"من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه"
قصة : @الـشـبـح@
من كتاب "أنيس المؤمنين من قصص الصحابة والصالحين "
من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه
قال أبو القاسم عبدالله بن أبي الفوارس البغدادي : سمعت القاضي أبا بكر محمد بن عبدالباقي بن محمد البزاز الأنصاري يقول : كنت مجاورا بمكة
ـ حرسها الله تعالى ـ فأصابني يوماً من الأيام جوعٌ شديدٌ لم أجد شيئاً أدفع به عني الجوع ، فوجدت كيسا من إبرسيم " الحرير " مشدوداً بشرابة من إبرسيم أيضاً ، فأخذته وجئت به إلى بيتي ، فحللته فوجدت فيه عقداً من لؤلؤ لم أر مثله ، فخرجت فإذا شيخ ينادي عليه ، وهو معه خرقة فيها خمسمائة دينار ، وهو يقول :
هذا لمن يرد علينا الكيس الذي فيه الؤلؤ ، فقلت : أنا محتاج ، وأنا جائع ، فآخذ الذهب فأنتفع به ، وأرد عليه الكيس ، فقلت له : تعال إليّ ، فأخذته به إلى بيتي ، فأعطاني علامة الكيس ، وعلامة الشرابة ، وعلامة اللؤلؤ ، وعدده والخيط الذي هو مشدود به ، فأخرجته ودفعته إليه .
فسلّم إليّ خمسمائة دينار ، فما أخذتها ، وقلت : يجب عليّ أن أعيده إليك ، ولا آخذ له جزاء ، فقال لي : لابد أن تأخذه ، وألحّ عليّ كثيراً ، فلم أقبل منه ، فتركني ومضى ,,,,,,
وأمّا ما كان مني : فإني خرجت من مكة ، وركبت البحر ، فانكسر المركب ، وغرق النّاس ، وهلكت أموالهم ، وسلمت أنا على قطعةٍ من المركب ، فبقيت مدةً في البحر لا أدري أين أذهب ، فوصلت إلى جزيرة فيها قوم فقعدت في بعض المساجد ، فسمعوني أقرأ ، فلم يبق في الجزيرة أحدٌ إلاّ جاء إليّ ، وقال : علمني القرآن ،،،
فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال .
قال : ثم إني رأيت في المسجد أوراقاً من مصحفٍ ، فأخذتها أقرأ فيها ،
فقالوا لي : تحسن تكتب ؟
فقلت : نعم ، فقالوا : علمنا الخط ، فجاؤوا بأولادهم من الصبيان والشباب ، فكنت أعلمهم ، فحصل لي أيضا شيء كثير ، فقالوا لي بعد ذلك : عندنا صبية يتيمة ، ولها شيء من الدنيا نريد أن تتزوج بها ، فامتنعت ، فقالوا : لابد ، وألزموني ، فأجبتهم إلى ذلك .
فلما زفوّها إليّ ، مددت عيني أنظر إليها ، فوجدت ذلك العقد بعينه معلقاً في عنقها ، فما كان لي حينئذ شغل إلاّ النظر إليه .
فقالوا : يا شيخ ، كسرت قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد ، ولم تنظر إليها ، فقصصت عليهم قصة العقد فصاحوا ، وصرخوا بالتهليل والتكبير حتى بلغ جميع أهل الجزيزة ، فقلت ما بكم ؟
فقالوا : ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية ، وكان يقول : ما وجدت مسلماً إلاّ هذا الذي ردّ عليّ هذا العقد ، وكان يدعو ويقول : اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي ، والآن قد حصلت ،،،
فبقيتُ مدة معها ، ورزقت منها بولدين .
ثم إنها ماتت فورثتُ العقد أنا وولداي ، ثم مات الوالدان فحصل العقد لي ، فبعته بمائة ألف دينار ، وهذا المال الذي ترون معي من بقايا ذلك المال.
ص 96/97 .
									
											
 		
