدأت تكذب الاكاذيب على نفسك لتصدقها فيما بعد، وبدأت تستمتع بالعذاب والألم والخطر، فاللعب مع "الكاتو" وغيرهم شيء فيه تسلية لك، وطبعا يميزك ايضا عن بقية البشر، وهذا هو الاهم لك وظهرت الجميلة مرح، وظهر الشعر الطويل، والعيون الواسعة والجسد الممشوق ، نعم ظهرت مرح اخت غادة، التي تشبه غادة تماما ، كيف لا وهي اختها ، حتى ان مرح اجمل من غادة فهي قوية واثقة من نفسها تحصل على أي شيء تريده، وقد عاملتك بالطريقة التي تستحقها حين قالت لك من تكون هي بالرغم من انها شتمتك يا حسن، واحتقرتك، واهانتك وجعلت منك دمية تحركها متى شاءت وفي أية لحظة تريد الا انك وقعت في حبها ونسيت غادة، نعم لقد عشقت مرح لانها القوة لانها ينبوع من "الجنس المثير" الذي تريده، الجنس المميز الذي تصبو اليه مرح القادرة على ان تشعل براكين الشهوة الحيوانية في داخلك بنظرة واحدة من عيونها، ومن اجلها انت على استعداد ان تتخلى عن كل شيء عن غادة وعن غيرها ... وما حاجتك لغادة او لغيرها ما دامت مرح موجودة لهذا فأنت تحب غادة وتحب مرح، ولو وجدت واحدة اخرى مثل غادة ومرح لاحببتها ايضا، لانك تحب نفسك وتحب ان تملك كل شيء يجعلك مميزا عن غيرك، واخيرا بدأت تبحث عن "بوابة الشر" وتقنع نفسك انك تريد ان تحصل على قوة الشر من اجل انقاذ غادة من الاسر، والغريب في هذا انك انسان غريب حقاً، فأنك تخترع الفكرة وتقنع نفسك بها من اجل غادة .. ستذهب الى "بوابة الشر" والحقيقة التي تعرفها انت انك تريد قوة الشر لتشعرك بالتميز عن الاخرين ... كيف لا وحصولك على قوة الشر تجعلك تملك القوة والسيطرة على حارسة ابواب الشر ايضا ومن تكون حارسة "ابواب الشر" انها مرح. هكذا تحقق كل الاهداف: غادة .. مرح.. القوة .. التميز .. لهذا بدأت بالتعاون مع المسمى "نور" للوصول الى هذه القوة كيف لا وقد اتخذت هذا القرار منذ مدة طويلة وكنت على استعداد للتعاون مع الشيطان من اجل الحصول على قوة الشر لماذا...لانك تريد هذه القوة نعم فأنت ونور تسعيان للحصول على قوة الشر وسيقتل احدكما الاخر من اجل هذه القوة التي ان حصل عليها المسمى" بنور" سيلحق الضرر بالكثيرين وان حصلت عليها انت فستلحق الضرر بمن تريد وكيف تريد فباب الشر مغلق وانتما تسعيان لفتحه فأن قتلك وهذا ما سيحدث فهو امر ليس بغريب عليه لانه اعتاد القتل، اما انت فاذا قتلته فقد تتعود على القتل ما حييت، لكنك ستكف عنه مع ان هذا لن يحدث لان المسمى "نور" يستطيع قتلك بسهولة ودون أي عناء بواسطة القوة التي يمتلكها وانت لن تكون الا جسرا يسير عليه للوصول الى الشر، وانت ايها الغبي لم تسأل نفسك كيف ستواجه هذا المخلوق المزدوج والقوة التي يملكها، فهو يستطيع تجاوز كل الحواجز للوصول الى "قوة الشر " الا حاجزا واحدا هو الذي ستفتحه انت له ... اما انت فلا تستطيع تجاوز أي حاجز لانك لا تملك اية قوة، ولهذا سيجعلك تتجاوز جميع الحواجز لانه يحتاج اليك وبعدها ستصبح شيئا من الماضي بعد ان تتسبب بالعذاب والالم للاخرين بسبب غبائك .. ان بوابة الشر يجب ان تبقى مغلقة الى ما لا نهاية يا حسن لأن هذا في مصلحة الجميع ، هل تعلم كيف ستساعده، وماذا سيطلب منك ان تفعل انا ساخبرك سيطلب منك ان تجمع عددا من القطط السوداء بمواصفات معينة وبعد ذلك سيطلب منك ان تذبحها على بوابة الشر ليسيل دمها ويسير فوقها ليتوفر له الامان وبدون ذلك لا يستطيع ان يمر ، هل تعلم ماذا تعني القطط السوداء التي ستذبحها من اجل ان يسير هو فوق دمائها .. ان كل قط ستذبحه ، يموت مقابله احد ابناء عالمنا ولا تستطيع ان تعلم من هو الذي ستتسبب في مقتله ولكن اريد ان اقول لك بأن كل فرد من ابناء عالمنا، وطئت اقدامه عالم البشر ارتبط بقاسم مشترك مع احد القطط، ليكون له دليلا وذبح القط بطريقة معينة يعني ذبح الاثنين معا، واقصد بكلامي هذا يا حسن تذكيرك حتى لا تنسى ان غادة قد وطئت قدماها عالم البشر فمن الجائز ان يكون احد القطط اذا ما وافقت على ذبحه قرين "غادة" . وصمتت الجنية مرح بعد القاء هذه المحاضرة الطويلة، التي لا اريد ان انكر انها اصابت بها كبد الحقيقة في كل ما قالته ... وجعلتني ولو للحظات اعيد التفكير وتقييم نفسي مما حدث فعلا .. ولكن حجم الاهانات الكبيرة التي الحقتها بي اكثر من قدرتي على الاحتمال ومواجهة الحقيقة وكان لازما علّي ان اثأر لكرامتي فقلت لها : ايتها الجنية التي نصبت نفسها الهاً واحتقرت من حولها .. ان كنت انا فعلا بهذا السوء الذي تصفينه .. حقير .. ضعيف ..غبي جشع لا اساوي شيئا فلماذا تهتمين بأمري ..فانا لا شيء ولا استطيع ان افعل شيئا وانتم يا معشر الجن كل شيء .. انتم الهه ونحن حثالة ... فماذا تريدون منا وما الذي يدفعك لتتوسلي الي وترجوني ان لا اساعد في فتح "بوابة الشر ".. ولماذا تحطي من مستواك الرفيع وتضيعين وقتك الثمين للحديث معي . وقالت الجنية مرح بغضب :
      ـ "افضل الانتهاء "الموت" قبل ان افكر مجرد تفكير، في ان اتوسل لاي كان من البشر، واتمنى ان يكون ذلك الان في هذه اللحظة، ان كان ذلك سيحدث في يوم من الايام". واشاحت بوجهها عني، فقلت لهذه الجنية المغرورة:
      ـ "اتعلمين يا مرح ان كل المساويء التي وصفتني بها جعلتني اصمم بأن لا اتراجع عن قراري ولو للحظة واحدة، فلتعلمي بأنني ساذهب الى "بوابة الشر" وسأدخل "بوابة الشر" ولتذهبي انت وكل الجن معك الى الجحيم، فأن استطعتم ان تفعلوا شيئا فافعلوه فأنتم اضعف مما كنا نتصوركم ... انكم مجرد مخلوقات لا نفع ولا ضرر منها ". ورمقتني الجنية مرح بنظرة غريبة تحمل كل المعاني: من القوة والضعف والكره والحب وقالت:
      ـ " أتصّر على رأيك يا حسن ".
      ـ نعم أصر عليه. ـ "حتى لو عرفت ان التي تتحدث معك هي..."


      قلت لها -مقاطعا قبل ان تنتهي من كلامها -:
      ـ كوني من تكوني فهذا لا يهمني . إختفت من امامي كالوميض، واخذت اصرخ عليها:
      ـ اين ذهبت ؟.. عودي يا ابنة الـ.. بدات اسيطر على غضبي قليلا، وافكر فيما قالته، واحدث نفسي: ماذا تقصد يا الهي ,هل من الممكن ان تكون هذه غادة وليست مرح؟ كلا هذا مستحيل، فغادة مسجونة في "قبة النور"، وانا استطيع ان اميز بينهما بسهولة، لو كانت غادة لعرفتها،الا انها تلفظت ببعض الكلمات التي كانت الجنية غادة تستخدمها...كلا..كلا ..انها مرح اخت غادة، وهذا هو اسلوبها هي تسعى لان تجعلني اشك بنفسي. يكاد راسي ينفجر وانا افكر بهذا الجنون، ومن شدة الالم اخذت ادور بأرجاء البيت وانا اتحدث مع نفسي بصوت عال مسموع:
      ـ يجب ان انهي هذا الكابوس، يجب ان انهي هذا الجنون...كفى.. كفى ..يجب ان افيق.. وتوجهت الى المطبخ لاغسل وجهي بماء بارد جدا، توجهت الى الثلاجة، اخرجت ثلاث زجاجات من الماء، واخذت اصبها على راسي الواحدة تلو الاخرى كمجنون، بل كعاقل يريد ان يفيق من جنونه الذي استمر طويلا، واخذت احدث نفسي: الان يا حسن يجب ان تفيق، كفاك جنونا، توجهت و"غليت" "طنجرة " من القهوة، ولو رأتني امي لقلت لها قبل ان تتكلم: فعلا انا مجنون فلا تستغربي ما ترين، ولكن لحسن حظي لم يرني احد.
      اخذت "طنجرة" القهوة وجلست اشربها بشراهة وانا احدث نفسي: لقد حان الاوان يا حسن ان تنسى هذا الجنون، انا من البشر، امي من البشر ,ابي من البشر، اختي من البشر ,اذن انا من البشر، اذن يجب ان احيا كبقية البشر، لا اريد ان احكم العالم، ولا اريد اية قوة خارقة، لا اريد الا ان اعود حسن الطموح، وصاحب الاحلام الواقعية، والان حان الاوان لأن اعود إلى نفسي، واقرر ما هو الحلم، وما هو الذي يجب ان يكون، واقع علاقتي بالجن مجرد حلم ...زواجي من الجنية غادة ...حبي وكرهي لاختها مرح...حارسه "ابواب الشر"...الجني البشري نور...الجن...الخ .!!يا الهي يجب ان اتخلص من كل هذا، اريد ان ا رتاح، لا اريد شيئاً، فقط اريد ان ارتاح وانسى كل شيء، ولكن كيف؟ حتى لو نسيت فانا اعرف بانهم لن يتركوني بحالي، فقد قالوا لي منذ البداية: كل من عرف عن اسرار الجن حكم على نفسه اما بالجنون او الموت ...وانا الان فعلا في طريقي الى الجنون، وما ادراني ,ربما انا الان مجنون، فالمجنون لا يعرف انه مجنون...ووسط دوامة الافكار التي كادت تفجر راسي...بدات اشم رائحة لا ادري اين مصدرها، ولكن هذه الرائحة فورا ذكرتني بالجنية غادة، فكلما كانت في الماضي تحضر كانت تسبقها هذه الرائحة التي تدخل الطمانينة والسعادة الى القلب ... والتي لم اشمها منذ زمن طويل، وبدأ يعتريني شعور بالقوة والثقة لم اعهدها في نفسي من قبل ,شعرت برغبة قوية للنوم...ويبدو انني قد غرقت في نوم طويل، وحينما صحوت، وجدت ان فكرة واحدة هي التي بقيت في رأسي...يجب ان احصل على القوة...يجب ان انتصر وان انقذ غادة مهما كلفني من ثمن...لن يخيفني الجن ولا غيرهم، ولو كانوا يستطيعون فعل أي شيء بي لفعلوه منذ زمن...
      ساذهب الى المدعو "نور"،وساثبت للجميع اني اقوى منهم، توجهت اليه، وبحثت عنه حتى وجدته، وحينما رآني بادرني بالحديث قائلا :
      ـ "ارى ان شيئاً ما قد تغير فيك يا حسن" ...
      قلت له : ـ اشياء كثيرة، وليس شيئاً واحدا يا نور.
      قال نور : ـ" اذن انت مستعد يا حسن للذهاب معي الى بوابة الشر"
      ـ ساذهب معك الى الجحيم ما دمت استطيع ان ادخلك فيه يا نور ... قال نور وهو يضحك:
      ـ " احلم ان تفعل ذلك "... ـ لن احلم، بل سافعل ذلك . قال محاولا ان يستفزني : ـ "ما هذه الثقة؟ هل هذا حسن الذي يقف امامي ام شخص اخر ؟!"... ضحكت ...حاولت ان اجعل هذه الضحكة تخرج من قلبي وان لا تكون مجرد ضحكة مصطنعة...واخذت بالضحك اكثر واكثر، وبصوت عال.. حتى شعرت بذلك الشعور الذي بحثت عنه طويلا ليزيدني ثقة، فقد استطعت بهذه الطريقة ان استفزه بشكل واضح ...
      ـ لا يهمني رايك كثيرا يا نور، ان كنت حسن او شخصاً غيره ،فهذا يعنيني انا، اما اذا لم تستطع انت بقدراتك الخارقة ان تعرف من انا، فلا مانع لدي ان اساعدك يا سوبر نور ... حرك نور راسه ساخرا :
      ـ " لا باس فانت قد قدمت كثيرا، وها انت تقلد طريقة مرح "بالضحك" بشكل جيد، وامل ان لا تقلدها باشياء اخرى".. واخذ يضحك بصوت عال، وكاد ان يستفزني لولا اني تمالكت نفسي وقلت له بهدوء:
      ـ ولم لا؟ فانا على استعداد ان اقلد الجنية مرح ...اقلدك انت يا نور ان شئت ذلك ... ضحك نور وقال: ـ "ولكن لمرح نزوات اشك انك تستطيع تقليدها".. ففهمت الى ماذا يرمز ..وضحكت وقلت له :
      ـ هل استطعت انت ان تقلد هذه النزوات؟ لعلك استطعت، فانت انسان خارق ولا تعجز عن شيء...
      ـ "شاطر يا حسن ...شاطر. ودعنا الان من هذه السخافات، فقد حان الاوان لنذهب الى بوابة الشر "
      ـ انا لست في عجلة من امري يا نور، وقد حان الاوان بان تتوقف عن اصدار الاوامر !!انت تستطيع ان تطلب، واستطيع ان اوافق واستطيع ان لا اوافق وارفض، هذا شاني، وقبل كل شيء، هناك عدة اسئلة احتاج لاجابة عليها ؟.اولا من تكون انت يا نور؟ من الجن ام من الانس ام من العفاريت ؟
      ـ "دعك من هذه الاسئلة الفارغة التي لا تجدي نفعا ...من اكون، هذا لن يغير في الوضع شيئا ".
      ـ اسمع يا نور، انت بحاجة إلي وانا بحاجة إليك، وعلى هذا الاساس سنتعامل، فلا تصدر لي الاوامر ولا تحاول ان تقرر عني...
      ـ "هناك يا حسن امور كثيرة يعجز العقل البشري عن استيعابها، والنقاش فيها مضيعة للوقت، ولا نهاية لها، كل جواب يحتاج الى الف سؤال وجواب حتى يفسره ..." قلت له وباصرار:
      ـ من تكون يا نور؟ وهل انت فعلا من الجن ؟


      ... نظر الي نظرة طويلة صامتة، واخيرا رضخ لاصراري وقال :
      ـ "انا يا حسن من علماء العالم الاخر فعلا ...وقد قضيت عمري في الدراسة والبحث عن عالمكم، وعن القوة المادية. فقد قمنا باجراء مئات التجارب حول كيفية امتلاك جسد بشري، وكانت هذه الفكرة ضرباً من الجنون، حتى تمكنا من النجاح في فهم الدماغ البشري بشكل متكامل تقريبا، وكانت المفاجأة الكبرى التي قلبت مفاهيمنا عن البشر راسا على عقب، لتثبت ان ما عرفناه طيلة الاف السنين التي انقضت يختلف عن الحقيقة...وهنا دق ناقوس الخطرفي عالمنا، وعلى اثر هذه الدراسات اكتشفنا بانه لو استطاع البشر استخدام الدماغ البشري بشكل كامل اوشبه كامل، فسيؤثر ذلك علينا، وسنفقد الكثير من التفوق الذي نمتاز به عن البشر ...والذي طيلة الاف السنين عرقل التداخل بين عالمينا ... ونحن كعلماء، عرفنا انه لا بد وان ياتي اليوم الذي سيصل فيه البشر إلى هذا المستوى، وان كان هذا اليوم بعد عام او بعد الف عام ... لذا اصبح البشر يشكلون خطرا مرتقبا في الغد على عالمنا .ومن هنا كان لا بد من استباق الزمن، واتخاذ الاجراءات الوقائية والاستعداد لهذا الخطر المرتقب، وكانت الخطة الاولى التي اعددتها انا ومجموعة من العلماء في عالمي هي ان نسيطر ونسيّر نحن الدماغ البشري، ان نسيّر الامور ونخضعها لارادتنا بعيدا عن ارادة البشر ...وبعد سلسلة تجارب طويلة، اكتشفنا بانه لاتوجد الا طريقة واحدة لذلك، وهي الاندماج ...او الجمع مع الدماغ البشري، ولنجاح هذه العملية فلا بد من ان تتم منذ اللحظة الاولى لولادة الانسان، والذي يبدأ بعملية الاندماج منا يصبح اسير هذا الاندماج لمدة ثلاثين عاما على الاقل، حتى يكتمل البناء الكامل للدماغ البشري، وان تعرض الجسد البشري لاي خطر، تكون نهاية المندمج معه، وان وصل الى الاكتمال يكون قد استطاع امتلاك قوى في عالمنا وعالمكم...بدأنا باجراء التجارب ...وكانت معظمها تجارب فاشلة، وكانت الخسائر كبيرة جدا، بحيث استدعي حكماء عالمنا للحد من هذه التجارب، وما كانوا سينجحون بذلك لولا انهم استطاعوا ان يثبتوا بان كل من سيقوم بهذا الدور سيتاثر بطريقة التفكير البشري، وسيفقد انتماءه للعالم الاخر، وسيصعب السيطرة عليه، وسيصبح هو العدو الاخطر على العالم الاخر...فنحن مجموعة العلماء الذين وضعنا الخطة لم نستطع اقناعهم بضرورة استكمال التجارب بغض النظر عن احتمالات السلبية التي اكدتها دراستهم من الاندماج مع البشر...ولم يتوقف حكماء عالمنا عند هذا الحد، بل طالبوا بانهاء كل حالات الاندماج التي تمت بكل الطرق الممكنة، وبناء على رايهم اصدرت سلطة عالمنا "الكاتو " الاوامر لنا بصفتنا المشرفين على هذه الحالات باعادة كل الذين قاموا بعمليات الاندماج الى عالمنا باي طريقة كانت، ولكننا رفضنا وبشدة الانصياع لهذه الاوامر لخطورة الموقف، فذلك سيتسبب بموت المئات من زملائنا الذين ضحوا بانفسهم ليقوموا بعملية الاندماج في عالم البشر، وقد تم اعتبار رفضنا تمردا،ً وتم وضعنا تحت المراقبة المشددة، واعتقل العشرات منا...وقامت سلطة "الكاتو" باصدار الاوامر الى حارسات ابواب الشر بمتابعة كل حالات الاندماج التي تمت في عالم البشر، والقضاء عليها بكل الطرق...ومرت سنوات حتى استطعت انا الهرب والقيام بعملية الاندماج بنفسي، وها انا امامك الان يا حسن ... قلت له :
      ـ اذا افهم من كلامك بانك جني بجسد بشر، او صاحب شخصيتين: واحدة بشرية والاخرى جنية؟
      ـ "تقريبا ان ما تقوله صحيح "... ـ افهم من كلامك انه يوجد العشرات من الجن أحياء باجساد بشرية ويعيشون بيننا ؟
      ـ "ليس العشرات بل قل الالاف ممن قاموا بعملية الاندماج "... قلت مندهشا : ـ" اتعني انه يوجد مثلك على الارض الالاف" ؟
      ـ" نعم، يوجد الالاف بحالات مختلفة، وباعمار مختلفة، وربعهم تقريبا من العلماء بغض النظر عن درجاتهم العلمية، ولا ادر انا بالضبط كم بقي منهم حتى الان على قيد الحياة، وان كان ذلك بسبب الظروف الطبيعية التي يمر بها جسد الانسان، او بسبب ملاحقة سلطة "الكاتو" لهم...
      ـ كيف يمكن ذلك؟ الالوف منكم بيننا ونحن لا نعلم ؟ ان هذا الامر لا يصدق ، أهذا العدد الكبير قد اندمج مع البشر؟!!
      ـ "اسمع، الرقم صغير جدا جدا، ولا يذكر مقارنة حتى بعدد البشر وعدد السكان، فربما لو قدرناه لكان صغيرا جدا " ...
      ـ وهل عليهم ان يبحثوا مثلك عن بوابة الشر ليملكوا القوة ؟
      ـ "كلا يا حسن ،عدد قليل فقط منهم سيبحث عن "بوابة الشر"، والان دعنا من الاسئلة" ...
      ـ سؤال واحد فقط وسأتوقف عن طرح الاسئلة بالرغم من حاجتي اليها ...ما هي حكايتك مع الجنية مرح؟ ولماذا تكرهك الى هذا الحد، ولماذا تكرهها يا نور ؟
      ـ "هذا ليس سؤال واحد هذا اكثر من الف سؤال ...وحكاية مرح وحدها تحتاج الى اسابيع لارويها لك، وقد قلت لك سابقا بان مرح لم تكن هكذا ابدا، ولكن الظروف جعلتها، وربما كنت انا احد الاسباب، وهذا ما يفسر كرهها لي، اما انا فعلا فلا اكرهها، وايضا لا الومها ان كانت تكرهني، وقد ياتي يوم تتغير به الظروف. والان حان الوقت يا حسن لتقوم بالدور الذي عليك ان تقوم به، حتى لا يضيع الوقت، وخاصة انه لم يبق امامنا سوى ايام قليلة، وان انقضت ستضطر الى الانتظار شهرا اخر "...
      ـ وماذا يجب علي ان افعل؟
      ـ "الموضوع سهل فكل ما عليك عمله الان هو جمع واحضار سبع قطط سوداء كسواد الليل الحالك، تجمعها من مناطق مختلفة وتضع كل قط على حدة، بحيث لا يرى القطط الاخرى...ثم عليك جمع القطط فقط أثناء غياب الشمس أي بعد الغروب وقبل الفجر ولتتاكد بان القط الذي احضرته هو المطلوب يجب عليك ان تسلط ضوءً خفيفا على عيونه، فان تغير لون عينيه فهو




      يتبع .,,
    • زوجتى من الجن



      مجرد قط عادي، لانفع منه ولاحاجة لنا به، واحذر من ان تنظر في عيون اكثر من قط في نفس الوقت، خشية من ان تفقد صوابك، لان هذا يحدث كثيرا ...اما كيف تجد القطط، فهذا ليس صعبا، فستجد منها اعداداً كبيرة في كل منطقة، وخاصة القطط التي نحتاجها نحن..." تذكرت كلام الجنية مرح عن القطط وانه ينوي ذبحها ليسير على دمائها ليستطيع بذلك الدخول الى "بوابة الشر".
      لم اصدق كلام الجنية مرح في ذلك الوقت، قلت لنور: ـ " اذا ما قالته الجنية مرح صحيحا، وانت تنوي ان تذبح القطط التي ساحضرها.." ـ" كلا هذا ليس صحيحاً فانا لن اذبح أي قط لاني لا استطيع ذلك، ولن استطيع وخاصة القطط السوداء المتصورة، ولهذا احتاجك انت يا حسن لتفعل ذلك، لانك تستطيع وبسهولة". فقلت له مشمئزا من كلامه:
      ـ للقطط ارواح مثلنا فكيف تريد مني ان افعل ذلك .
      ـ "حسن لكل شيء ثمن وانت اردت دخول بوابة الشر بأي ثمن، حتى لو كلفك ذلك حياتك، فلا تابه بحياة عدة قطط ".
      ـ ولكن يا نور ... قاطعني وقال:
      ـ "لاتقل ولكن.. والا بقيت طوال عمرك تردد هذه الكلمة، احضر القطط ولا تابه لشيء". قلت له : قاطعني مجددا، ولكني اصررت على ان اكمل كلامي حتى النهاية وقلت:
      ـ "المشكلة انها ليست قطط عادية، والجنية مرح قالت لي ان هذا النوع من القطط هو قرائن للجن، وكل قط يقتل، يقتل مقابله احد افراد الجن أي قرينه من الجن "... نظر الي نور بحزم وقال:
      ـ "نعم هذا صحيح، وقلت لك: إن لكل شيء ثمنه"..
      ـ ولكن ما ادراني فعلا ان القط الذي ساذبحه لن يكون قرين زوجتي الجنية غادة . ـ" لم تظن ان من بين ملايين القطط ستختار (قرين غادة )"؟
      ـ وافرض ان ذلك حدث، والقطط التي تقع تحت يدي كان احدها فعلا قرين زوجتي الجنية غادة...
      ـ "لا اتصور ان تحدث هذه الصدفة ولكن يا حسن ان حدثت فيجب ان لاتهتم ولكل شيء ثمنه". قلت غاضبا :
      ـ انت تريد ان اذبح حبيبتي بيدي؟ فانا ما وافقت على الذهاب معك الى "بوابة الشر" الا من اجلها هي، من اجل ان احررها من اسرها واعيدها الي، وان كنت ساذبحها فما حاجتي للمخاطرة بدخول مثل هذه الابواب؟!! ضحك نور وقال :
      ـ "لا احد يا حسن يفكر بدخول "بوابة الشر" من اجل احد، فلا تضيع الوقت بالكذب على نفسك وعلي، وانت تعلم انك تخاطر بحياتك للوصول الى "بوابة الشر"، فلا تكترث لحياة الاخرين ".
      ـ سأفعل يا نور وليحدث ما يحدث. تركت نور وذهبت الى البيت، وانطلقت بعد غروب الشمس ابحث عن القطط السوداء لاجمع منها سبع قطط. كنت اظن بان جمعها سهل جدا، ولن يستغرق مني سوى ساعات قليلة لا اكثر , خاصة وانها موجودة في كل مكان ...حتى اني جهزت نفسي لاجمع عشرين قطا لتوفير الوقت، ومن ثم بعدها اقوم باختيار القطط السبع المناسبة من بينها . مرت ساعات طويلة وانا ابحث هنا وهناك، بدءا من بيتنا حتى بيوت الجيران، ثم الى الاراضي المجاورة .....



      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة السابعة عشر


      لكني لم اجد حتى ربع قط..حتى القط الاسود الاعور، المقطوع الذيل والذي لم يكن يتحرك من جانب البيت، وكان يثير بداخلنا الاشمئزاز فانه اختفى ايضا .
      اخيرا ادركت ان مهمة جمع القطط ليست بالمهمة السهلة كما تصورتها منذ البداية ،وكما رسمتها في خيالي، وزاد الامر تعقيدا باني يجب ان اجمعها ليلا، فكيف سارى القطط السوداء في مثل هذه الليلة الحالكة السواد؟
      مرت الليلة ، واقتربت خيوط الفجر من البزوغ، ودب اليأس في نفسي، واقتنعت بان حظي التعس سيمنعني من الحصول حتى ولو على قط واحد ... اشرقت الشمس وتوجهت الى البيت لانام، اعدت البحث بعد غروب شمس اليوم الثاني ... لكن لسوء حظي لم ار سوى قطنا الاعور الذي لا يصلح لشيء، حتى انه عاجز عن المواء كبقية القطط.
      في اليوم الثالث خطرت لي فكرة جهنمية، قلت لنفسي: لماذا اتعب نفسي بالبحث عن القطط؟لماذا لا اجعل الاخرين يقومون بذلك عني؟
      قمت فورا بجمع اولاد الحارة المشاغبين، واقنعتهم باني اعمل في حديقة الحيوانات، واقوم بجمع القطط السوداء ..وان كل من يحضر لي منهم قطا اسود، سيحصل على مبلغ من المال .
      تحرك الاولاد بحماس للبحث عن القطط السوداء ليبيعوني اياها،لاقوم انا بعرضها في حديقة الحيوانات حسب ما قلت لهم وما فهموه مني ..
      جلست في البيت سعيدا وفخورا بنفسي لهذه الفكرة الجهنمية التي لاتخطر على بال الجن ولا العفاريت، وما ان مرت ساعة واحدة فقط حتى انتشر الخبر في كل الحارة، ولن ابالغ في الحديث اذا قلت في البلدة كلها ...وبدأ الاولاد يتوافدون على البيت افرادا وجماعات، منهم من يحمل قطا ومنهم من يحمل اثنين، ومنهم من اتى الي متشاجرا مع صديقه مدعيا انه هو الذي امسك القط، وهو احق بثمنه، ومنهم من جاء يسأل: هل تريد القط ذكرا ام انثى؟ المهم في الامر باني وجدت نفسي في مازق كبير، فقد احضر لي الاولاد خلال ساعة اكثر من عشر قطط وقد تجمع في ساحة منزلنا اكثر من اربعين ولدا... والمازق الاكبر من هذا هو ان القطط تم جمعها في النهار وقبل غروب الشمس وهذا يعني انها ليست القطط المطلوبة، وحتى لو كانت فهي لا تصلح للغرض الذي اريده.
      اصبحت مضطرا ان ادفع للاولاد ثمن جميع القطط التي احضروها تجنبا للاحراج والفضيحة، وحتى لا اظهر امامهم كاذبا...ولكن الامر لم يتوقف عند هذا الحد وانما استمر بتوافد الاولاد مع قطط جديدة لم افهم كيف احضروها بهذه السرعة، حتى ان احدهم جاء ليبيعني قطنا الاعور، والمفاجاة الكبرى بان رجالاً ونساء كبار في العمر بداوا يتوافدون على بيتنا لبيعي قططا سوداء ويبدو ان اهل الحارة وجدوا في ذلك تجارة مربحة، وما ان غربت الشمس واستطعت التهرب من هذا الموقف حتى علمت بان اهل الحارة اصبحوا يطلقون علي اسم "حسن ابو البساس(القطط)" وكل هذا لم يكن يقلقني بقدر خوفي من امي وظنونها، وقد حدث ما توقعت
      حضرت امي، واول كلمة قالتها لي :
      ـ "اسمع "يا ابو البساس "، أنت كل يوم بتطلعنا بنهفة ...بدكش تبطل هبل ,فضحتنا وعللت علينا الجيران ...انت بتفكر الناس هبايل ومصدقين ان جنينة الحيوانات بتشتري بساس,الناس بتحكي عنك انك بتبيع البساس للكفار الاجانب اللي بوكلوا لحمهن ...حرام عليك البساس الهن سبع رواح وخطيتهن كبيرة "..
      وقفت مشدوها على هذه الكلمات التي قالتها امي، ولكني لم اكن اتوقع ان اهل الحارة سيفكرون بهذه الطريقة ..كان يجب ان اعرف منذ البداية انه لا يمكن ان يمر بهذه البلد شيء مرور الكرام، والله يستر اية قصص سأسمع في الغد. المهم اني استطعت اقناع امي بان هذا الكلام لا اساس له من الصحة، وبصراحة وجدت الفرصة لاتخلص من القطط التي لن تفيدني شيئاً، وقمت على الفور وامام ناظري امي باطلاق سراحهن جميعا من القفص الذي اعددته لهن، وبالرغم من ذلك كله لم انج من لسان امي حول تلك النقود التي بذرتها لشراء القطط .
      غربت الشمس، وابتدأت خيوط الليل تنسدل وانا انتظر لعل احد الاولاد يحضر لي قطا، وخاصة ان هذا الوقت هو الوقت المناسب الذي اريد فيه ان اجمع القطط السبع ...يجب ان اجمعهن بعد غروب الشمس وليس قبله، ولكن دائما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
      لم يحضر احد، ولا ادري هل لم يبق في البلد قطط او انهم يحتفظون بها لعل سعرها يرتفع ، او انه على الاغلب ان القطط علمت بان هناك مجنونا يشتريها فهجرت البلد بعيدا عن اهلها المجانين.
      استمريت لوحدي في البحث عن القطط السوداء المطلوبة لعدة ايام، ولكني لم استطع القبض الا على قط واحد فقط خلال هذه الايام ...حتى يئست من امكانية جمع ست قطط اخرى. فكرت انه يجب ان اتوقف عن البحث ... ذهبت الى ذلك المسمى "نور"، هذا العفريت او "المتعفرت" ,الذي يعيش كابناء البشر، لم اجد صعوبة في العثور عليه، ولما راني اخذ يضحك ويقول لي :
      ـ "كيف حالك يا ابو البساس" .
      ـ ارى انك تتابع اخباري .
      ـ "كيف لا فاخبارك تهمني يا حسن ولا صعوبة في معرفتها، فالكل يعرفها ..."
      واخذ يضحك وقال:
      ـ "يكفيبني ان اسال أي شخص عن حسن "ابو البساس" حتى يخبرني انه قريبا سيبدأ بالمواء ,لا تغضب يا حسن فانا امزح معك "..
      ـ ولكن ما العمل الان فانا لم استطع ان اجمع سوى قط واحد، وبصراحة لا استطيع الاستمرار في هذا الجنون. فاما ان تجد لي طريقة، واما ان انسى الموضوع نهائيا واتخلص من كابوس اسمه القطط .
      ـ "بسيطة انه موضوع في غاية السهولة، فهناك عدة طرق لذلك، ولا تحتاج لكل هذا العناء والمجهود الذي بذلته".
      ـ وبما انك تعرف ان هذا الموضوع بسيط، فلماذا لم ترشدني منذ البداية ؟
      ـ لانك يا حسن لم تسألني، ولو انك سالت لحصلت على الاجابة.. المهم، الامر بغاية البساطة، فقطط "الكاتو" الجن ان تم القبض على واحد منها تسارع بقية القطط لانقاذه، وما عليك الا ان تعد المصيدة بعيدا عن الاضواء ...
      وشرح لي الطريقة بالتفصيل وقال :
      ـ "لكني احذرك من النظر في عيونها، وخاصة وهي مجتمعه والا فعليك السلام ".
      ذهبت في المساء، واعددت المصيدة وجهزتها بالطريقة التي افهمني اياها نور، ونجحت الخطة كما رسمها لي نور، وحصلت على ما اردت واكثر، ولاتاكد اكثر من ان القطط التي جمعتها المصيدة هي من الجن او قرائن الجن على الارض فصلتها كل على حده وسلطت ضوءا اخضر على عيونها بعد ان اخذت احتياطي خوفا من سيطرتها علي، وكلما سلطت الضوء على عيون احداها تبدا عيونه تتقلب الى اكثر من لون وبسرعة تعكس اشكالا غريبة لم اعهدها في القطط العادية، وهكذا جمعتها في قفص مقسم الى سبعة اقسام بحيث لا يرى القط منها القط الاخر. وقمت بوضع القفص في المخزن الموجود بجانب المنزل، وتسللت الى غرفتي بحذر وهدوء حتى لا اوقظ احدا...وما ان اغلقت الباب وادرت وجهي لاتناول بيجامتي المعلقة في الخزانة، حتى بدات الغرفة تمتليء بالدخان الابيض الكثيف الذي لم اعهده من قبل، حين كانت تظهر الجنية غادة او اختها ,لم اشعر باي نوع من الخوف او المفاجاة، فقد كنت متيقنا من ظهور الجنية مرح وخاصة بعد ان اتم اجمع القطط.
      واستمر الدخان بالتزايد دون ان استطيع ان احدد مصدره، واخذت انتظر تلاشي الدخان كالعادة، ولكن هذه المرة لم تكن كالمعتاد، فقد طال انتظاري ونفذ صبري والدخان لم يتلاشى بعد ...تمالكت اعصابي، وادركت ان الجنية مرح تخطط لشيء ما، ربما هذا اسلوب جديد من اساليبها، فهي تحب ان تظهر في كل مرة بطريقة غير متوقعة...وما هي الا لحظات حتى بدا الدخان يتلاشى، وكأنه لم يكن موجودا اصلا، ولكن هذه المرة لم يظهر من وسط الدخان شيء...فقلت: ربما غيّرت رأيها. ولا اخفي ان املي قد خاب، فانا فعلا مشتاق لرؤيتها، وحاولت ان اتظاهر باني لا اهتم بأمرها ان هي ظهرت او لم تظهر ...
      توجهت الى السرير بعد ان ارتديت البيجاما لانام، مع علمي باني لن استطيع النوم قبل ان اراها، ومرت ساعة حسبما اعلم كانها عشر ساعات، حتى بدات اسمع موسيقى هادئة جدا، لم اسمع مثلها من قبل، وبدات تظهر بالغرفة اضواء خافتة تصاحب الموسيقى، ليدق قلبي معها، واشتاق لظهورها، واخذت الافكار تتسابق في راسي حول طريقة ظهورها، الا ان ظهورها كان اسرع من الافكار، ظهرت تسير بخطى واثقة خطوة وراء خطوة ، كملكة تحكم الدنيا لا تابه بمن حولها، كان شعرها الاسود الطويل الناعم المجنون يتطاير مع نسمات الهواء المنبعث من النافذة، وكان نسمات الهواء ما هبت الا من اجل ان تطير شعرها، ليخفي ويظهر كتفها الايسر الذي لا يحجبه الا خط رفيع، مال الكتف بلا مبالاة معلق به ثوبها الاسود القصير المشدود حول جسدها


      ، والذي تظهر من خلاله مفاتن جسدها الممشوق، ليتناسب مع لون الشعر ولون العينين الشهوانيتين، وشفاهها المتحدية لكل قوانين الكون، ونظراتها التي اخترقت جدار قلبي وانستني حقدي وغضبي الدائم عليها، وكانها تعلم بانني لا استطيع الصمود امامها للحظات ...لم اتمالك نفسي وقررت ان اقفز من مكاني واعانقها، ولكن يبدو انها قرات افكاري، وكانت اسرع مني وقالت بكلمات هادئة:
      ـ "لا تفعل ..."
      وبخفة جلست على المكتب، ووضعت اقدامها على الكرسي، ورفعت ساقا فوق الاخرى، لا ادري هل لتخفي مفاتن ساقيها ام لتزيدهما اغراء، قالت الجنية مرح :
      ـ" لم آت الى هنا يا حسن كي اعانقك"..
      كانت كلماتها وطريقتها في الحديث كصفعة وجهتها لي، لاستيقظ من حلمي الجميل...واعادت الي غضبي مجددا وكرهي لغرورها وعجرفتها .
      قالت :
      ـ "لا يهمني ان كنت تحبني او تكرهني، فانا لا اسعى لان تحبني او لأن تكرهني" .
      قلت وانا مستفز بما تقوله:
      ـ لم اكن لارغبك لو لم تسعى انت لذلك بنظراتك وحركاتك واسلوبك، وحتى ثوبك ما كنت ترتديه بهذه الطريقة الا لاغرائي، ولعلمك: انك انت التي تسعين الى ذلك، وما انا الا بشر ولن انكر انني انجررت قليلا خلف عواطفي، ولو كانت واحدة غيرك وتصرفت بطريقتك لحدث نفس الشيء، فلا تظنين انك شيء مهم او مميز .
      قالت ساخرة :
      ـ" طيب يا روحي لا تنجر وراء عواطفك كثيرا، وبلاش عصبية، وان كنت مهمة او غير مهمة، فانا اعلم قيمة نفسي، ولا يهمني رايك او راي احد ...وان كان ثوبي وحركاتي تغريك، فهذا لا يعنيني كثيرا، وقد صدقت بقولك انك لست الا بشر، فلا تنسى انني مرح، وانت يا حسن مجرد بشر ،وحينما اقرر ان اعبث واتسلى قليلا، فانا مرح، ومرح هي التي تقرر، واما الان فانا لم احضر لاتحدث معك بهذه السخافات البشرية، بل هناك موضوع اهم بكثير ".
      قلت لها ولم استطع تحمل استفزازاتها واهاناتها المتلاحقة :
      ـ اسمعي ايتها الجنية.. عفوا اسمعي يا حضرة الجنية مرح، لا يهمني ان اسمع مواضيعك المهمة، ولا يوجد ما يستحق ان اضيع وقتي في سماعه، ومنك انت بالذات، فعلي ان انام الان، فالى اللقاء يا حضرة الجنية مرح ..
      ضحكت مرح بطريقة واثقة، وكانها بضحكاتها تقول لي:" لم تنجح باستفزازي" وقالت لي :
      ـ" دع عواطفك جانبا وفكر قليلا بعقلك، واسمعني جيدا، وقرر بعدها، لقد اجتزت الخط الاحمر يا حسن بالقائك القبض على القطط، وغدا ستذهب الى حتفك بقدميك ان رافقت "نور" الى "بوابة الشر"، لانك لن تذهب الى هناك حيا "...
      قلت لها وانا اقاطع حديثها :
      ـ بلى، سأدخلها، وساحصل على القوة، وستصبحي انت يا مرح مجرد خادمة عندي .
      ضحكت مجددا بصوت عال خيل الي انه ايقظ اهل البلد جميعا وقالت :
      ـ "هل انت غبي لهذه الدرجة، لتظن ان نور ،هذا الحقير، سيدعك تدخل، او انك تستطيع التفوق والتغلب عليه ؟ انه قادر على قتلك في اية لحظة يريدها، وانت لا تستطيع ذلك، اتعلم لماذا ايها الاحمق؟ لانه من المستحيل قتله، افهمت ايها الغبي؟ نور ليس مثلك، ولا يمكن لبشري ان يقتله، لانه ليس من البشر، وان كنت تظن بانه لو امكنك القضاء على جسده فستكون نهايته، فانت مخطيء، وهذا غير صحيح، وحتى لو اعتقدت انك ستقتله، فأن هذا سيكون وكأنك لم تفعل شيئا، فنور لا يقضي عليه الا من ابناء عالمه، هكذا هي الطبيعة"...
      نظرت اليها وضحكت وقلت لها :
      ـ اعلم جيدا ما الذي تقولينه، ولدي طريقة خاصة لن يعرفها احد، حتى انت ...
      وبسرعة بدات افكر باشياء عادية حتى لا تستطيع مرح قراءة افكاري ومعرفة خطتي .
      رمقتني مرح بنظرة حادة وخيل الي بأنها ستصفعني بكفها على وجهي..
      ـ "فعلا، انت احمق، ولن تفهم، صحيح ان لديك الخطة؟ هل تود ان اقول لك ما هي خطتك السرية الذكية العبقرية؟ تعتقد انت يا حسن بأنك إن قمت بقتل ستة قطط بدل سبعة، وتركت القط السابع حياً ليهاجم نور لتستغل أنت الوقت لتمر عبر "بوابة الشر" فانك غبي احمق ".
      قلت لها مذهولاً:
      ـ ولكن كيف عرفت يا مرح بان هذه خطتي بالرغم اني كنت حريصا اشد الحرص على ان لا اجعلها تمر في مجال قراءة الافكار، مع علمي انكم تقرأون الافكار بسهوله .
      ـ "لانك لم تحسن اخفاء افكارك بطريقة صحيحة، ولا تنسى ان الطريقة التي تعلمتها لاخفاء افكارك طريقة قديمة، استطيع ان اتجاوزها بسهولة، ولكن ليست المشكلة بمعرفتي انا عن خطتك، ولكن المشكلة نور، لا بد انه استطاع ان يعرف هذه الخطة، وقد استعد لها".
      قلت للجنية مرح :
      ـ لا اعتقد ان نور قد علم بها، فلم يظهر ذلك.
      ضحكت وقالت :
      ـ "وكيف تستطيع ايها البشري ان تحدد ان كان نور عرف خطتك ام لا، وان كان قد عرف، فهل سيظهرلك انه عرف، ام انه سيقول لك "عيب يا حسن تضحك علي "؟ كلا يا حسن، لن تستطيع ابدا ان تعرف كيف يفكر، وكيف يخطط هذا المخلوق، فهو متفوق عليك في كل المجالات ولا امل لك بالانتصار عليه، ولكني سامنحك فرصة واحدة وحيدة، لم امنحها من قبل لبشري، ان قبلتها، فقد نجوت، وان لم تقبلها فقد هلكت" .
      ـ وما هي هذه الفرصة يا مرح .
      ـ "ستتصرف انت يا حسن كما اقول لك، وسنتولى نحن مشكلة نور، وسنسمح لك بالعودة الى حياتك الطبيعية، وسننسى كل ما حدث في الماضي، ولن نتعرض لك وسنسهل لك شؤون حياتك ما حييت" .
      ـ وكيف اصدقك واصدق وعودكم انتم معشر الجن، وما الضمان لذلك .
      ـ" لم نعد احدا من قبل وخنا هذا الوعد، ولم نعاهد احداً ونكثنا بعهودنا، هكذا نحن وسنبقى".
      ـ وزوجتي الجنية غادة ماذا سيحصل معها؟ هل ساراها مرة اخرى ؟.
      رمقتني الجنية مرح بنظرة صارمة وقالت بحزم :
      ـ "حسن لقد قلت سننسى الماضي بكل ما فيه، فهل فهمت" ؟
      ـ عرضك جميل ومغر ولكني لست اوافق عليه يا مرح، وانا شخصيا اؤمن بان الاعمار بيد الله وحده، وان كان الله قد كتب علي ان اموت اليوم او غدا ،فهذا قدري،ولذا فإن عرضك مرفوض يا مرح .
      ـ "وهل رفضك هذا من اجل عيون غادة؟ ام من اجل القوة التي تحلم ان تحصل عليها بعد دخولك بوابة الشر يا حسن؟" .
      ـ من اجل غادة فقط ، ولا شيء غير غادة، فان كنت ساستعيد غادة فسافعل كل شيء واي شيء.
      قالت مرح وهي تضحك :
      ـ "ومن اجلي انا، الن تفعل شيئاً"؟ .
      ـ كلا يا مرح فما انت الا جسد واغراء، ولا انكر انك استطعت السيطرة علي عدة مرات، ولكن غادة شيء اخر، لا مجال لنزعه من قلبي، وان استطعت ان تنزعي قلبي من مكانه فستبقى غادة فيه.
      ضحكت مرح وقالت :
      ـ انا مرح يا حسن، وفي عالمي يقولون ان مرح مجنونة، وهي على استعداد لعمل أي شيء لارضاء غرورها، وفعلا فقد صدقوا فيما قالوا. فانا مجنونة، وساقدم لك هذا العرض، ليس من اجلك بل من اجل ارضاء غروري كما يقولون ...وهذا هو عرضي يا حسن: ساسمح لك بالتفكير فيه للحظة واحدة فقط، لا اكثر وهذا عهد مني...ان ما ستختاره سيتحقق، فهل انت على استعداد لسماع عرضي".
      ـ نعم يا مرح اني مستعد .
      ـ"اسمع يا حسن ,غادة حبيبتك وحياتك وزوجتك، وكل شيء لك في هذه الدنيا، ومن اجلها تقول انك ستضحي بكل شيء، ودخول "بوابة الشر" قد يجعلك تحصل على قوة الشر الهائلة والتي لا حدود لها، وبصفتي وباسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب صلاحيتي، اعاهدك انني ساحقق لك احدى هذين الطلبين فماذا تختار الان وبسرعة يا حسن" .
      ـ لقد اخترت دخول "بوابة الشر" يا مرح فأوف بوعدك .
      ضحكت مرح وقالت:
      ـ "لك ذلك يا ابن البشر، واختيارك كان اختيار بشر، فالحب والتضحية ليست من صفاتكم انتم بني البشر".
      وسقطت دمعتين من عينيها.. وقالت:
      ـ "لك ذلك يا حسن، وبالغد ستحقق ما اردت " .
      رفعت راحة يدها اليسرى ومسحت الدمعة التي سقطت من عينها، والتي ما زالت اثارها باقية على وجنتها بكبرياء لم اعهده من قبل، وعيونها ما زالت مفتوحة متسعة الحدقتين وكانها تقصد ان تقول لي في صمت الكلام "الدموع ليست ضعف "، ولم اكن استطيع ان اخفي عليها ولا على نفسي بان تلك الدمعتين اللتين سقطتا من عيونها قد استطعن ان يهززن قلبي حزنا عليها، وكاني فعلا لا استطيع ان ارى هذه المخلوقة ضعيفة وقد اعتدت على رؤية القوة فيها .
      شعور بالحزن وخجل من نفسي على ما قررت. هل انا فعلا حقير الى هذه الدرجة لاتخلى عن حبي وحياتي غادة في لحظة واحدة من اجل قوة لا ادري ما الذي ستحمله لي معها ,لا ادري كيف استطيع ان اكذب الجنية مرح بالاوصاف التي استمرت بوصفي بها طوال الوقت فما حدث يثبت اني اناني لدرجة لا يتصورها عقل، فانا احب غادة ،اعشق غادة، كل شيء في حياتي غادة، ومن اجلها افعل كل شيء فكيف بلحظة واحدة لا يهمني امرها وما سيحدث لها واختار نفسي، واعشق

      يتبع.,,,
    • زوجتى من الجن


      ذاتي، ومن اجل نفسي لا يهمني احد، ليس غريبا ان تكرهني هذه الجنية، فلا تفسير لما افعل أو فعلت، الا اني ارخص من دمعة واحدة سقطت من عيني الجنية مرح، هذه الجنية المغرورة المتعجرفة القوية الشريرة، الا انها تاثرت من موقفي الرخيص تجاه اختها غادة، وبحثت لنفسي عن مبررات لما فعلت لارضي نفسي، ولاطفىء النار المشتعلة بداخلي والتي اشعلتها اثار دمعة بقيت على وجنة مرح، ولكن هل هناك مجال للتراجع؟ وان كان هناك فهل سأتراجع؟ اسال نفسي واجيب نفسي، ولا مجال للسيطرة على الجزء السيء بداخلي والذي يسيرني، "لقد وصلت فلا تتراجع مهما كان السبب". ولما كنت اسرح في الخيالات واحاور ذاتي، عادت عيوني التي هربت من مواجهة عيون مرح لتلاقيها من جديد، وتجدها ممتلئة بنظرات الاحتقار....
      والشفقة ، وكأنما كانت بداخلي، واستمعت لحواري مع ذاتي، وابتسمت مرح ابتسامة صفراء مستهزأة مستحقرة، وقالت وهي تحرك يدها وتبعد خصلة شعر غطت وجهها :
      ـ" حسن يا ابن البشر، لا داعي لان ترهق نفسك بعتاب ذاتك، فما تفعله سيكون عبثا، فانت بشر، صحيح اني تاثرت للحظة من قرارك برغم من معرفتي المسبقة به، فانا ايضا لدي مشاعري واحاسيسي، حقيقة اني لم اتاثر كثيرا بالعذاب الذي لاقته اختي الصغيرة غادة من اجلك، ولا حتى بمصيرها المشؤوم بوجودها بسجن "قبة النور" ايضا بسببك، فهي قد ضحت لانها ارادت وتحملت عواقب ما فعلت من اجلك، ولاقت العذاب بسعادة، ربما ارادت لحظات حب حقيقية وغريبة، فلن الومها الا على شيء واحد فقط، كل ما فعلته من اجل من؟ ولمن؟ من اجل بشر. واي نوع من البشر هذا الذي يستحق كل هذه التضحية؟
      مسكينة غادة اتمنى من كل قلبي ان تموت قبل ان تعرف ماذا فعل حبيبها من اجلها، مسكينة يا غادة... مسكينة يا غادة..." وبحركة سريعة خفضت مرح راسها الى الامام ليسقط شعرها الطويل على وجهها ويخفيه، ورفعت يدها وابعدته عن وجهها ببطء، ولم يخف علي بانها قامت بتلك الحركة لتخفي وتمسح دموعا حبيسة في عيونها حتى لا اراها، على الرغم من ان نبرتها الحزينة كانت تحمل مع كل كلمة او حرف دمعه او اكثر تتسابق لتسقط من عيونها.
      وبقوة غريبة كانت تحبسها، وكانت كل كلمة تقولها واسمعها كخنجر مسموم يغرز في جسدي، واتمنى لو ان الحياة تتوقف او ان الارض تنشق وتبلعني من خجلي من نفسي... ورمقتني مرح بنظرة وقالت بصوت هادىء:
      ـ "حسن، انا فعلا اسفة، فليس من حقي ان اغضب عليك او ان الومك, فهذه طبيعة البشر، والوقت قد فات وحدث ما حدث وما هي الا ساعات وستحقق ما اردت, ستدخل "بوابة الشر"، فحسب ما اعرف وبناء على حسابات زمنية تجهلها انت ،فـ "بوابات الشر" جميعها ستبدأ بالظهور مع اشراقة الشمس القادمة، وستفتح مع غروب الشمس, وستبقى مفتوحة الى شروق الشمس وهذا هو الوقت المناسب الذي ينتظره نور وهو مستعد لذلك, وكما وعدتك سنقبض نحن على نور، وساسمح لك بدخول بوابة الشر" .
      ـ ولكن كيف ستفعلين ذلك؟
      ـ "هذا هو عملي انا، وانت ما عليك الا ان تسمح لنا بالتحكم بدماغك وبجسدك لساعات قادمة". ضحكت وقلت لمرح:
      ـ افهم كلامك انك تريدين ان تدخلي بجسدي (جني ) او كما اسمع بدك تلبسيني جني .. فابتسمت مرح باستهزاء وقالت:
      ـ "انتم بنو البشر تقولون وتفكرون باشياء غريبة وغير معقولة، ولكنك انت يا حسن تعلم بان هذا لا يحدث ولا يمكن ان يحدث الا في خيالكم وافكاركم الغبية , أما أنا لا يهمني بما ذا تفكرون وماذا تعتقدون او تصدقون، فهذا شانكم انتم، ما سنفعله نحن هو اتصال كامل مع دماغك، يسمح لنا بالتحكم فيه، ومن ثم بجسدك دون اية معارضة من طرفك، وبارادتك الكاملة لمدة زمنية قصيرة". قلت لها وقد انتابني الذعر والخوف من هذه الفكرة المجنونة ومن مخاطرها وما قد يحدث لي بسببها :
      ـ هل تستطيعين يا مرح ان تفعلي هذا دون موافقتي ورغم ارادتي.
      ـ "نعم يا حسن لو اردت انا ذلك، ولكنك تستطيع ان تقاوم، واي شخص اخر على اطلاع ولو بسيط سيعلم بان دماغك تحت السيطرة، ولهذا ان تم بموافقتك فلن تقاوم انت، ولا يستطيع احد ان يكتشف ذلك، ولا ننسى اننا نتحدث عن نور، وهو ليس مجرد احد، هو يعلم بهذه الامور اكثر من أي شخص اخر".
      ـ تظنين انني مجنون إلى هذا الحد لاسمح لكم انتم الجن بالسيطرة علي وتسييري كما تشاؤون، وخاصة انت يا مرح، ونار الانتقام مشتعلة بداخلك، وتبحثين عن أية فرصة للانتقام مني؟ فعلا انت مجنونة ان كنت تظنين اني ساوافق على هذا الجنون واذهب الى حتفي بارادتي... اعطيك الفرصة لتقتليني بسهولة ايتها الجنية المغرورة. واخذت مرح تحرك وتداعب شعرها وتنظر في كل الاتجاهات، وكان من الواضح انها تخفي الاضطراب والغضب الذي اعتراها، ونظرت الي بفي هدوء مشحون بالغضب ...
      ـ "اسمع يا حسن لقد عاهدتك بصفتي واسمي "...
      قلت لها غاضبا وساخرا: ـ انا اسف، انسيت انك عاهدتني بصفتك واسمك، وهذا يكفي ان تكوني صادقة؟ (شو انت بتفكريني اهبل)ساقول لك اذهبي انت وصفتك واسمك ومن منحك هذه الصفة والاسم ومعك كل الجن والعفاريت والقرود ايضا الى الجحيم . ولم اكمل نطق كلمة الجحيم، حتى بدأ الشرر يتطاير من عيني الجنية مرح وتتحول من لون الى اخر بشكل مرعب، وترفع يديها الى فوق لتهب في الغرفة رياح لن ابالغ ان قلت انها اعاصير، طرحتني على الارض, وحركت كل شيء بداخل الغرفة من مكانه، واخذ زجاج النوافذ يتحطم امامي وكل شيء في الغرفة يتطاير ويتحطم ,حتى الكراسي بدات ترتفع وتضرب بالحائط وتتكسر الى اجزاء, والخزانة والمكتب والسرير كل شيء في غرفتي المنكوبة نال نصيبه من هذا الاعصار الآتي من المجهول, وانا احاول ان احمي وجهي وجسدي من القطع المتطايرة والتي تصيبني تارة وتضرب بجسدي تارة، حتى ان احد الكراسي قد تحطم على جسدي, وانا في رعب شديد وقد الصقت جسدي بالحائط حتى لا تحملني الرياح، وعيوني التي امتلأت بالرعب تراقب الجنية مرح وهي ما زالت واقفة في وسط الغرفة، ترفع يداها الى فوق وشعرها الطويل يتطاير في كل الاتجاهات، وقد شكل مع ثوبها مظلة غريبة زادت على هذا الجو الغريب مزيجا من الرعب والخوف مما سيحدث بعد ذلك، وبقيت مرح واقفة وكانها تسمرت بالارض... لا شيء يحركها وكل شيء يتطاير من حولها ولا يصيبها، في هذه اللحظات الطويلة كساعات او ايام شعرت بان الدنيا قد قلبت راسا على عقب، وادركت اني ميت لا محالة، واخذت ادعو الله ان ينقذني من هذا الهلاك , وتذكرت ان مثل هذا حدث لي في السابق ولم يكن الا وهم وخيال وخدعه يستخدمها الجان لاخافة البشر. وبدأت استعيد شجاعتي ، هذا ان بقي منها شيء، بعد ان اقنعت نفسي بان ما يحدث ما هو الا خدعة، فانا اعلم بان الجن لا يملكون قوة المادة ولا يستطيعون تحريك شيء، فهم الذين قالوا لي ذلك ,نعم اكيد انها خدعة ولكني اشعر بالام في جسدي من جراء ارتطام القطع المتناثرة التي ارتطمت واصابت جسدي ...كيف يحدث ذلك ان كانت خدعة ,ربما هو مجرد شعور واهم سيزول وسيعود كل شيء كما كان وكأن شيئاً لم يحدث وبدأت احاول استعادة قواي وشجاعتي لاواجه هذه الخدعة.
      احاول ان اقف الا ان الرياح القوية تحملني وتلقي بي في طرف الغرفة الاخر لارتطم بالجدار واصرخ من الالم ,ولم اجرؤ ان اكرر المحاولة من جديد، فما يحدث في هذه اللحظات غريب، لم اكن اعتقد بامكانية حدوثه في السابق وما عاد بامكاني ان افعل شيئاً، الا الانتظار لما سيحدث بعد ذلك، ولأعرف ان كانت هذه خدعة ام حقيقة، ولا ادري كم انتظرت حتى بدأت الرياح تهدأ تدريجيا ثم توقفت....

      ... ونظرت الى مرح وقد سقط شعرها عشوائيا على وجهها وجسدها وتوقف كل شيء، واخذت اتحرك وانتظر ان يعود كل شيء في الغرفة كما كان وتحركت مرح من مكانها واخذت ترتب شعرها وتسير في انحاء الغرفة،او الذي كان في السابق غرفة والتي اصبحت الان حطام، وتوجهت مرح باتجاه النافذة واتكات على طرفها ,ولم استطع ان اقف وفضلت الجلوس على الارض بعد ان لم يبق شيء اجلس عليه. وقالت مرح بهدوء وبكلمات واثقة :

      تبع ..,,
    • زوجتى من الجن



      الحلقة الثامنة عشر



      وبكلمات واثقة :
      ـ"لقد تجاوزت حدودك يا حسن وتجرأت على التطاول على عهودنا ورموزنا، ولو كان الامر بيدي لجعلت منك مثلا لكل البشر.فعهودنا ورموزنا اسمى من ان يتطاول عليها بشر ويبدو ان تهاوننا معك جعلك تظن من نفسك شيئاً، انت لا شيء يا حسن، ولن تكون الا مجرد جرذ استلقى على الارض مرعوبا في لحظات شعر فيها بالخطر، واعلم يا حسن انك مهما علمت عن عالمنا فانت لا تعلم شيئاً، ولو اردنا قتلك لكان هذا بسهولة، وباي وقت، ولكن ما حماك ويحميك طول هذه المدة هي عهودنا وقوانيننا التي نحترمها ولا نتجاوزها، فنحن لا نتدخل في شؤون البشر الا بقدر تدخلهم في شؤوننا ,وفي المرة القادمة التي سيجرؤ لسانك على لفظ ما تلفظت به سيكون هذا اخر ما تنطقه، وهذا درس صغير مما نستطيع ان نفعله نحن ان اردنا ذلك, وساتركك الان وسالاقيك بعد قليل، حيث وضعت القطط".
      واختفت مرح في رمشة عين وكانها حلم وتلاشى. تركتني مشدوها لا افهم شيئاً فالنوافذ محطمة وكل ما في الغرفة محطم بطريقة غريبة جدا ولو اردت انا ان افعل هذا بالغرفة لاحتجت ربما لاكثر من شهر . كيف حدث هذا في لحظات؟ لا ادري ..ولكن ما حدث يعني انهم يستطيعون التحكم بالمادة لو ارادوا ذلك، وهذا فعلا معناه انهم قادرون على قتلي... ووسط هذه الدوامة، بين ما اعلمه عن قدرة الجن في السابق، وما حدث امامي اختلاف كبير وتناقض لا يستوعبه عقلي. ولكن لماذا لم يقتلوني في السابق، وهم حسب ما رايت يمتلكون قوة مباشرة لذلك, هل فعلا قوانينهم تحرم ذلك؟ وهل احترامهم لقوانينهم كبير الى هذا الحد؟ وماذا افعل الان ولم يعد لي خيار الا بالثقة بهم وبعهودهم الغريبة . تركت الغرفة كما هي محطمة او مدمرة، بالرغم من علمي انها ستثير في الصباح الاف التساؤلات عند الاهل حينما يرونها لانه من المستحيل اخفاء آثار ما حدث، وتوجهت الى حيث القطط (الجن )حبيسه في المخزن المجاور للبيت، وفتحت الباب، وخطوت الخطوة الاولى وقد خيم على المكان صمت رهيب ممزوج بحزن، لم يكن هناك داع لان اشعل أي ضوء، فبرغم الظلام الدامس الا اني كنت ارى كل شيء, وكأن نوراً خافتاً ينبعث من مكان مجهول، وكانت الجنية مرح تحدق بي من حيث وقفت صامتة وتجول بعيونها في ارجاء المخزن، وخاصة على القفص المغطى، والذي بداخله القطط ,نادتني وطلبت ان اخرج القطط من القفص، ولكني تجمدت في مكاني من الخوف، ولم استطع الاقتراب من القفص، وابتسمت مرح وقالت:
      ـ "لا تخف يا حسن فهي لن تؤذيك، افعل ما اقوله لك..".
      اقتربت من القفص وفتحت ابوابه الواحد تلو الاخر، واخذت القطط تخرج منه بهدوء وتجلس مصطفة تحت اقدام الجنية مرح، ولاتأبه بوجودي او انها امرت ان لا تنظر الي لسبب ما، وجثت الجنية مرح على ركبتيها برقة وحنان تنظر الى القطط بمحبة كبيرة لا وصف لها كانها تنظر الى اطفالها الصغار بعد فراق طويل، واخذت تداعب القطط بنعومة ورقة الواحد تلو الاخر وابتسامة عريضة ساحرة على شفتيها، في هذه اللحظات من المحبة والحنان والرقة ,لا ارى في الجنية مرح الا ملاكاً ,حتى القطط كانت تشعرني بحركاتها بالمحبة والاحترام الذي تكنه لهذه المخلوقة الغريبة ,اكثر من ساعة وانا اراقب هذا المنظر الساحر الغريب... الجنية مرح والقطط من حولها في جو من المحبة، وفي لوحة يعجز فنان عن رسمها, ويبدو ان مرح قد ادركت ان الشمس اقتربت من الشروق، وقفت مرح على اقدامها واخذت القطط تعود الى القفص لوحدها الواحد تلو الاخر بنظام وبخطى واثقة، الا قط واحد بقي بجانب اقدام مرح، وجلس مستعدا وكانه يهم للانقضاض علي، وعيونه مسلطة علي بشكل غريب، واقتربت مني مرح، وامسكت بيدي وطلبت مني ان اجلس على الارض مقابل القط وقالت :
      ـ "انظر في عيونه يا حسن ولا تخف.". وفعلت، وبدات ارى عيونه تتحول من لون الى آخر، ومرح ما زالت تتكلم معي:
      ـ حسن ...ستتم عملية الاتصال معك الان ,ان كنت لا تريد فلا تفعل شيئاً رغما عنك، وكل ما عليك فعله هو ان تغمض عينيك ..وان اردت، استمر بالنظر في عيون القطط..". وبدون خوف، واصلت التحديق في عيون القط الماثل امامي، وبدأت ارى اشياء كثيرة داخل عيونه, واشعر اني في عالم اخر او اني تحت تأثير مغناطيسي. وللحظات لم اعد ارى القط، ولا ارى الا عيونه، وما هي الا لحظات حتى ادركت اني انظر في عيون شخص اخر، وليس قطا. والغريب في الامر، والذي لم استوعبه، بأني اشعر بأني انظر في مرآه لا ارى فيها الا عيوني انا، فانا انظرفي عيوني انا . شعور غريب ينتابني، اختفى كل شيء من امامي، اذكر انه كان هناك قط يحدق بي ولكنه اختفى...انظر الى الخلف وارى مرح تقف حيث وقفت في بداية نظراتي الى القط ...قالت لي مرح:
      ـ لقد تمت عملية الاتصال يا حسن, الا تشعر بأفضل من السابق؟".
      ـ رغم اني لا افهم شيئا مما حدث الا اني واثق بك يا مرح .".
      ـ" ثق بنفسك اولا يا حسن، والان ساذهب واذهب انت للراحة ولا تخف فهناك من سيرشدك بما تقوم به حتى تنتهي المهمة .".
      ـ " أمرك يا مرح، سافعل، ولكن في القفص ست قطط فقط، والمطلوب سبع قطط .". ضحكت مرح وقالت: ـ اعلم ذلك جيدا، اذهب انت، وساطلب انا ان يحضر قط ليحل مكان الذي لم يعد الى القفص..".
      واخذت مرح تضحك وخرجت انا ,وكان هناك من يامرني بالخروج ،ولا ادري ان نمت او لم انم، ولكن الساعات مرت بسرعة من شروق الشمس الى وقت ما قبل الغروب، وانا انتظر نور، حتى حضر وقال لي:
      ـ حسن، اليوم سنتوجه الى "بوابة الشر"، فهل انت جاهز؟".
      قلت له: ـ " نعم، انا جاهز..". طلب مني ان احضر القطط، وان اضعها في صندوق السيارة الخلفي , ولفت انتباهي ان نور قد احضر سيارة غريبة نوعا ما, فقد جهز صندوقها الخلفي باشياء غريبة لا يمكن ان تكون بالصدفة ، وركبت بجانب نور، وسار نور يقود السيارة وهو يبتسم، ويحدثني بامور كثيرة، وبعد ساعة او ساعة ونصف، وصلنا بالقرب من جبال تقع في احد الاماكن من البلاد، وطلب مني نور ان اسير على قدمي ياتجاه مكان بين الجبال، اشار اليه بيده وان لا انظر الى الخلف مهما كان السبب, واخذت اسير حتى وصلت الى المكان، ونظرت حولي وكانت المفاجاة التي لم اتوقعها ... اين اختفى ولماذا اختفى, واذا بصوت يناديني وكانه ات من مكان بعيد، ايقنت انه صوت (نور)،ولكن من اين مصدره؟ لم اعلم، ولكني سمعت الصوت بوضوح يقول لي:
      ـ" سر الى الامام عدة خطوات وقف ...". جاءني الصوت من جديد وقال :
      ـ "اتعلم اين تقف الان يا حسن!!! ".
      قلت : ـ "نعم اعرف ...انا اقف امام بوابة الشر ، رغم عدم رؤيتي لشيء...". قال صوت (نور):
      ـ "هل انت مستعد للبدء يا حسن ؟".
      ـ "نعم انا مستعد .".
      ـ "هل ترى القمر يا حسن ؟...انظر اليه وانظر الى ظلك على الارض ." فعلت ذلك ونظرت الى الارض لارى ظلي، ولكن ما اثار دهشتي اني وجدت (ظلين )لخيالي، فقلت له:
      ـ" الى أي ظل يجب ان انظر ؟".
      ـ "لا يهم الى أي ظل تنظر !!الان عليك بالسير بين الظلين عدة خطوات الى ان ترى خمس ظلال بدلاً اثنين .". سرت عدة خطوات حتى رايت لي على الارض خمس ظلال. قال صوت نور دون ان اراه :
      ـ "رائع يا حسن رائع، والان اخبرني كم خطوة سرت .".
      ـ لا ادري ولم اعدها فقال : ـ "انا ساخبرك لقد سرت ثلاث عشرة خطوة، وهذا ما كان مطلوباً ان تفعله .".
      ـ "اذا جيد". ـ "نعم هذا جيد من ناحية، ومن ناحية اخرى فهو سيء .". ـ "وما هو السيء في الموضوع ." قال وهو يضحك :
      ـ السيء هو اني طلبت منك ان تسير عدة خطوات ولم احدد لك كم خطوة يجب ان تسير...انت يا حسن قد سرت ثلاث عشرة خطوة وهذا فعلا ما كنت ساطلبه منك لو لم تفعل ذلك ...فكيف ستفسر لي ذلك يا حسن الذكي ؟".
      ـ "انها صدفة ، مجرد صدفة .".
      ـ" نعم انها مجرد صدفة .....هيا استعد بعد قليل ستفتح بوابة الشر وسندخلها معا انا وانت فقط يا حسن .".
      ـ "ماذا تقصد وهل هناك شخص اخر معنا .".
      ـ لا تهتم بالذي اقوله لك يا حسن، المطلوب منك فقط ان تنظر امامك ولا تتحرك من مكانك حتى لا تهتز الظلال، وستظهر امامك "بوابة الشر" لعدة دقائق قبل ان تختفي، ومنها سنمر يا حسن انا وانت فقط" .
      ـ "ولكن اين انت يا نور؟ اني لا اراك ، اين انت ؟" ضحك نور وقال :
      ـ "انا قريب منك يا حسن، وساظهر في الوقت المناسب". وما ان اكمل نور كلامه حتى بدأت أعمدة من الدخان تصعد من الارض بكثافة كبيرة، وبعدة الوان بل بمئات الالوان الممزوجة معا وراحت تزداد كثافة اكثر فاكثر لترسم قوسا كبيرا يصل الى السماء، واستمر الدخان بالتصاعد لترسم عدة اقواس اخرى, الواحد خلف الاخر، لتشكل رسما يبهر الابصار، وتوقف الدخان واختفى، لارى امامي اقواساً من عدة الوان، الواحد خلف الاخر، عليها الاف الرسوم المنقوشة بدقة وحرفية متناهية وكان الوفا من الفنانين قد عملوا على صنعها عبر الاف السنوات ...كانت الاقواس تحيط بي من كل جانب، واصبحت انا وسطها . وعبر الالوان التي تحيط بي سمعت صوت نور يضحك ويقول :
      ـ آلان يا حسن، انت في وسط اقواس، وكل ظل من ظلالك الخمسة يشير الى قوس، وكل قوس خلفه عدة اقواس، في نهاية القوس الاخير توجد بوابة ...وكل بوابة تدخلك الى مكان، وبوابة واحدة فقط تدخلنا المكان الذي نريد، وعليك ان تقرر أي الظلال ستتبع.".
      ـ "ولكن كيف ساعرف أي الظلال يجب ان اتبع ؟".
      قال نور : ـ" ببساطة انظر الى الظلال بسرعة، والظل الثابت غير المتحرك، هو الذي ستتبعه .".
      ـ "لماذا انت بعيد ولا اراك؟ لماذا لا تدخل معي ؟". ....
      قال نور : ـ "لا استطيع الا بعد ان تقرر، لان هذه البوابات لا تفتح الا للبشر والان قرر بسرعة قبل ان تختفي الاقواس ويذهب تعبنا هباء .
      " نظرت الى الارض وقررت فورا، واشرت الى القوس الذي سادخله ,وما ان اشرت بيدي نحوه حتى بدات الاقواس تتحرك من جديد، وتتحول الى دخان يختفي في باطن الارض ...الا قوسا واحدا فقط بقي امامي، وهو القوس الذي اشرت اليه، وحتى الظلال الخمسة التي رسمت على الارض بفعل انعكاس ضوء القمر اختفت هي الاخرى، ولم يبق الا ظل واحد وهو المتجه باتجاه القوس الباقي. سمعت صوت نور يقول :
      ـ" عظيم يا حسن لقد نجحت، والان انت امام "بوابة الشر"، وعدة خطوات فقط وتصبح في عالم الشر، وان لم نتعاون معا فلن نستطيع ان نجتازها، وسنضيع بداخلها مئات السنوات هذا ان لم نهلك". قلت له :
      ـ هيا اذن اظهر، لماذا تختفي؟ ودعنا نمر منها بسرعة .". قال نور دون ان اراه : ـ "ساظهر يا حسن ولكن لدي مفاجاة صغيرة لك قبل ان تدخل.". قلت له :
      ـ "وهل هناك مفاجآت اخرى .".
      ـ نعم سانقل لك هذه الرسالة فاصغي اليّ جيدا ...!!". وبدات اسمع صوتا لا ادري مصدره ... يا الهي انه صوت امي تبكي وتقول:" سيقتلني يا حسن ...". لم احتمل سماع بكائها فصرخت بنور:
      ـ "ايها الحقير وهل هكذا كان الاتفاق .". قال نور :
      ـ "كلا لم يكن هذا الاتفاق وحتى هذه اللحظة لم افعل بها شيئا، ولكني ساقتلها في اية لحظة اريد...وانت يا حسن من اخل بالاتفاق ولست انا، ام تظنني اؤمن بالصدفة؟ فان اردت ان تعيش امك فقرر الان ..اولا عليك بان توقف الاتصال مع مرح، وفورا اطردها من خيالك، فكر بامك فقط ...فكر بامك فقط...واخذت اسمع صوت امي تبكي.. ارجوك يا حسن افعل ، ارجوك يا حسن افعل ,وانتفض جسمي وشعرت بدوار رهيب وبدا العرق يتصبب من كل انحاء جسمي وشعرت بألم فظيع في راسي. اغمضت عيوني وبدا الالم يزول تدريجيا حتى زال كليا، وفتحت عيوني ورايت "نور الجني " يقف امامي وهو يبتسم ابتسامة المنتصر وقال :
      ـ" لقد نجحت يا حسن والان فكر بدماغ حسن وليس بدماغ المغرورة مرح, والان قبل ان ندخل القوس الاول اود ان ترى هذه الصورة حتى تستطيع التفكير جيدا. رفع نور كف يده ووضعها امام عيوني، ارى صورا غير واضحة، ومن ثم اصبحت واضحة وكاني انظر الى شاشة تلفزيون ,ارى امي في غرفتها ويحيط بها ثلاثة اشخاص غرباء، لم ارهم من قبل، وارى في عيونهم حقدا و غضبا، وفهمت ان نورا يحاول ان يفهمني ان حياة امي بيده ويستطيع ان يفعل بها ما يشاء، ولكن احساسي قال ان في الامر خدعة ما .
      قال نور : ـ "ما اقصده يا حسن بما رايت ان مرح لم تقل لك واخفت عليك ان (نوراً )ليس لوحده، وان لم تفعل ما اقول فسيكون مصير امك معروفا لديك...الان يا حسن سر الى الامام لندخل القوس، وساكون انا خلفك ولا داعي لتنظر الى الخلف .".
      سرت عدة خطوات حتى اصبحت داخل القوس وانا اشعر بان نور يسير خلفي، وما ان دخلت القوس حتى اختفى ولم اعد اراه ,نظرت حولي ولم ار الا الفضاء، وكاني بهذه الخطوات قد وصلت احد الكواكب في السماء، فامامي فضاء ومن حولي فضاء لا يتناهى، لا ادري ان كان حقيقة ام خيالا, توقفت ولم اكن اعلم، ماذا يجب ان افعل حتى قال لي نور:
      ـ "سر خمس خطوات الى الامام، وخمسة الى اليمين، وخمسة الى الخلف، وتوقف.". ففعلت، وظهر امامي قوس اخر اصغر حجما من سابقه، فقال لي نور: ـ ادخله.. فدخلته ووجدت نفسي في نفس المكان الذي دخلت منه في المرة الاولى، تحيط بي نفس الجبال، وكاني لم ادخل القوس ابدا، الا ان المنظر يدل على اني موجود في نفس المكان، ولكن قبل سنوات طويلة وكان ذلك واضحا باختفاء الكثير من الاشياء التي كنت اراها على مدى نظري والتي وجدت حديثا واذ بصوت الجني نور يحثني على السير ويقول :
      ـ سر خمس خطوات يسارا وخمس خطوات الى الامام.. ففعلت، وظهر امامي قوس اخر بشكل مختلف ,وطلب مني ان ادخله ,ففعلت، ووجدت نفسي قد دخلت في عالم اخر، او مكان اخر لم اشهد مثله من قبل، وفي هذا المكان لم اكن اشعر بجسدي ولا بالصندوق الذي احمله، والذي حبست بداخله القطط. عاد نور وطلب مني ان اسير ثلاث عشرة خطوة الى الامام واتوقف, ففعلت، وظهر امامي قوس اخر بشكل مختلف، فدخلته ووجدت نفسي في ساحة عريضة جدا تحيط بها عشرات الاعمدة، ومن بعيد تظهر امامي بوابة ضخمة جدا، وقبل البوابة خمسة اقواس الى جانب بعضها البعض،استطعت ان ارى البوابة من خلال الاقواس الخمسة ,اما الساحة، فهي مرصوفة بحجر لونه اسود، والاعمدة التي تقدر بالمئات، لها عشرات الالوان المختلفة . ضحك نور بصوت عال وكانه قد جن وقال:
      ـ "ها قد وصلنا يا حسن فما علينا الا اجتياز احد هذه الاقواس وبعدها سنصل الى البوابة وبعد قليل سنعرف أي قوس ستدخل ،لان احد الاقواس فقط هو الذي يوصلك الى البوابة، اما بقية الاقواس فستدخلنا الى طريق لا عودة منها الى الابد ...والان يا حسن جاء دورك، فانا قد ادخلتك كل الاقواس وما كان بامكانك دخولها بدوني، اما القوس الاخير فانت الذي ستدخلني فيه، لان هذا البلاط مخصص للبشر، ولا استطيع السير عليه بدون مساعدتك.".
      ضحكت وقلت لنور : ـ "ولماذا اساعدك سادخله لوحدي ." ضحك نور وقال :
      ـ لن تعرف أي قوس ستدخل ،وان عرفت فلن تستطيع فتح البوابة بدون مساعدتي، وقد قلت لك انا وانت مرتبطان معا حتى ندخل البوابة، وبعدها افعل ما شئت ولكن ايضا لا تنس امك المسكينة.".
      قلت لنور: ـ" وماذا افعل الان ؟".
      ـ "اخرج قطا من الصندوق واذبحه ودع دماءه تسيل باتجاه القوس وبعدها اخرج قطا اخر واذبحه، وكرر العملية سبع مرات على عدد القطط التي معك حتى تصل القوس، فانا استطيع فقط ان اسير فوق دماء القطط دون ان يعترضني أي خطر .". نظرت الى الصندوق، حيث حبست القطط، واخذت يداي ترتجفان، كيف ساقوى على ذبحها وباي منها سأبدأ؟
      ...ربما هذا، واي قط منهن يا الهي سيكون قرين (غادة)؟..هذا مستحيل، فقبل الوصول الى هذه النقطة كنت اعتقد اني استطيع، ولكن على ارض الواقع هذا مستحيل ...يا الهي انقذني، لا اريد قوة الشر، ولا اريد شيئا ...اخرجني يا الهي من هنا ,اللعنة عليك يا مرح الغبية، لقد وثقت بك وبذكائك، وها انا في" ورطة" لا مثيل لها......


      . اخذ نور ينادي علي:
      ـ "هيا حسن، لا مجال للتفكير ,لا مجال للتراجع، ان لم تفعل ستكون نهايتنا ,هيا يا حسن لا تابه لحياة القطط، اما ان نموت او تقتلها ,هيا يا حسن، اما دخول البوابة او انك ستبقى في هذا المكان حبيسا للابد، هيا يا حسن لا تدع مجالا للخوف، اسرع يا حسن، ان لم تفعل سنموت، لا خيار امامنا، اما حياتك او حياة القطط هيا يا حسن ...". لم اشعر بنفسي الا ويدي تمتد بسرعة الى الصندوق، وتخرج احد القطط، وبسكين حاد اقوم بذبحه لتسيل دماؤه بكل الاتجاهات بغزارة كبيرة لتمتلأ يداي وثيابي والارض بلون احمر...واخذت اصرخ وابكي واضحك بجنون واسير واخرج قطا اخر واذبحه بجنون واصرخ بصوت عال، وتسيل دماؤه واسير خلفها وخلفي نور، وتمتد يدي واخرج قطا اخر من الصندوق ولكني اسمعه يقول:
      ـ "حبيبي حسن "..


      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن



      الحلقة التاسعة عشر


      وترتجف يداي ويسقط القط من يدي، ويظهر دخان كثيف وتظهر من وسطه مرح، وتخرج بقية القطط وتحيط بنور، ونور قد تسمر مكانه مرعوبا، وانا لا ادري ما حصل، ومرح تنظر الى نور والحقد والكره في عيونها، وتنظر الي باشمئزاز كبير، ودماء القطط التي ذبحتها قد غطاني من راسي الى اخمص قدمي، لم اتمالك نفسي وبدات اتقيا ولم استطع ان اقف على قدمي وسقطت على الارض اسبح بدماء القطط، وما زال نور متسمرا وعلامات الذهول على وجهه، والقطط المتبقية تحيط به من كل الاتجاهات...ومرت لحظات رعب وخوف رهيب وكأن الدنيا قد توقفت, فلا احد يتحرك من مكانه، حتى زال الصمت بضحكه هستيرية اطلقها الجني نور، واخذ يصرخ:
      ـ "ايتها المجنونة، لقد هزمتني بجنونك ...". ويضحك بطريقة هستيرية ويردد نفس الجملة، ومرح تقف تنظر اليه بشموخ وكبرياء وقوة وغرور، لم تستطع ان تخفي فرحتها ولا ابتسامة النصر التي ارتسمت على شفاهها ...ونور ما زال يضحك، وانا غارق في دماء القطط، لا افهم ما يحدث حولي ولا اقوى على الحراك، وعيوني تتجول ما بين الجني نور والجنية مرح والقطط . وتوقف نور عن الضحك، واخذ يخاطب الجنية مرح قائلا:
      ـ "كونته" حبيبتي المجنونة، لم اكن اتصور انك بهذا الجنون .".
      قالت له مرح : ـ "اسمي مرح يا ... قال لها نور :
      ـ "انت "كونته" وستبقين في نظري "كونته"، حتى لو استبدلت اسمك الف مرة، ولكني لم اتصور انك بهذا الذكاء والجنون . قالت مرح لنور :
      ـ "وانا ايضا لم اتصور انك بهذا الغباء ... قال لها نور : ـ "نعم انا غبي لانه كان يجب ان لا انسى ان جنونك لا حدود له، وها هو جنونك قد انتصر علي، ولكني لا افهم كيف نجحت .". قالت مرح وهي تضحك :
      ـ "انت لم تعد تملك شيئا ...، لقد خسرت كل شيء، ولكني سأمنحك عدة دقائق لارضي بها غروري، واشرح لك كيف استطعت ان اجعل نهايتك على يدي وكم انت كنت غبيا (يا استاذي)." اتذكر حين علمتني وانا صغيرة بان لاشيء يكون دون ثمن، واننا يجب ان نتوقع غير المتوقع دائما، ام نسيت انك كنت استاذي قبل ان تصبح متمردا .".
      قال نور لمرح : ـ "لم انس اني كنت حبيبك، وانه كان يجب ان تكوني زوجتي، لم ولن انس اجمل الاوقات التي قضيناها معا." صرخت مرح بانفعال كبير وقالت لنور :
      ـ انت حقير اناني لقد تخليت عني وتركتني وحيدة ...حكمت علي ان انزع قلبي من بين ضلوعي ,حكمت علي بسنوات من العذاب والالم، لقد رجوتك ان لا تذهب ...ولكنك ذهبت...بكيت من اجل ان تبقى معي، وانت لم ترحمني ولم تشفق علي ...تخليت عن كل شيء من اجل ان تحصل على القوة ...وانا خسرت حياتي كلها من اجل ان ابحث عنك من اجل الانتقام منك، وها قد حققت ما اريد...انت لا شيء...ولم تحصل على شيء ومصيرك فقط سيكون العذاب والى الابد .". قال نور : ـ "ما زلت تحبينني يا مرح وانا اعلم ذلك .".
      ضحكت مرح وقالت لنور : ـ احبك؟ وانت من داس على قلبي .وانت من دمر حياتي؟ نعم، كنت احبك ,كنت اعشقك ,كنت كل شيء في حياتي، كنت استاذي فعلمتني كيف اضحك وكيف ابكي ,علمتني كيف احب .ولكن الست انت من علمني كيف نخلص لعالمنا وقواعده ونحترم قوانينه وان لا نتجاوزها ...وانت يا استاذي اول من تجاوزها وتمرد عليها من اجل القوة .
      قال نور : ـ "كونته حبيبتي" انا لم اتخل عنك ابدا، لقد قلت لك سأعود من اجلك، ورجوتك ان تنتظري حتى اعود ,نعم، انا تجاوزت القوانين، نعم انا تمردت ولكن من اجل من ؟؟؟ اليس من اجلك يا (كونته)؟ لماذا نبقى مكتوفي الايدي حتى يدمر (البشر )عالمنا، حتى يتحكموا بمصيرنا بغبائهم ,لماذا لا نحكمهم نحن ,فنحن افضل منهم واقوى منهم ،وهم مجرد مخلوقات تافهة، انا لم افعل شيئاً من اجل نفسي، بل من اجلكم جميعا ...كونته حبيبتي: انت صغيرة ولا تدركي حقيقة الخطر الذي سيواجهنا من البشر". قالت مرح :
      ـ انا اسمي مرح... مرح... وليس (كونته)الصغيرة التي عرفتها ولا تنسى اني اليوم (حارسة ابواب الشر ) التي اوقعت بك ,ايها الاستاذ، عفوا ..العالم كبير ,وفي الحقيقة انت لست اكثر من (متمرد )مطلوب القبض عليه .".
      قال نور : ـ "كونته"يا صغيرتي ,يا حبيبتي، اعلم في أي المراكز انت، واعلم القوة والنفوذ التي تملكينها، ولا يدهشني كيف وصلت بهذه السرعة لتصبحي (حارسة ابواب الشر ),ولكن بغرورك وكبريائك وجنونك هل سترضين ان تصبحي (خادمة للبشر ). صرخت مرح ، انا لست "خادمة للبشر"، انا لست خادمة لاحد ولن اكون. قال نور وهو يبتسم :
      ـ لا تكذبي يا (كونته),انت تعرفين الحقيقة، فهذه البوابة سيدخلها احد البشر، وان لم يكن اليوم فربما غدا، او بعد عام، او بعد الف عام، وانت تعرفين ذلك جيدا .حينها ستكوني خادمة، مجرد خادمة تلبي رغباته وطلباته ،ولماذا نذهب بعيدا ...انظري الى حسن الذي قتل اثنين من ابناء عالمك، وانظري الى هذا الغبي الملطخ بالدماء ,فان دخل هذه البوابة فستصبحين انت مجرد خادمة له ,ليامرك بان تذهبي او ان تحضري. انظري يا (كونته)، انظري يا مرح المجنونة انظري اليه ,انظري الى الدماء ,فلو لم يسعفك الحظ لكانت هذه الدماء دماؤك."........


      نظرت مرح باتجاه حسن نظرات مليئة بالتقزز والقرف .. واكمل نور حديثه:
      ـ " كونته"، حبيبتي.. القرار الان بيدك ... قرري يا "كونته"، النظام الذي يحكم عالمنا مليء بالثغرات التي ستحولنا لعبيد للبشر، فهل نطيع هذا النظام ام نسعى لتغييره مهما كان الثمن؟
      انا يا "كونته" لم اتركك، لم اتخلى عنك حتى ولو للحظة ,لقد كنت املي، كنت كل شيء لي. اتذكري يا كونته اليوم الاول للقائنا، و الدرس الاول الذي علمتك اياه عن النظام وتقديسه، لأن النظام هو اساس عالمنا، وبدونه ينهار، اتذكري حينما سألتك لماذا قررت الانضمام الى صفوف " الكاتو " ولم تدري ماذا تجيبين وقتها لانك كنت صغيرة، وحينما اعدت السؤال عليك، اجبت: "لان سلطة "الكاتو" هي التي تحافظ على عالمنا"، وحينما سألتك:" هل ستحافظين عليه انت" ,اجبت :"دوما". وما دمت لم امت، اعيد عليك السؤال الان يا "كونته"، بعد مرور هذه السنين الطويلة، وبعد ان اصبحت في مجلس "الكاتو"، ومئات التلاميذ الذين درسوا معك في ذلك الوقت لم ينجح احد منهم ليصل الى رتبة مراقب خارجي وأنت وصلتها: هل بهذه الطريقة تحافظين على عالمك؟ هل بأمكاننا أن نحافظ على عالمنا يا كونته بإعطاء الفرصة لان يحكمنا يوما احد البشر؟؟!...انا لم اتمرد يا "كونته "ولم اخاطر بنفسي من اجلي , انت تعلمين انني كنت من كبار العلماء، وكنت استطيع ان احيا كيفما اشاء وبراحة وهناء، دون الاهتمام بما سيحدث في المستقبل..."كونته"، لقد علمتك اكثر من عشر سنوات عن الحياة، وعن عالمنا وعن عالم البشر ,عشر سنوات كاملة وانا اعلمك، حتى استطعت اعدادك لتكون صالحه للانتقال الى صفوف "الكاتو"،
      انا الذي قررت انك تصلحين ,ولو لم اقرر لما استطعت ان تبدأي معهم، لقد احببتك بجنون, وقد طلبت منك وقتها ان نتزوج وتبتعدي عن حياة الكاتو، وتنضمي الى سلك اخر من خلاله تستطيعين ان تخدمي عالمك، ولكنك لم توافقي وقتها، ولم تفكري الا في نفسك، اتذكرين يا "كونته"؟ اتذكرين؟!...".
      اجابته مرح : ـ لم انس ...، لم انس شيئا، ولكنك حينما طلبت مني ان تتزوجني لم اعارض ولم امانع، بل كنت سعيدة، كنت اسعد من في الوجود، ولاني وقتها لم اكن شيئا امامك، كنت مجرد تلميذة صغيرة انهت مرحلة الاعداد لتبدأ خطواتها الاولى كعاملة تحت التجربة في "الكاتو", وانت كنت العالم الكبير الذي خرج ويخرج مئات التلاميذ، كنت ذو شأن ومكانة .طلبت منك ان تعطييني فرصة صغيرة لاثبت وجودي وبعدها سأتخلى عن كل شيء من اجلك ،اما انت فكنت تصر ، وانت تعلم ان الزواج ممنوع للمنتسبين "للكاتو" الا بعد التخرج، وبعدها وافقت ان تؤجل الزواج الى ما بعد ان اتخرج واحصل على تثبيت في صفوف "الكاتو"، لقد كنت انت لي القوة والامل والثقة التي جعلتني اصمد واتحمل كل الصعاب من اجل النجاح والتخرج، لتفتخر بي وتعلم اني استحقك، ولكنك تخليت عني وعن كل شيء جميل، واختفيت دون وداع، لقد تركتني وانا في امس الحاجة اليك، سنوات طويلة مرت وانا ابكي وانتظر عودتك، ولا اعلم الى اين ذهبت، ولم يكن احد ليجيبني على سؤالي، ولكنني كنت متأكدة انك ستعود الي وتحتضنني وتمسح دموعي . مرت السنوات ونجحت وتخرجت، وبدأت رحلتي في صفوف "الكاتو"، حتى استطعت الوصول الى رتبة مراقب خارجي في "الكاتو"، وقتها تمنيت ان تكون موجوداً لتفرح معي، وتفخر بي، ولكن المفاجأة الكبرى والصدمة التي لم افق منها بسهولة، كانت حينما بدأنا نتعلم حكاية المتمردين وكيف نواجههم ، وحينها اطلعت على اسماء المتمردين وعلمت انك احدهم, بل انك اخطر المتمردين، وحينها فقط علمت حكايتك، وكم شعرت باني ساذجة حينما كنت اظن انك اختفيت في مهمة سرية من اجل مصلحة عالمنا ,لأعلم بأنك تمردت على كل شيء من اجل نفسك، وانك على استعداد لتدمير عالمنا من اجل بقائك، وقتها فقط مات قلبي، ولم يعد يهمني الا ان اقضي على كل المتمردين واولهم انت ...،
      حبي لك جعلني اكون شيئا لتفخر به، وكرهي لك جعلني اريد ان اكون كل شيء لاقضي عليك، حقدي عليك اعطاني القوة والنجاح ،لأقبض على عشرات المتمردين، وارتفع من مكانه الى مكانه اعلى، وضحيت بكل شيء في حياتي، ووصلت الى حلمي الكبير، واصبحت عضوا في مجلس "الكاتو"، هذه المكانه التي لم تحلم بها ولم تنجح بالوصول اليها ,ومنها قررت ان اصبح "حارسة ابواب الشر" لاحصل من خلال مكانتي هذه على المزيد من القوة والنفوذ والحرية في اتخاذ القرار, ولا اخفي ان الهدف وراء سعيي لاكون حارسه "ابواب الشر"، هو علمي الاكيد من خلال دراسه نفسيتك وطرق تفكيرك التي تبدو واضحة في كتبك ودراستك، انك ستسعى لاقتحام احدى هذه البوابات،وعلى الرغم انه مستحيل علينا المرور منها لطبيعة تكوينتنا، وان البشر هم الوحيدون الذين يستطيعون المرور منها، الا اني آمنت بأنك ستجد الطريقة لتعبر هذه البوابة، لتحطم المستحيل، وتكون اول الكونيين في عالمنا الذي استطاع تجاوزها, لقد امضيت سنوات من عمري وانا ادرس كل شيء يخصك، لأعلم ما هي الطريقة التي ستفكر بها، لقد ظن مجلس "الكاتو" بكامل اعضائه ان القبض عليك هو ضرب من المستحيل، واعدوا خططهم فقط لافشال اية خطة ستقوم بها، لقد امنو بأنهم بحاجة لمعجزة للقبض عليك، ولكني انا تلميذتك الصغيرة لم افقد الامل ولو للحظة واحدة باني قادرة على القبض عليك، وكنت على استعداد لأن اقامر بحياتي مقابل هذا ,وفعلت، ولأنك لم تؤمن بأن هناك من هو اذكى منك, فقد هزمت، لقد سيرت الامور انت كما ترغب، ولكنك لم تكن تعلم بأني انا الذي كنت اسعى لاجعلك تصل الى هذه المرحلة، لقد ظننت اني أقامر بانك لن تكتشف ان حسن مسير، واننا سندخل من خلاله معك البداية، لم تكن تظن ولو للحظة واحدة اني ساقامر بحياتي وارهن نهايتها بحركة واحدة من يد هذا المجنون البشري، لقد اعددت هذه الخطة وانا اعلم، وحتى القطط التي قتلت تعلم بأن املها في الحياة ضئيل جدا ويتوقف على مزاج حسن وباي القطط سيبدا, فلو اسعفك الحظ لكان اختار القط الذي يمثلني وهكذا كنت انا خسرت كل شيء وانتهيت وانت انتصرت ولكن حظك التعس جعلني اخرج واسيطر على الامور واحقق النصر الذي لم يستطع ان يحققه احد بعالم الكونين ويا استاذ المثل والقيم ايها المتمرد لقد سعيت لتدمير عالمنا، ومن اجل ذاتك وحب العظمه في داخلك، وها انت تسقط امام النظام والقانون الذي يحمي عالمنا .والان اقولها بكل فخر واعتزاز باسمي انا مرح حارسه ابواب الشر ممثله سلطة "الكاتو" اعيدك الى...". قاطعها نور وقال:
      ـ " مهلا يا "كونته"...". ردت مرح :
      ـ "خاطبني بلقبي واسمي!!!" قال نور:
      ـ "كونته حبيبتي، اسمعيني للحظة..." صرخت مرح : "خاطبني بأسمي ولقبي". وبلهجة الهزيمة قال نور:
      ـ" سيدتي الحارسه مرح، امنحيني لحظات اتكلم بها قبل ان تصدري امرك بأعتقالي واعادتي.". ضحكت مرح ساخرة من نور وقالت:
      ـ ومن قال لك انني ساعتقلك واعيدك، واتظن ان عالمنا بنقصه ان يعود اليه خائن متمرد، ليضيع الوقت في محاكمتك؟ انا سأنهيك.. سأقتلك.". قال نور:
      ـ " ولكن القوانين لا تسمح لك بذلك، ومن حقي ان احاكم، ولا يوجد قانون يسمح بأصدار حكم الانتهاء "الموت"." قالت :
      ـ "انا التي اقرر، ولدي الصلاحيات التي تعطيني الحرية بأتخاذ القرار الذي اراه مناسبا، ولهذا سأقتلك.". قال:
      ـ " ولكن هذا مخالف لكل القوانين التي تمثلينها." قالت :
      ـ القوانين التي تتحدث عنها انت ولم تحترمها وتمردت عليها، انا احترمها جيدا، ولكنك نسيت ان هذه البقعة التي تقع عليها "بوابة الشر" ،لا تخضع لسيطرة سلطتنا، ان القوانين ليست نافذة فيها. وهذا ليس السبب الوحيد، فالقانون قد اجاز لنا بعد ان تم تعديله بأمر من "المسؤول الاول" بالقضاء على أي متمرد اندمج وسيطر على جسد بشري...". ابتسم نور وقال :
      ـ " انا على استعداد للموت، وخاصة إن كنت انت قاتلتي, فيكفيني ان تلميذتي هي التي ستقتلني ,من اجلك غامرت بحياتي وتمردت، ومن اجل ان لا يكون ابناءنا عبيداً للبشر، يأمرونهم كيف يشاؤون، افضل ان اموت الان وبأمر منك، على ان اعيش اليوم الذي ارى فيه ابناء عالمي خدام للبشر, وسيأتي يوم وتعلمين ويعلم الجميع بأني قد ضحيت من اجلكم". قاطعته مرح قائلة:
      ـ " كفاك مكابرة ،اتظن ان كلامك هذا يؤثر بي؟ كفاك كذبا، فانا اعلم كل شيء, واعرف ان حجة الاندماج مع البشر من اجل السيطرة عليهم هي حجة فارغة، لقد اطلعت على هذه الدراسات التي تذرعتم بها لتخفوا المطامع الذاتية في داخلكم, وانا اؤيد القرار الذي اتخذه حكماء عالمنا بمنع الاندماج مع البشر، وانت؛ الم تفكر ولو للحظة بحجم الخطورة التي ستلحق بنا لو حصل هذا الغبي الذي اصطحبته معك على قوة الشر، وخاصة انه الشخص الغير مناسب لذلك."
      قال نور : ـ



      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن




      الحلقة العشرون


      قال نور : ـ البشر جميعهم واحد ولا فرق بينهم ,فما الفرق بين حسن وغيره من البشر ؟؟ ألن ياتي يوم ويدخل هذا المكان احد البشر ويمتلك القوة، لتكوني انت اول خادمة له ولنزواته البشرية، تظنين ان هناك فرقا بين البشر؟ جميعهم في النهاية يلتقون بحب ذاتهم وتعظيمها مهما اختلفت الوسائل والاساليب, فالطيب لا يختلف عن الشرير ,والمفكر لا يختلف عن الجاهل ، نزواتهم واحدة ، والقوة والعظمة هي الالهة الوحيدة التي يعبدونها بوعيهم وبغير وعيهم .". قالت مرح :
      ـ " صحيح انه سيأتي يوم ويدخل احد بني البشر هذه البوابة .. ولكن هذا البشري ان دخلها، فأنه يستحق ان يدخلها لانه استطاع الوصول للتميز ,وهذا الشخص لن يشكل خطورة، لا على عالمنا ولا على عالمه ,بل هو الذي سيسير بنا نحو مستقبل افضل، ولا وجود للمقارنة بين البشري "حسن" والشخص الذي سيستطيع المرور من هذه البوابة يوما ما. ". قال نور : ـ رائع يا "كونته" .. رائع يا صغيرتي !! صرخت مرح :
      ـ للمرة الاخيرة احذرك، ان اردت ان تخاطبني فخاطبني بأسمي ولقبي، فأما الصغير فهو انت، فلا تنسى في اللحظات الاخيرة المتبقية لك من اكون انا ومن تكون انت؟؟ ". قال :
      ـ" لم انس، ولا زلت اذكر انك " الحارسه "، ولكن يذهلني تحولك السريع من كره البشر واحتقارهم الى حبهم وتمجيدهم، ام انك من اليوم تمهدين للمستقبل الذي ستصبحين فيه خادمة "للسيد الجديد" الذي سيحكم عالمنا ويتحكم في مصيرنا؟ ". ردت مرح :
      ـ "انتهى وقتك ، وقد تحدثت بما فيه الكفاية، وقبل ان اصدر امري بإبادتك، اود ان اقول لك باني لم احب البشر يوما، ولن احبهم، وان كان هناك من هو افضل منا فسنعرف ذلك، وانا لم اكن ولن اكون خادمة لأي أحد كان، من البشر أوغير البشر .. وخسارة لو انك لم تتمرد ضد العالم الذي تنتمي اليه لكنت اليوم تشغل منصبا في مجلس " الحكماء " ... والان وداعا ايها الخاسر ... يا...". قاطعها نور وقال :
      ـ اسمعي يا مرح : قاطعته مرح وقالت : ـ " لقد قلت لك انتهى وقتك ، ولا اريد سماع أي شيء ..." بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر ..وبموجب الصلاحيات الموكلة الي..آمر بحضور "العقرب " الى هذا المكان .". مرت دقائق من الصمت الرهيب خيمت على المكان بعد صدور امر مرح، .. ونور تسمر في مكانه من الخوف، لا ينطق بكلمة واحدة، والقطط تحيط به وتحدق به وكأنها تشله عن الحركة، وانا اجلس واستمع للحديث الذي يدور بين الجني نور والجنية مرح، وفي لحظات وبعد ما يقارب الخمس دقائق من اصدار امر مرح، ظهرت عشر اعمدة من الدخان الابيض، وكأنها خرجت من الارض واصطفت امام مرح. ضمت مرح يدها اليمنى واصابع كفها الا الابهام واشارت باتجاه اعمدة الدخان المصطفة وقالت: ـ " بأسمي انا مرح .....


      ـ "بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر، وبموجب الصلاحيات الموكلة الي، ولانه لا توجد اية طريقة للقبض على هذا المتمرد واعادته الى عالمنا ليخضع للمحاكمة، آمر العقرب بأبادته، وابادة الجسد البشري الذي يسكنه، لصعوبة فصله عنه .. الامر نفذ... نفذ... ابيدوه ، ابيدوه .". وباقل من لمح البصر دبت الحياة بالاصنام "السبعة الصفر " الساكنة، واحاطوا بنور من كل الجوانب ونور يصرخ: ـ" ايتها الساقطة، ايتها الحقيرة، لقد خدعتني ،لماذا يا كونته ،لماذا يا ملعونة، ان أنا انتهيت فسيولد الف الف نور وسننتصر ...". اخذ صوت نور يتلاشى وما زال "السبعة الصفر" يدورون حوله، ومن سرعة دورانهم حوله لم استطع ان ارى ماذا يفعلون ولكن صراخه يدل على الم فظيع لا مثيل له، حتى القطط اقشعر بدنها لما رأت، ودب الخوف في قلبي، وعلمت بأن الدور علّي بعد نور، ومرح ما زالت ترفع يدها وهي تبتسم بخبث وكبرياء، حتى توقفت الدوامة التي احدثها "السبعة الصفر" ليختفي نور من الوجود. لا ادري كيف واين اختفى، وما هي الطريقة التي قتلوه بها، انزلت مرح يدها من جديد، وعادت الاصنام " السبعة الصفر" لتصطف من جديد في مكانها دون حراك. اقتربت مرح من القطط وجلست على الارض، والتفت القطط حولها واخذت تداعبهم وتتحدث معهم بحنان الامومة، وتقول: ـ " شكرا لكم لقد نجحنا، وهذا بفضل موافقتكم على التضحية من اجل عالمنا، انا اسفة على ما حدث لـ"روتو" و"بوتو"، اللذين قتلهم هذا اللعين ـ واشارت بيدها نحوي ـ لن ننساهم الى الابد، من اجل عالمنا يجب ان نفعل كل شيء، والان انتهت مهمتكم، وتستطيعون العودة الى الحياة الطبيعية.
      واخذت تقبل القطط، والقطط فرحة من حولها ،وتتسابق مع بعضها من الذي سيجلس في حضنها وسيقترب منها اكثر، وهي تضحك بسعادة لا مثيل لها، وتقول : ـ " والان بعد انتهاء مهمتنا بنجاح سننصرف الى احتفال النصر والنجاح معا .". وقفت مرح على اقدامها وسارت عدة خطوات، ورفعت يدها اليسرى مرة اخرى وقالت
      : ـ بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب الصلاحيات الموكلة الي ولانه لـم تكن هناك اية طريقة للقبض على " المراقبين " "القطط" بعد ان تمردوا لاعادتهم الى عالمنا ومحاكمتهم امر العقرب بابادتهم فورا الامر نفذ .. الامر نفذ... ابيدوهم...أبيدوهم .". وما هي الا لحظات حتى دبت الحياة فيهم من جديد، وتحركت الاصنام "السبعة الصفر" نحو القطط، والتفت حولها كعاصفة، ولحظات من الصراخ انتهت معها حياة هذه القطط، وانا لا افهم ما هو السبب لابادتهم، ولكني تأكدت ان دوري هو الاتي ان كانت القطط قد ابيدت، ولم اشعر بالراحة الا بعد ان رفعت مرح يدها وامرت "السبعة الصفر" بالانصراف، لتظهر فورا ثلاثة اعمدة من الدخان تدور حول الاشخاص "السبعة الصفر" ليتحولوا الى دخان ثم يختفوا ,وساد الصمت والهدوء في المكان الذي لم يبق فيه الا انا والجنية مرح، وما زلت صامتا مذهولا مما رايت وسمعت, انظر تارة الى مرح التي تقف بزهو وكبرياء، وتارة الى الساحة والاعمدة والاقواس العجيبة، افكر بما حدث، ولماذا حدث؟ وبماذا تفكر هذه المخلوقة التي في كل تصرف لها تحدث مفاجأة، فهي تبكي متى تريد وتبتسم متى تريد، اية مخلوقة هذه؟ اقتربت مني مرح ،ومع اقترابها لمحت في راسي فكرة سريعة اكدت لي ان مرح لا تنوي قتلي، ولو كانت تنوي لفعلت، ولا بد انها بحاجة الي في شيء ما، وكل ما حدث امامي افقدني الشعور بالخوف وزاد من شجاعتي، وقررت انه ان كان لا بد من الموت فليكن، ولكني ساموت بقوة وكبرياء.. ثورة وبركان تفجر في داخلي افقدني الشعور بقيمةاي شيء، حتى نفسي والحياة والاحلام والطموح، اصبحت اشعر بلا مبالاة تجاه كل شيء، حتى الجنية مرح وجبروتها وقوتها امام الشعور باللامبالاة الذي اصابني لم تعد شيئاً، لا ادري في تلك اللحظات هل مشاعري واحاسيسي ماتت؟ ام انا ميت واعيش بحياة اخرى؟ ام ان هذا المكان العجيب والمسمى ببوابة الشر افقدني خواصي الانسانية ,ام اني تعرضت لصدمة مما رأيت ونسيت الجزء الذي يتحكم بالاحساس من دماغي، لا ادري ما سبب التغيير المفاجيء الذي حدث لي، وكل ما اعرفه اني " حسن ابن البشر"، لقد فقدت احساسي بكل شيء. اقتربت مني مرح، ووقفت انا على اقدامي امامها بلا مبالاة او احساس اوشعور لوجودها، قالت وابتسامة النصر على شفاهها: ـ لو اردت ان اقتلك يا حسن لفعلت ذلك بسهولة، ولكنك تعاونت معي، وانا عاهدتك ان لا اؤذيك، وها انا اصون عهدي. حسن انت حر فيما تفعل، اللعبة انتهت، وصديقك المسمى "نور" انتهى من الوجود، واصبح جزءاً من الماضي، ماتت معه مئات الاسرار التي يعرفها عن عالمنا والتي كانت تشكل خطورة، نور انتهى وانهى معه الخوف، ولا انكر انك ساعدت يا حسن في انجاح ذلك، وانا عاهدتك وانا عند عهدي..". ضحكت وقلت لها: "عن أي عهد تتحدثين انت؟ لقد كذبت وخدعت وخنت يا مرح. قتلت نور وكذبت وتدعين بانه لا توجد طريقة لاعادته الى عالمك, وحتى ابناء عالمك قمت بقتلهم دون سبب ...انا لا افهم ما السبب الذي دفعك لقتلهم، وكيف تمردوا لتقتلينهم، الم تكوني منذ لحظات تداعبينهم وتقبيلنهم ؟".
      ضحكت وقالت: ـ الامر طبيعي، هناك نهاية لكل شيء، ان لم تكن اليوم فستكون يوما ما، ونور كان يجب ان يباد، فلماذا التعب واعادته ومحاكمته، فانا افترضت اني لم استطع القبض عليه، ولم تكن هناك طريقة اخرى، عندها كانت لدي الصلاحيات لابادته، وبصراحة لو اعدته الى عالمي وحاكموه وبقي في السجن، فأنه كان سيبقى بالنسبة لي ذكرى وساذكره دائما،وقد اشتاق لرؤيته، ولهذا قررت ان يموت، انا ضحيت بحياتي لاقبض عليه، ولهذا اشعر أني صاحبة الحق الوحيدة في اخذ حياته، وهو يستحق ذلك، ولا وقت لدي لاعادته، فهناك اشياء اهم وبما اني املك صلاحية الابادة، فأني احب ان استخدمها بطريقتي انا..اما القطط، فقلت لك ان لكل شيء نهاية، فما الفرق ان ماتوا الان أوبعد الف عام، فهم في النهاية سيموتون، ولنفترض انك قتلتهم كما قتلت القطين اللذين سبقاهما ، او ان مكان أي منهم كان هو مكان القطين اللذين ماتا، الم يكونوا قد ماتوا؟ ولنفترض انهم تمردوا، ففي هذه الحالة انا املك صلاحية ابادتهم، وبصراحة اكثر، هذا اليوم وما حدث اليوم لا يعرفه احد الا انا وانت، فهو اصبح جزء من الماضي وانتهى، ولا اريد ان اذكره او يذكره احد...". قلت لها : ـ " والاشخاص "السبعة الصفر" الن يذكروه؟". ضحكت مرح وقالت: ـ "انهم مجرد قوة ابادة لا دخل لهم في أي شيء مهما كان الا ان يتلقوا الاوامر، ويبيدوا من يُأمروا بابادته، فهم صمموا ودربوا على الابادة ولا شيء غير ذلك، اصنام متحركة تبيد بلا رحمة وبلا تفكير الا بتحقيق الهدف، وانا اخذت صلاحية باستخدامهم متى اريد، ولا احد غيري يستطيع التحكم بهم، فانا مرح التي يثق بها وبقدراتها الجميع، وانا مرح التي لم افشل في شيء حتى الان، ولهذا منحوني هذه القوة، التي بها سأحكم يوما مجلس "الكاتو" بكامله، ولسخرية الايام، فان هذا السلاح الفتاك قد شارك نور بنفسه منذ سنوات طويلة في تطويره، وها هو احد الذين اسُتخدم ضدهم هذا السلاح الفتاك، لم يكن مسموح باستخدامه بأمر من مجلس الحكماء ولم يسمح حتى للمجلس بكامله بأن يستخدمه، بل صدرت الاوامر للعلماء بالبحث عن اية طريقة لابادته والتخلص منه سريعا، ولكن بما ان القانون لا يسمح بالقتل، وخاصة انهم بالاصل من ابناء عالمنا وليس لهم ذنب انهم صمموا بهذه الطريقة، فقد تم حجزهم، وجمدوا كاصنام حتى يجد العلماء الطريقة المناسبة لانهاء هذه المشكلة .. وانا مرح بذلت الجهد لسنوات طويلة ليسمح بأستخدامهم لمواجهة مشكلة المتمردين بأجساد بشرية، وان الخطر الذي سيجلبه المتمردون يفوق خطر هذه الفرقة، واستخدم هذا السلاح للمرة الاولى بسيطرة واوامر مشتركة من مجلس الحكماء ومجلس "الكاتو" معا، وهكذا تبين ان له دور كبير جدا وفعال، واستطاع مجلس "الكاتو" ان يأخذ صلاحيته لوحده، على شرط ان لا يستخدم الا بأمر من جميع اعضاء المجلس، ومرت سنوات اخرى حتى استطعت ان اقنعهم بانه سيكون فعالاً اكثر لو اننا استطعنا ان نصدر له اوامر سريعة ومباشرة، بدلاً من الاوامر الجماعية، وهكذا ومع الوقت استطعت ان استحوذ عليه، واملك الصلاحية بأستخدامه.
      قلت لها : ـ "مرح انت وقحة لدرجة كبيرة ". قالت : ـ "وانت لا شيء ويكفيك شرفا اني اتحدث اليك " ـ " ويل لعالم انت منه يا مرح ". ـ "ويل لك انت يا حسن ان انا غضبت " ضحكت وقلت : ـ "وماذا بوسعك ان تفعلي؟ ستقتلينني؟ لن تستطيعي يا مرح، انا وانت نعرف ذلك جيدا". " ولم تظن ذلك؟ فلو اردت قتلك لفعلت ذلك في لحظات، ولكني اصون عهدي ". ـ "لو كانت المسألة متعلقة بالعهود لكنت ميتا منذ زمن، ولكن الموضوع يتعلق بشيء ما تفكرين فيه وتسعين اليه، وانت بحاجة الي حتى تحقيقه، وبعد تحقيقه سيكون دوري قد انتهى، اليس كذلك يا مرح؟ ". ـ "شاطر يا حسن، هذا صحيح، وانا فعلا بحاجة اليك، والشيء المضحك فعلا انني انا مرح بحاجة الى "واحد مثلك"، وهذا هو السبب الحقيقي وراء صبري عليك كل هذه المدة الطويلة يا حسن.". ـ "وما هي حاجتك الي ؟"
      تنهدت وقالت : ـ "حلم نور منذ سنوات طويلة، هو ما اريده !" ـ "ايتها الداهية اللعينة، والله لقد شعرت بذلك منذ البداية، لقد علمت انك تخططين لشيء كبير.. ما اغباني وما اغبى المسكين نور ، مرح، صدقيني انت داهية .".
      قالت ساخرة : ـ "انتم اغبياء لا شك في ذلك، ولهذا استطعت ان اسخركم للوصول للهدف.".
      قلت لها : ـ "كيف تفكرين ؟.. لا ادري أي عقل شيطاني تمتلكين ، والله ان قوة الشر التي تتحدثين عن وجودها وراء هذه الاقواس لا شيء امام هذا الدماغ الذي تحملينه .. وان كان هناك قوة شر حقيقية فهي في دماغك انت يا مرح .اتعلمين يا مرح؟ ينتابني شك ولو حتى كان بسيطا بانك ستقتلينني حتما .. يجوز اليوم او غدا، وهذا ما اقرأه في عيونك منذ البداية ، ورغم كل هذا، الا انني على استعداد ان اساعدك باي شيء استطيعه للوصول الى النهاية التي تسعين انت اليها فقط، لا لشيء وانما لاعرف ما هي النهاية، وكيف ستكون ، لا تتفاجئي يا مرح مما اقول، فانا ابن بشر، وانت تعرفين كل شيء عنا، ولكن هناك جوانب مخفية لم تستطيعوا بعد الوصول اليها، الان لم يعد يهمني شيء، لا القوة ولا الحب ولا حتى السعادة، ولا أي شيء اخر سوى شيء واحد يشدني فقط، معرفة النهاية , يجوز ان يكون حب الفضول هو الذي يتملكني ، نعم انه حب الفضول القاتل، ولكن لا يهم، لا اريد شيئاً سوى ان افهم.". ابتسمت مرح وقالت
      : ـ اسمع، لا يمكن لشيء ان يستمر كما هو، فكل شيء يتغير وفق الظروف والاحداث التي تحيط بنا ، كما انه يوجد قواسم مشتركة كثيرة بيننا وبين البشر، الا وهي الحلم بالمستقبل ، والاحلام يا حسن تتغير يوميا، فاليوم نحلم بشيء ما للغد، وعندما يأتي الغد نحلم بشيء آخر لليوم الذي يليه.. حسن، ان القاسم المشترك الاقوى هو الفضول ، الفضول لمعرفة المجهول...فقوة الشر المخفية خلف هذا الباب، والتي لا يعرف حقيقتها احد، او ما هي او كيف شكلها او ما هي طبيعتها، اثارت الفضول والخوف معا .. الفضول من هذه القوة، والخوف الممزوج بالفضول. من الذي سيمتلكها ويستطيع بها ان يدمر ان اساء استخدامها العالم او يجعله افضل ان اجاد استخدامها ...هذه القوة يا حسن بقيت اسطورة مستحيلة، لا يمكن الوصول اليها، ولكن علمنا بأن احد من البشر سيصل الى هذه القوة، وكان من المعروف ان أي من ابناء عالمنا لا يمكن ان يحصل عليها لان هذا مستحيل، وهذا بسبب خواصنا، لهذا لم يكن احدنا يفكر او يحلم بالوصول اليها، وكل ما كان يشغلنا هو المحافظة على عالمنا وعلى عالم البشر لارتباطه بعالمنا، وبعد ان تمرد نور وهو من كبار العلماء والاساتذة المتخصصين في عالم البشر، وعاش بين البشر واستطاع ان يجمع المتمردين من حوله ليشكل بهم قوة يستطيع بها السيطرة في المستقبل، والحرب المستمرة بين سلطة عالمنا والمتمردين، والتي دارت معظمها على الارض، واخطر هذه الحروب كانت مع المتمردين الذين استطاعوا استغلال اجساد بشرية ليملكوا الخواص البشرية وخواص ابناء عالمنا معا، والنصر كان دائما لسلطة "الكاتو"، ولهذا بقي المتمردون في حالة من التشرد الكامل، وهذه القصة طويلة وجذورها منذ الاف السنين تتجدد دائما مع تمرد احد جديد من الجيل الجديد، وهذا ليس موضوعنا، لم اكن انا احلم بالشيء الكبير في حياتي، فقط اردت ان اكون واحدة لها شأن بسيط، او استطاعت ان تحقق شخصها.. ولكن حبي الكبير لنور، استاذي، في سنوات تمهيدي للبداية، وبعد ان اختفى ،جعلني اهتم بكل صغيرة وكبيرة تخصه، وحينما سنحت الظروف وكشفت الامور امامي، وعلمت انه تمرد، بدأت ابحث عن كل الاسباب التي تدفع عالما كبيرا ذو شأن مثل نور ـ والذي كان بأمكانه الوصول الى اعلى مراكز السلطة في عالمنا وهي مجلس الحكماء ـ الى التخلي عن كل شيء والمخاطرة والتمرد، والاندماج مع جسد بشري، واحتمال العذاب الذي سيعانيه بسبب هذا الاندماج. لقد كان المفهوم الشائع ان هؤلاء العلماء حينما تمردوا فعلوا ذلك حبا باظهار صدق نظريتهم ,بأن السيطرة على البشر من خلال قانون الاندماج هي التي ستمنع حدوث كوارث، واعُتبروا بانه اصابهم جنون العلم والمعرفة، وانا شخصيا اقتنعت بهذه النظرية وبهذا السبب للتمرد من قبل اشخاص ذو شأن ومكانه، ولكني لم اقتنع بأن نور بالذات يسعى لتحقيق نظرية علمية من خلال الاندماج، وحبي وتعلقي بنور اثار بداخلي الفضول الذي جعلني ابحث عن كل شيء يخص نور لادرسه، لعلي اجد اجابة لما فعل .. امضيت سنوات وانا اقرأ واحلل الدراسات التي اعدها نور، وكم كان هذا صعباً لان هذا ليس مجالي، وانه مجرد كلام علماء لا يفهمه الا العلماء، ولكني بذلت المستحيل حتى بدأت المس ان نوراً يسعى لشيء مستحيل، الا وهو دخول بوابة الشر والحصول على القوة، ليكون اول ابناء عالمنا الذين استطاعوا دخول هذه البوابة التي توصل الى القوة ومن هنا بدأ اهتمامي "بقوة الشر" وبدأت بالبحث لافهم ما هي، وعلمت بانها المستحيل، ولكن ثقتي بعقل نور الكبير الذي لا يمكن ان يحلم بشيء الا اذا كان عنده امل ولو واحد بالمليون من قدرته على تحقيقه، اصابني مرض "حلم نور"، وبدأت افكر وخططت حلمي مستندا الى هذا الحلم، حلم الجنون، وامضيت سنوات طويلة من العمل الشاق، والذي ضحيت من اجله بكل شيء، لاستطيع الوصول الى مكانة " حارسة ابواب الشر" بجدارة، وساعدني الحظ بان الحارسة القديمة قد انهت مدتها في حراسة احدى البوابات، وكانت فرصتي ونجحت ووصلت الى هذه البوابة، وشاءت الصدفة السيئة والسعيدة، ان تأتي انت بطريقي واختي الوحيدة، والتي هي اغلى ما عندي والتي اهملتها لسنوات طويلة، تتزوجك وتصبح من المطلوبين للقانون، وهكذا وجدت من هذه الصدفة السيئة، فرصة سعيدة لاستغلالك لتحقيق هدفي بالوصول الى نور، وساعدت بكل الطرق وبمنتهى الحذر نوراً دون ان يدري لجره للوصول الى هذه البوابة، وكم كان هذا شاقا ومتعبا، وكان حلم نور الجنوني في دخول بوابة الشر، والذي وجد الطريقة من خلال استغلالك، واستطاع ان يفك رموز الابواب، وجعلني استغل عقله ومعرفته في ان ادخل انا من خلاله البوابة، ولم يكن يتوقع هو ذلك، وبصراحة، بدونه لم اكن استطيع دخول هذه البوابة رغم اني حارستها، وهكذا دخلت عبر حلم نور وانتهى نور وبقيت انا". انهت مرح كلامها، ولا اخفي انني كنت مبهورا من ذكائها وقدراتها العجيبة، وقلت لها: ـ

      يتبع ..,,
    • زوجتى من الجن




      الحلقة الواحدةوالعشرون
      وقلت لها: ـ ولكن كيف سندخل البوابة الاخيرة ونور الوحيد الذي يستطيع فك رموزها ". قالت : ـ "سنسير عبر الساحة انا وانت معا، حتى نصل الاقواس الخمسة الصغيرة التي تسبق البوابة الرئيسة، وعندما نصل ساشرح لك ". قلت لها : ـ " هيا بنا نسير بدلاً من اضاعة الوقت." واردت ان ابدأ بالسير باتجاه الاقواس الخمسة، ولكنها امسكت بيدي وقالت : ـ "انت مجنون اتظن الامر بهذه البساطة ؟". ـ "ولم لا، عدة خطوات ونصل الاقواس .". ضحكت مرح وقالت : ـ "فعلا انك ساذج، اتظن ان المسافة بينك وبين الاقواس عدة خطوات، وان الامر بهذه البساطة، خطوة واحدة نخطوها بالاتجاه الخطأ ستكلفنا عشرات السنوات حتى نصل الاقواس... سأشرح لك كيف ستمر ، انظر الى الساحة جيدا، انها مرصوفة بالاحجار السوداء، ولا فرق بين حجر واخر، والاعمدة تحيط بالساحة من كل الجوانب، وللاعمدة ظلال انعكست على الحجارة لا تراها بسهولة ... يجب التركيز حتى تراها، وان اخطأت ودست على احد هذه الظلال، فستختفي الساحة، وتسقط في فضاء لا نهاية له، لهذا يجب ان تحذر، واثناء سيرنا على الحجارة المرصوفة، ستظهر بجانب الاعمدة وحوش وحيوانات مفترسة، ان اخطأت ودست بقدميك اكثر من حجر، فستهجم علينا، وستكون نهايتنا، ولهذا قبل ان تضع قدمك على حجر اخر، يجب ان ترفعها عن الحجر السابق، وايضا كلما تقدمت باتجاه الاقواس، ستتعرض لهجوم من وحوش او من اشكال مختلفة، لا تخف، بل لا تأبه لوجودها، وكلما تقدمت اكثر،و لامست قدمك حجراً، سيسقط من مكانه، اياك ان تفقد توازنك، وضع قدمك في الفراغ مكان الحجر، ولا تخف، فالحجر لم يختف في الحقيقة، وكلما تقدمت، ستجد ان على الحجر الذي يجب ان تدوس عليه شيء يمنعك من ان تدوسه، فلا تتردد ودس عليه مهما كان، وايضا ستشتعل نار لم تر لها مثيلاً في حياتك، ستشعر بحرارتها فلا تتراجع بل اقتحمها ، وفي المرحلة قبل الاخيرة، ستتحرك الاعمدة وتهتز، لتلامس ظلالها في كل لحظة اكثر من حجر، وهنا انت بحاجة الى كامل تركيزك ولدقة كبيرة جدا، اما المرحلة الاخيرة قبل الوصول الى الاقواس، فهي المرحلة الصعبة جدا، والتي تحتاج الى ارادة قوية جدا، وعندما نصل الى تلك المرحلة بسلام سأقوم بشرحها لك .. اجلس الان واسترح وخذ الوقت الذي تحتاجه وعندما تشعر انك على استعداد، سنمضي في رحلتنا .". اطرقت قليلا افكر بهذه الاهوال والمصاعب التي يجب ان امر بها، ولكني لم استطع ان اتخيل حدوث كل ما ذكرته في هذه المسافة القصيرة، فالمسافة حيث اقف وحيث سأبدأ وبين الاقواس التي اراها امامي لا تتجاوز عشرة امتار، أي انه يمكن قطعها بدقائق او باقل . اخذت ما احتاج من الراحة وقررت البدء بثقة عالية بالنفس، ورغم صعوبة الامور، الا اني تصورتها سهلة... وقفت على قدماي، وقلت لمرح: ـ "اني مستعد للبدء ." قالت لي: ـ انا واثقة من قدرتك يا حسن على اجتياز هذا الامتحان الصعب، سأكون معك خطوة بخطوة، ولكن لن تراني، ولا تحاول البحث عني ولا تحاول ان تتحدث بصوت عال، ان اردت ان تحدثني فأفعل ذلك بدماغك، دون أي استخدام للصوت او الهمس، سأرشدك خطوة بخطوة وساكون معك، لن تسمع صوتي ولا تحت أي ظرف، ولكن ان حصل وسمعت صوتي، فلا تصغي اليه، قد تحدث مفاجآت لم احك لك عنها، فكل ما هو مطلوب منك ان تسيطر على نفسك وان تتعامل كأن لا وجود لها ." قلت لها :


      ـ" اني على استعداد وانا جاهز." اقتربت مني، ووضعت كفيها على خدي، واخذت تنظر في عيوني وتقول: ـ "حسن ثق بانك قادر .. ثق بانك قادر.". واعادت علّي كل ما قالته ،تشرح الخطوات التي يجب ان اتبعها، وما زلت اصغي واحدق في عيونها حتى وجدت نفسي احدق في فراغ، اسمع صوتها دون ان اراها، لا اسمع صوتها من خلال اذناي، بل من خلال دماغي، وكأنها اصبحت فيه او اني احدث نفسي .. ـ "حسن هل انت مستعد؟" اجبتها: ـ "نعم انا مستعد ...". ـ "اذن هيا سر يا حسن، ضع قدمك اليمنى ثم اليسرى بجانبها على الحجر الاسود، ولا تتحرك، جيد يا حسن، ساعيد تحذيرك: اياك ان تسرع، هيا.. هل ترى الظل المنعكس؟ انه واضح الان، اقفز عنه بقدمك اليمنى على الحجر الذي يليه، جيد يا حسن...". وهكذا كررت المحاولة مئة مرة، ولم يكن من الصعوبة رؤية الظلال، ولكن الغريب ان الاقواس ما زالت بعيدة، او ان المسافة التي قطعتها لم تقربني من الاقواس، استعددت للخطوة التي تليها، وصوت مرح يرشدني بهدوء وثقة عالية، ولكن الظلال لم تعد ترى بسهولة، ولهذا كنت اقف دقائق لاتأكد من رؤيتها، وبعد ان تبينت الظل قررت القفز، لا تفاجأ بمئات الحيوانات التي تحيط بي من كل جانب، وكأني دخلت عالما اخر، انظر الى الخلف وكل شيء قد اختفى، فضاء واسع شاسع لا نهاية له خلفي، خطوة واحدة فقط الى الخلف وتكون نهايتي، ولا ادري ان كان هذا وهم او حقيقة، ولكني اشعر بأنه حقيقة. أنظر حولي لارى حيوانات لا تبعد عني الا امتاراً قليلة، حيوانات منها ما اعرفه وعهدته مثل النمور والقطط، ومنها ما لم اره في حياتي، ولم اسمع عنه، كقرود لها مخالب وانياب وراس كبير، وحيوانات بثلاثة ارجل وباربعة وخمسة وعشر ارجل، واشكال تشبه الانسان الا ان الراس يشبه رأس الضبع، لها قدمان واربعة ايدي، حيوانات ومخلوقات غريبة كثيرة، اشتركت جميعها بالتأهب والاستعداد للهجوم، ومرح تحدثني: ـ "لا تخف.. لا تخف يا حسن.. لن تهجم عليك حتى لو اقتربت منها، والان حاذر ولا تجعلها تشتت ذهنك، ان دست على اكثر من حجر ففي هذه الحالة فقط ستهجم، حاول ان لا تنظر باتجاهها .. ركز مع الظلال فقط، وركز في ان ترفع قدمك قبل ان تضع قدمك الاخرى على حجر، هيا يا حسن..". ورايت ظلين متتاليين ، فقالت: ـ "اقفز عنهما الاثنان الى الحجر الثالث، ستنجح.." وفعلت، وكررت العملية اكثر من خمسين مرة، والحيوانات ما زالت تحيط بي، الا انها بدأت تصدر اصواتا مختلفة وغريبة، كادت تفجر رأسي، ووددت لو اني استطيع ان اضع اصابعي في اذني حتى لا اسمع صوتها .. خطوات اخرى ،واختفت جميع الحيوانات من حولي، وتنفست الصعداء وسرت خطوة تلو الخطوة بهدوء، وفجأة ودون سابق انذار، هجمت علي مجموعة من القرود، خلفها نمور وقطط وضباع ووحوش كثيرة ومتنوعة، للحظة اردت الهرب، الا ان صوت مرح صرخ بي وقال: ـ " اياك ان تلتفت الى الخلف .. اياك.. قف مكانك ولا تتحرك .. انظر اليها ولا تغمض عينيك، لا تخف يا حسن، واياك ان تفقد توازنك ...اياك .". بدأت اسمع اصواتا مخيفة آتية من خلفي، وحيوانات مفترسة، ما هي الا خطوات وتفترسني، وصوت مرح يحذرني ... بدأت الحيوانات تقفز علي الواحد تلو الاخر، ومع كل قفزة اشعر بأن هذه نهايتي ، خوف يتملكني وجسدي تتساقط منه حبات من عرق ... حيوانات تقفز باتجاهي، وعندما يصلني يختفي كأنه لم يكن ، ورغم قناعتي بأن ما اراه ما هو الا وهم وخيال، الا ان الطريقة التي تهاجمني بها هذه الحيوانات تجعلني اشعر بحقيقتها، واشعر بأن الاول ان لم يؤذني فإن الثاني سيفعل، ولا ادري كم مر من الوقت وانا اتعرض لهذا الهجوم الوهمي الحقيقي، هل هي ساعة ام يوم ام عام ؟. انتهى الهجوم، وطلبت مني مرح ان التقط انفاسي وارتاح قليلا وأقف، وبعد ان كررت العملية وسرت عدة خطوات، رفعت قدمي، وقبل ان ادوس بها على البلاطة، اختفت البلاطة من تحت قدمي ،وشعرت بأني ساسقط في هاوية ، ولكن الحظ اسعفني في اقل من رمشة عين، ولم انقل قدمي، لتستقر مكان الحجر حيث كنت ارى الفراغ، ولكن تحت قدمي شيء صلب.. ومرح تشجعني، ليزداد الشعور بداخلي بأن الحجارة التي تختفي قبل ان ادوسها موجودة. سرت بسهولة وثقة أكبر، حتى وجدت امامي ناراً كأنها الجحيم، لم ار في حياتي نارا اعظم منها، لم اشعر بالخوف من النار التي امامي رغم ترددي من طلب مرح ان اقتحمها ولا اخاف، فهي لن تحرقني، ولكن كلما اقتربت اخذت اشعر بحرارتها اكثر ،وبدأت اتأكد بانها حقيقية اكثر من كونها وهمية، ولكني كنت استجمع شجاعتي واسير، ومرح تشجعني ... اقتربت من النار واذ بصوت مرح يصرخ بي بصوت عال: ـ "عد الى الخلف بسرعة يا حسن .. عد واستدر الى الخلف يا حسن... لا تتقدم .. لا تتقدم !!"
      وفي محاولتي للتراجع اتاني صوت مرح من جديد، تنبهني، وصرخت بي قائلة : ـ "لا تصغ للصوت الذي سمعته يا حسن، اكمل طريقك..اكمله يا حسن .". وقعت في حيرة من امري بين صوت مرح الذي يدعوني للعودة الى الخلف، وبين صوتها الذي يحذرني من الاصغاء للصوت، لياتيني صوتها يؤكد لي بانها من دعتني للمضي قدما حيث قالت لي : ـ " يا حسن لقد حذرتك من كل صوت تسمعه حتى لو كان صوتي، فهذه خدعة البوابات يا حسن..." شجعني صوتها واقتحمت النار بثقة، وحاولت ان اسرع لاتفادى حرّها ، نجحت في عبورها وتوقفت بعدها لالتقط انفاسي ونظرت الى الاقواس لاشعر انها قريبة .. قريبة جدا .. جدا. وبدأت استعد للمضي قدما، فالتفت حولي لاتبين محيطي، فصعقت حينما رايت عشرات الظلال تتحرك الواحد تلو الاخر ، نظرت الى الاعمدة ورايتها تهتز بقوة، وحينما نظرت الى الظلال مرة اخرى علمت في قرارة نفسي باني هالك ولا ريب . اخذت احدث مرح قائلا لها : ـ" ان من المحال ان استطيع تجاوزها !" لكن مرح تقول لي : ـ "بل تستطيع يا حسن، ركز قليلا فقط... ركز يا حسن !!" عدت انظر الى الظلال مرة اخرى فوجدت انها تتحرك الواحد تلو الاخر بسرعة كبيرة، الواحد تلو الاخر وبأقل من رمشة عين، لم اكن استطيع ان ارى الحجر الا والظلال تمر عليه، وهي تغطي اكثر من عشرين حجراً او اكثر، وكأنها مروحة كهربائية، دب اليأس في قلبي على الرغم من تشجيع مرح المستمر لي، حتى صرخت بها: ـ "كيف... كيف يمكن هذا... مستحيل... مستحيل ان امر دون ان المس الظلال ..". فقالت مرح: ـ لا تخف، ان ركزت بصرك جيدا وقفزت قفزات سريعة جدا ستتجاوزها، لم اقتنع بما قالت، وكلما حاولت ان اقنع نفسي بكلامها، وجدت انه من المستحيل، مرت اكثر من ثلاث ساعات ولم تنجح مرح بأقناعي، حتى انها هي قد يئست من تلك المحاولة ، مما زادني يأسا واحباطا لشعوري بأن مرح لا تجد الوسيلة لاخراجنا من هذا المأزق، مرت ساعات اخرى، والارهاق والتعب قد استوليا علّي، حتى قالت مرح : ـ "حسن لا توجد الا فرصة واحدة فقط، وهي ان اسير انا في جسدك". ـ "كيف ؟" ـ "ملكني دماغك بأرادتك لا تحكم فيه حتى استطيع ان اسير جسدك.". خفت من كلام مرح وطلبها خوفا اشد من خوفي في الساعات الاخيرة، ولكنها قالت : ـ "لا داعي للخوف، لا يوجد شيء يستحق الخوف، فلو اردت شيئا بك لفعلت ، ولكن لا توجد غير هذه الطريقة .. هيا يا حسن، دعني اتحكم بدماغك بالكامل، لا يوجد لدينا وقت حتى اطرد التعب من جسدك واستطيع ان اسير من خلال استخدام الطاقة الكاملة للدماغ.". استسلمت لها ونفذت ما طلبت وفقدت الاحساس بوجودي .. ووجدت نفسي خارج الظلال. لم اشعر بشيء ولم اع ما حدث الا عندما ما خاطبتني قائلة : ـ " لقد نجحنا يا حسن، عد لطبيعتك الان .". شعرت وكأنها خرجت من رأسي، حاولت تذكر ما حصل، ورايت كيف قمت بقطع الظلال بسرعة غريبة دون الشعور بوجودي ، لم افهم كيف فعلت هذا ولكني سألتها: ـ "كيف حدث ذلك يا مرح ؟". ـ "ان قوة دماغك البشرية قادرة على صنع المعجزات، فبتحكمي به استطعت ان الائم وزن جسدك بالجاذبية الموجودة في المنطقة، واستطعت ان ابرمج بصرك وخطواتك بما يتلاءم مع سرعة دوران الظلال، واستخدمت الحواس الاخرى والطاقة الكامنة التي لا تستطيع استخدامها لاعطائك القوة والسرعة... "وهكذا نجحت في ذلك، والان انت امام الاقواس، وبقيت مرحلةواحدة وينتهي التعب والارهاق". ـ ما هي ؟ ـ انها المرحلة الصعبة التي ستسير بها حتى تصل الاقواس، صحيح انك ترى ان المسافة عدة خطوات، ولكن المسافة في الحقيقة اكثر من ذلك بكثير ، ان نجاحك بهذه المرحلة سيعتمد على قوة ارادتك ! يجب ان تسير بلا توقف مهما كان السبب حتى تصل، وان توقفت للحظة واحدة ولاي سبب كان فستكون نهايتنا معا، مهما رايت ومهما سمعت، اياك ان تتوقف .". ـ وهل هناك ظلال او امور اخرى . ـ "لا، لا توجد ظلال ولا أي شيء اخر ولكن الخطر الحقيقي هو ان تتوقف ... فقط سر ولا تهتم". ـ " انا على استعداد .". ابتسمت وقالت : ـ "كلا خذ قليلا من الراحة الان، وان اردت ان تنام قليلا فلك ذلك، وبعد ان تتاكد من انك جاهز سنسير.". ارتحت عدة ساعات وبدأت اسير بأتجاه الاقواس التي اراها بالعين لا تبعد عني خمسة او عشرة امتار فقط. بدأت اسير واسير واسرع وابطىء حتى بدأ العرق يتصبب من كل جسدي، والتعب والارهاق يصيبني دون ان اصل. مرت ساعة وساعات وفي كل لحظة اظن اني وصلت، لكني لم اصل، انظر حولي، واجد بأن المسافة تزداد ولا تنقص .. مرت عشر ساعات ولم يعد جسدي يقوى على حملي ، وعدة ساعات اخرى مرت وبدأت اجر قدماي جرا وانا عطش وجائع ، ساعة تلو الساعة ومرح تقول لي اصبر .. اصبر، ولكن العطش استولى علّي ولم تعد قدماي قادرة على حملي ، انظر الى يميني فارى واحات ماء، لم اشعر بنفسي الا وانا اسير بأتجاهها .. ومرح تحذرني وتصرخ بي : ـ " اياك والاقتراب". اصبحت امر من واحة الى اخرى، وارى انواع الطعام بما لذ وطاب ومرح لا تزال تحذرني وتشجعني.. ولا تزال الصور الغريبة تدور من حولي ، صور غريبة لفتيات وينابيع ماء وحدائق ازهار لا ادري ان كنت اهذي ام ان الذي اراه حقيقة . لم اشعر بنفسي الا وانااستلقي على الارض بجانب الاقواس ... ومرح تجلس بجانبي، فتحت عيني، وعلمت منها انني قد نجحت بالوصول ،وانني قطعت مسافة استغرق قطعها من الوقت سبع وعشرون ساعة ، واني نمت بعد ذلك الجهد اكثر من عشر ساعات. كانت مرح فرحة مسرورة ، فشردت بذهني بعيدا عن انتصار مرح، وجلت ببصري انظر الاقواس الضخمة التي ابهرتني رؤيتها، وسرح خيالي بمقارنة نفسي معها لاشعر بنفسي نملة تقف بجانب احد الاهرامات .. وقفت على قدميّ، نسيت كل التعب والجوع والعطش وكانه كان وهما ليس اكثر، تأملت مليا تلك الاقواس الخمسة العملاقة والبوابة التي خلفها وكانها تكاد تلامس الغيوم بارتفاعها، فقلت والفرح يعتريني: ـ "وصلنا يا مرح وصلنا ..!!". ردت علّي : ـ " اقتربنا .. اقتربنا من الاقواس اكثر ...". واخذت انظر الى البوابة التي خلفنا ، تلك البوابة الضخمة الجميلة الملونة بالاف الالوان الممزوجة معا بتناسق فني جميل جدا ، او ربما هي الوان جديدة لم ارها من قبل ..صور ورسومات منقوشة بحرفية على البوابة لا تعد ولا تحصى ، عشرات الالاف من الصور التي تمثل بحارا واشجارا ، حيوانات ونجوما واقمارا وبشرا ونباتات واسماكاً وغيرها مما لا يوجد له في قاموسي تسميات، فكل واحدة تجذبني للتأمل فيها وفي ابداع نقشها، واذ انتقلت الى الاخرى اجد مزيجا مميزا من الابداع واذا عدت الى الاولى اجدها اختفت او اني اتوه بين الاف الصور والرسومات فلا اجدها ، تملكني شوق عظيم للاقتراب من هذه البوابة، شيء ما يشدني بجنون للاقتراب منها، لا اعلم هل هو جمال رسوماتها ام ماذا ؟ التفت صوب الجنية مرح، واخذت احثها على الاسراع : ـ "هيا يا مرح هيا ..". ـ الى اين ياحسن ؟ اتريد الدخول الى البوابة ! لا تستعجل يا حسن، فأولا يجب ان تعرف أي الاقواس يجب ان تدخل حتى تصل الى البوابة .". اخذت مرح تنظر الى الاقواس وتسير بالقرب منها وهي تفكر .. للمرة الاولى ارى على وجهها علامات الحيرة والقلق، اردت ان اسالها: "ما الصعب بدخول الاقواس وكل الاقواس تؤدي الى البوابة؟ وهذا ما هو واضح للعين، ولكني فضلت الصمت، اذ اني شعرت بسذاجة سؤالي، وتذكرت انها قالت ما قاله نور منذ البداية: بأن قوسا واحداً هو الذي يوصل الى البوابة، اما بقية الاقواس فهي تدخل الى اللا نهاية ... وبلمحة عين نظرت الى مرح، ورايت الحيرة التي تتملكها، فشعرت ان مرح لا تعرف أي قوس من الاقواس يجب ان ندخل، او ان هناك مشكلة كبيرة، انتظرت قليلا حتى اقتربت مني مرح وابتسمت بخبث: ـ واضح ....واشارت بيدها نحو الاقواس وقالت : ـ




      يتبع ...,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة الثانيه والعشرون



      واشارت بيدها نحو الاقواس وقالت : ـ " ان دخلنا هذه الاقواس والبوابة فستسقط نظرية المستحيل.".
      فقلت : ماذا تقصدين بـ"إن دخلنا" فهل من الممكن ان لا ندخل؟ . ضحكت وقالت : ـ وماذا ستخسر انت؟ يكفيك انك وصلت ورايت ما لم يره انسان قبلك .. اما انا فأن لم ادخل فقد خسرت كل شيء .". فبرقت عيناها واخذت تضحك وتقول : ـ اتعلم يا حسن ان فشلنا فانت الذي ستربح، لاننا سنتساوى معا في النهاية ، فسنذهب انا وانت الى نفس المصير الملعون في النهاية .". ـ " وماذا سنفعل يا مرح .". ضحكت وقالت : ـ لا ادري ماذا سنفعل ، ولا توجد اية طريقة لمعرفة القوس الذي يجب ان ندخله، حتى نور المجنون لا يعرف كيف ، امامنا احتمال من خمسة، اما ان ننجح او نهلك.".
      ـ "ولكن نور قال انه يعرف كيف يدخل البوابة .". ضحكت وكان باديا انها تضحك من القهر: ـ ربما نور يعرف كيف يدخل البوابة، ولكن الاقواس هي المشكلة".
      ـ "نور كان واثقا من قدرته على دخولها.". ـ لا ادري، ربما .. لا ادري، ما عرفته في السابق ان هذه الاقواس يجب ان تكون تحت حراسة من نوع معين ، ولكن المفاجيء لي ان الاقواس بدون حراسة، وهذا ما يحيرني .. لماذا لا توجد حراسة على الاقواس ؟ لماذا؟ لو كانت توجد حراسة فانا واثقة من قدرتي على تجاوزها، ولكن ان تترك الاقواس بلا حراسة، فهذا الذي يقلقني .". ـ "ما ادراك انها بلا حراسة ؟! ربما هناك حراسة ولكنها لا تظهر او لا نراها .". ـ وهذا ما يقلقني اكثر، فلو اسعفنا الحظ ودخلنا القوس المقصود الموصول بالبوابة، فكيف سنتجاوز الحراسة وانا لا استطيع ان احدد ما هي نوعيتها، واي خواص لها وما هو العقل الذي يديرها .. كنت اعلم ان الحراسة موجودة على هذه الاقواس، وقد وُجدت منذ عشرات الالاف من السنين وقبل اجيال عدة ،لقد راهنت انها حراسة قديمة لم تتطور، ولهذا يمكن تجاوزها رغم انه يقال عنها انها حراسة لا يوجد ولم يوجد اقوى منها في عالمنا، ولا يمكن هزيمتها، وكل هذا لم يقلقني، فانا مرح واثق بقدراتي، ولكن اين هي ..". واستمرت مرح في الكلام مرة وبالضحك مرة وبالصراخ مرة اخرى.. مرة تسير باتجاه الاقواس وتعود الّي وتحدثني وتجلس بجانبي، ومرة تعود وتقف وتسير، حتى انها اخذت تكلم نفسها، وانا صامت لا ادري هل اضحك ام ابكي ، استلقيت على الارض بالقرب من الاقواس وغفوت لاستيقظ لأرى مرح كما تركتها قبل نومي، تسير وتمشي،تقف وتجلس، تضحك وتصرخ ، لم ارها منذ ان عرفتها تتصرف بهذه الغرابة وبهذه الطريقة.. انقضى اليوم الاول ونصف اليوم الثاني ونحن على حالنا، والغريب اني لم اكن اشعر بحاجة الى الطعام او الشراب، ولكن النعاس هو الذي كان يسيطر علّي، فما ان اصحو قليلا حتى اشعر بحاجتي للعودة للنوم، ربما كان هذا بسبب القلق واليأس الذي اصابني من هذه النهاية، او ربما السبب شعوري الغريب باللامبالاة او بأني لن اخسر شيئا
      .. ثلاثة ايام مرت علمت بمرورها من رؤيتي للقمر، ولم يتغير شيء، والوضع كما هو في اليوم الاول .. لا ادري ما خطر ببالي، فصرخت على مرح وقلت لها: ـ " نور كان يعلم الطريقة التي يستطيع بها دخول الاقواس، انا متأكد يا مرح بان نور يعلم .". ـ ان كان نور وجد الطريقة فانا ساجدها. وعادت الى حالتها الاولى وعدت انا للنوم ولم اصحُ الا ومرح توقظني بعنف وتقول لي : ـ سأعرف الان ان كان نور قد علم بالطريقة ...هيا يا حسن ركز معي، اترك لي دماغك لاعود به الى الماضي لعلي استطيع ان اجد شيئا . وافقتها ولم ابد أية معارضة ، جلست امامي ووضعت يديها على رأسي برقة ولطف، وطلبت مني ان انظر في عيونها، واخذت تذكرني باليوم الاول للقائي بنور. بدأت اشعر باني اثنان ولست واحداً.. جسد يجلس امامهافي الحاضر، وانا نفسي مع نور في الماضي لحظة بلحظة كلمة بكلمة من لحظة معرفتي به الى نهايتها المؤلمة الى لحظة قتله على يد مرح. رفعت مرح يديها عن راسي وبدأ النشاط يعود الى جسمي .. اطرقت مرح بالتفكير قليلا وقالت: ـ " لقد وجدتها ، نور كان بحاجة اليك ،ولم يكن يفكر بقتلك قبل دخول البوابة .. لو لم يكن بحاجة اليك لقتلك !!! فوجودك هنا لم يكن فقط من اجل قتل القطط ليسير على دمائها ويتجاوز بها الممر ، بل لانه بعد تجاوز الممر كان بحاجتك لتوصله الى الاقواس ... وكما كان هو بحاجة الى دماء القطط، كان بحاجة الى دمك انت ليعبر عليها الى الاقواس والبوابة ، فخواص دمك هي التي يحتاجها لانه دم بشري، وهذه البوابة خصصت للبشر فقط .". ـ شيء رائع وبشرى سارة اتودين انت الان ذبحي لتحصلي على دمي .". ـ انا لا استطيع قتلك، ولكني استطيع الحصول على دمك، ولا اعتقد ان نور كان يفكر بهذا، والا لما فكر بادخالك البوابة بعد الاقواس .. ولكن اخرج القليل من دمك يا حسن لنجرب هيا.. هيا يا حسن". ضحكت وقلت لها : ـ "كيف ساخرج لك دمي يا مرح ؟". ـ "اجرح يدك .. اجرح قدمك، لا يهمني كيف، المهم عندي الدم.." ففعلت وجرحت اصبعي ومزقت قطعة من القميص الذي ارتديه ومسحت القطعة بالدم وقلت لها : " خذي ..!!!" نظرت الي بأشمئزاز وقالت: ـ " ابعد هذا القرف عني، هيا اذهب واجعله يلمس احد الاقواس .." ففعلت ولكن لم يحدث شيء، وعدت اليها اضحك ولا اخفي اني اضحك من قهري . ـ "جرب إلقاءه داخل احد الاقواس " ـ "أي قوس تريدين .". ـ "لا ادري، القه داخل أي قوس تريد .." اقتربت من احد الاقواس والقيته، وما كدت القيه حتى اختفى من امام عيني وكاني القيه في عالم اخر، ابتسمت وعدت اليها، وما هي الا خطوات حتى اهتزت الارض، وبدأ دخان كثيف ذو لون اخضر بالخروج من الاقواس الخمسة بكثافة كبيرة، عدت ووقفت بجانب مرح اترقب ماذا سيحدث بعد الدخان، وحينما امعنت النظر وجدت ان من كل قوس يخرج دخان كثيف بلون مختلف عن الاخر، استمر تصاعد الدخان لعدة دقائق وبدأ يتلاشى ليظهر على مدخل كل قوس شخص يرتدي عباءة بيضاء وذو شعر ولحية غلب عليها اللون الابيض، وكان واضحا عليهم كبر السن، تميزوا بمهابة ووقار كبير، حتى اني شعرت ان النور يشع من وجوههم، متشابهين الى حد كبير ولكن ليس بالشبه الكامل، طلتهم تبعث الراحة والطمأنينة في النفس الى ابعد الحدود، ترى في ملامحهم الخير والمحبة، حتى اني اردت ان اقبل اياديهم ابداء للاحترام الشديد والكبير الذي اشعر به تجاههم، هيبتهم ووقارهم كان باديا انه اثر على مرح ايضا، فهي لم تكن تنظر اليهم بكبريائها المعهود، بل كان يتضح الاحترام بعيونها. لم يتحرك الاشخاص الخمسة من اماكنهم ولم يلتفتوا الينا وكأنهم لا يرونا او انهم يتجاهلون رؤيتهم لنا، او انهم ينتظرون شيئا". التفت الى مرح وقلت لها: ـ "هل هؤلاء هم حراس الاقواس؟ وهل هؤلاء هم الحراس المرعبون الذين تحدثت عنهم .". قالت : ـ نعم يا حسن.. نعم ،لا ادري ماذا افعل، لا ادري اية مصيبة هذه جلست على الارض ووضعت رأسها بين كفيها واطرقت بالتفكير، وبدا عليها الحزن الشديد وكأن مصيبة كبرى قد حلت بها... جلست بجانبها وفوجئت بانها تبكي، حزنت عليها ووضعت كفي على شعرها، وسالتها: ـ "ما بك يا مرح؟" الا انها استمرت بالبكاء دون ان ترفع راسها، هذه الجبارة لا يمكن ان يكون بكاؤها هذه المرة مصطنعا، الحيت عليها بالسؤال .. فأجابت: ـ "مصيبة يا حسن.". واستمرت بالبكاء، ودفعت براسها الى صدري، واخذت اداعب شعرها وهي تبكي، وبين الدموع تتفوه بكلمات متقطعة تزيد من حيرتي... ـ "ليتني لم افعل .. ليتني بقيت كما انا. الى اين أوصلت نفسي؟ ماذا سافعل؟ ليتني بقيت "كونته " الصغيرة، كلا لن افعل، ساعدني يا حسن، لا اريد شيئاً، اريد ان اعود كما كنت.". صمتت وشعرت انها غفت على صدري، بذلت جهدي ان لا اتحرك حتى لا اوقظها، حتى استيقظت لوحدها، ونظرت الي وكأن عيونها تسال عن الذي حدث. وعادت ووقفت على قدميها، واخذت تتمشى وهي شاردة الذهن، وانا اترقب ماذا سيحدث وقالت لي بنبرة حزينة: ـ "اما ان ندخل البوابة، او نبقى هنا حتى نصاب بالجنون ونموت، فلا مجال للعودة الى الخلف.". ـ "اذا لندخل .. فانالا افهم ماذا يحدث ولماذا تبكين، الا تمتلكين طريقة ؟". ـ كلا، لدي الطريقة، ويا ليتها لم تكن لدي. وانتهت قبل ان افهم هذا الموقف ...استغربت من كلامها اكثر، ولكني شعرت بان اللعبة ليست لعبتي، ولم اكن اريد ان استبق الاحداث، طلبت مني ان استعد لدخول القوس، وابتعدت عني عدة خطوات، ورفعت يدها بالطريقة التي سبقت مقتل نور، وفورا علمت انها تفكر باستدعاء قوة الابادة " الاصنام السبعة " لتقتل حراس الاقواس فصرخت بها .. ـ لا تفعلي يا مرح ، انزلت يدها وكانها استجابت لصراخي وطلبي، واخذت تبكي ..ولكنها صرخت بي قائلة : ـ اخرس ولا تتدخل فلا يوجد ما تخسره ، ورفعت يدها من جديد وهي تبكي والدموع تتساقط من عينيها . وقالت : ـ بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر وبموجب الصلاحيات الموكلة الّي وبما اني انا الحاكمة الواحدة الوحيدة للعقرب آمره بالحضور الى هذا المكان وفورا ..". سادت دقائق من الصمت اجواء المكان ليتكرر المشهد القديم من جديد امامي، وصعدت اعمدة الدخان العشرة، وظهر من بينها الاشخاص "السبعة الصفر" .. وقفوا كالاصنام، واختفت الاعمدة الثلاثة الاخرى، ولم اشعر بنفسي ، رغم شعور اللامبالاة الذي اصابني وانا ارقب ما يحدث، الا ودموعي تسقط حزنا على مصير هؤلاء الخمسة، وماذا سيحدث لهم، ولكن الاغرب من ذلك ان مرح تبكي وهي حزينة اكثر مني عليهم، ورفعت مرح يدها من جديد وقالت: ـ "بأسمي انا مرح ..." قاطعها صوت آت من بعيد مخاطبا اياها: ـ "ماذا تفعلين يا مرح ..." بدا الخوف على وجه مرح ولم تستطع ان تنطق بكلمة ... ـ "ماذا تفعلين يا مرح ؟" تبين لنا مصدر الصوت ...انه صادر عن شخص قادم نحونا من الخلف، في ملامحه الوقار وكبر السن، ولكنه كان اصغر سنا من هؤلاء الذين يقفون على الاقواس، وكان يرتدي عباءة مقصبة بلون قريب الى الذهب، ذو شعر طويل، ولحية غزاها الشيب، يسير بخطى واثقة وبكبرياء يفوق كبرياء مرح بمرات... اقترب منا وما زالت مرح رافعة يدها مستعدة لاصدار اوامرها للعقرب بالهجوم ...وقال : ـ "ماذا تفعلين يا مرح ؟" "نكّست مرح رأسها الى الارض، وخفضت يدها وقالت بصوت هادئ يدل على الاحترام والخوف معا:
      ـ الحكيم " دابارا "، كيف وصلت الى هنا؟ .. وكيف استطعت الدخول؟...".
      رد الحكيم : ـ على اثرك فقط استطعت الدخول، هل جننت يا مرح ؟ لماذا يا مرح ؟ لماذا فعلت كل هذا ؟ من اجل ماذا ولم تخونين الامانة والثقة .؟". قالت : ـ انا لم اخن، لقد فعلت كل شيء من اجل عالمنا، لقد قدمت الكثير وضحيت من اجلكم بالكثير !! و... و ... !!!".
      قاطعها الحكيم وقال : ـ "امن اجل دخول هذه البوابة قتلت ابناء عالمك الذين احبوك!!.".
      قالت مرتبكة: ـ "انا لم اقتل احداً، ( قومارن ) متمرد ومن واجبي ان ابيده لأنه يشكل خطراً .".


      قال : ـ "كان يجب ان لا تقتليه يا مرح .. والمراقبون يا مرح، لماذا قتلتِهم ؟ هل يشكلون خطرا يا مرح؟ الم يخلصوا لك ويطيعوا اوامرك حتى المجنونة منها .؟!!" بدا الخجل على وجه مرح، واستمر في كلامه: ـ "لقد علمت منذ البداية ان جنون العظمة الذي يسيطر عليك لا بد ان يقودك الى الانتحار من اللحظة الاولى التي حصل فيها مجلس"الكاتو" على صلاحيات استخدام العقرب .. علمت انك ستسعين الى اقناعهم للحصول على صلاحيات العقرب لوحدك، لقد اخطأوا ، ولم نكن نستطيع ان نمنعهم، ولكننا تتبعناك يا مرح ولم اشك للحظة بان جنون العظمة الذي اصابك منذ كنت بدرجة مراقبة الا وسيقودك الى الهاوية، لقد كنت متفوقة وناجحة، وكنا نتمنى في مجلس الحكماء ان نكون مخطئين، وان تكون تصرفاتك مجرد نزوات ...
      سنين طويلة ونحن نتبعك يا مرح، ولم نستطع ان نثبت أي شيء يدينك، ولم يكن بالامكان ان نمنعك دون دليل واحد حينما توجهت لتصبحي حارسة لابواب الشر، علمنا ان طموحك الكبير لا يمكن ان يتوقف عند هذا الحد، وان هدفا ما برأسك تسعين اليه .. والان يا مرح ماذا تريدين ان تفعلي اكثر؟
      لقد وصلت الى الاقواس، وعلمت من هم المسؤولين عنها، وايضا لم تتراجعي، بل دفعك جنونك للتطاول اكثر؟".
      قالت مرح بعد ان اجهشت بالبكاء: ـ لم استطع ان اتوقف، لا خيار امامي اما ان ادخل او ان انتهي ..
      قال: ـ " يا مرح، يا ابنتي، لقد دخلت خلفك الى هذا المكان لاعيدك الى عالمك، هيا يا مرح تعالي معي وانا ساخرجك من هذا المكان..كفاك يا مرح .". صرخت مرح وقالت: ـ "كلا لن اعود، لن اسجن، ولن امضي بقية حياتي "بقبة النور" ، كلا لن اعود ." قال لها : ـ " السجن خير لك وافضل مما تنوين فعله، عودي معي يا ابنتي فهذا افضل لك .". صرخت: ـ " لا اريد .. لا اريد، انا مرح .. لا اريد ان اسجن، لا يهمني ما سيحدث، ومرح تفضل الموت على ان يكون مصيرها "قبة النور". قال لها : ـ " استحلفك بمكانتي ان كنت ما زلت تحترمينها، واستحلفك بصلة القرابة التي تربطني بك ".
      قالت : ـ "كلا يا جدي لن اعود معك ..".
      قال لها : ـ "وماذا ستفعلين ان لم تعودي ؟ استأمرين العقرب بأن يقتل هؤلاء وانت تعلمين من هم، أوتظنين ان العقرب قادر على الاقتراب منهم، ربما لو امرته فهو قادر على ان يقتلني انا في لحظات، ولكن هم، فبأشارة واحدة من احدهم سيعود العقرب ويبيدك، افهمت يا مرح، لا تكوني مجنونة، انت تعلمين من هم .".
      قالت : ـ "كلا، العقرب ملكي انا لوحدي، ولا احد يامره الا انا .".
      ضحك الحكيم وقال : ـ " يا ابنتي لم يصمم العقرب ليتطاول عليهم، وانت تعلمين من يكونون".
      قالت والشرر يتطاير من عيونها وكأنه اصابها مس من جنون: ـ " ابتعد ايها الحكيم، ابتعد يا جدي قبل ان ابيدك انت ايضا، وابيد كل من يقف في طريقي أياً كان.". قال الحكيم : ـ "افعلي ما شئت يا ابنتي..". والتفت الّي وقال: "وانت يا ابن البشر ما الذي تسعى اليه .؟"
      قلت له : ـ انا لا اسعى للحصول على شيء، ولا اعرف ماذا اريد، انا مجرد "طرطور" بوسط الى هذه اللعبة الغريبة !.
      قال : ـ "اسمع يا ابن البشر، هل تريد ان اخرجك من هنا ؟".
      قلت له : ـ نعم ولكن قل لي قبل ذلك، من يكون هؤلاء الذين تتحدثون عنهم؟
      قال الحكيم : ـ " يكفيك انك رأيتهم ولا داعي للمعرفة اكثر، هيا لأخرجك معي .". صرخت مرح وقالت : ـ لا تذهب معه يا حسن، لن يتركوك بحالك، ولا تنس انك قتلت اثنين من عالمنا .. لا تذهب ياحسن". نظرت الى الحكيم "دابارا"
      وقلت له : ـ اصحيح ما تقوله مرح .. ساذهب معك ولكن عاهدني اولا واقسم لي بانكم لن تتعقبونني وستتركوني بحالي؟!! قال الحكيم : ـ "لا اعاهدك بشيء، ان اردت الخروج معي فهيا، وان اردت البقاء فأبق .. ماذا قررت يا ابن البشر، هل تريد ان اساعدك للخروج من هنا ؟"
      قلت : ـ ان بقيت مع مرح ساموت، وان خرجت معك ساموت، فهل تخيرني أي موت اختار ؟!! قال : ـ "نحن لا نقتل احداً ..." قلت : ـ " اذا عاهدتني ايها الحكيم ان تتركوني بحالي ساخرج معك ." قال : ـ " لن اعاهدك بشيء، ونحن لا نتدخل في حياة احد، لقد قتلت اثنين من ابناء عالمنا وهذا لن يمر بسهولة، ولكني ساساعدك قدر استطاعتي .." فكرت قليلا وتذكرت القطط التي قتلتها باوامر من الجني نور، وما مر علّي من مصاعب وقلت له: ـ "ايها الحكيم المحترم انا لم اخطط ولم اتآمر ولم اقتل ابناء عالمك، هم الذين فعلوا ذلك ودفعوني لذلك، انا لم اتدخل في حياتكم، انتم الذين فعلتم وقلبتم حياتي الى جحيم، وصدقني على الرغم من ان اللعبة ليست لعبتي واني مجرد اداة لا اكثر ولا اقل، الا انني اشعر بمتعه غريبة في ان اعرف اكثر، ولا مانع في ان اقامر بحياتي من اجل خطوة واحدة خلف هذه البوابة العظيمة، لهذا سابقى مع مرح حتى النهاية، وشكرا لك ايها الحكيم على عرضك بمساعدتي.". هز الحكيم "دابارا" راسه وقال: ـ " يابني هذه البوابة ليست لك وليست لي ولا لها، لهذه البوابة صاحبها الذي سيدخل منها يوما ما، فابتعد يابني.".
      والتفت باتجاه مرح وقال ـ يا ابنتي تراجعي فانت تسعين خلف سراب . هزت مرح راسها وقالت: ـ " لا خيار لي... لا خيار ". قال : ـ "يا ابن البشر، ويا حارسة ابواب الشر ،خيرتكم فاخترتم ولكم ما اخترتم .". واستدار وسار بخطى واثقة وعاد من حيث اتى، ونحن نتبعه بعيوننا حتى اختفى عن الانظار، ولفت انتباهي ان الحكيم "دابارا " اشاح بنظره كل الوقت الذي حدثنا فيه ، ولم ينظر الى الاقواس او البوابة حتى ولو نظرة خاطفة. سألت مرح عن سر هؤلاء الذين ظهروا على الاقواس الخمسة، وما سر بكائها حينما راتهم، والندم الذي اصابها، وعن كلام الحكيم دابارا عنهم ؟ وقلت لها : ـ " ان الاقواس تحرسها قوة حراسة لا تهزم، وانا ارى ان على الاقواس اشخاصاً لا يبعثون على الخوف، بل على العكس، يبعثون على الطمأنينة والسلام .."... من هم يا مرح ولماذا تخشينهم؟ قالت بلهجة حزينة: ـ " لا تسالني عنهم يا حسن، لا تسألني، كفاني الماً، ودعني اقتل ما تبقى بداخلي من مشاعر او اقتل نفسي وارتاح من هذا الموقف الذي انا فيه .". لاحظت في هذه الاثناء ان مرح تتحاشى النظر ايضا باتجاه الاقواس، وحينما تخطف نظرة سريعة تنكس راسها الى الارض خجلاً واحتراماً ، ولم يبد عليها الخوف منهم، ولكن شيئا اكبر من ذلك، فمرح لم تخش الوحوش، ولا تلك الامور التي تخيف، ولم ارها ترتعش او تهتز امام أي موقف ... وما يحدث يثير فضولي اكثر بسر هوية هؤلاء الاشخاص ؟ تململت مرح وسارت عدة خطوات وخاطبتني قائلة بعد ان مدت يدها اليسرى: ـ

      يتبع...,,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة الثالثة والعشرون



      " انظر يا حسن الى هذه اليد التي بها سافعل ما لم يفعله احد من قبل، وستصبح يدي هذه مثلا عبر الاجيال، وربما يقولون " اقذر من يد مرح، او اقوى من يد مرح"، فليقولوا ما يقولونه وليحدث ما يحدث، فاسمي لن يزول الى الابد.". رفعت يدها اليسرى وضمت اصابعها الا السبابة والابهام، والاشخاص "السبع الصفر" يقفون امامها كالاصنام. قالت بلهجة عنيفة: ـ " بأسمي انا مرح حارسة ابواب الشر، وبموجب صلاحياتي وبما انني الحاكمة الوحيدة والمخولة بتحريك واصدار الاوامر للعقرب بما اقرره واراه مناسبا، آمركم بأبادة هؤلاء الاشخاص الخمسة ابادة كاملة . الامر نفذ .. الامر نفذ . . ابيدوهم ... !!!" اخذت تصرخ بجنون وبصوت عال: ـ ابيدوهم ..أ بيدوهم .. ابيدوهم .. تحرك العقرب باتجاه الاقواس الخمسة بسرعة، وللحظة اردت ان اغمض عينيّ حتى لا ارى المجزرة الرهيبة التي ستقع لهؤلاء، ولكن الفضول، او ربما لانني اعتدت رؤية القتل بهذه الطريقة الغريبة ، بدأت اجد متعة في ذلك ، أخذت انظر واترقب، كان الاشخاص "الصفر السبع" يسيرون بسرعة لا مثيل لها باتجاه الاقواس الخمسة لابادة من عليها .. لحظات هي او ثوان، ومئات الصور تمر بمخيلتي لما سيحدث، والاشخاص الصفر يسيرون باتجاه الهدف، والاشخاص الخمسة اصحاب الهيبة والوقار لم يبد عليهم أي جزع او خوف، وهم يرون العقرب متجهاً اليهم، وبخفة وهدوء، وبطء وثقة، حرك الشخص الاول من الاقواس الخمسة يده حركة صغيرة بالكاد ارتفعت، او ان اصابعه هي التي تحركت، لتعود الاصنام السبعة بسرعة فاقت سرعة ذهابهم، ليحيطوا بنا من كل الجوانب، ومرح مذهولة مما ترى، وكأنها لا تصدق عيونها ، يلتفون حولنا على شكل دائرة، يسيرون بخطوات متسارعة لتضيق الدائرة علينا اكثر واكثر، حتى ان الدائرة بالكاد تتسعنا انا ومرح بعد ان جرى تضييق الدائرة ، واقتربنا من بعضنا البعض، كل هذا حدث في لحظات او ثوان.. الرعب والخوف الذي برق في عيون مرح وبدا على وجهها ، زاد يقيني باننا هالكون، والافكار التي تدور براسي بسرعة تفوق سرعة الضوء، كلها تركزت حول الطريقة التي سيبيدوننا بها .. اغمضت عيني وبدأت ادعو الله ان يغفر لي، ولم يخطر ببالي او لم يكن عندي امل بان ادعو لنفسي بالنجاة من الموت، بقيت على حالي هذا لدقائق ، ثم تجرأت وفتحي عيوني لارى وجه مرح المرعوب، و"السبع الصفر" يحيطون بنا، ولكنهم تحولوا لاصنام جامدة، لا يبدون أي حركة ولا يتركون لنا مخرجا نخرج منه، مضى وقت طويل وانا ارقب ولا أتكلم حتى فتحت فمي وقلت لمرح : ـ لقد صدق الحكيم دابارا واخطأت انت ..
      ـ "لم اخطيء انا .."


      ـ او ما زلت تكابرين ..
      ـ "كلا، الم اقل لك ان نهايتنا ستكون واحدة.".
      ضحكت مرح وضحكت معها، وما اجمل الضحك في وجه الموت اللعين، اخذت اضحك وتضحك مرح معي، وكم كانت مشاعري متناقضة وغريبة، فانا انظر لمرح خائفاً عليها من ناحية، ولكني مسرور لأحساسي بأن مرح مثلي وليست افضل مني ، وستلاقي معي نفس المصير.". وتعالى صوت ضحكاتنا وكأن جنوناً قد اصابنا. ولم يعد هناك ما نفعله بدل الترقب الا السخرية والضحك على مصيرنا المشؤوم .. ـ مرح ، ليش جماعتك " لهلأ ما فغصونا" ؟.
      ـ "مش عارفه، كان لازم يعملوا هيك .".
      ـ وهو انت لسة عارفة اشي ؟. ـ "آه، في اشي انا بعدي عارفتوا ..". سالتها : ـ شو هو ها الاشي الي انت عارفتيه يا عرافة زمانك ؟
      ـ" انو اكيد لازم "يفغصونا"..". ضحكت بصوت عال وضحكت معها .و قلت لها : ـ طيب شو رايك ترفعي ايدك وتعملي شويةحركات ، زي اللي كنت تعمليها بلكي عفّوا عنا...
      ـ "فات الاوان مش راح ينفع ..." ـ أي بس جربي .. وقولي انا مرح الحارسة.. والكلام اللي انت حافظتيه ، مش راح تخسري اشي، بلكي ردوا عليك .
      ـ "مش راح ينفع يا حبيبي، مش راح ينفع .."
      . قلت ساخرا : ـ أي يالله يا مرح دبري حالك، ولا نسيتي انك مرح ، ومرح لما بدها إشيء... بتعملوا ..
      ـ "كان زمان هلأ انا مرح الى "حتنفغص" معك "
      ـ مش لو انك شاطرة رديتي على الحكيم "دابارا " ورحتي معاه وانا روحت على داري مش كنا ارتحنا؟
      ردت ايضا بسخرية : ـ "شو يا حسن انت بدك انسجن طول عمري؟ شو انا مجنونة." ـ " ابدا معاذ الله تنسجني، شو هم مش عارفين انك مرح .". ـ "شو يا حسن انت زعلان يا حبيبي على شأن رح نتفغص سوا .
      " ـ " ابدا ، معقول انا اكون زعلان بالعكس الفرحة مش سايعتني .". ـ " شفت، انا حققتلك اللي عمر حد ما حلم فيه .
      ـ بصراحة مزبوط، طيب قولي لي ليش انت ما تختفي زي كل مرة ولاّ تتحولي لدخان، ما انت دايما بتعملي هيك .".
      ـ "يا روحي، مع الصفر اللي حولينا ما في شيء بينفع الا انك تسكت، حتموت يعني ح تموت .".
      وتلاشى الضحك والمزاح وعدنا للحقيقة المرة التي تنتظرنا.. الموت المحتم على ايدي هؤلاء الاصنام الصفر، التي لا ندري متى وكيف سيبيدوننا. واخذت اشتمها:" لعنة الله عليك وعلي يا مرح لماذا لا يسرعوا ويقتلوننا حتى ارتاح.. واخذت اصرخ في وجوههم: ـ " لماذا تقفون كالاصنام؟.. هيا اقتلونا ... اقتلونا.". واصبت بنونة من الغضب، واخذت اصرخ والعن واشتم، وانا مستفز من الصمت الذي يقتلني في كل لحظة الف مرة، وانا انتظر ان تتحرك هذه الاصنام لتبيدنا، ولكن لا حياة لمن تنادي، وامسكت مرح يدي لتهديء من روعي
      وتقول: ـ " كفى يا حسن ..ارجوك لن ينفعك الصراخ، يبدو ان الاوامر لم تصدر لهم لابادتنا، والا لحدث ذلك منذ وقت .". ـ ومن يصدر الاوامر الان ؟ اشارت بيدها باتجاه الاقواس وقالت : ـ "هم من يملكون القرار ومصيرنا بيدهم ولا ادري ماذا ينتظرون.". ـ وانت.. الست خائفة ؟ قالت بصراحة : ـ "كنت في البداية خائفة، اما الان فأنا لا اشعر باي نوع من الخوف، لا يوجد شيء لاخسره، وقد فعلت ما اريد انا ولم انجح، وكنت اعرف ان نهايتي ستكون سيئة ان لم انجح، فلماذا اخاف .. ان كان يجب ان اموت ساموت بشجاعة .. لم اعرف الهزيمة يوما، ولن اعرفها حتى في موتي ونهايتي، لقد فشلت في وصولي لهدفي، ولكني لم اشعر بالهزيمة لأن الذي هزمني يستحق ذلك .".
      ـ "والان يا مرح ماذا سيحدث؟ هل سننجو ام سنموت... ومتى... ولماذا الانتظار ...". ـ "لكل شخص نهاية، هي اتية لا محالة، فلا تهرب من نفسك وواجهها، واستقبل النهاية بقوة وشجاعة، ولا تدعها تهزمك .". ـ" افهم من كلامك ان لا امل ؟". ـ نعم يا حسن لا يوجد امل، "فالسبع الصفر" لا يتحركون الا للابادة والقتل، وقوانين عالمنا تسمح لهم بابادتنا، وهؤلاء بالذات بعد القانون وقبله، وانا وانت قمنا بالقتل، كل على طريقته، وتجاوزنا الممنوع، ودخولنا الى هذه المنطقة بالذات، "بوابة الشر" ، يسمح بابادتنا تلقائيا وبغض النظر عن كل ما ذكرت، فنحن قد علقنا هنا، ولا طريق للعودة، ولا طريق للتقدم، وايضا بهذه الطريقة قد انتهينا". ـ "انت قتلت، هذا صحيح، ولكني انا لم افعل هذا بمحض ارادتي،أنتم سيطرتم علّي ودفعتموني لذلك، فما ذنبي انا ؟". ـ "لا تكن كالاطفال، لقد قتلت بمحض ارادتك ولم يجبرك احد على ذلك، ولا حتى نور،صحيح ان هناك تأثير، ولكن حتى هذا بمحض ارادتك وانتهى، انت تعلم ذلك جيدا ". قلت لها ولم يتبق من الكلام ما يقال الا أي كلام والسلام، لاهدار الوقت حتى يحين موعد الاعدام: ـ اصدقيني يا مرح، هل كنت فعلا ستقتلينني لو نجحنا ودخلنا بوابة الشر. ـ " كنت سافعل ذلك، لا لاي سبب، ولكن لانك كنت الشاهد الوحيد على قتل نور والقطط، ولو وقعت في ايديهم فسيعرفون كل ما حدث من خلال دماغك، ولكن بعد حضور الحكيم "دابارا" الامر لم يعد سرا، ومجلس الحكماء علم بالامر ، فلم تعد هذه الفكرة قائمة، ولم يعد لدي سبب لقتلك، لانك لا شيء، ولا تشكل اية خطورة من أي نوع.".
      سألتها: ـ "لماذا لم تقتلي الحكيم "دابارا " وكان بامكانك ذلك وخاصة انه قد عرف، لماذا تركتيه يذهب؟".
      ـ" لم اكن لافعل ذلك ابدا، فهو ليس مجرد حكيم، انه جدي والد والدتي، ولنقل لو اردت ان اقتله فماذا كنت ساستفيد، ان علم الحكيم فهذا يعني ان مجلس الحكماء بأسره قد علم، وماذا تظنني؟ انا لا اقتل يا حسن لمجرد القتل، ان لم يكن السبب يستحق ذلك ما كنت افعل."
      ـ ماذا يوجد خلف هذه البوابة بالضبط ؟



      يتبع..,,
    • زوجتى من الجن

      الحلقة الرابعة والعشرون


      أجابت : ـ "انا لا اعلم، كل ما اعلمه انه هناك توجد قوة الشر، وكل من ملكها يستطيع السيطرة على عالمنا، فهذه القوة تمتاز بخواص عالمنا وعالمكم، وهي سر دفين منذ الاف السنين .".
      ـ "ومن هؤلاء الذين ترددت كثيرا لتقومي بقتلهم .". ـ " انهم " السر الاكبر " المختفي منذ ازمان، ولا اريد الحديث عنهم، ولا تسالني .". ـ "اصدقيني يا مرح، هل كذبت علي بأي شيء يخص غادة .؟".
      ـ "كلا يا حسن، لم اكذب عليك بخصوصها، فغادة احبتك فعلا وضحت من اجلك وسجنت، وهي الان موجودة في السجن الذي لا يخرج منه احد، ولم يكن بمقدوري مساعدتها برغم مكانتي العالية في عالمي، وغادة اختي فعلا، وكانت بالنسبة لي اهم شيء في حياتي رغم اني كنت استسخفها دوما، واعتبرها ضعيفة، لقد كانت رمزا للحب والعطاء مثلما كنت انا رمزا للقوة والشر، ولا اخفي اني كنت احيانا اقلدها، ولكنها كانت تكره سلطة "الكاتو"، وكانت تكره النظام، لقد كانت تشعر دائما بان عملي في سلطة "الكاتو" قد اخذني منها وابعدني، ولو كنت بجانبها واعطيتها الوقت لما تورطت معك، وكان هذا مصيرها، ويا للسخرية: رمز الحب انتهى في سجن، ورمز الشر كان سينتهي في نفس المكان ولكنه سينتهي الى الابد، وانت يا حسن محظوظ، فبسببك انتهت غادة الحب، وامامك ستنتهي مرح". سألتها: ـ " لو سألك هؤلاء الاشخاص قبل ان يقتلوك: ماذا تتمنين، فماذا ستطلبين ؟". ـ "ان لا يعرف احد قصتي وما فعلت.. وانت يا حسن ماذا كنت ستتمنى ؟" ـ "ان يتركوا غادة وبصدق لا اريد شيئا اخر .". ـ "لو حصلت على قوة الشر لكنت استطعت ان اخرجها من محنتها..". فأطرقت بالتفكير وانا اتأمل هذه المخلوقة، واتساءل في نفسي عن حقيقة مشاعري تجاهها، هل انا اكرهها ام احبها ، اشعر انها سبب دماري ونهايتي، اتأملها وهي تقف امامي،" والسبع الصفر" حولنا،واننا في أي لحظة سنصبح جزءاً من الماضي، واقفة تنظر الى السماء شاردة الذهن، انا اعلم بل على يقين، بانها حزينة وخائفة ومهمومة ومرعوبة اكثر مني بكثير، ولكنها حتى اللحظة الاخيرة تحاول ان لا تظهر امامي ضعفها وهزيمتها، حتى وهي تنتظر الموت تتصنع الانتصار، وكانها تقول: لن تهزموني حتى في موتي، لن تروا الهزيمة، انا اعلم ان الحقيقة غير ذلك، وارى انها تود ان تبكي وتبكي على النهاية التي وصلت اليها، لا افهم لماذا اشفق عليها اكثر من اشفاقي على نفسي، وانا اواجه نفس المصير، هل لاني ابن بشر ومشاعرنا نحن البشر متناقضة تتأثر بالموقف والحدث الذي نحياه، وتتغير مشاعرنا في كل لحظة وحسب الظرف، او ان اشفاقي سببه انها كانت مثالا للقوة التي لا تهزم واصبحت في لحظات لا شيء؟.. اتأملها من جديد، من اخمص قدميها حتى راسها في جو من الصمت الرهيب في انتظار الموت.. فجأة.. دبت الحياة في "السبع الصفر" ،وتحركوا ودب الذعر والخوف في قلبي لدرجة ان ساقاي لم تعد قادرة على حملي، وسقطت على الارض، وقلبي يخفق ويدق بقوة، ومرح رفعت راسها الى فوق واغمضت عيونها ووقفت بشموخ وكبرياء.. تحرك "السبع الصفر" مزق الصمت، ومزق معه قلبي، في لحظات، او اقل من لحظات، وددت ان اصرخ فلم استطع، لان صوتي لم يتحرك من حنجرتي، تخيلت كيف سيقتلونني ، تحرك الرجل الاصفر وابتعد عنا ما يقارب المائة خطوة ووقف، لحقت به المرأة الصفراء، ولحق به الرجل الاصفر الثاني، ولحقته المرأة الصفراء الثانية، ثم الرجل الاصفر الثالث، وهكذا دواليك، حتى وقفوا جميعا بجانب بعضهم البعض، وقاموا بالاصطفاف على شكل رقم ثمانية بالعربية، ومرح ما زالت ترفع راسها وتغلق عيونها .. امسكت بساق مرح وهززتها، لم تتحرك، امسكت بها بكلتا يدي لالفت انتباهها لما يجري، ولكنها وقفت ساكنة، صرخت بها قائلا : ـ "انظري يا مرح ..". فتحت عيونها ونظرت الّي، لم تر "السبع الصفر".. ذهلت والتفت الى حيث ركزت عيوني واخذت تترقب معي، وانا لا افهم ما يحدث، هل ابتعدوا حتى يهجموا علينا ويبيدوننا، تخيلتهم كالثور في حلبة المصارعة كيف يبتعد ويستعد للهجوم ... ثم يهجم . انهم الان يصطفون استعداداً للهجوم، تخيلت انهم وقفوا على شكل رقم ثمانية ليشكلوا مقصا ليقصوننا، او انهم يتشاورون عن كيفية الطريقة التي سيبيدوننا بها، لحظات حتى بدأوا يغوصون في بطن الارض رويدا رويدا، الاقدام ثم السيقان، لم يعد يظهر منهم سوى الرؤوس، وهم على نفس الطريقة التي اصطفوا بها، ثم اخذ ما ظهر منهم بالغوص في عمق الارض، حتى اختفوا تماما، وبعد ذلك ظهر دخان عبق المكان الذي اختفوا فيه، واخذ الدخان يدخل خلفهم في جوف الارض ايضا، حتى اختفى . اخذت اسأل مرح كالاطفال الصغار : ـ "وين راحوا .. وين راحوا ؟". ومرح لا تجيب، اخذت انظر حولي لأتأكد إن كنت احلم، واحث مرح ان تكلمني، ولكن مرح جلست على الارض واجهشت بالبكاء كطفلة صغيرة، وبصوت عال، بعد ان اخفت وجهها بكفيها، واخذت تبكي بحرقة وبطريقة هستيرية، تهز راسها وتضرب بيدها على فخذيها وتعيد كفيها على وجهها، وتبكي ودموعها تسقط بغزارة ، لم ار في حياتي مثل هذا البكاء وهذا الحزن، الا مرة واحدة قبل سنين طويلة، حينما بكت خالتي ونحن ندفن ابنها الذي مات في حادث سير، ومرح ما زالت تبكي، حتى ان ما اراه امامي من تصرفات مرح قد انساني كل لحظات الخوف والموت التي مرت قبل دقائق، واخذت اصرخ فيها: ـ " ارجوك ..كفى.. كفى.. ماذا حصل؟ ..ماذا حصل ؟..". قالت وهي تبكي: ـ

      .يتبع .,,,