من ذاكرة الطفولة
قصة قصيرة
تأليف : بودر أو الماااااااستر
حقوق التأليف محفوظة
من ذاكرة الطفولة
(1)
وحتى لا ترحل ذاكرتي مع الطفولة الى صفحات النسيان ، وجدت نفسي أخط هذه الكلمات التي تتناثر علي من هنا وهناك تتابع مع مسيرة العمر بدأت من مرحلة الطفولة.
لا أدري، حتى الآن، لماذا هذه المرحلة، من حياتي. كانت ذات أثر بالغ وعميق، في نفسي. أكثر من أية مرحلة أخرى في حياتي- مرحلة طفولتي-
كانت قريتنا صغيرة. تحيط بها الجبال من جهات ثلاث،كنا نعيش في بيت متواضع لا يقينا مطر الشتاء ولا حرارة الصيف بيت صغير، غرفتان ومجلس للرجال يستقبل فيه الضيوف".
بيتنا الصغير كان يضمنا نحن الثلاثة أنا وأخي وجدي أبو مازن، أخي كان أكبر مني في الثامنة... أما والدي مات وأنا في بداية عمري حدثني جدي أن عمري كان آنذاك ستة شهور ، كان جدي دائما يحدثنا عن بطولات والدي وكرمه وحبه وأخلاقه ، كنا نطوي صفحات الأمس حينما كنا نسمع عن والدي ، لكن في كل مرة يحدثنا جدي عن والدي ، نرى الدموع تنهال على خده ، ومن ثم يتوقف عن سرده لنا أخبار والدنا ، ويكتفي بالقول غدًا إن شاء الله أكمل الحديث عن والدكم .
نعم هذا بعض مما أذكر في طفولتي . ولكن الأهم في تلك المرحلة أنها مليئة بالأجواء المرعبةوالأساطير المخيفة ، والحكايات المفزعه – جن أشباح- عفاريت-حيوانات متوحشة - أفاعي....."
كان يحدث كل هذا، في وسط مناخ مشحون بالتهويل والتخويف.
آه حينما يأتي المساء على قريتنا الصغيرة _ كنا نرتعد ونرتعش ونرتجف من الخوف _ وعلى موعد جديد من روايات جدي - أبو مازن- التي تجعلنا نلتف حوله خوفًا وشوقًا ولهفة مع قصصة ".
كم كنت أشتاق إليك أيتها الحكايات ...أوآه...! أيها الخوف اللذيذ! كم كنا نعشقك، ونحن أطفال؟ ونستمتع برجفانك، وكم كان أجسادنا تطير من الخوف حين كنا نسمع تلك الحكايات؟ نعم أيها الخوف ننتظرك الليلة.
نصغي. نستسرق السمع. الأبدان تقشعرّ. لا أسئلة ... منتظرين نهاية الخوف ".
الأهوال تكثر... والقيامة تقوم غير أننا نبقى ملتفين حول أبي مازن.؟ نعم ، ياجدي كيف إستطاع الساحر تحويل الفارس الشجاع إلى ضفدع" ... وماذا فعل الملك بالساحرة ذات الثمان رؤوس ... والأرجل المتعرجة.
عند المساء كنا نحيط ب – أبي مازن- الذي يقص لنا كل يوم حكاية.... وقبل روايته لنا نراه يشعل زيت القنديل... أه ..أه من تلك الأيام الحلوة.."
وكان معظم تلك الحكايات تدور حول "الأشباح والأساطير والجن....
واليوم يا جدي ماذا ستحكي لنا....":
-(كان، يا مكان في قديم الزمان. وسالف العصر والأوان، كانت هنالك مدينة كبيرة يسكنها الجن والعفاريت يحكمها ملك "" نريمان "" وهو مارد قوي له عشرة رؤوس ، له عشرون عينا ،تتطاير الشرر منها ، كان يملك خاتم القوة ،خاتم يلبسه فيعطيه الهيبة والقوة ، وكانت جميع فصائل الجن والعفاريت تهابه وتخافه بسبب الخاتم الذي يملكه.
كانت أقرب الممالك من مملكته مملكة الإنس التي يحكمها " نبوخذ الحادي والعشرون " وكانت مملكته في غاية القوة التي تمكنها من الوقوف في وجه المعتدين والطامعين .
كان ملك الجن والعفاريت "" نريمان "" يسمع الكثير عن مملكة الإنس وكيف أن قوتها بدأت تزداد وبدأت ممالك الإنس تنظم إليها وتنضوي تحت رايتها...
أخذ "" نريمان " يعد العُدة لمحاربة مملكة الإنسان وسحقها وطمسها عن الوجود ، وأعد العدة لذلك ، وكون جيش عرمرم من الجن والشياطين والوحوش والعفاريت .. التي تقضي على الأخضر واليابس .
أرسل الملك "" نريمان "" رسالة الى الملك نبوخذ الحادي والعشرون ، يخبره بأنه قادم لسحقه والقضاء على مملكته في غصون أيام ، إن لم تستسلموا ...
لم يعجب الأمر ملك مملكة الإنس "" نبوخذ الحادي والعشرون """ ، واجتمع مع كبار أهل الرأي والمشورة ، وكان بينهم شاب قوي عرف عنه بالذكاء وقدرته الكبيرة على حل المشاكل وعرف بصدقه وأمانته ، طلب منهم أن يوافقوا بأن يذهب الى مملكة الجن ، من أجل أن يخطف الخاتم الذي يملكه "" نريمان "" .
وافق الملك ، واستطاع الشاب بفضل ذكائه وفطنته أن يخطف الخاتم من ملك الجن ، وأن يعود إلى أرضه دون أن يلحقه أذى ، وبالتالي قوت مملكة الإنس وضعفت قوة ملك الجن والعفاريت ، بفضل الشاب الذكي ، ويقال أن الخاتم ما زال إلى الآن عند الفتى الشجاع ، إذ أهداه الملك للشاب على أن يحافظ عليه.
وما زالت فصائل الجن والعفاريت يحاولون العثور على الخاتم ، وأصبحوا يغيرون ويعتدون على ممالك الإنس من ذلك الوقت بأشكالهم المرعبة وأجسادهم الكبيرة وعيونهم التي تخرج الشرار منها .
وأكد أهالي القرية مشاهدتهم لمرات عديدة هؤلاء الجن والعفاريت – وأن أشكالهم مخيفة – يتبدلون إلى حيات وأفاعي وعقارب، سيوفهم من شوك يلبسون التروس ومن خلفهم الغبار يتراقص في السماء كهبوب الإعصار ، كان البعض لدية خمس أيدي ... وكان البعض لديه عدة أوجه ... . وطولهم عشرون قدما...".
وماذا حدث بعد ذلك يا جدي – مات ملك الجن وتفرقت الفصائل ، وبقي الخاتم في حوزة الشاب الذكي ..."
كان الخوف يعلونا دائما ، لا يفارقنا ، كنا نتمنى مشاهدة هؤلاء الجن والعفاريت ونتمنى مشاهدة رماحهم وسيوفهم ."
(2)
مات جدي "" أبو مازن ""وصرنا فتية ، لكن ما زالت حكاياته بأقية في أذهاننا ورنين صوته ما زال يسري في أجسادنا...."
(3)
وما زلت أذكر في ذات يوم ، وقت العصر عندما كنا نلعب مع صبيان القرية لعبة الصياد والسمكة ، حينما مر علينا ذاك الرجل الغريب – طويل القامة ،عريض الجثة ، له هيبة ، أبيض الوجه ، منعزل عن الناس ، كان يسكن أعلى تلة الجبل الغربي من القرية ، وكان ينزل في كل يوم خميس من كل أسبوع ليشتري من السوق حاجاته" .
فأجأنا من غير العادة وجوده بيننا ، نعم كان ينظر إلينا ، ولا ندري كيف أتى ، سالت أصحابي عن اليوم ، أخبروني أنه الأحد ،، نعم هذا اليوم ليس موعد نزوله ، يا ترى ماذا حل به اليوم ..."
كنا نطلق عليه الرجل الغامض ، الرجل الغريب ، لم يروي لنا جدي أبو مازن عنه شيء... وكل أهل القرية يعرفون الشيء القليل عنه – أنه ذات صباح شاهدة أحد أهالي القرية يبني كوخة أعلى تلة الجبل ، ولا أحد يعلم من أين أتى هذا الرجل ، وما هي قصته ، إذ لا يجرؤ أحد على الإقتراب منه ، أو النزول بمنزله ".
لكن حبي الشديد لمعرفة شيء عنه أجبرني أن أتغلب على خوفي ، ودنوت منه بحذر شديد. آه إنه ينظر إلي يراقب خطواتي ، جسدي يرتعش ، ازدادت نبضات قلبي ، ، أجل كيف أجرؤ على الإقتراب منه ، إنه الرجل الغامض – غريب الأطوار ، لا أعلم كم مضى من الوقت لأصل إليه ، كان الصبية ينظرون إلي ، ويشهقون ، نعم كأن ملك الموت أتى ليقطع حبل الوريد ، مستغربين من أمري ، مندهشين من فعلي ، لا بد أنه سحرك وسيطر على قواك العقلية. أجل إني وهو وجه لوجه ، ماذا عساي أن أقول له " .
سلمت عليه ... رأيت شفتاه تتحرك ،أظنه يرد السلام علي ، أو لعله يريد أن يقول لي شيئا ، سالته عن قصته ، عن سبب نزوله ، لم يرد علي ، أه زاد خوفي لماذا لم يجيب على أسإلتي دارت في ذهني الاف الأفكار التي تصتدم بالخوف الشديد في نفسي ، مصحوبا بالعرق الشديد ، حاول مجددا وقلت له ألا تخاف من شر العفاريت- ألا تخشى من الجن ... ضحك .. فأنفجرت من الخوف والرعب ...
أجاب...آآخاف .. وبحوزتي الخاتم هذا .... لماذا أخشى الجن والعفاريت ، وأنا أملك خاتم ملك "" نريمان"".
إندهشت ! خاتم الملك ! .. نعم سمعت عن هذا الخاتم ، فقد كانا يحدثنا جدنا –أبي مازن- عن هذا الخاتم وسر قوته ، والقوة التي يعطيها لمن يلبسه ، وأن الشخص الذي يلبس هذا الخاتم يعيش قرونا عديدية ، أتذكر الشيء الكثير عن هذا الخاتم.
لكن كيف وصل عندك؟.
أجابني ،القصة طويلة لكن عليك فأنا الشخص الذي أرُسله الملك نريمان من أجل مهمة صعبة، وهي خطف خاتم الملك "" نريمان"" فأهداه لي الملك وعاهدته على الحفاظ عليه ، وها أنا ما زلت منذ ذك الوقت أحتفظ به.
ولكن كيف لم يأخذه منك الجن والعفاريت ولم يؤذوك ، منذ ذاك الزمان...
كما قلت لك ، لا يجرؤ أحد من الجن ولا العفاريت الإقتراب مني وأنا أمتلك الخاتم فالكل يخاف مني" .
والى متى ستبقى؟ وإلى متى يبقى هذا الخاتم معاك ؟.
جسدي بدأ يضعف وتنهار قواي كما أن الخاتم بدأت تضعف قوته شيئا فشيئا ، وتتلاشى قدراته الخارقة ، وها أنا ذا أعد الأيام في انتظار الموت القادم".
والخاتم ".
سيبقى في حوزتي حتى أموت ، وينتهي بموتي" .
ثم أخذت الشمس في المغيب ، وإعتدنا أن نعود إلى البيت في ذاك الوقت ، فاستأذنته على أمل اللقاء معه من جديد ..."
وفي يوم الخميس، وقفت على طريق السوق اترقب مجيئه كالعادة... لقد تأخر ، بدأت الشمس بالمغيب ... كيف لم يظهر ... لا بد أن أذهب بنفسي إليه وأتسلق تلة الجبل ، رفض الصبية أن يرافقوني ،، لآنهم يعلمون مدى الرعب الذي يسببه لهم ذاك الرجل ..."
رحت أعدو وأجري ... لكن الخوف يحيط بي من كل جانب ... أه ...أه أين الكوخ ..أنا متأكد بأنه كان هنا ...وأين ذهب الرجل؟ ماذا حدث له ولكوخه.."
رجعت والحزن بقلبي وأسئلة تدور في ذهني أين رحل ؟ وهل سيأتي؟.
نعم ... رحل عنا للأبد ، رحل دون عودة .. كما رحل عنا جدنا أبو مازن ومن قبله والدي ، لكن ما زالت تلك الحكايات المخيفة بأقيه في أعماقي ، وسترافقني طول حياتي ..."
النهاية ..........
قصة قصيرة
تأليف : بودر أو الماااااااستر
حقوق التأليف محفوظة
من ذاكرة الطفولة
(1)
وحتى لا ترحل ذاكرتي مع الطفولة الى صفحات النسيان ، وجدت نفسي أخط هذه الكلمات التي تتناثر علي من هنا وهناك تتابع مع مسيرة العمر بدأت من مرحلة الطفولة.
لا أدري، حتى الآن، لماذا هذه المرحلة، من حياتي. كانت ذات أثر بالغ وعميق، في نفسي. أكثر من أية مرحلة أخرى في حياتي- مرحلة طفولتي-
كانت قريتنا صغيرة. تحيط بها الجبال من جهات ثلاث،كنا نعيش في بيت متواضع لا يقينا مطر الشتاء ولا حرارة الصيف بيت صغير، غرفتان ومجلس للرجال يستقبل فيه الضيوف".
بيتنا الصغير كان يضمنا نحن الثلاثة أنا وأخي وجدي أبو مازن، أخي كان أكبر مني في الثامنة... أما والدي مات وأنا في بداية عمري حدثني جدي أن عمري كان آنذاك ستة شهور ، كان جدي دائما يحدثنا عن بطولات والدي وكرمه وحبه وأخلاقه ، كنا نطوي صفحات الأمس حينما كنا نسمع عن والدي ، لكن في كل مرة يحدثنا جدي عن والدي ، نرى الدموع تنهال على خده ، ومن ثم يتوقف عن سرده لنا أخبار والدنا ، ويكتفي بالقول غدًا إن شاء الله أكمل الحديث عن والدكم .
نعم هذا بعض مما أذكر في طفولتي . ولكن الأهم في تلك المرحلة أنها مليئة بالأجواء المرعبةوالأساطير المخيفة ، والحكايات المفزعه – جن أشباح- عفاريت-حيوانات متوحشة - أفاعي....."
كان يحدث كل هذا، في وسط مناخ مشحون بالتهويل والتخويف.
آه حينما يأتي المساء على قريتنا الصغيرة _ كنا نرتعد ونرتعش ونرتجف من الخوف _ وعلى موعد جديد من روايات جدي - أبو مازن- التي تجعلنا نلتف حوله خوفًا وشوقًا ولهفة مع قصصة ".
كم كنت أشتاق إليك أيتها الحكايات ...أوآه...! أيها الخوف اللذيذ! كم كنا نعشقك، ونحن أطفال؟ ونستمتع برجفانك، وكم كان أجسادنا تطير من الخوف حين كنا نسمع تلك الحكايات؟ نعم أيها الخوف ننتظرك الليلة.
نصغي. نستسرق السمع. الأبدان تقشعرّ. لا أسئلة ... منتظرين نهاية الخوف ".
الأهوال تكثر... والقيامة تقوم غير أننا نبقى ملتفين حول أبي مازن.؟ نعم ، ياجدي كيف إستطاع الساحر تحويل الفارس الشجاع إلى ضفدع" ... وماذا فعل الملك بالساحرة ذات الثمان رؤوس ... والأرجل المتعرجة.
عند المساء كنا نحيط ب – أبي مازن- الذي يقص لنا كل يوم حكاية.... وقبل روايته لنا نراه يشعل زيت القنديل... أه ..أه من تلك الأيام الحلوة.."
وكان معظم تلك الحكايات تدور حول "الأشباح والأساطير والجن....
واليوم يا جدي ماذا ستحكي لنا....":
-(كان، يا مكان في قديم الزمان. وسالف العصر والأوان، كانت هنالك مدينة كبيرة يسكنها الجن والعفاريت يحكمها ملك "" نريمان "" وهو مارد قوي له عشرة رؤوس ، له عشرون عينا ،تتطاير الشرر منها ، كان يملك خاتم القوة ،خاتم يلبسه فيعطيه الهيبة والقوة ، وكانت جميع فصائل الجن والعفاريت تهابه وتخافه بسبب الخاتم الذي يملكه.
كانت أقرب الممالك من مملكته مملكة الإنس التي يحكمها " نبوخذ الحادي والعشرون " وكانت مملكته في غاية القوة التي تمكنها من الوقوف في وجه المعتدين والطامعين .
كان ملك الجن والعفاريت "" نريمان "" يسمع الكثير عن مملكة الإنس وكيف أن قوتها بدأت تزداد وبدأت ممالك الإنس تنظم إليها وتنضوي تحت رايتها...
أخذ "" نريمان " يعد العُدة لمحاربة مملكة الإنسان وسحقها وطمسها عن الوجود ، وأعد العدة لذلك ، وكون جيش عرمرم من الجن والشياطين والوحوش والعفاريت .. التي تقضي على الأخضر واليابس .
أرسل الملك "" نريمان "" رسالة الى الملك نبوخذ الحادي والعشرون ، يخبره بأنه قادم لسحقه والقضاء على مملكته في غصون أيام ، إن لم تستسلموا ...
لم يعجب الأمر ملك مملكة الإنس "" نبوخذ الحادي والعشرون """ ، واجتمع مع كبار أهل الرأي والمشورة ، وكان بينهم شاب قوي عرف عنه بالذكاء وقدرته الكبيرة على حل المشاكل وعرف بصدقه وأمانته ، طلب منهم أن يوافقوا بأن يذهب الى مملكة الجن ، من أجل أن يخطف الخاتم الذي يملكه "" نريمان "" .
وافق الملك ، واستطاع الشاب بفضل ذكائه وفطنته أن يخطف الخاتم من ملك الجن ، وأن يعود إلى أرضه دون أن يلحقه أذى ، وبالتالي قوت مملكة الإنس وضعفت قوة ملك الجن والعفاريت ، بفضل الشاب الذكي ، ويقال أن الخاتم ما زال إلى الآن عند الفتى الشجاع ، إذ أهداه الملك للشاب على أن يحافظ عليه.
وما زالت فصائل الجن والعفاريت يحاولون العثور على الخاتم ، وأصبحوا يغيرون ويعتدون على ممالك الإنس من ذلك الوقت بأشكالهم المرعبة وأجسادهم الكبيرة وعيونهم التي تخرج الشرار منها .
وأكد أهالي القرية مشاهدتهم لمرات عديدة هؤلاء الجن والعفاريت – وأن أشكالهم مخيفة – يتبدلون إلى حيات وأفاعي وعقارب، سيوفهم من شوك يلبسون التروس ومن خلفهم الغبار يتراقص في السماء كهبوب الإعصار ، كان البعض لدية خمس أيدي ... وكان البعض لديه عدة أوجه ... . وطولهم عشرون قدما...".
وماذا حدث بعد ذلك يا جدي – مات ملك الجن وتفرقت الفصائل ، وبقي الخاتم في حوزة الشاب الذكي ..."
كان الخوف يعلونا دائما ، لا يفارقنا ، كنا نتمنى مشاهدة هؤلاء الجن والعفاريت ونتمنى مشاهدة رماحهم وسيوفهم ."
(2)
مات جدي "" أبو مازن ""وصرنا فتية ، لكن ما زالت حكاياته بأقية في أذهاننا ورنين صوته ما زال يسري في أجسادنا...."
(3)
وما زلت أذكر في ذات يوم ، وقت العصر عندما كنا نلعب مع صبيان القرية لعبة الصياد والسمكة ، حينما مر علينا ذاك الرجل الغريب – طويل القامة ،عريض الجثة ، له هيبة ، أبيض الوجه ، منعزل عن الناس ، كان يسكن أعلى تلة الجبل الغربي من القرية ، وكان ينزل في كل يوم خميس من كل أسبوع ليشتري من السوق حاجاته" .
فأجأنا من غير العادة وجوده بيننا ، نعم كان ينظر إلينا ، ولا ندري كيف أتى ، سالت أصحابي عن اليوم ، أخبروني أنه الأحد ،، نعم هذا اليوم ليس موعد نزوله ، يا ترى ماذا حل به اليوم ..."
كنا نطلق عليه الرجل الغامض ، الرجل الغريب ، لم يروي لنا جدي أبو مازن عنه شيء... وكل أهل القرية يعرفون الشيء القليل عنه – أنه ذات صباح شاهدة أحد أهالي القرية يبني كوخة أعلى تلة الجبل ، ولا أحد يعلم من أين أتى هذا الرجل ، وما هي قصته ، إذ لا يجرؤ أحد على الإقتراب منه ، أو النزول بمنزله ".
لكن حبي الشديد لمعرفة شيء عنه أجبرني أن أتغلب على خوفي ، ودنوت منه بحذر شديد. آه إنه ينظر إلي يراقب خطواتي ، جسدي يرتعش ، ازدادت نبضات قلبي ، ، أجل كيف أجرؤ على الإقتراب منه ، إنه الرجل الغامض – غريب الأطوار ، لا أعلم كم مضى من الوقت لأصل إليه ، كان الصبية ينظرون إلي ، ويشهقون ، نعم كأن ملك الموت أتى ليقطع حبل الوريد ، مستغربين من أمري ، مندهشين من فعلي ، لا بد أنه سحرك وسيطر على قواك العقلية. أجل إني وهو وجه لوجه ، ماذا عساي أن أقول له " .
سلمت عليه ... رأيت شفتاه تتحرك ،أظنه يرد السلام علي ، أو لعله يريد أن يقول لي شيئا ، سالته عن قصته ، عن سبب نزوله ، لم يرد علي ، أه زاد خوفي لماذا لم يجيب على أسإلتي دارت في ذهني الاف الأفكار التي تصتدم بالخوف الشديد في نفسي ، مصحوبا بالعرق الشديد ، حاول مجددا وقلت له ألا تخاف من شر العفاريت- ألا تخشى من الجن ... ضحك .. فأنفجرت من الخوف والرعب ...
أجاب...آآخاف .. وبحوزتي الخاتم هذا .... لماذا أخشى الجن والعفاريت ، وأنا أملك خاتم ملك "" نريمان"".
إندهشت ! خاتم الملك ! .. نعم سمعت عن هذا الخاتم ، فقد كانا يحدثنا جدنا –أبي مازن- عن هذا الخاتم وسر قوته ، والقوة التي يعطيها لمن يلبسه ، وأن الشخص الذي يلبس هذا الخاتم يعيش قرونا عديدية ، أتذكر الشيء الكثير عن هذا الخاتم.
لكن كيف وصل عندك؟.
أجابني ،القصة طويلة لكن عليك فأنا الشخص الذي أرُسله الملك نريمان من أجل مهمة صعبة، وهي خطف خاتم الملك "" نريمان"" فأهداه لي الملك وعاهدته على الحفاظ عليه ، وها أنا ما زلت منذ ذك الوقت أحتفظ به.
ولكن كيف لم يأخذه منك الجن والعفاريت ولم يؤذوك ، منذ ذاك الزمان...
كما قلت لك ، لا يجرؤ أحد من الجن ولا العفاريت الإقتراب مني وأنا أمتلك الخاتم فالكل يخاف مني" .
والى متى ستبقى؟ وإلى متى يبقى هذا الخاتم معاك ؟.
جسدي بدأ يضعف وتنهار قواي كما أن الخاتم بدأت تضعف قوته شيئا فشيئا ، وتتلاشى قدراته الخارقة ، وها أنا ذا أعد الأيام في انتظار الموت القادم".
والخاتم ".
سيبقى في حوزتي حتى أموت ، وينتهي بموتي" .
ثم أخذت الشمس في المغيب ، وإعتدنا أن نعود إلى البيت في ذاك الوقت ، فاستأذنته على أمل اللقاء معه من جديد ..."
وفي يوم الخميس، وقفت على طريق السوق اترقب مجيئه كالعادة... لقد تأخر ، بدأت الشمس بالمغيب ... كيف لم يظهر ... لا بد أن أذهب بنفسي إليه وأتسلق تلة الجبل ، رفض الصبية أن يرافقوني ،، لآنهم يعلمون مدى الرعب الذي يسببه لهم ذاك الرجل ..."
رحت أعدو وأجري ... لكن الخوف يحيط بي من كل جانب ... أه ...أه أين الكوخ ..أنا متأكد بأنه كان هنا ...وأين ذهب الرجل؟ ماذا حدث له ولكوخه.."
رجعت والحزن بقلبي وأسئلة تدور في ذهني أين رحل ؟ وهل سيأتي؟.
نعم ... رحل عنا للأبد ، رحل دون عودة .. كما رحل عنا جدنا أبو مازن ومن قبله والدي ، لكن ما زالت تلك الحكايات المخيفة بأقيه في أعماقي ، وسترافقني طول حياتي ..."
النهاية ..........