بخطى أوهنتها السّنون .. وتناثر عليها غبار الزمن .. راحت تجرُّ قدميها بتثاقلٍ نحو المجهول ....
تشقُّ طريقها وسط ظلام الليل الدامس .. ممزقةً سكونه الموحش ..
ترتفع بنظراتها إلى حيث يمتد ذلك الأفق شاسعاً بلا نهاية .. فتومض في أعماقها صورٌ قديمة تحملها إلى أعتاب الماضي البعيد .. لتحلِّق في سماء الذكريات .. حين كانت أماً لأطفالٍ صغار يخطُّون على صفحات المستقبل أحلاماً ورديّة .. ويتهادون مع أنغام الفرح ضحكاتٍ بريئة .. تتجسّد في أرواحهم الشفافة كل معاني الحبِّ والصفاء .. تشدو ثغورهم بأعذب الألحان .. وتطوف على محيّاهم ابتساماتٌ كفراشات ربيعٍ تطير من زهرةٍ لأخرى في خفةٍ ورقّة .. احتوتهم بين أحضانها بعد أن اغتالت الحرب والدهم .. واختطفته يد المنون منهم فعرجت روحه إلى تلك العوالم المفعمة بالسعادة الخالدة في سماء الشهادة .. واحتضن التراب الطاهر جسده المرمّل بدماءٍ قانية ..
احتشدت الدموع في عيني صغاره يسألون أمهم المفجوعة عنه فتجيبهم بالصّمت والدموع ..
ربّتهم فكانت لهم الأم والأب والصديق .. وصارت تراهم يكبرون كبذرةٍ شقّت طريقها عبر الظلام لتطلَّ على النور.. فيمتلئ قلبها الواهن بالفرح .. وتستبشر روحها الذابلة بسعادةٍ ونشوة لما سيخبئه المستقبل لأولادها بين ثناياه ..
توالت الأيام ممعنةً في الفرار من دولاب الزمن .. واندلعت الحرب – التي لم تتوقف يوماً ما – من جديد ..دارت رحاها الطّاحنة لتسحق كل من يعترض طريقها أو يحاول الوقوف بوجه ثورتها المندفعة ..
حتى أطفالها الثلاثة كل ما بقي لها في هذه الدنيا هربوا من ويلات الحرب ليلتحقوا بركب القافلة المسافرة إلى الأعالي .. يرسمون طريقهم بدماء أجسادهم .. ذهبوا إلى حيث ينتظرهم والدهم .. دفعهم شوقهم الجارف إليه .. وتركوا أمهم التي تعبت لأجلهم وحيدةً تُصارع الهموم .. وتنسج لروحها المعذَّبة وشاحاً أبدياً من الحزن .. قلبها النازف ينبض دماً امتزج بالألم راح يسري في جسدها الذاوي سماً ناجعاً يقتلها في كل لحظةٍ ألف مرّة ، وأنفاسها المتعبة تشهق مع الهواء آهاتٍ وتزفر معه أنّاتٍ موجعة تخاطب روحها المتَّشحة بالسواد .. تبثّها شوقاً وحنيناً إلى أولئك الذين لم يعد المنزل يضمهم وأصبح خاوياً دونهم وافتقدت زواياه صدى ضحكاتهم .. فاستحال إلى منزلٍ شبه مهجور يجثم عليه صمتٌ ثقيل وتلفّه ظلمةٌ حالكة ..
سافرت بعينيها نحو ذلك المدى السحيق .. فسالت على وجنتيها اللتين حفر عليهما الزمن تجاعيده دموعٌ كالمطر ... تنظر بقلبها الملتهب بلوعة الفراق إلى أطيافهم تحلِّق في السماء تتراقص على شفاههم ابتساماتٌ وادعة تناغمت مع دموعها لحناً سرمدياً اهتزَّ على وتر الزمن جرحاً غائراً في الأعماق الحرّى .. ليخطَّ بحروفٍ من دماء على أرض العراق الجريح مأساةً هي ليست الأولى !.. فهل ستكون الأخيرة ؟؟!...
تشقُّ طريقها وسط ظلام الليل الدامس .. ممزقةً سكونه الموحش ..
ترتفع بنظراتها إلى حيث يمتد ذلك الأفق شاسعاً بلا نهاية .. فتومض في أعماقها صورٌ قديمة تحملها إلى أعتاب الماضي البعيد .. لتحلِّق في سماء الذكريات .. حين كانت أماً لأطفالٍ صغار يخطُّون على صفحات المستقبل أحلاماً ورديّة .. ويتهادون مع أنغام الفرح ضحكاتٍ بريئة .. تتجسّد في أرواحهم الشفافة كل معاني الحبِّ والصفاء .. تشدو ثغورهم بأعذب الألحان .. وتطوف على محيّاهم ابتساماتٌ كفراشات ربيعٍ تطير من زهرةٍ لأخرى في خفةٍ ورقّة .. احتوتهم بين أحضانها بعد أن اغتالت الحرب والدهم .. واختطفته يد المنون منهم فعرجت روحه إلى تلك العوالم المفعمة بالسعادة الخالدة في سماء الشهادة .. واحتضن التراب الطاهر جسده المرمّل بدماءٍ قانية ..
احتشدت الدموع في عيني صغاره يسألون أمهم المفجوعة عنه فتجيبهم بالصّمت والدموع ..
ربّتهم فكانت لهم الأم والأب والصديق .. وصارت تراهم يكبرون كبذرةٍ شقّت طريقها عبر الظلام لتطلَّ على النور.. فيمتلئ قلبها الواهن بالفرح .. وتستبشر روحها الذابلة بسعادةٍ ونشوة لما سيخبئه المستقبل لأولادها بين ثناياه ..
توالت الأيام ممعنةً في الفرار من دولاب الزمن .. واندلعت الحرب – التي لم تتوقف يوماً ما – من جديد ..دارت رحاها الطّاحنة لتسحق كل من يعترض طريقها أو يحاول الوقوف بوجه ثورتها المندفعة ..
حتى أطفالها الثلاثة كل ما بقي لها في هذه الدنيا هربوا من ويلات الحرب ليلتحقوا بركب القافلة المسافرة إلى الأعالي .. يرسمون طريقهم بدماء أجسادهم .. ذهبوا إلى حيث ينتظرهم والدهم .. دفعهم شوقهم الجارف إليه .. وتركوا أمهم التي تعبت لأجلهم وحيدةً تُصارع الهموم .. وتنسج لروحها المعذَّبة وشاحاً أبدياً من الحزن .. قلبها النازف ينبض دماً امتزج بالألم راح يسري في جسدها الذاوي سماً ناجعاً يقتلها في كل لحظةٍ ألف مرّة ، وأنفاسها المتعبة تشهق مع الهواء آهاتٍ وتزفر معه أنّاتٍ موجعة تخاطب روحها المتَّشحة بالسواد .. تبثّها شوقاً وحنيناً إلى أولئك الذين لم يعد المنزل يضمهم وأصبح خاوياً دونهم وافتقدت زواياه صدى ضحكاتهم .. فاستحال إلى منزلٍ شبه مهجور يجثم عليه صمتٌ ثقيل وتلفّه ظلمةٌ حالكة ..
سافرت بعينيها نحو ذلك المدى السحيق .. فسالت على وجنتيها اللتين حفر عليهما الزمن تجاعيده دموعٌ كالمطر ... تنظر بقلبها الملتهب بلوعة الفراق إلى أطيافهم تحلِّق في السماء تتراقص على شفاههم ابتساماتٌ وادعة تناغمت مع دموعها لحناً سرمدياً اهتزَّ على وتر الزمن جرحاً غائراً في الأعماق الحرّى .. ليخطَّ بحروفٍ من دماء على أرض العراق الجريح مأساةً هي ليست الأولى !.. فهل ستكون الأخيرة ؟؟!...