بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جابر عثرات الكرام
قيل كان في ايام سليمان بن عبد الملك رجلاً يقال له خُزيمة بن بشر من بني أسد وكانت له مروءة ظاهرة وبر بإخوانه فلم يزل كذلك حتى قعد به الدهر فاحتاج إلى إخوانه الذين كان يواسيهم فلزموه برهةً من الزمن ثم قلوه فلما لاح تغيرهم جاء امرأته وكانت ابنة عمه فقال لها :قد رأيت تغير الناس وقد عزمت على أن ألزم بيتي حتى يأتيني الموت.فأغلق بابه وأقام يتقوت بما عنده حتى نفد.
كان عِكرمة الفيض الرَّبعي والياًعلى الجزيرة وكان يعرف خُزيمة هذا ، فذكر في مجلسه فسأل عنه
فأخبروه ما كان من حاله وأنه لزم بيته.
قال: أما وجد خُزيمة من مواسياً ولا مكافئاً؟؟؟؟ قالوا: لا.....
فأمسك عن الكلام ثم لما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف درهم فجعلها في كيس ،فركب حتى وقف بباب خزيمة وطرق الباب حتى خرج خزيمة بنفسه فدفع إليه الكيس وقال: أصلح بهذا شأنك فتناوله فرآه ثقيلاً،فوضعه وأمسك بلجام الدابة وقال:
من أنت ؟؟؟؟ جعلت فداك
قال عكرمة:يا هذا ما جئتك في مثل هذه الساعة وأريدك أن تعرفني!!!!!!
قال :فإني لا أقبله حتى أعرف من أنت ؟؟؟
قال : أنـــــــــــا جابر عثرات الكرام.
قال: زدني ....... قال : لا ثم مضى ودخل خزيمة بالكيس إلى ابنة عمه قائلاً :أبشري فقد أتى الله بالفرج ،فإن كانت فلوساً فهي كثيرة فأسرجي..
قالت :لا سبيل إلى السراج –لقلة ما عندهم-.
فبات يلمسها فيجد خشونة الدنانير ولا يصدق, أما عكرمة فرجع إلى بيته فوجد امرأته قد فقدته فقالوا لها قد ركب دابته وخرج ولا نعلم إلى أين ولماذا ،فأنكرت ذلك وارتابت
فقالت له: والي الجزيرة يخرج ليلاً منفرداً في سرّ من أهله! لابد أن يكون إلى زوجة أو..؟؟
فقال : ولا واحدةً مما تظنين.لأني ما خرجت في هذا الوقت وأريد أن يعلم بي أحد.
قالت:لابد من إخباري.
قال :تكتمينه إذاً.
قالت إني أفعل . فأخبرها بالقصة وما كان قول خزيمة وما رد عليه.ثم قال أتحبين أن أحلف؟
قالت : لا فإن قلبي قد سكن وركن إلى ما ذكرت.
واما خزيمة فلما أصبح صالح غرمائه وأصلح ما كان من حاله وقصد سليمان بن عبد الملك وكان نازلاً يومئذ بفلسطين- وكان سليمان يعرف خزيمة هذا حق المعرفة- فلما دخل عليه سلم عليه بالخلافة فقال له سليمان : ما أبطأك عنا؟
قال خزيمة :سوء الحال يا أمير المؤمنين.
قال فما منعك من النهضة إلينا ؟؟؟
قال ضعفي !!!!
قال سليمان :فبمَ نهضت إلينا الآن ؟؟؟
فأخبره خزيمة القصة كلها.
قال سليمان :هللا تعرف هذا الرجل ؟؟
فقال خزيمة : ما عرفته يا أمير المؤمنين لأنه كان متنكراً وما سمعت منه إلا قوله (جابر عثرات الكرام) ،فتلهف سليمان إلى معرفته وقال:
(لو عرفناه لكافأناه على مروءته !!!!!
ثم كتب كتاباً ولى فيه خزيمة على الجزيرة عوضا عن عِكرمة الفياض فخرج خزيمة طالباً لولاية الجزيرة فخرج عكرمة الفياض وأهل البلد للقائه فسلما على بعض ثم سارا جميعاً حتى نزل خزيمة بدار الولاية وأمر أن يؤخذ لعكرمة كفيل وأن يحاسب ،فحوسب فوُجد عليه فضول أموال كثيرةٍ ،فطالبه بأدائها فلم يستطع .
قال عكرمة :ليست عندي فاصنع ما أنت صانع !!!
فأمر به إلى الحبس وأن يكبل بالحديد حتى يسدد ما عليه ،فأقام في الحبس شهراً او أكثر حتى أضناه ذلك وأضر به ،فاغتمت ابنة عمه_زوجته طبعاً_ وكانت ذات عقل ومعرفة،فأمرت إحدى جواريها أن تذهب إلى باب الوالي الجديد وتقول عندي نصيحة للوالي ولا أقولها إلا له شخصياً ،فإذا دخلت عليه اطلبي أن يخلي المجلس من الناس ثم قولي له
(ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك،كافأته بالحبس والضيق والحديد .)
ففعلت الجارية ذلك فلما سمع خزيمة كلامها
نادى برفيع صوته : واسوأتاه ،! وإنه لهو؟؟
قالت :نعم
فقام ومعه أهل البلد حتى دخل على عكرمة الحبس فلما رأى عكرمة الناس والأمير عنده أحشمه ذلك فنكس رأسه ، فأقبل خزيمة حتى أكب على رأس فقبله
فرفع عكرمة رأسه وقال: ما أعقب هذا منك؟؟ لماذا فعلت ذلك؟
قال خزيمة : كريم فعالك وسوء مكافأتي
قال :يغفر الله لنا ولك.
ففك خزيمة قيود عكرمة وأمر أن توضع في رجليه عوضاً عن عكرمة.
قال عكرمة :ماذا تريد؟؟؟
قال خزيمة : أريد أن ينالني الضر مثلما نالك!!!
قال عكرمة : أقسم عليك بالله لا تفعل .
فخرجا جميعاً وبعد مدةٍ طلب منه أن يسير معه إلى سليمان بن عبد الملك وهو يومئذ مقيم بالرملة فأخبر سليمان أن خزيمة بن بشر قادم إليه فراعه ذلك وقال: والي الجزيرة يقدم إلينا بغير أمرنا ؟!!!!ما هذا إلا لحادث عظيم !
فلما دخل قال له قبل أن يسلم :ما وراءك يا خزيمة ؟؟
قال: الخير كله يا أمير المؤمنين ،ظفرت بجابر عثرات الكرام ،فأحببت أن أسرّك به لما رأيت من تلهفك وتشوقك إلى رؤيته .
قال :ومن هو ؟؟؟؟؟
قال: عكرمة الفياض .
فأُدخل عليه فقربه من مجلسه وقال :يا عكرمة ما كان خيرك له إلا وبالاً عليك
ثم كتب سليمان بن عبد الملك كتاباً عقد فيه لعكرمة الفياض على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وقال له: أمر خزيمة لك إن شئت أبقيته وإن شئت عزلته.
قال :بل اردِده إلى عمله يا أمير المؤمنين.
ثم انصرفا ,ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته , والله أعلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جابر عثرات الكرام
قيل كان في ايام سليمان بن عبد الملك رجلاً يقال له خُزيمة بن بشر من بني أسد وكانت له مروءة ظاهرة وبر بإخوانه فلم يزل كذلك حتى قعد به الدهر فاحتاج إلى إخوانه الذين كان يواسيهم فلزموه برهةً من الزمن ثم قلوه فلما لاح تغيرهم جاء امرأته وكانت ابنة عمه فقال لها :قد رأيت تغير الناس وقد عزمت على أن ألزم بيتي حتى يأتيني الموت.فأغلق بابه وأقام يتقوت بما عنده حتى نفد.
كان عِكرمة الفيض الرَّبعي والياًعلى الجزيرة وكان يعرف خُزيمة هذا ، فذكر في مجلسه فسأل عنه
فأخبروه ما كان من حاله وأنه لزم بيته.
قال: أما وجد خُزيمة من مواسياً ولا مكافئاً؟؟؟؟ قالوا: لا.....
فأمسك عن الكلام ثم لما كان الليل عمد إلى أربعة آلاف درهم فجعلها في كيس ،فركب حتى وقف بباب خزيمة وطرق الباب حتى خرج خزيمة بنفسه فدفع إليه الكيس وقال: أصلح بهذا شأنك فتناوله فرآه ثقيلاً،فوضعه وأمسك بلجام الدابة وقال:
من أنت ؟؟؟؟ جعلت فداك
قال عكرمة:يا هذا ما جئتك في مثل هذه الساعة وأريدك أن تعرفني!!!!!!
قال :فإني لا أقبله حتى أعرف من أنت ؟؟؟
قال : أنـــــــــــا جابر عثرات الكرام.
قال: زدني ....... قال : لا ثم مضى ودخل خزيمة بالكيس إلى ابنة عمه قائلاً :أبشري فقد أتى الله بالفرج ،فإن كانت فلوساً فهي كثيرة فأسرجي..
قالت :لا سبيل إلى السراج –لقلة ما عندهم-.
فبات يلمسها فيجد خشونة الدنانير ولا يصدق, أما عكرمة فرجع إلى بيته فوجد امرأته قد فقدته فقالوا لها قد ركب دابته وخرج ولا نعلم إلى أين ولماذا ،فأنكرت ذلك وارتابت
فقالت له: والي الجزيرة يخرج ليلاً منفرداً في سرّ من أهله! لابد أن يكون إلى زوجة أو..؟؟
فقال : ولا واحدةً مما تظنين.لأني ما خرجت في هذا الوقت وأريد أن يعلم بي أحد.
قالت:لابد من إخباري.
قال :تكتمينه إذاً.
قالت إني أفعل . فأخبرها بالقصة وما كان قول خزيمة وما رد عليه.ثم قال أتحبين أن أحلف؟
قالت : لا فإن قلبي قد سكن وركن إلى ما ذكرت.
واما خزيمة فلما أصبح صالح غرمائه وأصلح ما كان من حاله وقصد سليمان بن عبد الملك وكان نازلاً يومئذ بفلسطين- وكان سليمان يعرف خزيمة هذا حق المعرفة- فلما دخل عليه سلم عليه بالخلافة فقال له سليمان : ما أبطأك عنا؟
قال خزيمة :سوء الحال يا أمير المؤمنين.
قال فما منعك من النهضة إلينا ؟؟؟
قال ضعفي !!!!
قال سليمان :فبمَ نهضت إلينا الآن ؟؟؟
فأخبره خزيمة القصة كلها.
قال سليمان :هللا تعرف هذا الرجل ؟؟
فقال خزيمة : ما عرفته يا أمير المؤمنين لأنه كان متنكراً وما سمعت منه إلا قوله (جابر عثرات الكرام) ،فتلهف سليمان إلى معرفته وقال:
(لو عرفناه لكافأناه على مروءته !!!!!
ثم كتب كتاباً ولى فيه خزيمة على الجزيرة عوضا عن عِكرمة الفياض فخرج خزيمة طالباً لولاية الجزيرة فخرج عكرمة الفياض وأهل البلد للقائه فسلما على بعض ثم سارا جميعاً حتى نزل خزيمة بدار الولاية وأمر أن يؤخذ لعكرمة كفيل وأن يحاسب ،فحوسب فوُجد عليه فضول أموال كثيرةٍ ،فطالبه بأدائها فلم يستطع .
قال عكرمة :ليست عندي فاصنع ما أنت صانع !!!
فأمر به إلى الحبس وأن يكبل بالحديد حتى يسدد ما عليه ،فأقام في الحبس شهراً او أكثر حتى أضناه ذلك وأضر به ،فاغتمت ابنة عمه_زوجته طبعاً_ وكانت ذات عقل ومعرفة،فأمرت إحدى جواريها أن تذهب إلى باب الوالي الجديد وتقول عندي نصيحة للوالي ولا أقولها إلا له شخصياً ،فإذا دخلت عليه اطلبي أن يخلي المجلس من الناس ثم قولي له
(ما كان هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك،كافأته بالحبس والضيق والحديد .)
ففعلت الجارية ذلك فلما سمع خزيمة كلامها
نادى برفيع صوته : واسوأتاه ،! وإنه لهو؟؟
قالت :نعم
فقام ومعه أهل البلد حتى دخل على عكرمة الحبس فلما رأى عكرمة الناس والأمير عنده أحشمه ذلك فنكس رأسه ، فأقبل خزيمة حتى أكب على رأس فقبله
فرفع عكرمة رأسه وقال: ما أعقب هذا منك؟؟ لماذا فعلت ذلك؟
قال خزيمة : كريم فعالك وسوء مكافأتي
قال :يغفر الله لنا ولك.
ففك خزيمة قيود عكرمة وأمر أن توضع في رجليه عوضاً عن عكرمة.
قال عكرمة :ماذا تريد؟؟؟
قال خزيمة : أريد أن ينالني الضر مثلما نالك!!!
قال عكرمة : أقسم عليك بالله لا تفعل .
فخرجا جميعاً وبعد مدةٍ طلب منه أن يسير معه إلى سليمان بن عبد الملك وهو يومئذ مقيم بالرملة فأخبر سليمان أن خزيمة بن بشر قادم إليه فراعه ذلك وقال: والي الجزيرة يقدم إلينا بغير أمرنا ؟!!!!ما هذا إلا لحادث عظيم !
فلما دخل قال له قبل أن يسلم :ما وراءك يا خزيمة ؟؟
قال: الخير كله يا أمير المؤمنين ،ظفرت بجابر عثرات الكرام ،فأحببت أن أسرّك به لما رأيت من تلهفك وتشوقك إلى رؤيته .
قال :ومن هو ؟؟؟؟؟
قال: عكرمة الفياض .
فأُدخل عليه فقربه من مجلسه وقال :يا عكرمة ما كان خيرك له إلا وبالاً عليك
ثم كتب سليمان بن عبد الملك كتاباً عقد فيه لعكرمة الفياض على الجزيرة وأرمينية وأذربيجان وقال له: أمر خزيمة لك إن شئت أبقيته وإن شئت عزلته.
قال :بل اردِده إلى عمله يا أمير المؤمنين.
ثم انصرفا ,ولم يزالا عاملين لسليمان مدة خلافته , والله أعلم
المصدر: إعلام الناس .الأتليدي/ط الأولى1990