الناقة والضيف

    • الناقة والضيف

      الناقة والضيف
      عن الهيثم بن عدى قال:
      خرجت من عند أهلي أريد ديار بعض إخواني, ومعي ناقة أركبها, إذ ندّت فذهبت فجعلت أتبعها حتى أمسيت فأدركتها,
      ونظرت فإذا خيمة أعرابي فأتيتها,
      فقالت ربة الخباء: من أنت؟
      فقلت: ضيف.
      فقالت: وما يصنع الضيف عندنا؟ إن الصحراء لواسعة.
      ثم قامت إلى برّ فطحنته, ثم عجنته وخبزته, وقعدت فأكلت, ولم ألبث أن أقبل زوجها ومعه لبن, فسلم, ثم قال: من الرجل؟ فقلت ضيف, فقال: مرحبا حياك الله, فدخل الخباء وملأ قعبا من لبن, ثم أتاني به
      وقال: اشرب, فشربت شرابا هنيئا, فقال: ما أراك أكلت شيئا, وما أراها أطعمتك.
      فقلت: لا والله. فدخل إليها مغضبا
      وقال: ويلك! أكلت وتركت ضيفك؟؟!!!
      فقالت : وما أصنع به؟ أطعمه طعامي؟ وجاراها في الكلام حتى شجها, ثم أخذ شفرة وخرج إلى ناقتي , فنحرها,
      فقلت: ما صنعت عافاك الله؟
      فقال: لا والله ما يبيت ضيفي جائعا.
      ثم جمع حطبا وأجج نارا, وأقبل يكبب ويطعمني ويأكل ويلقي إليها
      ويقول : كلي لا أطعمك الله, حتى إذا أصبح تركني ومضى.
      فقعدت مغموما, فلما تعالى النهار, أقبل ومعه بعير ما يسأم الناظر أن ينظر إليه.
      فقال: هذا مكان ناقتك, ثم زودني من ذلك اللحم ومما حضره, وخرجت من عنده.
      فضمني الليل إلى خباء, فسلمت, فردت صاحبة الخباء السلام.
      وقالت: من الرجل؟ فقلت ضيف.
      فقالت مرحبا بك, حياك الله وعافاك, فنزلت, ثم عمدت إلى برّ فطحنته وعجنته, ثم خبزته خبزة روتها بالزبد واللبن, ثم وضعته بين يدي.
      فقالت : كل واعذر.
      فلم ألبث أن أقبل أعرابي كريه الوجه, فسلم فرددت عليه السلام.
      فقال: من الرجل؟ قلت ضيف.
      قال: وما يصنع الضيف عندنا, ثم دخل إلى أهله فقال: أين طعامي؟
      فقالت: أطعمته للضيف.
      فقال: أتطعمين الضيف طعامي؟؟؟؟!!!!.
      فتجاريا في الكلام, فرفع عصاه وضرب بها رأسها فشجها, فجعلت أضحك.
      فخرج إلي فقال: ما يضحكك؟
      قلت: خير.
      فقال: والله لتخبرني!!!!!!.
      فأخبرته بقضية المرأة والرجل اللذين نزلت عندهما قبله.
      فأقبل عليّ وقال: إن هذه التي عندي هي أخت الرجل, وتلك التي عنده أختي, فبت ليلتي متعجبا وانصرفت.