الشبيبة -

زمزم الراشدية



أدهشني خبر عن الأورجواي بلد في أمريكا الجنوبية يتجاوز عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة بقليل، حيث يقول الخبر إن هذا البلد رغم حاجته الملحة لإصلاح البنية الأساسية للمرافق لديه ومن ضمنها المدارس إلا أنه تبنى مشروعا لتوفير جهاز حاسب محمول أو ما يسمى باللابتوب لكل طفل، حتى أن حقيبة كل طفل لا تحتوي إلا على هذا الجهاز الذي يحتوي على مناهجهم الدراسية كاملة وحتى طريقة جديدة لرسم المعارك التاريخية القديمة .. تخيلوا لو استطاع أطفالنا رسم معركة حطين أو القادسية على جهاز الحاسب الآلي مما يجعل المدرسة لدى هؤلاء الأطفال متعة ولا تحتاج لعذاب يومي يمر به الأهل وهم يدفعون أولادهم دفعا لحافلات المدرسة وعيونهم نصف مغلقة كما يحدث لدينا.

الغريب أننا كأهالي لم نطلب دعما من الحكومة لهذا المشروع كالعادة، بل تبنينا مشروعا مشابها لمشروع أطفال الأروجواي له علاقة بالتقدم الحاصل في عالم التكنولوجيا إنه محمول لكل طفل او ما يسمى بالنقال وغيرها من الأسماء .

وبالطبع المحمول يتغير كل شهر حسب "الموديل" واللون وما يستجد من إضافات تتنافس فيها الشركات المصنعة لكسب المزيد من الأموال وإغراق الأهالي في مزيد من الديون خاصة مع تكاثر ظاهرة ما يسمى بتبادل الرسائل القصيرة والوسائط وما أكثرها أيام الأعياد حتى استغنينا نحن وأطفالنا بهذه الرسائل عن زيارة أقاربنا وأرحامنا وبالطبع إضافة إلى ذلك فجل ما يتعلمه أطفالنا من هذا المحمول الذي يحملنا الهم هو كيفية تبادل الصور وأفلام الفيديو القصيرة والنكات ومعظمها بذيء بينما نغرق نحن في عسل الاطمئنان على أولادنا طالما أننا نستطيع تحديد أماكنهم في أي وقت وكأننا سلمنا بأنه من حقهم الديمقراطي أن يكونوا في أي مكان وفي أي وقت يحبونه، لا أدري لم يتهمنا العالم الآخر بالتخلف وعدم الدمقرطة ونحن بهذه الأفكار التقدمية حتى مع فلذات أكبادنا؟ وبالطبع مع دخولهم فترة المراهقة التي ترهقنا نحن أكثر منهم تبدأ المعاناة بتورطهم ونحن معهم في مشاكل لا حصر لها تنتهي أحيانا في أقسام الشرطة وربما إلى المحاكم ومنهم من لا يتجاوز فترة المراهقة لأن المحمول أصبح قطعة منه وجزءا من طفولته وكل ذلك كان بسبب المشروع الذي تبنيناه "محمول لكل طفل".

ألم يحن الوقت لمشروع جديد حتى ولو كان مستوردا من أمريكا الجنوبية ؟