نحو اتجاه آخر
غريبة حياة عزيز لفها الصمت والترحال , من الحلم للواقع إلى جرح وفاة والديه. وجدته يطارد قلب بكى الآمال وعيشة الضياع في انتظار حياة قادمة سعيدة تشفي غليله .
في حنايا جدران غرفته يتفكر وكأن هذه الجدران التي تضمه بينها كما تضم الأم الحنون أبنها الرضيع بين أقواس الحنان والأحضان الدافئة , بينما هذه الجدران قاسية تحصر هذا الطفل البرء بين صمتها كما تحصر الزجاجة الماء تحت غطائها بإحكام وما أن تضغطها حتى يخرج الماء كالهارب منها كما خرج عزيز إلى الحياة هاربا كما هذه الجدران ولكنه يا حسرتاه خرج منها ليجلس أمام غيرها , أمام بيت جدته واضعا كفه المحروم – لمن يمسك به ويوصله لطريق الأمل – على خده الذي تحول إلى شلال من الدموع الآمة التي سرعان ما شاء القدر لها من يد تمسحها وهي يد رب أسرة الجيران التي كانت الجدة معهم , تلك الإنسانية ذات السيرة الحسنة , ولكن عزيز أجاب على هذه اليد بأنه سيشكل عبئا عليها ولكن رب الأسرة عرض عليه أن يعمل معه في مهنته صيد الأسماك .
فوافق عزيز رغم معرفته بأنه سيستبدل خطواته بدار العلم إلى العمل الدائب .
وها هو عزيز يستعد لمواجهة حياة من نوع آخر , حياة لونها مائل إلى السواد ولكنه يقنع نفسه بأنها مجرد عقبات تقف في طريقه إلى الأمام .. عقبات عادية تقف في وجه صانع المجد في بداية طريقه .. كان يقنع نفسه بركل تلك النظرات المشؤمة لتصدم بحائط التفاؤل وترتد لنظرات من الأمل وصنع المجد .
صاحب عيشته يتلك الأفكار وبجهده الذي بذله لاستجلاب الرزق وتذوق طعم الحياة بحقها .. جهد ذلك الجسد الهزيل الذي أصبح ينهض من نومته حتى قبل أن ينهض ديك أو عصفور . يستيقظ مع آذان فجر جديد ليتجه بخطوات تثبت فيها صخور الأرض الأمل , يتجه بتلك الخطوات إلى العمل الدائب مع أمواج البحر المتلاطمة التي يقاومها بقدر قدر ما يستطيع , يقاوم الأمواج ويتحمل ثقل الشباك على يد هزيلة , وجسد نظرت إليه الشمس من بعيد وتأثر بحرها وأشعتها من قريب .
وهو على ذلك الحال لا يشتكي ولا يئن تحت وطأة الصعوبات واضعا أمامه سراج من نور الذي أصبح ينطفئ رويدا مع عودته إلى منزل أسرة الجيران الذي تحول إلى جحيم ونار متأججة وقودها كلام أبناء الجيران الساخر المستهزئ الذي كأنه قطرات من السم في فمه الذي لم يشتكي ولهيبها ( كلام حارق ) .. يعيش وهذه الكلمات والحروف الجارحة ترسب على قلبه حتى أنها لتصل إلى فكره الذي يراوده بترك المنزل والهروب منه وفي أحايين أخرى يطرح هذا التفكير جانبا مقلعا عنه محاولا أن يطرح بجانبه سخرية أبناء الرجل الذي لمه برعايته متحملا لها .
وفي كل مرة يرمي هذا الكلام عرض الحائط متناسيا له ومتحملا إلا مرة واحدة كانت الأسرة مجتمعة ومن دون علمهم عاد عزيز من العمل منهكا وسمع كلام أفراد الأسرة بأنه أصبح عبئا ثقيلا عليهم وكأنه عنصر دخيل بينهم ومصدر ضيق لهم وأنه لا يعيش معهم سوى لرعايته وأصبح بيتهم مأوى له وانه صامت دائما مع أنهم هم الذين كانوا يضايقونه وهو دائما المتحمل المقاسي .
هذه المرة لم يتردد لحظة واحدة في الهروب والبعد عن تلك الطعنات والسكاكين الحادة فيعود ملتفتا إلى الخلف إلى الخروج من باب المنزل الذي عاش فيه ردحا من الزمان تكاد تكون وجيزة لكنها ليست أحسن حظا من غيرها .
خرج بخطى بطيئة متثاقلة عمياء مجهولة لا تدري مقرها بعد ولم تقرره .. وإن خرج من باب المنزل فإنه لم يخرج من الحياة يائسا بل كانت نظرة الأمل رفيقه الأول والأخير إلى طريق آخر بخطوات أخرى نحو اتجاه آخر .
غريبة حياة عزيز لفها الصمت والترحال , من الحلم للواقع إلى جرح وفاة والديه. وجدته يطارد قلب بكى الآمال وعيشة الضياع في انتظار حياة قادمة سعيدة تشفي غليله .
في حنايا جدران غرفته يتفكر وكأن هذه الجدران التي تضمه بينها كما تضم الأم الحنون أبنها الرضيع بين أقواس الحنان والأحضان الدافئة , بينما هذه الجدران قاسية تحصر هذا الطفل البرء بين صمتها كما تحصر الزجاجة الماء تحت غطائها بإحكام وما أن تضغطها حتى يخرج الماء كالهارب منها كما خرج عزيز إلى الحياة هاربا كما هذه الجدران ولكنه يا حسرتاه خرج منها ليجلس أمام غيرها , أمام بيت جدته واضعا كفه المحروم – لمن يمسك به ويوصله لطريق الأمل – على خده الذي تحول إلى شلال من الدموع الآمة التي سرعان ما شاء القدر لها من يد تمسحها وهي يد رب أسرة الجيران التي كانت الجدة معهم , تلك الإنسانية ذات السيرة الحسنة , ولكن عزيز أجاب على هذه اليد بأنه سيشكل عبئا عليها ولكن رب الأسرة عرض عليه أن يعمل معه في مهنته صيد الأسماك .
فوافق عزيز رغم معرفته بأنه سيستبدل خطواته بدار العلم إلى العمل الدائب .
وها هو عزيز يستعد لمواجهة حياة من نوع آخر , حياة لونها مائل إلى السواد ولكنه يقنع نفسه بأنها مجرد عقبات تقف في طريقه إلى الأمام .. عقبات عادية تقف في وجه صانع المجد في بداية طريقه .. كان يقنع نفسه بركل تلك النظرات المشؤمة لتصدم بحائط التفاؤل وترتد لنظرات من الأمل وصنع المجد .
صاحب عيشته يتلك الأفكار وبجهده الذي بذله لاستجلاب الرزق وتذوق طعم الحياة بحقها .. جهد ذلك الجسد الهزيل الذي أصبح ينهض من نومته حتى قبل أن ينهض ديك أو عصفور . يستيقظ مع آذان فجر جديد ليتجه بخطوات تثبت فيها صخور الأرض الأمل , يتجه بتلك الخطوات إلى العمل الدائب مع أمواج البحر المتلاطمة التي يقاومها بقدر قدر ما يستطيع , يقاوم الأمواج ويتحمل ثقل الشباك على يد هزيلة , وجسد نظرت إليه الشمس من بعيد وتأثر بحرها وأشعتها من قريب .
وهو على ذلك الحال لا يشتكي ولا يئن تحت وطأة الصعوبات واضعا أمامه سراج من نور الذي أصبح ينطفئ رويدا مع عودته إلى منزل أسرة الجيران الذي تحول إلى جحيم ونار متأججة وقودها كلام أبناء الجيران الساخر المستهزئ الذي كأنه قطرات من السم في فمه الذي لم يشتكي ولهيبها ( كلام حارق ) .. يعيش وهذه الكلمات والحروف الجارحة ترسب على قلبه حتى أنها لتصل إلى فكره الذي يراوده بترك المنزل والهروب منه وفي أحايين أخرى يطرح هذا التفكير جانبا مقلعا عنه محاولا أن يطرح بجانبه سخرية أبناء الرجل الذي لمه برعايته متحملا لها .
وفي كل مرة يرمي هذا الكلام عرض الحائط متناسيا له ومتحملا إلا مرة واحدة كانت الأسرة مجتمعة ومن دون علمهم عاد عزيز من العمل منهكا وسمع كلام أفراد الأسرة بأنه أصبح عبئا ثقيلا عليهم وكأنه عنصر دخيل بينهم ومصدر ضيق لهم وأنه لا يعيش معهم سوى لرعايته وأصبح بيتهم مأوى له وانه صامت دائما مع أنهم هم الذين كانوا يضايقونه وهو دائما المتحمل المقاسي .
هذه المرة لم يتردد لحظة واحدة في الهروب والبعد عن تلك الطعنات والسكاكين الحادة فيعود ملتفتا إلى الخلف إلى الخروج من باب المنزل الذي عاش فيه ردحا من الزمان تكاد تكون وجيزة لكنها ليست أحسن حظا من غيرها .
خرج بخطى بطيئة متثاقلة عمياء مجهولة لا تدري مقرها بعد ولم تقرره .. وإن خرج من باب المنزل فإنه لم يخرج من الحياة يائسا بل كانت نظرة الأمل رفيقه الأول والأخير إلى طريق آخر بخطوات أخرى نحو اتجاه آخر .