أخوتي .. أخواتي هذه أول قصة من تأليفي .. بصراحة هذه القصة مأخوذة من أحداث حقيقية بحياتي وكنت اريد أطرحها هنا على شكل أجزاء بس شفت من الأفضل أن تكون كاملة ليسهل مناقشتها .. أتمنى وهذا طلب مني أن تعطوني رأيكم بصراحة لأنها أول قصة لي وبدون أي مجاملة تقفون فيها على مواقع الضعف والقوة فيها لأني أطمح أن أستمر في التأليف وهذه القصة هي التي ستحدد إما أستمر وإما أنسى نهائياً فكرة التأليف .. وعلى فكرة أريد كل واحد فيكم يعطيني اسماً مناسباً لهذه القصة لأني احترت ماذا أسميها ؟ 
بداية الأمر أطلقت عليها ( قصة وداع ) ، ( فتاة الشات ) ، ( الحزين ) والباقي عليكم ..
وهذه دعوة مني لأخي رسام الغرام أن يعطيني رأيه بصراحة لأن رأيه يهمني ..
تقديري واحترامي الكبير له ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
									
									
								بداية الأمر أطلقت عليها ( قصة وداع ) ، ( فتاة الشات ) ، ( الحزين ) والباقي عليكم ..
وهذه دعوة مني لأخي رسام الغرام أن يعطيني رأيه بصراحة لأن رأيه يهمني ..
تقديري واحترامي الكبير له ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
بينما تتعالى ضحكات الناس من حولي .. وحركة دؤوبة .. وضجة الحياة تعلو .. وتعلو بنشاطها العذب الجميل التي تزهر فيها ضحكات الأطفال فتنشر شذا عجيب جميل تعطر الدنيا فتزداد تألقاً وجمالاً .. تزينها أضواء العيد وتميس العذارى بأناقة مبدعة تتجلى فيها آيات الجمال الإلهي ..
الجميع يستعد للعيد .. الكل يفرح .. الكل يتبادل التهاني .. الأطفال يمنون أنفسهم ويحلمون ويخططون كيف ستكون حربهم مع العصابات الأخرى عند مصلى العيد .. الفتيات يتفنن ليرسمن على أيديهن أجمل النقوش وطلاسم غريبة بذلك اللون الدموي يزيدهن تألقاً وبهاء .. يرضي أنوثتهن فيشعرن بالسعادة ورضاء النفس .. كل الشباب في ليلة العيد يبحث عن الحلاق وعن شراء ما ينقصهم من مستلزمات ليظهروا درراً تنافس الشمس في شروقها .. الكل أرواح حالمة بنشاط غض الشباب .. يترقب العيد ليشعر بالسعادة وسحر العالم الخلاب ..
ولكن يبقى دائماً هناك شخص يرى الدنيا نقطة سوداء ضئيلة .. تاهت به الأفكار وعاش منزوياً في عمق الظلام تائه حيران .. كئيب .. كل شيء من حوله سئم ، يرى بعينيه الجافة من الدموع المرهقة بأن الدنيا تعيسة .. يتردد في أذنيه أصوات غلبت عليها نشيج وشهقات .. ماتت بوجهه الابتسامة وكره الحياة بما فيها من بهجة .. وترك كل شيء خلفه وأصبح لديه العيد لا يعنيه شيء .. بدأ ساخطاً على كل شيء .. وجمدت أحاسيسه ويأس أهله وأصدقاؤه أن يعيدوا إليه إحساس الحياة ويفتحون عينيه على الأزهار والنجوم .. عيا الأطباء من حالته .. وبقى بحالة تعكس ما بأعماقه من ذكريات مؤلمة وكآبة مرهقة .. ووحدة باردة سامة تجثم على أنفاسه .. أصبح يبحث عن كل شيء يزده ألماً وحزناً وكأنه عقاباً أو تأنيباً لذنب يجد نفسه بأنه اقترفه ..
بدأ كعادته بتلك الرتابة الغريبة في مواعيد محددة وكأنها مواعيد سجن أبى أربابه إلا أن يطبقوها بحذافيرها على المسجونين بذلك النظام الصارم .. فتح جهاز الحاسوب وبدأ يبحث في المنتديات عن كل ما هو محزن من قصص وأشعار وخواطر .. بعضها يعيد قراءته مرات ومرات وبعضها ينقلها إلى جهازه وبعضها يقوم بالردود عليها .. لم يكتف ولم يقتنع بما لديه .. انتقل إلى برامج المحادثة بدأ ينظر إلى ثرثرة الناس فيها .. أصابه بالضجر والملل .. فارتسمت على وجهه ملامح ابتسامة ساخرة بإحساسه بالضجر والملل وهو يعيشه ! .. بدأ ناقماً على التعليقات وتبادل النكت والكلام المرح بين الناس سواء رجالاً أو نساء .. وفجأة جاءته محادثة على نافذة الخاص .. تردد أن يرد على تلك المحادثة الكتابية لكن اسم الشخص شده ، كان اسماً ضبابياً من عمق الوهم .. تبادل التحية وبعض عبارات المجاملة وذلك السؤال المتكرر .. لماذا اخترت هذا الاسم ؟ رد عليها بسؤال تقليدي من أنتي ؟ عرفيني على نفسك .. قالت : أنا حزينة جداً حاسة بألم شديد بأعماقي وكآبة ليست لها حدود .. محتاجة لشخص أحادثة وأفرغ ما بأعماقي من حزن .. ضحك بسخرية لاذعة وقال : أما وجدتي غيري؟ يالتعاستك وحضك النحس !! .. ظهرت على نافذته جملة ( أرجوك .. أريد رقم هاتفك ، أريد أكلمك ضروري ) ، تردد واحتار هل يعطيها رقم هاتفه ، أم يتجاهلها ؟ ، فضوله أن يعرف قصتها غلب تردده كيف لا وهو يبحث عن قصص الحزن والدموع ؟ ربما بأعماقه رغبة لمقارنة بين ذكرياته المؤلمة وأحداث قصتها أيهما أشد إيلاماً ؟؟ !!
دار بذهنه أفكار كثيرة .. ربما مقلب من زملائه وأصدقائه .. ربما أحد الذئاب من الذين يبحثون عن ضحية ينتشي بألمها ودموعها في سادية جافة من الإحساس ، نفض رأسه من هذه الأفكار وكتب لها رقمه .. ظهرت عبارة ( تمام ، سوف أتصل بعد ربع ساعة ، الآن سوف أخرج من النت ، انتظر اتصالي ، مع السلامة ) .. بدر في ذهنه غرابة تصرفها وتسائل في نفسه كم شخصاً أخذت رقم هاتفه ؟ .. وكم شخصاً قصت عليه حكايتها ؟ .. وما الهدف من هذا ؟ وما هو مغزاها ؟ أفكار كثيرة ذهبت بفكره إلى أبعاد من هي ؟ ولماذا اختارته من ضمن قائمة الأسماء الظاهرة في برنامج المحادثة ؟ و ..
تعالت نغمة هاتفه .. ونفض عنه تلك الأفكار ليجد رقماً مدفوع الأجر مسبقاً ( حياك ) رد عليها بذلك الصوت المبحوح وذلك السلام المتسائل : من معي ؟ قالت : أنا .. عمق الوهم ..
تفضلي أختي أساعدك بشيء ، أحببت أهنئك بالعيد مسبقاً كانت إجابتها .. رد عليها : الله يبارك فيك ويسعدك بهذا العيد ، وعساك من عواده بإذن الله تعالى ، قالت : آمين ، المهم سأتصل بك غداً المساء ، تعرف الصباح عيد .. قال لها : إن شاء الله ..
يعني هذه حقيقة .. وليس وهم .. وليس أحد من أصدقائه .. إنها فتاة بصوتها الواهن الضعيف .. ذات الصوت الطفولي الرقيق .. الذي تغلب عليه أنفاس تعطيه نبرة حزينة .. غريبة هذه الدنيا إنه ليس بنفسه الذي لا يحتفل بالعيد .. بل هذه فتاة لم تشعر بطعم العيد ولا معناه لم تتزين مثل قريناتها .. ولم تبتهج بفرحة العيد .. هذا ما أدركه على الأقل من صوتها ..
مضى الصباح المتكرر عليه عشرات المرات .. حتى صباح العيد لم يتميز لديه .. ولم يشكل له أي معنى وأي إحساس .. مجرد يوم مثل بقية الأيام بالرغم إنه يدرك بأن هذا الصباح بالذات يوم مميز وحّد الناس بإحساس البهجة والسرور .. مضى هذا الصباح مملاً رتيباً ثقيلاً ببطء وهو لا يزال يعيش في تلك العزلة الغريبة بين الأوراق المبعجة والأقلام المهملة من شخبطات ورسومات وجو خيم عليه البرد والصمت .. وها هي لحظات المساء التي لم تتغير قليلاً عن مساء الأمس تمضي بسحبها السوداء لتعبر به عمق الظلام برتابة آلية الساعة الثامنة مساء .. الساعة التاسعة .. الساعة العاشرة .. الساعة الحادية عشر .. ويزيد عليه نصف ساعة أخرى من رحلة الظلام بذلك الصمت الجاف .. و ..
تتعالى نغمات هاتفه النقال .. الذي إكتساه الأسى بتلك النغمة الحزينة .. ( مساء الخير ) تردد صوتها .. مساء النور ، ( أحس بنبرة الدهشة في ردك لي ..)
قال لها : نعم ! .. فاسترسل يسألها : ممكن أسألك سؤال ؟؟
قالت له : نعم .. تفضل !
قال لها : ما هي قصتك ؟ ما هو الحزن الذي يعصف بك ؟ قولي لي قصتك بالتفصيل إذا ممكن ؟
فبدأت تحكي قصتها .. بحبها لشخص ما تعرفت عليه عبر برنامج المحادثة .. ومرت الأيام وحبها ينمو بأعماقها كشجرة شقت جذورها في جوف الأرض لتصبح ثابتة متحدية الرياح والظروف الصعبة .. كانت أحلامها وأمانيها ترسمها مع هذا الشخص تزينها الابتسامة السعيدة والأمل بحياة كريمة هانئة ومرت الأيام والأحلام تكبر وتكبر إلى أن بدأ يفتر هذا الحب من جانبه وبدأ يبتعد ويتلاشى عبر وهج الأيام ليصبح بعيداً يتصنع الأعذار والحجج إلى أن مر العيد .. وهذه الفتاة تمنى نفسها باتصاله وتهنئته لها بالعيد ودعائه لها بطول العمر وأن يبقى حبهما كأسطورة حب خالدة تضاف فصلاً في كتب العشاق ..أحلام جميلة دارت في ذهنها وذهاب فكرها إليه لتنسى من حولها وواقعها .. في ذلك الحلم الذي تعيشه من أحلام يقضتها يتعالى صوت هاتفها يعلن عن رسالة نصية في بريدها الوارد بتلك اللحظة بالذات تضطرب الأفكار فيها كتلاطم الأمواج وامتزاج الإحساس لهفة .. وفرحة ونشوة عميقة .. كل شيء من حولها نبت بالزهر الجميل وابتسامة بريئة تملأ أجواؤها .. فتفتح يدها الملهوفة لتقرأ عينيها تلك الرسالة ذات الكلمات البسيطة (( انسيني .. الله ما أراد أن يستمر حبنا .. أنا تزوجت وحدة من أقاربي )) عندها بدأ ينهار كل شيء من حولها .. كل شيء من حولها يذوب .. ينصهر ببطء .. ينتهي العالم في عينيها .. ويتآكل النور ويبقى سواداً داكناً يكسب كل شيء بالظلام .. والألم والحزن والصمت .. !
فتضيف فصلاً في قصتها بأنها لم تستطع نسيانه .. وإنها لا زالت على إخلاصها له .. وإنها الحب العذري الجميل .. ولا يزال أريجه ورائحة عطره تعبق بأجوائها فكانت أنفاسها ..
فتضيف في قصتها ( لكنك أنت الآن معي .. بدأت أحس بنسيانه )
فيتكرر اتصالها .. بشكل يومي وفي أوقات متأخرة .. أوقات غريبة جداً .. بدأت تبحر في أعماق القلب .. تطلب التملك كل ربوعه .. وكل نبضه .. تريد امتلاك فكره وقلمه .. فيكتبها كلمات غزلية عذراء .. وأحلامه وعوالمه من الإبداع ..
غريب أمرها !!
هذه الفكرة تتردد في ذهنه .. قصتها حزينة وكلامها غريب .. بدأ يعيش في عالم كلماتها الحزينة .. والأيام تمضي إلى أن تصرح بأنه حبها .. وأنه فكرها وأنه قرارها الأخير ومستودع عاطفتها ورافد حياتها ومصب أحلامها وفارس أحلامها وإنه الحب الحقيقي في حياتها وحبها القديم انتهى وتلاشى وإنه مجرد وهم !!
أدرك عندها إنها غريبة الأطوار .. تتصنع الحب لتلوك حلاوة العاطفة كأنها علك لتستبدله بعلك آخر وطعم آخر بعد إحساسها بالملل منه .. بدأ يخطط في ذهنه ليدرك صدقها .. وإنه حبها الأخير كما تقول .. هداه تفكيره بأن يضعها في اختبار بسيط ليتأكد بأنها ستضحي بنفسها من أجل حبها وسعادتها معه .. ستمكنه من قلبها برغم ظروفه .. وقسوة أيامه .. بدأ يتدرج معها في اختباره .. ليجدها تتلون وتتغير وفجأة تعلن انسحابها بحجة إنها بلا رأي أمام أولياء أمرها .. وإنها انتهت .. وضاعت أيامها وبقت كحلم جميل وكان اتصالها الأخير لحظة من وداع بارد أدرك من خلاله مقدار كذبها وإنها أضافت اسم في قائمة من عبثت بمشاعرهم بتلك الرتابة من تعود على هذا العمل عشرات المرات .. ابتسم بسخرية عندما أدرك من خلال سؤاله عنها إنها باعت مشاعرها عشرات المرات بثمن بخس .. يعود لحزن وشخبطاته وأوراقه المبعجة وأقلامه المنتثرة هنا وهناك .. يعود لغرفته الكئيبة وإلى جهازه وإلى زاويته المظلمة بملامح الحزن والكآبة .. قصة قلم حزين مداده الألم وكلماته أحاسيس تحترق بصمت مميت !
									الجميع يستعد للعيد .. الكل يفرح .. الكل يتبادل التهاني .. الأطفال يمنون أنفسهم ويحلمون ويخططون كيف ستكون حربهم مع العصابات الأخرى عند مصلى العيد .. الفتيات يتفنن ليرسمن على أيديهن أجمل النقوش وطلاسم غريبة بذلك اللون الدموي يزيدهن تألقاً وبهاء .. يرضي أنوثتهن فيشعرن بالسعادة ورضاء النفس .. كل الشباب في ليلة العيد يبحث عن الحلاق وعن شراء ما ينقصهم من مستلزمات ليظهروا درراً تنافس الشمس في شروقها .. الكل أرواح حالمة بنشاط غض الشباب .. يترقب العيد ليشعر بالسعادة وسحر العالم الخلاب ..
ولكن يبقى دائماً هناك شخص يرى الدنيا نقطة سوداء ضئيلة .. تاهت به الأفكار وعاش منزوياً في عمق الظلام تائه حيران .. كئيب .. كل شيء من حوله سئم ، يرى بعينيه الجافة من الدموع المرهقة بأن الدنيا تعيسة .. يتردد في أذنيه أصوات غلبت عليها نشيج وشهقات .. ماتت بوجهه الابتسامة وكره الحياة بما فيها من بهجة .. وترك كل شيء خلفه وأصبح لديه العيد لا يعنيه شيء .. بدأ ساخطاً على كل شيء .. وجمدت أحاسيسه ويأس أهله وأصدقاؤه أن يعيدوا إليه إحساس الحياة ويفتحون عينيه على الأزهار والنجوم .. عيا الأطباء من حالته .. وبقى بحالة تعكس ما بأعماقه من ذكريات مؤلمة وكآبة مرهقة .. ووحدة باردة سامة تجثم على أنفاسه .. أصبح يبحث عن كل شيء يزده ألماً وحزناً وكأنه عقاباً أو تأنيباً لذنب يجد نفسه بأنه اقترفه ..
بدأ كعادته بتلك الرتابة الغريبة في مواعيد محددة وكأنها مواعيد سجن أبى أربابه إلا أن يطبقوها بحذافيرها على المسجونين بذلك النظام الصارم .. فتح جهاز الحاسوب وبدأ يبحث في المنتديات عن كل ما هو محزن من قصص وأشعار وخواطر .. بعضها يعيد قراءته مرات ومرات وبعضها ينقلها إلى جهازه وبعضها يقوم بالردود عليها .. لم يكتف ولم يقتنع بما لديه .. انتقل إلى برامج المحادثة بدأ ينظر إلى ثرثرة الناس فيها .. أصابه بالضجر والملل .. فارتسمت على وجهه ملامح ابتسامة ساخرة بإحساسه بالضجر والملل وهو يعيشه ! .. بدأ ناقماً على التعليقات وتبادل النكت والكلام المرح بين الناس سواء رجالاً أو نساء .. وفجأة جاءته محادثة على نافذة الخاص .. تردد أن يرد على تلك المحادثة الكتابية لكن اسم الشخص شده ، كان اسماً ضبابياً من عمق الوهم .. تبادل التحية وبعض عبارات المجاملة وذلك السؤال المتكرر .. لماذا اخترت هذا الاسم ؟ رد عليها بسؤال تقليدي من أنتي ؟ عرفيني على نفسك .. قالت : أنا حزينة جداً حاسة بألم شديد بأعماقي وكآبة ليست لها حدود .. محتاجة لشخص أحادثة وأفرغ ما بأعماقي من حزن .. ضحك بسخرية لاذعة وقال : أما وجدتي غيري؟ يالتعاستك وحضك النحس !! .. ظهرت على نافذته جملة ( أرجوك .. أريد رقم هاتفك ، أريد أكلمك ضروري ) ، تردد واحتار هل يعطيها رقم هاتفه ، أم يتجاهلها ؟ ، فضوله أن يعرف قصتها غلب تردده كيف لا وهو يبحث عن قصص الحزن والدموع ؟ ربما بأعماقه رغبة لمقارنة بين ذكرياته المؤلمة وأحداث قصتها أيهما أشد إيلاماً ؟؟ !!
دار بذهنه أفكار كثيرة .. ربما مقلب من زملائه وأصدقائه .. ربما أحد الذئاب من الذين يبحثون عن ضحية ينتشي بألمها ودموعها في سادية جافة من الإحساس ، نفض رأسه من هذه الأفكار وكتب لها رقمه .. ظهرت عبارة ( تمام ، سوف أتصل بعد ربع ساعة ، الآن سوف أخرج من النت ، انتظر اتصالي ، مع السلامة ) .. بدر في ذهنه غرابة تصرفها وتسائل في نفسه كم شخصاً أخذت رقم هاتفه ؟ .. وكم شخصاً قصت عليه حكايتها ؟ .. وما الهدف من هذا ؟ وما هو مغزاها ؟ أفكار كثيرة ذهبت بفكره إلى أبعاد من هي ؟ ولماذا اختارته من ضمن قائمة الأسماء الظاهرة في برنامج المحادثة ؟ و ..
تعالت نغمة هاتفه .. ونفض عنه تلك الأفكار ليجد رقماً مدفوع الأجر مسبقاً ( حياك ) رد عليها بذلك الصوت المبحوح وذلك السلام المتسائل : من معي ؟ قالت : أنا .. عمق الوهم ..
تفضلي أختي أساعدك بشيء ، أحببت أهنئك بالعيد مسبقاً كانت إجابتها .. رد عليها : الله يبارك فيك ويسعدك بهذا العيد ، وعساك من عواده بإذن الله تعالى ، قالت : آمين ، المهم سأتصل بك غداً المساء ، تعرف الصباح عيد .. قال لها : إن شاء الله ..
يعني هذه حقيقة .. وليس وهم .. وليس أحد من أصدقائه .. إنها فتاة بصوتها الواهن الضعيف .. ذات الصوت الطفولي الرقيق .. الذي تغلب عليه أنفاس تعطيه نبرة حزينة .. غريبة هذه الدنيا إنه ليس بنفسه الذي لا يحتفل بالعيد .. بل هذه فتاة لم تشعر بطعم العيد ولا معناه لم تتزين مثل قريناتها .. ولم تبتهج بفرحة العيد .. هذا ما أدركه على الأقل من صوتها ..
مضى الصباح المتكرر عليه عشرات المرات .. حتى صباح العيد لم يتميز لديه .. ولم يشكل له أي معنى وأي إحساس .. مجرد يوم مثل بقية الأيام بالرغم إنه يدرك بأن هذا الصباح بالذات يوم مميز وحّد الناس بإحساس البهجة والسرور .. مضى هذا الصباح مملاً رتيباً ثقيلاً ببطء وهو لا يزال يعيش في تلك العزلة الغريبة بين الأوراق المبعجة والأقلام المهملة من شخبطات ورسومات وجو خيم عليه البرد والصمت .. وها هي لحظات المساء التي لم تتغير قليلاً عن مساء الأمس تمضي بسحبها السوداء لتعبر به عمق الظلام برتابة آلية الساعة الثامنة مساء .. الساعة التاسعة .. الساعة العاشرة .. الساعة الحادية عشر .. ويزيد عليه نصف ساعة أخرى من رحلة الظلام بذلك الصمت الجاف .. و ..
تتعالى نغمات هاتفه النقال .. الذي إكتساه الأسى بتلك النغمة الحزينة .. ( مساء الخير ) تردد صوتها .. مساء النور ، ( أحس بنبرة الدهشة في ردك لي ..)
قال لها : نعم ! .. فاسترسل يسألها : ممكن أسألك سؤال ؟؟
قالت له : نعم .. تفضل !
قال لها : ما هي قصتك ؟ ما هو الحزن الذي يعصف بك ؟ قولي لي قصتك بالتفصيل إذا ممكن ؟
فبدأت تحكي قصتها .. بحبها لشخص ما تعرفت عليه عبر برنامج المحادثة .. ومرت الأيام وحبها ينمو بأعماقها كشجرة شقت جذورها في جوف الأرض لتصبح ثابتة متحدية الرياح والظروف الصعبة .. كانت أحلامها وأمانيها ترسمها مع هذا الشخص تزينها الابتسامة السعيدة والأمل بحياة كريمة هانئة ومرت الأيام والأحلام تكبر وتكبر إلى أن بدأ يفتر هذا الحب من جانبه وبدأ يبتعد ويتلاشى عبر وهج الأيام ليصبح بعيداً يتصنع الأعذار والحجج إلى أن مر العيد .. وهذه الفتاة تمنى نفسها باتصاله وتهنئته لها بالعيد ودعائه لها بطول العمر وأن يبقى حبهما كأسطورة حب خالدة تضاف فصلاً في كتب العشاق ..أحلام جميلة دارت في ذهنها وذهاب فكرها إليه لتنسى من حولها وواقعها .. في ذلك الحلم الذي تعيشه من أحلام يقضتها يتعالى صوت هاتفها يعلن عن رسالة نصية في بريدها الوارد بتلك اللحظة بالذات تضطرب الأفكار فيها كتلاطم الأمواج وامتزاج الإحساس لهفة .. وفرحة ونشوة عميقة .. كل شيء من حولها نبت بالزهر الجميل وابتسامة بريئة تملأ أجواؤها .. فتفتح يدها الملهوفة لتقرأ عينيها تلك الرسالة ذات الكلمات البسيطة (( انسيني .. الله ما أراد أن يستمر حبنا .. أنا تزوجت وحدة من أقاربي )) عندها بدأ ينهار كل شيء من حولها .. كل شيء من حولها يذوب .. ينصهر ببطء .. ينتهي العالم في عينيها .. ويتآكل النور ويبقى سواداً داكناً يكسب كل شيء بالظلام .. والألم والحزن والصمت .. !
فتضيف فصلاً في قصتها بأنها لم تستطع نسيانه .. وإنها لا زالت على إخلاصها له .. وإنها الحب العذري الجميل .. ولا يزال أريجه ورائحة عطره تعبق بأجوائها فكانت أنفاسها ..
فتضيف في قصتها ( لكنك أنت الآن معي .. بدأت أحس بنسيانه )
فيتكرر اتصالها .. بشكل يومي وفي أوقات متأخرة .. أوقات غريبة جداً .. بدأت تبحر في أعماق القلب .. تطلب التملك كل ربوعه .. وكل نبضه .. تريد امتلاك فكره وقلمه .. فيكتبها كلمات غزلية عذراء .. وأحلامه وعوالمه من الإبداع ..
غريب أمرها !!
هذه الفكرة تتردد في ذهنه .. قصتها حزينة وكلامها غريب .. بدأ يعيش في عالم كلماتها الحزينة .. والأيام تمضي إلى أن تصرح بأنه حبها .. وأنه فكرها وأنه قرارها الأخير ومستودع عاطفتها ورافد حياتها ومصب أحلامها وفارس أحلامها وإنه الحب الحقيقي في حياتها وحبها القديم انتهى وتلاشى وإنه مجرد وهم !!
أدرك عندها إنها غريبة الأطوار .. تتصنع الحب لتلوك حلاوة العاطفة كأنها علك لتستبدله بعلك آخر وطعم آخر بعد إحساسها بالملل منه .. بدأ يخطط في ذهنه ليدرك صدقها .. وإنه حبها الأخير كما تقول .. هداه تفكيره بأن يضعها في اختبار بسيط ليتأكد بأنها ستضحي بنفسها من أجل حبها وسعادتها معه .. ستمكنه من قلبها برغم ظروفه .. وقسوة أيامه .. بدأ يتدرج معها في اختباره .. ليجدها تتلون وتتغير وفجأة تعلن انسحابها بحجة إنها بلا رأي أمام أولياء أمرها .. وإنها انتهت .. وضاعت أيامها وبقت كحلم جميل وكان اتصالها الأخير لحظة من وداع بارد أدرك من خلاله مقدار كذبها وإنها أضافت اسم في قائمة من عبثت بمشاعرهم بتلك الرتابة من تعود على هذا العمل عشرات المرات .. ابتسم بسخرية عندما أدرك من خلال سؤاله عنها إنها باعت مشاعرها عشرات المرات بثمن بخس .. يعود لحزن وشخبطاته وأوراقه المبعجة وأقلامه المنتثرة هنا وهناك .. يعود لغرفته الكئيبة وإلى جهازه وإلى زاويته المظلمة بملامح الحزن والكآبة .. قصة قلم حزين مداده الألم وكلماته أحاسيس تحترق بصمت مميت !
											
..........................................................
 شاركونا